فرنسا | لندن | نيويورك |
ما لا يقل عن 10 عقارات، تم تجميدها جميعاً، اشتراها سلامة وشركاؤه المقربون في فرنسا بين عامي 1999 و2014. | تستهدف العقوبات أيضاً، مجموعة من 10 شقق إضافية في لندن مملوكة لرجا سلامة | تم تجميد ثلاث شقق في مانهاتن، احدى ارقى مناطق نيويورك، تم شراؤها بمبلغ إجمالي قدره 5.62 مليون دولار وتملكها شركتان مقرهما جيرسي |
الممتلكات المجمّدة
بعد تولّيه منصبه في عام 1993، بدأ سلامة الاستثمار بكثافة في العقارات في جميع أنحاء أوروبا. ويظهر تقرير تحقيق قضائي فرنسي، اطلعت عليه OCCRP وموقع “درج”، كيف اشترى سلامة وشركاؤه عقارات مختلفة أثناء محاولتهم إخفاء ملكيتها. ويتضمن التقرير ما لا يقل عن 10 عقارات، تم تجميدها جميعاً، اشتراها سلامة وشركاؤه المقربون في فرنسا بين عامي 1999 و2014.
تشمل هذه الشقق ثلاث شقق في جادة الشانزليزيه الشهيرة بقيمة إجمالية تبلغ 8.8 مليون يورو (9.6 مليون دولار)، وفيلا بقيمة 2.6 مليون يورو (2.8 مليون دولار) في أنتيب، والكثير من الشقق في حي نويي-سور-سين الراقي في باريس.
يكشف المحققون الفرنسيون كيف حول سلامة الكثير من هذه الممتلكات إلى أبنائه على شكل “تبرعات”، فضلاً عن أسهم في شركاته، في ما وصفوه بأنه محاولة “لغسل عائدات” جرائمه.
أظهر المحققون أيضاً كيف أن البنك المركزي اللبناني، على الرغم من عدم امتلاكه ترخيصاً للعمل في فرنسا، استأجر لمدة 10 سنوات مكاتب عدة في وسط باريس تملكها آنا كوساكوفا، عشيقة سلامة ووالدة أحد أطفاله.
ووجدوا أن كوساكوفا اشترت المكاتب باستخدام أموال تم تحويلها من شركة في بيليز يمتلكها سلامة، ثم أجّرتها الى مصرف لبنان.
لم ترد كوساكوفا على أسئلة أرسلتها إليها OCCRP، كما رفض رجا وندي سلامة التعليق على أسئلتها.
التدقيق الجنائي
بعد فرض العقوبات الثلاثية، تم تسريب تقرير تحقيق جنائي سري أعدته شركة التدقيق Alvarez & Marsal ومقرها نيويورك، وتمت مشاركته على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي. أُعد هذا التقرير بناءً على طلب من الحكومة عبر وزارة المالية إلى الشركة في آب 2021.
التقرير يصف أيضاً البنك المركزي الذي عمل فيه سلامة بصلاحيات واسعة وغالباً من دون رقابة. ويسلط الضوء على عدم وجود معارضة من قبل نواب حاكم البنك، وغياب التدقيق الداخلي، وغياب التدقيق من أصحاب المصلحة الخارجيين، وغياب الرقابة من مفوض الحكومة الذي “لم يمارس السلطات الموكلة إليه في وظيفته”.
“بناء على تقييمنا والمعلومات التي تم تزويدنا بها، نعتبر أن حاكم مصرف لبنان قد مارس سلطة غير خاضعة للتدقيق إلى حد كبير. وقد كان ذلك ممكناً بسبب ضعف إطار الحوكمة والرقابة داخلياً، وآلية الإشراف الخارجي غير الفعالة إلى حد كبير، والتي تعاني من نقص الموظفين”.
“كانت كل جلسة من جلسات مجلس الإدارة تبدأ بخطاب من الحاكم، الذي يشكل الخلفية لاتخاذ أي قرار… بعد ذلك، تتم الموافقة على القرار. لم نجد أي اعتراض أو آراء مختلفة في محاضر تلك الاجتماعات”، هذا ما كتبه المدققون.
يحدد التقرير 107.7 مليون دولار في شكل عمولات “غير قانونية” تم دفعها بين عامي 2015 و 2020 من حساب البنك المركزي لمنتفعين مجهولي الهوية.
لم تتمكن شركة Alvarez & Marsal في تحقيق جنائي سري من تحديد المستفيدين من هذه المدفوعات لأن مصرف لبنان قام بحذف السجلات، مستشهداً بقوانين السرية المصرفية في لبنان. لكن التقرير الذي يقع في أكثر من 300 صفحة جاء فيه: “هذا يبدو وكأنه استمرار في مخطط يزعم أنه بدأ في العام 2002 عندما وافق سلامة على عقد يسمح لشركة Forry Associates المحدودة ومقرها جزر العذراء البريطانية يملكها شقيقه رجا، أن تحصل على عمولات لقاء شراء أدوات مالية من مصرف لبنان لصالح بنوك لبنانية.
وفي الأسبوع الماضي، قالت وزارة الخزانة الأميركية إن شركة Forry Associates لم تقدم أي فائدة واضحة لهذه المعاملات”، التي شهدت تحويل مئات الملايين من الدولارات إلى حسابات يحتفظ بها سلامة ورجا وشركات وهمية أخرى.
وقال البيان إن ماريان الحويك، المساعدة الشخصية لسلامة في البنك المركزي، انضمت الى “سلامة ورجا في هذا المخطط من خلال تحويل ملايين الدولارات (قيم تفوق راتبها الرسمي في البنك المركزي) من حسابها البنكي الى حساباتهما”، فيما لم ترد حويك على طلب occrp للحصول على توضيح.
يلفت تحقيق Alvarez & Marsal الى أن 107.7 مليون دولار تم دفعها على شكل عمولات بين 2015-2020، وهي السنوات التي غطاها التدقيق المحاسبي الجنائي من حساب البنك المركزي نفسه الذي كان يدفع لشركة Forry Associates. لكن التقرير لم يتمكن من تحديد هوية المستفيدين بسبب قانون السرية المصرفية التي استغلها المصرف المركزي عند شطب معلومات من سجلات قام بتزويدها لشركة التدقيق.
خلال الفترة التي يغطيها تقرير التدقيق الجنائي، تم إيداع 95.9 مليون دولار في حسابات سلامة الشخصية في البنك المركزي في شكل إيداعات شيكات لم تتمكن Alvarez & Marsal من إثبات مصدرها. خلال الفترة نفسها، نقل سلامة ما لا يقل عن 75 مليون دولار إلى حسابات بنكية في سويسرا وألمانيا ولوكسمبورغ والمملكة المتحدة ولبنان والولايات المتحدة وفرنسا ونطاقات أخرى غير معروفة، حسبما وجد مدققو الحسابات.
وحط تقرير ألفاريز ومارسال رحاله على طاولة حكومة تصريف الأعمال في بلد لم يفلح في انتخاب رئيس جمهورية جديد منذ نحو عام. وقال وزير الإعلام زياد مكاري لـ occrp إن جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت يوم الأربعاء الماضي “اطلعت على التقرير لكنها لم تدخل في التفاصيل لأنه لم يكن موجوداً على جدول الأعمال في جلسة أقرت مشروع قانون الموازنة للعام 2023”. وأضاف، “كان في انزعاج” في المجلس من موضوع نتائج التدقيق، وأن رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال طلب تشكيل لجنة من كبار الحقوقيين لإعادة النظر في قانون النقد والتسليف.
من جهته، قرر نائب رئيس الوزراء سعادة الشامي كسر حاجز الصمت، وطالب في بيان وزعه على أعضاء الحكومة والإعلام وصف فيه نتائج التقرير بـ “الاكتشافات الصادمة”، وطالب بإبلاغ القضاء بجميع المعلومات الواردة في التقرير وإضافتها إلى الملفات قيد التحقيق.
كذلك، طالب الشامي بالتعاقد مع شركة ألفاريز ومارسال لمواصلة التدقيق الجنائي من خلال إتاحة جميع البيانات المطلوبة وتمديد فترة التغطية الى الفترة المتبقية مع عمل المحافظ 2021 – 2023.
وقال: “تقرير ألفاريز ومارسال يؤكد أنه لم يسمح لهم بالوصول غير المقيد إلى المعلومات المطلوبة ولا إجراء المقابلات مع الكثير من مسؤولي مصرف لبنان الذين يمتلكون معلومات قد تفيد عملية التدقيق. إذ لم يسمح لهم بالحصول إلا على إجابات خطية من 14 من أصل 47 موظفاً توخوا مقابلتهم، لذلك لا يمكن اعتبار التدقيق منجزاً”.
وعن الأسباب التي دفعته الى إصدار البيان، لفت الشامي لـ occrp الى أنه شعر بأن هذا “واجب عليه ليعطي رأيه كتابة”.
من جهته، وصف سلامة في مقابلة مع صحيفة “الفاينانشال تايمز” اللندنية يوم 11 آب، نتائج التدقيق بـ” وجهات نظر ذاتية”، وأضاف أنه لم يكن هناك أي “سوء سلوك” خلال فترة حاكميته. وقال إن كل القرارات والتصرفات الخاصة بالمصرف، بما فيها العمولات المثارة، حكمتها “قرارات المجلس المركزي”، وهو الهيئة الحاكمية الرئيسية للبنك، وكانت “قانونية”.