ية موسكو، حيث يعقد مساعدو وزراء خارجية: سورية، وتركيا، وروسيا، وإيران، لقاءً، في الساعات المقبلة، للبحث في الأطر الآيلة إلى إعادة تفعيل العلاقات الثنائية السورية- التركية، بوساطةٍ إيرانيةٍ وروسية. ويندرج هذا اللقاء في سياق الأجواء الانفتاحية التي تسود بين دول المنطقة، تحديدًا إثر عودة الدول العربية تباعًا إلى سورية، بعد انقطاعٍ في العلاقات، دام نحو عقدٍ ونيّفٍ، بعد تورط غالبية الدول الخليجية، وسواها، في الحرب الكونية على سورية، إثر اندلاع ما يسمى بـ "الربيع العربي" في أواخر العام 2010.
ولعل أبرز دوافع الدول المذكورة إلى العودة المرتقبة، هو صمود ثالوث الشعب السوري، وجيشه، وقيادته في هذه الحرب. فقد واجه هذا الثالوث، "باللحم الحي"، حربًا شعواءً، استخدمت فيها أقذر وجوه الإرهاب التخريبي المسلح، بالإضافة إلى العدوان الاقتصادي، والإعلامي، والاجتماعي. فهي حرب غير مسبوقةٍ في التاريخ الحديث، اقحموا فيها، عشرات آلاف الإرهابيين وشذاذ الآفاق، من مختلف دول العالم، وأنفق لاجلها مليارات الدولارات، وواكبها إعلام تحريضي، ومضلل، كذلك نفخ فيها أصحاب "عمائم الفتن"، والأقلام المأجورة.
ورغم كل ذلك، صمدت سورية، بمساعدة حلفائها، وفي مقدمهم: روسيا، وإيران، وفصائل المقاومة اللبنانية، والعراقية. وها هي دمشق اليوم، تثبت حضورها، وتستعيد دورها في المنطقة، وفي العالم العربي. وبالعودة إلى الاجتماع الرباعي المزمع عقده في موسكو، الذي يتناول البحث خلاله، في ملفاتٍ شائكةٍ، وبالغة التعقيد، أبرزها: الاحتلال التركي لأراضٍ سوريةٍ، الميليشيات التابعة لأنقرة الناشطة في الشمال السوري، الوضع في محافظة إدلب المفتوحة على الحدود السورية- التركية، التي تحولت معظم هذه أراضي هذه المحافظة إلى بؤرةٍ للإرهاب، بدعمٍ من الإدارة التركية أيضًا، وملف عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم، الذي يستخدمه الرئيس التركي رجب الطيب إردوغان في حملته الدعائية للانتخابات الرئاسية المقررة بداية الصيف المقبل.
إذاً، لاريب أن إعادة تفعيل العلاقات السورية- التركية، تتطلب البدء في تذليل العقبات التي قد تحول دون إعادة تفعيل هذه العلاقات، أولها: وضع جدول زمني لإنهاء الاحتلال التركي لأراضٍ سوريةٍ، والكف عن دعم الإرهاب، الذي يقوّض الاستقرار فيها، وفي المنطقة ككل. والأمر مرهون بصدقية النظام التركي. فدمشق لم تحتل أراضٍ تركية، ولم ترسل المجموعات الإرهابية المسلحة إلى جارتها تركية، لتقويض استقرارها، ولم تهجّر الشعب التركي من دياره.
إذا نظرًا لتعقيدات الملفات المطروحة على طاولة البحث في اجتماع موسكو، فإن ذلك لا يوحي بولوجٍ حلٍ سريعٍ، قد يفضي إلى عودةٍ سريعةٍ للعلاقات السورية- التركية. و في هذا الإطار، سبق أن جاء موقف الرئيس السوري بشار الأسد، خلال زيارته الأخيرة لموسكو، ليؤكد ما ورد آنفًا، عندما قال: " لن يلتقي نظيره التركي، إلا إذا سحبت تركيا قواتها من شمال سورية، وعاد الوضع إلى ما كان عليه قبل اندلاع الحرب في آذار 2011".
وتعقيبًا على ذلك، تستبعد مصادر في المعارضة السورية، انسحاب القوات التركية من الشمال السوري، نظرًا لتأثير وجود هذه القوات في ملفات أخرى مرتبطة بهذا الوجود، وكعامل ضغطٍ تستخدمه أنقرة في محادثاتها مع الجانب السوري، لإعادة اللاجئين، وترتيب وضع "الائتلاف السوري المعارض، والتنظيمات المسلحة التي تدور في فلك أنقرة، ولإيجاد حلٍ للكانتون الكردي في شمال غرب سورية، ودائمًا برأي المصادر.
وفي الصدد، تؤكد مصادر سياسية سورية أن اجتماع موسكو، يسهم على الأقل في تبريد الأجواء بين الجانبين السوري والتركي، ويمهّد لاجتماعاتٍ لاحقةٍ على مستوياتٍ مختلفةٍ بينهما، لاستكمال المحادثات الرامية إلى إعادة تفعيل العلاقات الثنائية، ويبقى نجاحها مرهوناً بمرونة طرفي المحادثات، وصدقية النظام التركي.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :