بين “الفصح” و”الفطر”… المواد الغذائية “نار” والقدرة الشرائية تتراجع

بين “الفصح” و”الفطر”… المواد الغذائية “نار” والقدرة الشرائية تتراجع

Whats up

Telegram

لا يزال مؤشّر الأسعار الاستهلاكية يرتفع رغم أن سعر صرف الدولار يسجّل استقراراً نسبياً منذ نحو سنة. فقد أظهر المؤشّر الصادر عن إدارة الإحصاء المركزي، أن أسعار الاستهلاك في شباط ازدادت نسبة إلى الشهر السابق بـ1.1%، ما يعني أن عوامل بنيوية وخارجية تقود الأسعار. أما تراكمياً، فالأسعار ازدادت بنسبة 5695% مقارنة مع ما كانت عليه في نهاية 2019، وهو ما يمثّل ارتفاع الأسعار بنحو 57 مرة. والعلاقة بين ارتفاع أسعار الاستهلاك وتطوّرات سعر الصرف كانت كبيرة جداً في السنوات الماضية، إذ كلما ارتفع سعر الصرف كانت أسعار الاستهلاك تزداد أيضاً، إنما هذه العلاقة توقفت كلياً منذ آذار 2023 مع الثبات النسبي في سعر الصرف. ومنذ يومها، لم تتوقف الأسعار عن الارتفاع، وهذا يُعزى إلى البنية الاحتكارية للسوق وغياب الدولة عن أي تدخّل في هوامش الأرباح. ويضاف إلى ذلك انعكاس تضخّم الأسعار العالمية على السلع المبيعة في السوق المحلية، إذ إن موجة التضخّم التي شهدها العالم منذ بداية عام 2022 لا تزال تلقي بظلالها على الأسعار في لبنان، الذي يستورد غالبية استهلاكه من الخارج، وهو ما يسمح بتسرّب التضخّم العالمي إلى الأسواق اللبنانية بسهولة.

وبدأ يظهر مسار الارتفاع في الأسعار بعيداً عن العلاقة مع سعر الصرف، منذ أن قرّرت الحكومة إصدار قرارات تسمح للمؤسّسات بالتسعير والبيع بالدولار النقدي، أو ما بات يُعرف بدولرة الأسعار النقدية اعتباراً من صيف 2022. علماً أن أصحاب المحال والمؤسسات تذرّعوا بأمور عدّة لرفع الأسعار أكثر من مرّة، كان آخرها حجّة ارتفاع الدولار الجمركي في الموازنة الماضية.

هناك عامل آخر يسهم في ارتفاع الأسعار جزئياً، وهو ارتفاع الأسعار في سوق العقارات، ولا سيما أسعار الإيجارات، إذ ارتفعت الإيجارات في بداية السنة الحالية بنحو 8%. أسعار الإيجارات هي إحدى أبرز الأكلاف على أصحاب العمل، وارتفاعها يسهم في خفض هوامش الربح لديهم، لذا ينقل هؤلاء، الكلفة إلى المستهلكين، وبالتالي هو أمر يسهم في ارتفاع الأسعار.

ومن أبرز البنود التي ارتفعت أسعارها في شباط، المشروبات الروحية والتبغ والتنباك بنسبة 4.27% مقارنة مع الشهر السابق، بينما ارتفعت أسعار الاستجمام والتسلية والثقافة بنسبة 3.48%، وهو أمر متوقّع لأن شهر شباط شهد حركة سياحية شتوية داخلية للمغتربين.

 

كما كتبت صحيفة نداء الوطن – ريشار حرفوش

تشارك المسلمون والمسيحيون هذا العام زمن الصوم المبارك، تمهيداً للاحتفال بعيدَي الفطر والفصح… ولكنّهم، الى جانب طقوس الصوم التقليدية، تشاركوا أيضاً المعاناة من “الغلاء الفاحش” الذي طال المواد الغذائية والسلع الأساسية، في ظلّ فوضى الأسعار التي لم تردعها جولات التفتيش، وما رافقها من إجراءات بحقّ المخالفين، تراوحت بين تسطير محاضر ضبط وختم بعض المؤسسات بالشمع الأحمر.

“تجار الأزمات”

وتعليقاً على جشع بعض التجّار، أشار المدير العام لوزارة الاقتصاد محمد ابو حيدر، عبر “نداء الوطن”، إلى أنّ “الأمور تتغيّر بحسب المواسم. ففي شهر رمضان، أساس السلة الغذائية يكمن بالحبوب والخضار بالمرتبة الأولى، أما في المرتبة الثانية فتأتي اللحوم والدجاج”.

وتابع: “اليوم في هذه الفترة هناك تأثيرات خارجية في موضوع الأسعار. وهذا الموضوع تابعناه قبل شهر من رمضان، مع المستوردين، وتبيّن لنا أن بعض الشحنات التي تأتي من البحر الأحمر، وقد غيّرت مسارها، ارتفع سعر شحنها ممّا رفع تكلفتها لأكثر من 7%، وراقبنا السوق اللبناني على هذا الأساس”.

أضاف: “تبيّن لنا خلال الجولات الأخيرة أن الأسعار ارتفعت بشكل أكبر من النسبة المتوقعة. وهذا ما ألزمنا بتسطير محاضر ضبط بحق السوبرماركات المخالفة. والمشكلة الأكبر كانت في محلات بيع الفاكهة والخضار والتي يتعلّق عملها بشقّ العرض والطلب وخصوصاً في بعض المناطق الجنوبية والتي شهدت ارتفاعاً غير مبرّر لأسعار بعض الخضار، وذلك نتيجة تعثّر سلسلة الإمدادات، كما أنّ بعض الموردين لم يوزّعوا بضائع الى الجنوب اللبناني ممّا يزيد الطلب بشكل كبير جداً مع تقليص العرض، وهناك بعض تجّار الأزمات الذين يحاولون في الشهر الفضيل تحصيل أرباح غير مشروعة فتمّ تسطير محاضر ضبط بحقّهم”.

وأردف: “مؤخّراً تمّت معالجة بعض الأمور المتعلّقة بسلامة المنتج، فيوم أمس الخميس تمّ تسطير عدد من محاضر الضبط بحقّ محلات للحلويات والعصائر الطبيعية، حيث كانت المنتجات غير مطابقة للمواصفات الغذائية المطلوبة، لذلك أخذنا عيّنات من عدد كبير من الأماكن وتمّ إرسالها الى المختبرات المعنيّة لإجراء الفحوصات اللازمة، بغرض المحافظة على جودة المنتج وصحة المواطن، بالتوازي مع مراقبة الأسعار بالاستناد الى القدرة الشرائية للمواطن والتي انخفضت بشكل ملحوظ”.

واستطرد ابو حيدر: “طالما لبنان يستورد 80% من حاجات المواطن اليوميّة، يعني بات الاقتصاد اللبناني بشكل أو بآخر مدولراً، وأي تعثر بسعر الصرف يقلّص من القدرة الشرائيّة، واليوم معدل التضخم عالٍ جداً مقارنةً مع ما قبل الأزمة عام 2019، والدولار ارتفع لنسبة فاقت الـ60 مرّة ويقابله ارتفاع وتضخم بأسعار السلع، والقدرة الشرائية سابقاً لم تعد نفسها اليوم”.

أضاف: “نحاول قدر المستطاع أن نكون موجودين الى جانب الشعب في شهر الأعياد، وفي الأشهر الأخرى، لكي نحسّن بالمقدار المقبول القدرة الشرائية من خلال عدم السماح بتفلّت الأسعار”.

وكشف ابو حيدر أنه “مع زمن الصوم لدى المسيحيين، يزداد الطلب على الخضار، كذلك الأمر في شهر رمضان يرتفع الطلب على منتجات دون الأخرى، وهذا الأمر نعمل جاهدين عليه لضبط الأسعار، وهذا ما يتولاّه مراقبو وزارة الاقتصاد والتجارة”.

وتابع: “المحاضر التي تحرّر والتي تحال الى القضاء المختص من قبل حماية المستهلك، نأمل أن تأخذ التدابير القانونية مجراها في التعديلات التي طلبت في لجنة الاقتصاد النيابيّة لتصبح العقوبة رادعاً أمام جشع بعض التجار”.

أضاف: “عندما تكون العقوبة رادعة يعمل التاجر ألف حساب قبل أن يخالف، أما عندما تكون العقوبة، مقارنة مع المخالفة، أقل من الربح المحصل بطريقة غير مشروعة، تكون العقوبة من دون جدوى. وعلى هذا الأساس طلبنا أن يكون الرادع بالإقفال أو الختم بالشمع الأحمر ليكون عبرة، مع جواز التشهير، كون القانون الحالي يمنع التشهير بهويات المخالفين، وذلك بالتنسيق مع القضاء المختص”.

وختم: “ملتزمون بعدم التشهير، وهذا ما ينصح به القانون الحالي، لكننا طالبنا ببعض المقترحات باللجنة الاقتصادية وتم العمل عليها، والمفترض أن تُبَلَّغ الناس أن هذا المحل مثلاً كان يحتوي على لحوم غير مطابقة للمواصفات، لكي لا يستسهل التاجر بنوعية منتجاته”.

نبض السوق لم يكن جيّداً

أما رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية في لبنان هاني البحصلي فاعتبر في حديث لـ “نداء الوطن” أن “نبض السوق بين الصوم المسيحي ورمضان لم يكن جيداً”.

وتابع البحصلي: “كمستوردين شعرنا أن المبيع خلال فترة رمضان لم يكن كبيراً، وهذا بالاستناد الى نبض السوق”.

أضاف: “كل سنة قبل رمضان لا نعرف كمستوردين ما هي متطلبات السوق وكيف ستكون حال السوق والاستهلاك، ونطلب كمية من البضائع، وحسب الاستهلاك إمّا يتم بيع المخزون أو يبقى في المخازن لما بعد عيد الفطر، والصورة تتضح بعد أول 15 يوماً من الشهر الفضيل، لأنه في منتصف الشهر، لا يشتري التاجر مجدداً مواد مستوردة إنما يعمل جاهداً لتصريف المواد الموجودة في محلّه”.

وأردف: “موسم شهر الأعياد مقبول على الرغم من التعويل الكبير عليه بين عيدَي الفصح والفطر، وبطبيعة الحال في رمضان تزداد نسبة الاستهلاك، وللفصح منتجات مستوردة خاصة، كبيض الشوكولا، ومجسّمات الأرانب بالشوكولا”.

 متمنيةً أن “تتحسن الأوضاع المعيشية بعودة البحبوحة الى لبنان”.

وعن أسعار المواد الأولية لإعداد معمول الفصح قالت: “الأسعار نور ونار”، مشيرة الى أنّ الأسعار ارتفعت “بشكل جنوني وتدريجي في الأيام القليلة الماضية في ما خصّ السكر والزبدة والسميد والسمنة وماء الزهر وماء الورد، وأعتقد أن التجار يستغلون هذه المناسبات لرفع الأسعار”.

لا مانغا ولا أفوكا فقط ليمون وتفاح

بدوره يشكو المواطن نجيب الحسن من أن “اسعار الحشائش والخضار ليست مرتفعة في رمضان، بينما ارتفع سعر الدجاج بشكلٍ قياسيّ، فبات الكيلو بـ 400 ألف ليرة، وكيلو الدجاج المسحّب فاق الـ650 ألف ليرة، أما كيلو الجوانح فوصل إلى 250 ألف ليرة وهذه الأسعار لم تكن كذلك قبل شهر رمضان المبارك”.

ولفت الى أن “فترة الأعياد أثّرت كثيراً على الأسعار في التعاونيات، وهناك غلاء فاحش في بعضها. فمثلاً لم أعد أشتري المكسرات كما سابقاً، لإضافتها على الجلاب، كما أنّ السفرة الرمضانية تبدّلت بالمجمل نتيجة الأسعار المرتفعة وغير المنطقية، حيث بتنا نشتري الأمور الضرورية. أصبحنا نبتاع التفاح والليمون والموز، ونبتعد عن شراء الأفوكا والمانغا لأن أسعارها بحاجة لميزانية أخرى”.

وختم: “سلة الفريز مثلاً يكون سعرها صباحاً 150 ألف ليرة أما مساءً فيكون 75 ألف ليرة فأشتري الفاكهة مساءً”.

إذا، كما جرت العادة، يبقى المواطن الحلقة الأضعف دائماً أمام جشع بعض التجار، والتعويل كبير على الجهات الرقابية من خلال استمرارها في أداء دورها، على أمل البدء بإصدار “لائحة سوداء” أسبوعية بأسماء التجّار المخالفين كي يصبحوا عبرة… لمن لم يعتبر حتى الآن.​

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

Whats up

Telegram