افتتاحية صحيفة الأخبار:
هوكشتين «يعلم»: لا كلام في لبنان قبل وقف الحرب على غزة
ينتظر وسطاء في لبنان اتصالاً من مستشار الرئيس الأميركي لشؤون أمن الطاقة عاموس هوكشتين لمعرفة نتائج زيارته لكيان الاحتلال، وتقدير الموقف بالنسبة إلى الخطوة التالية. وحيث لا يُتوقع أن تكون بيروت وجهته التالية بعد تل أبيب التي أنهى زيارته لها أمس. فيما بات واضحاً للجانب الأميركي، أنه لا يوجد في لبنان أي استعداد للبحث في مستقبل الوضع على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة قبل توقّف الحرب على قطاع غزة.وعلمت «الأخبار» أن المسؤول الأميركي كان أجرى اتصالات بجهات لبنانية على علاقة بحزب الله، وسأل عن إمكانية القيام بوساطة غير مباشرة تستهدف إحداث «تغيير نوعي» في الوضع على الحدود الجنوبية. وقد سمع المسؤول الأميركي جواباً مختصراً، بأن الحديث لن يكون له أي معنى ما دامت الحرب قائمة على غزة، وأن المقاومة في لبنان، ليست في صدد إراحة العدو على جبهته الشمالية.
وحسب مصادر مطّلعة على الاتصالات، فإن هوكشتين، بات «يتصرف بواقعية شديدة مع الملف اللبناني» وقالت المصادر، إنه «وخلافاً لطريقة تصرف الفرنسيين، فإن الموفدين الأميركيين، الذين لا يخفون العداء لحزب الله، لا ينقلون تهديدات يعرفون أنها لا تؤثر في قرار الحزب، كما أنهم باتوا يبتعدون عن أي طروحات يعرفون مسبقاً أنها لن تتحقق». وأوضحت المصادر «قد يبدو غريباً القول، بأن الأميركيين، يعرفون أن مطلب إبعاد حزب الله عن القرى الحدودية هو أمر غير منطقي وغير قابل للتنفيذ، لكن واقع الحال، أن الجانب الأميركي، يقول صراحة إنه لا يريد تصاعد المواجهات الجارية الآن على جانبي الحدود، وإن واشنطن ترى مصلحة إسرائيل في عدم التورط في حرب مع لبنان، لأن قدرات حزب الله ستجعل كلفة الحرب عليها كبيرة جداً».
وبحسب المصادر نفسها، فإن الأميركيين، يتحدثون عن «سلة تفاهمات» تشتمل ضمناً على معالجة ما تسميه «عناصر القلق لدى إسرائيل» في إشارة إلى الوضع على الحدود. وقد سبق لهوكشتين نفسه أن نقل إلى مسؤولين لبنانيين، أن الجانب الإسرائيلي «أبلغه هواجسه الكبيرة حيال ما يجري على الحدود، وأن ما يقلق الحكومة في تل أبيب هو التهجير الواسع لسكان المستعمرات الشمالية، والتوقف التام لكل أنواع النشاط الاقتصادي، السياحي منه والصناعي، إضافة إلى توقف تام لكل العمل في القطاع الزراعي الحيوي في شمال فلسطين المحتلة». وقالت المصادر: «إن الأميركيين يعون تماماً حجم المشكلة التي تواجه إسرائيل، وبعدما تعرّفوا إلى الوقائع اللبنانية الحقيقية، من خلال المفاوضات التي رافقت التفاهم على ترسيم الحدود البرية، وبالتالي، فإن الجديد يتعلق بالإطار الذي تبحث عنه واشنطن لتأمين حل يناسب الطرفين اللبناني والإسرائيلي».
وحسب المصادر فإن هوكشتين كان قد أبلغ الجهات اللبنانية بموعد زيارته لإسرائيل قبل نهاية العام الماضي. وهو التقى أمس عدداً من كبار المسؤولين في تل أبيب، وناقش معهم صورة الوضع ليس في الجبهة الشمالية، إنما في الجنوب أيضاً، ويفترض أن يكون قد كوّن صورة عن مستقبل العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة، حتى يقدر على بناء أساس لأي مبادرة يحملها في وقت لاحق. وقالت المصادر إن هوكشتين «يعلم أنه في ظل استمرار الحرب على غزة، فليس هناك أي قيمة لزيارته، وبالتالي، فهو لن يكون في لبنان خلال الأيام المقبلة، وأن موعد زيارته سيكون مرتبطاً حكماً بمجريات الوضع في غزة».
وفي اجتماعاته مع المسؤولين الإسرائيليين، ناقش هوكشتين «آفاق ترتيب سياسي يضمن أمن الجبهة الشمالية». وقالت القناة «السابعة» الإسرائيلية إن هوكشتين جاء «لبحث منع المزيد من التصعيد على الحدود الشمالية للبلد».
وفي تل أبيب التقى الموفد الأميركي كلا على حدة، مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وعضو مجلس الحرب بني غانتس ووزير الحرب يؤاف غالانت بحضور رئيس اركان الجيش هرتسي هليفي، وسفير إسرائيل في واشنطن مايك هرتسوغ، ورئيس اللواء الاستراتيجي العميد بني غال ومسؤولين كبار آخرين في المؤسسة الأمنية والعسكرية. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن المسؤولين الإسرائيليين استعرضوا «الظروف الأمنية التي ستسمح بعودة سكان الشمال»، وإن نتنياهو قال لهوكشتين: «ان إعادة مواطنينا في الشمال والجنوب إلى منازلهم هو جزء من اهداف الحرب وسيتم تحقيقه بالوسائل السياسية أو العسكرية» اما غالانت فقد «شدّد على أن إسرائيل تفضّل حل الصراع عبر الوسائل السياسية، لكن النافذة الزمنية لهذا الاحتمال قصيرة». فيما قال غانتس، انه «يجب السماح لسكان الشمال بالعودة بأمان إلى منازلهم وأنه من الصواب العمل للتوصل إلى حل، وإلا فإن الجيش الإسرائيلي سوف يزيل التهديد».
وعلق رئيس «منتدى بلدات خط التماس» موشية دافيدوفيتش على كلام المسؤولين الاسرائيليين: «يمكننا أن نروي لأنفسنا قصصاً عن نوافذ زمنية للخطاب السياسي، لكننا نعلم جيداً أن أي تسوية سياسية لن تخرج حزب الله من الحدود».
***************************
افتتاحية صحيفة النهار
أميركا وفرنسا تسابقان زحف الخطر إلى لبنان
اتضح بعد يومين من اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” صالح العاروري في الضاحية الجنوبية، تصاعد قلق أميركي فرنسي مشترك من انفجار مواجهة شاملة بين إسرائيل و”الحزب” قد تكون أصبحت اقرب من أي وقت مضى منذ اندلاع #حرب غزة، فبرزت في الساعات الأخيرة معالم جهود ساخنة فورية شرعت فيها الديبلوماسيتان في البلدين تجاه إسرائيل ولبنان أولا تحت عنوان أساسي هو منع انتقال حرب غزة الى لبنان. العنوان هذا ليس جديدا في تعامل الولايات المتحدة وفرنسا مع واقع المواجهات الميدانية الناشبة عبر الحدود الجنوبية للبنان مع إسرائيل منذ الثامن من تشرين الأول الماضي، لكنه اتخذ وفق معطيات ديبلوماسية جادة تناهت الى “النهار” دلالات بالغة الأهمية هذه المرة في ظل مخاوف استثنائية من ان يكون الهجوم الإسرائيلي الجوي على مكتب “حماس” في الضاحية الجنوبية واغتيال العاروري مع مسؤولين اخرين في الحركة ومرافقين لهم قد وضع المواجهة امام صفحة مختلفة تنذر باتساع العمليات والردود الانتقامية وتاليا تفلت المواجهة من كل الضوابط التي التزمها “الحزب” وإسرائيل حتى الان. ومع ان المعطيات نفسها لا تزال ترجح عدم بلوغ التصعيد غداة الاغتيال حدود الخشية النهائية من التفلت الحربي، فان الجهود الأميركية والفرنسية اكتسبت طابعا استباقيا عاجلا يعكس الدقة الاستثنائية التي باتت تطبع الوضع الإقليمي برمته انطلاقا من الخشية من اتساع الحرب الى لبنان تحديدا.
وترصد الأوساط الديبلوماسية والسياسية ما يمكن ان تتضمنه كلمة الأمين العام لـ”الحزب” السيد حسن نصرالله اليوم بعد 48 ساعة من مواقف جديدة بعد كلمته الأربعاء الماضي خصوصا لجهة تداعيات اغتيال العاروري في معقل “الحزب” في الضاحية الجنوبية. وعن صحة ما نشر عن توقيف عنصر امني في منطقة الحادث أفادت مصادر قضائية ان النائب العام التمييزي لم يتبلغ عن توقيف أي شخص في هذا الصدد.
اما جدية هذه التطورات والمخاوف فعكستها أولا وزارة الخارجية الأميركية التي أعلنت أنّ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ونظيرته الفرنسية كاترين كولونا اتّفقا الأربعاء على السعي إلى اتخاذ خطوات لتجنيب توسّع الحرب في الشرق الأوسط بعد ضربات في لبنان وإيران. وقال الناطق باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر إنّ بلينكن وكولونا بحثا عبر الهاتف في “أهمية التدابير لمنع توسع النزاع في غزة، بما في ذلك خطوات إيجابية لتهدئة التوترات في الضفة الغربية وتجنُّب التصعيد في لبنان وإيران”. وجاء اتصال كولونا برئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مساء الأربعاء الماضي.
اما المؤشر البارز الاخر على الطابع الفوري للتحرك الأميركي الفرنسي فتمثل في وصول المبعوث الاميركي اموس هوكشتاين الى تل ابيب امس موفدا من الرئيس الاميركي جو بايدن، تحت عنوان السعي الى منع توسّع رقعة حرب غزة الى لبنان. ولم تتوافر أي معطيات رسمية لبنانية حتى مساء امس عن موعد محتمل لوصول هوكشتاين الى بيروت. وأفادت معلومات واردة من اسرائيل ان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت استقبل هوكشتاين قائلا “نفضل حل الصراع مع “الحزب” سياسيا لكن الوقت ينفد، وملتزمون بإعادة السكان للشمال بعد تغيير الوضع الأمني”.
وفي غضون ذلك اكد السفير الفرنسي في لبنان هرفيه ماغرو خلال لقاء له مع الرابطة المارونية “أن جهد بلاده منصب لضمان عدم جر لبنان إلى التصعيد الجاري في الإقليم”.واعلن ماغرو ان “أن الوزير جان ايف لودريان سيكون قريبا في بيروت لمتابعة مهمة اللجنة الخماسية في السعي لإيجاد حل لازمة الشغور الرئاسي”.
الوضع الميداني
ولكن مؤشرات القلق تصاعدت مع دعوة وزارة الخارجية الكويتية “المواطنين المتواجدين في لبنان إلى توخي الحذر أو المغادرة الطوعية تفادياً لأي تصعيد عسكري بالمنطقة جراء العدوان الإسرائيلي على غزة” بحسب ما أفادت به وكالة “كونا” . وأضافت الوكالة أن الوزارة تحثّ المواطنين الكويتيين على “الالتزام بتعليمات السلطات اللبنانية والتواصل مع السفارة ببيروت عند طلب المساعدة”. وكانت ألمانيا دعت اول من امس رعاياها الموجودين في لبنان الى مغادرته .
واتسمت العمليات الميدانية ليل الأربعاء الخميس بتصعيد حاد اذ كثف الجيش الإسرائيلي اعتداءاته واستهدف بالطيران منزلا في بلدة الناقورة لصاحبه من آل حمزة مؤلفا من ثلاث طبقات فدمره بالكامل، واسقط ضحايا وألحق اضرارا جسيمة بالمنازل المحيطة وبالسيارات والممتلكات. وأدى قصف المنزل الى مقتل اربعة عناصر من “الحزب” من بينهم القيادي حسن يزبك، كما ادى الى اصابة تسعة جرحى من المدنيين نقلتهم سيارات الاسعاف الى مستشفيات مدينة صور. وأفيد امس عن ارتفاع عدد ضحايا الغارة في الناقورة الى خمسة.
وتواصل القصف الإسرائيلي امس على القرى الحدودية واستهدف أطراف بلدة حولا – وادي السلوقي. واغارت الطائرات الحربية الاسرائيلية على الطرف الشرقي لحديقة مارون الراس على مقربة من نقطة الجيش اللبناني. وأعقب ذلك غارة مماثلة على محلة عقبة صلحا على اطراف مدينة بنت جبيل. ونفذت مسيرة اسرائيلية غارة ثانية على مارون الراس حيث استهدفت الطرف الشرقي لحديقة المدينة. واستهدفت المدفعية الاسرائيلية بالقذائف الفوسفورية معتقل الخيام سابقا.
وفي المقابل أعلن “الحزب” استهداف تموضع للجنود الإسرائيليين في شتولا ثم نقطة الجرداح ومن ثم تجمع للجنود الإسرائيليين في المطلة . وقال الاعلام الاسرائيلي ان “الحزب” أطلق صاروخاً مضاداً للدروع تجاه “المطلة” وأصاب مبنى داخلها.
في سياق متصل جال قائد اليونيفيل على المسؤولين محذرا من الاسوأ. فقد استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة قائد اليونيفيل اللواء آرولدو لاثارو حيث جرى عرض للأوضاع العامة لاسيما الأمنية والميدانية منها على ضوء مواصلة اسرائيل لإعتداءاتها على لبنان لاسيما القرى اللبنانية الجنوبية الحدودية . كما تابع الرئيس بري المستجدات السياسية والامنية والميدانية خلال استقباله وزير الدفاع موريس سليم. ايضا، استقبل رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الجنرال لاثارو وتم البحث في تطبيق القرار1701 والخروقات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية، وسجل لبنان اعتراضه لليونيفيل على هذا الموضوع. وتناول اللقاء أيضا التحضيرات للتقرير المرتقب صدوره عن مجلس الامن والذي سيتطرق للخروقات التي تطال القرار 1701. في خلال الاجتماع جدد رئيس الحكومة ادانته الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان والانتهاكات المتمادية للسيادة اللبنانية، وطالب برفع الصوت في الامم المتحدة رفضا للانتهاكات الاسرائيلية للخط الازرق وللقرار 1701. وجدد التزام لبنان الدائم بالقرار الاممي ومندرجاته. وقال: المطلوب من كل الاطراف تحييد اليونيفيل عن العمليات العسكرية من أجل تمكينها من القيام بدورها كاملا.
**************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
طلب دوليّ من لبنان كي يُحيّد “الحزب” مراكز “اليونيفيل” والجيش
واشنطن وباريس تدُقّان ناقوس الخطر: تجاوَزوا “الاغتيال” لتتجَنّبوا الحرب
تحرّكت واشنطن وباريس معاً على عجل، من أجل تدارك تداعيات اتساع النزاع على الجبهة اللبنانية نتيجة اغتيال الرجل الثاني في حركة «حماس» صالح العاروري الثلاثاء الماضي في الضاحية الجنوبية لبيروت. وترافق التحرك مع مؤشرات حول احتمال انزلاق لبنان الى الحرب في ظل دعوات الى الثأر لمقتل العاروري و 6 آخرين من قادة وكوادر «حماس». وآخر الدعوات رافقت تشييع العاروري في بيروت. كما سبقتها التهديدات التي أطلقها الأمين العام لـ»الحزب» حسن نصرالله أول من أمس ضد إسرائيل على خلفية اغتيال العاروري ورفاقه. ووعد نصرالله بمزيد من المواقف سيطلقها اليوم لمناسبة ذكرى اسبوع وفاة المعاون التنفيذي للأمين العام النائب السابق محمد ياغي.
وفي هذا السياق، أعطت الخارجية الأميركية لبنان عنواناً رئيسياً لجولة الوزير انتوني بلينكن التي بدأها أمس في اتجاه المنطقة، وأول محطاتها تل ابيب. وأفاد الناطق باسم الخارجية ماثيو ميلر أنّ بلينكن سيناقش «منع اتساع رقعة النزاع»، بعد أيام على مقتل العاروري بضربة إسرائيلية في لبنان. وقبل مغادرته واشنطن، تحادث بلينكن هاتفياً مع نظيرته الفرنسية كاترين كولونا، و»اتفقا على تجنّب التصعيد في لبنان وإيران».
أما في بيروت، فجال أمس السفير الفرنسي هيرفي ماغرو على عدد من الشخصيات السياسية والأمنية. وعلمت «نداء الوطن» أنه استفسر عن مضمون كلمة نصرالله التي «أحدثت إرباكاً على صعيد تطبيق لبنان القرار 1701، ونبّه من خطر نشوب حرب ينزلق لبنان اليها»، وفق ما ذكرت مصادر سياسية اجتمعت بالسفير الفرنسي. وقالت المصادر: «إن فرنسا تسعى الى تطبيق القرار 1701»، وتساءل عن امتثال «الحزب « لموجبات القرار الدولي، وهل سيرد على اغتيال العاروري؟ وقال لمستقبليه: «إنّ اسرائيل لم تقصد استهداف «الحزب» أو الضاحية، انما النيل من منفذي عملية السابع من تشرين الأول الماضي في غلاف غزة. وأبدى خشيته من احتمال توسيع الحرب وهو ما أوحى به نصرالله من خلال رفع لهجة تهديداته». واعتبر ان ضبط النفس وعدم الرد على الاغتيال عاملان مهمّان في منع التصعيد وتجنب الحرب.
وفي الإطار الديبلوماسي أيضاً، يستقبل وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب غداً الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والأمنية جوزيف بوريل الذي يصل اليوم الى لبنان. وكان بو حبيب عاد من واشنطن حيث اجتمع في البيت الأبيض مع بريت ماك غورك مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط. كذلك التقى بو حبيب في واشنطن مبعوث الرئيس الأميركي آموس هوكشتاين. وقال مسؤول كبير في إدارة الرئيس جو بايدن للصحافيين على هامش لقاء هوكشتاين وبو حبيب إنّ الولايات المتحدة تبذل «جهداً ديبلوماسياً للمساعدة في حل بعض التوتر بين إسرائيل و»الحزب».
وفي تل ابيب، اجتمع هوكشتاين بوزير الدفاع يوآف غالانت الذي قال إنّ هناك «نافذة زمنية قصيرة للتوصل إلى تفاهمات ديبلوماسية» مع «الحزب». وأضاف: «هناك نتيجة واحدة محتملة، واقع جديد في الساحة الشمالية، سيسمح بالعودة الآمنة لمواطنينا» الى المستوطنات على الحدود مع لبنان.
وحضر لقاء غالانت وهوكشتاين، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال هرتسي هاليفي، والسفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة مايكل هرتسوغ، وغيرهم من كبار مسؤولي الدفاع.
ومن التطورات السياسية والديبلوماسية الى التطورات الميدانية، فقد علمت «نداء الوطن» أنّ قائد قوة «اليونيفيل» اللواء آرولدو لاثارو الذي زار تباعاً رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري، طلب تدخل المسؤولين لدى «الحزب» كي «يحيّد في مواجهات الجنوب مراكز «اليونيفيل» والجيش اللبناني فلا يطلق من محيطها نيران أسلحته في اتجاه اسرائيل، التي تردّ من دون تمييز على هذه المراكز».
************************
افتتاحية صحيفة اللواء
آموس هوكشتاين يبدأ من تل أبيب مهمة صعبة لإحتواء التصعيد
موقف لبناني موحد: وقف الحرب أولاً.. والطوارئ تطلب تسهيلات جنوباً
اتسعت حرب الاغتيالات الامنية في عموم النقاط الساخنة في الشرق الاوسط بين المحور الاسرائيلي- الاميركي- الغربي والمحور الايراني مع مجموعات الحركات المقاتلة سواء في غزة او لبنان او العراق، وصولا الى باب المندب في اليمن، ومسألة المخاطر التي تهدد التجارة الدولية في ضوء ضرب «الحوثيين» للسفن التي تتعامل مع الاحتلال الاسرائيلي..
واذا كان لكل جبهة من الجهات حساباتها بالضربات او الانكفاءات او التصعيد، فالثابت ان الولايات المتحدة قررت الرد على طريق اسرائيل، عبر اغتيالات للشخصيات النافذة او المتهمة بالوقوف وراء الهجمات، مع خصوصية لكل من غزة ولبنان.
وعلى هذا الصعيد، استعملت ادارة الرئيس جو بايدن ارسال كبير مستشاريه لشؤون امن الطاقة آموس هوكشتاين الى اسرائيل ولبنان لاحتواء التصعيد الذي يلوح في الافق بعد الخرق الاسرائيلي الخطير بالاقدام الثلاثاء الماضي على اغتيال القيادي الكبير في حركة حماس الشيخ صالح العاروري وعدد من رفاقه، الذي شيعتهم بيروت الى مثواهم الاخير امس، وسط دعوات للرد على الجرائم المتمادية لاسرائيل.
وابلغ مستشار الرئيس بايدن لشؤون الشرق الاوسط بريت ماك غورن وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بوحبيب الذي التقاه في البيت الابيض، ان ايفاد آموس هوكشتاين على وجه السرعة هو لاحتواء التصعيد في لبنان والمنطقة.
وفي تل ابيب، أسمع وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت المبعوث الاميركي آموس هوكشتاين ان النافذة الزمنية لحل سياسي مع الحزب قصيرة، واسرائيل ملتزمة بتغيير الوضع الامني عند الحدود الشمالية.
وحسب معلومات «اللواء» من مصدر واسع الاطلاع، فان الموقف اللبناني واضح لجهة اولوية وقف الحرب في غزة، وكنتيجة طبيعية في الجنوب، قبل البحث بأي امر آخر.
وقال المصدر: ليس بامكان هوكشتاين نقل رسائل اسرائيلية بعد عملية الخرق الكبيرة للقرار 1701، باستهداف الضاحية الجنوبية الثلاثاء الماضي.
وكشفت مصادر ديبلوماسية ان لبنان لم يتسلم اي نصوص او مقترحات إسرائيلية مدونة من خلال الولايات المتحدة الأميركية او فرنسا او اي دولة عربية بخصوص ترتيبات محددة لتهدئة الاوضاع على الحدود الجنوبية اللبنانية واعادة الاوضاع إلى طبيعتها، استنادا إلى القرار الدولي رقم١٧٠١ ،واكدت ان كل ما ينقل إلى لبنان من خلال الاتصالات والمساعي المباشرة مع بعض مسؤولي وسفراء هذه الدول، التشاور وبذل المساعي لاستيعاب التدهور الحاصل على الحدود اللبنانية الجنوبية بين الحزب وقوات الاحتلال الإسرائيلي، ومنع توسع الحرب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة باتجاه لبنان كله.
واشارت المصادر الى ان لبنان لم يتبلغ بعد اي موعد لزيارة أموس اوكشتاين إلى لبنان، بعدما وصل الى إسرائيل مؤخرا، خلافا لكل ما تردد بهذا الخصوص في بعض وسائل الإعلام، ربما لاستكمال لقاءاته مع المسؤولين الإسرائيليين والاخذ بعين الاعتبار المستجدات والتبدلات التي طرأت على مهمته، بعد عملية طوفان الأقصى وانفجار الاوضاع على الحدود الجنوبية اللبنانية الجنوبية، ولم يعد ممكنا الخوض في إزالة الخروقات والخلافات على الحدود الجنوبية اللبنانية مع الجانب الاسرائيلي والبحث بترسيم الحدود كما كان مرتقبا، قبل التوصل إلى وقف الحرب الإسرائيلية على غزّة ووقف الاشتباكات الدائرة بين الحزب وقوات الاحتلال الإسرائيلي على الحدود الجنوبية.
واعتبرت المصادر ان هناك استحالة لاستئناف مهمة هوكشتاين من حيث وصلت إليه سابقا، في ظل الاشتباكات المتواصلة بين الحزب وقوات الاحتلال الإسرائيلي على طول الحدود اللبنانية الجنوبية، وقد تم إبلاغ هذا الموقف للجانب الاميركي خلال اللقاء ألذي جمع وزير الخارجية عبدالله ابو حبيب مع المستشار الرئاسي الاميركي بريت ماكورغ في البيت الابيض، وتم التركيز على وجوب وقف اطلاق النار نهائيا في قطاع غزّة،ومن ثم تهدئة الاوضاع على الحدود الجنوبية اللبنانية، والتدخل الاميركي المطلوب مع إسرائيل للالتزام بتطبيق القرار ١٧٠١، ووقف خرقه ومن ثم الانتقال إلى البحث في نقاط الخلاف على الحدود والبحث بامكانية ترسيمها بوساطة اميركية.
وستشكل الاطلالة الثانية للسيد حسن نصر الله الامين العام للحزب بعد ظهر اليوم، خلال 48 ساعة فرصة للاجابة عن تساؤلات سواء حول ما حصل، وما يتعين فعله لمواجهة المخاطر المماثلة.
اليونيفيل للتعاون
وفي اطار السعي الى التخفيف من وطأة التصعيد، زار القائد العام لقوات اليونيفيل في الجنوب آرولدو لازارو كُلّا من الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، داعيا للتعاون من اجل تسهيل مهمة اليونيفيل في الحط من الخسائر، ومنع استهداف المدنيين.
الوضع الميداني
ميدانياً، اشتد الوضع الجنوبي تأزماً مع سقوط 9 شهداء وعدد من الجرحى وتدمير منازل واحراق اشجار، مما دفع المقاومة للرد بصواريخ بركان التي اطلقت على المستوطنات ومواقع الاحتلال هناك..
ونفذت مسيرة اسرائيلية معادية قرابة الحادية عشرة الاربع غارة ثانية على مارون الراس حيث استهدفت الطرف الشرقي لحديقة المدينة. ايضا، استهدف الجيش الاسرائيلي منطقة الطراش جنوب غرب بلدة ميس الجبل بالقصف المدفعي.
واستهدفت المدفعية الاسرائيلية المعادية بالقذائف الفوسفورية معتقل الخيام. واستهدف جيش العدو الاسرائيلي منطقة بركة الغربية جنوب غرب بلدة ميس الجبل بالقصف المدفعي. كما سجلت غارات جوية على بلدة يارون وأطراف مارون الراس. وسُجل عدد من الغارات بواسطة مسيرة استهدفت محيط عيتا الشعب.
واعلنت «المقاومة الاسلامية» عن استهداف مجاهدي المقاومة «دعماً لشعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة وإسنادًا لمقاومته الباسلة والشريفة، من صباح امس تموضعًا لجنود العدو الإسرائيلي في شتولا بالأسلحة المناسبة وحققّوا فيه إصابات مباشرة». واستهدف الحزب ايضا «نقطة الجرداح بالأسلحة المناسبة وحقّق فيها إصابات مباشرة». واعلن «اننا استهدفنا عند الساعة 11:20 من قبل ظهر اليوم تجمعًا لجنود العدو الإسرائيلي في المطلة بالأسلحة المناسبة وحقّقنا فيه إصابات مباشرة».
واستهدفت قوة القناصة في المقاومة الإسلامية عند الساعة 04:00 من عصر يوم الخميس 4-1-2024 التجهيزات التجسسية في موقع مسكاف عام وأصابتها بدقة ما أدى إلى تدميرها بشكل كامل».
وقال الاعلام الاسرائيلي المعادي ان الحزب أطلق صاروخاً مضاداً للدروع تجاه «المطلة» وأصاب مبنى داخلها.
تشييع العاروري
وفي استعادة لمشاهد السبعينيات من القرن الماضي، شيع الآلاف من الفلسطينيين واللبنانيين جثمان رئيس المكتب السياسي في «حماس» صالح العاروري ورفيقيه الذين قضوا في استهداف مكتب تابع للحركة في الضاحية الجنوبية.
وصلي على الجثامين، عصر أمس ، في مسجد الامام علي في الطريق الجديدة في بيروت وأمّ المصلين ممثل مفتي الجمهورية أمين عام الفتوى الشيخ أمين الكردي الذي ألقى كلمة للمناسبة، في حين إحتشدت الجموع التي توافدت من مختلف المخيمات الفلسطينية في لبنان خارج المسجد رافعة الاعلام الفلسطينية ورايات الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حركتي حماس والجهاد بالاضافة الى صور الشهداء.
وبعد انتهاء الصلاة، نقلت سيارات تابعة للهلال الاحمر الفلسطيني النعوش التي تحوي الجثامين وسط صيحات الغضب واطلاق مكبرات الصوت للاناشيد الثورية، ترافق ذلك مع إطلاق نار كثيف في الهواء غطى سماء المنطقة.
واتجهت مسيرة التشييع صوب مدافن الشهداء في شاتيلا حيث ووري الجثامين في الثرى وسط استمرار اطلاق النار بكثافة.
*******************************************
افتتاحية صحيفة الديار
«حبس انفاس» في المنطقة بعد تفعيل اميركا و«اسرائيل» استراتيجية الاغتيالات
حراك اميركي لاحتواء التصعيد وقلق من محاولة نتانياهو «الهروب الى الامام»
الحزب لن يقبل تعديل قواعد الاشتباك ويرفض تقديم ضمانات حول حجم الرد – ابراهيم ناصرالدين
دخل لبنان والمنطقة مرحلة «حبس الانفاس» بانتظار ما ستؤول اليه التطورات الامنية والعسكرية المتسارعة على خلفية المحاولات الاسرائيلية- والاميركية تعديل «قواعد الاشتباك» عبر تفعيل سياسة الاغتيالات على امتداد الجبهات المفتوحة على كل الاحتمالات منذ السابع من تشرين الاول. واذا كانت واشنطن تسعى الى استعادة «الهيبة» بعد تعرض قواعدها لمئات الهجمات، بينما تحاول اسرائيل الهروب من مازقها في غزة عبر محاولة توسيع الحرب، فان هذا التطور الخطير دفع اطراف محور المقاومة وفي مقدمتهم الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله الى التاكيد بان الرد على اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي في حماس صالح العاروري آت، ولا جريمة من دون عقاب. وهو موقف تردد خلال الساعات القليلة الماضية على لسان مسؤولين ايرانيين اثر تفجيرات مرقد الجنرال قاسم سليماني، وبعيد اغتيال القيادي في الحرس الثوري رضي الموسوي في دمشق، وكذلك من قبل مسؤولين عراقيين بعد غارات اميركية على مقر للحشد الشعبي في بغداد، وايضا عبر اعلان زعيم انصار الله عبد الملك الحوثي بان اقدام البحرية الاميركية على قتل عشرة من قوات انصار الله لن يبقى دون رد.اذا بات الرد محسوما وبات السؤال اين سيحصل؟ ومتى؟ ومدى حجمه؟ وكذلك تداعياته!
ردود نوعية «عاجلة»
وفيما احتضنت منطقة طريق الجديدة تشييع العاروري، في «رمزية» لها دلالتها اللبنانية، وتزامنا مع حراك دبلوماسي اميركي في المنطقة، يبدو ان دخول المواجهة مرحلة جديدة تتطلب ردودا نوعية مختلفة سيتحدث عنها الميدان في آجال قريبة، وليست بعيدة كما يعتقد البعض، بحسب اوساط معنية بهذا الملف، قالت «للديار» أن محور المقاومة معني بافهام العدو انه غير «مردوع»، ولن يسمح له بخلق قواعد جديدة للاشتباك تمكنه من التمادي في ضرباته الامنية والعسكرية على الساحة اللبنانية خصوصا، وهو امر تبلغه الاميركيون عبر قنوات غير مباشرة اثر ثلاث «رسائل» حملت مضمونا متشابها تم ابلاغها لرئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، وقائد الجيش جوزاف عون، عبر من خلالها الاميركيون عن مخاوفهم من انزلاق الساحة اللبنانية الى حرب واسعة، وطالبوا بان لا تكون ردود فعل الحزب غير «متناسبة» مع طبيعة الحدث كي لا تصعب بعدها امكانية حصر «النيران» ومنعها من التمدد، وكان واضحا من خلال تلك «الرسائل» ان وجهة نظر الادارة الاميركية تفيد بان المستهدف ليس من الحزب وهو جزء من تصفية الحساب بين اسرائيل وحماس، اما استهدافه في الضاحية الجنوبية فلا معنى له خارج سياق «توفر الهدف»، اي بمعنى ان واشنطن تحمل الحزب مسؤولية السماح للعاروري بالتواجد في تلك المنطقة!
رفض تعديل قواعد الاشتباك
طبعا، لا معنى لتلك الرسائل، بالنسبة للحزب، والجواب العلني الذي تقصد السيد نصرالله ابلاغه للاميركيين، عندما اشار في كلمته امس الاول الى ان هذه الرواية لا تنطلي على الاطفال، سبقها رد واضح من المقاومة بان تعديل» قواعد الاشتباك خط احمر» ولن تكون الكلمة الاخيرة لاسرائيل التي ستدفع ثمنا باهظا ردا على هذه الجريمة. ولهذا فان كل المحاولات الاميركية خلال الساعات القليلة الماضية للحصول على «وعد» بان يكون الرد «قابلا للهضم»، باءت بالفشل، وسيبقى تقدير الموقف لدى قيادة المقاومة حيث من المرتقب ان يعيد السيد نصرالله توضيح بعض النقاط المرتبطة به اليوم.
توتر اميركي-اسرائيلي؟
هذا الموقف، سيسمعه المبعوث الرئاسي الاميركي عاموس هوكشتاين اذا قرر العودة الى بيروت بعدما اجرى،بحسب مصادر دبلوماسية، محادثات «متوترة» مع المسؤولين الاسرائيليين وفي مقدمتهم وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت على خلفية عدم رغبة واشنطن في خروج الوضع عن السيطرة على الحدود مع لبنان، فيما تشعر ادارة بايدن ان ثمة فريقا وازنا في الحكومة المصغرة يدفع الامور باتجاه التفجير لحسابات داخلية ضيقة.
غالانت ونفاد الوقت
وكان وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت،ابلغ هوكشتاين إن هناك نافذة زمنية قصيرة للوصول إلى تفاهمات دبلوماسية مع لبنان، وشدد على أن تل أبيب تعمل على تغيير الواقع الأمني على طول الحدود اللبنانية، وأكد غالانت على الأولوية القصوى لتمكين أكثر من 80 ألف إسرائيلي نازح من العودة إلى منازلهم، ولفت الى انه هناك نتيجة واحدة محتملة فقط «خلق واقع جديد على الساحة الشمالية، سيمكن من العودة الآمنة للاسرائيليين،ومع ذلك، فإننا نجد أنفسنا عند مفترق طرق فهناك نافذة زمنية قصيرة للتفاهمات الدبلوماسية، وهو ما نفضله.
خطة هوكشتاين؟
ووفقا للمعلومات، فان هوكشتاين يحمل خطة واضحة لتخفيف التوترعلى الحدود الجنوبية، عبر انجاز اتفاق ترسيم بري على غرار اتفاق الترسيم البحري الذي تمكّن من ابرامه منذ اشهر، وهو يحاول الحصول من تل أبيب على موافقة على انسحابها من نقطة «ب-1» التي تقع في رأس الناقورة، وكانت احتلتها قبل انسحابها من لبنان عام 2000وهي من النقاط التي كان يتحفّظ عليها لبنان، وكذلك استكمال اسرائيل انسحابها من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والشق اللبناني من بلدة الغجر ووقف اختراقها للأجواء اللبنانية.
«الهروب» الى الامام
ووفقا لصحيفة «واشنطن بوست» الاميركية، هناك محاولة من قبل نتنياهو ومجلس الحرب الإسرائيلي، للهروب الى الامام من الضغوط الداخلية، التي أضافت مصداقية إليها، المحكمة العليا الإسرائيلية برفض مقترحات حكومة نتنياهو القضائية، ولفرملة أي أثر للضغوط الأميركية والأوروبية، من خلال دفع المنطقة خطوة أكبر، نحو حرب مع لبنان، وربما مع إيران، وقد تكون عملية كرمان، ضمن هذا الإطار.
عودة التظاهرات
ووفقا للصحيفة، فان النقاش السياسي عاد بقوة الى الداخل الاسرائيلي بعدما ألغت المحكمة العليا التعديلات القضائية كما بدا الانقسام واضحا داخل حكومة الحرب، فلم يظهر بيني غانتس ووزير الدفاع يوآف غالانت إلى جانب نتنياهو في مؤتمرات صحافية أخيرة. وعبّر الاثنان عن تقبل بعض الأفكار التي طرحتها إدارة بايدن، لجهة دور السلطة الفلسطينية في إدارة غزة، واليوم التالي للحرب، وهي أفكار رفضها نتنياهو وعناصر أخرى في حكومته المتطرفة. ووفقا للصحيفة، في اللحظة التي يشعر فيها غانتس أن الوقت قد حان لترك حكومة الحرب، ستبدأ كرة الثلج بالتدحرج، لكن لو فتحت جبهة ثانية مع الحزب، فسيتغير الوضع مرة أخرى.
حراك دبلوماسي
في هذا الوقت، يستعد وزير الخارجية الاميركية انطوني بلينكن لزيارة المنطقة، وقد شدد في اتصال هاتفي مع نظيرته الفرنسية كاترين كولونا على ضرورة منع توسع النزاع في غزة، بما في ذلك خطوات إيجابية لتهدئة التوترات في الضفة الغربية وتجنب التصعيد في لبنان وإيران. وكذلك وقف الهجمات على السفن التجارية بالبحر الأحمر .وليست الولايات المتحدة وحدها من يسعى للتبريد، بل تعمل على الخط عينه، باريس، وقد اكد السفير الفرنسي هرفيه ماغرو امس أن جهد بلاده منصب لضمان عدم جر لبنان إلى التصعيد الجاري في الإقليم، ولفت الى أن الوزير جان ايف لودريان سيكون قريبا في بيروت لمتابعة مهمة اللجنة الخماسية في السعي لإيجاد حل لازمة الشغور الرئاسي. وفي سياق متصل،اجتمع وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال عبدالله بوحبيب بمستشار الرئيس الاميركي جو بايدن لشؤون الشرق الاوسط بريت ماك غورك في البيت الأبيض، وتم البحث في ضرورة الاستمرار بالجهود الديبلوماسية الاميركية الرامية الى تحييد لبنان عن الحرب في غزة.
هكذا حصل الاغتيال!
في هذا الوقت، حسمت التحقيقات في عملية اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري ان الاستهداف نفّذته طائرة حربية إسرائيلية. وتبين ان الشقة المستهدفة أخلتها حركة حماس بعد عملية طوفان الأقصى، وكانت المرة الأولى التي تستخدم فيها يوم الاربعاء حيث عقد الاجتماع الذي حضره العاروري بعد عودته الى بيروت قبل بضعة أيام، بعد رحلة خارجية لعدة أسابيع أمضاها بين قطر وتركيا.
وفيما لا تزال التحقيقات مستمرة للوصول الى طبيعة الخرق الامني، وكيفية وصول الاستخبارات الاسرائيلية لتلك المعلومات الدقيقة حول تحرك الشهيد العاروري خلال الساعات التي سبقت اغتياله. وقد رصدت الرادارات وجود طيران حربي على علو شاهق فوق البحر خلال تنفيذ العملية وتبين أن 6 صواريخ أطلقت على المبنى، وهي صواريخ «جي بي يو»دقيقة توجه عبر الليرز، ومداها 64 ميلا، انفجر منها اربعة ونجح اثنان منها على الأقل في اختراق سقفين قبل الوصول الى الغرفة، حيث كان الاجتماع. ووفقا للمعلومات، ظهر في سطح المبنى 3 فتحات، ونوعية الصواريخ من النوع ذات الحجم الصغير التي تحمل رأساً تفجيرياً يحوي مواد شديدة الانفجار.
تشييع العاروري
في هذا الوقت، شيّعت حركة حماس نائب رئيس مكتبها السياسي، في منطقة طريق الجديدة، وهو امر بالغ الدلالة ويحمل رمزيته لجهة الحاضنة الشعبية في تلك المنطقة التي حاول الكثيرون خلال السنوات الماضية سلخها عن ماضيها المقاوم، وشارك الآلاف في تشييعه ومرافقيه عزام الأقرع ومحمد الريس، وانطلق موكب التشييع الحاشد من مسجد الإمام عليّ إلى «مقبرة الشهداء» المجاورة لمخيّم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين. وقد أمّ المصلين في الجنازة ممثل مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، أمين الفتوى الشيخ أمين الكردي، وحمل المشاركون في التشييع الأعلام الفلسطينية ورايات حركتي حماس والجهاد الإسلامي.
ترقب اسرائيلي
وفيما يسود الترقب داخل اسرائيل ازاء الرد المرتقب للحزب، نقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤولين إسرائيليين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، الامل بان يظهر الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله ضبط النفس، نظرا لعدم مقتل أي من قادته في الغارة. وقال أحد من المسؤولين»هناك حاملة طائرات ونأمل أن تكون كافية» في إشارة لحاملة الطائرات الأميركية في شرق البحر المتوسط.
نصرالله وقواعد الاشتباك
وقد واكب الإعلام الإسرائيلي كلمة الأمين العام للحزب وأشارت قناة «كان» إلى أنّ الأمين العام للحزب أكد أنّه «لا يستطيع السكوت أمام ما جرى في الضاحية، ولفتت الى انه قال للإسرائيليين «توقّعوا رداً، ولكن احذروا ألا يؤدي هذا إلى الحرب». وأضافت القناة أنّ الاستنفار الإسرائيلي عند الحدود اللبنانية – الفلسطينية بلغ ذروته، تحسّباً لرد الحزب. واشارت الى ان السيد نصر الله لفت إلى أنّ الحزب يقاتل حالياً بصورة مضبوطة، ولكن إذا ذهبت إسرائيل حتى النهاية فسيذهب نحو النهاية، مؤكدة أنّ السيد نصر الله «حدّد القواعد ويبقى السؤال إلى أين ذاهبون من هنا؟. وفي هذا السياق، حذّر اللواء في الاحتياط الإسرائيلي، عقوب عميدرور، من أنّ الحرب في لبنان أصعب بعشر مرات من القتال في غزة بالنسبة للجبهة الداخلية.
الاحتمالات مفتوحة
من جهتها، رات صحيفة «الديلي تلغراف» البريطانية ان الامور مفتوحة على كل الاحتمالات، وبرايها فان السيد نصر الله يعلم أن إسرائيل تخسر الدعم الدولي مع تلاشي ذكرى هجوم السابع من تشرين الأول، ويمكنه أيضا رؤية تصدع المجتمع الإسرائيلي والسياسة الإسرائيلية. وهو بامكانه ان ينتظر وسوف يضرب إسرائيل في أضعف لحظة ممكنة. وللسبب نفسه قد تقرر إسرائيل القضاء على الحزب الآن.؟!
لماذا اغتيال العاروري؟
من جهتها، اعتبرت صحيفة «هآرتس» ان إسرائيل قامت بخطوة زادت من تعقيد وضعها من خلال إخلاء عشرات آلاف المدنيين من الشمال ،وهكذا حظي الحزب، بإنجازه الكبير بعد ان تحول مستوطنو الشمال إلى لاجئين، إضافة إلى المخلين من بلدات الغلاف، ومطالبتهم الحكومة تأمين عودتهم في واقع أمني أفضل، يضع إسرائيل والحزب على مسار تصادم أكثر شدة، حتى بدون صلة بتصفية العاروري. وفي محاولة لشرح دوافع الاغتيال، لفتت الصحيفة الى ان اسرائيل ارسلت اشارة بأنها مستعدة بما فيه الكفاية حتى لاحتمالية الحرب في لبنان. لكن هذا رهان غير بسيط، واتخاذ قرار التصفية يتعلق بدوافع أخرى أيضاً؛ فبعد ثلاثة أشهر على الحرب، لم تنجح إسرائيل في تصفية أي قائد كبير في حماس. وتصفية العاروري، الشخصية البارزة التي كان لها دور كبير في تخطيط مئات العمليات في الضفة الغربية، تعد اليوم بمثابة بديل معقول، بحسب تعبير «هارتس»!
الاعتداءات الاسرائيلية ورد المقاومة
ميدانيا،تواصل القصف المدفعي الإسرائيلي على القرى الحدودية واستهدف أطراف بلدات جنوبية عدة. من جهتها، ردت المقاومة على الاعتداءات عبر استهداف تموضعًا لجنود العدو الإسرائيلي في شتولا بالأسلحة المناسبة وحققّتا فيه إصابات مباشرة». واستهدف الحزب ايضا نقطة الجرداح بالأسلحة المناسبة واعلن ايضا عن استهداف تجمع لجنود العدو الإسرائيلي في المطلة بالأسلحة المناسبة كما أطلقت المقاومة صاروخاً مضاداً للدروع تجاه مستوطنة «المطلة» وأصاب مبنى داخلها.
وكان جيش الاحتلال صعد مساء امس الاول من اعتداءاته، فاستهدف بالطيران منزلا في بلدة الناقورة لصاحبه من آل حمزة مؤلفا من ثلاث طبقات فدمره بالكامل، واسقط ضحايا وألحق اضرارا جسيمة بالمنازل المحيطة وبالسيارات والممتلكات. وأدى قصف المنزل الى استشهاد 5 عناصر في من الحزب بينهم رابط بلدة الناقورة حسن يزبك، كما ادى الى اصابة تسعة جرحى من المدنيين نقلتهم سيارات الاسعاف الى مستشفيات مدينة صور.
**********************
افتتاحية صحيفة الشرق
بلينكن وهوكشتاين في المنطقة لحماية العدوان الإسرائيلي
في إطار المخاوف من تصعيد المواجهة بين الجانبين الاسرائيلي واللبناني، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ونظيرته الفرنسية كاترين كولونا اتفقا على السعي إلى اتخاذ خطوات، لتجنيب توسع الحرب في الشرق الأوسط بعد ضربات في لبنان وإيران.
وقال الناطق باسم الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، إن بلينكن وكولونا بحثا عبر الهاتف الأربعاء في “أهمية التدابير لمنع توسع النزاع في غزة، بما في ذلك خطوات إيجابية لتهدئة التوترات في الضفة الغربية وتجنب التصعيد في لبنان وإيران”.
ووصل إلى تل أبيب مبعوث الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة، آموس هوكشتاين، لبحث منع التصعيد مع لبنان، وفقا لوسائل إعلام إسرائيلية.
وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن هوكشتاين سيجري محادثات في مسعى لمنع التصعيد على الحدود مع لبنان، كما يسعى لعقد اتفاق بين لبنان وإسرائيل حول الحدود البرية حيث تمكن سابقا من ترسيم الحدود البحرية بين الطرفين.
وسعت الولايات المتحدة الأميركية أخيرا للدفع باتجاه اتفاق لترسيم الحدود البرية بين إسرائيل ولبنان.
وفي السياق، قالت صحيفة معاريف الإسرائيلية إن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن سيصل إلى إسرائيل يوم الاثنين المقبل. وتشمل جولته مصر وتركيا واليونان وقطر والاردن والسعودية وإسرائيل والضفة الغربية.
وكان وزير الخارجية التركي هاكان فيدان قد حذر في وقت سابق امس من اندلاع حرب بين لبنان وإسرائيل، مؤكدا أن هذه الحرب لن تنتهي في حال نشوبها.
*****************************
افتتاحية صحيفة البناء:
اغتيال أميركي لقيادي في الحشد الشعبي… والحكومة تعتبره تقويضاً للتعاون
البيت الأبيض: لا يمكن القضاء على حماس أو تجاهلها في مستقبل غزة
هل نصح هوكشتاين قادة الكيان بتحمل ردّ المقاومة لفتح الطريق للتهدئة؟
تدير واشنطن مشهد الحرب ومساعي التهدئة بالتوازي؛ فهي من جهة صاحبة النصيحة لقادة كيان الاحتلال بالانتقال من حرب برية فاشلة وعمليات قتل مفتوح للنساء والأطفال تحوّلت إلى لعنة تلاحق الإسرائيليين وكل داعميهم، وفي طليعتهم الأميركيون، إلى ما أسمته واشنطن بالعمليات النوعية المستهدفة، التي كانت طليعتها عملية اغتيال القيادي في قوات القسام وحركة حماس الشيخ صالح العاروري في ضاحية بيروت الجنوبية، وواشنطن هي نفسها نفذت أمس، عملية مشابهة في بغداد باستهداف أحد قياديي الحشد الشعبي العراقي، والقيادي البارز في حركة النجباء العراقية أبي تقوى السعيدي. وبمثل ما ترتب على اغتيال الشيخ العاروري قرار المقاومة في لبنان بالرد المؤلم على الاغتيال وانتهاك أمن العاصمة وضاحيتها، وموقف حكومي يعتبر الاغتيال اعتداء صارخاً على سيادة لبنان، تسبّب اغتيال القيادي في الحشد الشعبي برد للمقاومة العراقية على القواعد الأميركية وبيان حكومي عراقي يعتبر العملية انتهاكاً للسيادة العراقية وعملاً يشبه الأعمال الإرهابية ويقوّض التعاون بين الجيش العراقي والتحالف الذي تقوده واشنطن، بينما لا تزال تداعيات عملية التفجير في كرمان الإيرانية تتواصل، مع اتهامات ايرانية لواشنطن وتل أبيب وتوعّد بالرد.
بالتوازي سجلت واشنطن مواقف سياسية جديدة في التعامل مع الحرب تعكس مأزقها، وتقول إن عملياتها ونصائحها لكيان الاحتلال بمثلها، لا تستجيب للمأزق الذي تعيشه واشنطن وتل أبيب في معركة الوقت، حيث ملف الأسرى وعودة المستوطنين في الشمال يضغطان على تل أبيب، وصورة الردع والسيطرة على الممرات المائية تسقط في البحر الأحمر أمام مواصلة أنصار الله عملياتهم، قرب البوارج الأميركية، لإيقاف كل السفن التي تحمل بضائع الى موانئ كيان الاحتلال، كما اعترف المسؤولون في البحرية الأميركية الذين قالوا أيضاً إن ليس لديهم ما يكفي من صواريخ الدفاع الجوّي.
المأزق وحده يفسّر كلام الناطق بلسان مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، نقلاً عن البيت الأبيض، عن استحالة القضاء على حركة حماس من جهة، وحتميّة بقاء دور لها في مستقبل قطاع غزة من جهة مقابلة، في أول اعتراف علني بفشل الحرب على غزة التي توافق عليها الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، تحت شعار القضاء على حماس ومنعها من أي دور مستقبلي في غزة. وحدّد كيربي هدفاً جديداً للحرب هو منع حماس من تشكيل تهديد مستقبلي لأمن الكيان، ما يعني فتح الباب للقبول بوقف إطلاق النار.
واشنطن أيضاً أوفدت الوسيط عاموس هوكشتاين للبحث بين بيروت وتل أبيب بسبل وقف التصعيد، وبحث إمكانية السير بترتيبات تلاقي مطالب حزب الله والحكومة اللبنانية في ما يخصّ الانسحاب الإسرائيلي من نقاط حدودية منها نقطة الناقورة وبلدة الغجر ومزارع شبعا، مقابل التهدئة التي يطلبها الإسرائيليون بفصل جبهة لبنان عن جبهة غزة. وقالت مصادر سياسية متابعة لمهمة هوكشتاين إنه تلقى نصائح لبنانية بأن ينصح الإسرائيليين بتحمل الرد الذي قررته المقاومة رداً على عملية اغتيال القيادي صالح العاروري ورداً على انتهاك أمن العاصمة وضاحيتها، لأن الردّ الإسرائيلي على الرد سوف يفتح طريق التدحرج الى الحرب حيث لا مكان لأحاديث التهدئة، بينما التقبل الإسرائيلي لآلام الرد، يفتح الطريق للتهدئة، ولو كان من ضمن الشروط ضمان وقف الحرب على غزة.
ولا تزال المواقف التي أطلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله تسيطر على المشهد الداخلي وتلقي بثقلها على الكيان الإسرائيلي الذي يستعدّ لاستقبال رد المقاومة على عملية اغتيال القيادي في حركة حماس الشيخ صالح العاروري، حيث تناوب الخبراء العسكريون والمحللون السياسيون الإسرائيليون برسم سيناريوات عن ردّ حزب الله واحتمالات توسّع الحرب لا سيما بعد كلام السيد نصرالله الذي أكد بأن العدوان الإسرائيلي على الضاحية لن يمرّ من دون عقاب وأن الميدان والأيام والليالي بيننا، يعني أن حزب الله ومحور المقاومة سيوجهان ضربات قاسية للاحتلال الإسرائيليّ وفي وقت ليس ببعيد.
ورجّح خبراء في الشؤون العسكرية والسياسية لـ»البناء» أن يكون الردّ قريباً لأن عامل الوقت حاسم في هذه الحالة، إذ أن «إسرائيل» خرقت أهم الخطوط الحمر منذ حرب تموز 2006 وهو أمنُ الضاحية الجنوبيّة الذي رسم السيد نصرالله أكثر من معادلة وخطّ أحمر حولها وحذّر الاحتلال مراراً من مغبة تجاوزها لأن المقاومة لن تسكت، كما أن إطالة أمد الردّ على استهداف الضاحية بحسب الخبراء فإن العدو سيظنه ضعفاً من المقاومة وقبولاً بقواعد الاشتباك الجديدة ونسفاً للقواعد القديمة وانتهاكاً للمعادلة التي أعلنها السيد نصرالله في خطابه في آب الماضي، ما يشجّع العدو على تكرار عدوانه واستهداف قيادات أخرى في المقاومة الفلسطينية وربما في المقاومة اللبنانيّة ويصعب حينها لجم الاندفاعة الإسرائيليّة وإعادة حكومة الكيان الى قواعد الاشتباك السابقة. ولفت الخبراء إلى أن الأمر مرهون بالميدان واختيار الهدف الذي سيكون بوزن عملية اغتيال القائد العاروري ويؤلم العدو. ويضيف الخبراء أنه بحال احتوت حكومة العدو ردّ المقاومة ولم تقابله بردّ، فإن الحرب لن تتطوّر ولن تتوسّع، أما بحال رد العدو فسيدفع حزب الله للرد ونكون قد دخلنا في حرب مفتوحة بين حزب الله وجيش الاحتلال لا أحد يضمن أن لا تتوسّع الى حرب في المنطقة، لأن حزب الله وفق كلام السيد نصرالله مستعدّ للحرب الكبرى والشاملة إن أرادتها «إسرائيل».
وأشارت أوساط دبلوماسية لـ»البناء» الى أن احتمالات توسّع الحرب بين لبنان و»إسرائيل» ارتفعت أكثر من أي وقت مضى، وأن عدة سفراء أجانب وعرب «بعثوا برسائل الى دولهم لإبلاغهم نسبة المخاطر الكبيرة للتصعيد على الحدود وكذلك الأمر أبلغوا المسؤولين اللبنانيين بضرورة العمل على ضبط الوضع لمنع تفاقم الأمور واشتعال الحرب على نطاق واسع»، كما حذّروا من «نيّة «إسرائيل» بالتصعيد بسبب مأزقها في غزة وعلى جبهة شمال فلسطين، وتحدّثت الأوساط عن قرار في حكومة الحرب الإسرائيلية بتنفيذ أعمال أمنيّة لمواجهة حرب الاستنزاف التي تخوضها حركة حماس ومحور المقاومة». موضحين أن الأميركيين يدعمون هذا النوع من العمليات الأمنية الإسرائيلية لأسباب عدة، لكنّهم لا يريدون في الوقت نفسه توسّع الحرب بين حزب الله و»إسرائيل» ولا على مستوى المنطقة لأنها تهدّد مصالحهم الحيويّة وأمن الممرّات المائية الدولية وحقول النفط والغاز في المتوسط، ما يُضطرهم للدخول في الحرب للدفاع عن هذه المصالح، لذلك تسعى الدبلوماسية الأميركية وكذلك الفرنسية لاحتواء التصعيد عبر إرسال موفدين الى لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي سياق ذلك، وصل المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين الى «تل أبيب» أمس، موفداً من الرئيس جو بايدن، لمنع توسّع رقعة الحرب، وأفيد أن هوكشتاين سيزور لبنان أيضاً لمتابعة مساعيه لحل النزاع الحدودي بين لبنان و»إسرائيل» وتحريك ملف الحدود البحرية.
ونقل موقع «أكسيوس»، أن «وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أكد للمبعوث الأميركي هوكشتاين أن فرص تخفيف التوتر مع لبنان دبلوماسياً ضئيلة».
وذكر موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أن مستوى التوتر على الجبهة الشمالية ارتفع منذ اغتيال الشيخ صالح العاروري في بيروت، مشيرًا إلى أن بلدية حيفا سارعت إلى فتح مراكز الإيواء، فيما أمرت ألمانيا وكندا مواطنيهما بمغادرة لبنان فورًا.
وبحسب الموقع، وصل رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي الأربعاء الماضي للقيام بجولة على طول الحدود الشماليّة، وأجرى تقديرًا للوضع مع قائد المنطقة الشمالية اللواء أوري غوردين وقائد الفرقة 210 العميد تسيون ريتزون، ومع قادة ألوية وقادة كتائب احتياط تعمل في المنطقة.
وقال هاليفي من هناك: «نحن في جاهزية قوية جدًا في الشمال.. أنا أزور المكان هنا كثيرًا، وأعتقد بأنَّ الجاهزيّة في ذروتها»، مشيرًا إلى: «أنَّنا مستعدّون بشكل جيد في القطاعات كافة، ونركّز حاليًا على قتال حماس».
وأشار الموقع الى أنَّ كلام رئيس الأركان لم يُطمئن مستوطني المنطقة الشمالية الذين أُخليَ عشرات الآلاف منهم من منازلهم.
من جانبه، أشار المحلّل العسكري في القناة 12 الإسرائيلية نير دفوري إلى أن «»اسرائيل» ما تزال في حال من التوتّر منذ اغتيال العاروري، والجيش في حال تأهّب قصوى، وهو يتوقع ردًا من جانب حزب الله». وأضاف دفوري: «»إسرائيل» تستعدّ لكل السيناريوات وهناك احتمال تنسيق إطلاق صواريخ من لبنان معًا مع حماس في الجنوب. إضافة لذلك، هناك احتمال استهداف سفارات «إسرائيل» في الخارج، وهناك بالطبع احتمالات أخرى كثيرة»، بحسب تعبيره.
في هذا السياق، أفادت وسائل إعلام العدو أنَّ تقدير المؤسسة الأمنية الإسرائيلية هو أنَّ «تل أبيب» ستضطرّ في الحرب المقبلة في الشمال إلى التعامل مع إطلاق آلاف القذائف الصاروخيّة، وفي الأيام الأولى من الحرب سيُطلَقُ على «إسرائيل» نحو 6000 قذيفة صاروخية، فيما سينخفض هذا العدد في أيام الحرب إلى 1500 و2000 قذيفة صاروخية في اليوم.
ووفقًا للتقديرات، فرص نجاح القبة الحديديّة في اعتراض الصواريخ من الشمال ضعيفة، فيما ستبدأ ترسانة حزب الله الصاروخية من مدى 20 كلم لتصل إلى 700 كلم.
إلى ذلك، شيّعت حركة حماس وجماهير المقاومة الفلسطينية واللبنانية، أمس نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشهيد الشيخ صالح العاروري والقياديّين في كتائب الشهيد عز الدين القسام الشهيد عزام الأقرع والشهيد محمد الريس في بيروت بمشاركة شعبية وسياسية وحزبية ودينية حاشدة.
وبحضور حشد كبير، انطلق موكب التشييع من أمام مسجد الإمام علي (ع) في الطريق الجديدة باتجاه مقبرة الشهداء عند دوار شاتيلا، بعد إقامة صلاة الجنازة على جثامين الشهداء داخل المسجد، إذ حمل المشاركون في التشييع الأعلام الفلسطينية ورايات حركتي حماس والجهاد الإسلامي، ولفّ نعش الشهيد العاروري بالعلم الفلسطيني وراية حماس.
وتحدّث خلال مراسم التشييع القياديّ في حركة حماس أحمد عبد الهادي، مشدّدًا على «أن العدو إذا ظنّ أنه بغدره يمكن أن يفتّ من عضد المقاومة فهو واهم لأن دماء الشهداء لطالما أضاءت طريق المقاومة والتحرير».
وتخلّلت المراسم كلمة لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، لفت فيها إلى أن فلسطين ولبنان يودّعان اليوم مع أبناء الأمة رجالاً أشداء خاضوا غِمار المعارك في كل الميادين والاتجاهات، مؤكدًا أن «الشهيد العاروري حمل الأمانة ورفع الراية قائداً في حركتنا المجاهدة وعلى رأس قيادة الضفة حيث رسم مسارات استراتيجية».
ونشر الإعلام الحربي في «حزب الله»، مشاهد من «استهداف المقاومة الإسلامية تجهيزات تجسس وجمع حربي في عدد من المواقع التابعة لجيش العدو الإسرائيلي عند الحدود اللبنانية الفلسطينية».
وبقيت الجبهة الجنوبية على وتيرة اشتعالها مع تصعيد في عمليات المقاومة النوعيّة التي أدت الى مقتل وجرح عشرات الضباط والجنود الإسرائيليين.
وأعلنت «المقاومة الإسلامية» في بيانات متلاحقة استهداف تموضع لجنود العدو الإسرائيلي في شتولا بالأسلحة المناسبة وحققّت فيه إصابات مباشرة. واستهداف «نقطة الجرداح بالأسلحة المناسبة وحقّقت فيها إصابات مباشرة». كما قصفت تجمعًا لجنود العدو الإسرائيلي في المطلة بالأسلحة المناسبة وحقّقت فيه إصابات مباشرة». وأشار إعلام الاحتلال إلى أن حزب الله أطلق صاروخاً مضاداً للدروع تجاه «المطلة» وأصاب مبنى داخلها.
ونشر الإعلام الحربي لـ»حزب الله» مقطع فيديو يحتوي على مشاهد من عملية اغتيال العاروري، وأرفقهُ بكلمة للسيد حسن نصرالله قائلاً: «هذه الجريمة الخطيرة لن تبقى دون رد أو عقاب، وبيننا وبينكم الميدان والأيام والليالي».
في المقابل واصل العدو الإسرائيلي عدوانه على الجنوب، واستهدف بالطيران منزلاً في بلدة الناقورة لصاحبه من آل حمزة مؤلفاً من ثلاث طبقات فدمّره بالكامل، وأسقط ضحايا وألحق أضراراً جسيمة بالمنازل المحيطة وبالسيارات والممتلكات. وأدّى قصف المنزل إلى استشهاد أربعة عناصر في المقاومة الإسلامية نعاهم «حزب الله» ببيان رسميٍّ من بينهم القيادي حسن يزبك، كما وأدى إلى إصابة تسعة جرحى من المدنيّين نقلتهم سيارات الإسعاف الى مستشفيات مدينة صور.
على صعيد الحراك الرسمي والدبلوماسي، استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة قائد قوات اليونيفيل اللواء آرولدو لاثارو حيث جرى عرض للأوضاع العامة لا سيما الأمنية والميدانية منها على ضوء مواصلة «إسرائيل» اعتداءاتها على لبنان لا سيما القرى اللبنانية الجنوبية الحدودية مع فلسطين المحتلة. كما تابع الرئيس بري المستجدات السياسية والأمنية والميدانية خلال استقباله وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم.
بدوره، استقبل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الجنرال لاثارو في السراي. وتم البحث في تطبيق القرار 1701 والخروق الإسرائيلية للسيادة اللبنانية، وسجل لبنان اعتراضه لليونيفيل على هذا الموضوع. وتناول اللقاء أيضاً التحضيرات للتقرير المرتقب صدوره عن مجلس الأمن والذي سيتطرق للخروق التي تطال القرار 1701. في خلال الاجتماع جدّد رئيس الحكومة ادانته الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان والانتهاكات المتمادية للسيادة اللبنانية، وطالب برفع الصوت في الامم المتحدة رفضاً للانتهاكات الاسرائيلية للخط الازرق وللقرار 1701. وجدّد التزام لبنان الدائم بالقرار الأممي ومندرجاته. وقال: المطلوب من كل الأطراف تحييد اليونيفيل عن العمليات العسكرية من أجل تمكينها من القيام بدورها كاملاً.
بدوره، اجتمع وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب بمستشار الرئيس الأميركي جو بايدن لشؤون الشرق الأوسط بريت ماك غورك في البيت الأبيض، وتمّ البحث في ضرورة الاستمرار بالجهود الديبلوماسية الأميركية الرامية الى تحييد لبنان عن الحرب في غزة، وأكد الطرفان «أهمية نجاح مهمة المبعوث الرئاسي آموس هوكشتاين من أجل وقف التصعيد في لبنان والمنطقة». كما بحث الطرفان في السبل التي يمكن أن تؤدي الى السلام في المنطقة، وأكد بوحبيب أن «الممر الوحيد لذلك هو السلام مع الفلسطينيين بالدرجة الأولى». كما تطرّق النقاش الى ازمة النزوح السوري الى لبنان ومدى إمكان عودة النازحين الى المناطق الآمنة في سورية.
نسخ الرابط :