تسابق حكومة بنيامين نتنياهو جولة وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن الشرق أوسطية، وفي كل يوم يطلق رأس السلطة في تل أبيب وأركان حكومته المتطرفة، موجة جديدة من التهديدات للبنان بإعادته إلى العصر الحجري، ولحزب الله بتفكيك بنيته العسكرية إسوة بحركة حماس، ودفعه خارج منطقة جنوبي الليطاني.
لكن الحزب الذي أكد بلسان أمينه العام السيد حسن نصرالله أن الرد آت على اغتيال القيادي الحمساوي صالح العاروري في الضاحية الجنوبية، لم يقم حسابا لتهديدات نتنياهو ووزير دفاعه ورئيس أركانه، وأطلق على عملية استهداف ثكنة ميرون الجوية العسكرية باثنين وستين صاروخا، توصيف الرد الأولي على الاغتيال ما يعني أن ردودا أخرى قد تأتي في مرحلة لاحقة.
الأضرار التي ألحقها الرد بالثكنة جاءت كبيرة جدا، وعطلت عملها تقريبا، أو هي أعمت عيون الجيش الإسرائيلي إذا أردنا استخدام التعبير الذي استعمله نصرالله، يوم طلب من أبناء القرى المحاذية للشريط الحدودي، فصل كاميرات المراقبة الخاصة عن شبكة الانترنت، كي لا يستغلها الجيش الإسرائيلي في استهداف مقاتليه.
هذه الأضرار أخفاها الجيش الإسرائيلي وكشفها محللون عسكريون معتبرين أن الجيش يخفي مدى الأضرار التي لحقت بالقاعدة العسكرية كي لا يزود نصرالله بنتائج الهجوم، واعتبرت تقارير إسرائيلية أخرى أن "ما حصل مُقلق من ناحية كمّ المعلومات لدى حزب الله عن أماكن استراتيجية جداً"، ورأت فيه تجاوزا لنظام الدفاع الجوي، في ظل غياب أي رد ملموس على الاستهداف، وتساءلت حول نوعية الصواريخ التي استخدمها الحزب وما إذا كانت دقيقة أم لا، وتخلص التقارير إلى أن "قدرات الحزب يجب أن تقلقنا".
رد حزب الله على اغتيال العاروري جاء متزامنا مع تقرير استخباري أميركي نشرت مضمونه صحيفة الواشنطن بوست وفيه تحذير واضح لحكومة نتنياهو من توسيع الجبهات أو فتح معركة شاملة مع الحزب، لأن توزيع القوى العسكرية بين جبهتي الجنوب والشمال ليس في مصلحة إسرائيل ولن تنجح هكذا عملية. وأبدت الإدارة الأميركية قلقها من نوايا نتنياهو الساعي للبقاء في السلطة من خلال توسيع نطاق الحرب وإطالة أمدها، على الرغم من الاعتراضات الداخلية، معتبرة أن أحدا لن يخرج مستفيدا من خروج الصراع عن نطاق غزة، ويحذر التقرير الاستخباري الأميركي من أن أي حرب جديدة بين إسرائيل وحزب الله ستكون أكثر دموية من حرب العام ٢٠٠٦ ، لأن الحزب، ودائما بحسب التقرير الأميركي، قد وسع من نطاق ترسانته من الأسلحة، على نحو ملحوظ، الأمر الذي ينذر بأن تداعياتها لن يتحملها الجميع، ليس في الشرق الأوسط فحسب، بل في كل دول العالم. كما أشار التقرير إلى أن إسرائيل قد قصفت أربعة وثلاثين موقعا لقوات لبنانية (الجيش اللبناني) تمولها وتدربها الولايات المتحدة.
وقبيل وصول بلينكن إلى تل أبيب حاملا رسالة واضحة تشدد على وجوب عدم توسيع نطاق الحرب ضد لبنان وتحديدا ضد حزب الله، وعلى ضرورة عودة الفلسطينيين إلى منازلهم في شمال غزة، سارع مجلس الحرب إلى الاجتماع لاتخاذ سلسلة من القرارات التي تؤكد على استمرار العملية العسكرية في غزة، كما على ضرورة تأمين عودة المستوطنين إلى منازلهم في شمال إسرائيل، ما يعني متابعة العمل على إبعاد حزب الله لكيلومترات عن الشريط الحدودي، وذلك لن يتحقق إلا بحرب شاملة قد يدفع إليها يأس نتنياهو وفشله في تحقيق أهداف الحرب على القطاع. فهل ينجح بلينكن ومعه إدارة الرئيس جو بايدن في إنزال "بيبي" عن شجرة غلوه ومصالحه الشخصية التي تدمر مصالح إسرائيل وتورط أطرافا كثيرة بالحرب؟
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
نسخ الرابط :