كتب خالد أبو شقرا في “نداء الوطن”:
لن يؤدي احتساب الرسوم الجمركية على أساس 15 ألف ليرة للدولار من حيث الشكل إلى تغطية كلفة مضاعفة الرواتب والأجور بواقع راتبين فوق الراتب الاساسي. وبغض النظر عن صوابية او عدم صوابية تخصيص إيرادات معينة لتغطية نفقات محددة، وفقاً لمبدأ الشيوع في الموازنة، فان الحد الأقصى المتوقع من الدولار الجمركي ، بحسب مصادر معنية، لا يتجاوز 1.2 ترليون ليرة شهرياً، فيما تصل كلفة الرواتب والأجور إلى 3.3 ترليونات. أما من حيث المضمون، فإن أخطر ما في هذا “الدولار الجمركي” هو تَطبّع المشرعين مع التعمية لتمرير القوانين، مع عدم علمهم الكامل بانعكاساتها الاقتصادية.
لا دراسات
ترتكز الزيادات الضريبية على دراسات الواقع الاقتصادي والعدالة الاجتماعية، و”هذا ما نفتقده منذ ما لا يقل عن 30 عاماً، ولم يتم الأخذ به عند إقرار سلسلة الرتب والرواتب في العام 2017، التي كانت نتائجها سبباً من أسباب الانهيار العديدة”، كما يقول الاستاذ المحاضر في قانون الضرائب والمالية العامة، المحامي كريم ضاهر.
من جهة أخرى جرى العمل على تمرير الدولار الجمركي بطريقة تضليلية، من خلال استعمال الحكومة 3 مواد في موازنة 2022 لتغيير سعر الصرف. والمواد هي:
– المادة 19 التي تسمح للدولة بفتح حساب بالعملة الأجنبية لاستيفاء المستحقات، وذلك خلافا للقاعدة التي لا تجيز أن تستوفي الدولة أي مداخيل بغير العملة اللبنانية.
– المادة 87 التي حددت المبالغ التي تقبض بالعملة الأجنبية.
– المادة 25 التي أجازت لوزير المالية مع حاكم المصرف المركزي تحديد أسعار الصرف.
كما يلاحظ، لا يوجد في أي مادة من مواد الموازنة أي ذكر لاحتساب أسعار السلع المستوردة الخاضعة للرسم الجمركي على أساس 15 ألف ليرة. في المقابل اعتمدت الحكومة لاخراج هذه الضريبة على “القانون 93/2018 الذي فوض الحكومة بالتشريع في الحقل الجمركي بشكل مباشر أو غير مباشر” وفقاً للمحامي كريم ضاهر. ولكي يكتمل “الفيلم” يفترض أن لا يخرج القرار باعتماد الدولار الجمركي عن وزير المالية، إنما عن المجلس الاعلى للجمارك. وذلك لتجنب التباين بين الزيادات الضريبية الاخيرة التي اتخذت على سعر صيرفة، واحتساب الدولار الجمركي على أساس 15 ألف ليرة”.
تشمل كل السلع
خلافاً لمنطق رشوة اللبنانيين من “كيسهم” الذي تمارسه السلطة، بادعائها أن هناك أكثر من 600 سلعة أساسية معفاة من الرسوم، فان زيادة الرسوم الجمركية 10 أضعاف ستطال أغلبية السلع. فاذا كانت مواد صناعة الخبز معفاة، فان كيس النايلون و”الأداة” التي يربط بها خاضعتان للرسم الجديد. والسيارات التي تنقل فيها السلع وقطع غيارها ومحروقاتها مشمولة بالرسم الجديد… وقس على ذلك مواد تدخل في الصناعة والتغليف والتعليب والنقل والتوزيع… ستكون خاضعة للرسم، وستؤدي إلى ارتفاع الاسعار بشكل مضاعف نتيجة التفلت وغياب الرقابة.
أكثر من ذلك فان “وزارة الاقتصاد لم تنشر الفواتير للبضائع المستوردة من التجار، ولم تعمد إلى مداهمة المستودعات التي تخزن فيها بضائع وسلع غذائية وادوات كهربائية وقطع غيار السيارات والدواليب … وغيرها، التي تم ادخالها وبكميات كبيرة قبل البدء بالدولار الجمركي الجديد. حيث تم تخزينها بانتظار تحقيق الأرباح الفاحشة لدى وضع الدولار الجمركي موضع التنفيذ”، برأي رئيس الإتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان كاسترو عبد الله. وقد جرى إستغلال الفترة الفاصلة بين الإعلان عن الدولار الجمركي والتطبيق، لبيع كل المخزون القديم نتيجة إندفاع المواطنين غير المبرر أحياناً كثيرة، الى شراء ما يحتاجونه وما لا يحتاجونه، تحسباً من رفع الأسعار.
البدائل متوفرة
وبحسب عبدالله فان بدائل الدولار الجمركي لتعزيز واردات الخزينة كثيرة ومنها:
– الجباية من إشغالات الأملاك البحرية والنهرية. وهي كفيلة بتأمين مداخيل تفوق احتساب الرسوم على السلع المستوردة على أساس 15 الف ليرة للدولار.
– اعتماد الضرائب المباشرة والتصاعدية، بدلاً من فرض الرسوم والضرائب على كل المواطنين بشكل مواز من دون تمييز بحسب المداخيل.
وبرأي عبدلله فان “هذه السلطة لا تبحث عن حلول، إنما تتقصد تعميق الازمة من أجل المحافظة على مصالح مكوناتها. فالحلول البديلة متاحة وموجودة، ولكنها تستسهل فرض الضرائب على المواطنين والاستمرار في فسادها وأسلوبها الزبائني القائم على التقاسم وتوزيع الحصص والمغانم.
السلع الأكثر تأثراً
أكثر السلع تأثراً باحتساب الدولار الجمركي على أساس 15 الف ليرة ستكون السلع المرتفعة الثمن، والتي يفرض عليها رسم جمركي مرتفع يتراوح بين 20 و30 في المئة، مثل الأدوات الكهربائية والمكيفات. وسيزيد سعر مبيعها للمستهلك النهائي بنسبة تتجاوز 20 في المئة من سعرها الاساسي. بمعنى أن سلعة بقيمة 300 دولار تخضع لرسم بنسبة 25 في المئة سيضاف على سعرها مليون و125 ألف ليرة رسماً جمركياً، بدلاً من 112 ألف ليرة سابقاً، كما سيدفع المشتري الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 11 في المئة على سعر صرف السوق بحسب القرار 893 الصادر في العام 2020، أي ما يعادل مليون و500 ألف ليرة، بدلاً من 62 ألف ليرة. فيصبح سعرها النهائي حوالى 14 مليوناً و625 ألف ليرة بدلاً من حوالى 12 مليون ليرة.
الهواتف الخلوية ستزيد 10 – 15%
الزيادة على أسعار الهواتف الخلوية تتراوح بين 10 و15 في المئة عما كانت عليه الاسعار في السوق سابقا. وذلك نظراً إلى أن الرسم الجمركي على الهواتف هو 5 في المئة. إلا أنه في المقابل سيتحتم على التجار تسديد الضريبة على القيمة المضافة عند الاستيراد على أساس 15 ألف ليرة للدولار بدلا من 1500 ليرة، فيما يدفع المستهلك النهائي الضريبة على القيمة المضافة عند المبيع على أساس سعر صرف السوق وفقا للقرار 893 الصادر عن وزارة المالية في العام 2020. إلا أن عدد التجار الذي يلتزم باحتساب الضريبة على القيمة المضافة على أساس سعر الصرف في السوق قليل جدا، وهم يتهربون منها باعتبار عمليات البيع تتم بين شركات وليس إلى المستهلك الفرد، وبهذه الطريقة يستمرون باستيفائها للدولة على أساس 1500 ليرة للدولار بدلا من 40 ألف ليرة كما ينص قرار المالية.
رغم قساوة الدولار الجمركي على شعب يرزح معظم أبنائه تحت الفقر، يظل بحسب الخبراء «تفصيلا بسيطا أمام القرارات التي قضت باحتساب بقية الضرائب على أساس سعر صيرفة». وبحسب كريم ضاهر فان قرارات وزارة المالية التي تحتسب الضرائب بمفعول رجعي على أساس سعر صيرفة تضرب المساواة بين المكلفين التي ضمنتها المادة السابعة من الدستور.
رسوم السيارات
تخضع السيارات المستوردة المستعملة التي تفوق قيمتها 20 مليون ليرة أي حوالى 13400 دولار على سعر صرف 1500 ليرة إلى رسم جمركي بنسبة 5 في المئة، ورسم استهلاك داخلي بنسبة 45 في المئة، والضريبة على القيمة المضافة بنسبة 11 في المئة. وعليه فان احتساب الدولار الجمركي على أساس 15 ألف ليرة يرفع قيمة السيارة إلى 200 مليون ليرة وتصبح الرسوم عليها كالتالي: 10 ملايين ليرة رسماً جمركياً، ثم 94 مليون ليرة رسم استهلاك داخلي في حال تم احتسابه على أساس السعر الجديد، ويضاف عليهما الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 11 في المئة.
أما بالنسبة للسيارات التي تقل قيمتها عن 20 مليون ليرة (13300 دولار على أساس سعر صرف 1500 ليرة)، فان الرسم الجمركي عليها يبلغ 500 ألف ليرة، فيما يصل رسم الاستهلاك الداخلي إلى 4 ملايين و500 ألف ليرة، وبعد احتساب الرسمين تضاف الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 11 في المئة. ومن غير المعروف لغاية اللحظة بالنسبة إلى مستوردي السيارات كيفية احتساب الرسوم المقيّمة بالليرة اللبنانية مع ترجيح مصادرهم رفع الرسم الجمركي إلى 5 ملايين ليرة، ورسم الاستهلاك الداخلي إلى 45 مليون ليرة ويضاف عليهما الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 11 في المئة.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :