في اليوم التالي لزيارة وفد "القوات اللبنانية" لبكركي التقى أمس وفد من "التيار الوطني الحر" البطريرك بشارة الراعي. الأول من باب "التهنئة" على عظة الأحد و"الشدّ" على يد البطريرك بشارة الراعي في موقفه الصارم برفض تعيين قائد جيش جديد والتمسّك بالتمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون، والثاني من باب "استنكار" عظة الأحد التي بدت موجّهة بشكل مباشر ضدّ النائب جبران باسيل ومحاولة توضيح موقف "التيار" الرافض للتمديد لعون والمؤيّد لتعيين قائد جيش من ضمن باقة خيارات متعدّدة وليس كخيار وحيد متاح.
في الشكل قد تُسهِم زيارة الوفد الباسيليّ في التخفيف من حدّة الكباش مع بكركي على خلفيّة ملفّ التمديد لقائد الجيش، لكنّ أوساطاً مطّلعة تجزم لـ "أساس" أنّ "العلاقة مع النائب باسيل تحديداً تشوبها ثغرات عدّة ويمكن وصفها بـ "العاطلة"، والدليل سقف الكلمة العالي جدّاً في عظة الأحد حيث اتّهم رئيس التيار بالتلاعب باستقرار المؤسّسة العسكرية والكيديّة والحقد والانتقام والمتاجرة الرخيصة عبر خلق أزمات وعقد جانبية مقصودة بدلاً من المباشرة الفورية بانتخاب رئيس "فتحلّ عقدكم".
في اليوم التالي لزيارة وفد "القوات اللبنانية" لبكركي التقى أمس وفد من "التيار الوطني الحر" البطريرك بشارة الراعي
أشارت الأوساط عينها إلى أنّ "الكلام استهدف باسيل وليس الثنائي الشيعي بعد ورود معطيات نقلها قريبون من "الثنائي" للراعي تفيد بأنّ الرئيس نبيه بري والحزب لا يقفان ضدّ التمديد متى توافرت الآلية التوافقية التي تمنع الصدام داخل الحكومة أو مجلس النواب، وبأنّ الوضع الجنوبي العسكري على الجبهة الشمالية مع إسرائيل يعفي الحزب تلقائياً من أيّ معركة داخلية ليس وقتها ولا يريدها أساساً"، لكن في المقابل يحمّل الراعي الثنائي الشيعي مع باسيل المسؤولية الكبرى في عرقلة مسار انتخاب رئيس الجمهورية.
عملياً، لم تفضِ الزيارة التي قام بها باسيل لبكركي في 4 تشرين الثاني الجاري إلى "تعديل" موقف الراعي، لا بل إنّه "على كعب" استقباله لباسيل أعلن في عظة الأحد في 5 تشرين الثاني أنّ "من المعيب أن نسمع كلاماً عن إسقاط قائد الجيش في أدقّ مرحلة بتاريخ لبنان"، مُتحدّثاً عن "التلاعب بالقيّمين على المؤسّسة".
الجدير ذكره أنّ من "الأسباب الموجبة" التي يردّدها رافضو التمديد لقائد الجيش أمام الراعي وآخرين أنّ هذا الأمر كفيل وحده بإحباط مجموعة من الضبّاط ظَلَمَها الشغور الرئاسي المستمرّ منذ أكثر من عام وسيَظلمُها التمديد لجهة تضييع الفرصة على هؤلاء الضبّاط بالوصول إلى مراكز قيادية من رأس هرم القيادة ونزولاً.
وفق قريبين من المؤسّسة العسكرية "هذا الكلام يقال يومياً في أروقة اليرزة مع تسجيل عتبٍ كبيرٍ على التعاطي مع استحقاق إحالة القائد إلى التقاعد وكأنّ المؤسّسة "ستفرط" من دون وجود جوزف عون، وكأن لا وجود لضبّاط يتمتّعون بالمؤهّلات اللازمة والكفاءة والمناقبية لإدارة المرحلة، وفي ظلّ "سيستم" شغّال أصلاً بغضّ النظر عن هويّة قائد الجيش".
لكن في الوقت الذي يحاول فيه باسيل "ترقيع" العلاقة مع البطريركية وتوضيح موقف "التيار" من التمديد لعون اشتعلت أمس الجبهة على خطّ وزير الدفاع وقائد الجيش الذي تحدّث في أمر اليوم للعسكريين لمناسبة عيد الاستقلال عن "وقوف المؤسّسة العسكرية أمام مرحلة مفصلية وحسّاسة في حين تقتضي المصلحة الوطنية عدم المساس بها وضمان استمراريّتها وتماسكها".
لم تفضِ الزيارة التي قام بها باسيل لبكركي في 4 تشرين الثاني الجاري إلى "تعديل" موقف الراعي، لا بل إنّه "على كعب" استقباله لباسيل أعلن في عظة الأحد في 5 تشرين الثاني أنّ "من المعيب أن نسمع كلاماً عن إسقاط قائد الجيش
فعلياً، يمكن القول إنّ كلام قائد الجيش هو "الترجمة العسكرية" لكلّ كلام سياسي يدفع باتّجاه التمديد أو تأجيل التسريح كحلّ حصري لقيادة الجيش، وحسم الملفّ فوراً تجنّباً لمزيد من الاستنزاف والمماطلة.
اللافت ما عَكَسه محيط الرئيس نجيب ميقاتي صباح أمس عن "قيام قوى سياسية باتصالات لكسر الجليد بين وزير الدفاع وقائد الجيش من أجل تسهيل ملفّ تأجيل التسريح والحؤول دون حصول مخالفات قانونية تؤثّر على وضعية الجيش"، لكنّ الردّ أتى مدوّياً من جانب وزير الدفاع موريس سليم الذي "بقّ البحصة" بعد صمت طويل على خلفية نشر خبر في أحد المواقع الإلكترونية "الصديقة" لقائد الجيش في شأن تمنّع الوزير عن التوقيع على الاعتمادات الخاصة بمحروقات الجيش.
لقد تحدّث بيان وزير الدفاع عن مواصلة "غرفة العمليات" التي استُحدثت أخيراً في مقرّ معروف، بثّ السموم والشائعات والأكاذيب وتوزيع المقالات ضمن أوركسترا متعدّدة المواهب لم تعد تجدي نفعاً لأنّ أهدافها انكشفت أمام الرأي العام". ففي ما يُشبِه التهديد الصريح بفضح ما سمّاه بـ "غرفة العمليات" قال سليم: "استمرار ضخّ السموم والشائعات لن يُبدّل في مواقف وزير الدفاع الوطني في احترام الدستور وقانون الدفاع الوطني وحماية الجيش من الأطماع الشخصية فحسب، لا بل سيؤدّي إلى إعادة النظر في سياسة الترفّع عن الإساءات وضبط النفس التي اعتمدها الوزير حيال تكرار الافتراءات والأكاذيب، وسيجد نفسه مضطرّاً إلى فضح كلّ الممارسات الملتبسة والتجاوزات وكلّ من يقف وراءها بالأسماء والأرقام والوثائق حتى تتوقّف هذه المهازل المستمرّة التي باتت تتجاوز الإساءة إلى شخص الوزير لتطاول المؤسّسة الوطنية ضبّاطاً ورتباء وأفراداً".
هكذا تنحو العلاقة بين وزير الدفاع وقائد الجيش نحو مزيد من التأزّم الذي سينعكس بطبيعة الحال على أيّ "إخراج" لتسوية التمديد من دون توقيع وزير الدفاع في ظلّ ما يُشبِه التوافق الضمني بين ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه برّي على أن "يتمّ التمديد من خلال الحكومة وفي أوّل جلسة مقبلة لمجلس الوزراء تفادياً لإبقاء الملفّ ضمن دائرة التجاذب و"التنتيع".
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :