افتتاحية صحيفة الأخبار:
بلينكن إلى المنطقة لدفع الصفقة
أميركا – إسرائيل: «معركة» ترويض نتنياهو
يصل وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إلى تل أبيب، مطلع الأسبوع المقبل، حاملاً معه ما أمكن من ضغوط وإغراءات، للدفع قُدُماً باتفاق تبادل بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، يشمل وقفاً طويلاً لإطلاق النار. والزيارة الثامنة لبلينكن إلى المنطقة، منذ السابع من أكتوبر، يراد منها أن تتكامل مع ضغوط حلفاء واشنطن من الوسطاء العرب، على حركة «حماس»، للقبول بالمقترح الإسرائيلي – الأميركي، الذي لا يزال يحتاج – للمفارقة – إلى موافقة الكيان نفسه، على رغم أن الأخير هو من أَودعه لدى إدارة جو بايدن. وإذا كان توقيت إعلان الرئيس الأميركي عن الورقة الإسرائيلية قد فاجأ نتنياهو، كونه جاء قبل أن يُطلع الأخير وزراء ائتلافه وحزبه عليه، إلا أنه لا يلغي حقيقة أنه اقتراح إسرائيلي، قُدّم إلى الولايات المتحدة برضى وقبول من نتنياهو، لأسباب باتت معروفة، وفي مقدّمها أن الحرب عالقة مع نفسها، ومع أهداف غير قابلة للتحقُّق، وبات الوقت يأكل من إنجازاتها التكتيكية.ولعلّ واحداً من أهداف كشْف بايدن عن الاقتراح الإسرائيلي، قبل أن ينضج في داخل الكيان نفسه، منْع نتنياهو من التراجع عنه، وحشره مع بنود لا إمكانية لتعديلها بما ينسف الصفقة، في حين أن الدلالة الأبرز هي تأكيد الرئيس الأميركي، من وراء إعلانه، أنه معنيّ باتفاق ينهي الحرب. وليست زيارة بلينكن إلّا واحدة من الخطوات التي تبعت الكشف عن المقترح، والتي يؤمل منها الكثير أميركيّاً؛ إذ على الإدارة أن تعمل على إيجاد شبكة أمان لحكومة نتنياهو، في حال الاتفاق على الصفقة المطروحة، وانسحاب حزبَي اليمين الفاشي منها، وفقدانها بالنتيجة الأغلبية في «الكنيست»، كما عليها أن تليّن المعارضة داخل حزب «الليكود»، وأن تطمئن نتنياهو إلى أنها لا تدفع إلى استبداله بشخصية أخرى من حزبه. والمطلب محقَّق، بمعنى أن المعارضة عرضت بالفعل على نتنياهو شبكة أمان لإمرار الصفقة مع «حماس»، وإن بثمن وقف الحرب. لكن هل ينسحب هذا «الأمان» على ما بعد تنفيذ الصفقة؟ الإجابة تميل كثيراً إلى تقدير سلبي، وإنْ كان إسقاط الحكومة لا يلغي وجودها، إلى أن تُنظّم انتخابات جديدة، وإلى أن تعلن نتائجها، وهو ما يستهلك أشهراً طويلة نسبياً، يبقى فيها نتنياهو على رأس القرار السياسي في تل أبيب.
إنهاء الحرب، والفرضية التي ترسم لها إسرائيلياً وأميركياً، ليس ممكناً إلا مع موافقة حركة «حماس» والفصائل
وينتظر المراقبون أيضاً الزيارة المقرّرة لنتنياهو إلى واشنطن، لإلقاء خطاب أمام الكونغرس في الـ 24 من الشهر المقبل. وعلى رغم أن الزيارة كانت تهدف إلى الرّد على إصدار مذكرة اعتقال دولية بحقّ رئيس الحكومة الإسرائيلية من لاهاي، على خلفية ارتكابه جرائم حرب في غزة، إلا أن تسهيلها ومشاركة زعماء مجلسَي الكونغرس في الدعوة إليها، يمثّلان إغراء بالنسبة إلى نتنياهو، وخاصة أن الفيتو الرئاسي عليها لا يؤثّر في إمكان تحقّقها. ويُنظر إلى هذا الموعد على أنه مفصليّ في مسار الحرب الإسرائيلية على غزة، فهل تكون الزيارة مناسبة لنتنياهو للإعلان عن إنهاء الحرب وتحقيقه انتصاراً فيها؟ الأكيد أن الإعلان لا يمكن أن يتحقَّق ما دام الأسرى الإسرائيليون في قبضة الفصائل الفلسطينية في غزة، ما يعني ضرورة إطلاق سراحهم قبل الرحلة إلى واشنطن، سواء عبر الخيار العسكري أو الاتفاق، والأول لم يَعُد يراهن عليه أحد، في حين أن صفقة محتملة مع «حماس» هي الخيار الوحيد المجدي. أمّا إذا لم يتحقَّق أيّ من هذين الخيارَين، فهذا يعني أن إسرائيل مقبلة على أزمة مع نفسها أولاً، ومع الولايات المتحدة ثانياً، فيما الجانبان معنيّان بأن لا يتصادما وفقاً للخيار الثالث.
وهكذا، فإن التوجّه إلى انتخابات مبكرة بعد تحرير الأسرى الإسرائيليين، حتى في ظلّ اتفاق مع «حماس»، من شأنه أن يحسّن مكانة نتنياهو لدى الجمهور الإسرائيلي الذي بات يتفهّم عقم الحرب، وهو ما يمكّنه من استرداد جزء ممّن فقدهم من الناخبين الذين انزاحوا في اتجاه اليمين المتطرّف الفاشي، أو في اتجاه أحزاب يمين الوسط، مثل حزب غانتس – آيزنكوت. والرهان على إمكانية استرداد هؤلاء، مع ضمان وقوف الأحزاب الحريدية إلى جانبه، في انتخابات ستكون الدعاية اليمينية لاعباً بارزاً فيها، وهو ما يجيده نتنياهو، لن يكون سيناريو سيئاً بالمطلق. وهنا، تلتقي مصلحة نتنياهو الشخصية مع مصلحة إسرائيل الدولة، وبالنتيجة التوجّه إلى إنهاء الحرب.
إلا أن إنهاء الحرب ليس ممكناً إلا مع موافقة حركة «حماس» والفصائل، وهو ما يفسّر ضغوط واشنطن على الحركة عبر وكلائها وشركائها في المنطقة، ومنها ما يجري تداوله عن تهديدات قطرية لقيادة «حماس»، بإمكان طردها من الدوحة، ما لم تنصع للاقتراح الإسرائيلي، بلا أيّ إضافات. وعلى أي حال، فإن التقديرات عرضة للتغيير وفقاً للمتغيرات المقبلة، التي ثبت، خلال الأشهر الثمانية الماضية، أنها أكثر تأثيراً من أيّ ثوابت ومعطيات آنية، وإن كان الأكيد أن الحرب انتهت عملياً، وبات استمرارها عقيماً.
**************************
افتتاحية صحيفة البناء:
الأمم المتحدة تضع الكيان على القائمة السوداء… وتل أبيب تخشى وقف السلاح
حماس توزع مذكرة على الدبلوماسيين تحذر فيها من قرار أمميّ قبل الاتفاق
المقاومة جنوباً تفرض إيقاعاً جديداً على عمق الكيان: مسيّرة تصل إلى 50 كلم
تتوسّع يومياً الدائرة الدولية المتحرّرة من عقدة النقص والخوف في التعامل مع كيان الاحتلال، ومن عقدة الذنب تجاه الكيان، وعقدة القلق من الاتهام بالعداء للساميّة، وعلى طريق تحرر المنظمات الأممية من التبعية العمياء للهيمنة الأميركية، بدأت محكمة العدل الدولية وتبعتها نسبياً محكمة الجنايات الدولية حتى جمّدتها واشنطن عبر التلويح بالعقوبات، وواظبت اليونيسيف والأنروا ومنظمة الصحة العالمية ووكالات أممية عديدة على التحرّر من هذه التبعية وهذه الهيمنة، وشكل مكتب الأمانة العامة وتصريحات المتحدثين بلسانه في شؤون مختلفة على اتخاذ مواقف استقلالية شجاعة، توّجها أمس قرار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بإدراج كيان الاحتلال على القائمة السوداء، على خلفية جرائم مفترضة بحق الأطفال، وفقاً لتقدير محكمة العدل الدولية في الدعوى المرفوعة من جنوب أفريقيا. ووقع القرار على تل أبيب وقوع الصاعقة، وأبدت حكومة بنيامين نتنياهو كما نقلت عنها هيئة البث الإسرائيلية خشيتها من أن تكون أولى عواقب القرار فرض حصار على بيع الأسلحة لكيان الاحتلال، بينما بدأت حملة منظمة ضد غوتيريس شخصياً وتصنيفه عدواً للكيان وداعماً لقتل “اليهود” وعدواً للسامية.
على صعيد مسار التفاوض جمود كامل، واليوم يفترض أن يظهر الموقف النهائي لعضو مجلس الحرب في الكيان بني غانتس من مصير قراره بالاستقالة، وفق التحذير الذي وجهه إلى نتنياهو بالاستقالة ما لم يقم باتخاذ خطوات جدية على طريق إنجاح المسار التفاوضي. وفي ظل ترقب موقف بني غانتس، واستمرار الضغوط الأميركية لدفع حركة حماس لقبول نص اتفاق لا يتناسب مع مضمون العرض السابق للوسطاء الذي قبلته الحركة، أصدرت حماس مذكرة وزّعتها على الدبلوماسيين تشرح فيها موقفها، وتقول إن النص الذي وصلها مخالف لما قاله الرئيس الأميركي عن وقف الحرب والانسحاب الشامل، وتؤكد أنها لن توقع اتفاقاً لا يتضمّن الوضوح المطلوب في هاتين القضيتين بمثل ما يتم تثبيت نصوص واضحة حول ملف الأسرى. وحذّرت حماس في مذكرتها الدبلوماسية من خطورة صدور قرار عن مجلس الأمن الدولي يستبق التوصل الى اتفاق.
على جبهات المواجهة فالمقاومة في اليمن والعراق وغزة تكتب صفحات جديدة من الإنجازات، بينما سجلت المقاومة على جبهة لبنان حدثاً كبيراً تمثل ببلوغ إحدى طائراتها المسيّرة عمق 50 كلم من الحدود للمرة الأولى عبر استهداف مقار قيادية عسكرية في منطقة مرج بن عامر شرق العفولة، وعلى مسافة 10 كلم من جنين في الضفة الغربيّة، جنوب حيفا بـ 15 كلم. وقد تعامل إعلام كيان الاحتلال مع الخبر بذعر ورعب شديدين باعتبار الحدث يؤكد الهيمنة على الأجواء التي يفرضها حزب الله منذ شهر على الأقل..
وفيما لا تزال «الورقة القطرية» حول وقف إطلاق النار في غزة قيد الدرس لدى قيادة حركة حماس، علمت «البناء» أن المقاومة الفلسطينية لن توافق على أي اتفاق لا يتضمّن تنفيذ مطالبها الأساسيّة المتعلقة بوقف إطلاق النار والانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة وليس من المناطق المأهولة فقط، إضافة إلى إطلاق الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال وإعادة الإعمار في قطاع غزة ودخول المساعدات الإنسانيّة.
وبقيت الجبهة الجنوبيّة في الواجهة في ضوء التهديدات الإسرائيلية بتوسيع العدوان على لبنان رداً على ارتفاع وتيرة عمليات حزب الله ضد مواقع وقواعد ومنصات القبب الحديدية في شمال فلسطين المحتلة. وما يلفت هو مشاركة وسائل إعلام محلية وقوى سياسية لبنانية بحملة التهديدات والحرب النفسية الإسرائيلية على لبنان. وكرّرت مصادر مطلعة على الوضعين الميداني والسياسي لـ”البناء” استبعادها قيام العدو الإسرائيلي بحرب شاملة على لبنان، رغم ضجيج قادة الاحتلال المهزومين في أرض الميدان في غزة ورفح، واضعة سيل التهديدات في إطار تطمين المستوطنين الذين يطلقون صرخات الخوف من حزب الله وتعبوا من الوضع القائم والمؤلم والذي لم تشهده “إسرائيل” في تاريخها ولم يعهده المستوطنون في كل الحروب السابقة، إضافة إلى التعويض عن فشل وزراء وجنرالات الحرب في تغيير المعادلة الميدانيّة في غزة وتحقيق أهداف الحرب، كما قالت صحيفة هآرتس أمس.
وشدّدت المصادر على أن لا ضوء أخضر أميركياً لتوسيع الحرب الإسرائيلية على لبنان لا سيما في الوقت الحالي على مسافة أشهر قليلة من الانتخابات الأميركية، فضلاً عن استنزاف الطاقة القتالية والتسليحية للجيش الإسرائيلي في غزة ورفح خلال ثمانية أشهر، عدا عن قوة ردع المقاومة والقدرات الكبيرة التي تملكها وشهدنا بعضها خلال الأسابيع الأخيرة على جبهة الجنوب.
وأضافت المصادر أن واشنطن تبذل جهوداً دبلوماسية مكثفة منذ بداية الحرب على غزة، أكان بالتهديد أو بالإغراءات للحؤول دون توسيع رقعة الحرب بين لبنان وكيان الاحتلال ولا زالت الرسائل والعروض تصل توالياً حتى الآن، وذلك خشية وقوع حرب تعمق أزمة الكيان وهزيمته، فهل مَن يستجدي التهدئة على الجبهة الجنوبية ويسعى لإطفاء نيران الحرب في غزة وتطويق امتداداتها إلى المنطقة، سيسمح لحكومة المجانين في “إسرائيل” بشنّ عدوان شامل على لبنان؟
وكشفت أوساط معنيّة بالتفاوض لـ”البناء” أن وقف الحرب على غزة ستكون ساعة وقف إطلاق النار على جبهة الجنوب، وكل الحديث عن أن استمرار الحرب على لبنان بعد وقف إطلاق النار في غزة يوضع في إطار الضغوط والحرب النفسيّة. ولفتت الى أن “إسرائيل” لم تردّ على الورقة الفرنسية التي حملها المسؤولون الفرنسيون مؤخراً، وقد سلّم رئيس مجلس النواب نبيه بري بعد التشاور مع حزب الله الملاحظات التي لا تخدم المصالح الوطنية اللبنانية وتحقيق الاستقرار في الجنوب.
ميدانياً، استهدفت المقاومة مرابض مدفعية العدو الصهيوني في خربة ماعر وانتشارًا لجنوده في محيطها بقذائف المدفعية، كذلك استهدفت آلية عسكرية للعدو داخل موقع بركة ريشا بصاروخ موجّه أصابها إصابة مباشرة، وانتشارًا لجنود العدو الصهيوني في حرش نطوعا بالأسلحة الصاروخية.
في المقابل، استهدف طيران العدو الحربي منطقة كسارة العروش في جبل الريحان، بصاروخي جو -أرض. كما نفّذ، عدداً من الغارات الوهميّة فوق قرى قضاءي صور وبنت جبيل، ما أدّى إلى تكسير الزجاج في عدد من المدن والقرى.
ويواصل الإعلام الإسرائيلي الكشف عن الصورة الحقيقية لواقع التخبّط السياسي والعجز العسكري في التعامل مع جبهة الشمال ومواجهة خطر حزب الله، واعتبرت صحيفة “معاريف” العبرية أن الجيش الإسرائيلي وبعد ثمانية أشهر من الحرب في قطاع غزة، ومن المشكوك فيه أن يكون لديه القدرة على شن حرب واسعة النطاق في لبنان أيضاً، وتساءلت “أولئك الذين لم ينجحوا في إخضاع حماس لمدة ثمانية أشهر، كيف سيتمكنون من هزيمة حزب الله؟”. وأضافت الصحيفة العبرية “الوعد أمام الجمهور بإمكانية تدمير لبنان والخروج من الحدث بسلام ليس الوهم الوحيد الذي يخرج من أفواه قادتنا هذه الأيام، هناك تصريحات مؤسفة أخرى، على سبيل المثال، الوعد بإطلاق سراح المحتجزين عبر الضغط العسكري”. وأردفت “بعد ثمانية أشهر من اندلاع الحرب، قتل الجيش الإسرائيلي عددًا من المحتجزين عن طريق الخطأ أكثر ممن أُطلق سراحهم”.
في المواقف رأى نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، أن إيران هي قائدة حركة التحرّر وحركات المقاومة وتتحمل كل أعباء مواجهة النظام الأحادي الداعم للكيان الصهيوني.
وفي كلمة له خلال إحياء ذكرى رحيل الإمام الخميني في حفل أقامته السفارة الإيرانية في بيروت اعتبر قاسم أنّ غزة منصورة بالحق في الأرض وبالمقاومة وبالوحدة الإسلامية التي امتدت في المنطقة وبالتجارة مع الله، مؤكدًا أنّ الاحتلال الصهيوني مهزوم بارتكاب الإبادة ضد الأطفال والنساء والأبرياء. وهذا الكيان عاجز، يعاني من تمزّق كامل لقواه السياسية والشعبية، فهم لا يجتمعون على رأي، وهم في حالة من الفوضى. وأكّد أن مواجهة حزب الله للعدو الصهيوني في جنوب لبنان هي مواجهة مساندة للمقاومة الفلسطينية ودفاع عن فلسطين، مشددًا على أن في مواجهة الميدان الكلمة للميدان، ولا حديث للسياسة ولن تتوقف هذه الجبهة إلا بتوقف إطلاق النار في غزة.
ولفت الشيخ قاسم إلى أنه ليس لدى حزب الله مشروع للانزلاق إلى الحرب، ولكن إذا انزلقت “إسرائيل” يعني أنها قررت الحرب وحزب الله سيواجه ذلك، مؤكدًا أن “ما ترونه من ردود مؤلمة على العدو هي لردع “إسرائيل”، وهذه الردود محدودة بأهدافها، وليست ما يمتلكه حزب الله من قدرة للردود التي يحين وقتها”.
وتساءل الشيخ قاسم: “هل يُعقل أن نوقف جبهة المساندة وإطلاق النار مستمر في غزة. ليكن معلومًا لديكم في مواجهة الميدان الكلمة للميدان، ولا حديث في السياسة، وإذا أردتم السياسة لتؤثر على الميدان أوقفوا الحرب في غزة لتتوقف في لبنان، أوقفوها في غزة واتفقوا مع الفلسطينيين تتوقف عندنا دون أن نتعاطى في التفاصيل”.
على المستوى الرسمي، رحّب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالبيان الصادر عن قادة فرنسا والولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وألمانيا، ولفت إلى أنَّ “الاتصالات الديبلوماسية اللبنانية جنّبت لبنان في العديد من المحطات مخاطر الخطط الإسرائيلية لتوسيع الحرب، ليس في اتجاه لبنان وحسب، إنما على مستوى المنطقة، وهذا التوجّه عبّر عنه بيان الدول الأربع بتشديده على العمل لتجنب التصعيد الإقليمي”.
وكان رؤساء دول وحكومات اللجنة الرباعية (فرنسا والولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وألمانيا) قد أكدوا في بيانهم الصادر في باريس أن الحفاظ على استقرار لبنان مسألة حيوية، مشددين على عزمهم لتضافر الجهود من أجل الحد من التوتر على طول الخط الأزرق تطبيقًا للقرار 1701، ودعا الرؤساء جميع الأطراف لضبط النفس وتجنب أي تصعيد في المنطقة.
بدوره، دعا الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش إلى “وقف الهجمات المتبادلة بين “إسرائيل” وحزب الله على طول الحدود بين الدولة العبرية ولبنان”، معرباً عن قلقه من خطر نشوب “صراع أوسع نطاقاً تكون له عواقب مدمّرة على المنطقة”، بحسب “وكالة الصحافة الفرنسية”. وقال المتحدّث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك في بيان إنّه “مع استمرار تبادل إطلاق النار حول الخط الأزرق، فإنّ الأمين العام يدعو الأطراف مرة أخرى إلى وقف عاجل لإطلاق النار وتطبيق القرار 1701”. وأبدى الأمين العام أسفه “لأنّنا فقدنا بالفعل مئات الأرواح، ونزح عشرات الآلاف، ودُمّرت منازل وسبل عيش على جانبي الخط الأزرق”.
على صعيد آخر، وغداة قرار المدعي العام التمييزي بالتكليف القاضي جمال الحجار بكفّ يد النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون، وجّه الرئيس ميقاتي كتابًا إلى الوزارات والإدارات العامّة كافّة، لوجوب التقيّد والالتزام بالتّعميم الّذي أصدره النّائب العام.
بدورها تساءلت القاضية عون: “فهِمتوا يا جماعة الخير شو يعني؟ يا مودعين يا منهوبين، أي أنّه ممنوع أن تعرفوا أين ذهبت الـ8 مليارات دولار. ممنوع أن تعرفوا ما وثّقته شركة “ألفاريز آند مارسال”، وممنوع أن يعطي حاكم مصرف لبنان السّابق معلومات”. وشدّدت في تصريح، على أنّ “هذه الخطّة لسرقة أموالكم، وممنوع أن تفتحوا فمكم، وممنوع أن يحاسب القضاء على سرقة أموالكم. يا للعار!”، سائلةً: “متى ستستفيقوا وترفضوا هذه السّرقة المفتوحة؟”. وتوجّهت إلى ميقاتي، قائلةً: “هذه الاستباحة للدستور غير مقبولة. هناك فصل سلطات، ولا يحقّ لك إرسال هذا الكتاب للإدارات، ولا يحقّ لك مخالفة المادّة 7 من القانون رقم 206/2022 لحماية نفسك أو أي شخص آخر”، مؤكّدةً أنّك “تخالف القانون صراحةً، وهذا يعرّضك للملاحقة”.
وكانت عون قالت في تصريح سابق: “أطمئنكم بأنني لن ارتكب جرم الاستنكاف عن إحقاق الحق. انا ملزمة وفقاً لقسمي بالنظر في كل ادعاء يقدّم لي”.
بدوره، سأل التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل: “كيف يحق لأي كان أن يمنع الضابطة العدلية من أن تستجيب لإشارات مدعي عام، أي أن يكف يده عملياً؟ هذا الأمر يعود للمجلس التأديبي وليس لقاضٍ آخر. وأوضح باسيل في تصريح له على “إكس”: لقد صح ما نبهنا منه مراراً من أن تتم ملاحقة القضاة الذين يلاحقون الفاسدين ومن سرقوا أموال المودعين عوض مكافأتهم، وهذا ما يتم على يد المنظومة الحاكمة التي تريد إدامة إمساكها بالقرار المالي والاقتصادي والقضائي…
وأضاف باسيل: هل كانت المنظومة لتفعلَ الأمر نفسه مع المدعين والقضاة المتقاعسين والمحميين؟ أم أن الاستسهال وصل الى درجة المس فقط بمدعي عام جبل لبنان، وجرمها أنها تتجرأ على فتح ملفات لا يجرؤ الآخرون عليها! فأين التدقيق الجنائي؟ أين ملف أوبتيموم؟ أين رياض سلامة المطارَد دولياً والمحمي محلياً في كنف هذه المنظومة؟
*****************************
افتتاحية صحيفة النهار
مواقف دولية تتشدد حيال منع الحرب… هل تكفي؟
على رغم ازدياد قتامة التوقعات والتقديرات التي تتصل بواقع المواجهات الميدانية الآخذة في التصعيد بين إسرائيل و”الحزب” على جبهة الحدود اللبنانية – الإسرائيلية وتعاظم الخشية من انفجار حرب واسعة يكون لبنان ساحة لمغامرتها الجنونية كما يهدد بذلك قادة إسرائيل وسياسيوها، انتعشت آمال أوساط لبنانية بالمواقف الدولية التي أطلقت في الساعات الأخيرة وحملت تشديداً لافتاً على ضرورة تجنيب لبنان أي تصعيد. وإذا كانت أوساط مراقبة لم تر تطوراً استثنائياً في صدور هذه المواقف لأنها تشكل المواقف الثابتة للدول والجهات الدولية من التحذير من أي حرب قد تكرر مأساة غزة في لبنان وتهدّد المنطقة برمتها بانفجار إقليمي فإنها لم تنكر أهمية ودلالة أن تطغى المواقف المشددة على التحذير من حرب في لبنان على التهديدات بهذه الحرب التي ارتفعت وتواصلت في الأسبوعين الماضيين كأنها مقدمة لحرب آتية لا محال. وأشارت أن الأنظار ستتجه في هذا السياق الى ما يمكن أن يصدر عن القمة الثنائية بين الرئيسين الفرنسي والأميركي اليوم في الإليزيه وما إذا كانا سيخصان لبنان بموقف مشترك وعندها يمكن استقراء دلالات هذا الموقف وتآثيره كتطور خارجي بالغ الأهمية حيال لبنان ان في واقع المواجهات على حدوده او في ملف أزمته الرئاسية.
ولم تقلل هذه المواقف من المؤشرات القلقة حيال احتمال حصول حرب ومن هذه المؤشرات أن كندا نصحت أمس مواطنيها بتجنّب السفر الى لبنان، وقالت الخارجية الكندية في بيان إن السبب يعود الى “تدهور الوضع الأمني والنزاع المسلح المستمر مع إسرائيل”. وحثّت مواطنيها على مغادرة لبنان عبر الرحلات التجارية المتوفرة.
وكان رؤساء دول وحكومات كل من فرنسا والولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وألمانيا أصدروا بياناً في باريس ووزعه قصر الاليزيه أكدوا فيه أن الحفاظ على استقرار لبنان مسألة حيوية، مشددين على عزمهم لتضافر الجهود من أجل الحد من التوتر على طول الخط الأزرق تطبيقًا للقرار 1701، ودعا الرؤساء جميع الاطراف لضبط النفس وتجنب أي تصعيد في المنطقة.
وفي السياق الدولي أيضاً، دعا الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريس إلى “وقف الهجمات المتبادلة بين إسرائيل والحزب على طول الحدود بين الدولة العبرية ولبنان”، معرباً عن قلقه من خطر نشوب “صراع أوسع نطاقاً تكون له عواقب مدمّرة على المنطقة”. وقال المتحدّث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك في بيان إنّه “مع استمرار تبادل إطلاق النار حول الخط الأزرق، فإنّ الأمين العام يدعو الأطراف مرة أخرى إلى وقف عاجل لإطلاق النار وتطبيق القرار 1701”. وأبدى الأمين العام أسفه “لأنّنا فقدنا بالفعل مئات الأرواح، ونزح عشرات الآلاف، ودُمرت منازل وسبل عيش على جانبي الخط الأزرق”.
ورحّب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالبيان الصادر عن قادة فرنسا والولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وألمانيا وقال: “إننا نثمن عالياً هذا الموقف الداعم للبنان والداعي الى بذل كل الجهود لوقف التصعيد، ونعتبر أن الأولوية لدينا هي التواصل مع أصدقاء لبنان في العالم ودول القرار للجم التصعيد ووقف العدوان الاسرائيلي على جنوب لبنان”. ولفت إلى أنَّ “الاتصالات الديبلوماسية اللبنانية جنّبت لبنان في العديد من المحطات مخاطر الخطط الاسرائيلية لتوسيع الحرب، ليس في اتجاه لبنان وحسب، إنما على مستوى المنطقة، وهذا التوجّه عبر عنه بيان الدول الاربع بتشديده على العمل لتجنب التصعيد الإقليمي”.
اما على الصعيد الميداني، فأفادت وسائل إعلام إسرائيلية أن “الحزب” حاول عصر أمس ضرب قاعدة “رمات دافيد” الجوية في جنوب حيفا بطائرة من دون طيار متفجرة. وأضافت أن قاعدة “رمات دافيد” الجوية تُعدُّ واحدةً من أهم 3 قواعد جوية رئيسية في إسرائيل. ونفذت طائرة مُسيرة إسرائيلية، مساء أمس غارتين جويتين استهدفتا منطقة رأس الناقورة. وبحسب المعلومات الأولية، فقد أسفر القصف عن سقوط إصابات في صفوف المدنيين، وقد هرعت فرق الإسعاف إلى المكان. وأعلن “الحزب”، تنفيذ عملية جديدة ضد هدفٍ إسرائيلي عند الحدود بين لبنان وإسرائيل ولفت إلى أنَّ العملية طالت مرابض مدفعية وانتشاراً للجنود الإسرائيليين في خربة ماعر.
في سياق أمني آخر متصل بملف الاعتداء الأخير على السفارة الأميركية في عوكر أفادت معلومات “النهار” ان التحقيقات في داتا هاتف كشفت أن منفذ الإعتداء على السفارة الأميركية الموقوف قيس الفراج كان على تواصل مع مجموعات متطرفة في العراق. وأفيد أن حالته الصحية سيئة.
وأصدرت السفارة الأميركية في بيروت بياناً شكرت فيه الحكومة اللبنانيّة والجيش وقوى الأمن الداخلي على شراكتهم واحترافيتهم وشجاعتهم بعد حادثة إطلاق النار الأخيرة. وأكّدت أنّها تلتزم بصداقتها الدائمة مع شعب لبنان. وقالت: “ممتنون لتدفّق الدعم من أصدقائنا خلال الأيام القليلة الماضية، وخاصّة لحارس الأمن الذي أصيب بجروح خطيرة”.
ولاحقاً، صدر عن السفارة الأميركية بيان جاء فيه: “من الأهمية بمكان ألا يتم إخراج حادث إطلاق النار على السفارة الأميركية في بيروت من سياقه واستخدامه كسلاح ضد مجتمع اللاجئين في لبنان، الذي لا يتحمل أي مسؤولية عن الهجوم”.
*****************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
ميقاتي يُشعلها بتعميم “كتاب الحجّار” وغادة عون: تستبيح الدستور… ويا للعار
لم يكن ينقص مسلسل الأزمات اللبنانية، سوى حلقة تشويقية أخرى من «الزجل» القضائي – السياسي بين «مكفوفة اليد» القاضية غادة عون، ورئيس الحكومة العاجزة عن تصريف الأعمال وتقرير السلم والحرب نجيب ميقاتي. حيث أشعل الكتاب الذي أرسله الأخير إلى الوزارات والإدارات العامة كافة، خطوط التّماس مجدّداً، كونه «يقضي بوجوب التقيّد والإلتزام بالتعميم الصادر عن النائب العام لدى محكمة التمييز بالتكليف القاضي جمال الحجار (أمس الأول) والذي يهدف إلى تأمين إعادة الإنتظام إلى عمل النيابة العامة الإستئنافية في جبل لبنان».
هذا الإجراء الحكومي، استدعى ردّاً فوريّاً من قبل القاضية عون على جبهة ميقاتي متّهمة إياه بـ»استباحة دستورية غير مقبولة». واستندت بذلك إلى مبدأ «فصل السلطات»، قائلةً «لا يحق لك إرسال هذا الكتاب للإدارات. ولا يحق لك مخالفة المادة 7 من القانون رقم 206 /2022 لحماية نفسك أو أي شخص آخر. أنت تخالف القانون صراحة وهذا يعرضك للملاحقة».
كما توجّهت عون في دفاعها إلى «جماعة الخير والمودعين والمنهوبين» الممنوعين من معرفة «أين راحو الـ8 مليارات»، وما وثّقه تقرير الفاريس. ممنوع على الحاكم إعطاء معلومات». واعتبرت أنّ «هذه الخطة هي لسرقة أموالكم. ممنوع على القضاء أن يحاسب. يا للعار متى ستستيقظون وترفضون هذه السرقة المفتوحة».
في المقابل، أوضح مصدر معني لـ»نداء الوطن» أن «البيان الذي أسس عليه النائب العام لدى محكمة التمييز بالتكليف القاضي جمال الحجار قراره بكف يد النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون عن الملفات القضائية التي تحقق فيها، يُشكّل مضبطة اتهام كاملة، تضمّنت أسماء بجرائم منسوبة إلى القاضية عون وأبرزها:
أولاً: صرف النفوذ؛ عبر تأمين امتيازات لبعض المحظيين، ولقلة قليلة من الأشخاص على حساب أموال باقي المودعين.
ثانياً: مخالفة قرار قضائي؛ عبر تخاطب غير لائق مع رئيس مجلس القضاء الأعلى، والمجاهرة بمخالفة طلبات موجّهة إليها وفقاً للأصول.
ثالثاً: مخالفة تنظيم القضاء؛ من خلال الممارسات التي تقوم بها، وعدم التزامها بموجب التحفظ، بما يضرب أسس كل النيابات العامة وتحديداً النيابات العامة التمييزية.
ولفت المصدر إلى أن «قرار الحجّار بكفّ يد عون، استند إلى ما ورد في البيان الذي أصدره وخاصة في مقدّمته، مما يؤكّد وحدة الجسم القضائي في التعامل مع هذه القضية، ولمنع المستثمرين بسوء أن يأخذوا القضية إلى اصطفافات وأبعاد طائفية». وأشار إلى أنّ «ما لم يقم به آخرون على مدى سنوات نتيجة الضغط والتجاذب السياسي، قام به القاضي الحجار، وهذا الأمر سينسحب على ملفات أخرى ستتم معالجتها وفق تنظيم القضاء، وبما يخرجها أيضاً من الضغط السياسي».
**************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
حسم الملف الرئاسي ينتظر القرار الخارجي .. واستنفار دولي لمنع الحرب
كلّ ما جرى ويجري من حراكات ومبادرات مرتبطة بالملف الرئاسي، لا يعدو أكثر من لعب عبثي على هامش الإستحقاق الرئاسي، لم يتبدّ منه سوى دفع هذا الملف أكثر فأكثر إلى الوراء، مع إبقاء فتيل السجالات وتقاذف الإتهامات مشتعلاً بين اللاعبين المحليّين حول استحقاق تتقاطع قراءات المعنيين به وتقديراتهم، على انّ القرار بتفكيك أو كسر عوامل التعطيل الداخلية والخارجية لم يُتخذ بعد.
هذه الصورة المقفلة، وكما يوصّفها معنيّون بالملف الرئاسي، تؤشّر إلى مراوحة لا سقف زمنيّاً لها في مربّع الصفر، المحصّن باستحالة التوافق الداخلي على رئيس للجمهورية. واما مفتاح الحسم، فمتروك لقرار الحسم الخارجي، الذي يبدو انّه نُحّي جانباً، في موازاة الهمّ الأكبر، لا بل الأوحد الذي يشغل دوائر القرار، ويتجلّى في الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة، والمحاولات المتتالية، ولاسيما من قِبل الولايات المتحدة الاميركية، لصياغة هدنة تمهّد لوقف هذه الحرب واحتواء تداعياتها. وضمن هذه الغاية قرّرت إيفاد وزير خارجيتها انتوني بلينكن الى المنطقة في زيارة ثامنة للدفع نحو هذه الهدنة.
مناشدات دولية
يُضاف إلى ذلك، الوضع المتصاعد على الجبهة الجنوبية، وتوسّع نطاق العمليات العسكرية، وهو الامر الذي حرّك ما بدا انّه استنفار دولي لاحتوائه. حيث برز في هذا الاطار تأكيد رؤساء دول وحكومات الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا وبريطانيا على «انّ الحفاظ على
الاستقرار في لبنان أمر بالغ الأهمية»، كما اكّدوا في بيان وزّعه قصر الايليزيه امس، «تصميمهم على توحيد الجهود لدعم وقف التصعيد على طول الخط الأزرق، وفقًا للقرار 1701»، داعين جميع الأطراف إلى «ممارسة أقصى درجات ضبط النفس لتجنّب أي تصعيد إقليمي إضافي».
وفي السياق ذاته، دعا الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش إلى «وقف الهجمات المتبادلة بين إسرائيل و»الحزب» على طول الحدود بين لبنان واسرائيل، معرباً عن قلقه من خطر نشوب «صراع أوسع نطاقاً تكون له عواقب مدمّرة على المنطقة». وأعرب عن أسفه «لأنّنا فقدنا بالفعل مئات الأرواح، ونزح عشرات الآلاف، ودُمّرت منازل وسبل عيش على جانبي الخط الأزرق».
احتمالات الحرب منخفضة
وفي موازاة هذه الاندفاعة الخارجية، توالت التحذيرات من تفاقم الامور على الجبهة الجنوبية، وبحسب معلومات «الجمهورية» فإنّ الفرنسيين ارسلوا إشارات واضحة يعبّرون فيها عن خشية وقلق من تدحرج جبهة الجنوب نحو الحرب، ربطاً بتصاعد العمليات العسكرية في الآونة الأخيرة، وتزامنت مع إشارات اميركية مماثلة تؤكّد على خفض التصعيد وتجنّب الانزلاق الى حرب واسعة، وهي تبذل جهوداً مع كل الأطراف لاحتواء الموقف. وتجدر الإشارة هنا إلى انّ واشنطن، وعلى لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية، وجّهت دعوة مباشرة إلى اسرائيل لعدم تصعيد الموقف اكثر والدخول في حرب مع «الحزب».
ونُقل عن احد الديبلوماسيين الغربيين قوله في هذا السياق: «أنّه على الرغم من تصاعد وتيرة التهديدات، والحديث عن استعدادات للحرب، الّا انّ احتمالات هذه الحرب ما زالت منفخضة حتى الآن».
تكيّف مع الانتظار!
رئاسياً، ووفق مواكبين لحركة المبادرات حيال الملف الرئاسي، فإنّه بعد فشل مهمّة جان ايف لودريان، وجمود او تجميد مهمّة اللجنة الخماسية، لا يوجد في الأفق الرئاسي اقلّه في المدى المنظور، ايّ بوادر لحراك جديد، ما خلا اشارات سطحية تتوالى من باريس وبعض أطراف اللجنة الخماسية، وتكرّر التأكيد على مسؤوليّة اللبنانيين بالتوافق على رئيس. وعلى ما يقول مسؤول كبير لـ«الجمهورية»: «لم يعد لدى الموفدين شيء، واعتقد انّ علينا أن نكيّف انفسنا مع فترة طويلة من الانتظار. فعامل التعطيل، وبمعزل عن مصدره سواءً أكان من الداخل او الخارج، او بالشراكة بين الداخل والخارج، نجح في ترحيل الملف الرئاسي إلى ما بعد الحرب؛ اي انّه بات معلّقاً بمسار الهدنة التي يُعمل عليها، الّا انّ هذا المسار يبدو صعباً، وفيه عثرات كبرى تعيقه».
لا استعجال خارجياً
وبحسب معلومات موثوقة لـ«الجمهورية»، فإنّ ما يقوله المسؤول الكبير، مبني على ما ألمح اليه أحد سفراء اللجنة الخماسية، حيث أسرّ لسياسيين التقوه في الساعات الاخيرة، بمكنون مفاجئ بصراحته، محدّداً بكلامه مصادر متعددة لفشل او تفشيل المبادرات، مشيراً الى أنّ فشل المبادرات، وآخرها مسعى الوزير لودريان، هو مسؤوليّة اللبنانيّين بالدرجة الأولى وإصرارهم على إحباط كل الفرص التي اتاحتها مبادرات الدول الصديقة للتوافق في ما بينهم، وكذلك هو مسؤولية بعض دول الخماسية.
وتضيف المعلومات الموثوقة، انّ السفير الغربي بدا في كلامه مشخّصاً للمشهد الداخلي، ومواقف الاطراف وتناقضاتهم السياسية وغير السياسية العميقة المانعة للتوافق، الّا انّه لم يقدّم توضيحات اضافية في ما خصّ مصدر التعطيل الخارجي واسبابه، مكتفياً بقول ما حرفيته: «نعلم، كما تعلمون انتم أنّ بعض الدول ليست مستعجلة على حسم الملف الرئاسي. وتبعاً لذلك لا أرى ما يشجّع على الإعتقاد بأنّ في الإمكان اعادة تحريك هذا الملف قبل انتهاء حرب غزة».
رهان على متغيّرات
على ان أصل المشكلة، كما تشخّصها قراءة شخصية سياسية وسطية للمشهد الرئاسي المعطّل، هو داخلي قبل ان يكون خارجياً، وقالت لـ«الجمهورية»: «في الداخل تتجلّى المشكلة في الرهان على حرب غزة، حيث انّ بعض الاطراف، وخصوصاً رافضي الحوار والتوافق، يعتقدون انّها ستفرز في نهاية الامر تحولات تمتد إلى لبنان وتفرض تعديلاً في ميزان السياسة والانتخابات يأتي برئيس للجمهورية وفق توجّهاتهم. وفي مقابل هؤلاء، وهذا ما سمعناه صراحة من الوسطاء، فإنّ ملف الرئاسة لا يشكّل نقطة ساخنة لدى «الحزب» بسبب الحرب في غزة. واما بالنسبة الى الخارج فعلى رغم التأكيدات التي نسمعها، فأنا لا استطيع ان انكر حقيقة يعلمها الجميع بأنّ الخارج غير مستعجل على الحسم، فضلاً عن أنّ لكل دولة في الخماسية وخارج الخماسية، توجهها ومرشحها الملتزمة به. ففي هذا الوضع كيف يمكن ان ننتخب رئيساً»؟
رفع تهمة الرهان
على انّ مصادر في المعارضة تنفي تهمة الرهان، وأبلغت الى «الجمهورية» قولها: «هذا اتهام كاذب جملة وتفصيلاً. فالموقف من رئاسة الجمهورية هو سابق للحرب بنحو سنة، ولم نحد عنه، ونؤكّد ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية عبر دعوة يوجّهها رئيس المجلس الى جلسة مفتوحة، يتخلّل دوراتها المتتالية حوار ومشاورات بين الكتل النيابية، وهكذا حتى نتمكن من انتخاب رئيس الجمهورية. في اي حال ليس خافياً على احد أنّ الكذب هو ملح الممانعة، حيث انّها تتهمنا بما هي منغمسة فيه. وردّنا على هذا الاتهام هو انّ موقفنا واضح وصلب، ونتحدّاهم في الدعوة الى جلسة مفتوحة لانتخاب رئيس الجمهورية اليوم قبل الغد».
الحزب: الانتخاب أولوية
ورداً على سؤال، استغربت مصادر «الحزب» الانطباع الذي يتوهم انّ الملف الرئاسي لا يشكّل اولوية بالنسبة الى «الحزب». وقالت لـ«الجمهورية»: «هذا الانطباع، حتى لا نسميه افتراء، ينمّ عن جهل. فلا احد من قبل الحزب او من حلفائه اشار من قريب او بعيد الى إغفال اولوية اجراء الانتخابات الرئاسية، كما لا احد منا ربط بين الاستحقاق الرئاسي وضرورة انجازه وبين وقف الحرب في غزة».
اضافت المصادر: «انّ موقفنا يتلخّص بأننا نريد اليوم إجراء انتخابات رئاسية، ولا نربط الرئاسة بأي شيء آخر. نعم قلنا بصراحة إننا نربط الحل السياسي لمنطقة الحدود الجنوبية بوقف العدوان الاسرائيلي على غزة. واما موضوع انتخابات رئاسة الجمهورية فموقفنا واضح بأننا مع التعجيل في اجرائها بمعزل عن أي امر آخر. وهذا الموقف بحرفيته تمّ ابلاغه الى الموفد الفرنسي جان ايف لودريان».
الحركة القطرية
إلى ذلك، أبلغت مصادر مطلعة على أجواء اللقاءات السياسية التي جرت في الدوحة الى «الجمهورية» قولها: «لا مبادرة قطرية، بل انّ القطريين يتواصلون مع الجميع، كعامل مساعد لحركة الجهود للدفع بصورة جدّية الى حسم سريع للملف الرئاسي».
ولم تشأ المصادر الدخول في تفاصيل ما يُطرح في هذه اللقاءات، واكتفت بالقول: «الحراك القطري ليس منطلقاً من مبادرات أحادية الجانب لحسم الملف الرئاسي، بل هو مكمّل لمهمّة اللجنة الخماسية، وتحت سقف التعجيل في انتخاب رئيس الجمهورية. وبصورة عامة فإنّ الجو مريح، واللقاءات صريحة وجيدة، ويبدو انّها ستتواصل».
ورداً على سؤال عمّا إذا كانت المحادثات قد دخلت الى جوجلة اسماء المرشحين، او رجحت بعض الاسماء، اكتفت المصادر بالقول: «المحادثات عامة، واما المكان الوحيد للبحث في الاسماء فهو على طاولة التوافق».
وفيما تردّد في بعض الاوساط السياسية عن زيارات مرتقبة لموفدين ربطاً بالملف الرئاسي، أبلغ مرجع سياسي الى «الجمهورية»: «في هذا الجو المسدود، وحسب معلوماتي لا اعتقد انّ ثمة زيارات مقرّرة لموفدين فرنسيين او قطريين الى بيروت».
الجبهة الجنوبية
جنوباً، يوم جديد من التوتر تشهده المنطقة الجنوبية على امتداد خط الحدود من الناقورة الى جبل الشيخ، حيث توزعت الغارات الاسرائيلية بالطيران الحربي والمسيّر على العديد من القرى والبلدات الجنوبية، وتزامن ذلك مع قصف مدفعي. وفي المقابل، أعلن «الحزب» انّ المقاومة الاسلامية استهدفت عدداً من مواقع العدو.
الى ذلك، ذكرت صحيفة «اسرائيل اليوم» انّه لم يتمّ البحث في اي خطة عسكرية للهجوم على لبنان في مجلس الحرب او في المجلس السياسي العسكري المصغّر في اسرائيل، فيما نقلت صحيفة «يديعوت احرونوت» عن عضو مجلس الحرب الاسرائيلي بيني غانتس قوله: «لن نتوانى عن استخدام القوة إذا لم ينجح الحل السياسي في ازالة التهديد لبلدات الشمال».
وقال زعيم حزب «اسرائيل بيتنا» افيغدور ليبرمان: «بعد 8 اشهر من الحرب حصلنا على العار الكامل بدل النصر الكامل، وحكومة اسرائيل أضاعت منطقة الشمال وهي مستمرة في الخنوع لـ«الحزب» الذي يفعل كل ما يريده».
بدوره قال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق مائير بن شبات: «بلغ حجم الهجمات التي نفّذها «الحزب» ضدّ إسرائيل رقماً قياسيًا جديدًا، فإلى جانب الخسائر الكبيرة والأضرار التي لحقت بالمستوطنات والأصول الأمنية، كان لهذه الهجمات تأثيرها الكبير أيضاً على المعنويات».
وسلّط الإعلام الإسرائيلي على «مخاطر توسّع الحرب مع لبنان»، مؤكّدًا أنّها «ستدفع إسرائيل إلى حافة الهاوية، خصوصاً مع غياب الشرعية الدولية، ومع جيش منهك». وقالت صحيفة «هآرتس»: «إنّ الحرب مع «الحزب» ستجلب تحدّياً كبيراً للجبهة الداخلية، إذ إنّ الشمال والوسط سيواجهان تهديداً بحجم وشدّة لم يواجهاهما من قبل». أضافت الصحيفة: «إن إسرائيل، من الناحية الاستراتيجية، عالقة في كل الساحات، أكبرها وأهمها، ساحة المواجهة مع «الحزب» في لبنان، حيث إنّها تقف أمام خطر اندلاع حريق شامل، وهو حريق من شأنه، إذا تحقق، أن يجعل كل ما حدث من قبل صغيراً».
وكانت القناة 13 الاسرائيلية قد نقلت عن رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ايهود اولمرت قوله: «ان «الحزب» قادر على إلحاق الأذى بإسرائيل بصورة أكبر مما تعرّضت له حتى الآن». لافتاً الى انّ الطريق إلى إنهاء الحرب هو عبر المفاوضات مع حكومة لبنان بوساطة أميركية فرنسية، ومشيراً إلى أنّ المتشدّدين في الحكومة الإسرائيلية يريدون «حرب يأجوج ومأجوج».
وأكّد العقيد في احتياط «جيش» الاحتلال الإسرائيلي، كوبي مروم، أنّ «الحزب»، «يُفعّل النيران على الجبهة الشمالية بصورة ذكية جداً، بواسطة وسائل يصعب على الجيش كشفها واعتراضها».
وفي حديث إلى «القناة الـ 12» الإسرائيلية، أضاف مروم أنّ «هذه المشكلة الاستراتيجية من دون حل، فتفعيل النيران من جانب الجيش لا يردع الحزب».
وتابع أنّ «إسرائيل في وضع تصعيد خطر في الأيام الماضية»، وأنّ «ما يغضب أكثر هو الصورة القاسية في كريات شمونة وهي تحترق، فيما المطلة وكريات شمونة بدتا كمدينتي أشباح، في إخفاق اداري وقيادي هو الأخطر».
من جانبه، ألقى وزير الزراعة الإسرائيلي آفي ديختر بالمسؤولية على الجيش الاسرائيلي بتركيزه على غزة بدلًا من الشمال، وقال: «نخوض حرباً في الجنوب، وحرب استنزاف صعبة في الشمال».
اضاف، للقناة 14 الإسرائيلية: «لا توجد مشكلة بالنسبة للجيش للقتال بضراوة في غزة، وبضراوة في لبنان»، لكنه استدرك قائلاً: «الجيش قرّر أنّه سيركّز جهوده في غزة، وإنهاء العمليات فيها، قبل التفرّغ لـ»الحزب».
******************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
لبنان: «الحزب» يفوّض بري رئاسياً و«الثنائي الشيعي» يتمسك بفرنجية
باسيل يسعى لدى رئيس البرلمان لترجيح الخيار الثالث
محمد شقير
يصطدم إخراج الاستحقاق الرئاسي اللبناني من التأزم بتسهيل انتخاب رئيس للجمهورية بمدى استعداد المعارضة ومحور الممانعة لخفض منسوب التوتر السياسي، والتلاقي في منتصف الطريق مع المسعى الذي يتصدر جدول أعمال الاجتماعات التي يعقدها «اللقاء الديمقراطي» للوصول إلى تسوية بالتوافق على رئيس يقف على مسافة واحدة من الجميع، رغم أن تصاعد المواجهة المشتعلة بين «الحزب» وإسرائيل في جنوب لبنان، كما يقول مصدر سياسي بارز لـ«الشرق الأوسط»، لا يدعو للتفاؤل ما لم يهدأ الوضع جنوباً بالتلازم مع وقف إطلاق النار على الجبهة الغزاوية، لأن الحزب، وإن كان فوض حليفه رئيس المجلس النيابي نبيه بري بكل ما يمت بصلة إلى الملف الرئاسي، فإنه في المقابل يتعاطى وانتخاب الرئيس من زاوية ما سيؤول إليه الوضع جنوباً.
فالمسعى الذي يواكب تحرك «اللقاء الديمقراطي» سعياً وراء التوصل إلى تسوية رئاسية يتزامن، حسب المصدر السياسي، مع مضي قطر في لقاءاتها الأحادية بالكتل النيابية ذات التأثير المباشر في وقف تعطيل انتخاب الرئيس من جهة، واستعداد رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل لتفعيل حواره مع الرئيس بري لعله يصل في نهاية المطاف إلى ترجيح كفة الخيار الرئاسي الثالث من خارج المرشحين المتنافسين، رئيس تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية، والوزير السابق جهاد أزعور، مع أنه كان تقاطع مع المعارضة على ترشيحه.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن قطر بدأت تستمزج آراء الكتل النيابية للوقوف على رأيها حيال إمكانية التقدم بمبادرة لتسهيل انتخاب الرئيس من دون أن تُفصح عن خطوطها العريضة التي ما زالت موضع استكشاف، ولن تتسرّع لإخراجها للعلن لأنها تفضّل التريث وعدم حرق المراحل في غير أوانها.
في هذا السياق، كشفت المصادر النيابية أن رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني التقى، حتى الساعة، في إطار استكشافه لمواقف الكتل النيابية، الرئيس السابق لـ«الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط وخلفه نجله رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط، وعضوي كتلة «القوات اللبنانية» الوزير السابق النائب ملحم رياشي وزميله بيار بو عاصي، والمعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي النائب علي حسن خليل، ولمرة ثانية في أقل من أسبوعين، على أن يتابع لقاءاته بممثلين لمعظم الكتل النيابية ذات التأثير في الملف الرئاسي.
وقالت المصادر النيابية إن قطر تدرس القيام بمبادرة، لكنها تفضل التريث إلى ما بعد استكمالها اللقاءات التي تعقدها مع الكتل النيابية، وأكدت أن الذين التقوا رئيس الوزراء القطري لم يطّلعوا على مضامينها، لأنها ما زالت في طور التأسيس، ولن تخرج عن التوجه العام للجنة «الخماسية»، وعنوانه تضافر الجهود لتسهيل انتخاب الرئيس على خلفية السؤال عما يمكن القيام به لإخراج الاستحقاق الرئاسي من التأزم، وأكدت أن اللقاءات الاستطلاعية لا تختلف عن تلك التي قام بها الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان.
ولفتت إلى أن التحرك القطري يأتي متلازماً مع المسعى الذي يتولاه «اللقاء الديمقراطي» لتسهيل انتخاب الرئيس، وبالتزامن مع استعداد باسيل للتحرك نحو بري الذي فوّضه «الحزب» بالإنابة عنه في التفاوض بكل ما يتعلق بانتخابه، وهذا ما تبلغه القيادي في «التقدمي» الوزير السابق غازي العريضي من قيادة الحزب، وإن كان لم يدخل معه في أسماء المرشحين.
وأكدت أن «الحزب» لعب دوراً في تعبيد الطريق أمام باسيل لتصويب علاقته ببري، وصولاً إلى تشجيعه على التحاور معه والانفتاح عليه، خصوصاً أن قنوات الاتصال بين الحزب وباسيل ما زالت محصورةً بالتواصل القائم بين الأخير ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا.
ولم تستبعد المصادر أن يهدف باسيل من وراء استعداده للحوار مع بري إلى إقناعه بترجيح كفة الخيار الرئاسي الثالث للتوافق على مرشح يدعو «الحزب» للاطمئنان إلى انتخابه، ولا يشكل تحدياً لفرنجية، لا بل يحظى بموافقته.
ولا تود المصادر النيابية أن تستبق رد فعل بري الذي لا يزال، على الأقل راهناً، يتمسك وحليفه «الحزب» بدعم فرنجية الذي يصر على ترشّحه ولا نية لديه للانسحاب من السباق الرئاسي في الوقت الحاضر، مع أن مصادر على صلة وثيقة بمحور الممانعة لا تستبعد التفاهم مع باسيل، شرط أن يحظى بتأييد فرنجية الذي كان أبلغ لودريان بأن عزوفه عن الترشّح لن يمنع وصول من يدعمه هو والثنائي الشيعي للرئاسة، وكأنه يشير ضمناً إلى إمكانية التفاهم مع باسيل كونه ليس في وارد الدخول في قطيعة مع الحزب، لأن ما يهمه إبعاد قائد الجيش العماد جوزف عون عن السباق.
فهل يدخل باسيل في صفقة مع الثنائي الشيعي بالإنابة عن فرنجية؟ أم أنه يدخل في لعبة تقطيع الوقت إلى ما بعد انتهاء التمديد لقائد الجيش في يناير (كانون الثاني) المقبل، ظناً منه بأنه يمكن أن يؤدي إلى إعادة خلط الأوراق الرئاسية على نحو يؤدي إلى تراجع حظوظه الرئاسية؟ وما هو موقف «الخماسية» في حال أن قطر حسمت أمرها وقررت طرح مبادرة رئاسية فور انتهاء لقاءاتها الاستطلاعية بالكتل النيابية للوقوف على مدى استعدادها للانخراط فيها؟
لذلك لا يزال الحراك الرئاسي تحت سقف تقطيع الوقت لملء الفراغ إلى حين تقرر «الخماسية» إعادة تشغيل محركاتها فور إنضاج الظروف الخارجية التي تؤدي إلى إدراج انتخاب الرئيس بنداً أساسياً على خريطة الاهتمام الدولي، من دون أن نسقط من حسابنا، كما تقول المصادر، ما يمكن أن يترتب على البلد من تداعيات في حال لجوء إسرائيل إلى توسعة الحرب، رغم أن تصاعد المواجهة لا يزال محكوماً بمعادلة توازن الرعب لئلا تخرج عن السيطرة التي تنذر بزعزعة الاستقرار في المنطقة، وهذا ما لا تريده واشنطن
*******************
افتتاحية صحيفة اللواء
بيان الأربعة لضبط النفس.. وصورة الدمار المرسومة تردع الإحتلال!
مسيَّرة تضرب جنوداً في الناصرة.. والسفارة تبرئ «مجتمع النازحين» من الهجوم
قبل أسبوع ونيف من عيد الأضحى المبارك، طغى سؤال ضاغط، هل ينجح الراعي الأميركي، من أعلى مراتب الهرم في إلزام بنيامين نتنياهو رئيس «مجلس الكابينت» المتطرف في الاذعان لمستلزمات صفقة تبادل الأسرى، وفي مقدمها كتاب خطي بأن لا حرب يشنها الجيش الاسرائيلي بعد اتمام الصفقة، سواء خلال مرحلة أو اثنين أو ثلاث؟.
ومع دخول حرب غزة شهرها التاسع، وارتفاع عدد الشهداء والجرحى والمجازر بما يتجاوز المائة وثلاثين ألفاً بين شهيد وجريح، وترنح جيش الاحتلال على الأرض، انحرفت الاسئلة مجددا باتجاه جبهة المساندة في جنوب لبنان: ماذا يحضر وراء الاكمة، وهل مع توقف حرب غزة، تتوقف ام ان دولة الاحتلال، ستتفرغ للثأر من لبنان والحزب؟.
الحزب يأخذ في الحسبان مخاطر الإنزلاق الى الحرب الواسعة، في ضوء التقارير التي تتحدث عن ان وزراء في حكومة نتنياهو يلحون على عملية واسعة في الجنوب، على خلفية القضاء على تهديد الحزب (القناة 13 الاسرائيلية).
لكن مجلة «نيوزويك» الأميركية نقلت كلاما لرئيس مجلس الامن القومي الاسرائيلي السابق عيران عتصيف، فيه ان «اسرائيل ستخسر الحرب مع الحزب، خلال الساعات الـ24 الأولى، بسبب ما سنراه من دمار شامل في مناطق حساسة، داخل اسرائيل على نطاق لم نشهده من قبل.
على ان السعاة الدوليين، ما زالوا عند موقفهم بتحرير الجانب الاسرائيلي من حرب مدمرة، تعيد خلط الاوراق كلها في الشرق الاوسط.
ورحب الرئيس نجيب ميقاتي بالبيان الصادر عن قادة فرنسا والولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وألمانيا، أمس، والذي «شدد على ضرورة الحفاظ على الاستقرار في لبنان وتوحيد جهودهم من خلال المساعدة على خفض التوتر على طول الخط الأزرق، وفقًا للقرار 1701 الصادر عن الأمم المتحدة».
وقال: «إننا نثمن عالياً هذا الموقف الداعم للبنان والداعي الى بذل كل الجهود لوقف التصعيد، ونعتبر أن الأولوية لدينا هي التواصل مع أصدقاء لبنان في العالم ودول القرار للجم التصعيد ووقف العدوان الاسرائيلي على جنوب لبنان».
ولفت إلى أنَّ «الاتصالات الديبلوماسية اللبنانية جنّبت لبنان في العديد من المحطات مخاطر الخطط الاسرائيلية لتوسيع الحرب، ليس في اتجاه لبنان وحسب، إنما على مستوى المنطقة، وهذا التوجّه عبر عنه بيان الدول الاربع بتشديده على العمل لتجنب التصعيد الإقليمي».
ووزع قصر الاليزيه بيان اللجنة الرباعية على مستوى رؤساء دول وحكومات اللجنة الرباعية (فرنسا والولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وألمانيا) الصادر في باريس والذي أكّد أن الحفاظ على استقرار لبنان مسألة حيوية، مشددين على عزمهم لتضافر الجهود من اجل الحد من التوتر على طول الخط الأزرق تطبيقًا للقرار 1701، ودعا الرؤساء جميع الاطراف لضبط النفس وتجنب أي تصعيد في المنطقة.
وتحضر الأوضاع في لبنان، سواء الوضع المتفجر في الجنوب بين اسرائيل والحزب، او التعثر الحاصل على صعيد سعي اللجنة الخماسية لانهاء الفراغ الرئاسي في لبنان، وانتظام عمل المؤسسات، على جدول اعمال القمة الفرنسية- الأميركية، بعد الاحتفالات في النورماندي بذكرى الانتصار على النازية في الحرب العالمية الثانية.
وحذر الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش من التورط بصراع اوسع، لان عواقبه ستكون مدمرة على عموم المنطقة، مطالبا بالحاح بتطبيق القرار 1701.
وفي مجريات، ارتدادات المخاوف الامنية، نصحت كندا مواطنيها بتجنّب السفر الى لبنان، وقالت الخارجية الكندية في بيان ان السبب يعود الى «تدهور الوضع الأمني والنزاع المسلح المستمر مع إسرائيل».
وطالبت مواطنيها الحجز والمغادرة عبر الرحلات التجارية.
سنة تقترب من بيان الخماسية
رئاسياً، بعد شهر وأيام قليلة، من موعد سنة كاملة على اعلان بيان اللجنة الخماسية العربية- الدولية بشأن الالتزام سيادة لبنان واستقراره، وحث القادة اللبنانيين على الاسراع باتجاه اجراءات تنهي المأزق السياسي في البلاد، ما يزال الوضع يراوح مكانه بين اتصالات بجمع هذا الطرف مع ذلك، او تبريد الخطاب السياسي والاعلامي المتوتر، او بأسوأ احتمال ملء الفراغ مع استمرار الفراغ.
وفي اللقلوق، استضاف رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل نواب كتلة «الاعتدال الوطني» الى مأدبة غداء، ناقشت الملف الرئاسي، والمبادرة الجارية واهمية التنسيق تمهيدا للتوافق على رئيس للجمهورية او التنافس الديمقراطي.
الودائع أمام اللجان الثلثاء
نيابياً، وفي أول موقف تشريعي من نوعه ادرج الرئيس نبيه بري اقتراح القانون الرامي الى حماية الودائع المصرفية والمشروعة واعادتها الى اصحابها، كما ادرج على جدول اعمال جلسة اللجنة المشتركة، (المال والادارة والعدل، والداخلية والتربية والاشغال العامة والاقتصاد والصحة والعمل وتكنولوجيا المعلومات والبيئة)، واقتراحات قوانين من بينها انشاء الصندوق الائتماني لحفظ اصول الدولة واداراتها.
رئاسة الحكومة للالتزام بقرار الحجار
قضائياً، وفي حين تتحرك القاضية غادة عون لتقديم مراجعة امام مجلس الشورى الدولة لوقف مفاعيل قرار النائب العام التمييزي القاضي جمال حجار بكف يدها عن النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان، اعلنت رئاسة الحكومة انه بعد تلقي رئاسة مجلس الوزراء من القاضي الحجار القرار، وجَّه رئيس الحكومة كتابا الى الوزارات والادارات العامة كافة وجوب التقيد والالتزام بالتعميم الذي اصدره القاضي الحجار والذي يهدف الى تأمين اعادة الانتظام الى عمل النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان.
السفارة تبرئ مجتمع اللاجئين
وفي بيان مفاجئ، قالت السفارة الاميركمية امس ان «مجتمع اللاجئين في لبنان لا يتحمل اي مسؤولية عن الهجوم الذي طال مبنى السفارة في عوكر».
وجاء هذا الموقف، في وقت طالبت فيه كتلة «الجمهورية القوية» من مفوضية اللاجئين عدم اصدار بطاقات استقبال جديدة لهؤلاء.
الوضع الميداني
ميدانياً، اعلن الحزب استهداف آلية عسكرية داخل موقع بركة ريشا بصاروخ موجه اصابها اصابة مباشرة.
كما استهدف الحزب انتشارا لجنود العدو ومدفعيته في خربة ماعر، بقذائف المدفعية.
وفي وقت لاحق، قصفت مسيرة انطلقت من جنوب لبنان هدفا عسكريا في شرق الناصرة، ولم تتمكن منظومة القبة الحديدية من اعتراضها.
ونفذت طائرة مسيرة اسرائيلية مساء امس غارتين جويتين استهدفتا منطقة رأس الناقورة في جنوب لبنان، الامر الذي ادى الى سقوط اصابات، واتجهت الى هناك سيارات الاسعاف.
ومشط الجيش الاسرائيلي بالاسلحة الرشاشة محيط بلدة كفركلا الحدودية.
***********************
افتتاحية صحيفة الديار
بين المواجهة الشاملة ولجم “اسرائيل”… هل استقرار لبنان اولوية دولية فعلا؟
مصدر دبلوماسي: مخاوف على امن الحدود والداخل… وحياة الفراج في خطر
مبادرة جديدة للدوحة عنوانها رئاسي وحقيقتها اعادة ترتيب النظام اللبناني – ميشال نصر
بين الزخم المتجدد على الخط الرئاسي داخليا مع جولة اللقاء الديموقراطي ووفد الحزب الاشتراكي، والاندفاعة القطرية باتجاه بلورة مبادرة جديدة، قد تحتاج الى اسابيع قبل خروجها الى النور، يستقطب الحدث الدولي من وراء البحار الاهتمام، رصدا لما قد ينجم عنه من مواقف في ظل معلومات عن ضغوط اميركية كبيرة تمارس لانهاء الشغور الرئاسي، فيما يؤكد الحزب جهوزيته للحرب اذا فرضت.
فعشية القمة الاميركية- الفرنسية في باريس، اصطفاف غربيا بدا واضحا معه الانقسام العالمي، بتجليه الاوكراني، يحضر الملف اللبناني من بوابة ما صدر من مواقف عن اجتماع «رؤوساء الحكومات»، فيما بقي السباق المحموم بين الجهود الدبلوماسية الدولية والتصعيد العسكري الخطر على الجبهة الجنوبية على أشدّه، رغم تسجيل تراجع ملحوظ في وتيرة العمليات العسكرية، بعد التصعيد الخطر على جانبي الحدود واعتماد سياسة الارض المحروقة وترسيمها بالنار بدل الديبلوماسية.
ضبط النفس
فقد اكد رؤساء دول وحكومات اللجنة الرباعية (فرنسا والولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وألمانيا) في بيانهم الصادر في باريس أن الحفاظ على استقرار لبنان مسألة حيوية، مشددين عزمهم على العمل من اجل الحد من التوتر على طول الخط الأزرق تطبيقًا للقرار 1701، داعين جميع الاطراف لضبط النفس وتجنب أي تصعيد في المنطقة، مركزين في بيانهم الخاص حول الشرق الاوسط على ضرورة الاستمرار في العمل معًا من اجل دعم خطة بايدن وتنفيذها.
قلق اممي
في السياق، دعا الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش إلى «وقف الهجمات المتبادلة بين إسرائيل والحزب على طول الحدود بين الدولة العبرية ولبنان»، معرباً عن قلقه من خطر نشوب «صراع أوسع نطاقاً تكون له عواقب مدمّرة على المنطقة»، وتابع المتحدّث باسمه ستيفان دوجاريك، قائلا، في بيان إنّه «مع استمرار تبادل إطلاق النار حول الخط الأزرق، فإنّ الأمين العام يدعو الأطراف مرة أخرى إلى وقف عاجل لإطلاق النار وتطبيق القرار 1701»، مبديا، أسفه « لفقدان مئات الأرواح، ونزوح عشرات الآلاف ، وتدمير منازل وسبل عيش على جانبي الخط الأزرق».
ميقاتي يثمّن
من جهته رحّب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالبيان الصادر، الذي «شدد على ضرورة الحفاظ على الاستقرار في لبنان وتوحيد جهودهم من خلال المساعدة على خفض التوتر على طول الخط الأزرق، وفقًا للقرار 1701 الصادر عن الأمم المتحدة»، مثمنا عالياً موقفهم الداعم للبنان والداعي الى بذل كل الجهود لوقف التصعيد، معتبرا ان اولوية حكومته هي في التواصل مع أصدقاء لبنان في العالم ودول القرار للجم التصعيد ووقف العدوان الاسرائيلي على جنوب لبنان، لافتا، إلى أنَّ «الاتصالات الديبلوماسية اللبنانية جنّبت لبنان في العديد من المحطات مخاطر الخطط الاسرائيلية لتوسيع الحرب، ليس في اتجاه لبنان وحسب، إنما على مستوى المنطقة، وهذا التوجّه عبر عنه بيان الدول الاربع بتشديده على العمل لتجنب التصعيد الإقليمي».
اجواء سلبية
وفي ظل ترقب ما قد تفضي اليه اجتماعات الاليزيه، اشارت مصادر ديبلوماسية، الى ان المناشدات ما عادت تنفع، اذ ان تل ابيب مصرة حتى الساعة على رفض كل محاولات وقف اطلاق النار، معتبرة ان «المونة» الاميركية – الغربية على رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو، تبقى اضعف تاثيرا من حسابات الاخير الداخلية، وأزماته التي يتخبط فيها، وهو ما يدفع نحو الخشية من ان تعمد تل ابيب الى التعويض عن وقف عملياتها في غزة، بمحاولة تحقيق انتصار ما —على الجبهة اللبنانية، مستندة الى، وحدة الموقف الداخلي بين الحكومة والمعارضة حول ضرورة حل معضلة الجبهة الشمالية، من جهة، والتاييد الدولي الواضح والصريح في هذا الاتجاه ايضا، من جهة اخرى، وان كان التباين هو حول كيفية تحقيق هذا الهدف.
واذ ابدت المصادر عدم اطمئنانها للوضع الامني سواء على الحدود، او في الداخل، اعتبرت ان المرحلة تتطلب جهودا كبيرة وكثيفة من مختلف الاطراف في السلطة اللبنانية، ومن الجهات الديبلوماسية الدولية لمنع تدحرج لبنان نحو حرب ستشكل الضربة القاضية في ظل الاوضاع المهترئة على الصعد كافة، رغم التحذيرات الجدية من ان «أي هجوم قوي على لبنان يعني حرباً إقليمية»، وفقدا لمقربين من محور المقاومة.
علما ان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر أوضح أن الأولوية هي تجنب توسع الصراع الحالي، مشيرا إلى أن هذا الموضوع هو جوهر المحادثات الدبلوماسية مع «إسرائيل» والدول الأخرى في المنطقة، لافتا إلى أن الحزب لا يزال ينفذ ضربات عبر الحدود، بعضها مدمر بشكل كبير، وأن «لإسرائيل» الحق في الدفاع عن نفسها ضد ما اسماه «الهجمات الإرهابية»، ولكنه عبر عن القلق من خطر تصعيد الصراع وتوسيعه، وهو ما يطرح اكثر من علامة استفهام حول موقف واشنطن الفعلي، وفقا للمصادر.
الوضع الامني
هذا الغليان الميداني العسكري جنوبا، تقاسمه امس، حادث شهدته منطقة الكولا بين دورية من مديرية المخابرات و «مجموعة سورية»، بعد ساعات من الحادثة الارهابية التي تعرضت لها السفارة الاميركية في عوكر، التي ينتظر اتمام التحقيقات فيها، استقرار الوضع الصحي للمهاجم «قيس الفراج»، الذي تدهور بشكل مفاجئ، بعد خضوعه لعملية صعبة ودقيقة نجح معها الاطباء في وقف النزيف الذي تعرض له نتيجة اصابة مباشرة في الشريان الابهر في الفخذ، على ما اشارت مصادر طبية، مؤكدة ان نسبة نجاته ضئيلة.
حادثتان وفقا لمتابعين، اعادت الأضواء إلى ملف النازحين السوريين، مذكرة بخطورة هذا الملف، إذ لم يعد من فارق بين نازح مسجل أو غير مسجل، بين موجود بشكل شرعي ومن دخل خلسة عبر التهريب، ما يطرح بجدية ضرورة حل ملف النازحين ككل، بعد الخيبة التي اصيب بها الموقف اللبناني في مؤتمر بروكسل.
الملف الرئاسي
وفيما يواصل العدو الكامن خلف الحدود الجنوبية اعتداءاته التي تحصد الموت وتخلف الدمار، تستشرس مافيا الداخل المتحكمة بمفاصل الدولة اللبنانية في التمديد للفراغ والشغور في الدولة ومؤسساتها، مختبئة تحت عباءة عودة الزخم الى الملف الرئاسي، داخليا عبر الجولات الاشتراكية المكوكية، وخارجيا، من خلال المحادثات الماراتونية في قطر.
الجولات الاشتراكية
من هنا، على ما يبدو جاء التحرك الاستطلاعي، لكتلة اللقاء الديموقراطي والحزب الاشتراكي، التي يؤكد احد نواب تكتل الاعتدال على انه غير منسق معهم، رغم ترحيبهم باي مسعى يصب في خانة الحلحلة، وان كانت بعيدة المنال راهنا، مستبعدا ان يكون التحرك المدعوم فرنسيا هدفه ضرب المسار المشترك للخماسية والاعتدال.
مصادر اشتراكية اشارت الى ان التحرك الذي باشره النائب تيمور جنبلاط بالتنسيق مع «وليد بيك»، حتمته النتائج التي خلص اليها الاخير، من الزيارات والاتصالات الخارجية التي قام بها خلال الايام الماضية، حيث سمع وجهات نظر، وافكارا تصلح للبناء عليها الا انها بحاجة الى التطوير، قبل تحويلها الى مبادرة جدية.
ورات المصادر، ان الهدف من الجولات محاولة لتقريب بعض وجهات النظر خاصة المرتبطة بمسألة الانتخاب وديموقراطية الانتخاب وحق الجميع في الترشح من ناحية، ومن ناحية أخرى الا يكون اولوية الحوار قبل الجلسات والعكس صحيح، مع التركيز على التشاور وأهميته بين الكتل لتقريب وجهات النظر، خاتمة «لسنا متشائمين لكن في الوقت نفسه لا يمكننا ان نبشّر اللبنانيين».
الدوحة من جديد
في هذا الاطار كشف مصدر دبلوماسي عربي في بيروت، ان قطر تستعد لطرح مبادرة «ابعد واكبر» من حل رئاسي فقط، اذ ان الدوحة ترغب من خلال الدعوات التي وجهتها الى قيادات لبنانية لزيارتها والاستماع اليها، في وضع ورقة تتضمن النقاط المشتركة تنطلق من الملف الرئاسي لتصل الى بحث طبيعة النظام السياسي اللبناني والاصلاحات المطلوبة، القائم على توازنات اتفاق ٢٠٠٨.
وتابعت المصادر بان «سان كلو» الذي تطمح قطر الى انجازه، لن يكون سهل المنال، وان المبادرة التي تعتزم اطلاقها في الاسابيع المقبلة يبقى نجاحها معلقا على النتائج السياسية التي ستنتج من وقف حرب غزة، وعلى ما اذا كانت «اسرائيل» جادة في ضرب لبنان، والاهم على نتائج التسوية الحدودية الجنوبية، التي لا يمكن الا ان تترجم سياسيا، توازنا جديدا بين اطراف الداخل اللبناني.
وعليه ختمت المصادر بالتاكيد ان كل المبادرات الراهنة، خارج الورقة الفرنسية المقدمة للحكومة اللبنانية، التي وفقا لاحد ابرز وزرائها قابلة للنقاش، ولم يتم رفضها كما يتردد، ستبقى دون جدوى، لان القرار الاميركي، بموافقة دولية، اتخذ باحداث تغيير على الحدود وفي الداخل، فيما تبقى عالقة مسالة «عالحامي» او «عالبارد».
حلحلة في الكهرباء
وفيما اعيد تفعيل مبادرة مستشار الرئاسة الاميركية لأمن الطاقة آموس هوكشتاين من ضمن حزمة إغراءات لدعم الاقتصاد اللبناني، وبعد زيارة وزير الطاقة وليد فياض إلى دمشق ومناقشته موضوع استجرار الغاز والكهرباء عبر سوريا مع المسؤولين في دمشق، ناقش الاخير اليوم مع رئيس حكومة تصريف الاعمال، الاستياء السوري من عدم وجود مبادرة رسمية واضحة من لبنان تجاه العلاقة مع سوريا، معلنا بعد زيارته السراي، ان «هناك زيادة في تغذية الكهرباء، فمؤسسة كهرباء لبنان تعمل مع مجموعتي دير عمار والزهراني وتنتج ما يعادل نحو 450 ميغاوات والآن سيرتفع الإنتاج في نصف شهر حزيران إلى نحو600 ميغاوات، وهذا يعني أن هناك ساعات تغذية إضافية، وبما أننا في فترة الصيف والحر فستزيد الحاجات نظراً الى اللجوء الى المكيفات وتصبح الحاجة الى الكهرباء أعلى، فهذا الاجراء يسمح بالمحافظة على نظام التغذية الموجود ولا يمكن أن يعطي أكثر لأن الحاجات في كل الأماكن ستكون أكبر مما كانت في فصل الربيع، وبالتالي هذا يسمح بالمحافظة على نظام التغذية الحالي، ونسعى أيضا لشراء الفيول ولدى المؤسسة الاموال اللازمة لذلك لزيادة التغذية أكثر».
المطار
هذه « الحلحلات» الوهمية وما رافقها من اشاعة اجواء زهرية، ادت على ما يبدو الى ان تشهد حركة مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت نشاطاً ملحوظاً، حيث بدأ عدد الركاب اليومي الى لبنان يفوق العشرين ألفاً، من بينهم أكثر من 12 ألف وافد، وفقا لارقام «الطيران المدني»، اما حركة المغادرين فهي بدورها تشهد المزيد لا سيما على صعيد مغادرة الحجاج الى المملكة العربية السعودية لتأدية فريضة الحج لهذا العام، قبل حلول عيد الأضحى المبارك منتصف الشهر الحالي. وعليه، يتوقع ان ترتفع حركة السفر من والى لبنان خلال الفترة المقبلة لا سيما مع بداية فصل الصيف والاجازات السنوية.
مخاوف من الحرائق
وفيما يشهد الجنوب كسرا جديدا ومتسارعا لقواعد الاشتباك، وارساء لتوازنات ومعادلات جديدة، آخرها «الحريق بالحريق»، الذي عاش الجنوبيون تحت رحمة قذائفها الفوسفورية، التي اكلت الاخضر واليابس، مخلفة اضرارا بالغة، قد يصعب تعويضها، حذرت الجهات المختصة من موجة الحرائق السنوية التي قد تشهدها المناطق اللبنانية، والتي قضت على مساحات شاسعة من البقع الخضراء، سواء نتيجة اهمال اللبنانيين، ام كانت عن قصد، في ظل غياب أي امكانات للدولة اللبنانية للتدخل السريع والسيطرة على الوضع.
**********************
افتتاحية صحيفة الشرق
صواريخ الدفاع الجوي تغيّر المعادلة في الجنوب .. وغزة على مقاومتها
الشرق – اعلن الحزب في بيان اول من امس الخميس، أنه دعماً لشعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة وإسناداً لمقاومته الباسلة والشريفة، أطلق مجاهدو المقاومة الإسلامية صواريخ دفاع جوي على طائرات العدو الحربية التي كانت تعتدي على سمائنا وخرقت جدار الصوت في محاولة لإرعاب الأطفال، ما أجبرها على التراجع الى خلف الحدود.
منذ بدء عملية «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، سيطر الفزع على سكان المستوطنات الحدودية الواقعة شمال دولة الاحتلال الإسرائيلي مع بدء صواريخ ومسيرات الحزب في التدفق إليهم. وقد تحولت أغلب المستوطنات الحدودية في شمال إسرائيل إلى مدن أشباح، مع قيام دولة الاحتلال تباعا بإخلاءعشرات المستوطنات والبلدات على الحدود اللبنانية. في الحقيقة، شهدت القدرات العسكرية التي يمتلكها «الحزب» في لبنان تطورا ملحوظا خلال السنوات القليلة الماضية، وصفه البعض بأنه يغير قواعد الصراع مع إسرائيل. وقد استخدم الحزب العديد من الأسلحة الجديدة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الفائت في هجماته على إسرائيل، بما ينبئ بشكل جديد للحرب بين الطرفين. في عام 2021، نشرت صحيفة «جيروزاليم بوست» العبرية تقريرا يشير إلى أن الحزب نشر أنظمة دفاع جوي روسية الصنع قادرة على التصدي للضربات الجوية الإسرائيلية، وذلك في جنوب لبنان ومنطقة جبال القلمون شمال غرب دمشق والقريبة من منطقة البقاع اللبنانية، وهو ما عدّته العديد من التقارير تغيرا في مفهوم الدفاع الجوي لدى الحزب اللبناني.
أثار قلق مسؤولين إسرائيليين خوفا من أن تعوق أنظمة الحزب الدفاعية حرية العمليات الجوية الإسرائيلية داخل الأجواء اللبنانية، وهو ما بدأ بالفعل يوم 29 أكتوبر/تشرين الأول الفائت، إذ أعلن الحزب عن إسقاط طائرة بدون طيار إسرائيلية كانت تحلق فوق الجنوب اللبناني، بصاروخ أرض-جو، في حادثة تُعد الأولى من نوعها التي يعلن فيها الحزب عن إسقاط طائرة مسيرة.
تشمل منظومة الحزب الدفاعية صواريخ أرض-جو تكتيكية قصيرة المدى تعمل على ارتفاعات منخفضة من طراز (SA8)، وهو نظام دفاع صاروخي متنقل يشمل مركبات كبيرة سداسية العجلات، ومنصات إطلاق محسنة بإمكانها حمل ستة صواريخ، كما أنه معزز بثلاثة أنظمة من الرادارات: نظام مراقبة من طراز (H-BAND) بيضاوي الشكل يصل مداه إلى 30 كيلومترا، ونظام رادار نبضي للتعقب من طراز (J-BAND) يبلغ أقصى نطاق تتبع له نحو 20 كيلومترا، ورادار التوجيه من طراز (I-BAND) الذي بإمكانه توجيه صاروخين إلى هدف واحد.
تضم المنظومة الدفاعية أيضا نظام الدفاع الجوي (SA17) المعزز بصواريخ أرض-جو متوسطة المدى، وهو نسخة مطورة من نظام الدفاع الجوي المحمول (Buk-M1)، وتحتوي على أربع قاذفات صواريخ، ورادارات لتحديد الأهداف، وراداراً للتوجيه، ومحطة لإدارة المعركة، ومركبات إطلاق ذاتية الدفع. ويمكن للمنظومة الاشتباك مع مجموعة واسعة من الأهداف تحلق على ارتفاعات تراوح بين 10-24 ألف متر، وبمدى أقصى يصل إلى 50 كيلومترا، ويمكنها الاشتباك مع ما يصل إلى 24 هدفا في وقت واحد ومن أي اتجاه.
هذا بخلاف نظام الدفاع الجوي قصير المدى (SA22) الذي صممته روسيا في التسعينات خصوصا لحماية الأهداف العسكرية والإستراتيجية. بإمكان هذا النظام التعامل مع مجموعة واسعة من الأهداف الجوية، مثل الطائرات والصواريخ البالستية وصواريخ كروز والمسيرات، هذا النظام مزود بنحو 12 صاروخا اعتراضيا أرض-جو جاهزة للإطلاق، ومحرك يعمل على مرحلتين بالوقود الصلب، ويصل مداه إلى 20 كيلومترا كحد أقصى.
أكمل سيطرته على معبر فلادلفيا وحصاره للقطاع
الاحتلال يرتكب 8 مجازر في غزة
و”القسّام” توقع إصابات بقوة إسرائيلية
وفي غزة، أكمل جيش الاحتلال الاسرائيلي امس سيطرته على محور فلادلفيا الفاصل بين غزّة ومصر ليعزل بذلك القطاع بشكل كامل عن الاراضي المصرية، ووسع توغله برفح بالتقدم غربا وصولا الى شاطئ البحر، وتمركزت مدرعات الاحتلال في شارع الرشيد على شاطئ البحر اقصى غربي رفح.
وأوقعت غارات إسرائيلية استهدفت مواقع مختلفة من قطاع غزة الجمعة عشرات الشهداء، وأعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة ح استهداف قوة إسرائيلية بدير البلح في عملية أوقعت أفرادها بين قتيل وجريح. وأكدت وزارة الصحة في غزة أن الاحتلال ارتكب 8 مجازر بغزة وصل منها إلى المستشفيات 77 شهيدا و221 مصابا خلال 24 ساعة.
وأفيد عن استشهاد 10 فلسطينيين -بينهم 4 أطفال- جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلا في بلدة عبسان شرق مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة. وأكد الدفاع المدني انتشال 3 شهداء وعدد من الجرحى إثر استهداف الاحتلال مدرسة تؤوي نازحين في مخيم الشاطئ بمدينة غزة.
وأستشهد فلسطينيان في قصف إسرائيلي استهدف منطقة الجعفراوي في دير البلح وسط قطاع غزة. وأفادت مصادر طبية عن استشهاد فلسطينيين اثنين وإصابة آخرين في قصف إسرائيلي استهدف سيارة مدنية بمخيم النصيرات.
وذكرت المصادر أن 4 فلسطينيين استشهدوا وأصيب 6 آخرون جراء قصف الطائرات الإسرائيلية منزلا لعائلة الرفاتي في مخيم المغازي وسط غزة. كما استشهد فلسطيني وأصيب آخرون في قصف استهدف تجمعا للمدنيين في منطقة الزوايدة المكتظة بالنازحين، فيما استشهد فلسطيني وأصيب عدد آخر في إطلاق نار وقذائف من الدبابات الإسرائيلية على مناطق غربي مدينة رفح.
وأصيب 5 فلسطينيين في قصف من الطائرات المسيرة الإسرائيلية استهدف مجموعة من المدنيين في منطقة خزاعة شرقي مدينة خان يونس جنوبي القطاع.
وفي مخيم البريج وسط القطاع اندلعت حرائق في مناطق متفرقة نتيجة القصف المدفعي الإسرائيلي المتواصل للمخيم على مدار ساعات منذ فجر الجمعة، وفق شهود عيان.
من جانب آخر، قالت كتائب القسام إنها قصفت منزلا تحصنت به قوة إسرائيلية في دير البلح وسط قطاع غزة بقذيفة “تي بي جي” وأوقعت أفرادها بين قتيل وجريح.
وذكرت قناة الأقصى الفلسطينية أن اشتباكات عنيفة دارت بين المقاومة وقوات الاحتلال الإسرائيلي في محيط مسجد العطار وصالة مراج غرب رفح بجنوب قطاع غزة. وتأتي الاشتباكات في وقت تحاول فيه قوات الاحتلال التوغل باتجاه شاطئ رفح. في المقابل، قال المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي إن قوات الجيش تمكنت خلال عملياتها العسكرية في قطاع غزة من القضاء على عشرات المسلحين شرقي البريج ودير البلح، كما عثرت على أسلحة ومعدات ووسائل قتالية بمنطقة رفح.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :