“أن تقول “فوكس نيوز” لجو بايدن “أخيراً… قدمت أوكرانيا، بل أوروبا، على طبق من ذهب الى القيصر”، كتعقيب على كلام فلاديمير بوتين “ان السلام ممكن مع أوكرانيا بعد تحقيق أهدافنا. استئصال النازية (أي خلع فلوديمير زيلينسكي)، ونزع سلاحها، وحيادها”، ليشير الى أن “قواتنا تتقدم في كل المناطق على خط الجبهة”.
منطقياً، هل يمكن لأي رئيس أميركي أن يفكر بكسر روسيا (وتفكيكها)، وعلى حدودها بالذات، وهي التي دحرت نابليون بونابرت، وأدولف هتلر، بعدما أجتاح كل منهما الجزء الأكبر من القارة. بايدن خاض هذا الرهان، ليجد نفسه ضائعاً بين الشرق الأوروبي والشرق الآسيوي، والآن في… الشرق الأوسط!
على مدى عامين، ماذا حقق الأميركيون في أوكرانيا سوى الوقوف فوق الأنقاض، لا بل أنهم حولوا الجيش الروسي من جيش صدئ داخل الثكنات الى جيش عملاني قادر على خوض المعارك، في أكثر الظروف صعوبة، وفي وجه أكثر الأسلحة الأميركية، والأوروبية تطوراً.
تابعنا المناقشات التي جرت في الكونغرس حول المساعدات المالية الى أوكرانيا. أصوات كثيرة ارتفعت بالسؤال “الى أين نحن ماضون؟”، مع ابداء الخشية من أن تتدحرج الأحداث نحو المواجهة المباشرة مع روسيا، فيما الصين تنتظر استنزاف القوتين قي الصراع حول من يقود العالم في هذا القرن الحافل بالاحتمالات.
تقارير صحافية حول التدهور المرير داخل الجيش الأوكراني، وعن الجنرالات الموغلين في الفساد، بكل اشكاله، بعدما بات بعض وسائل الاعلام الغربية يصف زيلنسكي بـ “الدمية التي لم تعد صالحة للاستعمال”، ليبدو الأمين العام للأطلسي ينس ستولتنبرغ وكأنه يطلق صيحة استغاثة بقوله “ثمة خطر فعلي ألاّ يكتفي الرئيس الروسي بغزو أوكرانيا في حال انتصاره في الحرب”.
ولكن متى فكّر الروس، طوال تاريخهم، باحتلال فرنسا، أو بريطانيا، أو ألمانيا؟ أما الوضع الذي قام في العهد السوفياتي فكان نتاج الحرب العالمية الثانية، وقد أشعلها الفوهرر الذي عندما هزم انعقد مؤتمر يالطا الذي أعاد ترتيب الخرائط الأوروبية بحضور فرنكلين روزفلت وجوزف ستالين، وونستون تشرشل…
هل يريد ذلك النرويجي الذي تنتج بلاده عادة الديبلوماسيين لا العسكريين، أن تستمر الحرب التي أخذت في الآونة الأخيرة منحى عبثياً كحرب مواقع، في حين تشكو البلدان الأوروبية من ترساناتها الفارغة، ومن الضائقة الاقتصادية التي تهدد الاستقرار فيها، كما لو أنها لا تعلم أن القيادة االروسية ترفض، ولو بالخيار النووي، نصب الصواريخ الأميركية على أسوار الكرملين؟
من الطبيعي أن يخاف ستولتنبرغ من عودة الحلف الى نقطة الصفر، بعدما كان ايمانويل ماكرون، وعشية الحرب الأوكرانية، قد قال لـ”الايكونوميست” ان الحلف قضى بالسكتة الدماغية. اللافت هنا أن جهات أوروبية عليا تراهن على عودة دونالد ترامب الى البيت الأبيض لرفضه تلك الحرب، كون الصين المنافسة الوحيدة لبلاده في قيادة القرن، وهذا ما أثبتته الوثيقة السنوية للبنتاغون.
الوضع في الشرق الأوسط استحوذ على كل اهتمامات جو بايدن. انها اسرائيل، كوديعة أميركية في عمق الشرق الأوسط، وانه اللوبي اليهودي، بدوره الأخطبوطي في اللعبة الانتخابية. بدون أي خجل، تراجع الرئيس الأميركي عن كلامه المدوي الذي دعا فيه نتنياهو الى تغيير حكومته (كحكومة مجانين)، ليصرح الناطق باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي بأن انهاء الحرب رهن بالقاء “حماس” سلاحها، وتسليم المسؤولين عن أحداث 7 تشرين الأول (تسليمهم لمن؟…)
الضربة الأميركية على رأس نتنياهو أم الضربة الاسرائيلية على رأس بايدن ؟ من سنوات دعا وزير الخارجية الفرنسي السابق أوبير فيدرين الادارة الأميركية الى اعادة النظر برؤيتها الاستراتيجية للعالم، ملاحظاً أن ليس باستطاعة أي قوة أن تستأثر بقيادة البشرية في قرن يبلغ فيه صراع المصالح ذروته، ولا بد من بلورة شكل فلسفي مختلف لمفهوم الاستقطاب.
ذات يوم قال بول كروغمان، الحائز نوبل في الاقتصاد، لدونالد ترامب “أيها السيد الرئيس، الأغبياء وحدهم يعتبرون أن الكرة الأرضية تشبه طبق الهوت دوغ”…
“فوكس نيوز” قالت ساخرة “انه غروب الأمبراطور”. لماذا لم تقل، أيضاً، انه غروب الأمبراطورية؟؟
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
نسخ الرابط :