افتتاخية صحيفة البناء:
المقداد من موسكو وطهران: ثوابت الحلف السوريّ الروسيّ الإيرانيّ.. لا للاحتلال والتقسيم والإرهاب برّي والراعي يتقاسمان مساعي الإحاطة بالمسار الحكوميّ.. والحريري يلقى دعم الجامعة/ تهدئة على الجبهة النيابيّة القضائيّة.. بانتظار البتّ بالتنحّي وتلقّي المجلس لملفات الاتهام
مصادر دبلوماسية أوروبية رفيعة إن مفاوضات غير مباشرة تجري تمهيداً لخلق منصة دوليّة إقليميّة تتيح تبريد الملفات الساخنة، بانتظار حسم الكونغرس الأميركي لرئاسة الرئيس المنتخب جو بايدن في السادس من كانون الثاني، بعد اكتمال عقد الكونغرس بانتخاب عضوين يمثلان ولاية جورجيا سيذهبان لصالح تكريس الأغلبية الجمهوريّة فيه، كما تقول المصادر نفسها، والتبريد وفق المصادر سيبدأ على جبهات اليمن وليبيا، حيث تجري عمليات فك وتركيب سياسيّة وأمنيّة تحضيراً للتفاوض. وتضع المصادر الجدال الدائر حول أشكال وصيغ العودة للتفاهم النووي الإيراني في دائرة التحضير التفاوضي والرسائل المتبادلة، أو ما يمكن توصيفه بالمفاوضات عبر الرسائل، مستبعدة أن يكون هناك خيار آخر غير العودة للتفاهم.
في الإطار ذاته تضع المصادر الإطار الذي رسمته زيارتا وزير الخارجية السورية الدكتور فيصل المقداد لكل من طهران وموسكو، رغم الجانب البروتوكولي في الزيارتين، ضمن سياق الاستعداد لملاقاة متغيّرات المرحلة المقبلة. وهذا معنى تركيز المقداد وفق المصادر على ثوابت الحلف الثلاثي السوري الروسي الإيراني، بعيداً عن تفاصيل الحل السياسي، والمفاوضات حوله، فما قاله المقداد في العاصمتين الحليفتين لدمشق يؤكد ثوابت من نوع لا للاحتلال ولا للتقسيم ولا للإرهاب، ويقدّمها كإطار للحوار مع الآخرين، وكشروط للحلول السياسية. وهذا يعني القول للأميركيين إن الانسحاب من سورية يجب ان يتزامن مع تفكيك الكانتون الكردي شمال سورية، ويقول بالمثل للأتراك إن دورهم في العملية السياسية مشروط بالانسحاب ومواجهة الإرهاب، مقابل تولي الدولة السورية وحلفائها مهمة تفكيك الكانتون الكردي، بينما في جنوب سورية تمسك واضح بتأييد الحليفين الروسي والإيراني لربط الاستقرار بما هو أبعد من وقف العدوان الإسرائيليّ، باعتبار الأساس للاستقرار سيبقى بالنسبة لسورية مربوطاً بسعيها لاستعادة الجولان.
في لبنان محاولة للإفادة من الوقت الضائع دولياً وإقليمياً يقوم بها كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري والبطريرك بشارة الراعي كل من موقعه لحلحلة العقد التي تعترض المسار الحكومي، حيث يسعى البطريرك الراعي لتليين مواقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من الصيغة الحكوميّة التي اقترحها الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، فيما يسعى بري لإقناع الحريري بالتخلّي عن تمسّك لفظي بمعادلة لا دور للكتل النيابية في التسمية، فيما لا يمكن واقعياً النجاح بمسعى تشكيل الحكومة من دون الانفتاح على الكتل النيابية ومعاملتها بما يتناسب مع معادلة شراكتها في توليد الحكومة.
مصادر مواكبة للملف الحكومي تقول إن ثمة تقدماً مبدئياً تحقق على مسار الملف الحكومي قد يؤسس لزيارة الحريري الى بعبدا، قبل عطلة الأعياد، لكن هذا التقدّم الذي قد يكفي لكسر الجمود ليس كافياً لولادة الحكومة. وتعتقد المصادر أن النصف الأول من الشهر المقبل قد يشهد تسارعاً في المسار الحكومي مع تعافي الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون واستئنافه نشاطه من جهة، وتثبيت الدرع الرئاسية الأميركية للرئيس المنتخب جو بايدن، وتقدم مسارات الاستعداد للعودة للتفاهم النووي مع إيران، وليس بالضرورة أن يكون لبنان بحاجة للانتظار الى اكتمال المشهد الإقليمي بعودة التفاهم وفتح ملفات المنطقة على مسارات تفاوضيّة. ولفتت المصادر الى جرعة الدعم التي تلقاها الرئيس الحريري من الجامعة العربية على لسان نائب الأمين العام حسام زكي بعد جولة على المسؤولين قال في ختامها إنه يساند نظرة الحريري لحل الأزمة.
في الملفات القضائيّة تبريد على الجبهة النيابية القضائية مع التجميد الذي لحق بتحرك المحقق العدلي بانتظار البتّ بدعوى طلب تنحّيه وتسمية محقق عدلي جديد، ووفقاً لمصادر حقوقية فإن التصعيد الذي كان متوقعاً يوم الاثنين في الجلسة النيابية في التعامل مع الملاحقات القضائيّة سيحل مكانه كلام للنواب، بينما سينتظر رئيس المجلس البتّ بالدعوى وجواب المحقق العدلي على رسالة هيئة مكتب المجلس التي طلبت من المحقق العدلي الملفات التي استند إليها في الادعاء لدراستها والبتّ بقرار السير بالادعاء النيابي من عدمه، على قاعدة حصريّة صلاحيّة الملاحقة بالمجلس النيابي.
وواصل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي مساعيَه على الخطوط الحكوميّة كافة في محاولة لتقريب وجهات النظر بين رئيس الجمهورية ميشال عون والريس المكلف سعد الحريري.
وبعد لقاء الراعي والحريري أمس الأول، زار البطريرك الماروني بعبدا أمس، حيث التقى الرئيس عون. وقال الراعي بعد اللقاء "رئيس الجمهورية مصمّم على حضور قداس عيد الميلاد حتى قبل حضوري لدعوته، وتمنيت أن نعيّد بوجود حكومة فلا يجوز الانتظار". واضاف "لم يعد باستطاعة شعبنا التحمل ولا يمكننا الا النظر اليه وهو متعب ويتفرج على جراحه. وهذا سبب أساسي لتشكيل حكومة تتحمل مسؤولياتها وهي من المؤسسات الدستورية التي يجب أن تكون حاضرة". ورأى أن "مهما كانت الأسباب والظروف يجب إيجاد حل والتفاهم بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف وإنتاج حكومة تبدأ بالإصلاحات وعلى رأسها إعادة إعمار بيروت".
وأضاف: "لم ألمس بحديثي مع الرئيس أنه متمسك بالثلث المعطل ونحن لا نريد ذلك. وهناك اتفاق ورأي عام بإنتاج حكومة من غير السياسيين إنما من اختصاصيين". وكشف عن انني "لا أعرف كل الأسماء المطروحة، وليس دوري أن أقيم فأنا أحترم حدودي، وهذا دور عون والحريري". وقال: "نريد الاحترام للسلطات القائمة بحكم تكوين تفكيرنا وروحانيتنا وتربيتنا ونحترم كل حامل سلطة ونصارح من لنا معه شيء بشكل شخصي. لا نقبل المس بكرامة أي إنسان كإنسان، فكيف إن كان رئيساً للجمهورية"؟.
وبحسب مصادر مطلعة على لقاء الراعي - عون، أن رئيس الجمهورية عرض أمام البطريرك لآخر المعطيات الحكوميّة مؤكداً ضرورة تشكيل حكومة قادرة على الإصلاح والعمل والسير بالتدقيق الجنائي. وأشارت الى ان "الرئيس عون وضع الراعي في أجواء الصيغ التي تم تداولها وأكد أنّ هدفه تشكيل حكومة منتجة وفاعلة تكون باستطاعتها مواجهة الأمور الراهنة داخلياً وإقليمياً". واوضحت مصادر اللقاء أن "البطريرك الراعي تمنى على الرئيس عون أن يستأنف التواصل مع الحريري وقد أبدى استعداده لذلك، وقال الراعي "إذا مطلوب مني شي أنا حاضر"، فيما قال رئيس الجمهورية ألا مشكلة مع الحريري و"يمكننا التواصل في أي لحظة".
كما أشارت المصادر إلى أن اللقاء كان جيداً ووضع الراعي عون في أجواء النقاشات التي أجراها مع الحريري. ولفتت الى أن "الرئيس عون عرض بدوره وجهة نظره وما دار بينه وبين الحريري على مدار 12 جلسة والنقاط التي حصل فيها تباعد".
وشدّدت على أن "الراعي لم يحمل طرحاً الى بعبدا"، آملة أن "تكون هناك حلحلة فيما يتعلق بتشكيل الحكومة خصوصاً أن اتصالات تجري على أكثر من جهة".
وبعد لقاء عون - الراعي، زار رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الى بكركي بناء على طلبها واستكملت المشاورات بين الطرفين.
وأشار باسيل بعد اللقاء إلى أننا "عرضنا الموضوع الحكومي من خلفيّة الرغبة في أن تكون هناك حكومة وتوافقنا على المواضيع كافة وضرورة تشكيلها بسرعة". وأضاف "توافقنا على أن تكون الحكومة قادرة على تحقيق الإصلاح وعلى المعايير الواحدة في التأليف ولليوم لم نضع أي شرط أو مطلب سوى التعامل بالتساوي والتأليف على أساس الدستور والتوافق الوطني". وأضاف: "عندما تصبح هناك نيّة باعتماد معايير واحدة فعندها تتشكّل الحكومة". وتابع باسيل: "عرضنا لموضوع المرفأ وضرورة وجود الشفافيّة ومن حقّ اللبنانيين أن يعرفوا لماذا جاءت هذه المواد الى لبنان ومَن استعملها ومَن سرقها ومَن أهمل في السماح بإبقائها وكيف انفجرت؟". ولفت "الى اننا تطرّقنا الى السياسات التي تؤدي الى تهجير المسيحيين وكيف يمكن مواجهتها ومهما عانينا يمكننا النهوض من جديد على أمل أن يتمكن لبنان من الخروج من محنته".
وفي أول تعليق لتيار المستقبل على كلام الراعي الذي نقله عن عون قال عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار: "اذا كان فعلاً البطريرك الراعي لمس من الرئيس عون انه لا يريد الثلث المعطل فتكون الأمور إيجابية في الايام المقبلة". واضاف في حديث تلفزيوني: "هناك مسعى يقوم به البطريرك الراعي بين عون والحريري والرئيس المكلف ينتظر ردّ رئيس الجمهورية على تشكيلته ليبنى على الشيء مقتضاه".
ولم تستبعد مصادر نيابية لـ"البناء" أن تحرك حركة الراعي المياه الحكومية الراكدة وتعيد تفعيل الخطوط المقطوعة بين الرئيسين عون والحريري. ولفتت الى أن ما نقله البطريرك عن عون بأنه غير متمسّك بالثلث المعطل يشكل مؤشراً إيجابياً ويفتح الباب أمام اعادة التشاور والاتفاق على صيغة حكومية توافقية بين الرئيسين. كما أشارت الى أن "لقاء باسيل والراعي يلاقي مشاورات بعبدا بين البطريرك وعون وقد يسهّل التأليف أو على الأقل تهيئة البيئة الملائمة والمناسبة لانطلاق المشاورات من جديد".
وعلمت "البناء" أن الرئيس بري يواكب المشاورات الجارية بمساعٍ لتقريب وجهات النظر بدعم من حزب الله. ولفتت أوساط نيابية في كتلة التنمية والتحرير لـ"البناء" الى أن "الرئيس بري لم يقصّر يوماً في التوفيق بين القوى السياسية للوصول الى قواسم مشتركة لتسهيل تأليف الحكومة وإنقاذ لبنان من مستنقع الأزمات التي يغرق فيه". ولفتت الى أن "الأبواب لم تقفل نهائياً، وطالما هناك حركة وتشاور بين القوى السياسية فالأمل موجود بولادة الحكومة في ربع الساعة الأخير وقد سبق وتألفت حكومات بعد تسعة أشهر".
إلا أن مصادر مواكبة للملف الحكومي أكدت لـ"البناء" أن "لا حكومة في المدى المنظور والمشاورات الجارية هي تقطيع وقت بانتظار تبلور مؤشرات جديدة في المنطقة والعالم بعد تسلم الرئيس جو بايدن الحكم"، وأوضحت أنه رغم وجود تعقيدات داخلية، لكن العقد الحكومية خارجية وتحديداً عند الولايات المتحدة الاميركية التي لا تريد حكومة لكي تستمر في الضغط على لبنان لتحقيق مكاسب عدة تتعلق بمصلحتها ومصلحة "اسرائيل".
وتتلاقى هذه الأجواء مع ما تراه مصادر التيار الوطني الحر بأننا أمام أزمة مفتوحة وبالتالي لا حكومة في الأفق. محذرة من "فتن داخلية على خلفية الأزمات التي نعيشها، خصوصاً في ملف التحقيق في انفجار المرفأ، حيث يحاول البعض عرقلة التحقيق".
وإذ أبرق الرئيس عون الى نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون مطمئناً الى صحته ومتمنياً له الشفاء العاجل من وباء كورونا، شكر رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع لدول الاتحاد الأوروبي عموماً ونواب البرلمان الأوروبي خصوصاً اهتمامهم بلبنان، وقال "تتركون الكثير من مشاغلكم من أجل الغوص بشكل معمّق اكثر في الأزمة اللبنانية".
وبعدما علق قاضي التحقيق العدلي في تفجير مرفأ بيروت التحقيقات بانتظار قرار محكمة التمييز على دعوى "الارتياب المشروع"، تتجه الأنظار الى قصر الأونيسكو، حيث يعقد المجلس النيابي جلسة تشريعية، من المتوقع أن يحضر ملف قرار صوان في مناقشات ومواقف النواب.
وأشارت مصادر نيابية لـ"البناء" الى أن "قرار صوان لم يُدرج على جدول أعمال الجلسة وبالتالي المجلس غير ملزم بإصدار قرار أو توصية لا سيما أن المجلس أرسل رسالة الى القاضي صوان أكد فيها وجود نقص في الملف لجهة الأسماء المدعى عليهم والمعلومات والمعطيات ولا زال المجلس ينتظر رد صوان على رسالته ليُبنى على الشيء مقتضاه"، لكن المصادر أوضحت أنه في حال أراد النواب طرح الموضوع فمن حقهم ذلك ومن خارج جدول الأعمال.
على صعيد آخر، نقل رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر عن الرئيس بري "وقوفه الى جانب الطبقة العمالية ومع الشعب اللبناني، وكل ما يخدم الشعب اللبناني هو جاهز لإنجازه في مجلس النواب". وقال الأسمر خلال زيارته عين التينة مع وفد من الاتحاد العمالي العام، "وضعنا دولته بأجواء التفاهمات التي حصلت مع الرئيس دياب ومع الوزراء المعنيين، وقد أبدى كل الاستعداد لمساعدتنا في هذا الإطار. وطرحنا أيضاً، موضوع البطاقة التمويلية وترشيد البطاقة التموينية، وقد طلب منا دولة الرئيس ان تكون هناك دراسة خطية وافية حول هذا الموضوع تشمل قضايا الطحين والمحروقات والدواء والبطاقة التمويلية وهو مستعدّ ان يكون مع الشعب اللبناني لخدمته في هذا الاطار". وأضاف: "كما طرحنا موضوع تعويض نهاية الخدمة في الصناديق الضامنة لا سيما الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وإمكانية تحويله للدولار الاميركي ومن ثم استخدامه بحسب تسعيرة 3900 ليرة لبنانية. كما طلب دولته دراسة في هذا الاطار، اذ ان هناك امكانية كي يتبناها، طبعاً نحن راجعنا الحاكم بها ومع الدكتور محمد كركي في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي". ولفت الأسمر الى أننا "كاتحاد سنحضر دراسة مفصلة حول مطالبنا التي تهم الشعب اللبناني في هذه المرحلة القاسية من اقتصادنا، وبالتالي نقدّمها لدولة الرئيس نبيه بري كي يساعدنا بها في مجلس النواب. كذلك تطرقنا مع دولته الى موضوع الدولار الطالبي، وكما هو معلوم دولته كان من أول المبادرين لإصدار هذا القانون في المجلس النيابي".
في غضون ذلك، استمرت الحرب القضائية بين الأطراف السياسية، فبعد 24 ساعة على مثول حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أمام النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون للتحقيق معه، تقدمت عون أمس بشكوى لدى قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور في حق مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان والعميد حسين صالح بتهمة الإخلال بالواجب الوظيفيّ، وذلك بعدما منعت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي مفرزة الضاحية من معاونة عون في تحقيقات الدولار المدعوم. وقد تقدّمت القاضية عون بالشكوى خلال مهلة الـ24 ساعة للحفاظ على حالة الجرم المشهود.
وأشارت المعلومات الى أن "الشكوى التي تقدّمت بها عون لدى القاضي نقولا منصور بحق اللواء عماد عثمان والعميد حسين صالح بتهمة الإخلال الوظيفي جاءت بعد أن تقدّمت القاضية عون باستنابة قضائيّة لمعاونتها في التحقيق الذي أجرته مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وقد رفضا تنفيذها"، لافتة الى أن "الشكوى ستُحال الى قاضي التحقيق وهو سيقرّر فيها".
وبخصوص التحقيق مع سلامة، لفتت المعلومات الى أن "سلامة مثل أمام القاضية عون بصفته حاكماً لمصرف لبنان وفي ملف الدولار المدعوم والقروض السكنية ولم يتوسع التحقيق ليشمل ملفات أخرى، خصوصاً المتعلقة بهيئة التحقيق الخاصة التي يرأسها سلامة لأنه بصفته هذه يتمتع سلامة "بحصانة" ولا تستطيع أن تستدعيه القاضية عون أو تحقق معه".
وأضافت المعلومات الى أن "سلامة وخلال تقديم شهادته في ملف الدولار المدعوم أو القروض السكنية أكد أن الموضوع ليس لديه بل لدى لجنة الرقابة على المصارف وهي التي تتحمل المسؤولية".
************************************************************************
افتتاخية صحيفة الأخبار:
الراعي لباسيل: لا تتنازل عن حقوق المسيحيين
أزمة تأليف الحكومة باقية وتتمدّد. ورغم أن أحداً لم يكن يتوقع "معجزة" من الزيارة التي كانت مقرّرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبيروت، لكنها "كانَت ستكون عاملاً مُساعداً". مصادر مطلعة أكّدت أن الفرنسيين تواصلوا عشية الزيارة الملغاة مع الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، في محاولة لفكفكة العقد حول عدد الوزراء وتوزيع الحقائب. إذ يصرّ رئيس الجمهورية على أن ينال حقيبة الداخلية "لأن الحريري يريد أن يعيّن فيها مسيحياً من حصته، ويعتبر عون أنه أولى بتسمية الوزراء المسيحيين". كما يرفض الحريري التنازل للرئيس عن وزارة العدل "بعد الممارسات القضائية لفريق عون في عدد من الملفات". فيما تؤكّد مصادر أخرى أن إصرار الحريري على العدل سببه خشية من فتح ملفات المحاسبة في إدارات ومؤسسات يتولاها مقرّبون منه.
وفي ضوء الجمود الذي يغطي مداولات التأليف، زار البطريرك الماروني بشارة الراعي بعبدا أمس، بعد استقباله الرئيس المكلف أول من أمس، في محاولة للتوسط من أجل إحداث ثغرة في جدار التعطيل. وكان لافتاً تصريح البطريرك، عقب الزيارة، بـ"أنني لم ألمس من الرئيس تمسّكه بالثلث المعطل"، مشدداً على ضرورة التفاهم بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف.
وفي وقت لاحق، توجّه باسيل إلى الصرح البطريركي. اللقاء الذي دام نحو ساعتين مع الراعي وتخلّله غداء شهد، بحسب المصادر، "نقاشاً معمّقاً" في الملف الحكومي وفي "ضرورة الحفاظ على الشراكة الوطنية". أجاب باسيل، في اللقاء، على استفسارات الراعي، وردّ "نقطة نقطة" على ما حمله الرئيس المكلف إلى بكركي قبل يومين.
في ما يتعلق بعملية التأليف، أكّد رئيس التيار الوطني الحرّ "بالوقائع أن الحريري سمّى الوزراء المسيحيين في التشكيلة التي حملها إلى قصر بعبدا، بما يعاكس تأكيدات الأخير بأن الأسماء التي ضمّنها تشكيلته انتقاها من لائحة قدّمها إليه رئيس الجمهورية في وقت سابق". وشدّد على أن عون "لم يسلّم الحريري أيّ اسم. وهو أتى على ذكر أسماء مؤهّلة للتوزير في معرض اللقاءات مع الرئيس المكلّف، فما كان من الأخير إلا أن اختار بعضها، معتبراً أن الرئيس هو من طرحها". باسيل أشار إلى أن الأمر "لا يتعلق بالأسماء المطروحة، وبعضها قد يكون جيداً، إنما بمرجعية الدستور الذي تنص المادة 53 منه على أن رئيس الحكومة يشكّل الحكومة مع رئيس الجمهورية، لا أن يسمّي رئيس الحكومة التشكيلة ويحملها إلى رئيس الجمهورية للبصم". ولفت أيضاً إلى أن "ما يجري حالياً هو محاولة إزالة صفة رئيس الدولة عن رئيس الجمهورية وتحويله إلى رئيس لجمهورية التيار فقط، عبر حصر الحديث معه بجزء من حصة المسيحيين بدل أن يكون له دوره المحوري، ورأيه في كل الأسماء من كل الطوائف، وفي التوزيع الوزاري، وشراكته الكاملة في التشكيل الحكومي التي لا تقتصر على حصة فحسب. وفي هذا ضرب لمنطق الشراكة ولموقع الرئاسة". كما أن "هناك محاولة لضرب ما ثبّتناه سابقاً من أن لرئيس الجمهورية في الحكومة حصة لا علاقة لها بالحزب الذي يرأسه". وهنا سأل باسيل الراعي: "سيدنا لقد تعبنا كثيراً بعد الطائف لنعيد تثبيت الشراكة، فهل تريدون أن نتنازل عن حقوق المسيحيين؟"، فأجابه الراعي فوراً: "أوعا"!
سؤال يشغل بكركي: من سيحكم إذا دخلنا فراغاً رئاسياً بحكومة يغيب عنها التيار والقوات؟
المصادر نفسها أكدت أن الراعي "كان متفهّماً للوقائع التي قدّمها باسيل، ومتفاجئاً من أنها جاءت مغايرة لما كان الحريري أبلغه به، وهو طلب من باسيل أن يصارح الرأي العام بأن التيار لا يتمسّك بأي حقيبة أو بالمشاركة وأنه لم يطلب الثلث المعطل".
ووفق المصادر، فإن "سؤالاً يشغل بال بكركي مفاده: إذا كان التيار والقوات خارج الحكومة التي يرجّح أن تبقى إلى نهاية العهد، بيد من سيكون الحكم في حال تعذّر انتخاب رئيس للجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون؟". لذلك، بحسب المصادر، "جرى نقاش مستفيض في أهمية تثبيت المشاركة المسيحية الكاملة في الحكم، وعدم التفريط بما حصّله المسيحيون في السنوات العشر الأخيرة من مناصفة كاملة، بما يمنع العودة إلى ممارسة منقوصة عانوا منها سابقاً، من شأنها أن تطيح بالحقوق وتكرّس أعرافاً بذلوا جهوداً جبّارة للخروج منها".
وليلاً، نُقل عن مصادر بكركي أن "الصيف والشتاء تحت سقف واحد غير مقبول في التأليف، ما يعني أنه لا يجوز طلب لوائح اسمية من بعض الكتل ولا نطلب ذلك من غيرهم".
**********************************************************************
افتتاخية صحيفة الديار:
مُبادرة بكركي مُحاصرة بين "المعيار الواحد" لعون ورفض الحريري للثلث المعطل مُحاولة توفيقيّة: الراعي يُسمّي وزيراً مسيحياً خارج حصّة الرئيس و"التيار" و"المردة"
شهد الوقت المستقطع الذي فرضته اصابة الرئيس الفرنس بكورونا وارجاؤه زيارته المقررة للبنان اتصالات وحراكاً ناشطاً في اطار المبادرة التي كانت بدأتها بكركي قبل اصابة الرئيس ايمانويل ماكرون بلقاء البطريرك الماروني بشارة الراعي الاربعاء الماضي رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري سعيا الى تحريك الوضع الحكومي من خلال اعادة التواصل والحوار مع الرئيس عون بعد فشل اللقاء الاخير بينهما.
وفي اطار متابعة هذه المبادرة زار الراعي امس عون في قصر بعبدا واطلعه على تفاصيل ما دار بينه وبين الحريري حول تشكيل الحكومة ، كما استمع منه على وجهة نظره في هذا الموضوع.
ووفقا للمعلومات التي سُرّبت عن اللقاء على لسان مصادر مطلعة، اكد عون ان هدفه هو تشكيل حكومة منتجة وفاعلة يكون باستطاعتها مواجهة المخاطر والامور الراهنة داخليا وإقليمياً.
وعلم ايضا انه ركز مرة اخرى على المعيار الواحد في تشكيل الحكومة، ولم يأت مباشرة على ذكر الثلث المعطل او الضامن.
وتمنى الراعي على رئيس الجمهورية ان يستأنف التواصل مع الحريري وقال "اذا مطلوب منّي شي انا حاضر"، فأبدى عون استعداده لذلك قائلا" لا مشكلة مع الرئيس الحريري ويمكننا التواصل في اي لحظة".
وفي تصريحه بعد اللقاء، اكد الراعي على ضرورة التفاهم بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف ، مشيرا الى انه "لم يلمس من الرئيس عون تمسكه بالثلث المعطل، خاصة اننا لا نريد ذلك لان هناك اتفاقاً ورأياً عاماً يقول ان الحكومة التي ستأتي هي حكومة اختصاصيين لا سياسية ولا حزبية وفي وقت ان الثلث المعطل غير موجود في الطائف ولا في الدستور، وهو دخيل لا لزوم له بنظري".
وقال "كنت اتمنى ان نعيّد السنة وتكون لدينا حكومة، وهذا حديثي مع فخامة الرئيس، لانه لا يمكننا ان نكمل هكذا والامور تستدعي ألاّ ننتظر يوما اضافيا".
وعلمت "الديار" انه جرى بعد لقاء بعبدا ترتيب زيارة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الى بكركي ولقائه البطريرك الراعي لاستكمال البحث معه في موضوع تشكيل الحكومة، خصوصاً ان عون كان شدد مراراً على وجوب الوقوف عند رأي القوى السياسية.
وأعلن باسيل ان زيارته هي تلبية لرغبة البطريرك الراعي ، مشيرا الى التوافق معه على ضرورة تشكيل حكومة بسرعة قادرة بأشخاصها وبرنامجها على الاصلاح، لكنه جدد التشديد على المعايير الواحدة في تشكيل الحكومة، وقال ان التيار لم يضع اي شرط سوى ان يتعامل اللبنانيون بالتساوي على اساس الدستور والميثاقية والتوازن الوطني.
وقال مصدر مطلع ان مبادرة بكركي هي محاولة لتحريك الوضع الحكومي وإعادة الحوار المباشر بين عون والحريري بعد الخلافات التي برزت بينهما في اللقاء الاخير.
وأضاف ان البطريرك الراعي اراد ان يدخل على الخط مباشرة للعمل على تجاوز نتائج اللقاء المذكور والسعي الى احداث خرق جدي في جدار الازمة الحكومية لان استمرار المراوحة يعني المزيد من التدهور والمخاطر على كل الصعد.
وأوضح المصدر ان تشديد الرئيس عون والنائب باسيل على المعيار الواحد لتأليف الحكومة يعني للفريق الآخر التمسك بشرط الثلث المعطل المرفوض بشدة من قبل الرئيس المكلف.
وأشار الى ان المبادرة عالقة بين تمسك عون وباسيل بالمعيار الواحد وبين تمسك الحريري برفض الثلث المعطل.
وكشف المصدر عن ان اقتراحا كان قيد التداول قبل مبادرة بكركي يقضي بأن يسمي البطريرك الماروني وزيرا أو وزيرين من الوزراء المسيحيين التسعة خارج حصة رئيس الجمهورية و"التيار" ووزيري "المردة" لحل مشكلة الثلث المعطل، الا ان الراعي لم يبد رأيه في هذا الاقتراح سلباً او ايجاباً ولم يتناوله مع الرئيس عون، مكتفياً بالتأكيد له انه حاضر لكل شيء يسهل تسريع تشكيل الحكومة.
وفي الاطار نفسه، لفتت مصادر مطلعة الى ان مبادرة بكركي واكبها تحرك مكوكي ناشط للمدير العام للامن العام عباس ابراهيم يتركز على اعادة التواصل والحوار لاستكمال بحث تشكيل الحكومة.
وسألت الديار مساء امس مصدرا سياسيا بارزا عن الاجواء المتعلقة بالشأن الحكومي، فقال ان الاجواء على حالها ولا شيء جديد على هذا الصعيد، وأضاف : نشهد حراكا ومحاولات لتحريك الوضع ، لكن لا شيء تحقق حتى الان، ولا يبدو ان هناك تطورا ايجابيا قد حصل سوى ما شهدناه ونشهده في الايام الاخيرة من اتصالات ولقاءات ومساع لاستئناف البحث في تشكيل الحكومة بعد توقفه منذ اللقاء الاخير بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف.
حرب الملفات القضائية وجلسة المجلس
على صعيد آخر، بقيت تداعيات حرب الملفات القضائية تتفاعل على غير صعيد، لا سيما بعد الزوبعة التي احدثها القرار الاتهامي للمحقق العدلي القاضي فادي صوان بحق رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب والوزراء علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس، ورد مجلس النواب الحاسم عبر هيئة مكتبه بطلب الملف والقرائن الاتهامية بعد ان وجد ان رسالة صقر لم تتضمن اي عناصر للاتهامات بالتقصير والاهمال التي تناولت رؤساء الحكومات ووزراء الاشغال والمال والعدل بين 2013 و2020.
وقد رحّل الموضوع الى مطلع العام الجديد بعد ان ارجأ القاضي صوان الاستماع للوزراء الثلاثة وبعد ان تقدم الوزيران خليل وزعيتر بطلب نقل الدعوى الى قاض آخر.
وفي هذا المجال قالت مصادر الوزيرين للديار امس ان البت في هذا الطلب لا يعود للقاضي بل للتمييز، معتبرة ان الخلاف ليس بيننا وبين القاضي بل بينه وبين القانون والدستور.
وليس من المستبعد ان يثار هذا الموضوع في الجلسة التشريعية العامة التي يعقدها مجلس النواب بعد غد الاثنين في باب الاوراق الواردة، لكن الرئيس بري سيتدخل باعتبار ان هيئة مكتب المجلس قد اتخذت الموقف المناسب من هذا الموضوع.
والمعلوم ان هناك 70 بندا على جدول اعمال الجلسة، بينها قانون العفو العام العالق وتجديد عقد شركة كهرباء زحلة وقوانين متعلقة بالاصلاح والتدقيق الجنائي ورفع السرية المصرفية واتفاقيات وبروتوكولات واقتراحات قوانين اخرى.
ومن المتوقع ان يقر المجلس عددا من هذه القوانين، بينها تجديد عقد كهرباء زحلة، ويستبعد اقرار قانون العفو العام، كما حصل في جلسات سابقة بسبب الخلافات بين الكتل.
وقال نائب رئيس المجلس ايلي الفرزلي في هذا المجال ان اللجنة التي شكلها رئيس المجلس برئاسته لم تتفق للاسف على صيغة واحدة تحظى برضى الكتل، واستبعد ايضا اقدام المجلس على رفع السرية المصرفية خلافا للشكل الجزئي الذي تم التوصل اليه في الجلسة السابقة ، لافتا الى انه يحتاج الى توافق سياسي ومالي لم يتوافر بعد.
من جهة أخرى، ذكرت مصادر مطلعة ان النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون تقدمت بشكوى الى المحقق الاول بجبل لبنان نقولا منصور ضد المدير العام للامن العام اللواء عماد عثمان والعميد حسين صالح بتهمة الاخلال بالواجب الوظيفي ومنع المديرية العامة لقوى الامن مفرزة الضاحية من معاونة القاضية عون في التحقيقات المتعلقة بالدولار المدعوم.
كورونا
وعلى صعيد كورونا، بقي عدد الاصابات يحلق فوق الالفي اصابة، وأعلنت وزارة الصحة امس عن تسجيل 2015 حالة جديدة مصابة بفيروس كورونا، ووفاة 11 مصابا ليصل عدد الذين اعلنت وفاتهم بكورونا الى 1259 شخصا.
وقررت اللجنة الوزارية المخصصة لكورونا تمديد العمل في المؤسسات السياحية الى الثالثة فجرا اعتبارا من 23 الجاري.
********************************************************************
افتتاخية صحيفة اللواء:
عون يحيل الراعي على باسيل.. و"الثلث المعطل" أو لا حكومة! جعجع يشكو "النخبة الحاكمة" إلى نواب أوروبيين.. وتحسر مصرفي عربي على بيروت
في "الوقت الضائع"، الذي يتجاوز ما تبقى من ليال عشر، حتى 31 ك1 الجاري، نهاية عام "المآسي والنكبات" التي طالت المجتمع اللبناني، وفضحت الطبقة السياسية الممسكة بزمام الامر، والتي ما تزال عند اللعبة إياها: المصالح خاصة أولاً.. والباقي "حط بالخرج" تجري محاولات لملء الفراغ، ومنها المحاولة التي قام بها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، باتجاه الفريق الماروني، الذي يمثل الموارنة، وعموم المسيحيين في السلطة القائمة، من رئيس الجمهورية ميشال عون، في بعبدا، الى رئيس تكتل لبنان القوي، ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، الذي يرجح الخيارات وصاحب الكلمة المسموعة في بعبدا، حتى لو ادت الى تأخير تأليف الحكومة واعادة عقارب الساعة الى الوراء.. فضلاً عن سعي المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، بالتنسيق مع "الثنائي الشيعي" "أمل" وحزب لله.
وهذه الحركة المالئة للفراغ، تجري تحت ستار لبناني، كثيف من الاهتمام بصحة ماكرون، والانشغال بكيفية إبلاله العاجل من الجائحة القاتلة.
وعلى الخط الفرنسي، أفادت المعلومات، ان باريس على موقفها ومبادرتها ولن يتغير شيء مع مرض ماكرون، بل إنه مصمّم على زيارة لبنان فور تعافيه، لكن الاتصالات الفرنسية بالجانب اللبناني قائمة، خاصة ان الرئيس عون ابرق الى ماكرون مطمئناً الى صحته، ومتمنياً له الشفاء العاجل من وباء كورونا. وذكرت مصادر فرنسية "لرويترز" ان ماكرون قد يتصل بعون لاحقاً.
الراعي بين عون وباسيل
وفي السياق، بعدما تأكد تأجيل زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون الى بيروت حتى إشعار آخر بسبب إصابته بفيروس كورونا، وسّع البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي حركته لتقريب وجهات النظر لتسريع تشكيل الحكومة، فزار امس، رئيس الجمهورية ميشال عون، واستقبل في بكركي رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، بعدما استقبل امس الاول الرئيس المكلف سعد الحريري.
وحسب معلومات "اللواء"، كانت زيارة البطريرك الى عون بهدف دعوته الى حضور قداس الميلاد الذي يُقام في الصرح البطريركي. وطرح امامه موضوع تشكيل الحكومة، عارضاّ ما سمعه من الرئيس سعد الحريري خلال زيارة الاخير الى الصرح امس الاول، كما إستمع من الرئيس عون الى تفاصيل اللقاءات التي عقدها مع الحريري منذ تكليفه وصولاً الى اللقاء الاخير بينهما والتشكيلة التي قدمها الحريري، والملاحظات التي أبداها على التشكيلة، والتي تتعلق بتوزيع بعض الحقائب على الطوائف، وانه لا زال ينتظر إجابات الحريري.
واوضحت مصادر المعلومات انه كان هناك توافق بين عون والراعي على اهمية استئناف اللقاءات بين عون والحريري لمعالجة الاشكالات القائمة،خاصةان عون ابلغ الراعي ان لا مشكلة شخصية مع الحريري والاتصال واللقاء واردان في اي لحظة.
واوضحت المصادر ان تشكيل الحكومة لا يجب ان يستغرق هذا الوقت، اذا اخذ الحريري بملاحظات رئيس الجمهورية الشريك الفعلي في تشكيلها، اوناقشه فيها، لذلك المطلوب مبادرة من الرئيس المكلف.
وقال الراعي بعد لقاء عون: "مهما كانت الأسباب والظروف يجب ايجاد حل والتفاهم بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف وإنتاج حكومة تبدأ بالإصلاحات وعلى رأسها إعادة اعمار بيروت.وفي الدستور المبدأ الأساسي ان يحضر الرئيس المكلف تشكيلته ويأتي الى رئيس الجمهورية للتشاور ولا علاقة لي بالتفاصيل، هم من يناقشونها.
وأضاف: لم ألمس بحديثي مع الرئيس انه متمسك بالثلث المعطل، ونحن لا نريد ذلك وهناك اتفاق ورأي عام بإنتاج حكومة من غير السياسيين إنما من اختصاصيين.
وقالت مصادر مطلعة لـ "اللواء" ان عون والراعي بحثا في مقصد رئيس الجمهورية حول وحدة المعايير وأكدت أن ثمة نقاط كانت ملتبسة لدى الراعي اضحت واضحة على أن الراعي لم يحمل طرحا أو مبادرة أو وساطة إنما شدد على أهمية التواصل بينهما من أجل الإسراع في تأليف الحكومة.
ولفتت إلى أن البطريرك الراعي وضع رئيس الجمهورية في جو لقائه مع الحريري وتحدث الرئيس عون عن أن الهدف هو تشكيل حكومة منتجة وفاعلة ويكون بأستطاعتها مواجهة الأمور الراهنة داخليا وإقليميا وتواجه المخاطر . وأكد رئيس الجمهورية وفق المصادر إن لا مانع لديه في التواصل مع الرئيس المكلف . وفهم من الراعي أن عون لم يأت على ذكر الثلث المعطل ابدا اما في موضوع التواصل فقال عون أنه إذا كان هناك أمر مطلوب منه فهو حاضر لافتا إلى أن لا مشكلة مع الحريري ويمكنه التواصل معه في أي لحظة وافيد أن سيد بكركي أبدى رغبة في معالجة الثغرات وتأليف حكومة تمارس دورها وتنجز مهمامها وتلتفت إلى شؤون المواطنين.
وعلى الفور زار رئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل بكركي، والتقى البطريرك الراعي، الذي دعاه الى اللقاء. وكشف باسيل انه جرى استعراض موضوع تشكيل الحكومة، وكشف ان الراعي طالب بأن يتم تأليف الحكومة بأسرع وقت.
واعتبر ان عدم الإلتزام بوحدة المعايير يؤخر تشكيل الحكومة، ويدخل البلد في "مشاكل ويخل باستقراره وتوازنه الداخلي".
ورأى باسيل: عندما يصبح هناك نية باعتماد معايير واحدة، فعندها تشكل الحكومة.
لا تنازل عن الثلث المعطل
ولم ترغب مصادر بكركي الكشف عما دار في اللقاء بين البطريرك الماروني بشارة الراعي وباسيل، الا ان احد المطلعين على اجواء النقاش الذي دار فيه، اعطى صورة تشاؤمية وسلبية عن تفاصيله التي تتعارض مع المواقف والافكار التي اعلنها البطريرك بعد زيارته لبعبدا بالامس. وكشف المصدر المطلع أن البطريرك الراعي ابدى خلال لقائه رئيس الجمهورية حرصه الشديد على القيام بكل ما يساعد على حلحلة الامور وتسريع عملية تشكيل الحكومة وإخراج البلد من ازمته، مستعرضا ما سمعه من افكار وتوجهات الرئيس المكلف سعد الحريري وجهوده لتسهيل عملية تشكيل الحكومة الجديدة من اختصاصيين غير حزبيين ولا تضم الثلث المعطل لاي طرف كان، لافتا الى انها تجسد ما تضمنته المبادرة الفرنسية التي تشكل فرصة نادرة للمساعدة على حل الازمة وإنهاء معاناة الشعب اللبناني الشديدة الوطأة على كل المستويات. وتم التفاهم في اللقاء على العمل لتنفيذ مضمون ما طرحه البطريرك للحلحلة ولكن رئيس الجمهورية ابلغ البطريرك بنهاية اللقاء انه سيوفد صهره النائب جبران باسيل لارساء التفاهم نهائيا ووضعه موضع التنفيذ. ويضيف المصدر الا ان زيارة باسيل لم تتطابق مع ما طرحه البطريرك من رغبة بتقريب وجهات النظر بين عون والحريري والمساعدة بحلحلة صعوبات تشكيل الحكومة الجديدة، بل رفض معظم ما طرحه البطريرك من توجهات بهذا الخصوص، معتبرا انها تكرس استفراد الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة ولا تحقق مشاركة رئيس الجمهورية وتتجاوز صلاحياته الدستورية، مكررا مطالبته بالثلث المعطل في الحكومة العتيدة لتحقيق مشاركة صحيحة بقراراتها وسياساتها. وفيما احتدم الجدال حول ما اعترض عليه باسيل ورفضه برغم إصرار البطريرك على ضرورة الاخذ بعين الاعتبار للافكار والمقترحات التي طرحها للخروج من دائرة التعطيل، انتهى اللقاء بنسف كل ما تم التفاهم عليه بين عون والبطريرك وكأنه لم يكن، فيما بدا الاستياء واضحا على محيا الراعي لدى مغادرة باسيل الصرح. وتوقع المصدر ان تنعكس نتائج اللقاء السلبي هذا التي واجهت تحرك البطريرك على العلاقات بين بكركي ورئاسة الجمهورية وقد تترجم برفع نبرة مواقف البطريرك ضد سلوكية التعطيل لتشكيل الحكومة الجديدة ولا سيما في مناسبة الاحتفال بعيد الميلاد المجيد وينتقد فيها مباشرة الاطراف التي تساهم بعرقلة عملية التشكيل، فيما علم ان رئيس الجمهورية اعتذر عن حضور المناسبة المذكورة بداعي تفشي وباء كورونا.
جعجع يشكو
سياسياً، شكا رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع "النخبة الحاكمة التي تتألف من حزب الله وجماعة الرئيس ميشال عون" الى نواب البرلمان الاوروبي.
وشدد خلال اجتماع عبر تطبيق "Webex" عقده مع عدد من هؤلاء النواب في البرلمان الأوروبي على "ان المشكلة الأساسية في لبنان هي النخبة الحاكمة التي تتألف من حزب الله وجماعة الرئيس ميشال عون"، معتبراً "ان علينا في اوقات الأزمات توصيف الأشياء على ما هي عليه من اجل التمكن من إيجاد الحلول". واكد "ان ليس لدينا سوى حل واحد للأزمة، فنحن نعتبر اننا لا يمكن ان نصل إلى اي مكان مع هذه النخبة الحاكمة، فهي التي اوصلت البلاد إلى الهوة ولا يمكنها القيام بغير ما قامت به، لهذا السبب ننادي بأننا يجب الا نخسر المزيد من الوقت والذهاب مباشرة إلى الحل الوحيد وهو الانتخابات المبكرة.
لافتا إلى "ان الأكثرية النيابية في الوقت الراهن تقاوم اي محاولة إجراء انتخابات ان كانت مبكرة او في موعدها الدستوري". وعن انفجار مرفأ بيروت، اشار إلى "ان هناك تحقيقا محليا يتم في ما خص هذا الانفجار إلا ان في كل مرة يصطدم بعائق ما، وهناك العديد من المطبات التي تعترض طريقه ومساره، فعلى سبيل المثال قام القاضي منذ بضعة ايام باستدعاء رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب ووزراء آخرين من اجل الاستماع إلى إفاداتهم في قضية انفجار المرفأ إلا انهم رفضوا المثول امامه، لذا لا اعتقد ان اي تحقيق محلي من الممكن ان يصل إلى الحقيقة باعتبار ان انفجار المرفأ جريمة كبيرة جدا وليس مجرد خطأ بسيط".
المؤتمر المصرفي
وفي اول ظاهرة من نوعها، هذا العام، احتضنت بيروت أمس مؤتمرا مصرفيا، حضرته 200 شخصية مالية واقتصادية عربية.
وفي الحفل الاحتفالي، في اليوم الاول، سجلت كلمات لكل النائب ياسين جابر، وجوزيف طربيه (رئيس مجلس ادارة الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب) وعبد الحفيظ منصور (الامين العام لهيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان) ووسام فتوح (الامين العام لاتحاد المصارف العربية) والسفير حسام زكي ( مساعد الامين العام للجامعة العربية).
وتوقف طربيه عند قوانين عقوبات وضعتها قيد التطبيق الادارة الاميركية، ومنها قانون قيصر وقانون ماغينتسي، وقانون مكافحة اعداء اميركا، كان لها "في ضوء الهشاشة الاقتصادية في بعض الدول التي تجعل من العقوبات اكثر وجعا وتزيدها ايلاما الآثار المدمرة الناتجة عن جائحة كورونا التي غيرت وجه الاقتصادات وهزت الاستقرار العالمي".
واعتبر فتوح ان المنتدى مناسبة لاعادة "بناء علاقات ثنائية مصرفية بين المصارف العربية والمصارف اللبنانية واعادة الحياة لمدينة بيروت" معرباً عن توقه لاستعادة هذا البلد.
ولاحظ ان اوضاعاً سياسية معقدة برزت نهاية العام الماضي، مع توقف لبنان عن تسديد ديونه الدولية لأول مرة في تاريخه، على الرغم من توفر إحتياطات بالعملات الأجنبية لدى مصرف لبنان تجاوزت آنذاك الـ22 مليار دولار، وإحتياطي من الذهب يقدّر بما يقارب 20 مليار دولار، مما تسبب بإنهيار المنظومة الاقتصادية، وتدهور سعر الليرة اللبنانية، وتزايد الضغوط على ميزان المدفوعات. وفي ظل هذا النفق المظلم الذي دخل فيه لبنان، حصلت كارثة إنفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب الماضي، الذي أودى بضحايا أبرياء، وآلاف الجرحى، وتهجير وتشريد آلاف العائلات، وتدمير نصف المدينة، وخسائر بمليارات الدولارات".
واشار منصور الى انه "في العام 2011 أدرجت الولايات المتحدة البنك اللبناني الكندي على لوائح العقوبات، مما أدى الى توقف البنك عن العمل خلال أسابيع قليلة، وقد علمنا فيما بعد من المسؤولين في الخزينة الأميركية أنه أصابتهم الدهشة من النتائج السريعة لقرارهم هذا. وفي السنوات التي تلت بتنا نرى منحى تصاعديا لاستعمال سلاح العقوبات الإقتصادية الذي أضحى إحدى الأدوات الأساسية للسياسات الخارجية للدول الكبرى لا سيما الولايات المتحدة الأميركية والشواهد على ذلك معروفة للجميع".
شكوى من عون على عثمان
قضائياً، ايضاً، لم تنعقد الجلسة الثانية المحددة لمحاكمة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة امام قاضي التحقيق القاضي زياد مكنا، في دعوى تحالف متحدون، لان القاضية غادة عون، لم ترسل ما توصلت اليه في التحقيقات التي اجرتها مع سلامة.
وفي السياق، تقدمت القاضية عون بشكوى لدى القاضي نقولا منصور بحق المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان والعميد حسين صالح بتهمة الإخلال بالواجب الوظيفي وذلك بعدما منعت المديرية العامة لقوى الأمن، مفرزة الضاحية من معاونة عون في تحقيقات الدولار المدعوم.
154944 اصابة
صحياً، اعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 2051 اصابة جديدة بالكورونا و11 حالة وفاة، ليرتفع العدد التراكمي إلى 154944 اصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2019.
وقررت اللجنة المختصة بموضوع كورونا تمديد ساعات العمل في المؤسسات السياحية من الساعة العاشرة والنصف مساء حتى الثالثة صباحاً بدءاً من 23 ك1 حتى 3 ك2 المقبل.
*********************************************************************
افتتاخية صحيفة النهار:
الراعي يدعم تشكيلة الاختصاصيين ولا اختراق!
مع ان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس #الراعي لم يترك هامش الاجتهاد قائما امام الانطباعات التي تحدثت عن توليه وساطة او دخوله في مشروع مبادرة على خط مسار التأليف المعطل للحكومة الجديدة، لكن ذلك لم يقلل أهمية دلالات اندفاع البطريرك نحو اكثر المحاولات الداخلية تقدما لكسر جدار الانسداد من خلال تحركه السريع الاستثنائي الواضح سعياً الى إعادة اطلاق الحرارة في التواصل بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري. بطبيعة الحال لا يرقى تحرك البطريرك الراعي الى مستوى مبادرة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي افتقده اللبنانيون امس اكثر من أي وقت سابق خشية ان يشكل الغاء زيارته الثالثة للبنان بسبب إصابته بفيروس كورونا، ذريعة إضافية لكل المنخرطين والمتورطين في تعطيل تأليف الحكومة الجديدة او تأخيرها الى امد طويل بعد لحسابات داخلية او خارجية. ومع ذلك تردد على السنة الكثيرين من الأوساط السياسية والشعبية المستعجلة ولادة المحكومة سؤال أساسي هو هل يكون البطريرك الماروني اوفر حظا واكثر حظوة من الرئيس الفرنسي بحيث يعطى له ما لم يعط للرئيس الفرنسي؟ وتاليا ما هو حجم جدية الامال المنتعشة في احتمال تخطي حقل الألغام المنصوب في طريق استيلاد الحكومة من الان وحتى نهاية السنة؟
الواقع واستنادا الى المعطيات الجدية والموثوقة فان الحركة الاستثنائية التي طبعت طريق بكركي - بعبدا ومن ثم بعبدا- بكركي اذ لا يمكن عزل وصول الرجل الثاني في العهد رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل الى بكركي عصر امس بعد نحو ثلاث ساعات فقط من مغادرة الراعي القصر الجمهوري في بعبدا عن هذا الخط بذريعة "استقلالية" باسيل عن الرئيس، هذه الحركة شكلت الاختراق الثاني البارز هذا الأسبوع للمسار المعقد لتأليف الحكومة بعد زيارة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري اول من امس لبكركي. وبدا واضحا ان ثمة علاقة حيوية ومباشرة بين مجريات المكاشفة الطويلة والمسهبة والتفصيلية التي جرت بين الرئيس الحريري والبطريرك الراعي في بكركي واندفاع البطريرك البارحة للقاء الرئيس عون أولا، ومن ثم مبادرته الى دعوة النائب باسيل للقائه في بكركي، سعيا منه الى الدفع ما امكن لاستعجال اسقاط التعقيدات التي تحول دون ولادة سريعة للحكومة . والحال ان كلام الراعي في قصر بعبدا بعد لقاء الساعة ونصف الساعة بينه وبين الرئيس عون تضمن رسائل مهمة بدا واضحا ان الراعي تعمد من خلالها التحذير بان استمرار الوضع كما هو لم يعد ممكنا، ولن يستقيم كذلك من دون مزيد من التداعيات البالغة الخطورة. وابرز هذه الرسائل تمثل في تكراره مرات عدة وجوب استعجال تشكيل الحكومة استنادا الى تمسكه بالأصول الدستورية في التاليف وليس أي قناة أخرى. كما ان الرسالة الأخرى البارزة جاءت في معرض موقفه الواضح من عدم دستورية موضوع الثلث المعطل "الدخيل" ولو ان ذلك جاء في معرض نفيه تمسك رئيس الجمهورية بهذا الشرط الذي يدرك البطريرك كما الجميع انه كان ولا يزال احدى العقد الأساسية في طريق تأليف الحكومة. اما الرسالة الثالثة فاكتسبت دلالة خاصة لجهة ظهور اقتناع البطريرك ضمنا بان التركيبة الحكومية يجب ان تتطابق مع مواصفات حكومة الاختصاصيين غير السياسيين والحزبيين.
التشكيلة الحريرية
وتكشف المعطيات المتوافرة في هذا السياق ان موقف الراعي الذي بدا هنا اقرب ما يكون الى موقف الحريري من التشكيلة الحكومية جاء بعدما تبينت للبطريرك عدم صحة ما تردد عن تسمية الحريري للوزراء المسيحيين وحده وان الحريري اطلع الراعي تفصيليا على دقائق الأمور والتركيبة الكاملة بالاسماء والحقائب، وبدا للراعي ان الحريري صادق في توجهاته وانه استند الى المعطيات الجدية وليس الى أي شيء آخر. ومع ذلك لا يمكن القول انه من المضمون ان تؤدي حركة البطريرك الى اختراق وشيك في التاليف ولو أحدثت خرقا في المناخ السياسي. اذ ان المعلومات المتوافرة عن موقف بعبدا بعد الزيارة لا توحي بتغيير في الاشتراطات التي وضعتها بدليل ان البطريرك الذي دعا باسيل الى بكركي إدراكا منه لطبيعة الدور الحاسم الذي يلعبه في هذه الاشتراطات سمع من باسيل تكرارا لمعزوفة المعايير الموحدة بعد تجاهل موضوع الثلث المعطل.
وذكر ان الرئيس عون كان عرض للبطريرك معطياته وشدد على ضرورة تأليف حكومة قادرة على الإصلاحات والعمل والسير في التدقيق الجنائي. وأفادت هذه المعطيات ان الراعي تمنى على عون استئناف التواصل بينه وبين الحريري وانه أي البطريرك حاضر لاي شيء يطلب منه وعندها اكد له رئيس الجمهورية الا مشكلة مع الرئيس الحريري ويمكن التواصل بينهما في أي لحظة.
وشدد البطريرك الراعي بعد اللقاء مع عون على "التفاهم النهائي بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف وفقا للدستور". وقال انه لا يدخل في التفاصيل بل "نحن ننطلق من المبدأ الذي ينص على ان الرئيس المكلف يحضر تشكيلته وعليه ان يأتي الى رئيس الجمهورية للتشاور معه كي تصدر الحكومة". وبدا لافتا قوله انه "لم المس ان رئيس الجمهورية متمسك بالثلث المعطل خصوصا ان هناك اتفاقا ورأيا عاما يقومان على وجوب الا تكون الحكومة سياسية ولا حزبية بل تتكون من اختصاصيين غير مرتبطين باي حزب". وكانت له إشارة لافتة الى ان "الثلث المعطل غير موجود في الطائف ولا في الدستور وهو دخيل لا لزوم له".
اما باسيل وان اكد بعد زيارته لبكركي التوافق على تأليف الحكومة بسرعة شدد على وحدة المعايير في التاليف وقال انه" لم يطرح أي شرط سوى التعامل بالتساوي وعندما يصبح هناك نية باعتماد معايير واحدة تتشكل الحكومة".
رامبلينغ :ستحاكمون
وسط هذه الأجواء برز موقف للسفير البريطاني المغادر لبنان نهائيا كريس رامبلينغ عبر كلمة وجهها على صفحة السفارة البريطانية في بيروت واعتبر فيها ان "شعب لبنان يستحق افضل من هذا". وقال "ندائي الأخير الى أولئك القادة والموظفين الحكوميين والخبراء الماليين ورجال الاعمال: لبلدكم أصدقاء. نحن نحب شعبكم ولكن انتم وليس نحن من يمسك بزمام السلطة. وأنتم اكثر من كل القادة ستذكرون وستحاكمون على ما فعلتم في اكثر الأزمنة الحاحا".
********************************************************************
افتتاخية صحيفة الجمهورية:
وساطات لتسهيل التأليف.. وتباين أميركي فرنسي حول مشاركة "الحزب"
لغة التحسّر على البلد، وحدها الواردة على كلّ لسان، مقرونة برعب يجتاح كلّ الناس مما يُحكى عن سيناريوهات بدأت تلوح في الأفق، وتنذر بدخول لبنان، مع مطلع السنة الجديدة، في فترة شديدة السواد على كل المستويات، فيما الطبقة الحاكمة مشتركة في ورشة هدم الهيكل، وتغطي جريمتها الموصوفة هذه، بالتنصّل من المسؤولية والبكاء على الاطلال.
وسط هذه الورشة، يبدو جلياً أنّ البلد بات وحيداً ومتروكاً لمصيره، والممسكون بزمام أمره قد قرّروا أن يضيّعوه ويضحّوا به نهائياً على حلبة تقاسم الجبنة الحكومية، ويحرموه بالتالي من فرصة تشكيل حكومة يُراد لها أن تكون إنقاذية محصّنة بالمبادرة الفرنسية، فيما المعنيون بتشكيلها يصرّون على حرفها في اتجاه أن تكون هذه الحكومة منصّة لتحقيق مكاسب سياسية ومصالح ذاتية، ولغلبة فريق سياسي على آخر.
البلد.. انتهى!
وسط هذين التوجّهين وما يرافقهما من انهيارات متتالية على كل المستويات، مسّت بالخلل كل مؤسسات الدولة من دون استثناء، وصوّرتها بؤراً للارتكابات والاختلاسات، تتبدّى نتيجة وحيدة لخّصها مسؤول كبير بقوله لـ"الجمهورية": "الله يرحم البلد، لقد انتهى ولم يبق منه شيء، وما علينا سوى أن نحضّر أنفسنا للأسوأ".
لا إمكانية لتفاهم
الاجواء التي ظهرت على السطح الداخلي في الساعات الاخيرة، أشّرت الى محاولات جرت على اكثر من صعيد، لدفع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري نحو صياغة تفاهم بينهما، يتجاوز الشروط المعطلة لتأليف الحكومة حتى الآن، فيما الرئيسان لم يصدر عن أيّ منهما أي اشارة جديّة توحي بليونة واستعداد للوصول الى تفاهم حكومي مشترك خارج الشروط المطروحة من قبلهما، بل على العكس من ذلك، فإنّ كل طرف يقف عند الحدود التي رسمها لنفسه ضمن مطالب لا رجعة عنها، ويلقي مسؤولية التعطيل على الطرف الآخر، وهو ما اكّدا عليه اخيراً في البيانات السجالية التي تبادلاها في الايام الاخيرة..
واذا كانت حركة الاتصالات التي تسارعت في الساعات الاخيرة، قد أشّرت الى انّ الملف الحكومي ليس مقفلاً بالكامل، والتي سُجّل خلالها حضور للمدير العام اللواء عباس ابراهيم على الخطوط المعنية بتأليف الحكومة، في محاولة لخفض مستوى التصعيد، وتدوير زوايا الخلاف بين عون والحريري.
وعلمت "الجمهورية"، انّ الاطراف المعنية (بعبدا وعين التينة وبيت الوسط) تبدو متجاوبة مع وساطات تهدئة الأجواء، والتي يمكن ان تتطور الى ترتيب لقاءات قريبة، يمكن ان تعكس اجواء ارتياح خلال فترة الاعياد. واما ما يتعلق بالملف الحكومي، فلم تصل حركة الاتصالات الجارية الى بلورة مساحة مشتركة بينهما، خصوصا وأنّ زوايا الخلاف ما زالت حادّة وغير قابلة للتدوير بسهولة. فرئيس الجمهورية حاسم حتى الآن في اصراره على 7 وزراء مسيحيين (يسمّيهم مع فريقه السياسي) في الحكومة، اضافة الى وزارة الداخلية، فيما الرئيس المكلّف يرفض بالمطلق منح الثلث المعطل لأي طرف سياسي في الحكومة، واقصى ما يمكن ان يقبل به هو 6 وزراء لرئيس الجمهورية وفريقه السياسي.
خطوة مقابل خطوة
وكشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ"الجمهورية"، أنّ حركة الإتصالات هذه مدفوعة من جهات سياسية نافذة، والغاية الاساسية منها هي الدفع في اتجاه ان يتقدّم كلٌ من الرئيسين عون والحريري خطوة في اتجاه الآخر، لعلّ ذلك يفضي الى طي هذا الملف وولادة الحكومة خلال فترة لا تتجاوز نهاية السنة الحالية، الّا انّ هذا المسعى لم يلق استجابة حتى الآن.
واشارت المصادر، الى أنّ لـ"الثنائي الشيعي" دوراً أساسياً في هذا المجال، ينطلقان فيه من قاعدة "كثرة الدقّ على الحديد يمكن ان تفك اللحام"، خصوصاً وأنّ وضع البلد بلغ حدّ الميؤوس منه، وينذر بعواقب وخيمة، ينبغي تداركها بتشكيل حكومة تطمئن اللبنانيين، وتحرف وضع البلد عن المسار الكارثي الذي يسلكه.
ملء فراغ
الى ذلك، وصفت مصادر سياسية مطلعة الحراك الجاري، بأنّه "لا يعدو اكثر من محاولة لملء الفراغ في الوقت الضائع، فلا شيء جديداً، ولا توجد نقاط معقّدة كبيرة بين عون والحريري، والخلاف على تشكيل الحكومة محصور في أمر وحيد، هو مطلب رئيس الجمهورية بـ"الثلث المعطل" ووزارة الداخلية، وعندما تُحلّ هذه المشكلة تسلك الحكومة طريقها فوراً الى الولادة".
الّا أنّ المصادر نفسها لا تستطيع ان تؤكّد او تنفي ما اذا كان هناك سبب اضافي في تأخير ولادة الحكومة، مرده الى أنّ الرئيس المكلّف غير متحمس لتشكيل الحكومة قبل انتهاء ولاية الادارة الاميركية الحالية، خشية ان يتعرّض لعقوبات ما، وبالتالي هو ينتظر من الآن وحتى ما بعد 20 كانون الثاني المقبل.
نقطة ضوء
على انّ البارز في موازاة ذلك، هو ما كشفته مصادر موثوقة لـ"الجمهورية"، وهو التعويل على ما تسمّيها "نقطة ضوء" ما زالت موجودة، تتمثل بحسب المصادر، في ما اكّدت عليه تأكيدات ديبلوماسية اوروبية وردت بالتوازي مع حركة الاتصالات الداخلية، بأنّ باريس ومعها دول الاتحاد الاوروبي لن تترك لبنان يسقط.
هذه التأكيدات، بحسب معلومات "الجمهورية"، تلقتها مستويات سياسية ومفادها، انّه لن يُسمح لمن يعطّل تشكيل الحكومة بأن يضحّي هؤلاء بلبنان بالطريقة التي يقاربون فيها الملف الحكومي، وتجاهلهم لهول الكارثة الاقتصادية والمالية التي يعانيها.
ووفق المصادر الموثوقة، فإنّ هذه التأكيدات وردت عبر قنوات سياسية وديبلوماسية، والجديد - القديم فيها، أنّ لا خوف على لبنان طالما أنّ المبادرة الفرنسية موجودة، وما زالت الفرصة المؤيّدة من كل المجتمع الدولي، لإخراج لبنان من أزمته. وبالتالي لا مفرّ أمام اللبنانيين من الانصياع في نهاية المطاف الى هذه المبادرة والعمل بمندرجاتها، ذلك انّ هامش الخيارات امامهم صار معدوماً، ويفترض انّهم يدركون هذه الحقيقة. واذا كان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قد خضع لعارض صحي طارئ جراء إصابته بوباء كورونا، إلاّ أنّ ذلك لم يحلْ دون استمرار باريس في متابعة مساعيها على الخط اللبناني، وتحديداً عبر مستشار الرئيس الفرنسي باتريك دوريل الذي يدفع باتصالات في غير اتجاه.
الراعي
الى ذلك، كان لافتاً أمس، تصدّر بكركي المشهد السياسي - الحكومي، عبر الزيارة التي قام بها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى القصر الجمهوري ولقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وكذلك في استقباله في الصرح البطريركي رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، الذي اعلن من بكركي "اننا توافقنا على ضرورة ان تُشكّل الحكومة بسرعة"، مشيرًا الى "انّ الحكومة تنتهي في وقت قصير جداً، فور اعتماد معايير واحدة موحّدة"، وقال: "لليوم لم نضع اي شرط او مطلب سوى التعامل بالتساوي والتأليف على اساس الدستور والتوافق الوطني".
ونفت مصادر كنسية لـ"الجمهورية"، أن يكون البطريرك الراعي يقوم بدور الوساطة بين الرئيسين عون والحريري، ولفتت الانتباه الى انّ الراعي استمع الى وجهتي نظر الرئيسين، وكانت له وجهة نظره التي يشدّد من خلالها على التعجيل بتشكيل حكومة تريح اللبنانيين وتتدارك الوضع المأساوي في لبنان.
وقد افيد بأنّ اللقاء امس، بين عون والراعي، والذي يأتي غداة لقاء البطريرك بالرئيس المكلّف، تركّز في معظمه على البحث في الملف الحكومي، وانّ رئيس الجمهورية استعرض امام البطريرك كل ما احاط ملف تأليف الحكومة، مع تشديده على وحدة المعايير التي يُفترض ان تُعتمد، وصولاً إلى تشكيل حكومة فاعلة وقادرة على تنفيذ مهمة الإنقاذ المنتظرة منها".
وافيد ايضاً، بأنّ البطريرك الراعي عبّر عن الأمل في ان يتمّ تشكيل الحكومة في اقرب وقت، فالوضع كما هو واضح صار شديد الصعوبة، والمواطن اللبناني صار خائفاً، وانعدمت قدرة تحمّله، واعرب عن الأمل في أن يُستأنف التواصل بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف لوضع الامور في نصابها الصحيح. وافيد في هذا السياق، بأنّ رئيس الجمهورية جدّد تأكيده بأنّ لا وجود لأي مشكل بينه وبين الحريري، خلافاً لما يجري ترويجه من قِبل بعض المغرضين، وانّه على استعداد للقاء الرئيس الحريري في أي وقت. ونقل عنه قوله: "نستطيع ان نلتقي في اي لحظة"
وقال الراعي بعد اللقاء: "كنت أتمنى أن نعيّد السنة بوجود حكومة جديدة، لأنّ البلد لم يعد يحتمل، ومهما كانت الظروف من الضروري حصول تفاهم بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف وفقاً للدستور وتأليف حكومة، لأنّها المدخل إلى الإصلاح".
أضاف: "نحن ضدّ الحملة على رئيس الجمهورية، إذ يجب عدم التعرّض في الإعلام للكرامات والاحترام فوق كل اعتبار. الحكومة هي السلطة التنفيذية ولا يجوز في ظلّ الأوضاع الضاغطة ان يبقى البلد على حكومة تصريف اعمال، وطلبت من الرئيس الحريري عندما التقيته، إطلاعي على سبب التأخير في التأليف".
وقال: "الشعب اللبناني جائع ومدمّر، وهذا سبب أساسي لتأليف حكومة لأنّها سلطة تنفيذية يجب أن تكون موجودة، فمن غير الطبيعي أن تستمر حكومة تصريف الأعمال كل هذا الوقت والبلد يقع في الشلل".
بكركي: إرتياح
الى ذلك، عكست اوساط بكركي جواً من الارتياح، بعدما وضع البطريرك يده على اكثر من مُعطى يمكن البناء عليه لاستئناف مساعي تأليف الحكومة. ووصفت لقاء الساعة ونصف الساعة في بعبدا بالايجابي، نتيجة دخول الراعي وعون في الكثير من التفاصيل.
وحسم مقرّبون من بكركي النتيجة كما قرأها سيّد بكركي بأنه "ليس وسيطاً بين مسؤولين عن مهمة وطنية كبيرة"، وهو يتحرّك باعتباره "يريد حكومة اختصاصيين مستقلّين خالية من اي حق للفيتو الذي يترجمه "الثلث المعطّل" عندما يَناله أيّ طرف. وهو يُطالب بما يريده اي لبناني، وتحديداً بـ "حكومة تخدم الشعب". ووفق الآلية الدستورية التي تقول انّ الرئيس المكلَّف يعرض التشكيلة ويتفق عليها مع الرئيس.
ومصادر بعبدا تفنّد اللقاء
واعتبرت مصادر بعبدا ليلاً، عبر "الجمهورية"، اللقاء بأنه كان صريحاً وودياً. ففي بدايته أطلع البطريرك الرئيس على نتائج زيارته الى روما وحصيلة اللقاء مع البابا فرنسيس، باعتباره اللقاء الأول بعد هذه الزيارة. وتوقف عند قراءة الفاتيكان للوضع في لبنان وحجم القلق الذي عبّر عنه قداسته تجاه ما يحصل في البلاد، ولا سيما التطورات التي تعزز هذا القلق ومعاناة اللبنانيين. كما لفت الراعي الى انه تطرّق معه في احتمال تَلبيته الدعوة الى زيارة لبنان، فاعتبر انها ما زالت واردة لكن لا مواعيد محددة لها حتى اليوم .
بعدها، تحدث البطريرك عن نتائج زيارة الرئيس الحريري الى بكركي وما أثير من نقاط، ولا سيما تلك التي تتصل بتشكيل الحكومة، ووجهة نظره من المعوقات التي حالت دون عملية التأليف الى اليوم.
من جهته، ردّ رئيس الجمهورية باستعراض كل ما رافَق الجولات الـ12 التي دارت في بعبدا مع الرئيس الحريري وما شهدته من أخذ ورد بشأن عملية التأليف. وتوقف عون عند الملاحظات التي أبداها تجاه فقدان وحدة المعايير التي اعتمدت بالنسبة الى عملية إسقاط الاسماء على الحقائب، وبالعكس، وشرح له كيفية توزيع الحريري للاسماء على الحقائب وطريقة اختيارهم، والتي أدت الى توقف عملية التأليف في ظل الملاحظات التي حرص عليها رئيس الجمهورية ولم يلتزم بها الرئيس المكلف.
وانتهت هذه المحادثات الى تفاهم على ضرورة الاسراع في عملية التأليف وتفعيل الاتصالات واستئناف اللقاءات مع الرئيس الحريري، والتي في ضوئها يمكن تحديد الخطوات التالية، بحيث تُبنى على ما يمكن ان يتحقق في المرحلة اللاحقة.
وعلم انّ خطوات عملية سيشهدها الاسبوع المقبل بعد ان تستكمل الإتصالات خلال عطلة نهاية الاسبوع، خصوصا انّ الاتصالات الأولية أوحَت بوجود اكثر من نقطة مشتركة يمكن ان تشكّل مساحة تشجع على المضي في هذه الوساطة…
وانتهت المصادر لتقول انّ البطريرك بات على عِلم بوجهتي نظر عون والحريري، وهو سيواصل مساعيه مع مجموعة اخرى من الشخصيات السايسية، وربما سيتشاور تحديداً مع الرئيس الحريري إن لم يكن التواصل قد حصل عبر حركة الموفدين الممثّلين لهما، والذين رَتّبوا اللقاء الذي شهدته بكركي قبل يومين، والذي شكل انطلاقة لحراك البطريرك ومساعيه الحميدة.
"التيار"
الى ذلك، وحول لقاء الراعي مع باسيل، قالت مصادر التيار الوطني الحر انه تمّ الاتفاق على وحدة المعايير التي تتطلب المساواة بين الأطراف السياسية كافة، والاحتكام الى الدستور من دون ابتداع أعراف جديدة أو التذرّع بأعراف سابقة، واكدت انّ الصيف والشتاء تحت سقف واحد غير مقبول في التأليف، ما يعني أنه لا يجوز طلب لوائح إسمية من بعض الكتل ولا نطلب من غيرها".
زكي
الى ذلك، شدد الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي على "انّ لبنان لديه من إرادة العمل والبناء ما يجعله قادراً على تسيير عجلة الحياة وسط أصعب الظروف"، مؤكداً انّ "الرصيد الأهم في لبنان يبقى إرادة اللبنانيين، ومحبتهم الهائلة للحياة، وإيمانهم الشديد بوطنهم رغم التحديات."
وتابع: "إنه رصيد رائع حقاً، ولكنه ليس بلا حدود. فدعونا نأمل ألا ينفد قبل أن يخرج لبنان من أزمته، ويستعيد وجهه الذي نعرفه، ويستعيد أبناؤه ثقتهم فيه وفي اقتصادهم وجهازهم المصرفي بعد كل ما حدث. وجميعنا يعلم أنّ الثقة تُبنى في وقتٍ طويل، وبجهدٍ جهيد، ولكنها تُفقَدُ سريعا. لذلك، نقول انّ بداية العلاج ينبغي ألا تتأخر لأنّ مشوار استعادة الثقة لن يكون قصيراً أو هيّناً، وبداية العلاج هي في تشكيل الحكومة المنتظرة وخروجها الى النور. ونأمل ان يحدث ذلك في وقت قريب لأنّ التاخر في تشكيل الحكومة قد يؤدي الى تداعيات سلبية لا احد يريدها، لا اللبنانيين ولا الدول المحبّة لهذا البلد التي تريد ان تساعده" .
تَباين أميركي - فرنسي
في هذا السياق، أعدّت وكالة "رويترز" تقريراً حول الوضع اللبناني، أشارت فيه الى انّ وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أوضح في زيارة الى باريس الشهر الماضي "أنّ واشنطن غير راضية عن إستراتيجية فرنسا للمساعدة في حل الأزمة الاقتصادية والسياسية في لبنان".
ولفت التقرير الى أنّ اعتراض الولايات المتحدة على خطة ماكرون هو على "حزب الله"، الذي تقول فرنسا انه منتخب وله دور مشروع".
واشار التقرير الى انه "خلال مأدبة عشاء في باريس الشهر الماضي مع 8 سفراء، بعضهم سفراء دول أوروبية، أوضح بومبيو أنّ واشنطن ستفرض المزيد من الإجراءات إذا كان "حزب الله" جزءاً من الحكومة"، وفقاً لشخصين مطّلعين على زيارته".
وبحسب تقرير رويترز فإنه "بالنسبة الى الإدارة الأميركية المنتهية ولايتها، فإنّ اتخاذ موقفس صارمٍ من "حزب الله" يمثّل أمراً حاسماً لإثبات أنّ سياستها العامة في الشرق الأوسط، بما في ذلك سياسة الضغوط القصوى على إيران، فعّالة. وقال 3 دبلوماسيين: إنهم لا يتوقعون أن يغيّر الرئيس المنتخب جو بايدن السياسة بسرعة، نظراً إلى طبيعة موقف الولايات المتحدة القائم على دعم الحزبين الجمهوري والديمقراطي والأولويات الأخرى للإدارة الجديدة.
وفيما ذكرت رويترز بأنّ بايدن قال: إنه يخطط للتراجع عن سياسة الضغوط القصوى للرئيس دونالد ترمب على إيران، والتي وصفها "بالفشل الخطير"، الّا أنّ مصادر مطلعة على تفكيره قالت إنه لن ينأى بنفسه عن استخدام العقوبات.
ورداً على التأكيدات بأنّ الولايات المتحدة غير راضية عن الجهود الفرنسية، قال مسؤول رئاسي فرنسي إنّ الرئيس دونالد ترامب وبومبيو عبّرا بوضوح في عدة مناسبات عن دعمهما للمبادرة الفرنسية لتشكيل "حكومة جديرة بتلقي المساعدات الدولية."
وأضاف المسؤول انّ الولايات المتحدة شاركت في مؤتمرين للمانحين نظمتهما فرنسا، ما يؤكد دعمها.
وقال 3 مسؤولين فرنسيين إنّ باريس لم تكن راغبة في البداية في اضطلاع الحريري بهذا الدور(تشكيل الحكومة)، بعد أن فشل في السابق في تنفيذ إصلاحات. لكن في ظل عدم إحراز تقدم في تشكيل حكومة ذات مصداقية، لم يعارض ماكرون الترشيح.
وفي غضون ذلك، وجد ماكرون نفسه وحيداً وهو يوجّه اللوم إلى السياسيين اللبنانيين للتقاعس عن التزاماتهم". فقال: "حتى اليوم، لم يتم الوفاء بهذه الإلتزامات حتى الآن، لا يوجد ما يظهر أنها كانت أكثر من مجرد كلمات، وهذا ما يؤسفني".
واشار التقرير الى انه "كان من المقرر أن يعود ماكرون في زيارة ثالثة يوم 22 كانون الأول، لكنه أرجَأ الرحلة يوم الخميس بعد أن ثبتت إصابته بفيروس كورونا، وسيحلّ قائد الجيش فرانسوا لوكوانتر مكان الرئيس في زيارة القوات الفرنسية على الأرض، بينما قال مسؤول مشارك في تنظيم الزيارة إنّ ماكرون قد يتحدث هاتفياً مع الرئيس عون، لكن لا توجد خطط أخرى في الوقت الحالي".
خطوة مُستغربة!
وفيما عدّاد "كورونا"يواصل تسجيل ارقام صادمة بالاصابات، حيث سجل امس 2051 اصابة، فإنّ عَدّاداً من نوع آخر يواصل حقن البلد بإرباكات اضافية.
إذ أنه في الوقت الذي ما زال فيه المشهد الداخلي يشهد تخبطاً رهيباً حول التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، وما رافقه من اشتباك اتخذ منحى سياسياً وطائفياً ومذهبياً عنيفاً، جرى بالأمس فتح ملفٍ آخر، طُرحت علامات استفهام حول الغاية منه، وكذلك حول توقيته الذي يتزامَن من حركة الاتصالات التي تجري للتقريب بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، بُغية إخراج الملف الحكومي من حلبة التعقيد، والتي برز فيها دور أساس للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وتجلى هذا الملف في مبادرة النائبة العامة الإستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون التي قدّمت شكوى لدى قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور في حق مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان والعميد حسين صالح بتهمة الإخلال بالواجب الوظيفي. وبنيت الشكوى على ما وصفته منع المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي مفرزة الضاحية من معاونة القاضية عون في التحقيقات التي تجريها (مع الصرّافين) حول التلاعب بالدولار المدعوم.
وقال مواكبون لهذه المسألة: انّ هذه الخطوة، وبمعزل عن اسبابها، ليست جيدة لا للقضاء ولا لمؤسسة قوى الامن الداخلي. فالمعالجات تكون بطريقة هادئة، وليست بطريقة مُستغربة في الوقت الراهن المُلَبّد سياسياً وطائفياً، والذي لا يحتمل اي استعراضات ولا بطولات ولا عنتريات ولا حركات فولكلورية ولا أي محاولة تسجيل نقاط.
*********************************************************************
افتتاخية صحيفة نداء الوطن:
هجرة" السفراء تتواصل… "لبنان تغيّر وقادته بلا مسؤولية" باسيل يزايد مسيحياً على الراعي: "نعطّل" لأجلكم!
حتى ولو دخل البابا فرنسيس على الخط، جبران بطفشو!"… عبارة اختصرت فيها مصادر مواكبة مآل الوساطة الحكومية التي يقودها البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي "طالما أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون مستمر بتجيير توقيع الرئاسة الأولى على مراسيم التأليف لصهره". وإذ لم يكن مستغرباً أن يذهب عناء الطريق من بكركي إلى قصر بعبدا سدىً باعتبار أنّ "الكلام الفصل" هو ما سيحمله رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل إلى الصرح البطريركي، يبقى أكثر ما استغربته المصادر هو أن يبلغ باسيل في "مناورته" الحكومية حدّ "المزايدة مسيحياً على البطريرك الماروني ومحاولة حشره بشكل معيب في خانة تحصيل حقوق المسيحيين على قاعدة: نحن نعطّل تأليف الحكومة لأجلكم فإذا كانت بكركي تنازلت عن هذه الحقوق مستعدون للتنازل عن شروطنا".
باختصار، لا ترى المصادر المواكبة "بارقة حلّ أو أمل" في ظل إحكام باسيل سطوته على العهد ومصير البلد، لكنها أبقت على نافذة واحدة مفتوحة يمكن من خلالها أن ينفذ المولود الحكومي "إذا أراد حزب الله ذلك، عندها، وعندها فقط، ينخفض سقف الشروط في ميرنا الشالوحي وتصبح "حقوق المسيحيين" مؤمنة وتستعد دوائر بعبدا لتسطير مراسيم التأليف".
ومن هذا المنطلق، تتقاطع المعلومات عند التأكيد على أنّ أفق التشكيل لا يزال مفتوحاً على إمكانية إحداث خرق ما في جدار التأزم باعتبار أنّ "قيادة حزب الله تستشعر خطر إطالة أمد الفراغ الحكومي أكثر فأكثر على المستوى الاجتماعي، ولذلك تعمل عبر أكثر من قناة، مباشرة وغير مباشرة، في سبيل الضغط لحلحلة العقد تمهيداً لتأليف حكومة تستطيع أن تؤمن ضخ جرعة أوكسيجين خارجي في الخزينة، بما يحول دون اندلاع "ثورة جياع" لن يعود بالمقدور إخمادها إلا بالحديد والنار".
أما مصادر "التيار الوطني" فتشدد من جهتها على أنّ تأليف الحكومة يمكن ألا يستغرق أكثر من "ربع ساعة" في حال تجاوب رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري مع مطلب اعتماد "وحدة المعايير" في تشكيلته الوزارية، موضحةً أنّ هذا ما أكده رئيس "التيار" للبطريرك الماروني وتوافق معه على أحقية تكريس "الشراكة الدستورية بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف باعتبارها مفتاح تذليل كل العقد التي تعترض عملية التشكيل". ولفتت المصادر إلى أنّ باسيل نفى أمام الراعي وجود "أي مشكلة تتصل بالأسماء إنما المشكلة الأساس هي حول المبدأ واحترام الصلاحيات التي يمنحها الدستور لرئيس الجمهورية في الشراكة والاتفاق مع الرئيس المكلف على التشكيلة الوزارية المنوي تأليفها".
وفي خضم المسار الانحداري الذي تسلكه البلاد بينما أهل الحكم يواصلون تناتش دفة القيادة إلى "جهنم"، يتواصل مسلسل "هجرة" السفراء العرب والأجانب من لبنان باعتباره أصبح حالةً ميؤوساً منها تحت قيادة السلطة القائمة. وإذا كانت استقالة مسؤول لجنة العمل الديبلوماسي في "التيار الوطني" ميشال دي شادارفيان أمس وكلامه عن "مهمة مستحيلة" في تسويق "التناقضات والشطحات والحسابات الخاصة والشخصية" أمام أعضاء السلك الديبلوماسي العامل في لبنان، جاءت خير معبّر عن حقيقة النظرة الديبلوماسية لعبثية النهج المتبع في قيادة البلاد، أتى في سياق متقاطع "رثاء" السفير البريطاني كريس رامبلنغ للبنان ليعكس في طياته مدى الأسف والأسى الذي يشعر به الأصدقاء والأشقاء تجاه ما بلغه هذا البلد من يأس وبؤس وانهيار.
ففي رسالته الوداعية تحت عنوان "لبنان: وجدانيات ورحيل"، حقائق موجعة جسد فيها رامبلنغ كيف أنّ "لبنان تغيّر كثيراً" حيث بات "الحزن يملأ عيون اللبنانيين وكلماتهم أصبحت كلمات يأس، ونصف القوة العاملة تقريباً عاطل عن العمل وأكثر من نصفه يعيش الفقر، والأزمة الاقتصادية وانفجار 4 آب من صنع محلي، والأزمة السياسية العميقة ترافقها أزمة اجتماعية متفاقمة"… كل ذلك ولم يجد، كما سواه من السفراء والقادة الأجانب، "دليلاً على أنّ للبنان قيادة ترسم طريقاً للخروج" من الأزمة و"لم يلبس القادة عباءة المسؤولية" عندما قطعوا الوعود.
وخلص السفير البريطاني إلى التشديد على أن لا خلاص للبنانيين إلا بتغيير النهج السياسي القائم لأنّ "النجاح يتطلب من القادة أن يتحركوا خارج توزيع الكراسي"، وختم مصارحاً اللبنانيين: "فليكن واضحاً أنّ استمرار دعم لبنان بات أصعب (…) وقلة المصداقية هي مشكلة بلدكم الدولية الأكبر (…) تستحقون أفضل من هذا، تستحقون قادة شفافين يخضعون للمحاسبة"، وتوجه إلى القادة الحاكمين: "أنتم من يمسك بزمام السلطة (…) وستُحاكمون على ما فعلتم في أكثر الأزمنة إلحاحاً".
***********************************************************************
افتتاخية صحيفةالشرق:
الراعي في بعبدا: الثلث المعطّل غير موجود لا في الطائف ولا في الدستور يجب ألا تكون الحكومة سياسية بل مكوّنة من اختصاصيين غير حزبيين
شدد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، بعد لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي استقبله قبل ظهر امس في قصر بعبدا، على انه "لا يمكننا ألا نتطلع الى شعبنا الجائع والعاطل من العمل والفاقد الامل والثقة، لا سيما شعبنا الذي في بيروت وهو يعاني نتيجة انفجار الرابع من آب، ويقف متفرجا على جراحه، فهذا سبب اساسي لتكون لدينا حكومة"، معتبرا انه "من الضروري ان نصل الى التفاهم النهائي بين الرئيس المكلف وفخامة الرئيس وفقا للدستور". واكد انه لم يلمس "على الاطلاق من رئيس الجمهورية انه متمسك بالثلث المعطل، خصوصا ان هناك اتفاقا ورأيا عاما يقومان على وجوب الا تكون الحكومة سياسية ولا حزبية، بل مكونة من اختصاصيين غير مرتبطين بأي حزب".
تصريح الراعي: بعد اللقاء الذي استمر قرابة الساعة ونصف الساعة، ادلى البطريرك الراعي بالتصريح التالي: "يشرفني دائما قبل العيد، ان ازور فخامة رئيس الجمهورية لكي ادعوه رسميا الى قداس العيد، كما جرت العادة. لكن فخامة الرئيس يسبقنا دائما ويقرر حضور القداس، فتأتي زيارتي اليه شكلية تقريبا، لأنه مصمم ان يحضر القداس. وكان تمني ان نعيد وتكون لدينا حكومة. وهذا كان موضع حديثنا طوال وقت الزيارة، لأنه لا يمكننا ان نبقى على هذا الوضع، فهناك الكثير من الأمور التي تستدعي الا ننتظر أي يوم إضافي لاسباب ثلاثة:
أولا، ان شعبنا لم يعد قادرا على الاحتمال بعد. ولا يمكننا الا نتطلع الى شعبنا الجائع والعاطل عن العمل والفاقد الامل والثقة ، ولا سيما شعبنا الذي في بيروت وهو يعاني نتيجة انفجار الرابع من آب، ويقف متفرجا على جراحه. وهذا سبب اساسي لتكون لدينا حكومة. فوجودها يعني ان نعيد الحياة الطبيعية بمعنى انه باتت لدينا سلطة تنفيذية تتحمل مسؤولياتها، وهي من المؤسسات الدستورية التي يجب ان تكون موجودة. من هنا لا يمكننا ان نبقى على حكومة تصريف اعمال قد تستمر لشهر او شهرين، لكن لا يمكنها ان تبقى لمدة أربعة او خمسة او ستة اشهر. هذا امر غير طبيعي لأن البلد يقع في الشلل. وكأن وباء "كورونا" غير كاف لشل كل الأمور. لذلك لا يمكننا ان نبقى هكذا. ومهما كانت الأسباب والظروف، فإنه من الضروري ان نصل الى التفاهم النهائي بين الرئيس المكلف وفخامة الرئيس وفقا للدستور. وهذا سبب أساسي، لأن شعبنا لم يعد قادرا على التحمل.
اما السبب الثاني، فهو ان وجود حكومة هو باب لكل الإصلاحات، بدءا من إعادة اعمار بيروت. فنحن لا يمكننا ان نقف متفرجين عليها هكذا، ولا ان ندع المواطنين وحدهم يعيدون الإصلاح من لحمهم ودمهم. انا اشكر جميع الذين مدوا يد المساعدة من منظمات إنسانية او دول ساعدت. الا اننا امام ورشة كبرى تحتاج الى المليارات، وهذا يتطلب وجود حكومة.
إضافة الى كل ذلك، فنحن نعيش في بيئة مشرقية على كف عفريت. فهل هناك من حلول ولبنان غائب؟ لا يمكن ان يغيب لبنان، فهو يجب ان يكون جالسا على كرسيه، ولا يمكن لهذا الكرسي ان يبقى فارغا. واذا لم تكن هناك من حلول، فلا يمكن كذلك للبنان ان يبقى رابطا نفسه هنا وهنالك. واذا كانت هناك من حرب، فيجب علينا أيضا ان تكون لدينا حكومة تعرف كيف تفكر وتعمل. فباب كل المؤسسات هي الحكومة. لا يمكن للبنان ان يعيش هكذا فيما هو يخسر مؤسساته الواحدة تلو الأخرى، ويعاني من الشلل. والحق ليس على وباء كورونا وحده، فهذا الوباء عطل الاعمال واجبرنا على التزام منازلنا وعدم متابعة حياتنا الطبيعية، اما المؤسسات في الدولة فهي قائمة بذاتها ولا تحتمل أي تأجيل على الاطلاق. هذا كان محور حديثنا مع فخامة الرئيس، وهو همنا المشترك الذي حملناه اليه. وبالطبع فإن الرئيس هو الرئيس، وكيفما فكر الناس فإنهم ينادون رئيس الجمهورية، وهذا امر طبيعي، ولكن على المؤسسات أيضا ان تسير بشكل طبيعي، والقضاء والإدارات والوزارات عليها ان تسير بشكل طبيعي. هذا كله مرتبط ببعضه البعض".
حوار: وردا على سؤال عما اذا كان نقل رسالة من الرئيس المكلف سعد الحريري الى رئيس الجمهورية، قال: "لا لا. انا اتيت أولا بصفتي الشخصية كبطريرك متحملا مسؤوليتي، وحاملا الهم الذي يعبر عنه الشعب باستمرار. نحن لدينا يوميا استقبالات واناس تأتي الينا وتصلنا رسائل يومية من الناس. وقد حملت الى فخامة الرئيس صوت الناس ووجعهم ووجعنا معهم، فنحن من الناس. وليس من الطبيعي ان نبقى هكذا. انا طلبت من الرئيس الحريري أن استمع منه لماذا هناك تأخير في تشكيل الحكومة وقلت لفخامة الرئيس هذه الأمور واستمعت الى وجهة نظره".
وأوضح ردا على سؤال آخر أنه "ليس هناك من عرقلة لا من هنا ولا من هناك. الأمر يقتضي جلسة مشتركة، وهذا ما قلته الى فخامة الرئيس".
وعن اعتراض الرئيس عون على تفرد رئيس الحكومة المكلف بتسمية الوزراء، خصوصا المسيحيين منهم، أجاب: "نحن لا ندخل في هذا الموضوع كله. نحن ننطلق من المبدأ الأساسي في الدستور الذي ينص على ان الرئيس المكلف يحضر تشكيلته. اما كيف يحضرها، فهذا عمله. وعليه ان يأتي الى رئيس الجمهورية للتشاور معه كي تصدر الحكومة. وانا لا ادخل معهما في التفاصيل لجهة من معه حق ومن ليس معه حق. هذ الامر يتم حله بين بعضهما البعض وهذا ما يجب ان يحصل".
وعن رفض الرئيس المكلف إعطاء الثلث المعطل لأحد، أجاب: "انا لم المس في حديثي مع فخامة الرئيس انه متمسك بالثلث المعطل، خصوصا ان هناك اتفاقا ورأيا عاما يقومان على وجوب الا تكون الحكومة سياسية ولا حزبية، بل حكومة مكونة من اختصاصيين غير مرتبطين بأي حزب. فلو كانت الحكومة سياسية، عندها يمكن الكلام على ثلث معطل شمالا ويمينا، علما انه كمبدأ، فإن الثلث المعطل غير موجود لا في الطائف ولا في الدستور، وهو دخيل ولا لزوم له في نظري. اما ان تكون الحكومة من مستقلين وتقنيين ولا علاقة لها بالاحزاب، فأنا لم المس على الاطلاق في حديثي ان فخامة الرئيس متمسك بالثلث المعطل".
وعما اذا كان الرئيس المكلف وضعه في صورة الأسماء المطروحة من قبله، وما رأيه بها، قال: "انا لا اعرف الاسماء كافة، لأنه تم تبادل هذه الأسماء بين الرئيس المكلف وفخامة الرئيس، وهناك اكثر من اسم او اثنين. وانا شخصيا لا اعرف الأشخاص، وليس من دوري ان أقوم بعملية تقويم لهم. انا احترم حدودي أيضا. ان مسألة تقويمهم واسناد الحقائب اليهم لكي تكون هناك فعلا حكومة اختصاصيين، كل احد في مكانه فيها، فهذه أمور من اختصاص فخامة الرئيس والرئيس المكلف".
**********************************************************************
افتتاخية صحيفةالشرق الأوسط:
الراعي يخرق جمود الأزمة الحكومية بلقاء عون وباسيل قال إنه لم يلمس تمسكاً لدى رئيس الجمهورية بالثلث المعطّل
خرق البطريرك الماروني بشارة الراعي أمس، الجمود الحاصل في ملف تشكيل الحكومة اللبنانية بلقائه أمس، الرئيس ميشال عون، ورئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، غداة لقائه الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري، وسط تفعيل للاتصالات التي لم تتوقف، ودخلت عليها جهات لتفعيلها، كما قالت مصادر متابعة للملف الحكومي، لافتة إلى أنه "لا يوجد جمود إطلاقاً في الموضوع الحكومي".
واستكمل الراعي وساطته التي بدأها أول من أمس، بدعوة الحريري إلى بكركي لمناقشة العثرات التي تَحول دون تشكيل الحكومة، وذلك بزيارة له أمس إلى قصر بعبدا، حيث التقى صباحاً الرئيس عون، تلاها لقاء بعد الظهر مع باسيل في بكركي.
وأوضحت مصادر متابعة للملف الحكومي لـ"الشرق الأوسط" أن الراعي هو من دعا الحريري، كما دعا باسيل إلى بكركي أمس، مشيرة إلى أن الراعي عرض على الرئيس عون قيامه بالمبادرة، وجاءه الجواب بالقبول، لافتة إلى أن "سعاة الخير دخلوا على خط تقريب وجهات النظر" بينهم مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، والنائب جان عبيد.
وقالت مصادر مواكبة للقاء الرئيس عون والبطريرك الماروني، إن الراعي وضع عون في أجواء لقائه مع الحريري، فيما وضع عون البطريرك في أجواء الصيغ التي تم تداولها. وأكد الرئيس أن هدفه تشكيل حكومة منتجة وفاعلة يكون باستطاعتها مواجهة الأمور الراهنة داخلياً وإقليمياً. وتمنى البطريرك على عون أن يستأنف التواصل مع الحريري، و"أبدى عون استعداده لهذا الأمر"، مشيرة إلى أن البطريرك قال لعون: "إذا كان مطلوباً مني أي شيء فأنا حاضر"، والرئيس عون قال: "لا مشكلة مع الحريري ويمكننا التواصل في أي لحظة".
واستمع الراعي لشرح كامل من عون "ولا سيما عن وحدة المعايير، وكل النقاط الملتبسة عند الراعي تم توضيحها في هذا اللقاء". ولفت الراعي بعد لقائه عون إلى أن "المبدأ الأساسي في الدستور أن يحضر الرئيس المكلف تشكيلته ويأتي إلى رئيس الجمهورية للتشاور"، مضيفاً: "لا علاقة لي بالتفاصيل، هم من يناقشونها، ولم ألمس بحديثي مع الرئيس أنه متمسك بالثلث المعطل"، لافتاً إلى "أننا لا نريد ذلك، وهناك اتفاق ورأي عام على إنتاج حكومة من غير السياسيين".
وأوضح الراعي أنّه "لا يعرف كل الأسماء المطروحة في تشكيل الحكومة لأنّ هذا دور الحريري وعون"، معتبراً أنّه "مهما كانت الأسباب والظروف يجب إيجاد حل والتفاهم بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف وإنتاج حكومة تبدأ بالإصلاحات وعلى رأسها إعادة إعمار بيروت". وشدّد الراعي على "احترام السلطات القائمة وعدم المس بكرامة أي إنسان، فكيف إن كان رئيساً للجمهورية".
وبعد ساعات من لقائه عون استقبل الراعي رئيس "تكتل لبنان القوي" (يضمّ نواب التيار الوطني الحر) النائب جبران باسيل، الذي أشار إلى "توافق على أن تكون الحكومة قادرة على تحقيق الإصلاح وعلى المعايير الواحدة في التأليف".
وأكدت مصادر مقربة من "التيار الوطني الحر" لـ"الشرق الأوسط" أن الدعوة أتت من البطريرك الراعي، والنائب جبران باسيل لبّى الدعوة، لافتةً إلى أن "الاجتماع بدأ بلقاء استمر عشر دقائق في حضور الإعلام ثم انتقل الحضور إلى مائدة الغداء، حيث انضم إلى الراعي وباسيل مستشار باسيل، أنطوان قسطنطين، ومستشار الراعي، وليد غياض، وبعد الغداء حصلت خلوة جمعت الراعي بباسيل، وبالتالي يكون اللقاء استمر بين الرجلين لفترة ساعتين تم خلالهما عرض للملفات الراهنة ولا سيما ملف الحكومة". وأكدت المصادر أن تصريح باسيل أتى تلبيةً لرغبة الراعي من أجل إطلاع اللبنانيين والرأي العام على ما دار في الاجتماع.
وفيما يتعلق بموضوع عرض البطريرك أسماء على باسيل، كان قد أعلمه عنها الرئيس المكلف سعد الحريري، نفت المصادر هذا الأمر، مؤكدةً أنه "لم يتم عرض أسماء على النائب باسيل خلال اللقاء، إنما الأخير أطلع الراعي على مقاربة التيار الوطني الحر لموضوع تشكيل الحكومة، وجدد موقفه أنه لم يطلب شيئاً ولكن خلال اللقاء تم تأكيد أن رئيس الجمهورية شريك كامل وأساسي بعملية التأليف، وهو معنيٌّ بكل الأسماء في كل الطوائف وعملية التشكيل تتم بالاتفاق بين الرجلين".
وقالت المصادر إنه لم يتم الدخول في الأسماء وبالتالي رئيس الجمهورية لم يقدم أي اسم للحريري، لكنه طلب وضع معايير لتوزيع الوزراء. وتابعت المصادر أن البطريرك أصبح على اطلاع على تفاصيل مسار التشكيل واللقاءات التي عُقدت بين عون والحريري، وأصبح أيضاً على علم بمواقف التيار.
ورداً على سؤال عن ترجمة خطوات الراعي، قالت المصادر: "إذا كان للبطريرك مسعى ويستكمله، سيذهب باتجاه وضع حد لأي مواربة ومراوغة بعملية التشكيل، من خلال احترام دور رئيس الجمهورية"، ومن هنا قال باسيل: "إذا صفت النيات وكانت هناك إرادة تُشكّل الحكومة خلال وقت قصير".
وأوضح باسيل بعد لقائه الراعي أنّه لا شرط أو مطلب لديه "سوى التعامل بالتساوي والتأليف على أساس الدستور والتوافق الوطني"، مضيفاً: "عندما تصبح هناك نية باعتماد معايير واحدة فعندها تتشكّل الحكومة".
وأشار باسيل إلى أنّه عرض مع الراعي لموضوع المرفأ و"ضرورة وجود الشفافيّة"، إذ "من حقّ اللبنانيين أن يعرفوا لماذا جاءت المواد المتفجرة إلى لبنان، ومَن استعملها ومَن سرقها ومَن أهمل في السماح بإبقائها، وكيف انفجرت؟".
وأكد المسؤول الإعلامي في بكركي وليد غياض، لـ"الشرق الأوسط"، أن خطوة الراعي "أتت لكسر الجمود والجدار الحاصل في موضوع تشكيل الحكومة، وهو يعمل من موقع مسؤول في الدفع في اتجاه تشكيل حكومة عمل واختصاصيين في أسرع وقت ممكن، حسب الدستور".
وأشار غياض إلى أن الراعي التقى الحريري وعون وباسيل باعتبار أنهم المعنيون مباشرةً بالتشكيل، وهو بنى على المعطيات من لقاءاته معهم لتحريك الموضوع. وأكد غياض أن الراعي لم ولن يضع ملامة على أي طرف.
ووصف غياض لقاء الراعي وباسيل بالإيجابي والممتاز، وأكد الراعي أن العنوان الأساس للقاء مع باسيل هو التعاطي مع موضوع التشكيل وفقاً لمعايير موحدة مع الجميع والتعاطي وفقاً للدستور من دون اجتهادات، لافتاً إلى أن الراعي "يرى أن الحكومة يجب أن تكون حكومة عمل واختصاصيين لتنهض بالبلد، وليست حكومة سياسة"، وأكد أن الراعي "يمارس مبدأ فصل الدين عن الدولة، وبكركي تمارس الدور الوطني".
نسخ الرابط :