بعد تصحيح خلل إداري، أزال الأمن العام اسم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من قائمة الممنوعين من السفر، ما نزع «الذريعة» التي وُعِد بها الحاكم، أو وعد نفسه بها، لعدم حضور جلسة الاستماع له في باريس غداً، بحجّة عدم تبلّغ الأمن العام قرار القاضية غادة عون رفع حظر السفر عنه. دفع ذلك الحاكم وفريقه للجوء إلى حيلة مجهّزة مسبقاً، وتتمثل في عدم تبلّغه أساساً طلب القضاء الفرنسي الاستماع إليه غداً.
وفيما أشار معنيون بالملف من باريس إلى عدم توافر أي معطيات لديهم عما يحصل، لافتين إلى أن تأجيل الجلسة يُعلن عنه عادة يوم الجلسة، أكّد قاضي التحقيق شربل أبو سمرا لـ «الأخبار» أن سلامة لم يتبلغ موعد الجلسة. وأوضح: «لم أعثر عليه في أي مكان، وبالتالي لم يجر إبلاغه كما يجب. في هذه الحال، أُبلغ الجهة المستدعية بأنني لم أصل إلى عنوان دقيق للمستدعى، وأنه لا يوجد ما يوجب عليه إعادة تبليغه الحاكم من جديد»!
عملياً، يؤكد كلام أبو سمرا ما تم تداوله أخيراً نقلاً عن الفريق القانوني لسلامة بأن الأخير لم يتبلغ الطلب الفرنسي. ويوضح هؤلاء أنه بعد انتهاء جلسة الاستماع إلى الحاكم أمام القاضية الفرنسية أودي بوروزي في بيروت قبل أسابيع، وقبل أن يهمّ بالمغادرة، توجّهت إليه القاضية بأنها تبلغه رسمياً دعوته للحضور أمامها في باريس في 16 أيار. غير أن القاضي أبو سمرا تدخّل معترضاً، وخاطب بوروزي بأن التبليغ الرسمي لا يتم بهذه الطريقة، وأن على القضاء الأجنبي أن يطلب من القضاء اللبناني القيام بالأمر باعتباره الجهة الوحيدة المخولة بذلك. وبناء عليه، طلبت بوروزي من أبو سمرا إبلاغ سلامة بموعد مثوله أمامها، فوعد بذلك فوراً. لكن، بالنتيجة، لم يجر تبليغ سلامة الذي أبقى الأمر ورقة يسحبها في اللحظة المناسبة، وهو ما حصل أمس مع إبلاغ فريقه القانوني الفرنسيين بأنه لم يُبلّغ بموعد الجلسة.
وفيما وُجهت اتهامات إلى أبو سمرا لعدم قيامه بالتبليغ بطريقة قانونية، أكّدت جهات معنية أن الأمر برمّته كان مدروساً من الجهات الداعمة لسلامة في السلطات اللبنانية كافة، وبالتالي، فإن اعتذاره عن عدم الحضور إلى الجلسة غداً لم يكن مفاجئاً. ولفتت إلى أن بوروزي ستكون مضطرة لتحديد موعد جديد قبل نهاية الشهر الجاري. إلا أن المعطيات تفيد بأن الحاكم سيعمد إلى الابتعاد عن الأنظار خلال هذه الفترة ما يحول دون تبلّغه بصورة رسمية مجدداً، ويتيح له مزيداً من الوقت لإنجاز ترتيبات أخرى، من بينها رهانه على قرار يرتقب صدوره في اليومين المقبلين، في شأن طلب تقدّم به فريقه القانوني في الخارج لرفع الحجز عن بعض ممتلكاته وأمواله المحجوزة في أكثر من بلد أوروبي، بحجة حاجته إلى تسديد مستحقات فريقه القانوني وتمويل نفقات المسار القانوني لقضيته. لكن سلامة يعتبر، في الواقع، أن الموافقة على رفع الحجز يتيح له إطلاق حملة جديدة للطعن في صدقية المسار القضائي كله، خصوصاً أنه كان يسعى إلى حصر الاتهام الفرنسي له بتهمة تبييض الأموال، وإسقاط تهمة الاختلاس، ما يتيح له التهرب من الحكم الأقسى، في حال نجحت خطته في إقناع أبو سمرا باعتبار نحو 330 مليون دولار تقاضتها شركة «فوري» من المصارف كعمولات على عمليات بيع وشراء سندات خزينة، أموالاً خاصة وليست عامة.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :