احمد زين الدين - "اللواء"
تمضي اليوم الأول بعد المئة على الشغور الرئاسي في لبنان، من دون أن تلوح في الأفق أي بوادر بإنجاز هذا الاستحقاق قريبا، وفيما لم تسفر الجلسات الانتخابية الـ11 عن أي نتيجة، تستمر الحكومة الميقاتية الثالثة التي تعتبر مستقيلة منذ بدء ولاية مجلس نواب 2022 في 22 أيار الفائت في مهام تصريف الأعمال، في وقت يواصل الدولار ألاعيبه وتحليقه، مترافقا مع ارتفاع جنوني في الأسعار وتدهور حياة الناس الاقتصادية والمعيشية والصحية والتربوية، فيتواصل الشغور الرئاسي ويستمر عداد فراغ الكرسي الأولى بالتصاعد، بانتظار إشارة مرور خارجية، عبر توافق دولي، وإقليمي وتحديدا عربي كان يطلق عليه «الوحي» الذي يحوّله النواب في صندوقة الاقتراع بإسم الرئيس العتيد.
بأي حال، فإن «كلمة السر» الحاسمة بشأن الانتخابات الرئاسية لم تصدر بعد، ليحوّلها نواب «الأمة» الى حقيقة في صندوقة الاقتراع الزجاجية، وبالتالي سيتواصل عداد أيام الشغور في الكرسي الأولى بالتصاعد «حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا» ويدخل اليوم الأول بعد المئة، ولبنان أمام استحقاقات دستورية هامة أبرزها الانتخابات البلدية والاختيارية التي تنتهي ولايتها في 31 أيار المقبل، فهل سينجز هذا الاستحقاق؟ في وقت تتواصل معه مرارات اللبنانيين التي باتت تطال كل تفاصيل حياتهم اليومية، وخصوصا الصحية والاجتماعية والتربوية والاستشفائية والدوائية والغذائية، إضافة الى النور وحركة النقل.
بشكل عام، النوايا بشأن الاستحقاق البلدي والاختياري حسنة.. ولكن هل يكفي ذلك لإجراء الانتخابات في 1055 بلدية تضم أكثر من 12 ألف عضو، إضافة الى آلاف المخاتير وأعضاء المجالس الاختيارية؟
110 أيام فقط، هي المدة التي تفصل عن نهاية ولاية المجالس البلدية والمخاتير والمجالس الاختيارية في 31 أيار 2023، الممدة ولايتها عاما كاملا في العام 2022، بسبب تلازمها آنئذ مع الانتخابات النيابية التي انتهت فصولها في 15 أيار الفائت.
ويلاحظ ان وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال في لبنان بسام مولوي أكد في تصريح له في 21 كانون الثاني الماضي على إن «الوزارة باشرت باتخاذ كل الترتيبات الإدارية والتقنية واللوجستية لإجراء الانتخابات البلدية في موعدها في أيار/مايو المقبل»، مشيرا الى أنه «سيدعو الهيئات الناخبة في نيسان المقبل للمشاركة في العملية الانتخابية»، ولفت إلى أن «تأجيل الانتخابات البلدية بالتمديد للمجالس البلدية لسنة جديدة ليس مطروحا وأنه وبدعم من الحكومة يصرُّ على إنجازها في موعدها بشرط أن يتأمّن التمويل المطلوب».
الى ذلك، فأن الوزير مولوي أكد في العديد من المواقف عزم وزارة الداخلية على إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية قبل 31 أيار المقبل، مع التأكيد على موعد دعوة الهيئات الناخبة خلال شهر نيسان المقبل، مما يوحي بأن الإنتخابات البلدية والإختيارية حاصلة في موعدها في أيار من العام 2023. وهنا ثمة أسئلة تطرح أبرزها:
• هل تكفي هذه المدة بين دعوة الهيئات الناخبة في نيسان والانتخابات في أيار لتحضير كل الإجراءات الإدارية واللوجستية وتأمين أعداد الموظفين لمواكبة الأعمال الانتخابية؟، وهنا لا بد من الملاحظة انه في الانتخابات النيابية الأخيرة، أغلق مساء الثلاثاء في 15 آذار 2022 باب الترشح للانتخابات النيابية في لبنان، على 1043 في جميع الدوائر الانتخابية، ومع إنجاز اللوائح الانتخابية من قبل المرشحين استقر عدد المرشحين على 718 مرشحا توزعوا على 103 لوائح، علما أن دعوة الهيئات الناخبة صدرت في أواخر شهر كانون الأول 2021، أي قبل الانتخابات بنحو خمسة أشهر، فكيف سيكون الحال مع لبلديـات التي وصل عددها في لبنان فـي منتصـف شـهر أيلـول 2022 إلـى 1055 بلديـة مقارنـة بــ1028 بلديـة فـي آخـر انتخابـات جـرت فـي العـام 2016، وربما يكون قد ارتفع عـدد البلديـات قبـل شـهر أيـار 2023. والمجالس البلدية الـ1055 تضم أكثر من 12,474 عضواً وتتوزع هذه المجالس البلدية: نحو 944 مجلسا بلديا قائما والكثير منها يعاني الشلل والتعطيل. ونحو 84 مجلسا بلديا منحلاّ يدير أعماله القائمقام أو المحافظ، وماذا إذا أضفنا إليها آلاف المخاتير وأعضاء المجالس الاختيارية.
• سبق للوزير ان أعلن بعد لقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري ان بحث معه تحضيرات وزارة الداخلية للانتخابات البلدية والاختيارية المقررة في شهر أيار المقبل. وأكد «ان الوضع الأمني متماسكا وسيبقى متماسكا بهمّة القوى الأمنية»، مشيرا الى أن «الوزارة مستمرة في التحضيرات للانتخابات البلدية وفقا للقانون». لكن ماذا عن توفير الاعتمادات اللازمة لهذه الانتخابات التي لم يجر البت بها بعد. علما ان حكومة تصريف الأعمال في اجتماعها الأخير أجّلت البت ببند الانتخابات البلدية.
• الى ذلك، ثمة أصوات طلعت متسائلة: هل بالإمكان إجراء الإنتخابات في ظل وجود حكومة تصريف أعمال؟ وماذا يحصل إذا بلغنا المهل القانونية بانتهاء ولاية المجالس البلدية والإختيارية الممدّدة؟
هنا تحضر الانتخابات البلدية والاختيارية عام 2016 حيث تمّ إجراء الإنتخابات في ظل الشغور الرئاسي، وقد نجحت حكومة الرئيس تمام سلام آنئذ في إجراء هذا الإستحقاق.
بأي حال، حتى الآن تبدو النوايا انها تتجه نحو إجراء هذه الانتخابات، ويلاحظ ان تحركات انتخابية بدأت تظهر وإن ببطء في بيروت وبعض المدن والقرى، وهي ستتصاعد كلما وضحت الاتجاهات بحتمية إجراء هذه الانتخابات.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
نسخ الرابط :