افتتاحية صحيفة البناء:
كرة الترشيد والدعم تواصل الدوران… والمودعون يلاحقون الحاكم ويتجمّعون اليوم مساعٍ فرنسيّة تمهيديّة لزيارة ماكرون نهاية الشهر أملاً بتحريكه المسار الحكوميّ/ حزب الله يبثّ صوراً لقيادة الاحتلال في الجليل... ويدّعي على سعيد والقوات
مع وجود حكومة تصريف أعمال يجري البحث في آليات التعامل مع توسيع مفهوم تصريف الأعمال لما يستدعي اتخاذ قرارات، مثل ترشيد دعم السلع الاستهلاكيّة، وتوفير الخدمات الأساسيّة كالكهرباء والسلع الحيوية كالمحروقات، ومواجهة مخاطر ارتفاع سعر صرف الدولار إذا توجّه تمويل الاستيراد نحو سوق الصرف، مع توقف مصرف لبنان عن القيام بذلك بمعزل عن سعر بيعه للدولار للمستوردين، وفيما يبدو المَخرج الوحيد بتأمين ضخ ما يكفي من الدولارات في السوق، بما يعادل خمسمئة مليون دولار شهرياً، كما يقول الخبراء، طالما ان تحويلات الاغتراب تؤمن قيمة مماثلة فيما تشكل فاتورة الاستيراد التي تأثرت بالأزمة وصار حجمها يقارب المليار دولار شهرياً، ينتظر أن يؤمن مؤتمر باريس دفعة تكفي لحاجات شهر كانون الثاني، فيما يتركّز الجهد الفرنسي على النجاح بتشكيل الحكومة في نهاية العام.
التحرك الفرنسي على الخط الحكومي لا يزال بارداً، انطلاقاً مما أعادته مصادر مواكبة للمسار الحكومي الى سببين، الأول انتظار انعقاد المجمع الانتخابي الأميركي منتصف الشهر الحالي ونطقه بفوز الرئيس المنتخب جو بايدن بالرئاسة الأميركية وترجمة الرئيس دونالد ترامب وعده بتسليم الرئاسة في هذه الحالة، ما يمنح الرئيس الفرنسي فرصة التخاطب مع بايدن كرئيس مقبل والحصول منه على دعم للمسعى الفرنسي في لبنان ينسجم مع موقف بايدن بالعودة للتفاهم النووي، أي اعتماد الدبلوماسية بدلاً من سياسة الضغوط والتصعيد التي اعتمدتها ادارة ترامب، وفيما الاهتمام الاميركي بفرنسا يتركز على ملفات عدة تصل بالعلاقة مع أوروبا والملف النووي الايراني والعلاقة بروسيا ومستقبل الناتو واتفاقية المناخ المعروفة باتفاقية باريس، تبدو فرنسا معنية بطلب واحد هو تسهيل مهمة رئيسها في لبنان، أما السبب الثاني برأي المصادر فهو عدم الوقوع بالتسرّع الذي انتهى بالفشل في المرة السابقة، خصوصاً أن مهمة هذه المساعي هي تحضير الأجواء للزيارة التي سيقوم بها الرئيس ماكرون إلى لبنان نهاية الشهر، لأنه سيتولى شخصياً تذليل العقبات من طريق ولادة الحكومة مستعيناً بدعم أميركي واضح يزيل العقبات من طريق الرئيس المكلف سعد الحريري للتعاون مع حزب الله ورئيس التيار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل.
في المشهد السياسي كان حزب الله في الواجهة مع تصدّره لحدثين، الأول بثّه صوراً جوية قامت بها إحدى الطائرات المسيّرة للمقاومة فوق الجليل وتمكّنت خلال تحليقها من تصوير قيادة جيش الاحتلال في الجليل بعدما نجحت باختراق منظومة الردارات والعودة من مهمتها سليمة. والحدث الثاني قيام محامين مكلفين من الحزب بالتقدّم بدعوى قانونية ضد موقع القوات اللبنانيّة والنائب السابق فارس سعيد بتهم تعريض السلم الأهلي للخطر والتحريض على الفتنة، بينما قال النائب إبراهيم الموسوي الذي رافق المحامين، أن بهاء الحريري سيكون في دعوى لاحقة قريباً.
ملف ترشيد الدعم يحضر اليوم في السراي الحكومي ضمن البحث الوزاري عن وصفة سحريّة يستطيع تقديمها في جلسة اللجان المشتركة المقبلة، بينما صدرت قرارات قضائية بإلزام عدد من المصارف بتنفيذ طلبات المودعين بسحب احتياجاتهم، وإلزام عدد من المصارف بتحويلات لصالح الطلاب، فيما تعرّض حاكم مصرف لبنان للملاحقة من المودعين وهتافاتهم، ويُنتظر أن يحتشد المودعون اليوم في ساحة الشهداء لوضع خطة تحرك تصعيديّة.
فيما تتجه الأنظار الى المشروع الذي تُعدّه الحكومة في ملف الدعم، علمت "البناء" أن اجتماعاً سيجري في السراي الحكومي بين عدد من الوزراء المختصين على أن ينضم اليه المجلس المركزي في مصرف لبنان وحاكم المصرف رياض سلامة لاتخاذ القرار المناسب. كما علمت أن الخلاف مستمر في مقاربة هذا الملف بين الحكومة ومصرف لبنان والمجلس النيابي على الاختيار بين الخيارات المطروحة في ضوء اعتبار الحكومة أنها مستقيلة ولا تتحمل مسؤولية موضوع من مهمة ومسؤولية مصرف لبنان. فيما تساءلت مصادر مطلعة عبر "البناء" عن جدوى جلسة اللجان المشتركة التي عقدت في المجلس النيابي والهدف من ذلك علماً أن اللجان لم تتوصل الى رؤية مشتركة لرفع الدعم في ضوء الخلاف المستحكم والحاد بين الكتل النيابية ما يطرح السؤال: هل رمي الكرة إلى المجلس النيابي مقدّمة لدفعه لطرح مسألة استخدام احتياط الذهب في مجلس النواب كآخر الخيارات المطروحة؟
وأكد وزير المال غازي وزني لـ"البناء" أن الحكومة تعدّ مشروع دراسة لموضوع الدعم على أن ينتهي الاثنين المقبل وشدّد وزني على أن التوجه لم يتضح حتى الآن بانتظار نهاية الدراسة. ولفت الى ان كل الخيارات سيئة وعلينا الاختيار بين السيئ والأسوأ. ولفت الى ان اي توجه او قرار ستكون له ارتدادات سلبية على الوضعين الاجتماعي والمعيشي والاقتصادي.
وتخوّف خبراء اقتصاديون من أن رفع الدعم وتخلي مصرف لبنان عن مسؤوليته في تزويد المستوردين بالدولار سيؤدي الى رفع سعر صرف الدولار بمعدلات قياسية.
وليل أمس اقتحمت مجموعة من المحجتين احد مداخل معهد الـ"ESA Business School" في كليمنصو، حيث يتواجد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والوزير السابق محمد شقير والسفيرة الفرنسية لدى لبنان. وردّد المحتجون كلمة "حرامي" وحاصروا كل مداخل المبنى، بانتظار خروج سلامة.
ووقع إشكال بين المحتجين وعناصر حماية المعهد. واستقدمت القوى الأمنية تعزيزات إلى المكان واستمرت عملية الاحتجاز الى ساعات متأخرة من ليل أمس. وحمّل المحتجون سلامة مسؤولية الأزمة وتردي الأوضاع المالية.
وفي سياق ذلك أوضح المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش أن "المؤتمر الدولي لدعم الشعب اللبناني، ذكّر مرة أخرى قادة لبنان بضرورة التنفيذ الفعّال للإصلاحات التي تعتبر بالغة الأهمية لاستعادة ثقة المجتمع اللبناني والمجتمع الدولي، لمشاركة الأخير في دعم لبنان"، مضيفاً عبر "تويتر": بعد أربعة أشهر، عبّر المشاركون في المؤتمر عن قلقهم بشأن التأخير في التحقيق في انفجار ميناء بيروت. لا إجراءات - لا دعم"… الجمودُ السياسي - الحكومي على حاله ولا اتصالات على خط التشكيل.
وحضرت مستجدات ملف التدقيق الحسابي والمالي في السراي الحكومي بين رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، والوزير غازي وزني، ومدير شركة "Oliver Wyman" المولجة بالتدقيق الحسابي والمالي أوليفر وينش، مدير شركة "KPMG" مارتن هيوسكيتس، مفوّض الحكومة لدى مصرف لبنان كريستال واكيم، ونقيبة المحامين السابقة أمل حداد.
على صعيد آخر لا مستجدات حكوميّة. وتوقّعت مصادر متابعة للشأن الحكومي للبناء استمرار الجمود الحكومي الى العام المقبل كحد أدنى. وكشفت مصادر بعبدا أن لا موعد محدّداً للرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري لزيارة بعبدا.
كذلك، أكّدت مصادر مطلعة عن وجود اتصالات خارجية، خصوصاً فرنسيّة بمسؤولين لبنانيين للحثّ على تشكيل الحكومة.
ووجّه وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لو دريان رسالة الى الاغتراب اللبناني أكد فيها على دعم فرنسا الكامل للبنان في هذه المرحلة الصعبة والتي يقف فيها لبنان على مشارف الانهيار، على حد تعبيره.
ودعا المغتربين اللبنانيين الى الاستمرار بالقيام بدورهم الحيويّ وحثّهم على دعم وطنهم من خلال إرسال المساعدات للشعب اللبناني عبر منصتين مخصصتين لدعم لبنان من قبل الأمم المتحدة والمؤسسة الفرنسيّة للدعم بالشراكة مع وكالة التنمية الفرنسيّة.
وقد أكد أيضاً بأن فرنسا لم تتأخر يوماً بالوقوف الى جانب لبنان وبالأخص بعد انفجار الرابع من آب من خلال مواقفها وتقديمها مساعدات فورية في مختلف الأصعدة ومع المتابعة السياسية المستمرة.
تأتي هذه الرسالة من وزير الخارجية الفرنسي رداً على الخطاب المشترك الذي أرسل الى الخارجية الفرنسية من قبل مجلس رجال الأعمال اللبنانيين في فرنسا (HALFA) ومجلس التنفيذيين اللبنانيين (LEC) والمجلس الاغترابي اللبناني في بلجيكا.
وفي معرض رسالته أكد لودريان على حتمية التزام الطبقة السياسية بإجراء الإصلاحات اللازمة ومحاربة الفساد. وختم وزير الخارجية الفرنسي بتأكيد وقوف فرنسا الدائم الى جانب الشعب اللبناني.
وكانت لافتة زحمة المواقف الدوليّة تجاه لبنان. وأنهى وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط جايمس كليفرلي، زيارته للبنان، داعياً المسؤولين اللبنانيين الى التحرك الآن لإنقاذ لبنان من كارثة اقتصادية شاملة. وأعلنت السفارة البريطانية في بيان "في زيارته الأولى الى لبنان، حثّ وزير شؤون الشرق الأوسط سياسيي لبنان على تنفيذ إصلاحات عاجلة لمنع البلاد من الانزلاق أكثر في الأزمة الاقتصادية. وشدد كليفرلي على الحاجة إلى الإسراع في تشكيل حكومة جديدة وضرورة إجراء إصلاحات قد طال انتظارها.
وفي ختام زيارته قال الوزير كليفرلي "لقد شعرت بالتواضع أمام قوة اللبنانيين الذين التقيت بهم خلال زيارتي وشجاعتهم، بالرغم من الأوقات الصعبة جداً، التي يواجهون. ستستمر المملكة المتحدة والمجتمع الدولي في دعم الشعب اللبناني، بما في ذلك أولئك الأكثر ضعفاً. لكن هذا وحده لا يكفي، وعلى القادة اللبنانيين التحرّك الآن لإنقاذ لبنان من كارثة اقتصادية شاملة. إن شعب لبنان يستحق مستقبلاً أفضل. المساءلة والشفافيّة وتحمّل المسؤولية أمور أساسية لنهوض لبنان من جديد".
من جهته أعلن سفير الاتحاد الأوروبي رالف طراف في مؤتمر إعادة إعمار لبنان أن "لا يمكن أن يتوقع لبنان المساعدة من دون تحقيق الإصلاحات التي باتت معروفة". أما المنسّقة المقيمة للأمم المتحدة في لبنان نجاة رشدي، فقالت "نكرّر الدعوة لتشكيل حكومة جديدة تتحمّل المسؤولية أمام شعبها وقد أبلغنا هذا الأمر للمعنيين".
من جانبه، أشار مدير البنك الدولي كومارجاه الى أن "على المسؤولين أخذ الخطوات المناسبة وعلى المؤسسات أن تقوم بدورها"، وأضاف "قرّرنا أن ننشئ آلية تمويل تسمح للجهات الدولية المانحة أن تضع تمويلها ضمن معايير الحماية والشفافية لذا ستكون هناك هيئة إشراف تراقب المال الذي سيتم وضعه لإعادة الإعمار"، مستطرداً "لا نستطيع إنجاز كل هذا من دون حكومة شفافة ومسؤولة".
وأعلنت بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان في مؤتمر عبر تطبيق ZOOM إطلاق إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار للبنان الذي أعدّه الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ومجموعة البنك الدولي استجابة لانفجار مرفأ بيروت. وأشارت الى أن استناداً إلى التقييم السريع للأضرار والاحتياجات في بيروت وضعت الجهات الثلاث "إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار" الذي يعطي الأولوية لاحتياجات الناس، وخصوصاً الفقراء والأكثر ضعفا، والمزمع تنفيذه خلال 18 شهراً.
في غضون ذلك سُجّل موقف سعودي لافت. فقد أكد نائب وزير الخارجية السعودي، وليد الخريجي الذي شارك نيابة عن وزير الخارجية، في مؤتمر باريس لدعم لبنان وشعبه، أن المملكة العربية السعودية ترفض ممارسات حزب الله في لبنان. وقال الخريجي في تغريدة على "تويتر"، إنه أكد موقف المملكة الثابت في "الوقوف إلى جانب الشعب اللبناني، ورفضها التام لممارسات حزب الله المدعومة من إيران، المعطّلة للحياة السياسيّة".
***************************************************************
افتتاحية صحيفة اللواء:
الحريري لن يتراجع.. والفريق الرئاسي مطالب بالتخلي عن الأساليب الملتوية! المانحون: كلفة إعمار المرفأ 2.5 مليار دولار.. وتحقيقات بالجملة مع عسكريين بتهم الإختلاس
"عدَّاد" الزمن يمضي، مسجلاً ان عملية تأليف حكومة جديدة، بعد قرابة الـ40 يوماً على تكليف سعد الحريري، باتت، وكأنها اكثر من معطلة أو جامدة، في ظل كلام عن تمديد اضافي لفترة البعض يربطها بنهاية العام، او لحين الزيارة الثالثة للرئيس ايمانويل ماكرون، ما لم تحدث مفاجآت، ليست في الحسبان، سواء ما خص كسر الجمود، او تعديل يطرأ على زيارة ماكرون او مبادرته. في ظل معلومات عن ضغط فرنسي واوربي استثنائي، وغير منظور للخروج من الحلقة المغلقة.
ووصفت مصادر سياسية اساليب الابتزاز الملتوية التي يمارسها الفريق الرئاسي ضد الرئيس المكلف سعدالحريري لتغيير مواقفه من ادارة عملية تشكيل الحكومة الجديدة والانصياع للشروط والمطالب التعجيزية لهذاالفريق، بما فيها حصوله على الثلث المعطل، بانها عديمة الجدوى، ولن تجدي نفعا في تراجع الحريري عن التشبث بمتطلبات حكومة المهمة الانقاذية المرتكزة على المبادرة الفرنسية، بل على العكس تماما، زادته اصرارا على الإلتزام بهذه المهمة التي قبل تولي مسؤولية تاليف الحكومة الجديدة على اساسها. ولذلك، فلا الترويج عن فحوى مناقشات" بطولية" لرئيس الجمهورية مع الرئيس المكلف وتحديد مواصفات الرفض او القبول لطروحاته خلال اللقاءات العديدة للتشاور حول تشكيل الحكومة العتيدة حققت مبتغاها،ولا الاعلان المسبق عن توجه عون لرفض التوقيع على التشكيلة الحكومية اذا لم تلب مطالب رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بدلت مواقف الرئيس المكلف ، او محاولة الايحاء بأن الاخير مسؤول عن تأخير ولادة الحكومة لانه لم يقدم تشكيلته لرئيس الجمهورية حتى الان، أعطت مفاعليها بتغيير الية عملية التشكيل، وحتى الايحاء زورا بان الضغوطات الاميركية تقف حائلا دون تراجع الحريري عن موقفه الاساس ، فعلت فعلها واخيرا التلويح باعادة تعويم الحكومة المستقيلة بشتى اساليب مخالفة الدستور ،كما حصل خلال الاجتماع الاخير للمجلس الأعلى للدفاع اعطت نتائجها المرتقبة، بل كل هذه المحاولات ذهبت هباء ومفاعيلها ارتدت سلبا على الفريق الرئاسي وابقت عملية تشكيل الحكومة تدور في حلقة مفرغة وانعكاسات الفراغ الحكومي تنهش بقوة ما تبقى من ولاية الرئيس، فيما ضغوطات المشاكل الاقتصادية والمعيشية تتفلت بلا ضوابط ومسلسل الأزمات يتزايد يوما بعد يوم، بينما يبدو العجز واضحا لدى الحكم والحكومة معا في عدم القدرة على استنباط الحلول لبعض هذه الازمات او حتى التخفيف من تداعياتها السلبية على المواطنين. وتعتبر المصادر أن امعان الفريق الرئاسي بكل مكوناته في سلوك هذا المنحى الاستفزازي ضد الرئيس المكلف ، لن يسهل عملية تشكيل الحكومة الجديدة ولن يؤدي الى تغيير مواصفات حكومة المهمة الى حكومة محاصصة ومستنسخة عن الحكومات السابقة التي فشلت في القيام بالمهمات المنوطة بها، و لانها مرفوضة داخليا من الشعب اللبناني ولن تلقى تجاوبا من الدول والمنظمات التي تنوي مساعدة لبنان لحل الازمة المالية والاقتصادية التي يواجهها حاليا . ولذلك، وبكل بساطة تسريع ولادة الحكومة يتطلب تبديل اساليب الابتزاز الملتوية والتعاطي مع عملية التشكيل انطلاقا من أسس ومضمون المبادرة الفرنسية، وليس من خلال الالتفاف عليها وتفريغها من مضمونها كما يحاول الفريق المذكور القيام به .
وأحصت مصادر معنية ان اي اتصال لم يحصل، خلال الاسبوعين الماضيين، في ما خص السعي لاستئناف مساعي التأليف، بعد اللقاء الاخير، الذي عقد بعيدا عن الاضواء بين الرئيس عون والرئيس المكلف.
وقالت مصادر مطلعة لـ"اللواء" أن الرئيس عون ينتظر أن تقدم إليه تشكيلة حكومية كاملة حتى يبدي رأيه فيها وفقاً للدستور، لافتة إلى أن كل الكلام الذي يشاع عن رفض مسبق للرئيس عون لأي تشكيلة حكومية ترفع إليه غير صحيح إذ أنه يبدي الرأي بأعتباره الشريك الأساسي في التأليف.
وأفادت أن الرئيس عون يرغب بتأليف الحكومة سريعا واعتماد معايير واضحة تطبق على الجميع.
وبرّرت المصادر رئيس الجمهورية خلال اجتماع المجلس الأعلى للدفاع، وقالت: لم يتحدث عن بعض التوسع في عمل حكومة تصريف الأعمال إلا انطلاقا من حضها القيام بما يجب من مهام بأمكانها فعلها وفق ما ينص عليه الدستور لا سيما أن هناك أمورا لا يمكنها الأنتظار إلى حين تشكل حكومة جديدة وهذا لا يعني تعويما للحكومة المستقيلة لأن ما من شيء اسمه تعويم.
وعليه، لا يزال إنتظار زيارة الحريري الى القصر الجمهوري لتقديم تشكيلته الحكومية سيد الموقف. لكن مصادر مطلعة على موقف الحريري استغربت ما يُقال عن انه يريد فرض الاسماء المسيحية على الرئيس عون، وقالت لـ"اللواء": ان الحريري يحترم الدستور وهو مدرك ان الدستور يقضي بالتفاهم بينه وبين رئيس الجمهورية فقط على تسمية الوزراء. لكن المصادر قالت: ان هناك قطبة مخفية في مكان ما أخّرت تقديم الحريري للتشكيلة الحكومية بداية هذا الاسبوع، ولا نعلم ما هي لأن الحريري متكتم حتى على اقرب المقربين.
الوضع المالي والدعم
في حين لم يخرج المجلس المركزي لمصرف لبنان بأي قرار في اجتماعه امس الاول حول موضوع دعم المواد الغذائية، "لأن الموضوع من واجب الحكومة وعليها ان تضع برنامجاً آخر عملياً للدعم"، كما قالت مصادر المجلس لـ"اللواء"، يُعقد في السرايا الحكومية يوم الاثنين اجتماع بين الرئيس حسان دياب والوزراء المختصين والمجلس المركزي للبحث في كيفية تغطية الدعم والخطة البديلة التي ستعتمد.
ومستجدات ملف التدقيق الحسابي والمالي، حضرت في السراي الحكومي?بين دياب، ووزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني،? مدير شركة "Oliver Wyman" المولجة بالتدقيق الحسابي والمالي أوليفر وينش، مدير شركة "KPMG" مارتن هيوسكيتس، مفوّض الحكومة لدى مصرف لبنان كريستال واكيم، ونقيبة المحامين السابقة أمل حداد.
دعم دولي للمتضررين
وفي ظل غياب السلطات الرسمية عن متابعة احتياجات المواطنين المتضررين من إنفجار المرفأ، أعلنت بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان ببيان، أنه "بعد مرور أربعة أشهر على الانفجار المأساوي الذي هز مرفأ بيروت، أطلق الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ومجموعة البنك الدولي أمس، خلال مؤتمر صحافي افتراضي، خطة استجابة ترتكز على مبدأ "الإنسان أولا" لمساعدة لبنان على تلبية الحاجات الطارئة للمتضررين ومواجهة التحديات المرتبطة بالحوكمة والتعافي وإعادة الإعمار".
وأشار البيان الى أن "إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار (RF3) يلبي الحاجات الطارئة للسكان المتضررين من الإنفجار الذي أودى بحياة أكثر من 200 شخص، وأدى إلى جرح ما يزيد عن 6,500 آخرين وتدمير آلاف المنازل والممتلكات في العاصمة. وتربط الاستجابة الشاملة لمواجهة تداعيات الانفجار المساعدة الإنسانية الفورية بجهود التعافي وإعادة الإعمار في المدى المتوسط بهدف وضع لبنان على مسار التنمية المستدامة. كما ترتكز على المبادىء الشاملة للشفافية والمساءلة والشمولية".
ولفت إلى أن "الإطار يهدف إلى تحقيق ثلاثة أهداف مركزية:
1- تعاف محوره الناس يلبي احتياجاتهم الأساسية، ويعيد سبل عيشهم، ويحسن العدالة الاجتماعية للجميع ويضمن نهجا يقوم على المشاركة في صنع القرار.
2- إعادة إعمار الأصول والخدمات والبنية التحتية الحيوية التي توفر للجميع إمكانية الحصول على الخدمات الأساسية على نحو متساو وتمكين التعافي الاقتصادي المستدام.
3- تنفيذ الإصلاحات كشرط أساسي لاستعادة الثقة ودعم إعادة الإعمار وتحسين الحوكمة".
في الوقت ذاته، أوضح المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش أن "المؤتمر الدولي لدعم الشعب اللبناني، ذكّر مرة أخرى قادة لبنان بضرورة التنفيذ الفعال للإصلاحات التي تعتبر بالغة الأهمية لاستعادة ثقة المجتمع اللبناني والمجتمع الدولي، لمشاركة الأخير في دعم لبنان". مضيفا عبر "تويتر": بعد أربعة أشهر، عبر المشاركون في المؤتمر عن قلقهم بشأن التأخير في التحقيق في انفجار ميناء بيروت. لا إجراءات- لا دعم"… الجمودُ السياسي- الحكومي على حاله ولا اتصالات على خط التشكيل.
واعلن سفير الاتحاد الاوروبي رالف طراف في مؤتمر اعادة اعمار لبنان ان "لا يمكن ان يتوقع لبنان المساعدة من دون تحقيق الإصلاحات التي باتت معروفة". اما المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في لبنان نجاة رشدي، فقالت "نكرر الدعوة لتشكيل حكومة جديدة تتحمل المسؤولية امام شعبها وقد ابلغنا هذا الأمر للمعنيين". من جانبه، اشار مدير البنك الدولي كومارجاه الى ان "على المسؤولين اخذ الخطوات المناسبة وعلى المؤسسات ان تقوم بدورها".
الجهات المانحة: لبنان بحاجة الى 2،5 مليار دولار
وفي اطار، اعلنت مجموعة البنك الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، خلال اطلاقهم إطار عمل للاصلاح والتعافي وإعادة الاعمار لمدة 18 شهراً، ان "لبنان يحتاج الى أكثر من 2,5 مليار دولار لتجاوز تداعيات انفجار مرفأ بيروت المروّع".
وقدّرت الجهات المانحة الثلاث، "قيمة الاحتياجات ذات الأولوية لمسار التعافي الذي يركز على المواطن في هذا الإطار تقدر بـ584 مليون دولار أميركي، منها 426 مليون دولار للسنة الأولى"، مبينة ان "تكلفة مسار الإصلاح وإعادة الإعمار في هذا الإطار تُقدّر بملياري دولار".
وفي السياق الدبلوماسي، توقفت المصادر اللبنانية عند خطوة اقدم عليها وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان، تمثلت برسالة الى المغتربين اللبنانيين حثهم فيها على الاستمرار بدعم فرنسا للبنان، الذي يقف على شفير الانهيار (بتعبيره)، مشددا على ان لا مناص من التزام الطبقة السياسية الاصلاحات ومحاربة الفساد.
تحقيقات بالجملة مع عسكريين
وعلى صعيد التحقيقات والاحكم مع عسكريين من اسلاك متعددة، وبعد يومين على الادعاء على قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي وفريق عمله من كبار الضباط، اصدرت المحكمة العسكرية امس أحكاما تراوحت عقوبتها ما بين الغرامة المالية والأشغال الشاقة مدة 15 سنة، في حق ضباط كبار ورتباء وعسكريين في قوى الأمن الداخلي بالإضافة إلى مدنيين، بجرم اختلاس أموال أوكل إليهم أمر ادارتها وتزوير مستندات رسمية.
وقالت مصادر عسكرية ردا على سؤال عن توقيت الادعاء والاحكام على الضباط، ان المؤسسة تلتزم بالقضاء واحكامه، وتحتكم الى قراراته.
وفي معرض الردّ على ما قاله النائب جميل السيد عن تحقيقات تجري مع عناصر من الامن العام، قالت المديرية العامة: هناك تحقيق يجري منذ 10 ايام مع عسكريين يشتبه بقيامهم بعمليات اختلاس.
محاصرة سلامة
وفي تطور ميداني، قد يكون مؤشرا على نقل المواجهة الى الشارع، مع التأخر في تأليف حكومة جديدة، وعدم اكتراث المجتمع الدولي لتقديم مساعدات مالية بحاجة الى حكومة واصلاحات حاصرت مجموعات "نووية" من الحراكات المدنية، التي شاركت في تحركات 17ت1 (2019)، وما تلاها، مبنى المعهد العالي للاعمال، الكائن في مبنى تابع للسفارة الفرنسية في كليمنصو Ecole Superieure de affaire (ESA) بناء لمعلومات، تناهت الى فريق، الحراك من ان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف سليم صفر، ورئيس الغرف الاقتصادية محمد شقير والسفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو يشاركون في لقاء تنظمه السيدة ندى سلامة زوجة الحاكم، تنظم تدريبا لموظفي المصارف، وتجري امتحانات لهم، مقابل بدل مالي وأقساط مرتفعة.
وهتف المحتجون شعارات ضد سلامة، واصفين إياه "بالحرامي" فإن محتجين اغلقوا مداخل المعهد العالي للأعمال في منطقة كليمنصو في بيروت، بعد علمهم بوجود حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في داخله.
وقرع المحتجون على بوابة المعهد الحديدية الأمر الذي أدى إلى حصول تلاسن مع حراس المعهد، فيما أطلق المحتجون الغاضبون شعارات منددة بـ"السياسة المالية للبنك المركزي".
134254
صحياً، اعلنت وزارة الصحة اللبنانية تسجيل 1478 اصابة جديدة بفايروس كورونا و11 حالة وفاة، خلال الـ24 ساعة الماضية. مما رفع العدد التراكمي الى 134254 اصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2019.
********************************************************************
افتتاحية صحيفة الأخبار:
رئيسا حكومة يتجاهلان الانهيار: لا تأليف ولا تصريف
مفاوضات تأليف الحكومة مُتوقّفة. رئيس الحكومة المُكلّف ينتظر "كلمة السرّ" الخارجية حتّى يُقدّم تشكيلته، وإلا فلن "يُخاطر" بخسارة منصب رئاسة الحكومة. تصرفات سعد الحريري تنمّ عن لامبالاة تجاه الانهيار الذي يُصيب البلد، وواجب تأليف حكومة تتخذ قرارات تحمي الفئات الشعبية. واللوم يقع أيضاً على حسّان دياب، مع اختلاف درجة المسؤولية، الذي تتطلب منه "حالة الطوارئ" العامة أن يُفعّل حكومة تصريف الأعمال 19 يوماً مضت على آخر زيارة قام بها الرئيس المُكلّف تأليف الحكومة، سعد الحريري، لقصر بعبدا، قبل أن يمنح المسؤولون في البلد أنفسهم "عطلة الثلج". مفاوضات التأليف مُتوقفة بطريقة توحي وكأنّ "المُستقبل" أمامهم ولهم، بما يسمح لهم بالتراخي في بتّ مسألة حسّاسة وأساسية لمحاولة فرملة الانهيار. سعد الحريري لم يعد يستعجل تأليف الحكومة، بعدما كان يُراهن على أن لا تستغرق التسمية والتشكيل أكثر من أيام قليلة. يتذرّع المُقرّبون منه بأنّ زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للبنان هذا الشهر "ستتضمّن طروحات جديدة". في ذلك، أولاً، تفاؤل مُبالغ به أن تحمل زيارة ماكرون مفتاح الحلّ، فيما "الفيتو" الحقيقي تفرضه الولايات المتحدة الأميركية والسعودية والإمارات؛ وثانياً، "اعتراف" بأنّ العقدة خارجية ولا تُحلّ إلا بتدخّل القوى الغربية. فالحريري يُحاول بشكل دائم الفصل بين عدم القدرة على تأليف الحكومة والضغوط الإقليمية ــــ الدولية، وتصويرها مُجرّد خلاف بين "أولاد الحيّ" حول كيفية توزيع لاعبي كرة القدم في الفريق المحلّي. كلام المُقربّين منه ينفي ذلك، معطوفاً على التهديدات والمواقف العلنية التي يُطلقها المسؤولون الأميركيون والسعوديون، إضافة إلى الأداء الإماراتي، بأنّ أي حكومة تضمّ ممثلين عن حزب الله ــــ بشكل مباشر أو غير مباشر ــــ ستؤدّي إلى انهيار لبنان على رؤوس كلّ سكّانه. فهذه القوى التي كانت تُصوّر نفسها على أنّها "راعية وصديقة" لبنان، باتت تستخدم شعبه ومؤسساته "رهينة" عدائها مع حزب الله، حتى تُجبره على التنازل. والتنازل في عُرفهم لا يعني "كفّ شرّهم" عن البلد، بل "الطمع" أكثر فأكثر وفرض المزيد من الشروط واستمرار عملية الابتزاز حتى تأمين مصالحهم وأمن "إسرائيل" في المنطقة. بالإضافة إلى أنّ من السذاجة الاعتقاد والتسويق أنّ دولةً ضعيفة مثل الدولة اللبنانية، منزوعة السلطة والسيادة، ستتمكّن من إنتاج حكومة جديدة بطريقة "مُستقلة" ومعزولة عن التطورات الإقليمية والدولية.
لا شيء يمنع الحريري من تقديم تشكيلة حكومية إلى رئيس الجمهورية إلّا إدراكه أنّ تأليف الحكومة اللبنانية مضبوط على إيقاع الإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترامب، التي تُمضي أسابيعها الأخيرة في الحُكم، لكنها تتصرّف كما لو أنّها في الفصل الأول من ولايتها. تصعيد ضدّ إيران والصين، تهديدات عسكرية، تسريع في توقيع اتفاقيات الشراكة الإسرائيلية ــــ الخليجية، التحضير لانقلابات جديدة في أميركا اللاتينية… ولبنان لا يغيب عن هذه "الأجندة العدائية". فليس صحيحاً أنّه "هامشي" بالنسبة إلى الإدارة الأميركية، وأهميته تكمن فقط في كونه جزءاً من الملفّ الأكبر المُسمّى "تطويع إيران"، فواشنطن باتت تتعامل مع حزب الله كقوّة قائمة بذاتها، تعاظمت قدراتها القتالية بما بات يُشكّل قلقاً وجودياً لـ"إسرائيل
في السياق ذاته، تندرج ضغوط السعودية والإمارات، رُعاة الحريري (السابقون)، على لبنان. فهزيمة حزب الله هي أولوية هذه الدول. وفي طريقهم نحو "تحقيق" هدفهم، لا يُمانع السعوديون والإماراتيون إنزال العقاب الأقسى بحقّ اللبنانيين. ارتفعت حدّة المعركة، بعد توقيع اتفاقيات الشراكة الاستراتيجية بين الإمارات والبحرين و"إسرائيل"، بمُباركة السعودية.
في مواجهة المشهد الإقليمي والدولي الخطير، يمرّ لبنان بواحدة من أسوأ أزماته المالية والنقدية، "قُدّر" له أن يخوضها بحكومة مُستقيلة حتى من ممارسة تصريف الأعمال بمعناه الضيّق، ورئيس حكومة مُكلّف يخاف اتخاذ أي قرار لا غطاء دولياً له، و"حزب مصرف" يُريد السطو على ما تبقّى من ممتلكات الدولة بعدما سرق أموال المودعين وراكم أرباحاً طائلة من الأموال العامة، وتُجار ومُحتكرين يستغلّون الأزمة ليبنوا فوقها قصورهم، وشعب بات أكثر من نصفه تحت خطّ الفقر ويُهدَّد اليوم بوقف الدعم عن السلع الرئيسية من دون إيجاد بديل. القوى الفاعلة في البلد غير مُتفقة على أي ملفّ. خلافاتها تحول دون البحث في حلول عملية للخروج من الأزمة، بل حتى هي غير قادرة على البحث في كيفية التخفيف من حدّة الانهيار، وإنقاذ الشعب، ولا سيّما الطبقات الاجتماعية التي لم تعد قادرة على الصمود.
ما الذي يُريده سعد الحريري؟ يُريد أن يبقى رئيس حكومة مُكلّفاً بانتظار "التعليمة" التي تسمح له بتقديم تشكيلته. قبل ذلك، لن يُقدم على أي خطوة "من شأنها أن تُبعده عن السرايا الحكومية"، على ما يقوله مُطّلعون على موقفه. يغيب عن بال الحريري أنّ رئاسة الحكومة ليست وظيفة لإتمام الصفقات وجني الأموال، بل "مسؤولية"، ومن يسعى إليها يقع عليه واجب المُبادرة وطرح حلول وتذليل العقد الداخلية الموجودة، لتمتين الجبهة المحلية، وفرضها على الولايات المتحدة والسعودية والإمارات. ولكن إذا كان الحريري يُصرّ على النأي بنفسه، فلا يُمكن إغفال أنّه في السرايا الحكومية لا يزال هناك "رئيس حكومة".
يخاف دياب أن يؤدي به أي قرار خارج "تصنيف الأعمال" إلى السجن من دون أن يُدافع عنه أحد حالة الطوارئ المالية والصحية في البلد تستوجب السؤال عن سبب عدم مُبادرة حسّان دياب إلى تفعيل عمل حكومته وتوسيع مهمات تصريف الأعمال بهدف أساسي وهو تخفيف وطأة الأزمة. فالتمسّك بـ"تصريف الأعمال ضمن النطاق الضيّق" في مثل الوضع اللبناني، يعني تسريع الانهيار. يُنقل عن دياب تبريره بأن "لا أحد يدعمني"، وأيّ قرار يتخذه خارج مفهوم "تصريف الأعمال" قد يؤدّي به إلى السجن "من دون أن يُدافع عنه أحد". كما أنّ دياب "مهجوس" دائماً من الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية، "وديعة" سعد الحريري في السرايا، الذي يتصرّف كما لو أنّه "الدستور"، يُحدّد ما القرارات المُمكن اتخاذها، وتلك التي "تُعارض" تصريف الأعمال.
يُراهن الحريري على أن تحمل زيارة ماكرون للبنان هذا الشهر طروحات جديدة ولكن على الرغم من "الطعنات" التي تعرّض لها دياب من "بيت أبيه"، وإجبار حكومته على الاستقالة على القاعدة أنّ "البديل جاهز"، وكلّ الأمور التي قد يذكرها ويكون مُحقّاً بها، إلا أن ذلك لا يُعفيه من تحمّل مسؤوليته. كما أنّ القوى التي كانت جُزءاً من حكومة دياب، وخاصة تلك التي عملت على إسقاطه وتحويله إلى "كبش فداء" المرحلة السابقة، مُطالبة بالتخفيف من وقع أخطائها السابقة عبر تفعيل عمل حكومة تصريف الأعمال، وصولاً إلى عقد اجتماعات تتخذ فيها قرارات مصيرية، ككيفية استمرار الدعم الموجّه إلى الطبقات الفقيرة، وإقرار استراتيجية الحماية الاجتماعية لرعايتها، وتوفير الخدمات الرئيسية لها… خلاف ذلك، لا ينفع انتظار تسلّم جو بايدن الرئاسة الأميركية، ولا التعويل على انفتاح أميركي ــــ إيراني. الانتظار يعني رهن البلد والمواطنين على طاولة القمار، لأنّ أصل العودة إلى العمل بالتفاهم النووي غير مضمونة. الاجتماع الذي دعا دياب إليه الوزراء المعنيين بمسألة الدعم، يوم الاثنين المقبل، قد يكون خطوة في الاتجاه الصحيح… شرط ألا يكون يتيماً.
***********************************************************************
افتتاحية صحيفة الديار:
الفراغ الحكومي طال امده والكيديات السياسيّة مُستمرة الوضع الأمني خطير وتخوّف من حصول اغتيالات الاشتراكي وأمل يُشددان على استقلال القضاء ولا غطاء لتعويم حكومة دياب
كل يوم يمر ينتقص من عمر لبنان، وشعبه الغارق في الازمات الواحدة تلو الاخرى، في ظل فراغ حكومي، وغياب ارادة سياسية لتنفيذ الاصلاحات. ذلك ان الفراغ الحكومي طال امده، في خضم ازمة مالية واقتصادية ومعيشية مستعصية، والبعض يتعامل مع هذا الفراغ على انه حالة يجب التكيف معها والرضوخ لها. فهل وصل لبنان الى هذا الدرك الخطير حيث اصبح الفراغ المؤسساتي امر واقع؟ هذه المسؤولية تقع على عاتق الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية اللذان عليهما تكثيف الجهود لتأليف الحكومة بدلا من رمي الكرة من طرف على آخر. وفي هذا النطاق، تريث الرئيس المكلف في زيارة بعبدا تجنبا لزيادة الخلاف او تباعد وجهات النظر حول الصيغة الحكومية بما ان المسودة لم تحسم بعد. اضافة الى ذلك، قالت اوساط سياسية لـ"الديار" ان الرئيس سعد الحريري يتعامل مع الضغوطات الاميركية على اساس احفظ رأسك عند سقوط "ترامب" فهو ينتظر رحيل الرئيس الاميركي دونالد ترامب بما ان ادارة الاخير استعملت لغة التهديد بعقوبات على الحكومة المرتقبة في حال تم توزير شخصيات مرتبطة بحزب الله مباشرة او غير مباشرة. ورحيل ترامب من البيت الابيض سيعطي الرئيس الحريري هامشاً اوسع من الحرية في التعاطي بالملف الحكومي ويخفف عنه الضغط وفقا لهذه الاوساط.
وفي نطاق متصل، تؤكد اوساط وزارية في الحكومة المستقيلة لـ"الديار" ان لا توافق حتى الساعة لتوسيع إطار تصريف الاعمال الضيق لحكومة حسان دياب وخصوصاً ان القوى الاخرى الموجودة في البرلمان ومن فريق 14 آذار كالرئيس سعد الحريري والدكتور سمير جعجع يرفضان اي توسيع لاعمال الحكومة على اعتبار ان الحكومة بيد "حزب الله" ويهدف الى تعويمه وان تكون بديلاً عن الحكومة ومكافئة لعون والنائب جبران باسيل لتعطيلهما الحكومة!
في غضون ذلك، تساءلت مصادر ديبلوماسية اذا كانت اجواء المؤتمر الدولي الذي عقده الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لمساعدة لبنان لم تشكل جرس انذار للمسؤولين فماذا يمكن ان يحصل بعد ليتحرك القيمين على البلد؟ هذا المؤتمر يقطع الشك باليقين ان لا فرصة للدولة اللبنانية ان تحصل على مساعدة نقدية دون الشروع الى الاصلاحات وتنازل كل الاطراف عن مصالحهم الضيقة لتسهيل الطريق امام ولادة حكومة مهمة قريبا.
انما هل هناك اذان صاغية في لبنان لما قاله ماكرون وباقي المجتمعين؟ وهل يمكن ان يستمر الوضع على هذا المنوال في ظل الضغط الاجتماعي والاقتصادي الحاصل؟ هل ستبرز مبادرات داخلية ام ان هذا الامر سيستمر الى حين زيارة ماكرون التي يمكن ان تحرك الامور؟
حتى اللحظة، لا يبدو ان المسؤولين يتلقفون هذه الاشارات التي يرسلها الغرب وعلى رأسها فرنسا وفقا للمصادر الديبلوماسية حيث لا جديد في الملف الحكومي وكلام رئيس الجمهورية خلال المؤتمر الدولي عن وحدة المعايير في تشكيل الحكومة اشارة واضحة للعقم الموجود في الوصول الى اي تطور ايجابي في هذا المجال.
والاشارة الثانية هي ان البعض استنكر دور المجلس الاعلى للدفاع معتبرا انه يقوم بوظيفة الحكومة واصبح له صفة تقريرية خارج الاطار الامني وهذا نوع من "فرض امر واقع" وانحراف عن مسار تاليف حكومة جديدة وتكريس للفراغ الحكومي. في المقابل، ترى مصادر وزارية انه اذا لا توجد حكومة لعدة اسباب فهل ينبغي ان يتغاضى العهد عن حاجات ضرورية وحيوية يجب التصدي لها مثل القرض للبنك الدولي والتدقيق الجنائي وملفات اساسية اخرى؟
مصادر مقربة من قصر بعبدا: انعقاد المؤتمر الدولي دليل عافية للبنان
من جهتها، قالت مصادر مقربة من قصر بعبدا ان الاسبوع المقبل قد يحمل تطور ايجابي في مسار تفعيل الحكومة بعد انعقاد المؤتمر الدولي لمساعدة لبنان وحض المسؤولين السياسيين على التخلي عن مصالحهم والتسريع في تشكيل حكومة ولكن في الوقت ذاته رأت هذه المصادر ان هذا الامر مرتبط ايضا بالرئيس المكلف.
وكشفت المصادر المقربة من قصر بعبدا ان الرئيس عون دعا الى الاتفاق على وزير الداخلية فضلا عن البحث في اسماء الوزراء المسيحيين مع الرئيس سعد الحريري انما تبين ان اللائحة التي قدمها الحريري غير مكتملة ولا تضم اسماء الوزراء الشيعة والدروز والسنّة.
وحول انعقاد المؤتمر الدولي برئاسة فرنسا، اعتبرت هذه المصادر ان مجرد انعقاد المؤتمر يشكل دليل عافية للبنان ودليل اهتمام المجتمع الدولي بالدولة اللبنانية والشعب اللبناني خلافا لما اشيع بأن المجتمع الدولي تخلى عن لبنان. وتابعت ان هذا المؤتمر نجح في حضور لبنان امام المجتمع الدولي الذي ابدى رغبة حقيقية في مساعدة لبنان عبر اصلاحات وبرنامج اقتصادي انقاذي.
اما عن الانتقادات التي وجهت لدور المجلس الاعلى للدفاع بانه يحل مكان السلطة التنفيذية، اكدت المصادر المقربة من قصر بعبدا ان هذا المجلس لم يتجاوز صلاحياته وكل القرارات تندرج ضمن واجباته خاصة عندما تكون البلاد في حالة تعبئة عامة. واشارت الى ان المجلس الاعلى للدفاع اتخذ قرارات حيوية تترافق مع الوضع الحالي وفقا للاصول.
التقدمي الاشتراكي: استقلال القضاء ضرورة للحكم بعدل على نتائج التدقيق الجنائي
الى ذلك، قال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط "سمعنا مزحة ثقيلة انه سيكون نصيبنا الخارجية او السياحة من أجل المركز في بلد مقسوم وشكرا لا أريد السياحة".
بدوره، شدد امين سر الحزب التقدمي الاشتراكي ظافر ناصر لـ"الديار" ان التدقيق الجنائي في كل ادارات الدولة يجب ان يكون بعيدا عن الغايات السياسية مطالبا باستقلال القضاء اولا ليتمكن من الحكم بشفافية وبعدل على نتائج التدقيق الجنائي في مصرف لبنان وفي كل الوزارات والمجالس والصناديق والهيئات المالية. ولفت الى ان الجهات التي كانت ترفع الصوت لحصول التدقيق الجنائي في مصرف لبنان فقط لماذا كانت ترفض ان يشمل هذا التدقيق كافة مرافق الدولة.
اما عن المؤتمر الدولي الذي عقد لمساعدة لبنان الاربعاء الماضي برئاسة فرنسا، فقد كشف ناصر ان حزبه منذ البداية حذر ان المجتمع الدولي لن يقدم اي مساعدات دون حكومة اصلاحية. واعرب امين سر الحزب التقدمي الاشتراكي عن اسفه للعقلية التي تدار بها عملية تشكيل الحكومة التي تبتعد عن المسار الاصلاحي فبدلا من الخلاف على جنس الملائكة في الحكومة المرتقبة يجب صب الجهود الى انتقاء شخصيات وازنة وكفوءة. وتابع ناصر ان الحزب الاشتراكي تكلم عن توزير شخصيات ذات كفاءة وغير حزبية وطالب فقط بتمثيل وازن للدروز ضمن المؤهلات التي تطلبها المرحلة الاصلاحية. واضاف ان مواصفات الحكومة المرتقبة ليست معجزة بل سهلة لمن يريد فعلا حكومة اصلاحات.
كتلة التنمية والتحرير: لا يجب حرف التدقيق الجنائي عن هدفه الوطني
وعن معلومات ترددت حول خلاف بين عين التينة وقصر بعبدا، اكدت مصادر في كتلة التنمية والتحرير لـ"لديار" ان موقف الرئيس نبيه بري جاء للتاكيد على شمولية التدقيق وعلى عمل الجهات القضائية دون الكيدية والاستنسابية بل عبر المؤسسات والقضاء. واعتبرت المصادر ان ما سجل مؤخرا في هذا الاطار كان مخالفا وله طابع عراضات اعلامية محذرة من التدخل لدى القضاء والضغط عليه لان المطلوب التدقيق الشامل الوطني ولا السياسي.
واضافت هذه المصادر ان التدقيق بحاجة الى سلطة تنفيذية التي تحول الى القضاء ملفات فضلا ان المطلوب وجود حكومة تباشر بعملها الجدي والحقيقي وفق جدول اعمالها وليس وفق انتقاء وعشاوئية بالعمل . وعندما تحدث الرئيس بري عن الغرف السوداء، تشير المصادر انه واضح لجهة التحذير من استهدافات لخلفيات سياسية ومصلحية وحرف التدقيق عن الهدف الوطني منه.
قيادات الصف الاول والمرجعيات مهددة بالاغتيال لاحداث الفتنة
على الصعيد الامني، البلد على "كف عفريت" أمنياً ويمكن ان يتطور الوضع الى ما هو أسوأ وخصوصاً مع توفر معلومات عن سيناريوهات للاغتيال "يشيب لها الشعر" كما يؤكد نائب بارز في 8 آذار لـ"الديار" وعلى إطلاع على معلومات خطيرة ذات طابع امني.
ويكشف النائب ان القاء القبض على بعض المجموعات التكفيرية منذ جريمة كفتون وحتى الآن كشف عن خيوط هامة بين لبنان وسوريا والعراق ولا سيما ارتباطها بأجهزة مخابرات عالمية.
وتؤكد معلومات انية عن القاء القبض على خلية "داعشية" منذ ايام في الشمال وقد تفضي اعترافاتها عن الكشف الى مخطط عن سلسلة اغتيالات تطال شخصيات عدة لاحداث الفتنة.
ويشير النائب نفسه في هذا الإطار الى ان المعلومات التي كشف عنها في المجالس الضيقة تؤكد ان ليس فقط الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله والرئيس نبيه بري من المستهدفين افتراضياً وواقعياً، بل كل الرؤساء وشخصيات الصف الاول ورؤساء الاحزاب والقيادات والمرجعيات الروحية تحت التهديد وانها مستهدفة لإحداث فتنة.
ويؤكد ان العديد من الشخصيات قد اتخذت بشكل سري تدابير امنية استثنائية وقد بدأت بإجراءات غير معهودة ومنها تقليل الزيارات اليها وعدم التحرك مطلقاً لاي سبب من الاسباب.
هل يكمل ترامب مشروعه التدميري للبنان؟
في غضون ذلك، يظهر في الافق احتمال فرض عقوبات على مدراء في المصرف المركزي اللبناني وفقا لمقال ورد في صحيفة "وال ستريت جورنال"، الامر الذي يدل على ان الرئيس ترامب يسارع في تنفيذ كل خطوة من مشروعه التدميري للبنان قبل رحيله في 20 كانون الثاني 2021 اذا صحت المعلومات. والحال ان هذه العقوبات في حال فرضت هي اغتيال للقطاع المصرفي اللبناني وضرب لسمعته عالميا وبالتالي اغتيال للبنان الذي ينازع بين الحياة والموت. بيد ان التدقيق الجنائي في مصرف لبنان هو مطلب تريده الدولة اللبنانية لتبيان كل الحسابات والحاكم رياض سلامة رحب بتدقيق الخبراء الفرنسيين في حسابات البنك المركزي التي تشدد عليه فرنسا. لذلك اذا فرضت الخزينة الاميركية بتوصية من ترامب عقوبات على مدارء في مصرف لبنان فهذا الامر له مفاعيل خطيرة على البلاد وعلى المبادرة الفرنسية وجهود الفرنسيين في لبنان التي تريد اميركا بقيادة ترامب افشال دور فرنسا واخراجها من الساحة اللبنانية.
ماذا حل بالتحقيق في انفجار مرفأ بيروت؟
على صعيد مسار التحقيق في انفجار مرفأ بيروت فهو مجمد ولا قرار ظني ولا توقيفات ولا محاسبة لاي كان حتى اللحظة. وتعليقا على ذلك، اعربت اوساط سياسية عن اسفها لعدم تحقيق اي تقدم في ملف التحقيق رغم مرور اربعة اشهر على الانفجار المهول ورغم سقوط الكثير من الشهداء الابرياء والجرحى والدمار الذي خلفه الانفجار.
بهاء الحريري يمول شبكة من اعلاميين
الى ذلك، كشفت مصادر مطلعة لـ"الديار" ان بهاء الحريري النجل الاكبر للرئيس الشهيد رفيق الحريري يدفع مبالغ طائلة لشخصيات عدة من ضمنها اشخاص يدعون انهم مع الثوار الا ان هؤلاء سيكون لديهم برامج عن الشأن العام علما ان هؤلاء بعيدين كل البعد عن انتفاضة 17 تشرين وعن وجع الناس.
********************************************************************
افتتاحية صحيفة النهار:
تصاعد مقلق للتحذيرات الخارجية .. والداخل في غيبوبة
يكفي ان تمر ذكرى الشهر الرابع على انفجار مرفأ بيروت غداة انعقاد مؤتمر الدعم الدولي الثاني للشعب اللبناني وفي ظل ما أدى اليه الانفجار من تفاقم مخيف في تداعيات كل الازمات الخطيرة التي تسحق اللبنانيين حتى يفهم سر "هطول" مجموعة مواقف دولية بارزة للغاية من الوضع في لبنان، بدت اقرب الى دق مزيد من أجراس الإنذار حيال واقعه ومستقبله القريب والبعيد. ذلك ان مجمل التحذيرات الجديدة التي جاءت في الساعات الأخيرة على السنة مسؤولين دوليين اتسمت بدلالات بالغة الأهمية، بل والخطورة ليس لما تضمنته فقط من مضامين تؤكد تعاظم مخاوف الدول الداعمة والمانحة للبنان من مزيد من انزلاقه نحو مهالك اقتصادية ومالية واجتماعية قاتلة، وانما أيضا تعكس مدى الخيبة الخارجية الضخمة من السلطة الحاكمة والقوى السياسية اللبنانية بما ينذر بمضاعفات وشيكة شديدة السلبية على واقع الدولة اللبنانية برمته خارجيا. ولعل أسوأ ما واكب ذكرى مرور أربعة اشهر على انفجار المرفأ وتدفق المواقف الخارجية المتصلة بلبنان عقب مؤتمر الدعم الدولي الثاني للشعب اللبناني ان المشهد السياسي الداخلي اتجه نحو غيبوبة مخيفة في ما يتعلق بمسار تأليف الحكومة يخشى ان تستغرق مدة غير قصيرة في ظل الخطورة التي رتبتها الرسالة السلبية المتعمدة التي اطلقتها رئاسة الجمهورية اول من امس عبر تحويل اجتماع مجلس الدفاع الأعلى بمثابة جلسة ضمنية لمجلس الوزراء على ما تنطوي عليه هذه المناورة من انتهاك ضمني للأصول الدستورية. وقد جاءت هذه الخطوة لتكشف، وفق مصادر معنية، المدى العميق والخطير للقطيعة التي باتت تتحكم بمسار تأليف الحكومة، اذ بدا قصر بعبدا كأنه أراد استفزاز رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري والتلويح بامتلاك رئيس الجمهورية ميشال عون "بديله" الظرفي من تأليف حكومة يصر الحريري على ان تأتي مطابقة الى اقصى الحدود الممكنة لمعايير المبادرة الفرنسية. وأكدت المصادر ان الانسداد الحاصل في مسار التأليف والسابق لانعقاد مؤتمر الدعم الدولي الثاني للشعب اللبناني، كان يفترض ان يبدأ تبديده من خلال اطلاق جولة جهود جديدة ومشاورات عاجلة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف كاستجابة فورية للمواقف الدولية المتصاعدة بكثافة وقوة استثنائيتين والضاغطة لتأليف الحكومة الجديدة كممر لا بديل منه لتوفير الدعم الأكبر للبنان في ازمته المالية والاقتصادية. ولكن شيئا من هذا لم يحصل بعد يومين من انعقاد المؤتمر ومشاركة الرئيس عون فيه شخصيا فيما بدأ كلام يتصاعد عن ترجيح مرور وقت طويل بعد قبل امكان اختراق الازمة ، كما بات من المشكوك فيه بقوة ان تؤلف الحكومة العتيدة قبل الزيارة الثالثة للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للبنان هذه السنة والتي يرجح تحديد موعدها النهائي في الأسبوع الأخير من كانون الأول الحالي. ولفتت المصادر المعنية نفسها الى ان اندفاع بعبدا الى التلويح ببديلها، ولو انه اُسلوب محكوم بالفشل خصوصا ان رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب رفض أي توريط له في خطوة غير قانونية وغير دستورية، كشف رهان الفريق الرئاسي على تحميل الحريري تبعة تأخير الحكومة فيما أسباب التعطيل كلها قائمة في الموقف الرئاسي وربما يراهن الان على دفع الحريري الى الاعتذار بعدما بلغه ان الأخير ليس في وارد التراجع ولا الاعتذار اطلاقا. وفيما لا تزال سياسة الصمت تحكم موقف الرئيس المكلف وأوساطه مضت الأوساط التي تدور في فلك بعبدا في رمي كرة التأخير في مرماه فذهبت الى القول ان لا حكومة قبل العشرين من كانون الثاني بسبب فيتو أميركي على مشاركة حزب الله في الحكومة وان الحريري لن يقدم على تشكيلة تحرجه مع الثنائي الشيعي او تؤدي الى فرض عقوبات أميركية. وتوقعت استمرار الجمود في عملية التاليف الى حين امكان تمرير حكومة بشروط توافقية وذكرت بان لا اتصالات بين عون والحريري منذ اكثر من أسبوعين وان عون دعا الحريري آنذاك الى تقديم تشكيلة حكومية كاملة.
مواقف لافتة
في غضون ذلك اكتسبت مجموعة المواقف الدولية والخارجية الجديدة من الوضع في لبنان دلالات مهمة للغاية خصوصا انها تزامنت مع مرور أربعة اشهر على انفجار مرفأ بيروت . وفي خطوة نادرة جديدة للديبلوماسية الفرنسية حيال لبنان بمغزاها ومضمونها وجه وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان رسالة مباشرة الى الاغتراب اللبناني في فرنسا وأوروبا اكد فيها "دعم فرنسا الكامل للبنان في هذه المرحلة الصعبة التي يقف فيها لبنان على مشارف الانهيار" على حد تعبيره . ودعا لودريان المغتربين اللبنانيين الى الاستمرار في القيام بدورهم الحيوي ودعم وطنهم من خلال ارسال المساعدات الى الشعب اللبناني عبر منصتين مخصصتين لدعم لبنان من قبل الأمم المتحدة والمؤسسة الفرنسية للدعم بالشراكة مع وكالة التنمية الفرنسية. وجاءت رسالة لودريان ردا على خطاب مشترك ارسل الى الخارجية الفرنسية من مجلس رجال الاعمال اللبنانيين في فرنسا ومجلس التنفيذيين اللبنانيين ومجلس الاغتراب اللبناني في بلجيكا .
وفي سياق لا يختلف عن الموقف الفرنسي اتسمت المواقف التي اطلقها وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط جيمس كليفرلي منهيا زيارته لبيروت بنبرة تحذيرية شديدة اذ دعا المسؤولين اللبنانيين "الى التحرك الآن لإنقاذ لبنان من كارثة اقتصادية شاملة ". وإذ علمت "النهار" ان الوزير البريطاني لم يخف امام بعض المسؤولين تحذيرهم من مجاعة في لبنان حض في تصريحه الختامي امس على تنفيذ إصلاحات عاجلة "لمنع البلاد من الانزلاق اكثر في الازمة الاقتصادية " مشددا على الحاجة الى الإسراع في تشكيل حكومة جديدة . كما ان ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش ربط بشكل مباشر بين الإصلاحات وتشكيل الحكومة والدعم الدولي لافتا الى ان مؤتمر الدعم الدولي ذكر مرة أخرى قادة لبنان بضرورة التنفيذ الفعال للإصلاحات.
الدعم والاحتياطي
الى ذلك يعقد اجتماع موسع في السرايا برئاسة الرئيس دياب وحضور وزراء وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة لبت موضوع الدعم على المواد الأساسية وموضوع الاحتياط الإلزامي. وفي هذا السياق كان موقف بارز لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع شدد فيه على ان الاحتياط الإلزامي ليس ملكا لمصرف لبنان ومن غير المقبول والمنطقي ان يمس به تحت أي حجة . واعلن ان كتلة الجمهورية القوية تحضر اقتراح قانون معجل مكرر للمحافظة على الاحتياط الإلزامي . وطالب الحكومة باستصدار بطاقات تموينية عاجلة بالتعاون مع البنك الدولي للعائلات الأكثر فقرا مما يقلص جدا الأموال التي تهدر على ما يسمى بالدعم.
********************************************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية:
مخاوف من الفوضى الشاملة والتوتير جنوباً.. وهل يستحضِر التعطيل عقوبات؟
تعقيدات الملف الحكومي المقفل، وما يوازيها من قلقٍ مجتمعي شامل صار وشيكاً، تُضاف إليها خيبة المجتمع الدولي من طبقة حاكمة تمعن في التدمير الشامل للبلد وأهله، تَصوغ سؤالاً صريحاً ومباشراً: أيّ لغة يفهمها المتحكّمون ليوقِفوا انفصالهم عن الواقع، ويدركوا أنّ وقت البلد يوشك أن ينفد وينتهي، وبلوغ نقطة الزوال النهائي بات يُقاس بالأيام؟
منذ 17 تشرين الاول 2019 وحتى اليوم، لم تبقَ لغة على وجه الأرض الّا واستُخدمت لِنَهي الطبقة الحاكمة عن سياسة التدمير، وللتحذير من المصير المشؤوم الذي ينتظر لبنان؛ فيما طبقة الحكّام مصابة بالطرش وفقدان كلّ حواس الإدراك والفهم والحياء والإحساس والشعور بالمسؤوليّة، فلا نفعت معها لغة الجائعين التي صَدحت على امتداد لبنان من أدناه الى أقصاه في 17 تشرين الاول 2019 وما تلاه، ولا نفعت لغة الأزمة الاقتصادية والمالية وإفلاس الدولة، في إجراء تعديل ولو طفيف في سياسة نَهش البلد، ولا نفعت لغة الكارثة العظمى في مرفأ بيروت في إشعار الحكّام بهولها، ولا نفعت كلّ لغات المجتمع الدولي في تغيير سلوكهم المقيت، ولا نفعت اللغة الفرنسيّة في جَلب هؤلاء إلى بيت طاعة البلد لإنقاذه، عبر المعبر الذي فتحته أمامهم مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. فأيّ أملٍ يُرجى مع هؤلاء الحكام؟
بالتأكيد، أنّ الأمل مفقود بالكامل، مع انكار الطبقة الحاكمة لواقع البلد الأسود والمرير، ولحقيقة أنّ اللبنانيّين باتوا وكأنّهم يعيشون الفصل الأخير من حياتهم، بعدما خسروا كل شيء، لم يبق امامهم سوى انتظار مراسم دفن الفتات المتبقي من مدخراتهم إلى جانب طموحاتهم واحلامهم.
ثمة اجماع لدى الشريحة الكبرى من اللبنانيين بأنّهم محكومون لتماسيح سياسية غير عابئة بالغضب الشعبي العارم؛ عيونها مفتوحة فقط على نهش المكاسب والأرباح، ومغمضة عن وضع بلد "صار بالويل" على حدّ تعبير الرئيس نبيه بري، يُحتضَر بين "توسّل الخلاص وتسوّل اللقمة"، وتتحكّم فيه غرف سوداء تحريضية في كل اتجاه، ونكايات انتقامية وعقلية ثأرية تطيح الأساسيات في استعراضات إعلاميّة متواصلة على حافة الهاوية.
ضغوط بلا نتائج
كل ذلك يتمظهر بأبشع صوره على حلبة الحكومة، العالقة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، من دون أن تبرز أيّ مؤشّرات الى إمكان تلاقيهما، او تراجع اي منهما عن شروطه المرفوضة من قِبل الآخر، وذلك على الرغم من الحركة الدولية الضاغطة في اتجاه توليد الحكومة، أكان من الجانب الفرنسي، حيث استنفد الرئيس ماكرون محاولات متتالية لتحقيق هذا الهدف، وكذلك من الجانب البريطاني الذي اقترنت دعوته الى التعجيل بالحكومة، بتحذير من "تسونامي" خطير قد يجرف لبنان خلال اشهر قليلة، وايضاً من الجانب الاميركي الذي يؤكّد على حاجة لبنان الى حكومة اصلاح وانقاذ لمكافحة الفساد المستشري فيه. والديبلوماسية الاميركية، بحسب معلومات موثوقة لـ"الجمهورية"، كانت صريحة جداً امام بعض المسؤولين في سخريتها من مبادرة بعض الفرقاء اللبنانيّين الى الهروب من مسؤوليّتهم في تعطيل تشكيل الحكومة، وتعليق فشلهم ومماطلاتهم على العامل الخارجي غير الموجود.
وبحسب المعلومات، انّ الكلام الديبلوماسي الاميركي، يتقاطع مع تأكيد ديبلوماسيّين أوروبيّين على "رفض ذريعة التعطيل الخارجيّة، خصوصاً وانّ سبب التعطيل معروف، ويؤكّد ذلك علناً مسؤولون لبنانيّون، يعتبرون انّ تعثر تشكيل الحكومة سببه خلافات حول امور سطحية وشكلية بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري".
وتلفت المعلومات، الى انّ النبرة الديبلوماسية ارتفعت في الساعات الماضية، حيث تبلّغ احد كبار المسؤولين كلاماً يحمل تحذيراً جدّياً من انّ "الاستمرار في تعطيل الحكومة، على النحو اللامسؤول الذي يُظهره المعنيّون بملف التأليف، ليس معناه فقط تأخير المساعدات للبنان، بل عدم التردّد في اتخاذ اجراءات بالغة الشدة بحق المعطلين، قد تصل الى فرض عقوبات قاسية عليهم".
واللافت للانتباه في الأجواء الديبلوماسية، انّ الحديث عن عقوبات اوروبية محتملة، يتزامن مع ما كشفه سفير دولة غربية كبرى، عن انّ دفعة العقوبات الاميركية الجديدة بحق العديد من الشخصيّات اللبنانيّة السياسيّة وغير السياسيّة، صارت على وشك ان تصدر، والمسألة باتت مسألة ايام قليلة.
ماكرون قبل الميلاد
في هذا الوقت، رجّحت مصادر ديبلوماسية من باريس، ان يزور الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لبنان قبل عيد الميلاد. ولفتت المصادر، الى انّ ماكرون اجرى تعديلاً في جدول زيارته التي كانت محصورة أصلاً بزيارة الوحدة الفرنسية، بحيث ستشمل لقاءات مع مسؤولين لبنانيين، مع احتمال عقد طاولة قصر الصنوبر من جديد، ومن دون أن تستبعد قيامه بجولة تفقدية جديدة للمنطقة التي حلّت فيها الكارثة جراء انفجار مرفأ بيروت.
التعطيل يستحضر التوبيخ!
واكّدت المصادر، "أنّ ماكرون الذي أكّد في كلمته في المؤتمر، حضوره الى لبنان للضغط على المسؤولين اللبنانيين للتعجيل في تشكيل الحكومة واعتماد خريطة الطريق التي حدّدها في المبادرة الفرنسية، لا يعني في كلامه ان يؤجّل القادة في لبنان تشكيل الحكومة الى ما بعد زيارته، بل على العكس، هو يؤكّد على الحاجة الملحّة والتأليف الآني للحكومة، بحيث تأتي زيارته للتهنئة والشدّ على ايدي القادة اللبنانيين باعتماد طريق الإنقاذ والإصلاح عبر حكومة المهمّة وبرنامجها الاصلاحي، الذي سيفتح بالتأكيد باب المساعدات للبنان، بدل أن تأتي زيارته في جو تعطيلي، تتلقى فيه الطبقة السياسية في لبنان مزيداً من التوبيخ والتأنيب".
لودريان
الى ذلك، وجّه وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان رسالة الى الاغتراب اللبناني، أكّد فيها "دعم فرنسا الكامل للبنان في هذه المرحلة الصعبة والتي يقف فيها لبنان على مشارف الانهيار".
ودعا المغتربين اللبنانيين الى "الاستمرار في القيام بدورهم الحيوي"، وحثهم على "دعم وطنهم من خلال إرسال المساعدات للشعب اللبناني عبر منصّتين مخصّصتين لدعم لبنان من قِبل الامم المتحدة والمؤسسة الفرنسية للدعم بالشراكة مع وكالة التنمية الفرنسية".
وتأتي هذه الرسالة من وزير الخارجية الفرنسية رداً على الخطاب المشترك الذي أُرسل الى الخارجية الفرنسية من قِبل مجلس رجال الاعمال اللبنانيين في فرنسا (HALFA) ومجلس التنفيذيين اللبنانيين (LEC) والمجلس الاغترابي اللبناني في بلجيكا، حيث أكّد أنّ "فرنسا لم تتأخّر يوماً بالوقوف الى جانب لبنان وخصوصاً بعد انفجار الرابع من آب، من خلال مواقفها وتقديمها مساعدات فورية على مختلف الأصعدة ومع المتابعة السياسية المستمرة".
وفي معرض رسالته، شدّد لودريان على حتمية التزام الطبقة السياسية بإجراء الإصلاحات اللازمة ومحاربة الفساد. وأكّد في الختام وقوف فرنسا الدائم الى جانب الشعب اللبناني.
نصيحة
الى ذلك، كشفت مصادر معنيّة بملف التأليف لـ"الجمهورية"، عن نصيحة فرنسيّة متجددة، أُبلغت الى بعض المستويات السياسية، غداة انعقاد مؤتمر الدعم من أجل لبنان، تؤكّد على استفادة القادة اللبنانيين من زخم مؤتمر الدعم، واعادة تحريك ملف التأليف جديًّا، بما يكسر حلقة التعقيدات القائمة فيه.
بالتوازي، تحدثت مصادر عليمة ببعض المشاورات الجارية في الكواليس الدولية الى "الجمهورية"، عن إشارات توحي الى امكان نجاح بعض المحاولات الجارية من اجل تفكيك بعض العِقَد الحكومية في الايام القليلة المقبلة، والتي يمكن ان تفتح الطريق بما يؤدي الى حلحلة ما مطلع الاسبوع المقبل.
ورفضت هذه المصادر اعطاء اي توصيف لهذه الإشارات، التي قالت انّها "إيجابية"، والتي لم يتلقفها او يتبناها اي مصدر لا في قصر بعبدا، الذي ينتظر إشارة ما من جانب الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري، ولا في بيت الوسط، الذي يحتفظ بالصمت المطبق.
تقنية الفيديو
وسألت "الجمهورية" مسؤولاً كبيراً حول النصيحة، فقال: الفرنسيون سبقونا بمسافات زمنية في حرصهم على بلدنا، بالتأكيد هم يطلبون منّا ما هو واجب بديهي يفترض ان نقوم به تلقائياً، ولكن مع الأسف، المعنيون بتأليف الحكومة يضيعون البلد من اجل تسمية وزير او الظفر بوزارة. قال لنا الاوروبيون، ومعهم حق: "إحترنا معكم، انتم اللبنانيون متخلفون، تنتحرون مجاناً وبلا ثمن، وننصحكم لإنقاذ انفسكم لكنكم مصرّون على ان تفتشوا على ابشع طريقة يمكن ان يفكّر فيها العقل البشري للوصول الى انتحار جماعي لكل اللبنانيين".
اضاف: "بناء على التجربة مع كل النصائح والتحذيرات وتفشيلها في الغرف السوداء، لست متفائلاً على الاطلاق، خصوصاً انه لو كانت هناك ارادة جدية في تأليف الحكومة لَما حصل هذا الإنقطاع المريب في التواصل بين عون والحريري، ولَما كان خلافهما على امور أقل من سطحية وشكلية."
وقيل للمسؤول المذكور: ربما يكونان خائفين من كورونا. فردّ ممازحاً: الرئيس ماكرون جَمع 40 مسؤولاً دولياً في مؤتمر لدعم لبنان عبر تقنية الفيديو، واذا كانا خائفين من كورونا، يستطيعان ان يلتقيا عبر تقنية الفيديو بين القصر الجمهوري وبيت الوسط، لكن ما نفع اللقاءات المباشرة او عبر تقنية الفيديو طالما انه لا توجد ارادة للتأليف حتى الآن.
وسئل: هل هناك مِن معطّلي الحكومة مَن ينتظر بدء ولاية الادارة الاميركية الجديدة؟ فأجاب: إنشالله يبقى البلد من الآن وحتى يتسلّم جو بايدن!
ورداً على سؤال حول المطالبات بتعويم حكومة تصريف الاعمال، قال: عندما كانت هذه الحكومة بكامل صلاحياتها كانت عنواناً للتخبّط والفشل في كل المجالات، فكيف الآن وهي في حال تصريف اعمال؟ ومن يطالب بتعويمها فليكلّف نفسه ويقرأ الدستور.
هرطقة
وحول تعويم حكومة تصريف الاعمال، وكذلك حول المطالبة بتوسيع مساحة تصريف الاعمال، قال قطب نيابي خبير في الدستور والقانون لـ"الجمهورية": "هذا أسطع دليل على عدم وجود إرادة لتأليف الحكومة. وهذا إن دلّ على شيء فعلى استخفافٍ بالدستور، فكل هذه المطالبات اقلّ ما يقال فيها انها هرطقة سياسية ودستورية، فلا سبيل الى تعويم الحكومة المستقيلة على الاطلاق، وكذلك الامر بالنسبة الى توسيع مساحة تصريف الاعمال. مع الاسف هناك من يَستسهِل الكلام، حتى لا نقول لا يعرف صاحب هذا الكلام ما يقوله، ويفترِض انّ الدستور يعدّل او يُطبَّق وفق الرغبات والتمنيات، فالدستور واضح بأنّ الحكومة المستقيلة مقيّدة بتصريف اعمال ضمن الاطار الضيّق، وبالتالي لا تستطيع حتى أن تجتمع، ولا أن تتّخذ قراراً حول ايّ أمر، ولا ان تبادر الى أيّ أمر، وكل ما يقال حول تعويمها او توسيع صلاحياتها، ليس اكثر من تخريف دستوري وهروب الى الامام".
المجلس الاعلى لم يتجاوز صلاحياته
وتعليقاً على المعلومات التي ترددت في الساعات القليلة الماضية، قالت مصادر وزارية مطلعة على اجواء رئيس الجمهورية انّ الحديث عن تجاوز المجلس الاعلى للدفاع صلاحياته ليس في محله على الإطلاق.
ولفتت هذه المصادر، عبر "الجمهورية"، الى انّ مَن نَسج هذه الرواية قد فاته انّ البلاد تعيش في ظل التعبئة العامة منذ 4 اشهر تقريباً تلت انفجار المرفأ، وانّ تداعيات النكبة التي حلت ببيروت وما تركته من ترددات أضيفت الى الازمة النقدية والاجتماعية وجائحة كورونا تفرض تدابير استثنائية، ولذلك لم يخرج المجلس الاعلى عن صلاحياته.
ولفتت هذه المصادر الى انّ الضغوط التي يتعرض لها اللبنانيون انعكست على العمل الحكومي، ولا بد من ان تواجه الوضع القائم في البلاد وتحمل وزر معاناة المواطنين الذين يواجهون المصاعب على اكثر من مستوى وفي اكثر من قطاع. وعليه، هل يمكن ان يبقى الوزراء متفرّجين على ما يجري من دون اي حراك؟
إشارات مُقلقة
وفي موازاة التعطيل الحكومي المتعمّد، تبرز مجموعة إشارات تبعث على القلق:
الاشارة الاولى، ما كشف النقاب عنه في اجتماع المجلس الاعلى للدفاع حول وجود مخاطر من اعمال امنية واغتيالات. وفي هذا السياق، قال مرجع امني كبير لـ"الجمهورية": انّ المعلومات الامنية المتوافرة لدى الأجهزة الامنية هي في منتهى الخطورة، وفرضت اتخاذ إجراءات احترازية على اكثر من مستوى، وقد جرى إبلاغ بعض الشخصيات بضرورة اتخاذ اقصى درجات الحيطة والحذر.
ورفض المرجع الامني تحديد اسماء الشخصيات التي ابلغت بتشديد اجراءاتها الامنية، واكتفى بالقول: الوضع في منتهى الدقة والحساسية، ولبنان ما يزال في عين العاصفة الارهابية، حيث هناك معلومات عن تحضيرات تجري من قبل بعض الخلايا الارهابيّة لضرب استقرار لبنان وإدخاله في اتون الفوضى، والاجهزة الامنية على اختلافها في حال من الجهوزية الكاملة لتَدارُك اي طارىء.
يُذكر في هذا السياق، انّ إجراءات امنية مشددة بدأت تلاحَظ في بعض المناطق الخاضعة لنفوذ "حزب الله"، وتحديداً في العديد من شوارع الضاحية الجنوبية.
- الإشارة الثانية، تَجلّت في ما كشفه مرجع سياسي مسؤول لـ"الجمهورية" من أنّ لبنان، بوَضعه الراهن، لن يستطيع الصمود والبقاء لمدة شهر على الاكثر. واذا كان هناك من يحذّر من النموذج الفنزويلي، فإنه سيغيّر موقفه ليحذّر العالم من النموذج اللبناني في السوء الذي بَلغه، فقد وصلنا الى الحضيض، والفوضى الاجتماعية الشاملة صارت على الابواب.
- الاشارة الثالثة، تجلّت في مخاوف ديبلوماسيّة وأمميّة أبدِيَت على مستقبل مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، واحتمال وقفها نهائياً، خصوصاً انّ احدى الشخصيات الاممية عبّرت صراحة عن تشاؤمها حيال إمكان استئناف المفاوضات في المدى المنظور، مشيرة الى انّ التباعد بين موقفي الجانبين اللبناني والاسرائيلي قد دفعَ، كخطوة اولى، الى تعليقها الى اجل غير مسمّى.
- الاشارة الرابعة، تجلّت في مخاوف ديبلوماسية غربيّة وأمميّة من تطورات أمنيّة على الجبهة الجنوبيّة، تنذر بذلك حالة الجهوزية على جانبي الحدود، ربطاً بما يُحكى عن ردّ إيراني على اغتيال العالم النووي الايراني محسن فخري زادة. حيث تحدث "تقرير دولي" عن "أنّ هناك خطراً جدياً يلوح في الأفق"، وحذّر من أي "خطوات او إجراءات قد تُشعِل توترات على الحدود بين لبنان واسرائيل قد تنسف حال الاستقرار القائم حالياً على الحدود". وتخوّف من "أن يكون لـ"حزب الله" دور في هذا الأمر".
القضاء على المستقبل
وعلى المستوى المالي والاقتصادي، إختتم الاسبوع كما بدأ، من دون بروز أي معطيات جديدة تسمح بالقول انّ الأزمات المتراكمة، وآخرها وأخطرها أزمة الدعم والاحتياطي الالزامي، تمضي نحو الحلحلة. بل إنّ العكس قد يكون صحيحاً، لأنّ المشلكة ازدادت تعقيداً، بعدما تبيّن انّ كل الاطراف تسعى الى الحياد السلبي حيال هذا الملف. وحتى اللجان النيابية التي خصّصت جلسة لبحث هذا الموضوع، انتهت الى لا شيء، وأعادت الكرة الى ملعب حكومة تصريف الاعمال، التي كانت عاجزة يوم كانت قائمة وفي عزّ عطائها، فكم بالحري اليوم وهي بالكاد قادرة على تصريف الاعمال؟
وسيتم افتتاح الاسبوع المقبل بالتركيز على ملف الدعم والاحتياطي، بعدما قرر المجلس المركزي في مصرف لبنان أن يحيّد نفسه، وأن يطلب من السلطة التنفيذية أن تتحمّل مسؤوليتها في اتخاذ القرار المناسب.
وفي هذا الاطار، يمكن تلخيص الأزمة بالنقاط التالية:
أولاً - لا يستطيع مصرف لبنان ان يقرر منفرداً الانفاق من الاحتياطي الالزامي.
ثانياً - ليس من صلاحية مجلس النواب ان يتدخل لاقتراح حلّ للمعضلة. وفي الاساس، وبصَرف النظر عن الصلاحيات، التي يمكن إيجاد مخرج لها، لا توجد رغبة نيابية في التورّط في هذا الملف الذي سيخرج منه كل مَن يقاربه مُثخناً بالجراح.
ثالثاً - النقمة القائمة على أسلوب الدعم توحي باستحالة الاستمرار بهذا النهج.
رابعاً - الفوضى القائمة لا توحي بإمكانية النجاح في مشروع الخروج بلوائح موحدة للاشخاص الذين ينبغي ان يشملهم الدعم في حال تمّ اتخاذ قرار بالدعم المباشر عبر بطاقات تموينية أو تمويلية. وليس مستبعداً ان يتحول مشروع مماثل الى تنفيعات وتقاسم حصص لتنفيع الأزلام، بدلاً من دعم من يحتاج الدعم.
خامساً - يحاول البعض التهويل من خلال نظرية الخيار بين موت الفقراء جوعاً، أو الانفاق من ودائع الاثرياء. هذه المعادلة غير واقعية، وتهدف الى التعمية واستسهال الاستمرار في الفوضى والتشبيح، وصولاً الى قعر البئر في المستقبل القريب.
في ظل هذه المعطيات، واذا كان المثل الشعبي القائل "مَن شَبّ على شيء شابَ عليه" دقيقاً، فإننا سنشهد من قبل المنظومة السياسية الحاكمة تراخياً وهروباً من القرار، وسيتواصَل صرف أموال الناس، وصولاً الى الكارثة الكبرى. ويبدو أنّ من قضى على حاضر اللبنانيين يخطّط للقضاء على مستقبلهم أيضاً.
*********************************************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن:
بعبع" الإغتيالات: سيناريو "بوليسي" خشية الإنفجار الإجتماعي آخر الدعم "الكي"… "رايحين على فوضى"!
أنا حزين على الناس كيف بدها بكرا تشتري الدوا"… بخاطر مكسور وصوت متهدّج يعبّر رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي عن خيبة أمله من نتيجة اجتماعه أمس مع ممثلي البنك الدولي، مؤكداً لـ"نداء الوطن" أنه وصل إلى "قناعة" بعد الاجتماع بأنّ "المجتمع الدولي لن يساعدنا بقرش واحد لا في الدواء ولا في غيره إذا لم تتشكل الحكومة ولم تنجز الإصلاحات المطلوبة". وبينما أبواب قصر بعبدا لا تزال موصدة في وجه تأليف حكومة المهمة الإصلاحية، ولا يبدو في أفق السلطة أي معالم رأفة بحال العباد والبلاد، تشي كل مؤشرات انعدام الحس بالمسؤولية أنّ المنظومة الحاكمة تقود اللبنانيين مخفورين لملاقاة مصير مأسوي محتوم لم يعد يفصلهم عنه أكثر من شهر بحسب المعطيات المتصلة بالفترة الزمنية الفاصلة عن تجفيف منابع الدعم من دون إيجاد بدائل واعتماد خطوات إصلاحية تتيح تأمين جرعات دعم خارجية للخزينة.
فبحلول نهاية العام أو مطلع العام الجديد على أبعد تقدير، سيلفظ الدعم أنفاسه الأخيرة وسيُفتقد الدواء المدعوم من الصيدليات ليسود حينها "الكيّ" بفاتورة الأدوية المدولرة التي سيدفع ثمنها المواطن من صحته وربما حياته. واقع مشؤوم لا يخفي عراجي حتمية بلوغه خلال فترة قصيرة في حال لم يتم اعتماد إجراءات سريعة لإبقاء الدعم ولو بشكل بسيط ومحدد أقله على أدوية الأمراض المزمنة الضرورية وإلا "رايحين على فوضى اجتماعية كبيرة، لأنّ الأسعار سترتفع 5 أضعاف والمؤسسات الضامنة ستنهار".
وإذ يؤكد مصدر وزاري انعقاد اللجنة الوزارية الثلثاء المقبل في السراي الحكومي لاتخاذ قرار بشأن ملف الدواء، يقول عراجي: "انتظرنا طويلاً جداً اللجنة الوزارية ولكنها لم تخرج بأي قرار، فقررت كرئيس لجنة صحة برلمانية أن أتحرك وتحركت، فعقدنا اجتماعاً (أمس) مع ممثلين عن البنك الدولي في بيروت على رأسهم مدير دائرة المشرق ساروج كومار جا وأجرينا مباحثات عبر "الفيديو كونفرنس" مع ممثلي البنك الدولي في الخارج لبحث إمكانية دعم الدواء في لبنان وفصل ملفه عن باقي الملفات المرتبطة بالإصلاحات، لكنّ البنك الدولي رفض ولم يقبل بأي استثناء، وكان جوابه واضحاً بعدم تقديم أي مساعدة للبنان من دون حكومة وإصلاحات فورية"، لافتاً إلى أنه "حتى في مسألة المطالبة بدفع المبلغ المخصص للبنان والبالغ 246 مليون دولار لمساعدة العائلات الفقيرة المقدرة بنحو 120 ألف عائلة، شدد البنك الدولي على أنها تحتاج إلى قرار من مجلس الوزراء وبالتالي لن يكون ذلك متاحاً قبل تشكيل الحكومة الجديدة". وختم متأسفاً: "الحقيقة وضعنا صار محزناً جداً وإن لم نصل إلى حل خلال شهر فإننا متجهون بلا شك نحو مشكلة كبيرة".
وعلى ضفة طرح الحلول والبدائل المتاحة، برز أمس الإعلان عن تحضير تكتل "الجمهورية القوية" اقتراح قانون معجلاً مكرراً للمحافظة على الاحتياط الإلزامي، مقروناً بالطلب من حكومة تصريف الأعمال استصدار بطاقات تموينية للعائلات الأكثر فقراً بدل الاستمرار في هدر مئات ملايين الدولارات دعماً لمواد يتم تهريبها إلى سوريا ويستفيد منها كبار التجار والمستوردين. وحول آلية التنفيذ المقترحة، يكشف نائب رئيس الحكومة السابق غسان حاصباني لـ"نداء الوطن" (ص 17) عن بديل أطلق عليه تسمية "Digital Wallet" لتوفير الدعم المباشر للمواطن بتمويلٍ غالبيته من الخارج، موضحاً أنّ المساعدات المطلوبة في هذا المجال تقدّر بملياري دولار والأموال يمكن أن توزع من خلال محفظة الدعم الرقمية "بشكل عادل على نحو 500 ألف عائلة وقد يصل الرقم الى 800 ألف في المدى المتوسط".
في المقابل، وعلى إيقاع تسارع العد العكسي للحظة الانفجار الاجتماعي، تتسارع خطوات السلطة باتجاه تحضير العدة الأمنية لقمع أي اهتزاز شعبي على أرضية حكمها. وبدل أن تعمد إلى محاولة فكفكة فتائل الانفجار وتعطيل صواعقه الاقتصادية والمالية والاجتماعية والصحية، بادرت خلال الساعات الأخيرة إلى التهويل بسيناريوات "بوليسية" تسعى من ورائها إلى ترهيب المواطنين عبر استثارة المخاوف من "بعبع" الاغتيالات المتربص بالأمن والاستقرار في البلاد، وفق ما وصفت مصادر موثوق بها الأجواء التي أشاعها المجلس الأعلى للدفاع أمس الأول في قصر بعبدا والحديث عن تحذيرات أمنية من خطر تنفيذ عمليات اغتيال في لبنان.
وكشفت المصادر لـ"نداء الوطن" أنه بنتيجة مراجعة مرجع أمني كبير خلال الساعات الأخيرة عن الموضوع، اكتفى بالتأكيد جازماً أنه لا توجد أي "قصقوصة ورق" أو أي تقرير يُعتد بجديته لدى الأجهزة الأمنية يشير إلى التحضير لعمليات اغتيال على الأراضي اللبنانية، بينما المخاوف الأمنية الاعتيادية المرتبطة بتحركات بعض "الخلايا النائمة" يتم التعامل معها بجهوزية عالية وتواصل الأجهزة العسكرية والأمنية عمليات رصدها وتفكيكها وتوقيف أعضائها كما حصل في الآونة الأخيرة في عدد من المناطق.
*******************************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق:
اجراس الانذار الدولية للبنان تدق والمسؤولون "يتدلعون" السعودية الى جانب لبنان: حزب الله يعطل الحياة السياسية
"لا تندهي ما في حدا"…قد يكون مطلع الاغنية الفيروزية هذه، اكثر ما ينطبق على واقع حال نداءات وتحذيرات المجتمع الدولي للمسؤولين اللبنانيين، بعدما بُحَت حناجرهم ونفذ حبر بياناتهم لكثرة ما نادوا ونصحوا وناشدوا القادة اللبنانيين تشكيل حكومة في اسرع وقت وبدء ورشة الاصلاحات قبل دخول لبنان في المجهول، وقد بات في عمقه، ومواجهة المصير الاسود، من دون طائل ولا من يجيب. ذلك ان المنظومة السياسية المتحكمة برقاب اللبنانيين والتي نقلتهم من شعب تحسده كل الشعوب الى مجموعة مواطنين يائسين مشتتين في اصقاع الارض لكثرة ما هاجر منهم ينتظرون الساعة الصفر لاعلان النهاية الدراماتيكية للوطن، لا تجد وقتا لسماع النصائح الدولية لكثرة انشغالها في حروبها الداخلية وتراشق التهم والمسؤوليات عما وصلت اليه البلاد، وفي نسج سيناريوهات مفبركة عناوينها اصلاحية وباطنها تعمية وتغطية على فسادها وارتكاباتها على مدى عقود.
نداءات بلا اجوبة
تتوالى النداءات الدولية الموجهة للمسؤولين اللبنانيين للاسراع في تشكيل حكومة، لكنها تبقى بلا استجابة حتى الساعة. آخر هذه المناشدات، أتى امس من بريطانيا ومن الاسرة الاممية الدولية ايضا.
تحركوا للانقاذّ!
فقد انهى وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط جايمس كليفرلي، زيارته للبنان، داعيا المسؤولين اللبنانيين الى التحرك الآن لإنقاذ لبنان من كارثة اقتصادية شاملة. واعلنت السفارة البريطانية في بيان " في زيارته الأولى الى لبنان، حث وزير شؤون الشرق الأوسط سياسيي لبنان على تنفيذ إصلاحات عاجلة لمنع البلاد من الانزلاق أكثر في الأزمة الاقتصادية. وشدد كليفرلي على الحاجة إلى الإسراع في تشكيل حكومة جديدة وضرورة إجراء إصلاحات قد طال انتظارها.
لحكومة شفافة
في الموازاة، اعلن سفير الاتحاد الاوروبي رالف طراف في مؤتمر اعادة اعمار لبنان ان "لا يمكن ان يتوقع لبنان المساعدة من دون تحقيق الإصلاحات التي باتت معروفة". اما المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في لبنان نجاة رشدي، فقالت "نكرر الدعوة لتشكيل حكومة جديدة تتحمل المسؤولية امام شعبها وقد ابلغنا هذا الأمر للمعنيين". من جانبه، اشار مدير البنك الدولي كومارجاه الى ان "على المسؤولين اخذ الخطوات المناسبة وعلى المؤسسات ان تقوم بدورها"، واضاف "قررنا ان ننشئ الية تمويل تسمح للجهات الدولية المانحة ان تضع تمويلها ضمن معايير الحماية والشفافية لذا سيكون هناك هيئة اشراف تراقب المال الذي سيتم وضعه لإعادة الإعمار"، مستطردا "لا نستطيع انجاز كل هذا من دون حكومة شفافة ومسؤولة".
اطار الاصلاح
وفي هذا المجال، أعلنت بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان في مؤتمر عبر تطبيق ZOOM إطلاق إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار للبنان الذي أعده الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ومجموعة البنك الدولي استجابة لانفجار مرفأ بيروت. وأشارت الى ان استنادا إلى التقييم السريع للأضرار والاحتياجات في بيروت وضعت الجهات الثلاث "إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار" الذي يعطي الأولوية لاحتياجات الناس، وخصوصا الفقراء والأكثر ضعفا، والمزمع تنفيذه خلال 18 شهرا.
موقف لافت
الى ذلك، سُجّل موقف سعودي لافت. فقد أكد نائب وزير الخارجية السعودي، وليد الخريجي الذي شارك نيابة عن وزير الخارجية، في مؤتمر باريس لدعم لبنان وشعبه، أن المملكة العربية السعودية ترفض ممارسات حزب الله في لبنان. وقال الخريجي في تغريدة على "تويتر"، إنه أكد موقف المملكة الثابت في "الوقوف إلى جانب الشعب اللبناني، ورفضها التام لممارسات حزب الله المدعومة من إيران، المعطلة للحياة السياسية والتي توفر الحماية للفساد والفاسدين".
لا اجراءات لا دعم!
في هذا الوقت أوضح المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش أن"المؤتمر الدولي لدعم الشعب اللبناني، ذكّر مرة أخرى قادة لبنان بضرورة التنفيذ الفعال للإصلاحات التي تعتبر بالغة الأهمية لاستعادة ثقة المجتمع اللبناني والمجتمع الدولي، لمشاركة الأخير في دعم لبنان"، مضيفا عبر "تويتر": بعد أربعة أشهر، عبر المشاركون في المؤتمر عن قلقهم بشأن التأخير في التحقيق في انفجار ميناء بيروت. لا إجراءات - لا دعم"… الجمودُ السياسي - الحكومي على حاله ولا اتصالات على خط التشكيل.
اجتماع مالي
وسط هذه الاجواء، بقي الملف المالي بأكمله، من التدقيق الجنائي الى الدعم ورفعه، في الواجهة. وفي السياق، علمت "المركزية" ان اجتماعا سيعقد الإثنين المقبل في السراي يضمّ إلى الرئيس حسان دياب المجلس المركزي لمصرف لبنان للبحث في موضوع الدعم وإيجاد مقترحات عملية.
ومستجدات ملف التدقيق الحسابي والمالي، حضرت في السراي الحكومي بين دياب، ووزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني، مدير شركة "Oliver Wyman" المولجة بالتدقيق الحسابي والمالي أوليفر وينش، مدير شركة "KPMG" مارتن هيوسكيتس، مفوّض الحكومة لدى مصرف لبنان كريستال واكيم، ونقيبة المحامين السابقة أمل حداد.
احكام عسكرية
في الغضون، وبعد يومين على الادعاء على قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي وفريق عمله من كبار الضباط، اصدرت المحكمة العسكرية امس أحكاما تراوحت عقوبتها ما بين الغرامة المالية والأشغال الشاقة مدة 15 سنة، في حق ضباط كبار ورتباء وعسكريين في قوى الأمن الداخلي بالإضافة إلى مدنيين، بجرم اختلاس أموال أوكل إليهم أمر ادارتها وتزوير مستندات رسمية.
مصادر عسكرية اكتفت بالقول ردا على سؤال عن توقيت الادعاء والاحكام على الضباط، ان المؤسسة تلتزم بالقضاء واحكامه، وتحتكم الى قراراته.
**********************************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط:
اتهامات لعون بتجاوز الدستور اللبناني وتخطيه صلاحيات رئيس الحكومة "يتصرف كما كان يفعل عند ترؤسه الحكومة العسكرية"
استغرب رئيس حكومة سابق قول رئيس الجمهورية ميشال عون، في أثناء ترؤسه اجتماع المجلس الأعلى للدفاع، إن الظروف الراهنة تفرض أحياناً التوسع قليلاً في تصريف الأعمال من قبل الحكومة المستقيلة لتلبية حاجات البلاد إلى حين تشكيل الحكومة العتيدة، ورأى في كلامه أنه ينم عن مضيه في تعديل الدستور (اتفاق الطائف) إنما بالممارسة لا بالنص، في محاولة مكشوفة للالتفاف على الضغوط الدولية المطالبة بالإسراع في تشكيل الحكومة، خصوصاً أن تصريف الأعمال -كما هو متعارف عليه- يبقى في حدود ضيقة.
واتهم رئيس حكومة سابق، فضل عدم ذكر اسمه، رئيس الجمهورية بأنه يتصرف كأنه يرأس مجلس قيادة الثورة، رافضاً التقيد بأصول الدستور، وقال لـ"الشرق الأوسط" إنه يخطط من خلال دعوته إلى التوسع قليلاً في تصريف الأعمال لنقل الصلاحيات المناطة بالسلطة الإجرائية إلى مجلس الدفاع الأعلى الذي لا يتمتع بصفة تقريرية، ويبقى دوره محصوراً في إصدار التوصيات، ورفعها إلى مجلس الوزراء الذي يحق له وحده النظر فيها، واتخاذ القرارات المناسبة.
وأكد أن دعوة الرئيس عون لن تمر مرور الكرام، وسيترتب على موقفه تداعيات سياسية يُفترض أن تتفاعل، على خلفية أنها مخالفة للدستور، وتجعل منه الحاكم بأمره، وتتيح له التفرد باتخاذ القرارات التي يتجاوز فيها الصلاحيات المناطة بالنظام الرئاسي، وكشف أن رؤساء الحكومة السابقين بدأوا مشاوراتهم مع الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة سعد الحريري تمهيداً للرد على مخالفته للدستور.
وفي هذا السياق، قال مصدر في المعارضة لـ"الشرق الأوسط" إن عون يتحضر للانقلاب على اتفاق الطائف، وعزا السبب إلى أنه كان أول من أعلن رفضه له، بذريعة أنه شكل الغطاء الدولي والإقليمي لإخراجه من قصر بعبدا، واضطراره للانتقال إلى مقر السفارة الفرنسية، ومنها غادر إلى باريس. ورأى أن خلو ورقة التفاهم التي وقعها مع الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله في فبراير (شباط) 2006 من أي إشارة لـ"الطائف" لم يكن من باب الصدفة، وإنما جاء عن سابق تصور وتصميم.
وكشف أن الموفدين الدوليين الذين يزورون لبنان من حين لآخر، وتحديداً بعد استقالة حكومة الرئيس حسان دياب، يسألون عن الأسباب الكامنة وراء عدم التفات الحكومة لأمور اللبنانيين، ويأتيهم الجواب من دياب بأن العائق يعود إلى أن تصريف الأعمال يبقى في حدود معينة، وهذا ما أبلغه أخيراً إلى وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا كليفرلي، عندما التقاه أول من أمس.
ولفت إلى أن عون يسعى لتفعيل الحكومة المستقيلة، في خطوة لا بد منها لتعويمها، إفساحاً في المجال أمام عودة مجلس الوزراء للانعقاد، وإلا لماذا بادر إلى تخطيه للدور المرسوم للمجلس الأعلى للدفاع، من خلال إصراره على إصدار قرارات تشكل سابقة من غير الجائز عدم التوقف أمامها؟
وسأل المصدر السياسي: لماذا أجاز عون لنفسه تكليف الأمانة العامة لمجلس الوزراء استكمال ملف إعداد مشروع قانون لشركة مرفأ بيروت من أجل عرضه على مجلس الوزراء فور جهوزيته، مع أنه يعرف جيداً أنه من اختصاص مجلس الوزراء مجتمعاً، وبالتالي لا علاقة لمجلس الدفاع الأعلى به، مع أن الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية ليس عضواً فيه؟
وسأل أيضاً كيف أجاز عون لنفسه أن يطلب من وزير المالية غازي وزني تسهيل إعداد مشروع لتأمين مبلغ بقيمة 150 مليار ليرة يخصص لمساعدة المتضررين من انفجار المرفأ لترميم منازلهم، رغم أنه يدرك جيداً أنه لا يستطيع تجاوز مجلس الوزراء، وأيضاً المجلس النيابي، للحصول على موافقته على أي إنفاق مالي من خارج الموازنة؟
وعد المصدر نفسه أن عون يتحضر لدعوة مجلس الوزراء للانعقاد، مع أن دياب، وإن كان لا يبدي حماسة في العلن لانعقاده، فاجأ الوسط السياسي بما قاله في مقابلته المتلفزة التي لم يسبق أن أطل بها على اللبنانيين طوال الفترة التي أمضاها على رأس الحكومة قبل أن يضطر لتقديم استقالته.
وأكد أن دعوة عون لتوسيع نطاق تصريف الأعمال جاءت استجابة لفريقه الاستشاري، ولم تكن بمثابة هفوة أو كناية عن خطوة لم تكن مدروسة، بل أقدم عليها رغبة منه في جس نبض القوى المعارضة له، لعله يدفع باتجاه إعادة خلط الأوراق لجهة إحراج القوى المسيحية المناوئة له بذريعة أنهم يقفون سداً منيعاً ضد استرداد رئيس الجمهورية لصلاحياته.
وقال إن عون ذهب بعيداً في مصادرته لصلاحيات مجلس الوزراء، اعتقاداً منه أنه يستطيع الضغط على الحريري لإعادته إلى "بيت الطاعة"، وبالتالي التسليم بشروطه للإفراج عن تشكيل الحكومة التي باتت معروفة، وتتعلق برفع عدد أعضاء الحكومة من 18 وزيراً إلى 20، والتزامه بوحدة المعايير، وقيامه بمشاورات مع الكتل النيابية التي لا يريد منها سوى إعادة تلميع صورة صهره رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل بعد العقوبات الأميركية التي استهدفته، في مدخل لتعويمه سياسياً، وتقديمه على أنه الرقم الصعب في تقرير مصير الحكومة.
ورأى المصدر السياسي أن عون سيدفع باتجاه تعويم الحكومة في حال لم يستجب الحريري لشروطه، اعتقاداً منه أن اللبنانيين بمرور الزمن سيضطرون للتكيف مع استمراريتها، والتعايش معها كأمر واقع، وقال إنه لن يدخل في نزاع مباشر مع الحريري، ينطلق فيه من نزع التكليف عنه، لأن الدستور لا يسمح له بذلك.
وعليه، فإن رئيس الحكومة السابق يتعامل مع عون على أنه لم يتبدل مع وصوله إلى سدة الرئاسة الأولى، بل يصر على التصرف كما كان إبان توليه رئاسة الحكومة العسكرية.
نسخ الرابط :