"النهار"- سابين عويس
لم يكن القلق من الشغور في موقع قيادة الجيش كبيراً وخطيراً كما هو اليوم، ولو على مسافة شهرين من انتهاء ولاية القائد العماد جوزف عون في العاشر من كانون الثاني المقبل. فالظروف الأمنية المستجدة على وقْع طبول الحرب التي تُقرع يومياً مهدِّدة بانفجار وشيك يطاول الأراضي اللبنانية، حتّمت الفتح المبكر لهذا الملف، خصوصاً ان أي احتمالات في انجاز الاستحقاق الرئاسي انتفت مع تراجع هذه الأولوية على حساب تقدم الأولوية الأمنية.
شكلت الجولة التشاورية لرئيس "#التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل على عدد من القيادات السياسية محطة لاعادة ملف التعيينات العسكرية الى الواجهة. ورغم ان أياً من رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي أو الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط اللذين التقاهما باسيل في اليوم الأول من جولته قبل ان يلتقي امس رئيس المجلس نبيه بري، نفيا ان يكون الحديث تناول هذا الموضوع، إلا ان مصادر سياسية مطلعة اكدت ان احد الأهداف الرئيسية للجولة يكمن في التوصل الى اتفاق على الخيارات المطروحة لتلافي الشغور في الموقع الأمني الأول في البلاد.
لباسيل حساباته الخاصة في هذا الشأن، في مقدمها العودة الى المشهد السياسي من بوابة الأوضاع المتفجرة، على نحو يضغط فيه في اتجاه منع التمديد لقائد الجيش، بما يخرجه من السباق الرئاسي والسير في خيار تسلّم رئيس الأركان القيادة، وذلك على غرار ما حصل في المواقع الأمنية والمالية الأخرى لجهة انتقال السلطة وفق القانون. وهذا يستدعي معالجة مسألة شغور رئاسة الأركان عبر اعتماد أحد خيارين: إما استدعاء رئيس الأركان المتقاعد اللواء أمين العرم من الاحتياط، كونه الأعلى رتبة لتولي قيادة الجيش لدى انتهاء ولاية عون، وإما العودة الى خيار تكليف العضو المتفرغ في المجلس العسكري اللواء بيار صعب إدارة المؤسسة، وهو الخيار الذي كان يعمل عليه باسيل قبل مدة.
أيّ من هذه الخيارات اقرب الى الواقع، وهل تقتصر فعلاً الحلول عليها ام ان ثمة خيارات أخرى يجري البحث فيها؟
تؤكد المصادر السياسية ان المشاورات والاتصالات الجارية تستبعد كلياً الخيارين المشار اليهما، وان العمل جارٍ على الخيارات الأكثر جدية وواقعية. وفي هذا السياق، كشفت المصادر ان رئيس الحكومة في صدد الإعداد لاقتراحي قانونين يتعلق الأول باقتراح تعيين قائد جديد للجيش، فيما يكمن تمرير الاقتراح الثاني بالتمديد للعماد عون في ما لو عجز مجلس الوزراء عن الاتفاق على تعيين قائد جديد.
في الموازاة، يساعد عدد من النواب لتقديم اقتراح قانون بسلة التعيينات في المؤسسة العسكرية وذلك بهدف تلافي الشغور.
ويبدو من الحركة الجارية ان الأولوية اليوم هي للتمديد لعون. وكان لافتاً تقاطع بري وميقاتي في دعم عون الذي تجلى في استقبال الأول له، فيما كان عون في استقبال ميقاتي في جولته الجنوبية، ما يقطع الطريق على مساعي باسيل لوقف مساعي التمديد الجارية.
في المعلومات ايضاً ان جنبلاط كان ابلغ عون موافقته على اقتراحه اسم حسان عودة لرئاسة الأركان. والرجل يحظى بقبول أميركي، ما يجعله الأكثر حظاً لتولي المنصب. ومن المتوقع ان يطرح ميقاتي هذا الاقتراح على مجلس الوزراء ليصار الى تعيينه بقطع النظر عن مسألة قائد الجيش، علماً ان هذا التعيين، اذا حصل، سيقابل بطعن من "التيار الوطني الحر" لأنه لم يمر عبر وزير الدفاع. لكن في الظروف الاستثنائية الراهنة، لن يشكل الطعن عائقًا امام السير في الاقتراح، خصوصاً ان وتيرة التهديدات العسكرية ترتفع على نحو متزايد وبسرعة، مهددة البلاد بانفجار وشيك.
نسخ الرابط :