خفّضت الغالبية الساحقة من المصارف، سقف سحوبات الدولار، على أساس منصة صيرفة، ومنها من وضع قيوداً جديدة على السحوبات لا تقل إجحافاً عن سابقاتها من الإجراءات والقيود. ووصل الأمر ببعض المصارف إلى فتح باب سحوبات “صيرفة” لدقائق معدودة يومياً لا تزيد عن 30 دقيقة فقط.
إجراءات المصارف تلك، كفيلة باصطفاف عملاء المصارف والموظفين، في طوابير أمام الصرافات الآلية لساعات يومياً، بانتظار سحب الدولارات. حتى أن كثراً من الموظفين والعملاء المصرفيين، انصرفوا عن سحب رواتبهم وحصصهم الشهرية بالدولار، رفضاً للانتظار مطولاً أمام المصارف والتعرّض للإذلال لسحب بعض من أموالهم.
تأتي إجراءات المصارف تزامناً مع زيادة رواتب موظفي القطاع العام، علماً ان زيادة الرواتب تستلزم من مصرف لبنان ضخ المزيد من الدولارات لتطبيق التعميم 161 الذي يتيح للموظفين سحب رواتبهم بالدولار على أساس سعر منصة صيرفة (البالغ حالياً 30800 ليرة)، وهو ما يفقدهم قيمة الزيادات الفعلية على الرواتب، لاسيما مع ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء.
عراقيل المصارف
الإجراءات والقيود الجديدة للمصارف لا تقتصر على خفض سقوف السحوبات بالدولار، إنما وصلت حد المماطلة المتعمّدة، وفتح باب سحوبات صيرفة في أوقات غير معلن عنها، وغير ذلك من الإجراءات الضاغطة على العملاء.
البنك اللبناني للتجارة BLC على سبيل المثال توقف كلّياً عن قبول إيداع الليرات في حسابات الزبائن وسحبها على منصة صيرفة. وليس هذا فحسب، فقد حصر عمليات سحب الدولارات على أساس منصة صيرفة بالموظفين فقط، ووفق سقوف لا تزيد عن 200 دولار فقط.
أما فرنسبنك فتوقف كلياً منذ أكثر من أسبوع عن تسليم الدولارات على أساس صيرفة، كما توقف بطبيعة الحال عن قبول إيداع الليرة. وليس أسوأ من التوقف عن تطبيق التعميم 161 وصرف رواتب الموظفين بالدولار، إلا المماطلة بالموظفين أنفسهم، فالمصرف لا يصارح العملاء والموظفين بالتوقف عن بيع الدولارات عبر صيرفة، بل يتّبع معهم أساليب التأجيل والتذرّع بعراقيل إدارية تحول دون السماح بسحب الدولارات.
ويعتمد فرنسبنك كما العديد من المصارف أسلوب ضرب المواعيد للعملاء بعد أسابيع وتصل أحياناً إلى الشهر، بهدف التقدم بطلب الإستفادة من التعميم 161، الأمر الذي يدفع بالعملاء لاسيما منهم موظفي القطاع العام وعناصر القوى الأمنية إلى صرف النظر عن سحب الدولار والاكتفاء بسحب رواتبهم بالليرة اللبنانية.
وليس بنك البحر المتوسط Bank Med بأفضل تعاملاً مع عملائه من باقي المصارف، بل يكاد يكون الاسوأ. فالمصرف المذكور يزعم بأنه مستمر بتطبيق التعميم 161 من دون أية قيود، ويبلغ سقف السحوبات لديه 400 دولار وليس 200 دولار، غير أنه يحصر عمليات السحب عبر صرافاته الآلية على مدى 4 أيام في الاسبوع ولمدة تتراوح بين 20 دقيقة و30 دقيقة يومياً. ومن المعلوم أن 30 دقيقة لا تكفي لتسيير القلة القليلة من العمليات يومياً، لاسيما في ظل طوابير طويلة من الموظفين تصطف يومياً أمام الصرافات الآلية للمصارف.
بنك بيبلوس من بين المصارف التي تستمر بتطبيق التعميم 161 إنما ضمن ضوابط، تحرم الموظفين من سحب كامل مداخيلهم على أساس صيرفة، فالمصرف يتيح لأصحاب الحسابات المقومة بالليرة سحب 200 دولار بالحد الأقصى على منصة صيرفة، إلا في حال يفوق الرصيد مبلغ 500 مليون ليرة، فيرتفع سقف السحوبات إلى 400 دولار على صيرفة.
كما يعتمد بنك بيبلوس من مطلع شهر كانون الأول الحالي آلية جديدة، تقتضي بفتح حساب رديف لأصحاب الحسابات الذين تفوق قيمة وديعتهم 25 مليون ليرة، يسمى الحساب الرديف حساب صيرفة، ويمكن للعميل إيداع مبلغ بالليرة فيه يعادل 400 دولار عبر الصراف الآلي. اما الحسابات التي تقل عن ذلك فلا يمكن لأصحابها إيداع الليرات، انما الإكتفاء بالسحب من حساباتهم فقط. وهذا يعني أن موظفي القطاع العام قد لا يتمكنون من سحب كامل مداخيلهم، بما تشمل من زيادات ومساعدات، بالدولار على أساس صيرفة.
هل تتوقف صيرفة؟
تخفض المصارف سقوف السحوبات عبر منصة صيرفة وتحصرها بيد قلة قليلة من المستهدفين من التعميم 161، ولا تستثني المصارف موظفي القطاع العام بل تشمل قيودها الجميع، لا بل تستهدف القيود في بعض المصارف الموظفين تحديداً وتحرمهم من الاستفادة من التعميم 161 وسحب رواتبهم بالدولار على منصة صيرفة.
بالنتيجة، تحرم قيود المصارف الموظفين من الاستفادة من دولارات صيرفة، لاسيما في ظل اتساع الفارق بين سعر صيرفة وسعر الدولار في السوق السوداء، فالأول يبلغ 30800 ليرة فيما يفوق الثاني 44250 ليرة، ومرشّح إلى مزيد من الارتفاع، بحسب المعطيات، خصوصاً مع البدء بتطبيق الرسوم والضرائب على سعر دولار صيرفة.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :