افتتاحية صحيفة البناء :
مؤتمر باريس للمساعدات الإنسانيّة: توقعات بتأمين 500 مليون دولار من مليارين اللجان المشتركة اليوم والمجلس المركزيّ غداً لترشيد الدعم والبداية المحروقات / سلامة: الدعم مستمرّ لشهرين... وسنسلّم وثائق التدقيق حول حسابات الدولة لا المصارف
لا حكومة، أمر بات مسلَّماً به، بالنسبة لكل متابعي المسار الحكومي، حتى لو ظهر الرئيس المكلف سعد الحريري حاملاً ملفاً يتضمن مسودة حكومية في قصر بعبدا، للقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. وكورونا لا يزال يتوسّع والقلق من المزيد مع زحمة الأعياد والتسوّق في موسمها، والإجراءات الحكوميّة التي كان الإقفال آخرها لم تظهر نتائج تذكر. واللبنانيون يتصرفون على قاعدة أن ما باليد حيلة في هذين الملفين، بانتظار اللقاح الموعود من الخارج في كل منهما، ومعهما ملف ترسيم الحدود الذي يبدو ان عليه الانتظار أيضاً حتى تتبلور صورة الوضع الدولي الجديد مع تسلم الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن مقاليد الحكم وانطلاق التفاوض الروسي الأميركي الذي سيكون من محاوره مستقبل الغاز في البحر المتوسط، ونزاع الأنابيب لنقله الى أوروبا.
في ظل هذا التأقلم مع الانتظار، عيون اللبنانيين شاخصة الى باريس التي تشهد انعقاد مؤتمر الدعم المخصص للمساعدات الإنسانية، بدعوة من الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون ومشاركة الأمين العام للأمم المتحدة نيكولاس غوتيريس، والمؤتمر هو بديل للمؤتمر الذي تم تأجيله مرتين تحت عنوان النهوض بالاقتصاد ومعالجة الأزمة المالية الذي ينتظر الحكومة الجديدة وخطتها الإصلاحية وانطلاق مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي، وفقاً للمبادرة الفرنسية، بينما مؤتمر اليوم هو تتمة لمؤتمر سابق خاص بالمساعدات الإنسانية للمتضررين من تفجير مرفأ بيروت، ولو أن المؤتمر وضع على جدول أعماله إعادة إعمار ما تهدم في تفجير المرفأ وجرى تقدير المبالغ المطلوبة بملياري دولار، فإن مصادر على صلة بالتحضيرات الخاصة بالمؤتمر توقعت أن يؤمن المسعى الفرنسي مبلغ خمسمئة مليون دولار تضخ في الاقتصاد اللبناني عبر منصة تشرف عليها فرنسا تشترك فيها جمعيات ومؤسسات مثل بلدية بيروت والصليب الأحمر والدفاع المدني، وتخضع أعمالها لتدقيق مالي ومحاسبي من قبل مكاتب فرنسيّة.
الاهتمام الشعبي ينصبّ على معرفة ما سيلحق بدعم المستوردات الذي يتولاه مصرف لبنان. وعلى هذا الصعيد تنعقد اللجان النيابية المشتركة اليوم وينعقد المجلس المركزي لمصرف لبنان غداً للبحث في سبل توفير العملات الصعبة لمواصلة دعم ما هو الأشد ضرورية، خصوصاً تخفيض الاحتياط الإلزامي للمصارف من 15% الى 12%، فيما كان حاكم مصرف لبنان يعلن أن الدعم سيستمر لشهرين، ما لم تتأمن موارد جديدة، كاشفاً عن نيته تسليم الوثائق المطلوبة للتدقيق المالي الجنائي في حسابات الدولة ومؤسساتها، رابطاً تسليم ما يتصل بحسابات المصارف بقانون يرفع السرية المصرفية.
على صعيد ملف الدعم قالت مصادر مالية إن أول ما سيطاله التوقف هو دعم المحروقات، حيث يتوقع زيادة ساعات تقنين الكهرباء بنتيجة تراجع كميات الفيول المستورد، وزيادة سعر تنكة البنزين الى 50 الف ليرة كمرحلة أولى ربما تصل الى 100 الف لاحقاً، لأن القضية الأهم هنا، برأي المصادر ليست سعر شراء الدولار من مصرف لبنان لتغطية مستلزمات الاستيراد، بل توقف مصرف لبنان عن تأمين دولارات الاستيراد، وبالتالي توجه المستوردين الى السوق طلباً للدولار وبالتالي تشكيل قوة ضغط في السوق ستؤدي إلى ارتفاع سعر الدولار بطريقة تخرج عن السيطرة، وبنسب يصعب توقعها.
خيارات بديلة عن رفع الدعم
وفيما بقي الملف الحكومي في دائرة الجمود والتعقيد بانتظار صيغة حكومية يقدمها الرئيس المكلف سعد الحريري الى رئيس الجمهورية خلال زيارته المرتبة الى بعبدا، تقدّمت إلى واجهة الاهتمام الرسمي والشعبي الملفات المالية والاقتصادية وسط تحذيرات من انحدار الوضع الاقتصادي والاجتماعي والمالي إلى الأسوأ نتيجة عجز مصرف لبنان عن الاستمرار بسياسة الدعم للمواد الأولية والسلع الغذائية، ما سيفرض على المصرف المركزي والدولة البحث عن حلول لحماية ما تبقى من احتياطات نقدية بالعملة الأجنبية أطول مدة معينة، خصوصاً في حال طال أمد ولادة الحكومة الجديدة وفي الوقت نفسه عدم تحميل المواطنين عبئاً إضافياً.
وأشار خبير اقتصاديّ لـ"البناء" إلى أن "موضوع رفع الدعم موضوع زاد تعقيداً وحساسية، لأن المسؤولين وضعوا المواطن في وضع لا يُحسد عليه وبات علينا الاختيار بين السيئ والأسوأ، وأي من الخيارات سينعكس سلباً على المواطن وقدرته الشرائية". وأضاف: "هناك إجراءات مرحلية ترشيدية مؤقتة يمكن اتخاذها لتخفيف حدة الأزمة، ومنها تجزئة الدعم انطلاقاً من القاعدة التي ينطلق منها الاقتصاديون وهي مرونة الطلب على سلعة ما بالنسبة الى سعرها، فالدواء مثلاً لا يتأثر الطلب عليه إن ارتفع سعره لأنه سلعة أساسية وضرورية للمواطن لا يمكن الاستغناء، في المقابل يمكن تخفيض استهلاك مشتقات الطحين باستثناء الخبز، وكذلك الأمر يمكن تقنين المحروقات رغم أن الدولة لم تبنِ نظاماً للنقل العام كي تفرض على المواطنين تخفيض تنقلاتهم واستخدام النقل المشترك، لكن لكون لبنان في وضع وظروف استثنائية وحرجة من الممكن تقنين استهلاك المحروقات". وأوضح الخبير أن "الدواء رغم أنه خط أحمر لكن يمكن اتخاذ إجراءات لتقنين استيراد الأدوية لا سيما التي لا تستخدم لعلاج الأمراض المزمنة والمستعصية والتي يوجد بديل عنها في السوق المحلي، علماً أن أغلب الأدوية لها ما يوازيها في السوق المحلية، وبالتالي يجب تخفيض أو ترشيد الدعم في قطاع الأدوية الى حد كبير". ولكن هذا لا يكفي بحسب الخبير فيجب تحويل المرحلة الصعبة الى فرصة لتطوير الصناعات المحلية لا سيما صناعة الأدوية المحلية واستيراد السلع الوسيطة التي تحتاج اليها صناعة الأدوية، وبالتالي الوصول الى تغطية حاجة البلد من الأدوية بعد ثلاث سنوات"، وتحدث الخبير عن 4000 دواء مرخص في لبنان بينما هناك دول عدد سكانها 300 مليون نسمة تعتمد على لائحة منظمة الصحة العالمية التي تتراوح بين 400 و600 دواء فقط".
ولفت الخبير إلى "أن هذه الحلول مؤقتة في ظل الظروف الصعبة، أما الحل الجذري فهو إقرار الإصلاحات الأساسية التي لم تقر منذ سنوات، والسير وفق رؤية اقتصادية وتحديد الثقب الأسود وتوزيع الخسائر وإقرار قوانين التحويلات إلى الخارج والتدقيق الجنائي بكل المؤسسات العامة وإعادة هيكلة القطاع المصرفي وإصلاح النظام الضريبي لكن كل ذلك يحتاج الى حكومة فاعلة وقرار سياسي حاسم".
وأطلق رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي صرخة حذّر فيها من أن "الأمن الغذائي في خطر في حال استمرّ العمل بتدبير مصرف لبنان والمصارف القاضي بخفض السحوبات بالليرة من المصارف لا سيما بالنسبة للشركات المستوردة لهذه المواد"، مؤكداً أن دراسة أجرتها النقابة أظهرت ان استيراد المواد الغذائية سينخفض في وقت قريب الى النصف جراء هذا التدبير المجحف.
وتعقد اللجان النيابية المشتركة جلسة اليوم لبحث موضوع "الدعم" في ضوء تآكل احتياطي "المركزي".
ومن المتوقع أن يعقد المجلس المركزي لمصرف لبنان اجتماعاً خلال اليومين المقبلين لدراسة الخيارات المتاحة. وعلمت "البناء" أن القرار حسم لجهة اتخاذ قرار نهائي بموضوع رفع الدعم قبل نهاية العام، وذلك لأن سياسة الدعم لا يمكن أن تستمر بهذا الشكل، وهذا الأمر محط إجماع الحكومة ومصرف لبنان والمجلس النيابي، لكن الخلاف الحاصل هو حول آليات رفع الدعم بشكل لا تؤذي الطبقات الفقيرة والمتوسطة.
وأكد تكتل لبنان القوي خلال اجتماعه الدوري الكترونياً برئاسة رئيس التكتل النائب جبران باسيل أنه "مع سياسة دعم الأفراد وليس السلع، ومع الدعم الموجّه وليس الدعم المعمّم. وهذا موقفه الثابت منذ أن طالب عام 2010 برفع تعرفة الكهرباء عوضاً عن تكبد الخزينة مليارات الدولارات كتكلفة لسياسة دعم سلعة الكهرباء. والمفارقة ان بعض المسؤولين عن هذه السياسة عاب على التكتل مطلبه وراح يسميه فساداً". ودعا الى "توفير دعم تمويلي مباشر للأفراد والعائلات المستحقة ومساعدتهم مادياً لتأمين الغذاء بما فيه القمح والدواء والمحروقات كمواد أساسية، والكفّ عن دعم الميسورين وغير المحتاجين لا بل المنتفعين. ويعتبر أنه هذا هو الهدر بحد ذاته".
تقرير البنك الدولي حول لبنان
وأكد البنك الدولي أن لبنان يعاني من ركود شاق وطويل. وقال في تقرير المرصد الاقتصادي للبنان إن "الفقر سيواصل التفاقم على الأرجح، ليصبح أكثر من نصف السكان فقراء بحلول 2021، فيما من المتوقع أن تبلغ نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي 194 بالمئة ارتفاعاً من 171 بالمئة في نهاية 2019".
وأشار في بيان الى أن "بعد عام من تفجر الأزمة الاقتصادية الحادة في لبنان، أدى الغياب المتعمد لإجراءات فعالة على صعيد السياسات من جانب السلطات إلى تعريض الاقتصاد لركود شاق وطويل".
وبعد انخفاض ملحوظ إلى ما دون الـ8000 ليرة، عاد سعر صرف الدولار في السوق السوداء للارتفاع وسجل مساء أمس 8000 ليرة للشراء، مقابل 8100 ليرة للمبيع. وكان تراوح دولار السوق السوداء صباحاً ما بين 7700 ليرة للشراء و7800 ليرة للمبيع.
سلامة: سنستمرّ بالدعم لشهرين
وفي أول تصريح له بعد عودته من فرنسا كشف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ان المصرف المركزي بإمكانه الاستمرار بسياسة الدعم لمدة شهرين فقط. وأشار إلى أن الاتهامات الموجهة له غير صحيحة. وأضاف: "لست جزءاً من الفساد فأنا مستقل وغير متحزّب".
وأعلن سلامة في حديثٍ تلفزيوني أن "ودائع اللبنانيين موجودة في المصارف وليس في "البنك المركزي"، والدليل أن لا مصرف أعلن إفلاسه". وأوضح أن "المصارف اللبنانية لديها إدارتها للمخاطر ونحن نضع السياسات فقط".
ولفت إلى أن "شهرياً هناك ما لا يقل عن 600 مليون دولار يتم سحبها تلبية لحاجات اللبنانيين"، وأردف أن "كل دول العالم تضع حداً للسحوبات النقدية".
وكشف سلامة أن "حتى آخر أيلول 2020، أرجع مصرف لبنان كل الدولارات للمصارف"، وقال إن "المصرف المركزي يموّل الدولة إذا افتقرت للتمويل وفقاً للقانون"، وأشار إلى أن "العجز بموازنة الدولة لا يخص مصرف لبنان".
وتابع: "مليار ومئة مليون خرجت من لبنان وليست هي سبب الأزمة، ونحن مع التدقيق الجنائي وسلمنا حساباتنا".
مؤتمر دعم لبنان
ويُعقد اليوم "المؤتمر الدولي الثاني لدعم بيروت والشعب اللبناني" في بيروت بواسطة تقنية الفيديو، بدعوة من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي سيرأس الاجتماع مع الأمين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس، على أن يلقي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كلمة تتناول الأوضاع الاقتصادية الراهنة والصعوبات التي تواجه اللبنانيين في هذه المرحلة لا سيما بعد الانفجار في مرفأ بيروت وتداعيات جائحة "كورونا".
عون
واطلع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من سفير الاتحاد الاوروبي في لبنان رالف طراف ونائبة المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان نجاة رشدي والمدير الاقليمي لدائرة المشرق في البنك الدولي ساروج كومار جاه، على "اطار الاصلاح والتعافي واعادة الاعمار للبنان"، الذي اعدته الجهات الثلاث والتي قدرت تكلفته بمليارين و500 مليون دولار.
ولفت عون الى "أن لبنان يعول كثيراً على المؤتمر الدولي الثاني الذي دعا اليه الرئيس ماكرون والأمين العام انطونيو غوتيريس، لا سيما أن اعمال المؤتمر ترتكز على التقرير الذي صدر عن البنك الدولي والاتحاد الاوروبي والأمم المتحدة لتقييم الخسائر والحاجات".
وأبلغ رئيس الجمهورية المجتمعين "ان الرسالة التي وجهها الى مجلس النواب ودعا فيها النواب الى اتخاذ موقف واضح بشأن التدقيق الجنائي لقيت تأييد المجلس الذي أصدر قراراً بإخضاع حسابات مصرف لبنان والوزارات والمصالح المستقلة والمجالس والصناديق والمؤسسات العامة بالتوازي للتدقيق الجنائي من دون أي عائق او تذرع بسرية مصرفية". واعتبر "ان هذا التدقيق سيمكن من معرفة كل دولار انفق او سينفق في لبنان ما يحقق صدقية الدولة تجاه المجتمع الدولي ولا سيما الدول المانحة".
كتاب وزني الى مصرف لبنان
وفي تطوّر لافت، وبعد توصية المجلس النيابي، أرسل وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني كتاباً إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حول موضوع إخضاع جميع حسابات الإدارات العامة للتدقيق المحاسبي الجنائي. ومما جاء فيه: "بعد التشاور مع رئيس مجلس الوزراء، وعطفاً على اجتماعاتنا ومشاوراتنا السابقة ذات الصلة، نتمنى عليكم تنفيذ قرار مجلس النواب، وإخضاع جميع حسابات الإدارات العامة للتدقيق المحاسبي الجنائي وذلك وفقاً للقوانين والأنظمة المرعية الإجراء، ومع حفظ حقوق الدولة لأي جهة كانت".
الحكومة
في غضون ذلك، لم يسجل الملف الحكومي أي جديد، وسط تساؤلات حول تأخير الرئيس المكلف زيارته الى بعبدا بعد تسريبات متتالية مصدرها بيت الوسط أكدت حصول الزيارة خلال ساعات. فيما أكدت مصادر "البناء" ان الحريري تريث بانتظار المشاورات الفرنسية - الاميركية من جهة ونتيجة التواصل الفرنسي مع الجهات اللبنانية، منها الرئيس عون وحزب الله.
واكدت اوساط نيابية مطلعة في تيار المستقبل للبناء ان الحريري "أبلغ الكتلة انه بصدد زيارة بعبدا حاملاً في جعبته مسودة لتشكيلة حكومية مطلع الأسبوع الحالي لكن لم يعرف المستجدات التي دفعته للتأخير"، ولفتت الى ان "الرئيس المكلف يجري مشاوراته بتكتم شديد، كي لا تحترق الطبخة". وفي ردها على تكتل لبنان القوي لفتت الاوساط الى ان الحريري "لا يراهن على متغيرات دولية ولا يعول على التغيير في الادارة الاميركية ولا على انتقال الرئاسة الاميركية من ترامب الى بايدن لا سيما أن الاستراتيجيات والسياسات ثابتة بمعزل عن توجّه الرئيس".
ونفت الاوساط الاتهامات للرئيس الحريري بأنه يسعى الى تهميش احد الاطراف او اقصاء التيار الوطني الحر او رئيس الجمهورية، مشدداً على ان الحريري مصرّ على احترامه صلاحية وموقع رئيس الجمهورية وأصر منذ البداية على ان يشكل الحكومة بالتعاون والتنسيق والتشاور مع رئيس الجمهورية، ولفتت الى ان "معايير اختيار الوزراء هي الكفاءة ونظافة الكف والاستقلالية".
وفي المقابل انتقد تكتل لبنان القوي "التباطؤ المتمادي والتأخير غير المبرر في عملية تأليف الحكومة"، وكرّر تخوّفه من ربط التأليف بأمور خارجية لا يجوز التذرّع بها أساساً لشل البلاد.
وشدّد التكتل على أنه لا يزال ينتظر معرفة الأسس التي سيتفق عليها رئيس الجمهورية مع رئيس الحكومة المكلف لتشكيل الحكومة، فيحدّد بناءً عليها موقفه من دعم الحكومة أو عدمه. كما رفض التكتل "أي محاولة أصبحت واقعاً لتجاوز الأحكام الدستورية والقفز فوق صلاحيات رئيس الجمهورية الذي هو وفق الدستور شريك كامل في عملية التأليف".
وفيما يصل الوسيط الاميركي في ملف ترسيم الحدود السفير جون دو روشيه الى بيروت اليوم، في الموعد الذي كان مقرراً لاستكمال الجولة الخامسة من المفاوضات غير المباشرة على أن يجول على المسؤولين اللبنانيين، يزور لبنان خلال الأيام القليلة المقبلة وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني جايمس كليفرلي.
الراعي: نرفض استقالة الرئيس
وبرز موقف للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أعلن فيه رفضه الدعوات التي تطالب باستقالة رئيس الجمهورية، مشيراً الى ان "الرئيس لا يعامل بهذا الأسلوب بل وفق الأصول الدستورية".
وأكد الراعي خلال استقباله وفداً من طلاب الجامعة اليسوعية رفضه لأن يكون لبنان ورقة مساومة امام اي حل اقليمي او دولي داعياً الى الاسراع في تشكيل الحكومة من دون أي شروط. وأعلن ان مشكلتنا في لبنان اننا نخالف الدستور والميثاق عند كل استحقاق. وأكد ان الفيدرالية او التقسيم حلّ غير وارد على الإطلاق داعياً الى ضرورة تطبيق اللامركزية الإدارية الموسعة.
خطف سفينة على متنها لبنانيون
على صعيد آخر، تعرضت سفينة على متنها عدد من الأشخاص من بينهم ثلاثة لبنانيين الى عملية خطف في سواحل نيجيريا.
وكشف مالك السفينة المختطفة بالقرب من السواحل النيجيرية، اللبناني عدنان الكوت، أن "مصريين إثنين و3 مواطنين لبنانيين من بين المختطفين". ونقلت صحيفة "اليوم السابع" عن مالك السفينة أنه "كان هناك 10 أفراد على متن السفينة"، مشيراً إلى أن "القراصنة اختطفوا السفينة عند سواحل نيجيريا خلال رحلتها إلى الكاميرون".
وأكّد الكوت، أنه قام بتأجير السفينة إلى أحد الأشخاص ويدعى تافو لورانس، وأوضح أنها "كانت ترفع علم سانت كيتس، دولة تقع في الكاريبي، وكانت تقوم بنقل بضائع من نيجيريا إلى الكاميرون".
وأفادت مصادر اعلامية أن صاحب شركة النفط الذي استأجر الباخرة هو من يقوم بالتفاوض مع خاطفي السفينة، واللبنانيين الثلاثة هم القبطان بلال ريداني وحسام حيدر ومصطفى عجاج.
ولفت سفير لبنان في نيجيريا حسام دياب في حديث تلفزيوني أنه تم اختطاف السفينة لدى دخولها الى المياه الاقليمية النيجيرية متجهة الى الكاميرون وعلى متنها 10 اشخاص بينهم 3 لبنانيين مخطوفين.
*********************************************************************
افتتاحية صحيفة الأخبار :
دعم السلع الحيوية: مجلس النواب يُغطي اليوم قرار "المجلس المركزي" غداً | السفيرة الأميركية تهدّد بالانهيار الشامل!
وصل سوء الاحوال في لبنان إلى الذروة. هجوم أميركي شرس، إلى حد التهديد بالانهيار الشامل، على لسان السفيرة دوروثي شيا. في موازاته، طبقة حاكمة عاجزة عن إدارة الازمة الداخلية، ومتواطئة إلى حد تهديد قدرة سكان لبنان على شراء السلع الحيوية، عبر بدء إجراءات إلغاء الدعم
لم تعد السفيرة الأميركية في بيروت، دوروثي شيا، تخفي توجهات بلادها في الشهرين الأخيرين من ولاية دونالد ترامب. باتت تقول بوضوح إنها ترى ان لبنان محكوم بتحالف من "المافيا والميليشيا"، وإن كل القوى السياسية، حتى تلك "الصديقة" للولايات المتحدة الاميركية، متعايشة مع هيمنة حزب الله، ولا بد من سقوط تلك القوى ليسقط حزب الله. وتضيف أن أي مساعدات لن تأتي من الخارج من دون حدوث تغيير جذري. وعندما يقول بعض من يلتقون السفيرة لها إن ما تقوله يعني سقوط لبنان نحو هوّة الانهيار الشامل، ترد بأن "كلفة التعايش مع حزب الله اكبر من كلفة أي خيار آخر، وليست مسؤوليتنا إنقاذكم إن لم تُنقذوا انفسكم". بعض زوار السفارة يناقشون شيا بأن الضرر الذي سيلحق بحزب الله نتيجة الانهيار الشامل لن يتجاوز نسبة 10 في المئة من الضرر الذي سيلحق بالآخرين، لأن "الحزب أكثر قدرة على إدارة مناطقه" ويستطيع استيراد الادوية والنفط من سوريا وإيران. لكن شيا تعتبر أن هذا الكلام مبالغ فيه.
كلام السفيرة يعبّر عن رأي إدارة راحلة قريباً. لكن احداً لا يستطيع ضمان تغيير جوهري في توجهات الإدارة المقبلة. ومن الإشارات السلبية أيضاً، تلك الآتية من باريس. فصحيح أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لا يزال متمسكاً بمبادرته تجاه لبنان إلى حد إصراره على الحضور إلى بيروت قبل نهاية العام الجاري، إلا أن المؤتمر الذي سينظمه تحت عنوان دعم لبنان، على مستوى رئاسي، سيكون مخصصاً حصراً "لتثبيت المساعدات التي أعلِن عنها بعد انفجار المرفأ"، ولن يتضمّن أي إعلان عن مساعدات جديدة، بحسب ما تشير مصادر دبلوماسية متابعة.
هذه الاجواء الدولية "القاتمة"، تقابلها أجواء داخلية أشد قتامة، نتيحة عجز الطبقة الحاكمة عن إدارة الانهيار، وصولاً إلى دخول مرحلة إلغاء الدعم عن السلع الحيوية.
عادة ما يهتز وضع البلد الاقتصادي، أي بلد، تدريجيا وعلى مراحل ربما تمتد لسنوات. الا أن الانهيار اللبناني الشامل دخل سريعا مرحلته الأخيرة في غضون بضعة أشهر. فبعد حجب الدولة كل الخدمات المرتبطة بالاقتصاد وبالحاجات اليومية للمواطن، كان الدعم بمثابة القشة التي يتمسك بها أكثر من نصف الشعب اللبناني للاستمرار بالعيش، برغم الوضع المالي الهش وفقدان الودائع وهبوط قيمة الليرة. لكن من الواضح أن الدعم بصيغته القديمة انتهى أو على وشك الانتهاء، لتبدأ مرحلة جديدة تبشر بفوضى اجتماعية شاملة. يجري الحديث عن رفع الدعم مقابل بطاقات اجتماعية تغطي نحو 600 ألف عائلة لبنانية، تُستعمل لشراء المواد المدعومة. وقُدّرت الكلفة الإجمالية لهذا المشروع بنحو مليار و300 مليون دولار في السنة، الا أن خلافا وقع حول هوية الممول له، الدولة أم مصرف لبنان. فحاكم البنك المركزي رياض سلامة يريد رفع هذا "الهمّ" عن كاهله معتبرا أن مسؤوليته تقع على عاتق الحكومة. وقد بشر اللبنانيين مساء أمس، خلال مقابلته على قناة "العربية - الحدث" أن بامكانه "الابقاء على الدعم لمدة شهرين فقط"، معوّلاً على "ما ستخرج به جلسة اللجان النيابية التي دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري اليوم"، أكان ذلك عبر اقتراح "بطاقة اجتماعية أو تأمين موارد أخرى"، كما قال. ولأن سلامة يعتقد أن الأموال المودعة في مصرف لبنان بمثابة خزنته الخاصة، شكا رمي كل التمويل من كهرباء الى ماء الى بنزين وقمح وغيره على المصرف سائلا: "هل فقط هناك مصرف لبنان، سؤال ينبغي طرحه على المسؤولين بالبلد". كلام الحاكم يتقاطع مع ما أبلغه لرئيس الجمهورية ميشال عون عن قدرته على التصرف بنحو مليار ونصف مليار دولار فقط، وبعدها ينفض يديه من الأزمة التي أوجدها بنفسه. وهو في هذا السياق متفائل بزيادة المصارف لرساميلها مع بداية العام الجديد طبقا للتعاميم التي سبق له اصدارها في آب الماضي والتي منحت المصارف مهلة 6 أشهر لزيادة رساميلها.
وسط ذلك كله، جرى تأجيل اجتماع المجلس المركزي لمصرف لبنان الذي كان مقررا اليوم للبحث في آليات الدعم خلال الفترة المقبلة، ومن المرجح أن يكون السبب انتظار ما ستؤول اليه جلسة اللجان النيابية المشتركة اليوم لنيل الغطاء اللازم قبل اتخاذ أي قرار مصيري. على أن آراء نائبي الحاكم سليم شاهين وبشير يقظان تؤيد إلغاء الدعم وتحرير سعر صرف الليرة بذريعة ان "السوق ستصحح نفسها بنفسها لاحقاً؟"! اما زميلهما في نيابة الحاكم ألكسندر موراديان فلا رأي له ليقدمه، فيما يؤثر النائب الاول وسيم منصوري الابقاء على موقفه ضبابيا مع انحياز لصالح رفع الدعم وسحب فتيل القنبلة من المصرف لرميها عند الحكومة على اعتبار أن هذه المسألة ليست من مسؤولية البنك المركزي أصلا. علما أن قانون النقد والتسليف حدد للمصرف دورا واضحاً في ادارة التضخم وحماية النقد والاقتصاد. غير أن ما يجري حاليا لا يعدو كونه مخططاً احتيالياً جديداً لحماية أموال كبار المودعين على حساب كل الناس، ويجري تغليفه بمظهر "انساني" يتعلق بعدم امكانية التصرف بالاحتياطي الالزامي الذي يتكون من أموال المودعين، في حين تمّ تبديد أكثر من 100 مليار دولار من هذه الأموال من دون أن يرف جفن للحاكم أو أي مسؤول. يتذرّع مؤيدو رفع الدعم بأموال المودعين، من دون ان يكترثوا لمعيشة أكثر من 50 في المئة من السكان المصنفين فقراء، بشهادة دولية، عبر رفع الدعم عن الدواء والقمح والمحروقات من دون توفير أي بديل جدّي وعادل لهم. فحتى الساعة، كل حديث عن بطاقة اجتماعية لا يصرف في بلد عجز عن تحديد العائلات الأكثر فقرا غداة الاغلاق الأول لجائحة "كورونا".
وما استرسال البعض في شرح آلية غربلة المحتاجين عبر هيئة إدارة السير (النافعة) للكشف عن عدد السيارات المستعملة في كل منزل وثمن كل منها سوى مجرد طروحات عبثية لا تستند الى أي مسوّغ علمي. وهنا، يفترض طرح سؤال رئيسي عما حال دون مناقشة هذه الأفكار والمشاريع منذ أشهر مع بداية الحديث عن رفع الدعم، ولماذا جرى الاستخفاف بملف يتعلق بحياة الناس وقدرتهم على العيش وتأمين المستلزمات الضرورية لأسرهم؟ فتم ترحيل النقاش الى حين الدخول في حال الطوارئ ليطبخ الحل سريعا بالطريقة التي يريدها هؤلاء والتي تتناسب ومصالح مصرف لبنان والمصارف والسياسيين ومن يمثلون الـ1% في البلد؟ ولماذا جرى هدر ملايين الدولارات على سلة غذائية كان الهدف الظاهري منها تخفيف الفاتورة الشرائية على المواطن، فانتهت بخدمة التجار والمحتكرين؟
ما سبق يقود الى طرح علامات استفهام كثيرة حول دور بري في ما يحصل واصراره على زجّ المجلس النيابي في ما يفترض أن يكون من مهام الحكومة، الا اذا كان القصد من اجتماع اللجان فرض مشروع قانون لدعم الطبقات الفقيرة والمتوسطة. أما اذا لم تأت الجلسة بتشريعات تخدم الصالح العام، فإنها تسعى باطنيا الى تغطية قرار سلامة برفع الدعم أو ما تروّج له الكتل النيابية بـ"ترشيد الدعم"، لكن من دون خطة واضحة. وليس أداء بري طوال الفترة الماضية منفصلا عن مسار التوأمة مع سلامة بدءا باسقاط خطة التعافي المالي الحكومية مرورا باسقاط قانون الكابيتال كونترول وصولا الى توسيع دائرة التدقيق الجنائي للاطاحة به.
في هذا السياق، أتت رسالة وزير المال غازي وزني الى سلامة أمس، لتؤكد المسعى الرئيسي بدفن التدقيق عبر ابتداع شروط ظاهرها "اصلاحي" وباطنها لا يخدم الا فساد سلامة والتغطية على هدر أموال المودعين والناس. فقد تمنى وزني "تنفيذ قرار مجلس النواب، وإخضاع جميع حسابات الإدارات العامة للتدقيق المحاسبي الجنائي وذلك وفقا للقوانين والأنظمة المرعية الإجراء، ومع حفظ حقوق الدولة لأي جهة كانت". ولم يأت الأخير على ذكر الحسابات المتبادلة بين مصرف لبنان والمصارف، حاصرا المشكلة بحسابات الدولة التي أنجزت في عهد الوزير علي حسن خليل والموجودة في ديوان المحاسبة، أي أنها لا تحتاج الى التدقيق فيها ولا الى قانون خاص لتسليمها، بخلاف امارة سلامة التي يتعذر الدخول الى دهاليزها.
________________________________________
سعر الدواء سيتضاعف خمس مرات!
"رايحين عفوضى اجتماعية عارمة، وبدايتها رح تكون من القطاع الصحي"، يقول رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي. لن يكون الأمر قبل انهيار المؤسسات الضامنة، بما فيها مؤسسات الجيش وقوى الأمن. هذه المؤسسات تصرف سنوياً نحو 500 مليار ليرة على الدواء. في حال رفع الدعم، سيتضاعف الرقم 5 مرات ليلامس 2500 مليار ليرة. سينسحب الأمر على سعر الدواء الذي سيصبح ثمنه أغلى بخمسة أضعاف، ما سيضع حياة عشرات الآلاف على المحك وخصوصاً من يعانون من أمراض مستعصية وضغط وسكري وقلب. من جهة أخرى، يشدد عراجي على ضرورة "ترشيد الدعم" بمعنى تخفيض عدد الأدوية المدعومة والتي لا يخدم إبقاؤها على لائحة الدعم سوى التجار. ثمة خطة سريعة برفع الدعم عن الأدوية "البراند" التي يمكن الاستعاضة عنها بأدوية "جينيريك"، وهنا يصبح شراء "البراند" بالسعر الأعلى خيار المستهلك. يفترض بتلك الخطة أن تترافق مع منع تهريب الدواء. إلا أن عراجي متشائم ويبشر بكارثة كبيرة ستفجر البلد. فالاجتماعات مع اللجنة الوزارية منذ أشهر غير مجدية وتسعى إلى حماية أرباح التجار وكأن شيئاً لم يتغيّر.
*******************************************************************
افتتاحية صحيفة الديار :
مجلس النواب يمهد اليوم لدراسة الدعم… والحريري يؤجل "تشكيلة الأمر الواقع" حتى نهاية الأسبوع مراعاةً لماكرون مؤتمر دعم لبنان يضع "اطاراً للاصلاح والتعافي واعادة الاعمار" بتكلفة مليارين و500 مليون دولار
على وقع التأزم المستمر في عملية تشكيل الحكومة والكباش المحتدم بين لبنان واسرائيل في ملف ترسيم الحدود ما أدى الى ارجاء الجولة الخامسة من المفاوضات غير المباشرة برعاية الأمم المتحدة ووساطة الولايات المتحدة، ينعقد اليوم "المؤتمر الدولي الثاني لدعم بيروت والشعب اللبناني" بواسطة تقنية الفيديو، بدعوة من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي سيرأس الاجتماع مع الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس.
ويهدف المؤتمر بشكل اساسي الى تقويم نتائج الاجتماع الاول الذي عقد في 9 آب الماضي لمواجهة تداعيات انفجار 4 آب، بحيث من المقرر ان يشارك فيه رؤساء ورؤساء حكومات نحو 35 دولة لتقديم مساعدات انسانية للبنان.
وتؤكد معلومات "الديار" الواردة من العاصمة الفرنسية ان اي مساعدات مالية مباشرة للحكومة اللبنانية للنهوض بالوضعين المالي والاقتصادي لن تصل قبل تشكيل الحكومة الجديدة واستئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي. مع التشديد على ان اي مساعدات سيقدمها المؤتمر ستنحصر بالشق الاغاثي والانساني.
وعشية انعقاد مؤتمر باريس، اجتمع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع سفير الاتحاد الاوروبي في لبنان السفير رالف طراف، ونائبة المنسق الخاص للامم المتحدة في لبنان السيدة نجاة رشدي، والمدير الاقليمي لدائرة المشرق في البنك الدولي السيد ساروج كومار جها، الذين اطلعوه على "اطار الاصلاح والتعافي واعادة الاعمار للبنان"، الذي اعدته الجهات الثلاث والتي قدرت تكلفته بمليارين و500 مليون دولار. وبحسب رئاسة الجمهورية، سيلقي الرئيس عون كلمة في المؤتمر، يتناول فيها الاوضاع الاقتصادية الراهنة والصعوبات التي تواجه اللبنانيين في هذه المرحلة لاسيما بعد الانفجار في مرفأ بيروت وتداعيات جائحة "كورونا".
وبعدما كان مرتقبا ان يتوجه رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الى قصر بعبدا مطلع الاسبوع الحالي لتقديم تشكيلة مكتملة الاسماء للرئيس عون، علمت "الديار" انه قرر تأخير هذه الخطوة الى نهاية الاسبوع لعلمه بأن "تشكيلة الأمر الواقع" لن تحظى بترحيب عوني ما سيفاقم الازمة الراهنة، لذلك ومراعاة لماكرون راعي "المؤتمر الدولي"، وكي لا تقرأ خطوته نية لافشال المؤتمر، ارتأى الحريري التروي والتأجيل من دون ان يعني ذلك التراجع. اذ تقول مصادر مطلعة على عملية التشكيل ان "اكثر من طرف داخلي وخارجي يحث الحريري على الاقدام بملف الحكومة لان استمرار الامور على ما هي عليه يعني تحمله وحيدا مسؤولية الفراغ الحاصل والتدهور المتواصل على الاصعدة كافة". وتضيف المصادر لـ"الديار": "يمكن للحريري وبسهولة رمي كرة النار بين يدي عون ومن خلفه الوزير باسيل من خلال القول بأنهما من رفضا التشكيلة التي قدمها وبالتالي تجنب اي مسؤولية بانتظار تبلور الاوضاع اقليميا ودوليا".
وتربط المصادر التأزم الحكومي الحاصل اليوم بالتأزم على صعيد عملية ترسيم الحدود، والتي يخشى ان تعود الى سابق عهدها اي مفاوضات ثنائية لبنانية - اميركية واميركية - اسرائيلية، لافتة الى الاميركيين يمارسون ضغوطا كبيرة لعدم عودة الامور الى نقطة الصفر وسير لبنان باتفاقات مسبقة غير معلنة رفض الرئيس عون السير بها. وهو ما ألمح اليه رئيس الجمهورية يوم أمس خلال لقائه وفدا من العسكريين المتقاعدين حين تحدث عن "محاولة لبنان التنقيب عن الغاز والنفط وخضوعه في هذا المجال لضغوط دولية في اطار ما يسمى بـ"الجيوبوليتيك"، لمنعه من استثمار ثرواته الطبيعية تحت حجة ان ما وجد في البلوك رقم 4 من الغاز غير كاف تجارياً"، لافتاً الى "ضغط يمارس على لبنان في مفاوضات الترسيم، إلا اننا متمسكون بحقوقنا ونعرفها جيداً".
ولا يقتصر التأزم على ملف الحكومة وملف الترسيم، بل يطال بشكل اساسي الوضعين المالي والاقتصادي. ويرجح ان تكون جلسة اللجان التي دعا اليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري لدرس موضوع الدعم والاحتياط الالزامي، تمهيدا لرفع الدعم عن الكثير من المواد وحصره ببعض الادوية والمحروقات والقمح. لكن بحسب المعلومات، لم يتقرر بعد من سيعلن رفع الدعم في ظل تقاذف هذه الكرة بين المصرف المركزي والحكومة والمجلس النيابي لعلم الجميع انه قرار غير شعبي وسيلقى اعتراضات شتى.
وفي هذا المجال، غرد النائب ميشال ضاهر عبر حسابه على تويتر قائلا: "علينا غدًا الابتعاد عن المواقف الشعبوية في الجلسة المخصصة لمناقشة موضوع رفع أو ترشيد الدعم". ومن منطلق اجتماعي وعلمي، اقترح الضاهر ابقاء الدعم على القمح والأدوية، ورفعه عن بعض المواد التي قد تقضي على ما تبقى من احتياط في مصرف لبنان لان الأيام القادمة صعبة ولا حلول سياسية في الأفق.
من جهته، رأى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ان عملية الدعم بالشكل القائم اليوم هي "خسارة بخسارة" وخصوصا لجيب المواطنين. ودعا الى معرفة عدد العائلات الاكثر حاجة واصدار بطاقات لها للتمكن من الحصول على السلع اللازمة معتبرا انه "بهذه الطريقة نكون قد أرسلنا الدعم الى من يحتاجه وقطعنا الطريق امام التجار بالتصرف بالمواد المدعومة".
ولفت يوم امس تقرير البنك الدولي الذي قال إن الاقتصاد اللبناني يعاني من كساد شاق وطويل الأمد بسبب عدم اتخاذ السلطات إجراءات سياسية فعالة لمواجهة الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
وذكر تقرير المرصد الاقتصادي اللبناني للبنك الدولي يوم الثلاثاء أن لبنان يعاني من استنفاد خطير للموارد، بما في ذلك رأس المال البشري، حيث أصبحت هجرة العقول خياراً لليائسين بشكل متزايد.
كما رجح التقرير أيضاً استمرار تفاقم الفقر في البلاد، إذ من المتوقع أن يطال أكثر من نصف السكان، مع تقلص الناتج المحلي الإجمالي للفرد اللبناني وارتفاع التضخم.
*****************************************************************
افتتاحية صحيفة اللواء :
مؤتمر المساعدات نحو "صندوق إنساني".. وسلامة يمدّد الدعم حتى شباط شيا تطالب برّي بمسافة مع حزب الله.. والبنك الدولي يدين المنظومة الحاكمة
اشارتان ايجابيتان من شأنهما ان تبلسما هموم اللبنانيين وجراحاتهم، في الشهر الاخير من عام الازمات والانهيارات:
1 - انعقاد مؤتمر باريس للمساعدات الانسانية للشعب اللبناني.
2 - اعلان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة امكانية المصرف على توفير الدعم للسلع الحيوية حتى مطلع شباط المقبل، خلافا للاجواء التي سادت من ان اجراءات قاسية ستتخذ فيما خص بداية وقف الدعم التدريجي عن السلع الحيوية.
واشارت مصادر لبنانية مطلعة لـ "اللواء" ان ما يمكن ان يخرج من المؤتمر هو انشاء "صندوق لمساعدة لبنان" في مجالات الدعم للشعب اللبناني، وليس الدعم المالي، الذي ينتظر تشكيل "حكومة مهمة" منسجمة مع ما جاء في المبادرة الفرنسية.
وتوقعت هذه المصادر ان تتضمن كلمة ماكرون رسائل هادفة، وذات مؤشرات حول كيفية تعاطي المجتمع الدولي مع الاوضاع في لبنان في ضوء ترنح عملية تأليف الحكومة الجديدة.
لقاء غير مريح
وفي هذا الاطار، كشفت مصادر سياسية على إطلاع لـ "اللواء" ان لقاء رئيس المجلس النيابي نبيه بري مع السفيرة الاميركية في لبنان دورثي شيا قبل يومين، لم يكن مريحا، اذ طالبت السفيرة شيا الرئيس بري ان يكون على مسافة ما من "حزب الله".
وعكست المصادر اجواء مفادها ان الادارة الاميركمية ماضية في فرض العقوبات على شخصيات لبنانية داعية الى تنفيذ افضل للقرار 1701 من الناحية اللبنانية، ملمحة الىان واشنطن لن ترضى بأي حكومة يتمثل فيها وزراء من "حزب الله".
وفي سياق متصل، رحبت وزارة الخارجية الاميركية باعلان حكومة لاتفيا انها تعتبر حزب الله في مجمله منظمة ارهابية ودعمها تنفيذ الولايات المتحدة للعقوبات المتعلقة بحزب الله، موضحة ان لاتفيا ابدت استعدادها لفرض حظر سفر وطني على الافراد المرتبطين بحزب الله.
مؤتمر المساعدات
ويعقد في باريس، مؤتمر المساعدات الانسانية للبنان، بتقنية "الفيديو" بمشاركة رؤساء ورؤساء حكومات ما يقرب من35 دولة، بهدف جمع المساعدات اليومية، من دواء وغذاء وربما مساعدات للجيش اللبناني، خارج مساهمة الحكومة اللبنانية وليس عبر طريقها..
وحسب بيان لقصر الاليزيه، فإن الرئيس ايمانويل ماكرون سيترأس المؤتمر، مع الامين العام للامم المتحدة أنطونيو غوتريش، والهدف من المؤتمر، حسب بيان الاليزيه، تقييم المساعدات التي قدمها المجتمع الدولي، وطرق توزيعها منذ مؤتمر 9 آب الماضي، من اجل تقييم الاحتياجات الجديدة والعمل على تلبيتها في سياق الازمة في لبنان.
وابقى ماكرون عقد المؤتمر الجديد على الرغم من عدم ايفاء الطبقة السياسية اللبنانية بتعهداتها تشكيل حكومة جديدة من اختصاصيين مستقلين من اجل اطلاق اصلاحات هيكلية يطالب بها المجتمع الدولي مقابل دعم طويل الامد للبنان.
وخلال الاشهر الاخيرة، ازدنان التي وصفها البنك الدولي بـ"الكساد المتعمد" في تقرير نشر امس منددا بـ"غياب التوافق السياسي حول الاولويات الوطنية" الذي "يعوق بشدة قدرة لبنان على تنفيذ سياسات انمائية متبصرة طويلة الاجل".
ورجح البنك الدولي تراجع معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي بشكل حاد الى -19،2 في المئة عام 2020، بعد انكماشه بنسبة -6.7 في المئة عام 2019، وقال ان انهيار العملة ادى الى "معدلات تضخم تجاوزت حد المئة في المئة".
وبالاضافة الى تراجع غير مسبوق لقيمة العملة اللبنانية والتضخم، لا تزال القوى السياسية جراء الانقسامات والخلاف على الحصص عاجزة عن تشكيل حكومة بعد ثلاثة اشهر من استقالة رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب، رغم الضغوط الدولية التي تقودها فرنسا.
وقال البنك الدولي في تقرير المرصد الاقتصادي للبنان ان الفقر سيواصل التفاقم على الارجح، ليصبح اكثر من نصف السكان فقراء بحلول 2021، فيما من المتوقع ان تبلغ نسبة الدين الى الناتج المحلي الاجمالي 194 بالمئة ارتفاعا من 171 بالمئة في نهاية 2019.
واشار البنك في بيان صحفي الى انه "بعد عام من تفجر الازمة الاقتصادية الحادة في لبنان، ادى الغياب المتعمد لاجراءات فعالة على صعيد السياسات من جانب السلطات الى تعريض الاقتصاد لركود شاق وطويل". وقال: "يعاني لبنان من استنزاف خطير للموارد، لا سيما رأس المال البشري، فيما اصبح نزيف العقول خيار اليائسين على نحو متزايد".
وألقى البنك الدولي باللائمة على الطبقة الحاكمة، "فالسلطات اختلفت فيما بينها بشأن تقييم الازمة وتشخيصها وحلولها"، موضحا ان "النتيجة كانت سلسلة من تدابير السياسات غير المنسقة، وغير الشاملة، وغير الكافية، والتي فاقمت الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية". بما يشبه الادانة المباشرة للسياسات المتبعة، بما في ذلك الفساد وسوء الادارة..
وعشية انعقاد مؤتمر باريس، اجتمع الرئيس عون مع سفير الاتحاد الاوروبي في لبنان السفير رالف طراف، ونائبة المنسق الخاص للامم المتحدة في لبنان نجاة رشدي، والمدير الاقليمي لدائرة المشرق في البنك الدولي ساروج كومار جها، الذين اطلعوا رئيس الجمهورية على "اطار الاصلاح والتعافي واعادة الاعمار للبنان"، الذي اعدته الجهات الثلاث والتي قدرت تكلفته بمليارين و500 مليون دولار. ولفت السفير طراف الى ان هذا الاطار يشكّل خطة عمل وضعت في ضوء التقرير الاول الذي قدم في آب الماضي تحت عنوان "تقييم الاضرار والحاجات السريعة" بعد انفجار المرفأ والاضرار التي نتجت عنه.
واشار الى ان الاطار يجيب عن ثلاثة اسئلة اساسية هي: آلية التنسيق والتشاور، الاصلاحات واولوياتها، التمويل. وقال ان الاطار يهدف خصوصاً العائلات الاكثر تضرراً وفقراً.
كما تحدثت رشدي عن أبرز عناوين العمل، معتبرة ان مؤتمر باريس سيكون بداية لوضع اطار العمل موضع التنفيذ لتفادي وقوع اي ازمة انسانية في لبنان، مشيرة الى اهمية تفاعل المجتمع الدولي مع لبنان ومساعدته انسانيًا لاسيما حفظ حق الناس في الصحة والتربية والسكن والرعاية الاجتماعية.
اما السيد كومار جها، فعرض لمساعدة البنك الدولي في "إطار الاصلاح والتعافي واعادة الاعمار" التي تشمل مرفأ بيروت ومحيطه والمواقع الاثرية والتراثية، وقال ان الاطار يفترض استحداث صندوق جديد لتسهيل تمويل لبنان لتحقيق الاصلاح والانماء، متوقعًا إطلاقه اليوم في مؤتمر باريس. ولفت الى العمل مع الهيئات الرسمية والمجتمع المدني والجهات المانحة لتلبية الحاجات الضرورية للبنانيين المستهدفين في خطة العمل. ويلحظ الاطار تقديم دعم لخمسة آلاف مؤسسة صغيرة، قائلاً ان كل دولار سوف ينفق من الصندوق سوف يخضع لمراقبة مستقلة حول جهة استعماله.
ورحّب الرئيس عون بإنشاء صندوق مالي لإعادة اعمار ما تضرر بعد انفجار المرفأ ومساعدة المتضررين، محدداً الاولوية لإصلاح المساكن والمدارس والمستشفيات وتوفير الخدمات الضرورية للمجتمع.
فضلاً عن اللقاءات مع الجهات الدولية المعنية، نقل عن الرئيس عون سلسلة مواقف، قالها امام ضباط متقاعدين "من مجموعة الميثاق العسكري"، وسط تساؤلات في اوساط "رابطة قدامى القوات المسلحة"، التي هي كيان رسمي، يجمع المتقاعدين في مختلف الاسلاك غير المدنية عن عدم استقبال بعبدا لها، مع العلم ان "تجمع المتقاعدين" يعلن عنه لأول مرة.
واعتبر الرئيس عون أن "الازمة الاقتصادية اشتدت نتيجة الحرب في سوريا وتداعيات العدد الكبير من النازحين السوريين، فضلا عن تداعيات كورونا، وانفجار مرفأ بيروت وأضراره".
لكن الرئيس لاحظ اننا "استطعنا كدولة ان نحافظ على "الاستقرار الامني" ملمحاً إلى امكان "تجاوز الظروف الصعبة التي يعيشها لبنان".
الاهم ما نقل عن لسان الرئيس لجهة تشديده على انجاز اقرار التدقيق المالي الجنائي في مجلس النواب، واهميته في استعادة ثقة المجتمع الدولي بلبنان.
يشار الى ان الرئيس عون تلقى برقية تهنئة بالاستقلال الـ77 من كل من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الامير محمد بن سلمان.
وفي اطار محلي مالي متصل، كان الوضع المالي موضع بحث امس بين وزير المال غازي وزني وممثل الامين العام للامم المتحدة يان كوبيش، لا سيما لجهة تحضير موازنة العام 2021. حيث دعا كوبيش الى ان تكون "موازنة أكثر واقعية نظراً إلى التطورات الشائكة اقتصادياً ومالياً واجتماعياً في البلاد. نأمل أن تركّز بشكل خاص على الاحتياجات والحماية الاجتماعية للمواطنين".
الى ذلك، أرسل وزني امس، كتاباً إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حول موضوع إخضاع جميع حسابات الإدارات العامة للتدقيق المحاسبي الجنائي ونصّ الكتاب على ما يلي:
عطفاً على قرار مجلس النواب المتخذ في جلسته المنعقدة في 27/11/2020، إثر مناقشة رسالة رئيس الجمهورية إليه بشأن التدقيق الجنائي، والذي نصّ على أن "تخضع حسابات مصرف لبنان والوزارات والمصالح المستقلة والمجالس والصناديق والمؤسسات العامة، بالتوازي، للتدقيق الجنائي دون أي عائق او تذرع بسرية مصرفية او خلافها". بعد التشاور مع رئيس مجلس الوزراء، وعطفاً على اجتماعاتنا ومشاوراتنا السابقة ذات الصلة، نتمنى عليكم تنفيذ قرار مجلس النواب، وإخضاع جميع حسابات الإدارات العامة للتدقيق المحاسبي الجنائي وذلك وفقاً للقوانين والأنظمة المرعية الإجراء، ومع حفظ حقوق الدولة لأي جهة كانت".
وفي الاطار المالي، ارجأ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة جلسة المجلس المركزي التي كانت مقررة اليوم للبحث في مسألة الدعم الذي يوفره المصرف للسلع الرئيسية الحيوية مثل الدواء والقمح والمحروقات، الى غد الخميس،بانتظار ما سيسفر عنه اجتماع اللجان النيابية المشتركة اليوم، في ما خص رفع الدعم او استمراره وكيف مستفيدا من حيثيات التوجه النيابي سلباً او ايجاباً.
واعرب سلامة عن امله في "وضع قانون يقر سياسة جديدة لها علاقة بسعر صرف الليرة والاعتماد على عناصر السوق منعا للمضاربة".
واكد سلامة: نحن مع التدقيق الجنائي، وسلمنا حساباتنا، وسنلتزم بتسليم حسابات الدولة لوزارة المالية تمهيدا للتدقيق الجنائي.
وكشف سلامة عن "امكانية بالبقاء على الدعم لمدة شهرين".
وفي اول موقف من نوعه رد سلامة على الاتهامات الموجهة اليه: اقوم بواجبي في خدمة اللبنانيين، والاتهامات الموجهة لي غير صحيحة، ولست جزءاً من الفساد، وانا مستقل وغير متحزب.
واكد سلامة لـ "العربية- الحدث" أن ودائع اللبنانيين موجودة في المصارف، وليس في البنك المركزي، والدليل ان لا مصرف اعلن افلاسه.
وقال سلامة: العجز بموازنة الدولة لايخص مصرف لبنان، وهو يموّل الدولة اذا افتقرت للتمويل وفقا للقانون.
جنبلاط غاضب
حكوميا، وفيما الانظار تتجه الى اللقاء المرتقب بين الرئيس عون وسعد الحريري، والمرجح غداً، او قبل نهاية الاسبوع، اوضح رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، رداً على سؤال عن التواصل بينه وبين الرئيس الحريري، أن لا تواصل بيننا، مستطرداً: "والله انا حكيتو وأريد التحفظ هنا عما قلت له وما سمعته منه". وقال: يبدو انهم يعملون على خلق عقدة درزية وهي غير موجودة. لكن اذا كان الإتجاه وفق هذه الطريقة، فمن الأفضل ان نتعاطى مع الحكومة المقبلة كما فعلنا مع حكومة حسان دياب".
وفي المواقف كذلك، سجل تكتل "لبنان القوي" في بيان اثر اجتماعه الدوري إلكترونيا، برئاسة النائب جبران باسيل، "التباطؤ المتمادي والتأخير غير المبرر في عملية تأليف الحكومة"، مكررا تخوفه من "ربط التأليف بأمور خارجية لا يجوز التذرع بها اساسا لشل البلاد".
وشدد على أنه "لا يزال ينتظر معرفة الأسس التي سيتفق عليها رئيس الجمهورية مع رئيس الحكومة المكلف لتشكيل الحكومة، فيحدد بناء عليها موقفه من دعم الحكومة أو عدمه".
موظفو مستشفى صيدا بلا رواتب!
وفي سياق المطالب المزمنة، وتقاعس المسؤولين عن تلبيتها، وبعد مرور اربعة اشهر من دون قبض رواتبهم، أطلق موظفو مستشفى صيدا الحكومي صرخة الى المعنيين "وزير الصحة ووزير المال والنواب" مطالبين اياهم برفع الظلم اللاحق بهم جراء تأخير صرف الرواتب.
وفي بيان صادر عنهم اشار? موظفو مستشفى صيدا الحكومي انهم "لم يقبضوا رواتبهم منذ اربعة اشهر بالاضافة الى الوضع المأساوي الذي يعيشونه كمواطنين في هذا البلد نتيجة ازمة الدولار وفيروس كورونا.. بينما المفترض ان الذي يتحمل عبء فيروس كورونا في صيدا والجوار ويتحمل الاخطار يجب ان يقبض رواتبه دون تأخير، لكن نسينا اننا نعيش في دولة لا تكترث لجيشها الابيض سوى بالبيانات والمؤتمرات التي لا تصرف بأي مصرف" .
129414
صحياً، اعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 1511 اصابة جديدة، و15 حالة وفاة، ليرتفع العدد التراكمي الى 129414 اصابة.
******************************************************************
افتتاحية صحيفة النهار :
المؤتمر الدولي الثاني للدعم … بلا حكومة!
مع ان طابعه وهدفه محصور باستكمال حشد الدعم والمساعدات الإنسانية للبنانيين في زمن المحن والأزمات الخانقة التي تطبق عليهم، لن يكون انعقاد "#المؤتمر الدولي الثاني لدعم بيروت والشعب اللبناني " مجردا من الأهداف السياسية الأساسية التي تطبع المبادرة الفرنسية التي اطلقها الرئيس الفرنسي #ايمانويل ماكرون في زيارتيه السابقتين للبنان في آب وأيلول واللتين يرجح ان تكون ثالثتهما في الأسبوع الأخير من كانون الأول الحالي.
ذلك انه بات معلوما ان المؤتمر الدولي الثاني الذي ينعقد بعد ظهر اليوم بتقنية الفيديو ويرأسه الرئيس الفرنسي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، وان كان محور مناقشاته سيتمثل في تقويم نتائج المؤتمر الدولي الأول الذي نظمته فرنسا غداة انفجار مرفأ بيروت، ووفر للبنان تدفقا في المساعدات الإنسانية المتنوعة، وتاليا المضي في حشد مزيد من هذه المساعدات، فان ظروف انعقاده ستظللها الأوضاع المعقدة في لبنان في ظل العجز المتمادي عن تأليف حكومة جديدة لا يزال المجتمع الدولي ينتظر ولادتها لانطلاق مسار الإنقاذ المرتكز الى الإصلاحات الجوهرية والأساسية.
ولذا لم يكن غريبا في ضوء تنامي الخيبة الفرنسية خصوصا، والدولية عموما، من التركيبة الحاكمة والطبقة السياسية في لبنان، ان تبدي أوساط معنية بالتحضيرات لهذا المؤتمر تخوفها من انعكاس هذه الخيبة حتى على حجم الاستجابة الدولية للدعم الإنساني للشعب اللبناني على رغم ان عنوان المؤتمر وحده يفصح عن سقوط اخر معالم الثقة الدولية بالوسط الرسمي والسياسي اللبناني اذ ستتقرر المساعدات وسيجري تنظيمها على أساس الدعم المباشر للشعب اللبناني وليس للدولة اللبنانية. وتشير هذه الأوساط الى ان الفرنسيين والأمم المتحدة بذلوا جهودا اكبر من المرة السابقة لتأمين التزامات الدول والمنظمات الدولية الـ35 المشاركة في المؤتمر والدفع نحو زيادة المساهمات في مختلف القطاعات والمجالات الملحة كالصحة والاستشفاء وفق الأولويات العاجلة التي وضعها الطرفان المنظمان للمؤتمر. ولن تغيب الازمة السياسية التي تعصف بلبنان عن آفاق المؤتمر ولا عن نقاشاته خصوصا ان الجانب الفرنسي، كما تضيف الأوساط نفسها، يقدم عبر إصراره على عقد المؤتمر ولو بطابعه الإنساني الدليل الحاسم على عدم تراجعه عن مبادرته السياسية الإصلاحية التي شكلت أرضية أساسية وحيدة لتوافق لبناني عريض، كان يفترض ان تترجمه ولادة حكومة الرئيس سعد الحريري ولكنها تأخرت للاعتبارات الداخلية المعروفة. وسيكون تبعا لذلك للمؤتمرين إشارة سياسة قوية في الحض على وضع حد للتأخير في تشكيل الحكومة بما يعكس نفاد صبر المجتمع الدولي من مماحكات ومناورات الافرقاء السياسيين ولا سيما في ظل التمادي في طرح الشروط المعقدة لعملية تشكيل الحكومة. ومعلوم ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سيشارك في المؤتمر الذي يشارك فيه مبدئيا نحو 35 رئيسا ورئيس حكومة الى منظمات دولية وسيلقي عون كلمة في المؤتمر قالت بعبدا ان رئيس الجمهورية سيتناول فيها الأوضاع الاقتصادية الراهنة والصعوبات التي تواجه اللبنانيين في هذه المرحلة.
ومساء امس اصدر قصر الاليزيه بيانا عن المؤتمر جاء فيه "سيترأس رئيس الجمهورية السيد ايمانويل ماكرون مع الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريس مؤتمرا بالفيديو دعما للشعب اللبناني يوم الأربعاء 2 كانون الأول الساعة السادسة والنصف مساء. سيشارك في هذا المؤتمر عبر الفيديو رؤساء دول ومنظمات دولية وجهات مانحة متعددة الأطراف ومنظمات غير حكومية وممثلون عن المجتمع المدني اللبناني. بعد ما يقرب من أربعة اشهر من الانفجار في مرفأ بيروت، يهدف مؤتمر الفيديو هذا الى حصر المساعدات التي قدمها المجتمع الدولي وطرق توزيعها منذ مؤتمر 9 آب لتقييم الاحتياجات الجديدة والعمل على تلبيتها في سياق الازمة في لبنان".
#البنك الدولي
ولكن اذا كان "المكتوب يقرأ من عنوانه" في معاينة نظرة الدول والمنظمات المالية الدولية الى الانهيارات اللبنانية، فان التقرير الأخير الذي صدر امس عن البنك الدولي حول لبنان، بدا ناطقا بذاته حيال المستويات المثيرة للقلق التصاعدي في أحوال لبنان واللبنانيين. علما ان الكثير من هذه الوقائع الدراماتيكية يتمثل اليوم في المؤتمر الدولي اقله لجهة التحفيز على مد اللبنانيين بمزيد من الدعم الإنساني العاجل ذات الطبيعة الملحة. ذلك ان البنك الدولي رسم صورة شديدة القتامة للواقع اللبناني بعد سنة على ازمته المالية، وأشار الى ان لبنان يعاني من ركود شاق وطويل كما يعاني من استنزاف خطير للموارد بما في ذلك رأس المال البشري حيث باتت هجرة العقول تمثل خيارا يائسا على نحو متزايد. وتوقع البنك الدولي في تقريره تراجع النمو في شكل حاد عام 2020 كما توقع استمرار معدلات الفقر في التفاقم لتغطي اكثر من نصف السكان.
التدقيق والاحتياطي والدعم
ولكن المشهد الداخلي امس بدا متجها الى مزيد من التآكل في ظل الانتظار العقيم لحلحلة التعقيدات التي تعطل مسار #تأليف الحكومة، فيما يحاول العهد ومعه بعض حكومة تصريف الاعمال، ملء الشغور الحكومي الفعال بعناوين فضفاضة من مثل التدقيق الجنائي الذي أخفقت السلطة التنفيذية في تنفيذه، وها هي تعود الان الى الضرب على وتره من دون أي ضمانات جديدة لانجاح التجربة. وفيما لم تسجل أي حركة او خطوة على المسار المعلق والجامد لتأليف الحكومة، تواصلت التكهنات حيال امكان ان يزور الرئيس المكلف سعد الحريري اليوم قصر بعبدا وعرض تشكيلة كاملة لتركيبة حكومية. وستشهد البلاد من اليوم مهرجانات سياسية ونيابية ومالية صاخبة حيال مسالة الدعم للمواد الأساسية في ظل بلوغ الاحتياط النقدي الأجنبي في مصرف لبنان الخطوط الحمراء وذلك مع انعقاد جلسة اليوم للجان النيابية المشتركة المعنية لدرس ملفي الدعم والاحتياط لدى مصرف لبنان الذي ينعقد غدا الخميس مجلسه المركزي لاتخاذ القرارات اللازمة في شأن الملفين. وواكبت الاستعدادات لهذين الاجتماعين حملة متجددة للدفع نحو تنفيذ قرار التدقيق الجنائي في مصرف لبنان سواء من خلال إعادة التفاوض مع شركة "الفاريز اند مارسال" مع ضمان تقديم كل المستندات المطلوبة من مصرف لبنان في ظل القرار - التوصية لمجلس النواب في هذا الخصوص او من خلال التفاوض مع شركة جديدة للتدقيق المحاسبي الجنائي. وارسل وزير المال في حكومة تصريف الاعمال غازي وزني كتابا الى حاكم مصرف لبنان #رياض سلامة حول موضوع اخضاع حسابات الإدارات العامة للتدقيق المحاسبي الجنائي. وعلى الصعيد السياسي دعا رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع حكومة تصريف الاعمال الى الطلب من وزير المال إعادة التواصل مع "الفاريز" او الاتفاق بسرعة مع شركة جديدة كما الطلب من حاكم مصرف لبنان تسليم كل المعطيات المطلوبة للتدقيق الى وزير المال . وحمل جعجع الأكثرية النيابية أي الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر مسؤولية ما يحصل ونفى بشدة ان يكون هناك أي تفاهم مع التيار او مع رئيس الجمهورية ووصف هذه الأكثرية بانها صماء بكماء مجددا الدعوة الى انتخابات نيابية مبكرة .
سلامة
وليل امس تحدث حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عبر محطة " الحدث" التلفزيونية فرد على متهميه بخدمة المنظومة السياسية الفاسدة قائلا انه قام بواجباته وعيب ان يتهم بذلك، واكد ان ودائع اللبنانيين موجودة لدى المصارف. وأشار الى ان هناك سحبا لنحو 600 مليون دولار شهريا لحاجات اللبنانيين وامل ان يعود الانتظام المصرفي التدريجي مع بداية السنة المقبلة كما يريده اللبنانيون. ونفى سلامة ما أوردته صحيفة "وول ستريت جورنال" عن العقوبات المحتملة على مصرف لبنان لانه احترم التزام العقوبات والقوانين وهو على تنسيق دائم مع الخزينة الأميركية وقام بما يقتضي ليحترم العولمة المالية . كما اكد سلامة التزام التدقيق الجنائي وان المصرف المركزي سيقدم الحسابات الى الدولة التزاما برسالة وزارة المال.
**********************************************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية :
الدعم بين "الترشيد" و"الترشيق"... والأنظار الى مؤتمر باريس مساء
لم يسجل أمس على جبهة تشكيل الحكومة أي تطور ملموس، حيث يستمر انقطاع التواصل بين المعنيين، في وقت اكدت مصادر مواكبة لهذا الاستحقاق الدستوري عدم وجود اي معطيات تشير الى تحرّك قريب للرئيس المكلف سعد الحريري في اتجاه تقديم تشكيلة او تشكيلات وزارية، حتى ولو زار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال الساعات الـ48 المقبلة. وسيتصدّر واجهة الاهتمام اليوم موضوع استمرار مصرف لبنان في دعم السلع الاساسية من عدمه، وإمكان استخدام جزء من الاحتياط الالزامي لديه لمواصلة هذا الدعم الذي سيكون موضوع البحث الرئيسي في جلسة اللجان النيابية المشتركة اليوم، فيما ستشخص الانظار الى باريس التي ستشهد مساء مؤتمراً دولياً افتراضياً نظّمته الادارة الفرنسية لتأمين مساعدات مادية وإنسانية وإغاثية للبنان لمَحو الآثار التي خلّفها انفجار مرفأ بيروت في 4 آب الماضي.
تتجه الانظار السادسة والنصف مساء اليوم الى باريس لتتبّع وقائع المؤتمر الدولي لدعم لبنان، الذي دعا اليه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون افتراضياً للبحث في تأمين مساعدات لبنان في هذه المرحلة، ولا سيما منها ما يساعده على معالجة آثار الكارثة التي تسبب بها انفجار مرفأ بيروت ومساعدة المتضررين منه وتأمين إسكان المشردين منهم حتى اليوم، بالإضافة الى تلبية حاجات القطاعات التربوية والصحية والاجتماعية.
وعلمت "الجمهورية" انّ من اكدوا حضورهم وتلبيتهم الدعوة الفرنسية باسم مجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان قد بلغ عددهم 38 دولة ومؤسسة وهيئة مانحة، ومن بينهم عدد من رؤساء الدول ورؤساء حكومات ووزراء الخارجية بالإضافة الى وفود تمثّل المؤسسات الدولية والأممية، ومنها وفود من البنك الدولي والبنك الاوروبي وصندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية.
السفارة الفرنسية
وعمّمت السفارة الفرنسية ليل امس بياناً صادراً عن قصر الاليزيه تناولَ مؤتمر دعم الشعب اللبناني، وجاء فيه: "سيترأس رئيس الجمهورية، السيد إيمانويل ماكرون، مع الأمين العام للأمم المتحدة، السيد أنطونيو غوتريس، مؤتمراً بالفيديو دعماً للشعب اللبناني، يوم الأربعاء 2 كانون الأول عند 6.30 مساء (اليوم)". سيشارك في هذا المؤتمر عبر تقنية الفيديو رؤساء دول ومنظمات دولية وجهات مانحة متعددة الأطراف ومنظمات غير حكومية وممثلون عن المجتمع المدني اللبناني. ويهدف المؤتمر، الذي "يعقد بعد ما يُقارب الاربعة أشهر من الانفجار في مرفأ بيروت، إلى تقييم المساعدات التي قدمها المجتمع الدولي وطرق توزيعها منذ مؤتمر 9 آب الماضي، من أجل تقييم الاحتياجات الجديدة والعمل على تلبيتها في سياق الأزمة في لبنان".
كلمة لبنان
ومن المقرر ان يلقي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كلمة لبنان امام المؤتمر عقب كلمة الرئيس الفرنسي. وقد خصّص لكل متحدث ما بين 5 دقائق و8، ومنهم عون الذي أنجز كلمته المختصرة والتي سيتحدث فيها عن الظروف التي قادت الى الوضع السائد، فيقدم صورة واضحة عن الواقع المأزوم في لبنان. كما انه سيحدد في جزء من كلمته حاجات لبنان على مختلف الصعد الإنسانية والإجتماعية والاقتصادية والطبية والتربوية، عدا عن الأزمة النقدية وما بلغته من خطورة في ظل العوائق التي تحول دون تشكيل الحكومة الجديدة الى الآن.
كرة النار
من جهة ثانية، سيكون ملف الدعم والمس بالاحتياطي الالزامي اليوم الطبق الرئيسي في اجتماع اللجان النيابية المشتركة في ساحة النجمة، حيث ستجد الكتل النيابية نفسها محشورة بين شاقوفين: رفع الدعم أو المس بما تبقّى من ودائع الناس، والمعبّر عنه بالاحتياط الالزامي في مصرف لبنان.
وقد بدا من خلال المواقف التي برزت حتى الامس انّ معظم القوى السياسية حضّرت ما يشبه الموقف الرمادي لجلسة اللجان اليوم التي كان قد دعا اليها رئيس المجلس نبيه بري. ولعلّ أول غيث التداعيات ظهر من خلال تأجيل اجتماع المجلس المركزي لمصرف لبنان، والذي كان مقرراً انعقاده اليوم للبَت في موضوع الدعم والاحتياطي الالزامي. ومن المعروف انّ اعضاء المجلس المركزي يعارضون من حيث المبدأ المس بالاحتياطي الالزامي تحت اي ذريعة.
وفي عودة الى اجواء الكتل النيابية، ومن خلال مواقف جمعتها "الجمهورية"، تبيّن انّ غالبية هذه الكتل ستعمد الى تبنّي المعادلة الآتية: استمرار الدعم شرط تغيير الاسلوب والانتقال من الدعم العشوائي القائم حالياً الى الدعم المُرشّد او المرشّق، والذي يستهدف العائلات المحتاجة، بدلاً من دعم السلع التي يستفيد منها المهربون والتجار والميسورون، وأخيراً الفقراء.
وتأمل الكتل النيابية من خلال ترشيد الدعم، خفض كميات المال الضرورية لاستمرار تأمين السلع الضرورية للطبقات المحتاجة، وبالتالي شراء مزيد من الوقت، واستخدام نسبة صغيرة من الاحتياطي الالزامي، لأنّ الاصرار على عدم المَس بالاحتياطي نهائياً صعب ومعقّد، وقد يؤدي الى مشكلات تعجز السلطة عن تحمّل تَبِعاتها، بما فيها المشكلات الأمنية التي يولّدها الجوع الذي اصبح منتشراً بنسبة 50 في المئة بين اللبنانيين، وفق التقرير الذي أصدره البنك الدولي امس.
وعلمت "الجمهورية" انّ اجتماع المجلس المركزي لمصرف لبنان تم تأجيله الى غد الخميس، أولاً بسبب جلسة اللجان النيابية المشتركة المخصّصة لمناقشة رفع الدعم عن السلع الاساسية، وثانياً بسبب المؤتمر الدولي لدعم لبنان الذي سينعقد في باريس مساء اليوم.
واكدت مصادر مطلعة لـ"الجمهورية" ان "رفع الدعم عن مادة المحروقات اصبح في غاية من الجدية، حيث أبلغ حاكم مصرف لبنان الى المعنيين انه لم يعد في استطاعته تأمين هذا الدعم الذي يكلّف 5 مليارات دولار سنوياً، أي ما قيمته 400 مليون دولار شهرياً". ورأت المصادر "ان ليس المهم حالياً ما اذا كان هناك قانون يتيح للحاكم الصرف من الاحتياط الالزامي ام لا، بل انّ المهم هو كم سيكفي هذا الاحتياط، فنحن نؤجل المشكلة ولا حلول قريبة وسنصل الى وقت نستنزف فيه الاحتياط الالزامي الذي انخفض أصلاً من 15 % الى 12 %، اي اصبح نحو 17,1 مليار دولار، وهذا يعني ان قيمة الاموال في المصارف ستصبح صفراً".
وتابعت المصادر: "الخسارة وقعت وهي كبيرة وضخمة وبالتأكيد ستخلف اضراراً فادحة، لكنّ النقاش يجب ان يحسم قراراً سياسياً للبدء بالانقاذ حتى نتمكن من الاقلاع بالبلد من جديد والمدة التي كانت مقدرة لكي يبدأ البلد باستعادة عافيته، اي 5 سنوات اصبحت الآن في حدود 10 سنوات بسبب التأخير في الحلول".
اما عن سعر الدولار فحذرت المصادر من انه كلما خَفّ الاحتياط كلما ازداد الخطر على ارتفاع الدولار، ورأت "انّ قرار رفع الدعم، وخصوصاً عن المحروقات لأنه هو بيت القصيد بسبب كلفته العالية على المصرف المركزي (لأنّ كلفة دعم الطحين هي 50 مليون دولار والدواء نحو 100 مليون دولار)، سيكون قراراً خطيراً جداً، اذ تخوّفت المصادر من "ان يتحول هذا القرار الى "واتساب" جديد يمكن ان يُشعِل الشارع".
وكشفت المصادر انه يجري حالياً البحث في خيارين: الاول هو رفع الدعم كلياً وهذا الامر مستبعد لأنّ سعر صفيحة البنزين يمكن ان يصل الى 120 الف ليرة على خلفية هذا القرار او خفض نسبة دعمه الى 70 او 60%، وهذا يمكن ان يؤدي الى رفع سعر صحيفة البنزين نحو 20 الف ليرة (لأنّ كل 10 % رفع دعم تزيد الكلفة 10000 ليرة). مع العلم انّ رفع الدعم عن سعر صفيحة البنزين تتعدى خطورته سعر الصفيحة لأنّ المحروقات تدخل في كل القطاعات مادة حيوية في الانتاج والنقل وغيره وبالتالي سيؤدي الى ارتفاع الاسعار في كل السلع.
وذكرت المصادر في انّ مصرف لبنان يدعم حالياً يدعم بنسبة 85% اي يؤمن العملة الاجنبية بنسبة 85% على القطاعات الاساسية: الدواء، المحروقات والطحين بسعر 1500 ليرة للدولار.
سلامة: الودائع موجودة
وبُعَيد إعلانه تأجيل اجتماع المجلس المركزي لمصرف لبنان، أطلّ سلامة عبر قناة "العربية ـ الحدث"، وتوقّع عودة تدريجية لانتظام العمل المصرفي ابتداء من آذار المقبل بعد إتمام عملية رفع الرأسمال المتوقعة في شباط.
وقال: "أقوم بواجبي في خدمة اللبنانيين، والاتهامات الموجهة إلي غير صحيحة ولست جزءاً من الفساد، فأنا مستقل وغير متحزّب". وأضاف: "ودائع الناس موجودة، والدليل أن لا مصرف أعلن إفلاسه".
وتابع سلامة أنّ "الودائع موجودة في المصارف وليست في البنك المركزي، وشهرياً هناك ما لا يقل عن 600 مليون دولار يتم سحبها تلبية لحاجات اللبنانيين". وقال: "علينا تأمين السيولة حينما تحتاج المصارف حمايةً لأموال المودعين، وكل دول العالم تضع حداً للسحوبات النقدية"، موضحاً انّ "هذه الودائع موجودة في المصارف وليست في البنك المركزي". مؤكّداً أنّ "مصرف لبنان أعاد أواخر شهر أيلول 2020 كل الدولار للمصارف". وقال: "نحن مع التدقيق الجنائي وسلّمنا حساباتنا، وسنلتزم بتسليم حسابات الدولة لوزارة المال تمهيداً للتدقيق الجنائي"، مضيفاً "إنّ تسليم حسابات المصارف للتدقيق يتطلّب تغيير القانون".
وحول دعم المواد الأساسية، كشف سلامة أن "لدينا إمكانية للبقاء على الدعم مدة شهرين". ووصف الكلام عن العقوبات الأميركية على مصرف لبنان، بأنه "كلام غير دقيق".
موفد بريطاني
على صعيد آخر، وفي اطار الوفود الدولية التي تزور لبنان مستطلعة التطورات ولتقديم المساعادت العاجلة التي تقررت عقب انفجار المرفأ، يصل الى بيروت غداً وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الاوسط السيد جيمس كليفيرلي على رأس وفد يمثّل مجموعة من المؤسسات البريطانية، من اجل تسليم لبنان مساعدات لمواجهة المصاعب التي يواجهها على مختلف المستويات، ولا سيما منها تلك المتعلقة بمواجهة جائحة كورونا ونتائج انفجار المرفأ.
أزمة موروثة
وكان رئيس الجمهورية قد اكد امام زواره امس أنّ "الازمة المالية الحالية هي أزمة "موروثة" نتيجة الدين العام الهائل المتراكم والعجز في ميزان المدفوعات، إضافة طبعاً الى تداعيات جائحة "كورونا" وما خلّفه انفجار مرفأ بيروت من أضرار وخسائر". وشدد على اهمية "انجاز اقرار التدقيق المالي الجنائي في مجلس النواب وأهميته في استعادة ثقة المجتمع الدولي بلبنان، خصوصاً من خلال دوره في محاربة الفساد وإلقاء الضوء على مكامن هدر المال العام وتحقيق الاصلاح". وتحدث عن "محاولة لبنان التنقيب عن الغاز والنفط وخضوعه في هذا المجال لضغوط دولية في اطار ما يسمّى "الجيوبوليتيك"، لِمنعه من استثمار ثرواته الطبيعية تحت حجّة ان ما وجد في البلوك الرقم 4 من الغاز غير كاف تجارياً"، مشيراً الى "المفاوضات غير المباشرة التي يجريها لبنان حاليا لترسيم حدوده الجنوبية البحرية"، لافتاً الى أن "الضغط سيمارس على لبنان في هذا الاطار، إلا اننا متمسّكون بحقوقنا ونعرفها جيداً".
ديروشيه في بيروت
وعشية الجولة الرابعة من مفاوضات ترسيم للحدود البحرية في الناقورة التي أرجئت الى موعد لاحق، وصل الى بيروت امس الراعي الأميركي لهذه المفاوضات السفير جون ديروشيه، على ان يبدأ جولته على المسؤولين اللبنانيين اليوم، فيزور كلّاً من رئيسي الجمهورية ومجلس النواب، ثم يزور اليرزة ويلتقي وزيرة الدفاع زينة عكر وقائد الجيش العماد جوزف عون.
مواقف
وفي المواقف السياسية رفض البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي امام زواره امس "ان يكون لبنان ورقة مساومة امام اي حل اقليمي او دولي"، داعياً الى "الاسراع في تشكيل الحكومة من دون اي شروط". وقال: "إنّ مشكلتنا في لبنان اننا نخالف الدستور والميثاق عند كل استحقاق". وأكد "انّ الفيدرالية او التقسيم حلّ غير وارد على الاطلاق"، داعياً الى "ضرورة تطبيق اللامركزية الادارية الموسعة". ورفض الدعوات الى دعت الى استقالة رئيس الجمهورية، مشيراً الى "انّ الرئيس لا يعامَل بهذا الاسلوب بل وفق الاصول الدستورية". وشدد على "ان مبدأ الحياد الناشط هو من طبيعة لبنان والعودة اليه هي عودة لبنان الى هويته الحقيقية".
جعجع
ودعا رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع أمس رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب إلى الطلب من وزير المال غازي وزني، "إمّا إعادة التواصل مع شركة "ألفاريز" بسرعة، أو الاتفاق مع شركة جديدة. كما الطلب من حاكم مصرف لبنان برسالة خطية تسليم كل المعطيات المطلوبة للتدقيق إلى وزير المال". وقال: "من دون إجراء التدقيق لن تكون هناك أي عملية إصلاحية أو تواصل مع صندوق النقد الدولي".
وأضاف: "الأكثرية النيابية صمّاء وبكماء وليست أكثرية، عند ضرورة اتخاذ قرارات مصيرية، فليستقيلوا ولنتجه نحو انتخابات نيابية مبكرة".
وعن تأليف الحكومة اعتبر أنّ "الوضع اللبناني قابل للتصحيح"، سائلاً: "أيعقل أنه بعد شهر و10 أيام على تكليف رئيس للحكومة لم تبصر الحكومة النور بعد وفي الظروف الراهنة؟".
الحكم على عياش
من جهة ثانية حدّدت غرفة الدرجة الأولى في المحكمة الخاصة بلبنان "11 كانون الأول 2020 موعد النطق بحكم العقوبة في قضية عياش وآخرين، فيما يتعلق بالشخص المُدان سليم جميل عياش.
وأشارت في بيان الى أنّ "الجلسة تعقد يوم الجمعة في 11 كانون الأول عند الساعة العاشرة صباحاً بتوقيت وسط أوروبا. وستُبثّ وقائع الجلسة مباشرةً على الموقع الإلكتروني للمحكمة".
وقررت غرفة الدرجة الأولى بالإجماع، في حكمها المؤرخ في 18 آب 2020، "أنّ السيد عياش مذنب على نحو لا يَشوبه أي شك معقول بجميع التهم المسندة إليه في قرار الاتهام". وقرّرت أيضاً "أنّ السادة حسن حبيب مرعي، وحسين حسن عنيسي، وأسد حسن صبرا غير مذنبين في ما يتعلق بجميع التهم المسندة إليهم في قرار الاتهام الموحّد المعدّل".
كورونا
وعلى صعيد كورونا أعلنت وزارة الصحة في تقريرها اليومي أمس تسجيل 1511 إصابة جديدة ( 1484 محلية و15 وافدة) ليصبح العدد الإجمالي للإصابات 129414". واشارت إلى تسجيل "15 حالة وفاة جديدة، وبذلك يصبح العدد الإجمالي للوفيات 1033".
***********************************************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن :
البنك الدولي يوبّخ الطبقة الحاكمة... و"بهدلة" بريطانية على الطريق! مؤتمر باريس: عون يمثّل السلطة وماكرون يجسّد وجع اللبنانيين
العالم مستنفر لإغاثة اللبنانيين والسلطة تمعن في إغراقهم... مشهد سوريالي سترتسم خطوطه العريضة اليوم في مؤتمر باريس ليؤكد على مسامع الطبقة الحاكمة المتمثلة في المؤتمر بشخص رئيس الجمهورية ميشال عون، أنها سلطة فاقدة للثقة والمشروعية في تلقي المساعدات المخصصة للشعب اللبناني، بينما سيكون الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، كما كان في بيروت، خير معبّر عن وجع اللبنانيين ينطق بلسان حالهم، ويجسد واقع نكبتهم تحت سطوة سلطة فاسدة نهبت مقدراتهم ومدخراتهم في المصارف وخطفت أرواحهم بانفجار المرفأ وأجهضت آمالهم وتربصت، ولا تزال تتربص، بآخر فرصة فرنسية لإنقاذهم.
لولا العيب والحياء، لكان المؤتمرون اليوم رفضوا أي حضور رسمي لبناني في مؤتمر مخصص حصراً لإغاثة الشعب اللبناني، وهم أساساً لم يترددوا في اشتراط إيصال المساعدات إلى اللبنانيين من دون المرور بالقنوات الرسمية للحكومة والدولة اللبنانية، باعتبارها غير مأمونة الجانب ولا تؤتمن حتى على "فلس أرملة". وبيان قصر الإليزيه مساءً كاد أن يضع خطين أحمرين تحت عبارة "دعماً للشعب اللبناني" في سياق إعلانه عن هدف انعقاد مؤتمر باريس اليوم "بعد ما يقرب من 4 أشهر من الانفجار في مرفأ بيروت"، مشيراً إلى أنّه يهدف إلى "حصر المساعدات التي قدمها المجتمع الدولي وطرق توزيعها منذ مؤتمر 9 آب، لتقييم الاحتياجات الجديدة والعمل على تلبيتها" في سبيل تأمين المساعدة اللازمة للبنانيين.
وتوقعت مصادر معارضة أن "يغتنم رئيس الجمهورية فرصة ظهوره على شاشة المؤتمر اليوم لمحاولة النأي بنفسه عن الطبقة السياسية التي يشكل حجر الزاوية في أكثريتها الحاكمة"، وأعربت عن قناعتها بأنّ "عون سيعيد بلا شك تكرار لازمة الجهود الإصلاحية التي يبذلها وما تستدعيه هذه اللازمة من ضرب متجدد على وتر "التدقيق الجنائي" وتصويره بمثابة عصارة الفكر العوني الإصلاحي، بينما المجتمع الدولي يحمّل عون نفسه وبشكل رئيسي، من موقعه كرئيس للجمهورية، مسؤولية أساسية في الانهيار الذي وصل إليه البلد، وهذا حرفياً ما كان قد عبّر عنه الرئيس الفرنسي في رسالته الأخيرة لعون حين ذكّره بمسؤولياته وواجباته تجاه حل الأزمة".
في الإطار عينه، وبالتزامن مع اجتماع رئيس الجمهورية مع سفير الاتحاد الاوروبي ونائبة المنسق الخاص للامم المتحدة والمدير الاقليمي لدائرة المشرق في البنك الدولي أمس في قصر بعبدا، أصدر البنك الدولي بياناً بدا بمثابة التوبيخ للسلطة اللبنانية "لعدم اتخاذها إجراءات سياسية فعالة لمواجهة الأوضاع الاقتصادية في البلاد"، متسببة من خلال أدائها هذا بمعاناة الاقتصاد اللبناني "من كساد شاق وطويل الأمد". وحذر تقرير المرصد الاقتصادي اللبناني للبنك الدولي من أنّ "لبنان يعاني من استنفاد خطير للموارد"، مرجحاً "استمرار تفاقم الفقر في البلاد"، ومتوقعاً أن يطال "أكثر من نصف السكان". ولفت المدير الإقليمي لدائرة المشرق في البنك الدولي ساروج كومار جها إلى أنّ "عدم وجود توافق سياسي حول الأولويات الوطنية، يعيق بشدة قدرة لبنان على تنفيذ سياسات تنموية طويلة الأمد وذات رؤية"، مشدداً على حاجة الحكومة الجديدة لتنفيذ "استراتيجية ذات مصداقية لتحقيق استقرار الاقتصاد الكلي بسرعة مع تدابير قصيرة الأجل لاحتواء الأزمة".
وعلى ضفة التحذيرات الدولية عينها، يبدو أنّ الطبقة اللبنانية الحاكمة على موعد مع "بهدلة" بريطانية مقبلة على الطريق، سيحملها وزير شؤون الشرق الأوسط في المملكة المتحدة جيمس كليفرلي خلال زيارته المرتقبة لبيروت خلال الساعات المقبلة. إذ كشف المتحدث باسم السفارة البريطانية أنّ كيفرلي، وهو أول مسؤول بريطاني رفيع سيقوم بزيارة رسمية إلى لبنان بعد انفجار 4 آب "سيوصل رسائل صارمة إلى القادة والمسؤولين اللبنانيين"، مشدداً على أهمية هذه الزيارة لناحية "حثّ السياسيين على التحرك الآن لتحقيق الإصلاحات قبل فوات الأوان"، وحذر من أنّ الوضع الاقتصادي اللبناني يواجه "أسوأ التوقعات منذ الحرب الأهلية" وقد تشهد المرحلة المقبلة كفاحاً "لتلبية الاحتياجات الأساسية للناس: الغذاء والوقود والأدوية".
توازياً، برزت أمس مجاهرة حاكم المصرف المركزي رياض سلامة بأنّ أموال الدعم لتأمين المواد الحيوية والأساسية للبنانيين تكفي "لشهرين فقط"، معتبراً أنّ الكلام عن عقوبات أميركية على المصرف "غير دقيق"، وقال لقناة "الحدث": "نحن مع التدقيق الجنائي وسلمنا حساباتنا وسنلتزم بتسليم حسابات الدولة لوزارة المالية تمهيداً للتدقيق".
******************************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق :
سلامة:لدينا إمكانية للبقاء على الدعم لمدة شهرين أول شهر آذار ستعود المصارف الى عملها الطبيعي
لفت حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في حديث لقناة "الحدث"، إلى انني "كحاكم أقوم بواجباتي بخدمة اللبنانيين والاتهامات التي ترددت ضدي ليست صحيحة لأنه بنهاية الطريق اذا بحثنا عن استقرار سعر صرف الليرة فهذا يفيد اللبنانيين وتطوير العمل المصرفي يفيد اللبنانيين أيضا، وخلقنا قروض مدعومة ساعدت بالنمو وهذا خدمة للبنانيين، موّلنا الصناعة والزراعة والسياحة والاقتصاد المعرفي وهذا لخدمة اللبنانيين، فمن المعيب على البعض ان يقولوا إنني فاسد وأغطي الفاسدين".
وأشار إلى انه "هناك مؤسسات يمكن ان تحاسب الفاسدين والسياسيين، ومن أسهل الأمور مهاجمة حاكم مصرف لبنان لأنه مستقل ولا يتبع لأحد"، مؤكدا ان "الودائع موجودة في المصارف وسحب منها ما يقارب 30 مليار دولار". وقال: "هناك شهريا ما لا يقل عن 600 مليون دولار يتم سحبها تلبية لحاجات اللبنانيين، ولا يوجد مصرف أخذناه إلى الافلاس والودائع ليست في المصرف المركزي بل في المصارف الأخرى والمصرف المركزي أمن السيولة اللازمة والدليل ان لا مصرف أعلن إفلاسه".
وأوضح سلامة ان "مصرف لبنان لا يدير المصارف بل يضع السياسات، ونحن علينا ان نؤمن السيولة عندما تحتاج المصارف حماية لأموال المودعين وهذه الأموال موجودة واستعملت ويمكنكم ان تسألوا عن كمية العقارات التي تم شراؤها والاستثمارات التي فتحت".
وعن وضع سقف للسحوبات بـالليرة اللبنانية، أشار إلى ان "هذا الأمر موجود في كافة الدول لأنه هناك سقف للعملية النقدية فكيف الحال في بلد فيه أزمة؟"، معتبرا ان "سحب الأموال يضر بالاستقرار المصرفي وبعد هذه الخطوة انتظم العمل ولم يعد هناك فوضى". وأشار سلامة أنّ أول شهر آذار ستعود المصارف الى عملها الطبيعي.
من جهة أخرى، أشار سلامة إلى ان "المادة 91 من قانون النقد والتسليف تجيز للمصرف المركزي تمويل الدولة اللبنانية متى طلبت، ولا يمكننا خلط اليوم دور الحكومة ومصرف لبنان، فالأخير لا يمكن أن يأخذ موقف غير مسموح به قانونياً".
وذكر ان "القرار المتخذ من قبل المجلس المركزي هو ان المصارف التي لا تلتزم بزيادة رأسمالها بنسبة 20 بالمئة ستصبح أسهمها ملكا للبنك المركزي وسيصبح هناك اعادة هيكلة للمصارف". وقال: "سنعمل إلى اعادة تنظيم المصارف وبيعها حفاظا على أموال المودعين".
************************************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط :
البنك الدولي يتهم المسؤولين اللبنانيين بـ"تعمّد" إهمال الإصلاحات ربط تمويل الخطة الاقتصادية باستعادة الدولة ثقة المواطنين
استبق البنك الدولي لقاء وفد من إدارته الإقليمية مع رئيس الجمهورية ميشال عون أمس، بتوجيه اتهامات مباشرة إلى "صانعي السياسات اللبنانيين"، وتحميلهم مسؤولية "الكساد المتعمد" للاقتصاد الوطني، وهو العنوان الذي اختاره لتقرير مسهب عممه مبكراً، وتوجه بخلاصة صادمة جزمت بربط أي تمويل للانتعاش الاقتصادي، بوجوب استعادة الثقة بين الحكومة والمواطنين، وبين الحكومة والمستثمرين، وبين الحكومة والمانحين. واتهم التقرير السياسيين اللبنانيين بأنهم "تعمدوا" التأخر في اتخاذ إجراءات إصلاحية فعالة؛ ما أدى إلى تعريض الاقتصاد لكساد شاق وطويل.
وأكد ساروج كومار جاه، المدير الإقليمي لدائرة المشرق في البنك الدولي، أن "غياب التوافق السياسي حول الأولويات الوطنية يعيق بشدة قدرة لبنان على تنفيذ سياسات إنمائية متبصرة طويلة الأجل". موضحاً أنه "يتعين على الحكومة الجديدة أن تنفذ على وجه السرعة استراتيجية ذات مصداقية لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد الكلي، مع اتخاذ تدابير قصيرة الأجل لاحتواء الأزمة، واتخاذ تدابير متوسطة إلى طويلة الأجل للتصدي للتحديات الهيكلية".
ونظراً للصعوبات التي يمر بها لبنان وافتقاره إلى احتياطيات كافية من النقد الأجنبي، يعتبر التقرير أن المساعدات الدولية والاستثمار الخاص يشكلان ضرورة لتحقيق الانتعاش وإعادة الإعمار الشاملين. لكنه ينبه إلى أن تعبئة المعونات والاستثمارات ومداها وسرعتها، تتوقف على ما إذا كان بإمكان السلطات والبرلمان العمل سريعاً على إصلاحات المالية العامة وإدارة الحكم والإصلاحات المالية والاجتماعية التي تشتد الحاجة إليها. إذ إنه من دون تلك الإصلاحات، لا يمكن أن يتحقق تعاف مستدام ولا إعادة إعمار، وسيواصل الوضعان الاجتماعي والاقتصادي تدهورهما.
ومع التركيز على الشرط المسبق بالتزام صانعي السياسات اللبنانيين بإعادة بناء اقتصاد أكثر إنتاجية وإنصافاً ومرونة، يطرح التقرير خريطة طريق إصلاحية شاملة للمناقشة. وتهدف إلى معالجة الأسباب الجذرية للأزمة الاقتصادية. وتضع إصلاحات الحوكمة والمساءلة في مركز الصدارة، إلى جانب تحقيق الاستقرار في الاقتصاد الكلي في إطار سعيها إلى إعادة بناء الثقة. وتتضمن الخطة خمس ركائز أساسية تتضمن: برنامجاً لتحقيق استقرار الاقتصاد الكلي، وحزمة إصلاحات الحكم والمساءلة، ومجموعة إصلاحات تطوير البنية التحتية، إصلاح الفرص الاقتصادية وحزمة إصلاحات لتنمية رأس المال البشري.
وفي معرض التشخيص الذي تضمنه التقرير، ورد "أن الافتقار المقصود إلى إجراءات سياسية فعالة من جانب السلطات أدى إلى تعريض الاقتصاد لكساد شاق وطويل، عقب مرور عام على نشوب الأزمة الاقتصادية الحادة في لبنان، والذي يعاني استنزافاً خطيراً للموارد، بما في ذلك رأس المال البشري، حيث باتت هجرة العقول تمثل خياراً يائساً على نحو متزايد. ويتركز عبء التعديل الجاري في القطاع المالي بشكل خاص على صغار المودعين الذين يفتقرون إلى مصادر أخرى للادخار، والقوى العاملة المحلية التي تحصل على مستحقاتها بالليرة، والشركات الصغيرة".
ويضيف "اختلفت السلطات فيما بينها حول تقييم الأزمة وتشخيصها وحلولها. وكانت النتيجة عدداً كبيراً من التدابير غير المنسقة وغير الشاملة وغير الكافية في مجال السياسات العامة، وهو الأمر الذي أدى إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. وأخفقت الحكومة في وضع سياسة للمالية العامة تتسق مع إطار متوسط الأجل للاقتصاد الكلي ذي مصداقية".
كما لفت إلى أن دعوة القطاع المصرفي إلى إنقاذ القطاع المالي من قبل القطاع العام لا تتفق مع مبادئ إعادة الهيكلة التي تحمي دافعي الضرائب. بينما فشلت السلطات النقدية في معالجة أزمة أسعار الصرف وارتفاع التضخم. ولم تتخذ الحكومة بعد التدابير اللازمة للتخفيف من حدة الفقر عبر معالجة الآثار الاجتماعية للأزمات على الأسر الفقيرة والمحرومة من خلال تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي.
ومن المرجح، بحسب ترقبات معدي التقرير، "أن تستمر معدلات الفقر في التفاقم، لتغطي أكثر من نصف السكان. حيث إن انكماش نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بالقيمة الحقيقية وارتفاع التضخم سيؤديان إلى زيادة كبيرة في معدلات الفقر وسيؤثران على السكان من خلال قنوات مختلفة مثل فقدان فرص العمل المنتجة، وانخفاض القوة الشرائية الحقيقية، وتوقف التحويلات الدولية. ومن المرجح أن تغتنم اليد العاملة العالية المهارة الفرص المحتملة في الخارج؛ مما يشكل خسارة اجتماعية واقتصادية دائمة للبلاد".
وتوقع تقرير البنط الدولي أن يتراجع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بشكل حاد يصل إلى 19.2 في المائة العام الحالي، بعد انكماشه بنسبة 6.7 في المائة في العام الماضي، في حين أدى انهيار العملة إلى معدلات تضخم تجاوزت حد 100 في المائة. ويعمل التضخم بمثابة ضريبة تنازلية شديدة، تؤثر على الفقراء والمحرومين بشكل غير متناسب، وكذلك الأشخاص ذوو الدخل الثابت مثل المتقاعدين. وأدى التوقف المفاجئ في تدفق رؤوس الأموال الوافدة إلى استنفاد احتياطي العملات الأجنبية لدى مصرف لبنان. ولا يزال تحويل الودائع بالدولار إلى الليرة اللبنانية والاقتطاع من الودائع بالدولار جارياُ على الرغم من التزام مصرف لبنان والبنوك التجارية بحماية الودائع.
نسخ الرابط :