يشهد العالم في السنوات الأخيرة، وعلى عكس إرادته، تدهوراً متسارعاً في العلاقات الأمريكية- الصينية لم تشهده طوال تاريخ اتصالاتهما الرسمية بالكامل منذ عام 1979 لدرجة أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو وصف ذلك التدهور بـ”الحرب الباردة الجديدة”.
هذا ما أورده مقال نشره موقع ” نيو إيسترن أوت لوك”, والذي أشار إلى أنه في هذا الوقت الحاسم قبل اقتراب موعد انتخابات الرئاسة الأميركية, والأزمة التي تواجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسبب جائحة فيروس كورونا وخروج التظاهرات المنددة بالعنصرية في البلاد، فإنه ليس من الحكمة أن يتم تصعيد المواجهة مع الصين.
وأوضح المقال أن بومبيو قد أخذ على عاتقه بالكامل إثارة هستيريا السياسة المعادية للصين, مواصلاً بإصرار تصعيد التوتر وحبك المزيد من المؤامرات الجديدة والإدلاء بتصريحات لم يسمع العالم بإيحاءاتها منذ الحرب الباردة، إذ قام بومبيو بانتقاد القرار الذي اتخذته بكين وبروكسل للعمل بجدية أكبر للتوصل إلى اتفاق استثمار ثنائي جديد، وهاجم الصين بسبب قانون الأمن القومي الخاص بهونغ كونغ، متجاهلاً تماماً التدخل الأميركي والأوروبي (البريطاني في الغالب) في شؤون الحكم الذاتي في تلك المقاطعة من خلال دعم أولئك الذين نظموا أعمال الشغب وزعزعة الاستقرار، والذين تم ضبطهم متلبسين وهم يفعلون ذلك أكثر من مرة.
وقد أشار المقال إلى أنه وبالرغم من محاولات التدخل من العديد من الدول حول العالم في النزاع الأميركي- الصيني، فإن واشنطن تحاول الحفاظ على تركيزها على أوروبا باستخدام اتصالات بومبيو مع النخب السياسية الأوروبية عبر الضخ الدعائي الكاذب في أذهانهم حول “الخطر الجدي” المزعوم الذي تشكله الصين على أوروبا والعالم كله، والحاجة إلى سحب منشآت الإنتاج الأمريكية والأوروبية من الصين بسبب ذلك.
وما يجدر ذكره, حسب المقال, أن هذا المنحى لم يلق بعد الدعم العام الذي توقعته واشنطن، إذ قامت الشركات الأوروبية والصينية في السنوات الأخيرة بدمج دورات إنتاجها بشكل كبير, وحسب استطلاع أجراه خبراء “بنك أمريكا” فإن الشركات الأمريكية والأوروبية ستضطر إلى إنفاق حوالي تريليون دولار أمريكي لسحب منشآتها الإنتاجية من الصين، وهذا يشكل عبئاً لا يطاق على العديد من الشركات والبلدان مضافاً إلى الخسائر الناجمة عن جائحة فيروس كورونا.
وذكر المقال أن العديد من الخبراء وحتى وسائل الإعلام الأمريكية توصي الإدارة الأميركية بتجنب “الصراع البارد” مع بكين ، لأن هذا النوع من مسار السياسة الخارجية يرتبط بمخاطر كبيرة من ضمنها الخسائر الاقتصادية، وانتهاك الحريات للأمريكيين أنفسهم، وحتى الحرب النووية, لافتاً إلى أن حرباً باردة جديدة ستؤدي إلى زيادة حادة في الإنفاق العسكري مطلقة سباق تسلح جديد من شأنه إلحاق أضرار جسيمة بالولايات المتحدة التي تعاني بالفعل من عجز قياسي في ميزانيتي الدفاع والتنفيذ الفيدرالي الأمريكي والتي تتزامن مع عواقب جائحة كورونا.
وأكد المقال أنه و بناء على ما سبق فإن محاولات واشنطن لتشكيل تحالف مناهض للصين في أوروبا محكوم عليها بالفشل.
وينتهي المقال بفكرة أنه من الواضح تماماً أن لا أحد يحتاج إلى حرب باردة جديدة, وأن الأحداث الأخيرة واحتفاظ العديد من حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا بعلاقات ودية مع الصين, تظهر بوضوح أن أوروبا لا تميل أبداً إلى الوقوف ضد الصين.
نسخ الرابط :