افتتاحية صحيفة البناء :
مكاسب جغرافيّة أوكرانيّة في خاركيف… وموسكو: مناطق خالية استدرجوا إليها لتدميرهم
مجلس النواب يبدأ الأربعاء بالموازنة… وحزب الله: الحكومة ضرورة حتى آخر يوم ممكن
الراعي يساند تعيين قاضٍ رديف للبيطار… ووزير المال: التشكيلات عالقة عند مجلس القضاء
تتجمّع كل ملفات المواجهة الدائرة على الساحة الدولية عند عقدة واحدة، تتصل بقدرة أوروبا على الصمود دون الغاز الروسي ودون توافر بدائل، كان الرهان على توفيرها من حقول البحر المتوسط أو من عائدات عودة الاتفاق النووي مع إيران، وبينما بدت المفاوضات حول الاتفاق النووي تحتاج مزيداً من الوقت في أحسن الأحوال، ومثلها مفاوضات ترسيم الحدود البحرية للبنان، بات على أوروبا أن تواجه خطر فقدان موارد الطاقة خلال الشهرين المقبلين، حيث يدق الشتاء أبواب الأوروبيين، بينما تنتظر موسكو نتائج التحولات التي سيحدثها هذا العامل في المشهد السياسي الأوروبي، وبالتوازي تقول مصادر روسية إن محاولة التغطية على هذا المأزق بالبحث عن مكاسب إعلامية، سواء بالتحريض على روسيا وتحميلها سابقاً مسؤولية أزمة الحبوب ولاحقاً مخاطر كارثة نووية في زاباروجيا، اتجه التركيز الأميركي على دفع الوجبة الثانية من الجيش الأوكراني الذي تمّ تجهيزه وتدريبه على أسلحة غربية، لتحقيق مكاسب جغرافيّة في مناطق خالية، إثر الفشل في تحقيق أي اختراق جدّي في جبهة الجنوب وخسارة آلاف الجنود خلالها، وتقول المصادر إن ما شهدته جبهة الشرق في محيط خاركيف يمكن إدراجه تحت هذا العنوان حيث الأفضل للجيش الروسي ان يقوم بتدمير هذه الوحدات في المناطق المفتوحة بواسطة الغارات الجوية والسلاح الصاروخي وسلاح المدفعية بدلاً من المواجهة البرية مع هذه القوات، وهذا ما بدأ وسيستمر.
لبنانياً، بقيت المداولات التي جرت مع الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين حول ترسيم الحدود البحرية موضوع الاهتمام السياسي والإعلامي، في ظل تأكيدات حكومية على تحقيق تقدّم جدّي ومخاوف سياسية من لعبة تقطيع الوقت وصولاً لموعد نهاية عهد الرئيس ميشال عون والدخول في الفراغ الرئاسي، بانتظار ان يرسل الوسيط الأميركي نصاً مكتوباً لما عرضه خلال مهلة أسبوع ليظهر الخيط الأبيض من الخيط الأسود، بينما قال نائب الأمين العام لحزب الله إن المقاومة تتابع وتراقب عن كثب، ولم تتغير معادلاتها، وهي ستقول ما يجب في الوقت المناسب. وشدّد الشيخ قاسم على أولوية إنجاز تشكيل حكومة جديدة حتى آخر يوم من ولاية رئيس الجمهورية، وهو ما تعتقد مصادر متابعة لملفي الرئاسة والحكومة أنه غير منفصل عن الخشية من وجود لعبة أميركية لدفع لبنان الى الفراغ الرئاسي والفوضى الدستورية حول الحكومة وصلاحيتها في تولي صلاحيات رئيس الجمهورية، للتذرّع بذلك للمماطلة في مفاوضات الترسيم.
في الشأن الداخلي يبدأ مجلس النواب الأربعاء مناقشة الموازنة العامة في ظل عدم حسم الحكومة لتوجّهاتها بصدد القضايا العالقة، التي تُبنى عليها أرقام الموازنة، وهي سعر الصرف ومستقبل الرواتب، وخطة التعافي الاقتصاديّة، وشقها المالي خصوصاً لجهة مستقبل التعامل مع الودائع، فيما تحرّك الملف القضائيّ في انفجار مرفأ بيروت مع اقتراح وزير العدل وموافقة مجلس القضاء الأعلى على تعيين قاضٍ رديف للمحقق العدلي طارق البيطار، وكان الجديد اللافت انضمام البطريرك بشارة الراعي الى الأصوات المدافعة عن توافق وزير العدل ومجلس القضاء، في ظل اعتراضات سياسيّة كانت تقف تحت مظلة بكركيّ وتتّهم فريق رئيس الجمهورية بتمييع التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، وتضع هذا التوافق ضمن سياق التمييع، ورداً على شقّ من كلام البطريرك الراعي حول دور وزارة المال في المسؤوليّة عن تأخير توقيع مرسوم التشكيلات القضائية لتتمكن محكمة التمييز من البتّ بقضايا رد القاضي بيطار، أوضح المكتب الإعلامي لوزارة المال أن التشكيلات عالقة عند مجلس القضاء الأعلى بعدما قامت وزارة العدل باسترداد المرسوم السابق.
لا مؤشرات حيال أي تقدم في الملفات المصيرية من استحقاق رئاسة الجمهورية الى رئاسة الحكومة الى ملف الترسيم، وفيما لا يزال امام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون 49 يوماً في قصر بعبدا لن يدعو رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى جلسات لانتخاب الرئيس. في وقت ينشغل المجلس النيابي هذا الاسبوع ابتداء من يوم الاربعاء بجلسات إقرار موازنة العام 2022 الذي تأخر 8 أشهر. وسيكون مشروع الموازنة محور نقاش حاد بين النواب لا سيما في ما خص سعر الصرف الذي اعتمد في احتساب أرقام النفقات والواردات، واقتراح وزير المال حيال الدولار الجمركي.
وأكد نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أنهم في حزب الله مع تشكيل الحكومة حتى لو بقي اسبوع او اسبوعين من عمر العهد ولا زالوا مقتنعين ان تشكيل الحكومة أفضل بكثير من الوضع الذي نحن فيه حتى لو قدمت الحكومة إنجازات، فالحكومة هي المعبر لخطة التعافي والإنقاذ.
وحول اختيار رئيس للجمهورية، قال نائب الأمين العام لحزب الله أنه يجب ان نرى قواسم مشتركة بين اغلب الاطراف الموجودين على الساحة لنختار رئيساً ترضى عنه هذه المجموعات المختلفة.
وعن الترسيم البحري، أوضح أنهم في انتظار ان تتبلور الصورة بشكل نهائي، مشيراً إلى أن موقف حزب الله لن يتغير لان حقوقنا المائية والنفطية والغازية نريدها كاملة غير منقوصة ولا نقبل أي عذر لأخذ اي حبة تراب او قطرة ماء من ارضنا او مياهنا او نفطنا مهما كانت المبررات. ونحن نتابع التطورات وعلى اساسها سنعبر بالطريقة المناسبة وفي الوقت المناسب عن اي موقف حسب مجريات الأمور.
وبينما سلّم الوسيط الأميركي لترسيم الحدود البحرية آموس هوكشتاين، مسؤولين لبنانيين إحداثيات خط العوامات البحرية، وذلك تحضيرًا لإرسال عرضه الكامل الأسبوع المقبل، كشف مصدر إسرائيلي لـ”الحدث”، أنّ “الأسابيع المقبلة حرجة للغاية”، لافتًا الى أنّ «العملية مكثفة للغاية ونحقق تقدما». وأشار المصدر الإسرائيلي الى أنه «على حكومة لبنان أن تقرر إن كانت تريد اتفاقاً».
ورأى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، خلال عظة الأحد من الديمان أنّ «المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، ثابت في منصبه وممسك بملف التحقيق لكنّه مكبّل اليدين، بسبب رفض وزير المالية توقيع مرسوم التشكيلات القضائية».
وأشار إلى أنّ «القضية التي يطرحها وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري، مع مجلس القضاء الأعلى ولا تؤثر بشيء على صلاحية القاضي البيطار، وتتعلق بملف الموقوفين منذ أكثر من سنتين، ونقترح سماع رأي رؤساء مجلس القضاء الأعلى السابقين بشأن القضية من أجل بتّها وطمأنة أهالي الضحايا».
في المقابل ورداً على الراعي أوضح المكتب الاعلامي في وزارة المالية في بيان، و»حرصاً على الحقيقة الكاملة»، أن مشروع مرسوم تعيين غرف محكمة التمييز قد تم استرداده منذ قرابة الشهر من وزارة المالية، بناء على كتاب من وزارة العدل، لتحيله الى المراجع القضائية المختصة لتصحيح الخلل الذي يعتريه، وتم ذلك بواسطة رئاسة مجلس الوزراء.
ويبدأ النواب التغييريون اليوم لقاءاتهم مع الكتل السياسية، وسوف يستهلونها بزيارة وفد من النواب الى حزب الطاشناق للتباحث في الملف الرئاسي والاستماع الى وجهة نظرهم وشرح أهداف المبادرة الكتلة التغييرية. وتقول مصادر «التغيير» إن الجولة تهدف الى الاطلاع على مواقف الكتل السياسية من هذا الاستحقاق الذي يجب ان يحصل خلال المهلة الدستورية. هذا عن المواصفات التي يجب ان يتحلى بها الرئيس لا سيما في هذه المرحلة الدقيقة، وكل هذا الحراك من اجل الوصول الى نقاط مشتركة بعيدا عن إملاءات الخارج. هذا وسيلتقي نواب التغيير رئيس الكتائب النائب سامي الجميل في الصيفي على ان يستقبل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بنواب التغيير الـ13 هذا الأسبوع ايضاً.
والتقى وزير الطاقة والمياه وليد فياض سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية مجتبى أماني في وزارة الطاقة والمياه في حضور مسؤولين من السفارة الإيرانية بالإضافة إلى الوفد اللبناني المكلف بزيارة إيران قريباً. وجرى البحث في الهبة الإيرانية المتعلقة بتزويد لبنان بالمشتقات النفطية لزوم تشغيل معامل إنتاج الكهرباء في لبنان وأهداف زيارة الوفد والتفاصيل المرتبطة بها. واشار السفير الإيراني إلى أنّ «طهران مستعدّة لمساعدة لبنان ليس فقط على صعيد تأمين المحروقات، لكن أيضاً في كل ما يتعلق بقطاع الطاقة عمومًا وخاصة بناء محطات الإنتاج على المدى المتوسط وفق عقود الـ»بي أو تي» وصيانة الشبكات. كما تحدّث عن وجود إرادة سياسية لدى الحكومة اللبنانية وهو على تواصل مستمر مع المسؤولين اللبنانيين بهدف الوصول إلى الخواتيم المرجوة».
إلى ذلك، يبدأ تسعير صفيحة البنزين ابتداءً من اليوم بالدولار الأميركي وفق سعر السوق السوداء على أن يدفع المستهلك ثمنه بالليرة اللبنانيّة.
*****************************
افتتاحية صحيفة الأخبار:
العدو يخاطر بالحرب: الاستخراج من كاريش لن يؤجل
فخ هوكشتين: وصاية دولية على البحر؟
الأجواء الإيجابية التي راجت في شأن قرب التوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود البحرية، لا تلغي الحذر الشديد من مناورة إسرائيلية - أميركية لمرحلة ما بعد الترسيم لناحية فرض وصاية دولية على البحر من خلال دور جديد لقوات الطوارئ الدولية كما هي الحال على البر. ووسط تأكيد مصادر معنية في بيروت أن لبنان ينتظر أن يتسلّم من المبعوث الأميركي لترسيم الحدود البحرية عاموس هوكشتين ورقة خطية خلال ثلاثة أيام، جرى تداول أنباء أمس عن أنه سلّم مسؤولين لبنانيين إحداثيات خط العوامات البحرية تحضيراً لإرسال عرضه الكامل الأسبوع المُقبل. فيما عادت إسرائيل إلى التهويل
عاد الإسرائيليون أمس إلى لهجة التهويل من زاوية تعيين قائد جديد للقيادة الشمالية وتسريب هذه القيادة تهديدات لحزب الله. وتحدثت القناة 12 عن تقرير للقيادة الشمالية خلاصته أنه هناك «إمكانية لمواجهة مع حزب الله قريباً». في وقت حذّر قائد المنطقة الشمالية المعيّن حديثاً اللواء أوري غوردين أن «المنظر الخلاب الهادئ في الجليل الأعلى والجولان يمكن أن يكون خادعاً، ولا يعكس عدم الاستقرار والأرض المضطربة إلى الشرق والشمال».
وقد كان لافتاً ما نقلته صحيفة «إسرائيل اليوم» عن مسؤول سياسي أنه «بمجرد أن تصبح منصة كاريش جاهزة للعمل، سنقوم بتشغيلها كما هو مخطط لها. وسيكون حزب الله قد ارتكب خطأ كبيراً في الحسابات إذا هاجمها». كما نقل موقع «مكور ريشون» اليميني عن مصدر سياسي أن «الأسابيع المقبلة حرجة للغاية. نحن نحقق تقدماً ولكن لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به. وعلى الحكومة اللبنانية أن تقرر أنها تريد اتفاقية».
من جهته تحدث موقع «واللاه» العبري أمس عن تدخل الرئيس الأميركي جو بايدن شخصياً في مفاوضات الترسيم. ونقل أن بايدن أكّد خلال المحادثة الهاتفية الأخيرة مع رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لابيد «أن ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل ملف مهم ومُلح... وعدم وجود اتفاق بينهما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على المنطقة»، معرباً عن «اهتمامه بالتوصل لاتفاق خلال الأسابيع القليلة المقبلة».
فخ هوكشين
أما في بيروت، ورغم ظهور مناخات إيجابية لدى الرؤساء الثلاثة بعد زيارة هوكشتين الجمعة الماضي، إلا أن الجميع لاحظ أن ما يؤرِق الكيان والولايات المتحدة والأوروبيين هو ضبط الأصابع القابضة على الزناد لتجنيب منطقة الشرق الأوسط حرباً مفتوحة ومدمرة، مع العمل على الوصول إلى اتفاق وفق توقيت يناسب إسرائيل. وبعد الفشل في انتزاع ضمانات من المقاومة بعدم التصعيد، لجأوا إلى المماطلة الديبلوماسية للإيحاء بأن الأمور تسير على المسار الصحيح في انتظار جلاء بعض التفاصيل… حيث يكمن الشيطان عادة.
ففي كل مرة يأتي هوكشتين يسحب من قبعته مطلباً إسرائيلياً جديداً للإيحاء بأن هناك نقاطاً عالقة تحتاج مزيداً من الوقت. وآخر هذه الأوراق «الخط الأزرق البحري» المعبر عنه بشريط العوامات القائم في البحر قبالة ساحلي لبنان وفلسطين المحتلة، طالباً تثبيته لأن إسرائيل لا يمكنها «التهاون فيه لأسباب أمنية». أما الإيجابية التي تحدث عنها، مستنداً إلى «موافقة إسرائيل على المطالب اللبنانية»، فقد تبيّن أنها غير محسومة، إذ أكد أنه يستطيع «ضمان موافقة إسرائيل على الخط 23 بنسبة 90 في المئة»، ما يعني أن كيان العدو لم يوافق على المطالب اللبنانية. علماً أن هذه النقطة أساسية، بالتالي فإن ما يطلبه هوكشتين هو تأجيل المواجهة والترسيم معاً.
عملياً، يمارس الوسيط الأميركي عملية «خداع» لإيهام لبنان بأنه حصلَ على غالبية مطالبه، ويخترع نقاطاً جديدة لإطالة أمد التفاوض. والدليل، ما بدأ التداول به حول الجهة التي سترعى تنفيذ الاتفاق في حال أُنجِز. وفي الإطار، قالت مصادر متابعة، إن «الحديث كله يصبّ عندَ الأمم المتحدة». فعلى وهج خيار الحرب الشاملة الموضوع على الطاولة، والذي لاحت مؤشراته مع ارتفاع درجة الاستنفار، تُحاول «إسرائيل» انتزاع موافقة من بيروت على مخرج للنزاع البحري وفي بالها فرض «وصاية دولية» في منطقة معينة في المياه من خلال صيغة شبيهة للوضع في الجنوب بعد عدوان تموز 2006، فيكون هناك 1701 بحري تشرف على تنفيذه قوات الطوارئ الدولية التي ليست لها أي صلاحيات في المياه اللبنانية. لذا فإن اعتماد الأمم المتحدة كمرجع لمراقبة تنفيذ اتفاق الترسيم سيستدعي تعديلاً في مهامها وفي قدراتها وهيكلها، وربما استغلال المهمة الجديدة لتمرير تعديلات في جوهر مهماتها ودورها، وهو ما لا تتوقف إسرائيل عن المطالبة به، وتحقق بعضه في قرار التجديد هذا العام… بفعل تخاذل الدولة اللبنانية أو تغافلها.
وهذه الورقة قد يستخدمها الوسيط الأميركي لاحقاً، في حال احتاجَ العدو الإسرائيلي مزيداً من الوقت، خصوصاً أن البحث في الجهة التي سترعى تنفيذ الاتفاق لا يقل أهمية عن الاتفاق نفسه. ولأنهم يعرفون تماماً، حساسية فكرة توسيع مهام قوات اليونيفل بالنسبة للبنان، ما يعني أن الاتفاق حوله لن يكون سريعاً.
وبذلك يكون العدو الإسرائيلي قد ظفرَ بعصفورين: إرجاء الترسيم أسابيع الأمام مع إبعاد شبح المواجهة عنه، وتأمين نفسه بقوات دولية تكون عينها على طول الخط الأزرق البحري، وهما أمران غير مضمونين لأن أيلول سيبقى شهر الحسم.
إسرائيل: لا نفهم عقل نصرالله وحزب الله سيحصد النتائج
ينصبّ الاهتمام الإسرائيلي على النتائج غير المباشرة لأي اتفاق ترسيم يتم التوصل إليه مع لبنان تحت ضغط المقاومة. وفي هذا السياق، كشفت قناة كان في التلفزيون الإسرائيلي أن التقدير لدى الجيش الإسرائيلي هو أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، «رغم تهديداته، يريد الحصول على اتفاق يجلب الكثير من المال إلى لبنان، ويهمه أن يبدو كمن حقق هذا الإنجاز»، في إشارة إلى المخاوف الإسرائيلية من تكريس صورة حزب الله كقوة توفر الحل الاقتصادي والمالي للبنان. وأضافت أن «الأجهزة الأمنية والعسكرية تقر بأن أحداً لا يستطيع فعلاً الدخول إلى رأس نصرالله»، و«أنهم في الاستخبارات الإسرائيلية أصحاب خيبات في محاولة التوغل في عقله». ولذلك «يعززون الاستنفار في الجيش الإسرائيلي منذ تموز حين أرسل مسيراته إلى منصة كاريش. وهو ما دفع رئيس أركان الجيش أفيف كوخافي لتوجيه رسائل إلى نصرالله» أمس. فقد حذر كوخافي من أن «أي محاولة لإلحاق الأذى بدولة إسرائيل في أي ساحة ستقابل برد حاد أو بمبادرة استباقية». واعتبر أن القرار 1701، لا ينفذ و«القذائف الصاروخية والصواريخ المضادة للدبابات تملأ جنوب لبنان» مشدداً على أن كلاً من «دولة لبنان وحزب الله سيتحملان العواقب إذا تضررت سيادة دولة إسرائيل أو مواطنيها».
من جهته، وصف الرئيس السابق لدائرة الأبحاث في الاستخبارات العسكرية، أمان، العميد يوسي كوبرفاسير، الوضع الذي يواجهه حزب الله بأنه «معقد، فمن جهة هو منظمة قوية ومركزية في لبنان، وعلى رأسها قائد مقدر جداً كونه نجح في إيصاله إلى المكان الذي وصلت إليه. لكن، من جهة أخرى، هناك الكثير من التطورات الإشكالية التي تؤدي إلى تآكل هذا الوضع القوي لحزب الله. بالتالي فإن الحديث عن ضعف حزب الله وقائده غير صحيح». وأكد على «ضرورة فهم طريقة تفكير حزب الله، والتي ليست بالضرورة طريقة تفكيرنا». وعارض الذين يستبعدون بأن يقدم حزب الله على خطوات عملية ضد إسرائيل، لافتاً إلى أن «اكتفاء حزب الله فقط برسائل تهديد لردع إسرائيل هي تفكيرنا نحن، وليست بالضرورة تفكيره».
إلا أن الأهم الذي برز في العديد من القراءات التي وردت على لسان العديد من الخبراء وتحديداً الذين كانوا يتولون مناصب رفيعة في الاستخبارات والجيش هو بروز حزب الله كقوة وفرت الحل الاقتصادي للبنان، وأنه حامي الثروات. ويعكس هذا الأمر حجم القلق من نتائج هذا الخيار.
********************************
افتتاحية صحيفة النهار
قوى المعارضة تقترب من تحديد مرشحيها للرئاسة؟
في الأسبوع الثاني من المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد، يبدو ان ثمة طلائع جدية لتحركات نيابية وسياسية علنية، وأخرى بعيدة من الأضواء، من شأنها ان تبلور امكان نجاح هذه التحركات في تظهير اتجاهات أساسية لتحديد أسماء مرشحين للرئاسة وتحديدا لدى الكتل والقوى التي تندرج في اطار الأكثرية #المعارضة، باعتبار ان قوى 8 اذار لا تبدي اتجاهات توحي بإمكان ملاقاة التحركات المنتظرة الى منتصف الطريق. ولكن الأسبوع الحالي سيكتسب دلالات بارزة لجهة تشابك الأولويات خلاله، سواء في ما يتصل بانطلاق بعض التحركات النيابية الخاصة بالاستحقاق الرئاسي او بانعقاد مجلس النواب في جلسات مخصصة لمناقشة الموازنة وإقرارها او في ما يترقب من تطورات جديدة على صعيد ملف ترسيم الحدود البحرية بين #لبنان وإسرائيل.
وفي هذا السياق أفادت تقارير إعلامية، لم يؤكدها اي مصدر رسمي لبناني، ان الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية آموس هوكشتاين ارسل امس الاحد الى مسؤولين لبنانيين إحداثيات خط العوامات البحرية. و بحسب ما أفادت هذه التقارير فانّ هذه الإحداثيات تشكل النقطة الأخيرة التي يتم التفاوض عليها، وذلك تحضيرًا لإرسال عرض هوكشتاين الكامل في الأسبوع الحالي .
وفي هذا السياق نقلت محطة “الحدث” عن مصدر إسرائيلي قوله في ملف الترسيم البحري مع لبنان “أنّ الأسابيع المقبلة حرجة للغاية” لافتًا الى أنّ “العملية مكثفة للغاية ونحقق تقدما”. واشار المصدر الإسرائيلي الى أنه “على حكومة لبنان أن تقرر إن كانت تريد اتفاقا”.
وهدد رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال أفيف كوخافي “دولة لبنان وحزب الله” مشيرا الى أنهما “سيتحملان التداعيات إذا تم المساس بسيادة دولة إسرائيل، وإذا تضررت مصالحها أو تم إيذاء مواطنيها”. وقال كوخافي، خلال حفل تسليم وتسلم القيادة على المنطقة الشمالية: “في لبنان يتصرف حزب الله الذي تم تعريفه من قبل العديد من دول العالم كمنظمة إرهابية، وقد استولى على أجزاء واسعة من لبنان، ليصبح عمليا الجهة التي تحدد سياسته الأمنية”. واضاف: “من الناحية الأمنية لقد اختطف حزب الله لبنان الذي يدفع بسبب ذلك ثمنا مزدوجا أمنيا واقتصاديا، وبالتالي لا يتم تطبيق القرار 1701 حيث تنتشر الصواريخ والقذائف الصاروخية وراجمات الصواريخ المضادة للدروع وغرف التحكم والسيطرة في جنوب لبنان، وجنوب بيروت والبقاع برمته”.
“نقلة بارزة”؟
اما في ما يتعلق بالمشهد السياسي والرئاسي، فان اوساطا معنية بالمجريات الجارية على خط المساعي للاتفاق بين القوى المعارضة، السيادية و#التغييرية، تحدثت عن نقلة بارزة تحققت وهي في طريقها الى الاستكمال لجهة التقارب في حصر اطار المرشحين الذين تنطبق عليهم المواصفات التي حددتها هذه القوى وان مرحلة التسميات اقتربت وان لم تكن سريعة جدا. وتقول هذه الأوساط انه لن يتم استعجال الأمور قبل قيام “تكتل النواب التغييريين” باتمام مبادرته التي تنطلق عمليا من اليوم بجولة تشمل جميع الكتل النيابية والنواب المستقلين سعيا الى بلورة مناخ توافقي على مرشح انقاذي . ومع هذه الجولة فان المشاورات الجارية بين القوى المعارضة ستمضي قدما نحو المساعي المتقدمة لتحديد مرشح او اكثر وفق الية مرنة ومنفتحة، ولكن حازمة، لجهة ضرورة الوصول الى مرحلة التسمية في اقرب فرصة بعدما تمادت فترة الانتظار وتنامت مناخات سلبية باتت تظهر البلاد كأنها محكومة حتما بالفراغ الرئاسي بما يلائم العهد الذي يعد أيامه وبعض القوى”الممانعة”، وعلى رأسها “حزب الله”، التي توظف الغموض السائد في اجنداتها المعلومة. ولذا لفتت الأوساط نفسها الى ضرورة القراءة المعمقة للموقف البارز الذي اطلقه امس رأس الكنيسة المارونية البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الذي دعا بمنتهي الوضوح الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية “من البيئة الوطنية الاستقلالية ” وهي الدعوة الأكثر صراحة الى الاتجاه الذي تزكيه بكركي في اختيار رئيس انقاذي بما يستتبع استقطابا واسعا داخليا وخارجيا لهذا الموقف. ولم تستبعد الأوساط نفسها ان يتحول هذا الموقف الى نقطة ارتكاز أساسية في الحركة التصاعدية المتوقعة للاستحقاق تباعا.
اما في تحرك النواب “التغييريين” فأكّدت امس النائبة العضو في هذا التكتل نجاة عون صليبا أنّ النواب التغييريين سيبدأون اليوم لقاءاتهم مع كتلة “الطاشناق” للتباحث في مبادرتهم الرئاسيّة، واعتبرت: ” اننا على مسافة من الجميع ولا بدّ من لبننة القرار والسؤال هو هل بإمكاننا أن نتفق فننتخب رئيسًا لبنانيًّا من دون إملاءات الخارج؟”. وأعلنت: ” سنعمل بكل قوانا لانتخاب رئيس ضمن المدّة الدستوريّة وإذا وُضعنا أمام خيار إيصال شخص لا نرغب به فسنلجأ إلى تعطيل الجلسات كخيار ديموقراطي”.
ورصدت معالم تقارب قوي بين “#القوات اللبنانية ” وحزب الكتائب، وتتواصل لقاءات التنسيق بين رئيس الكتائب النائب سامي الجميل ونائب رئيس حزب “القوات” النائب جورج عدوان . وفي هذا الاطار اعلن عضو كتلة الكتائب النائب سليم الصايغ “اننا لا نريد النهج الذي سيطر على لبنان منذ 6 سنوات ان يتجدد. لا نريد رئيسا ينتمي الى 8 آذار .لا نريد رئيسا يلبس قناع الطوباوية ويلعب دور ربط النزاع، نريد رئيس مواجهة. نحن اليوم لا نستطيع السير بفكرة ترك موضوع السلاح جانبا، ووضع رؤوسنا كالنعامة في الوحل ونبحث في المواضيع الاقتصادية والمواضيع الأخرى فالحدود فلتانة، وهناك تهريب وانعدام ثقة مع البلدان العربية”.
وكان رئيس حزب “القوات” سمير جعجع اكد أنّه في ما يتعلق “بفريقنا، الذي يشمل القوّات اللّبنانيّة ومجموعة النّوّاب السّنّة والنّوّاب التغييريّين والمستقلّين والحزب التقدمي الاشتراكي والكتائب حصلت خلال الأيام العشرة الأخيرة اتّصالات واجتماعات متواصلة على قدم وساق بشأن الاستحقاق الرئاسيّ، ومن المفترض أن نتوصّل خلال الأسابيع المقبلة إلى مرشّح بعد عرض أكثر من إسم، ونحن في مسار إيجابيّ والمؤشرات جيّدة”، ورأى أنّ “فريق الممانعة يسير بالفراغ أما نحن ففي الاتجاه المعاكس ولا عمليّة إنقاذ من دون رئيس جديد للجمهوريّة”. وكشف جعجع أنّ “في السّلّة العامّة هناك إسمَان إلى 3 أسماء، ورئيس حركة الاستقلال النّائب ميشال معوّض شخصيّة مؤهلة ل#رئاسة الجمهورية لكنّنا حاليّاً لا نقترح أسماء”، مضيفاً “لمست نيّة لدى فرقاء المعارضة للوصول إلى مرشّح موحّد، والآن العمل يتركّز على هذا الموضوع”.
الراعي وعودة
في غضون ذلك اطلق البطريرك الراعي في عظته امس سلسلة “لاءات” فقال “لا نسكت بل نرفض شل البلاد، لا نسكت بل نرفض تعطيل الدستور، لا نسكت بل نرفض الحؤول دون تشكيل حكومة، لا نسكت بل نرفض منع انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لا نسكت بل نرفض فرض الشغور الرئاسي، لا نسكت بل نرفض استباحة رئاسة الجمهورية، لا نسكت بل نرفض الإجهاز على دولة لبنان وميزاتها ونموذجيتها ورسالتها في هذا الشرق وفي العالم” . واضاف “إننا ننتظر من المواطنين المخلصين المؤمنين بلبنان-الرسالة أن يشاركونا في رفض هذه البدع، وأن يقفوا وقفة تضامن حتى تشكيل حكومة جديدة، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل الحادي والثلاثين من تشرين الأول المقبل، يكون رئيسا من البيئة الوطنية الإستقلالية ورئيسا جامعا. من المؤسف أن يصل اللبنانيون إلى حالة اللاثقة التي باتت تشكك في كل نية ولو صادقة، وإلى حالة التسييس التي ترى مسيسا كل قرار أو تدبير. وهاتان الحالتان تؤديان إلى التعطيل. هذه حال ما يحصل اليوم بين أهالي ضحايا تفجير مرفأ بيروت ووزير العدل. إنه نزاع تبرره حالتا اللاثقة والتسييس، ويؤدي إلى التعطيل وأصبح إبداء الرأي ولو موضوعي محكوما عليه بالتشكيك والتسييس”.
وبدوره اعلن متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة: “إن المبادرة التي أطلقها النواب المسمون تغييريين جديرة بأن يلاقيها كل نائب يحرص على القيام بواجبه وعلى إنقاذ البلد. تضافر الجهود واجب، وتطبيق الدستور أول الواجبات، وعلى المجلس النيابي ورئيسه القيام بواجبهم مهما كانت الظروف والعقبات. إذا استمرت المناكفات وزاد التباعد لن تبقى جمهورية لينتخب لها رئيس. لذلك على الجميع التحلي بالتعقل والحكمة والحس بالمسؤولية. النية الحسنة وحدها لا تكفي، كما الوعود والكلام المعسول. المطلوب أفعال على مستوى الظرف العصيب، تلاق وحوار وقرار، بعيدا عن المصالح والإرتباطات”.واضاف: “هنا نسأل: هل تعطل جلسة انتخاب رئيس حتى الاتفاق على إسم؟ وإذا لم يتم ذلك هل نرمي البلد في المجهول؟ أليس الأفضل أن يعلن من يرى في نفسه الكفاءة والقدرة على تولي المسؤولية ترشحه ورؤيته وبرنامجه، ويجري التنافس بروح ديموقراطية راقية؟ وما الضير من وجود عدة مرشحين؟ ولينتخب النواب من يقتنعون ببرنامجه وكفاءته ويرونه أهلا لتحمل المسؤولية في هذا الظرف، وليكن انتخابهم بحسب ضميرهم لا بحسب الإملاءات والمصالح. بعد كل التحولات التي حصلت، لم يعد مجال للتسويات كما في السابق، ولم يعد جائزا التلاعب بمصير البلد وأبنائه. المطلوب تضافر الجهود من أجل إنقاذه. ووجود رئيس وحكومة فاعلة ليس ترفا بل ضرورة. وعلى جميع المعنيين التخلي عن مصالحهم وأنانياتهم وأحقادهم وكل ما يعرقل إتمام الإستحقاقات”.
****************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
دوريات الـ”يونيفيل” في خطر… وتخبط بين بعبدا والسراي حول “إحداثيات العوّامات”
الراعي لعون ونصرالله: رسائل مباشرة “لا تقبل التأويل”
رداً على حملة التخوين التي شنّها عليهم وزير العدل هنري خوري، وعلى “القرار المشبوه” الذي وافق عليه مجلس القضاء الأعلى، وجّه أهالي ضحايا وشهداء تفجير مرفأ بيروت جملة رسائل حاسمة أمس، لعل أبرزها جاء على شكل توعد “أي قاض سيتجرأ” على تولي ملف التحقيق العدلي بشكل رديف عن القاضي طارق البيطار بأنهم سيكونون “له بالمرصاد وسيتحمل ما لا تحمد عقباه”، وذلك بالتوازي مع مطالبة خوري بالاعتذار عما نسبه إلى الأهالي من “إتهامات باطلة ومزيفة”، كما وضعوا مجلس القضاء أمام مرآة الحق والعدالة و”الضمير والقسم”، وسألوا رئيسه وأعضاءه: “هل أصبحت المناصب أسمى من الضمير؟ وهل القانون يتغيّر حسب الميول السياسية والغايات الشخصية؟ وهل يحق لكم خلق قانون يليق بأسيادكم؟”.
وعلى ضفة البطريركية المارونية، رسم البطريرك بشارة الراعي علامات استفهام وطنية كبرى ووضعها برسم أركان السلطة الحاكمة، لا سيما العهد والثنائي الشيعي، مستغرباً “هذه العظمة والمقدرة على أن نوقف كل شيء ونعطله”، وتساءل: “لمصلحة مَن هذا التعطيل؟”. كما كانت له في إطلالته المتلفزة مساءً جملة رسائل مباشرة “لا تقبل أي تأويل” إلى كل من رئيس الجمهورية ميشال عون والسيّد حسن نصرالله، فتوجّه إلى الأول بنصيحة مغادرة قصر بعبدا بكرامة واحترام من دون الإقدام على أي خطوة غير دستورية، وإلى الثاني بالقول: “ما بيقدر السيّد يطلع على التلفزيون ويعمل حرب وسلام”، وأردف: “هذا قرار تقرّره الدولة وتتخذه الحكومة بثلثي أصواتها”.
وشدد الراعي في الملف الرئاسي على أنّ عون لا يستطيع أن يبقى في القصر الجمهوري بعد 31 تشرين الأول “حتى ولو كانت هناك حكومة تصريف أعمال” لأنّ ولايته بهذا التاريخ “تسقط” وصلاحياته تنتهي، مخاطباً إياه بالقول: “خليك على المستوى الرفيع، دخلت كبيراً فاخرج كبيراً، حرام صرنا بلبنان مضحكة للدول كلها”، بينما كان قد حمّل ممثل رئيس الجمهورية، وزير السياحة وليد نصار خلال قداس مزار القديسة رفقا على نية السلام في لبنان صباحاً، رسالة إلى عون طالباً من نصار أن ينقل إليه “سلامه وسلام المطارنة” متضرعين إلى الله أن “ينهي عهده كما يجب لما فيه خير لبنان وشعبه”، ومشدداً في عظته على أنّ اللبنانيين لم يعد باستطاعتهم البقاء “في هذه الحالة من الفوضى ومن التعطيل وكأنّ الغاية الاساسية أصبحت عندنا أن نعطّل كل شيء”.
وإذ كشف في ما يتصل بإشكالية التشكيلات القضائية التي يحتجزها رئيس الجمهورية أنه سبق وطالب عون بضرورة توقيعها، حمّل البطريرك الماروني في عظة الأحد الثنائي الشيعي مسؤولية غير مباشرة عن تعطيل التحقيق العدلي في جريمة 4 آب، من خلال تشديده على مسؤولية وزير المالية المباشرة عن تكبيل يدي المحقق العدلي القاضي طارق البيطار “بسبب رفضه توقيع مرسوم التشكيلات القضائية”، مؤكداً في المقابل أنّ الخطوة التي أقدم وزير العدل عليها بتعيين قاضٍ رديف “لا تؤثر بشيء على صلاحية القاضي البيطار”.
وعلى الأثر، أصدرت وزارة المالية بياناً إعلامياً أمس حاولت فيه تبرئة ذمتها من تعطيل التحقيق العدلي وتكبيل المحقق العدلي في جريمة تفجير المرفأ، فأوضحت أنّ “مشروع مرسوم تعيين غرف محكمة التمييز تم استرداده بناءً على كتاب من وزارة العدل لتحيله الى المراجع القضائية المختصة لتصحيح الخلل الذي يعتريه، وذلك بواسطة رئاسة مجلس الوزراء”.
في الغضون، تصاعدت وتيرة الهجمة التي تشنها القيادات الشيعية على قوات الطوارئ الدولية “يونيفيل”، فدخل المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان أمس بقوّة على خط الهجوم على هذه القوات، ملمحاَ إلى أنّ دورياتها في جنوب الليطاني أصبحت في خطر من خلال الإشارة صراحةً إلى أنّ “هناك 430 دورية يومية لليونيفيل بسائر مناطق عملها فحذار اللعب بالنار، ولن نقبل بأي قوة عسكرية أو أمنية أو لوجستية تخدم تل أبيب، والتجسس والتعقب أخطر عدوان على المصالح الوطنية، والتداعيات كارثية والسكان المحليون أكبر عنصر من عناصر سيادة لبنان وحفظ مصالحه الوطنية”، معتبراً أنّ “سجل اليونيفيل غارق بالشكوك والخزي”، ومهدداً باعتبارها “قوات احتلال” في حال تجاوزها “الخطوط الحمر”.
أما في مستجدات ملف الترسيم البحري، وعلى وقع تهديد رئيس الأركان الإسرائيلي بأنّ “حزب الله” والدولة اللبنانية سيتحملان المسؤولية “بحال المساس بسيادتنا”، سادت على المستوى الرسمي اللبناني مساءً حالة من التخبط بين نفي السراي الحكومي وتأكيد قصر بعبدا تسلم إحداثيات النقاط البحرية المطروحة على طاولة التفاوض من جانب الوسيط الأميركي آموس هوكشتيان. فبينما نفى الموقع الالكتروني لرئيس حكومة تصريف الأعمال على لسان “مصدر حكومي معني” أن يكون هوكشتاين “سلّم مسؤولين لبنانيين (أمس) إحداثيات خط العوامات البحرية التي تشكل النقطة الأخيرة التي يتم التفاوض عليها، تحضيراً لإرسال عرضه الكامل الأسبوع المُقبل”، سارع في المقابل نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب إلى تسريب معلومات صحافية يؤكد من خلالها، بوصفه “مكلفاً من رئيس الجمهورية” متابعة ملف الترسيم البحري “تسلّم لبنان إحداثيات النقاط البحرية وعددها ستة”.
وتزامناً، جدد نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم التأكيد على أنّ موقف الحزب الذي أعلنه نصرالله إزاء ملف الترسيم “لن يتغيّر”، وقال: “نريد حقوقنا المائية والنفطية والغازية كاملة غير منقوصة ولا نقبل أي عذر (…) ونحن نتابع التطورات وعلى أساسها سنعبّر بالطريقة المناسبة وفي الوقت المناسب عن أي موقف حسب مجريات المفاوضات ونتيجتها”.
******************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
الراعي يرفض تعطيل الدستور وشل لبنان
قال إن قاضي التحقيق في انفجار المرفأ مكبل اليدين
رفض البطريرك الماروني بشارة الراعي «تعطيل الدستور وعدم تشكيل الحكومة وإجراء الانتخابات الرئاسية كما استباحة الرئاسة»، داعيا إلى «انتخاب رئيس جديد جامع من البيئة الوطنية الاستقلالية»، ومتحدثا في الوقت عينه عن «تكبيل يدي المحقق العدلي في انفجار المرفأ طارق البيطار».
وقال الراعي في عظة الأحد: «لا يمكن العيش في جو من الأحقاد والكيديات والاتهامات والإساءات، على صعيد الأحزاب والتكتلات السياسية، كما يجري اليوم، بكل أسف، مثل هذا الجو يسم أجواء الحياة بين المواطنين، من دون أن يكونوا مسؤولين عن بخ هذا السم. مأساتنا في لبنان أن كثيرين لا يعترفون بأخطائهم وخطاياهم ولا يندمون عليها، فبتنا نعيش في (هيكلية خطيئة). وبلغ هذا الواقع تعطيل الحياة الدستورية والمؤسسات».
وأضاف «لذلك نحن لا نسكت بل نرفض. لا نسكت بل نرفض شل البلاد، لا نسكت بل نرفض تعطيل الدستور، لا نسكت بل نرفض الحؤول دون تشكيل حكومة، لا نسكت بل نرفض منع انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لا نسكت بل نرفض فرض الشغور الرئاسي، لا نسكت بل نرفض استباحة رئاسة الجمهورية، لا نسكت بل نرفض الإجهاز على دولة لبنان وميزاتها ونموذجيتها ورسالتها في هذا الشرق وفي العالم».
وتوجه إلى اللبنانيين بالقول: «ننتظر من المواطنين المخلصين المؤمنين بلبنان – الرسالة أن يشاركونا في رفض هذه البدع، وأن يقفوا وقفة تضامن حتى تشكيل حكومة جديدة، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل الحادي والثلاثين من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، يكون رئيسا من البيئة الوطنية الاستقلالية ورئيسا جامعا».
وتحدث عن التحقيقات في انفجار المرفأ وقرار تعيين قاض رديف للقاضي طارق البيطار، قائلا: «من المؤسف أن يصل اللبنانيون إلى حالة اللاثقة التي باتت تشكك في كل نية ولو صادقة، وإلى حالة التسييس التي ترى مسيسا كل قرار أو تدبير. وهاتان الحالتان تؤديان إلى التعطيل. هذه حال ما يحصل اليوم بين أهالي ضحايا تفجير مرفأ بيروت ووزير العدل. إنه نزاع تبرره حالتا اللاثقة والتسييس، ويؤدي إلى التعطيل وأصبح إبداء الرأي ولو كان موضوعيا محكوما عليه بالتشكيك والتسييس».
وتابع الراعي: «معروف أن قاضي التحقيق طارق البيطار ثابت في منصبه وممسك بملف التحقيق في تفجير المرفأ بحكم القانون، لكنه مكبل اليدين بسبب رفض وزير المالية توقيع مرسوم التشكيلات القضائية فيعطل تعيين رؤساء غرف التمييز الذين يشكلون الهيئة العامة لمحكمة التمييز فتتمكن هذه من إعادة الحياة القضائية التي بها يرتبط عمل قاضي التحقيق. هذا هو الموضوع الأساسي الذي يسمح حله بعودة القاضي البيطار إلى عمله. أما القضية التي يطرحها وزير العدل مع مجلس القضاء الأعلى بالإجماع، ولا تؤثر بشيء على صلاحية القاضي بيطار، فتتعلق بمعالجة الموقوفين منذ أكثر من سنتين، ويحق لهم بإخلاء سبيلهم بموجب المادة 108 من أصول المحاكمات الجزائية. ولكن القاضي البيطار لا يستطيع إصدار أي قرار بهذا الشأن بسبب تكبيل يديه»، من هنا اقترح الراعي «سماع رأي رؤساء مجلس القضاء الأعلى السابقين بشأن هذه القضية، من أجل بتها من جهة، وطمأنة أهالي ضحايا تفجير المرفأ من جهة ثانية. فتبقى العدالة والإنصاف مصونين».
****************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
سباق بين أولويتَي الرئيس والتأليف .. وسياريوهات لـ«حرب غاز» مُحتملة
فيما تُنسج سيناريوهات حول «حرب غاز» محتملة في حال عدم الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل قريباً، فإنّ المشهد الداخلي غارق هو الآخر في سيناريوهات متعدّدة حول التأليف الحكومي من جهة والاستحقاق الرئاسي من جهة ثانية، في ظلّ تعقيدات ليس من السهل حلّها، خصوصاً انّ المواقف إزاء هذين الملفين لا تزال متباعدة جداً، سواء بين المعنيين بتأليف الحكومة او بين جميع الأفرقاء والقوى والكتل المنشغلة بالانتخابات الرئاسية وشخصية الرئيس العتيد، حيث تبدو الصورة كأنّ كل فريق يريد إيصال رئيس من صفوفه، رافضاً في المطلق ان يكون من صفوف الفريق الآخر، ما يدّل إلى مدى البون الشاسع بين المعنيين الذي قد يحتاج إلى وقت طويل لتذليله والاتفاق على رئيس يقبل به الجميع. كل هذا يحصل فيما الأزمة المالية والاقتصادية والمعيشية تزداد يومياً تفاقماً واستفحالاً على كل المستويات، موقعة اللبنانيين في مزيد من الفقر والعوز. ويزيد في الطين بلّة، قصور السلطة عن تأمين الحدّ الأدنى من المعالجات للتخفيف من وطأة هذه الأزمة عن كاهل اللبنانيين، انتظاراً للمعالجات الموعودة الآن وبعد إنجاز الاستحقاقات المقبلة.
لم يُسجّل خلال عطلة نهاية الاسبوع اي جديد على مستوى المساعي المبذولة لتشكيل الحكومة الجديدة، ولكن كما في مطلع كل أسبوع، تجدّد أمس الحديث عن لقاء محتمل هذا الاسبوع بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي، من دون أي سند او معلومات مؤكّدة من أي من الطرفين. وقالت مصادر مواكبة للمساعي الجارية لـ«الجمهورية»، انّ المحاولات لتحقيق التوافق بين عون وميقاتي لم تسجّل أي تقدّم بعد، حتى انّ مشاريع الحلول المطروحة لم ترق إلى مستوى تحديد موعد مجدٍ بينهما يحقق النتائج المرجوة، وإن التقيا غداً او بعد غد او في نهاية الأسبوع، فإنّ اللقاء سيكون السابع بينهما ولن يحقق نتائج ملموسة توفّر المخرج الذي يؤدي إلى تشكيل الحكومة بأي من الصيغ المتداول بها حتى الآن. واكّدت المصادر، «انّ معظم ما هو مطروح من مخارج وخطوات من خارج آلية تشكيل الحكومة لا طعم دستورياً له ولا يستأهل الاهتمام على المستوى الدستوري الذي نصّ على آلية تشكيل الحكومة وما تسبقها من استشارات نيابية ملزمة وغير ملزمة، وأنّ اي طرح آخر يعدّ خطاباً سياسياً لا وجه قانونياً ولا دستورياً له».
الاستحقاق الرئاسي وعلى صعيد الاستحقاق الرئاسي، وفي مطلع الايام العشرة الثانية من المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية التي بدأت في الأول من الجاري، يبدأ وفد من تكتل نواب «قوى التغيير» اليوم الاثنين جولة أولى من اللقاءات مع جميع الكتل النيابية والنواب المستقلين، لشرح أهداف المبادرة التي كان اطلقها الأسبوع الماضي، والاستماع لوجهة نظرهم، بهدف «الوصول إلى لبننة الإستحقاق، من خلال التحلّي بالمسؤولية الوطنية والاتفاق على مسار إنقاذ يبدأ بالاستحقاق الرئاسي». حسبما قال التكتل في بيان أمس. وفي المعلومات المتوافرة، انّ برنامجاً وضعه التكتل لتشمل اللقاءات الكتل النيابية كافة، فلا تقتصر على البرامج السابقة التي كانت مقرّرة، من اجل تعزيز وتنسيق المواقف مع الكتل المعارضة والنواب المستقلين، ولكنها ستشمل مختلف القوى، بما فيها كتل نواب «الوفاء للمقاومة» و«التنمية والتحرير» و«لبنان القوي» و«الجمهورية القوية».
موقف المعارضة في غضون ذلك، قالت مصادر المعارضة لـ«الجمهورية»، انّ «الحركة الرئاسية ما زالت بطيئة، فهناك حركة ترشيحات، ولكن الكتل النيابية لم تكشف عن أوراقها بعد، ومن المتوقّع ان تشهد هذه الحركة تزخيماً مع الزيارات المعلنة للنواب الـ13 إلى رؤساء الكتل المعارضة، فيما هذه الحركة بالذات ناشطة وراء الكواليس بين القوى المعارضة التي يبدو انّها انتقلت إلى المهمّة الأصعب بعد ان حسمت ضرورة وحدة صفوفها والمواصفات الرئاسية بشقيها السيادي والإصلاحي ومنع وصول رئيس من فريق 8 آذار، وهذه المهمة عنوانها البحث عن المرشّح او المرشحّة التي تتجسّد فيها المواصفات المطلوبة». وأضافت المصادر، انّ «هذه الحركة الناشطة على مستوى المعارضة لا تقابلها حركة مماثلة على مستوى الموالاة التي يتصدّر الواجهة فيها فريق العهد برأسيه الرئيس ميشال عون والنائب جبران باسيل، ومن خلال تقديمه أولوية الحكومة على أولوية الرئاسة، ويمارس أقصى الضغوط على حلفائه وفي طليعتهم «حزب الله» تحقيقاً لهذا الهدف. وقد برز في الأسبوع المنصرم موقفان لعون وباسيل يثبتان هذا المنحى والتوجُّه: ـ الموقف الأول أطلقه باسيل وأعلن فيه صراحة انّه في حال عدم تأليف حكومة جديدة، فسيتعامل مع حكومة تصريف الأعمال القائمة بكونها مغتصبة سلطة، ما يعني انّه مصمِّم على تطوير المواجهة السياسية في اتجاه دستوري، ما يولِّد الفوضى على هذا المستوى، ويزيد من حدّة الاشتباك والانقسام السياسيين. وقد تقصّد باسيل ان يضع حليفه «حزب الله» أمام خيارين لا ثالث لهما: إما ان يتبنّى موقفه بتأليف حكومة جديدة، وإما مرحلة ما بعد 31 تشرين ستختلف عن مرحلة ما قبلها. ـ الموقف الثاني أطلقه عون وجاء مطابقاً لموقف باسيل لجهة رفضه استمرار حكومة تصريف الأعمال، وكاشفاً انّ الخطوة التالية جاهزة في حال لم تؤلّف حكومة جديدة. كما أكّد عون ما كان يتردّد في الإعلام بأنّه مع توسيع الحكومة إلى ثلاثينية بإضافة 6 وزراء دولة سياسيين، وإدخال بعض التعديلات الطفيفة على حكومة تصريف الأعمال القائمة. وحمّل عون الرئيس نبيه بري مسؤولية إجهاض هذه المحاولة». ورأت مصادر المعارضة انّ موقف عون هذا «يؤكّد انّه يعمل على هدفين أساسيين: ـ الهدف الأول تأليف حكومة جديدة يدخل إلى متنها النائب باسيل وتكون نسخة مكرّرة عن حكومة الرئيس تمام سلام لناحية تحوّل كل وزير فيها رئيس جمهورية، فتصبح الحكومة عملياً برأسين: ميقاتي وباسيل، وهذا ما يطمئن عون إلى استمرارية عهده عن طريق باسيل. ـ الهدف الثاني إبقاء الفراغ الرئاسي مفتوحاً في انتظار اللحظة التي تنضج فيها الظروف السياسية المحلية والخارجية لانتخاب باسيل رئيساً للجمهورية. وقالت المصادر نفسها «انّ هذين الهدفين يفسِّران تصويب عون على الحكومة لا الرئاسة، لأنّ حظوظ باسيل ضمن المهلة الدستورية معدومة، وهو في حاجة إلى فراغ طويل مدعّم بحكومة تواصل النهج نفسه الذي أرساه العهد، فيما عدم تأليف حكومة يسرِّع عملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ويعيد إنتاج سلطة جديدة وليس حكومة وظيفتها ان تكون منصة رئاسية متقدمة لباسيل وتهيئ له ظروف معركته الرئاسية».
الترسيم البحري على صعيد الترسيم البحري، وبعد يومين على مغادرة الموفد الاميركي إلى مفاوضات الناقورة غير المباشرة عاموس هوكشتاين، قالت مصادر واسعة الإطلاع لـ«الجمهورية»، إنّه سلم في زيارته الاخيرة إلى بيروت يوم الجمعة الماضي مشروعاً لترسيم الخط البحري كما أعدّه الجانب الاسرائيلي، وهو يعني القسم الأول من الخط البحري الذي ينطلق من النقطة البرية في الناقورة المعروفة بالـ«B1» وطريقة ترسيمه وفق الإحداثيات التي تتجاوز الخط المقترح من جانب لبنان، بما يبرّر خط «العوامات البحرية» التي نصبتها اسرائيل منذ العام 2000، والتي يعترض لبنان على وضعها في تلك المنطقة ولم تقبل اسرائيل أي طلب لبناني منذ ذلك التاريخ لسحبها او تغيير مكانها. وقالت المصادر، انّ هذه الإحداثيات أُحيلت إلى الفريق التقني في الجيش اللبناني من اجل اعطاء رأي لبنان فيها، ليكون ضمن ردّه الشامل على خطة هوكشتاين المنتظرة من الجانب اللبناني فور تسلّمه تقرير هوكشتاين النهائي المتوقع في مهلة لا تتجاوز نهاية الاسبوع الجاري. مصدر حكومي معنيّ ينفي وليلاً نفى مصدر حكومي معنيّ لـ«لبنان24» ما يتم تداوله عن أنّ الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين سلّم مسؤولين لبنانيين اليوم إحداثيات خط العوامات البحرية التي تشكل النقطة الأخيرة التي يتم التفاوض عليها، وذلك تحضيراً لإرسال عرضه الكامل الأسبوع المُقبل».
تدخّل بايدن إلى ذلك، كشف موقع «واللا» الإسرائيلي مساء امس الاول، عن تدخّل الرئيس الأميركي جو بايدن شخصياً عبر هوكشتاين في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل . ونقل الموقع عن مسؤول اميركي بارز، انّ بايدن أوضح أنّ محادثات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل ملف مهمّ ومُلحّ، وعدم وجود اتفاق بينهما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على المنطقة. وقال انّ بايدن شدّد على هذا الأمر خلال المحادثة الهاتفية الأخيرة بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، الذي أشار إليه بمدى اهتمامه بالتوصل لاتفاق خلال الأسابيع القليلة المقبلة. وفي السياق نفسه، قال مسؤولون إسرائيليون بارزون إنّ بلادهم أحرزت تقدّماً في المفاوضات مع لبنان، ولكنهم اعترفوا بوجود بعض الثغرات في طريق هذه المفاوضات الثنائية، التي تُدار عبر الوسيط الأميركي. وأشار «واللا» إلى أنّ هوكشتاين توجّه بعد زيارته الاخيرة للبنان إلى تل أبيب، حيث التقى مستشار الأمن القومي الإسرائيلي إيال خولتا والمدير العام لوزارة الخارجية ألون أوشفيز. ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول إسرائيلي كبير، انّ الحكومة الاسرائيلية ستقدّم مقترحاً جديداً «يتضمن حلاً يسمح للبنانيين بتطوير احتياطيات الغاز في المنطقة المتنازع عليها مع الحفاظ على الحقوق التجارية لإسرائيل».
وثيقة إسرائيلية في هذا الإطار، أشارت وثيقة عسكرية إسرائيلية بثتها القناة 12 العبرية امس، أنَّ «احتمالاً معقولاً لنشوب مواجهة مع «حزب الله» مع تصاعد التوتر حول الحدود البحرية». وأضافت الوثيقة: «أمين عام «حزب الله» السيّد حسن نصرالله يخطّط لحرب مع إسرائيل لانتشال نفسه من المشكلات الداخلية». وتابعت: «حزب الله أصبح «جشعاً وفاسداً» و»يفقد التأييد» في لبنان، وإنَّ قيادة «الحزب» باتت «تفقد السيطرة» على عناصرها في الميدان». ولفتت الوثيقة إلى أنَّ «مقتل قاسم سليماني جعل أمين عام «حزب الله» «معزولًا» وإنَّ تحالف إيران و»حزب الله» وسوريا «اهتز» في الفترة الماضية». ورأت انَّ نصرالله «قد يخوض حرباً مع إسرائيل من أجل استعادة شعبيته في لبنان». إلى ذلك، اتهم رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال أفيف كوخافي، «حزب الله» بـ«اختطاف لبنان»، مؤكّداً أنّ «الصواريخ الإسرائيلية والقذائف المضادة للدبابات تغطي جنوب لبنان». ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية، عن كوخافي، قوله إنّ «لبنان و«حزب الله» سيتحمّلان العواقب إذا تضررت سيادة إسرائيل أو مواطنوها»، مضيفاً أنّ «الجيش الإسرائيلي لن يقف مكتوفاً». وهدّد بـ«مبادرة استباقية» في لبنان أو أي ساحة لمنع أي هجمات»، مؤكّداً أنّ «تحكّم «حزب الله» بلبنان ومصيره سيجعله يدفع ثمناً مضاعفاً، أمنياً واقتصادياً». وقال: «الجيش الإسرائيلي يبادر ويهاجم الأسلحة التي تهدّد إسرائيل في كل منطقة من مناطق الشرق الأوسط، والجيش الإسرائيلي بادر بإسقاط الطائرات دون طيار التي حاول «حزب الله» استخدامها أخيراً»، حسب قوله. ومن جهته، أشار قائد المنطقة الشمالية المنتهية ولايته، أمير برعام، في حفل تسليم وتسلّم القيادة بينه وبين الجنرال أوري غوردين، إلى أنّه «في أيامنا هذه وأمام محور الشر الذي تقوده إيران، يتمّ إحباط الشر وكبحه يومياً، وبعد مضي ثلاث سنوات ونصف منذ أن توليت منصب قائد المنطقة، أعتقد أنّه من حيث الوضع الاستراتيجي نشهد توازنًا أمنيًا جيدًا». واعتبر أنّه «لا يزال التصوّر الذي يتمسك به «حزب الله« تجاه لبنان دفاعيًا، بدليل أنّ معظم أفعاله ضدنا تتمّ في سياق ردّ الفعل، إنّ أمينه العام حسن نصرالله رجل لديه تجربة طويلة ويفهم جيدًا تكلفة الحرب، وسنحت لنصرالله الفرصة في زيارة عدد غير قليل من عائلات ما يعتبرونهم «الشهداء»، فهو يواجه مقدارًا كبيرًا من المعضلات والتساؤلات حول الغاية والطريقة، هذه الشكوك لا وجود لها لدينا». وأضاف برعام، «يُتهم «حزب الله» بمنع ازدهار لبنان وتنميته من خلال أعماله. وقد تضاءل مدى الخوف منه ولم يعد يسيطر على العناصر العسكرية الموجودة بمحاذاة الخط الحدودي بصورة مُحكمة كما كانت في السابق، وبات الفساد مستشريًا فيها، ونحن لا نستيقظ كل صباح ونسأل أنفسنا أي حرب سنخوضها اليوم. علمًا أنّ مهمتنا تتمثل في إبعاد الحرب وليس تقريب الحرب». وبدوره، قال غوردين: «المنظر الذي يمكن مشاهدته من جبل كنعان، والهدوء في الجليل الأعلى والجولان يمكن أن يكون خادعًا، ولا يعكس عدم الاستقرار والأرض المضطربة إلى الشرق والشمال من حدودنا في كل من سوريا ولبنان، وكذلك في ضوء محاولات وكلاء إيران الرامية إلى التموضع في سوريا». وإلى ذلك نقل موقع «واللا» الاسرائيلي عن غوردين قوله: «مهمتي الرئيسية الأولى هي الاستعداد للحرب ضد «حزب الله» في الساحة الشمالية، ثم الدفاع عن المستوطنات الشمالية، وهي المهمّة الثانية من حيث خطورة الأمر، لكنها مهمّة، وبالغة الأهمية، وتتطلب عملًا منهجيًا ومستمرًا وتكتيكيًا للغاية».
الأحقاد والكيديات وفي المواقف، قال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظة الاحد من الديمان، انّه «لا يمكن العيش في جو من الأحقاد والكيديات والإتهامات والإساءات، على صعيد الأحزاب والتكتلات السياسية، كما يجري اليوم، بكل اسف. مثل هذا الجو يسمّ أجواء الحياة بين المواطنين». واضاف: «لذلك نحن لا نسكت بل نرفض شل البلاد، لا نسكت بل نرفض تعطيل الدستور، لا نسكت بل نرفض الحؤول دون تشكيل حكومة، لا نسكت بل نرفض منع انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لا نسكت بل نرفض فرض الشغور الرئاسي، لا نسكت بل نرفض استباحة رئاسة الجمهورية، لا نسكت بل نرفض الإجهاز على دولة لبنان وميزاتها ونموذجيتها ورسالتها في هذا الشرق وفي العالم. إننا ننتظر من المواطنين المخلصين المؤمنين بلبنان-الرسالة أن يشاركونا في رفض هذه البدع، وأن يقفوا وقفة تضامن حتى تشكيل حكومة جديدة، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل الحادي والثلاثين من تشرين الأول المقبل، يكون رئيساً من البيئة الوطنية الإستقلالية ورئيساً جامعاً». وفي عظة له في مزار القديسة رفقا في متنزه معاد، قال الراعي: «نصلي من اجل لبنان، ومن اجل فخامة رئيس الجمهورية ومعاونيه لكي نسمع كلام الله، فلا نستطيع ان نبقى في هذه الحالة من الفوضى في الحياة والعلاقات الاجتماعية، حالة التعطيل وكأنّ الغاية الأساسية اصبحت عندنا ان نعطّل كل شيء». وتمنّى الراعي على ممثل رئيس الجمهورية في القداس ان ينقل سلامه وسلام المطارنة إلى رئيس البلاد، وأن يؤكّد له «اننا ندعمه بصلاتنا لكي يواصل المسيرة وينهي عهده كما يجب لما فيه خير لبنان وشعبه، ونكون إلى جانبه في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها، ونتعالى جميعنا عن كل المشكلات».
عودة من جهته، متروبوليت بيروت للروم الارثوذكس المطران الياس عودة لاحظ انّ «الحكومة لم تُشكّل لغايات وأسباب، ولو صفت النيات لشُكّلت منذ زمن. والنواب المنتخبون يتأرجح معظمهم بين المصالح الخاصة ومصالح الجماعات التي ينتمون إليها، ولا يحسبون لمن انتخبهم حساباً. ولم يدعوا بعد إلى جلسة انتخاب رئيس للبلاد، رغم بدء المهلة الدستورية. والغريب أنّ الجميع يتحدث عن شغور في سدّة الرئاسة وكأنّه حاصل، عوض العمل الحثيث لإجراء الإنتخاب وتأمين انتقال طبيعي للسلطة في الوقت المحدّد في الدستور». وحذّر عودة من «انّ المناكفات اذا استمرت وزاد التباعد لن تبقى جمهورية ليُنتخب لها رئيس. لذلك على الجميع التحلّي بالتعقّل والحكمة والحس بالمسؤولية».
«حزب الله» وقال نائب الامين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم خلال احتفال تربوي في بلدة عربصاليم الجنوبية امس: «نحن في «حزب الله» مع تشكيل الحكومة حتى لو بقي اسبوع او اسبوعين من عمر العهد. وما زلنا مقتنعين انّ تشكيل الحكومة افضل بكثير من الوضع الذي نحن فيه، حتى لو قدّمت الحكومة انجازات محدودة، لأنّ الحكومة هي المعبر لخطة التعافي والإنقاذ». وحول اختيار رئيس للجمهورية قال قاسم: «يجب ان نرى قواسم مشتركة بين غالبية الاطراف الموجودين على الساحة لنختار رئيساً ترضى عنه هذه المجموعات المختلفة». وعن الترسيم البحري قال: «نحن في انتظار ان تتبلور الصورة بشكل نهائي، موقف «حزب الله» لن يتغيّر، اعلنه الامين العام، لأنّ حقوقنا المائية والنفطية والغازية نريدها كاملة غير منقوصة، ولا نقبل أي عذر لأخذ اي حبة تراب او قطرة ماء من ارضنا او مياهنا او نفطنا مهما كانت المبررات، ونحن نتابع التطورات، وعلى أساسها سنعبّر بالطريقة المناسبة وفي الوقت المناسب عن اي موقف حسب مجريات المفاوضات ونتيجتها».
القوانين وصندوق النقد من جهة ثانية، وقبل ايام على انعقاد جلسة مجلس النواب لدرس مشروع المزازنة العامة للدولة للسنة الجارية، أكّدت مصادر رسمية لـ«الجمهورية» وجوب إقرار مجلس النواب بلا تأخير القوانين المتعلقة بالاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي، وهي: «الكابيتال كونترول»، السرية المصرفية، إعادة هيكلة المصارف، والموازنة. وحذّرت المصادر من أنّه في حال استمرار الإمعان في تأخير البت بهذه القوانين التي يطلبها «الصندوق»، فإنّ الاوضاع الاقتصادية والمالية ستتجّه نحو مزيد من السوء والانحدار. ونبّهت إلى وجوب تفادي أي محاولة للتشاطر على «الصندوق»، عبر اعتماد تلك القوانين الملحّة بعد تفريغها من مضمونها، كما حصل على سبيل المثال مع قانون السرية المصرفية الذي ردّه رئيس الجمهورية إلى المجلس النيابي. واشارت المصادر الى انّ إقرار الموازنة هذا الأسبوع سيكون أمراً إيجابياً، لكن «الصندوق» يعتبر انّها يجب أن تضمن حداً أدنى من المداخيل الضرورية للدولة، وإلّا فإنّها لن تكون مقبولة لديه.
*****************************
افتتاحية صحيفة اللواء
تسليم لبناني بالانسداد.. ورهان على حراك دولي – عربي في ت2
الراعي مع مغادرة عون وتعويم الحكومة.. والبنزين بالدولار خلال أيام
أخطر ما في المشهد اللبناني مرارة، في اسبوع الموازنة للعام 2022، ان الكتل والقوى السياسية، المسؤول منها عن تفاقم الأزمة التي تعصف بالبلد منذ قرابة السنوات الثلاث، بانتظار اقل من شهر لتكتمل عملية تنامي الوجع اللبناني، الذي يحلو للطبقة الحاكمة، والتي تتحضر لتحكم، هو المباراة في الكشف عن الانسداد السياسي امام الحكومة لجهة رفض فريق العهد، في اسابيعه الأخيرة، من اصدار مراسيم حكومة تكون الكلمة الاولى فيها للرئيس نجيب ميقاتي، المدعوم من الرئيس نبيه بري بصورة رئيسية، حتى لو آلت الأمور الى فراغ قاتل، فضلاً عن ابراز الكتل «عضلاتها العددية» لجهة القدرة على تعطيل النصاب لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
والأنكى، على هذا الصعيد، تسليم الافرقاء اللبنانيين، لا سيما الرئيس ميشال عون وفريقه بعدم اعطاء فريق الرئيسين نبيه بري وميقاتي ما يريدانه من الحكومة، وفي الوقت نفسه رفض الرئيس المكلف اعطاء النائب جبران باسيل في الاسابيع القليلة من عمر العهد، ما عجز عن اخذه في اول انطلاقة العهد، يتسلم هؤلاء الانسداد الحكومي، وايضاً الانسداد الرئاسي، لجهة قدرة الافرقاء على تعطيل النصاب، او منع الانتخاب بالعدد الذي يوفر انتخاب رئيس في الدورة الاولى او التي تلي..
على ان البعض، يراهن على عدم تراجع الاهتمام الدولي- الاقليمي- العربي بلبنان، وعدم دفعه الى الفوضى التي تؤول الى مؤتمر تأسيسي.
وفي هذا السياق، لا يستبعد مصدر مطلع ان تكون قمة المناخ التي تعقد في النصف الثاني من ت2 المقبل في شرم الشيخ فرصة للتباحث في الملف اللبناني، وربما الاتفاق على اسم شخصية يتفق عليها لرئاسة الجمهورية.
اجتماعات باريس
في غضون ذلك، ما تزال المعلومات قليلة عمّا يدور في باريس من لقاءات بين مسؤولين فرنسيين وسعوديين، تتناول آلية التنسيق المعتمدة بين باريس والرياض حول صندوق المساعدات الانسانية، وحسبما يتوافر من معلومات انتقل البحث الى التنسيق تنقيباً عن شخصية «سيادية» تترشح لرئاسة الجمهورية وتدعم من كتل المعارضة، التي يتعين ان تتوحد في البرلمان.
ولم تسجل مصادر متابعة لملف تشكيل الحكومة الجديدة، معاودة التواصل المتوقف بين الرئاستين الاولى والثالثة، لتجاوز حملات التصعيد التي تولاها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل واستكملها الرئيس عون ضد رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، واتهامهما بتعطيل تشكيل الحكومة الجديدة، في حين سجلت اتصالات محدودة على مستوى الموظفين الكبار، لتسهيل تسيير شؤون الدولة والمواطنين.
واستبعدت المصادر اعادة تحريك مسار تشكيل الحكومة الجديدة قريبا، لان الاهتمام السياسي والنيابي والحكومي، سيكون مركزا على الاهتمام بمناقشة واقرار مشروع قانون الموازنة العامة، وسائر مشاريع القوانين الاصلاحية، لاهميتها في تنظيم وتحريك عجلة الدولة والادارات العامة، بما تتضمنه من اجراءات الصرف وغيرها، ومساعدة الحكومة على تسريع خطى التفاوض مع صندوق النقد الدولي والمباشرة بحل الازمة الضاغطة.
الا ان المصادر توقعت ان تعاود الاتصالات والمشاورات بعد ذلك، في محاولات متجددة لاعادة احياء عملية تشكيل الحكومة الجديدة، مع اعترافها بوجود خلافات عميقة، من الصعب تجاوزها اذا استمر كل طرف متشبثا بمواقفه المتشددة، وشروطه التعجيزية حتى النهاية.
ومن وجهة نظر المصادر فإن الاهتمام والتركيز على اقرار الموازنة وغيرها من مشاريع القوانين الاصلاحية المطروحة، قد يستغرقان اسابيع عديدة، تتجاوز شهر أيلول الحالي، الى منتصف شهر تشرين الاول المقبل، ما يعني حكما بقاء عملية التشكيل معلقة حتى ذلك التاريخ او بعده، الا اذا تحركت الوساطات المتوقفة حاليا، بدفع مسار تشكيل الحكومة الجديدة قدما الى الامام.
وافادت مصادر سياسية عبر «اللواء» أن موضوع دعوة النواب إلى جلسة انتخاب رئيس جديد للبلاد يعود إلى رئيس مجلس النواب وفي الأصل يمكن أن تتم الدعوة في أي وقت على ان المشكلة الأولى والأخيرة تتصل بموضوع النصاب .
إلى ذلك قالت المصادر أن الحديث بدأ يكثر عن سيناريو ما بعد انتهاء ولاية الرئيس عون ، ورأت أن ما من سيناريو محدد الا ما ورد في الدستور لجهة اناطة صلاحيات رئيس الجمهورية إلى الحكومة مجتمعة، موضحة أن مسألة اللجوء إلى تكليف الجيش بالأمن في حالات الطوارئ كما فعل الرئيس إميل لحود عند انتهاء ولايته ليست بالضرورة أن تتكرر علما ان حكومة الرئيس السنيورة كانت تعد وقتها فاقدة الميثاقية بسبب استقالة وزراء الشيعة منها وفق ما اعتبر لحود.
اما بالنسبة إلى الرئيس عون فهو يفضل أن تنتقل صلاحيات رئيس الجمهورية في حال عدم انتخاب رئيس جديد للبلاد إلى حكومة مكتملة الأوصاف وليس حكومة تصريف أعمال.
وفي المقابل ،اعتبرت المصادر ان الدخول في المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، من شأنه تحريك الاتصالات والمشاورات بين الكتل والنواب لتحديد خياراتهم وانتقاء مرشحهم للرئاسة، الا انها استبعدت تحديد موعد لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، قبل بلورة حد ادنى من التفاهم المحلي والاقليمي والدولي على شخصية الرئيس المقبل، وقد يتعذر حصول هذا التفاهم ضمن المهلة الدستورية، الى ما بعد انتهاء ولاية الرئيس عون، وهذا مرجح في ظل التعقيدات القائمة الحالية. ومفتاح الرهانات هذه، بلوغ التفاوض لترسيم الحدود البحرية الجنوبية، عبر الوساطة الاميركية التي يقودها آموس هوكشتاين مراحل عملية. مع كشف تل ابيب، عبر اعلامها، عن ان الخلافات قائمة، وهي تحتاج الى وقت لمعالجتها، مما يعني ان الاسابيع المقبلة، قد لا تحمل أخباراً طيبة على هذا الصعيد، مع الاشارة الى ان الوسيط سلم الجانب اللبناني احداثيات خط العوامات البحرية، الذي يدرسه لبنان، قبل تقديم الاجابة على مدى القبول او الرفض.
وهذه الإحداثيات حسب مصدر مطلع تشكل النقطة الأخيرة التي يتم التفاوض عليها، ليتمكن لبنان من تحديد خط الحدود، وذلك تحضيراً لإرسال هوكشتاين عرضه الكامل الأسبوع المُقبل الى لبنان. وكان المسؤولون اللبنانيون قد طالبوا هوكشتاين في زيارته الاخيرة لبيروت بالحصول على احداثيات العوامات لأنها غير ثابتة في البحر، ما يُسهل عملية ترسيم خط الحدود البحرية بشكل ثابت.
واكدت مصادر رسمية لـ«اللواء» انه تم تسليم الاحداثيات فعلاً، مرجحة ان يكون هوكشتاين قد ارسلها الى نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب كونه المكلف رسمياً التواصل معه.
ونقلت قناة العربية– الحدث عن مصدر إسرائيلي قوله: أنّ الأسابيع المقبلة حرجة للغاية، والعملية مكثفة للغاية ونحقق تقدماً.
ولكن المصدر اضاف: أنه على حكومة لبنان أن تقرر إن كانت تريد اتفاقاً.
جلسات الموازنة
يبدأ مجلس النواب من يوم الاربعاء هذا الاسبوع مناقشة مشروع قانون موازنة العام 2022، على امل ان ينهيها خلال فترة الجلسات الثلاث التي حددها الرئيس نبيه بري، لينصرف وبسرعة – مع الحكومة المسؤولة ايضاً- كما تفترض ظروف البلد الاقتصادية والمعيشية الى مناقشة واقرار مشاريع واقتراحات قوانين اخرى، مثل خطة التعافي الاقتصادي التي سحبتها الحكومة لإجراء بعض التعديلات البسيطة بناء لملاحظات وطلبات النواب، ومشروع قانون الكابيتال كونترول، ومنها ايضاً موضوع الدولار الجمركي الذي سيتم تسعيره على الارجح بين 12و14 الف ليرة، واقتراح قانون معجل مكرر يتعلق بحماية اموال المودعين، وقد تقدمت به «كتلة الوفاء للمقاومة» وكان يُفترض ان يكون على جدول اعمال اول جلسة تشريعية.
وعلمت «اللواء» ان رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل اجرى اتصالاً بدوائر المجلس متمنياً إلغاء جلسة بعد ظهر يوم الاربعاء لمصادفتها مع احياء ذكرى اغتيال الرئيس بشير الجميل، وتم نقل الطلب الى رئيس المجلس نبيه بري، الذي اجرى اتصالاً بالجميل وابلغه قرار إلغاء جلسة بعد الظهر، على ان تعقد الاربعاء جلسة صباحية من العاشرة حتى الرابعة بعد الظهر.
نائب رئيس الحكومة الدكتور سعادة الشامي قال لـ«اللواء»: ان برنامج التعافي الاقتصادي كما نسميه موجود لدى الحكومة ولن تدخل عليه تعديلات جوهرية لأن البرنامج يحظى بموافقة صندوق النقد الدولي وجرى التوافق حوله، لكن هناك خطوطاً عريضة يجري تطويرها وتفصيلها، وان شاء الله توجهنا انه سيكون البرنامج (مكتوباً) امام مجلس النواب هذا الاسبوع او خلال او عشرة ايام على الاكثر.
وعن ماهيّة الامور التي تحتاج إلى تطوير وتفصيل؟ قال الشامي: انها امور متعلقة بالقطاعات المالية والمصرفية والاقتصادية والانتاجية الصناعية والزراعية التي اثارها النواب وطالبوا بها. ولا تتعلق فقط بالقطاع المالي.
وعن الخطوات المقبلة التي تعمل عليها الحكومة؟ قال: هناك قانون اعادة هيكلة المصارف، وتم تحضير نسخة اولية منه من قبل المصرف المركزي وجمعية المصارف، ويفترض الانتهاء منه وتقديمه الى المجلس النيابي في فترة قريبة لكني لا استطيع تحديد وقت محدد.
وبالنسبة لقانون الكابيتال كونترول، قال الشامي: تأجل البت به لأن النواب طالبوا ان يأتيهم مع برنامج او خطة التعافي الاقتصادي ومع قانون اعادة هيكلة المصارف، لذلك سنرسل لهم كل هذه القوانين مع خطة التعافي. والقانون جاهز لدينا والمجلس يقرر ماذا سيعدّل به. وسبق وناقشناه خمس ساعات مع النواب لكن ليس بالتفصيل. وهو من الاصلاحات المطلوبة التي لا بد منها.
«جولة نواب التغيير»
أعلن تكتل «نواب قوى التغيير» في بيان، أنه «استكمالاً للمبادرة الرئاسية التي اطلقناها ككتلة نواب قوى التغيير، نبدأ يوم الاثنين (اليوم) الجولة الاولى من اللقاءات والتي تشمل جميع الكتل النيابية والنواب المستقلين، لشرح اهداف المبادرة (المتعلقة بالاستحقاق الرئاسي) والاستماع لوجهة نظرهم، بهدف الوصول الى لبننة الاستحقاق من خلال التحلي بالمسؤولية الوطنية والاتفاق على مسار انقاذ يبدأ بالاستحقاق الرئاسي، من خلال الرئيس الانقاذي القادر على الوصول الى بعبدا وفق المواصفات الوطنية وتطبيقا للدستور. على ان نختم هذه الجولة السبت المقبل قبل الانتقال الى الجولة الثانية الاسبوع الذي يليه» .
وقال احد النواب لموقعنا: ان اللقاء اليوم سيبدأ مع كتلة نواب حزب الطاشناق، وتنتهي اللقاءات يوم السبت مع كتلة القوات اللبنانية، على ان تشمل الجولات كل الكتل في بحر هذا الاسبوع .
وفي السياق قالت النائب نجاة عون صليبا: سنعمل بكل قوانا لانتخاب رئيس ضمن المدّة الدستوريّة، وإذا وُضعنا أمام خيار إيصال شخص لا نرغب به فسنلجأ إلى تعطيل الجلسات كخيار ديموقراطي.
وفي المواقف ، قال نائب الامين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم خلال احتفال للحزب في بلدة عربصاليم: نحن في حزب الله مع تشكيل الحكومة حتى لو بقي اسبوع او اسبوعين من عمر العهد وما زلنا مقتنعين ان تشكيل الحكومة افضل بكثير من الوضع الذي نحن فيه حتى لو قدمت الحكومة انجازات محدودة، لان الحكومة هي المعبر لخطة التعافي والانقاذ».
وأضاف: الحكومة هي التي تستطيع ان تعالج بعض المشكلات القائمة. والحكومة يمكن ان تكون هي في موقع معالجة مشكلة رئاسة الجمهورية اذا لا سمح الله لم يجر الاستحقاق في موعده، حتى لا نقع في مشكلة هل تستطيع حكومة تصريف الاعمال ان تكون بديلا او ان لا تكون.
ودعا قاسم الاطراف المعنيين الى «المرونة والتنازل لأنه ليس في الحكومة ما يعطي مكاسب خاصة كبيرة ومؤثرة، لكن نفس تشكيل الحكومة يوجد فيها مكاسب كثيرة ومؤثرة للوطن وللوضع اللبناني القائم بأنتظار أن يحصل انتخاب لرئيس الجمهورية، ونتمنى ان يحصل هذا الامر في موعده للانطلاق الى خطوات اخرى للانقاذ وللعمل في هذه الساحة».
الراعي والمالية
اعلن البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي في عظة قداس الأحد من الديمان، « اننالا نسكت بل نرفض شل البلاد، لا نسكت بل نرفض تعطيل الدستور، لا نسكت بل نرفض الحؤول دون تشكيل حكومة، لا نسكت بل نرفض منع انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لا نسكت بل نرفض فرض الشغور الرئاسي، لا نسكت بل نرفض استباحة رئاسة الجمهورية، لا نسكت بل نرفض الإجهاز على دولة لبنان وميزاتها ونموذجيتها ورسالتها في هذا الشرق وفي العالم. إننا ننتظر من المواطنين المخلصين المؤمنين بلبنان- الرسالة أن يشاركونا في رفض هذه البدع، وأن يقفوا وقفة تضامن حتى تشكيل حكومة جديدة، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل الحادي والثلاثين من تشرين الأول المقبل، يكون رئيسا من البيئة الوطنية الإستقلالية ورئيسا جامعا».
وتناول تطورات التحقيق في قضية انفجار المرفأ، فقال: معروف أن قاضي التحقيق طارق البيطار ثابت في منصبه وممسك بملف التحقيق في تفجير المرفأ بحكم القانون، لكنه مكبل اليدين بسبب رفض وزير المالية توقيع مرسوم التشكيلات القضائية، فيعطل تعيين رؤساء غرف التمييز الذين يشكلون الهيئة العامة لمحكمة التمييز، فتتمكن هذه من إعادة الحياة القضائية التي بها يرتبط عمل قاضي التحقيق. هذا هو الموضوع الأساس الذي يسمح حله بعودة القاضي البيطار إلى عمله.
اضاف: أما القضية التي يطرحها وزير العدل مع مجلس القضاء الأعلى بالإجماع، ولا تؤثر بشيء على صلاحية القاضي بيطار، فتتعلق بمعالجة الموقوفين منذ أكثر من سنتين، ويحق لهم بإخلاء سبيلهم بموجب المادة 108 من أصول المحاكمات الجزائية. ولكن القاضي البيطار لا يستطيع إصدار أي قرار بهذا الشأن بسبب تكبيل يديه. فإننا نقترح سماع رأي رؤساء مجلس القضاء الأعلى السابقين بشأن هذه القضية، من أجل بتها من جهة، وطمأنة أهالي ضحايا تفجير المرفأ من جهة ثانية. فتبقى العدالة والإنصاف مصونين.
لكن المكتب الاعلامي في وزارة المالية رد على الراعي من دون ان يسميه، وقال في بيان: «حرصا على الحقيقة الكاملة»، أن مشروع مرسوم تعيين غرف محكمة التمييز قد تم استرداده منذ قرابة الشهر من وزارة المالية، بناء على كتاب من وزارة العدل، لتحيله الى المراجع القضائية المختصة لتصحيح الخلل الذي يعتريه، وتم ذلك بواسطة رئاسة مجلس الوزراء.
وفي مجال متصل، دعا الراعي لاطلاق يد المحقق العدلي القاضي بيطار لاستئناف عمله، واطلاق سراح مَن يتعين اطلاق سراحه، مشددا على قانون دولي مع القضاء اللبناني.
وقال: انا لم اقتنع بفكرة «الرئيس القوي»، داعياً الى الحؤول دون الشغور الرئاسي، رافضا تسمية اي اسم للرئاسة، لان بكركي تتحدث عن مبادئ وليس عن اشخاص، مؤيداً تعويم الحكومة الحالية لاستلام الصلاحيات الرئاسية.
جعجع والخديعة
وفي السياق، كشف رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ان «فريقنا الذي يشمل القوات ومجموعة النواب السنّة والنواب التغييريين والمستقلين والحزب التقدمي الاشتراكي والكتائب، فقد وصلت في الاسبوع الماضي لقاءات حول التنسيق في موضوع المرشح للرئاسة الاولى، كاشفاً «اننا في مسار ايجابي» والمؤشرات جيدة.
وكشف انه يجري التداول باسمين او ثلاثة، ورأى ان النائب ميشال معوض شخصية مؤهلة لرئاسة الجمهورية.
وشدد جعجع في حوار لـ M.T.V على ان «القوات لا تقبل برئيس من الممانعة، واذا وصل رئيس من هذا المحور، فسنكون في المعارضة ولن نشارك في اي حكومة». رافضاً سلاح التعطيل، داعياً للتوصل الى اسم موحد، رافضاً ايضاً اسم سليمان فرنجية بسبب انتمائه الى المحور الآخر، ولكن لن نشن حملة عليه لان باسيل يتكفل بذلك.
واكد جعجع: « دستورياً حكومة تصريف الاعمال تصلح لان تتسلم مهام رئيس الجمهورية عند انتهاء ولايته، رغم انها غير مكتملة الصلاحيات» واصفاً عهد عون بخديعة العصر.
قضائياً، كشف وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال أن النية من انتداب قاضٍ للبت بالأمور الملحة، واستكمال الملف لتسيير الأمور لفترة معينة، إلى حين زوال الموانع أمام وضع البيطار مجدداً يده على الملف.
البنزين بالدولار
وبدءاً من اليوم، سيتم تسعير سعر البنزين، بعد المازوت بالدولار الاميركي، على ان يدفع المستهلك ثمن الصفيحة بالليرة اللبنانية.
260 إصابة جديدة
صحياً، اعلنت وزارة الصحة العامة عن 260 إصابة جديدة بفايروس كورونا، وحالة وفاة واحدة، ليرتفع العدد التراكمي إلى 1212668 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2020.
**************************
افتتاحية صحيفة الديار
أسبوع حاسم مالياً… فهل يُقرّ أهمّ قانون في الدولة اللبنانيّة ؟
ثلاثة أسعار صرف أقلّه في مشروع الموازنة… فهل يرضى الصندوق ؟
30 تريليون ليرة قيمة العجز الفعليّة… والتمويل من مصرف لبنان – جاسم عجاقة
يُعتبر قانون الموازنة العامة أهم قانون يُصَوّت عليه سنويًا في المجالس النيابية، فهو يحوي على كل العمليات المالية المتوقّعة على خزينة الدولة من إيرادات ونفقات كما واحتياطي، ويُشكّل عامل إمتصاص لأحداث غير مُتوقّعة. وفي بعض البلدان مثل الولايات المُتحدة الأميركية مثلًا، عدم إقرار قانون الموازنة في مواعيده (كانون الأول من كل عام للعام القادم) يُدخل البلد فيما يُسمى الـ «shutdown» وهو خفض كبير للإنفاق الحكومي. أما في لبنان، فإن الدستور إفترض أن الحكومة تُرسل مشروع الموازنة في مواعيده الدستورية، وإعتبر أنه في حال لم يُقرّ المجلس النيابي الموازنة حتى نهاية كانون الثاني من عام الموازنة، فيُمكنها حينذاك الإنفاق على أساس المشروع الذي أرسلته.
الموازنات التي وُضعت في الأعوام الأخيرة منذ العام 2017 وحتى اليوم، هي موازنات كسابقاتها تعتمد مبدأ الموازنة بالبنود، أي أنه يتمّ أخذ كل بند في الموازنة وزيادة أو تنقيص قيمة مُعيّنة من هذا البند نسبة إلى العام السابق، من دون أن يكون هناك رؤية واضحة على تطور الإيرادات والنفقات في الأعوام التالية. وما يؤكّد هذا فذلكات الموازنة التي ترافقت ومشاريع الموازنة المقدمة والعجز الذي يُسجّل في نهاية كل عام. الجدير ذكره أنه ومنذ العام 1993 وحتى العام 2019، سجّلت كل الموازنات عجزًا بمعدّل 3.2 مليار دولار أميركي سنويًا (أي ما يوازي 86.4 مليار دولار أميركي على كل الفترة)!
أهمية قانون الموازنة موضوع غير قابل للنقاش وهذا أمر لا جدال عليه، لا بل على العكس نطرح السؤال عن الفترة المُمتدّة من العام 2006 وحتى العام 2016، كيف إستطاعت الحكومات المُتعاقبة إدارة البلد ماليًا على أساس القاعدة الإثني عشرية والإعتمادات من خارج الموازنة! لقد إتسمت هذه الفترة بفوضى مالية هائلة سُجّل فيها عجز في الموازنات، وتحوّل إلى دين عام كان في نهاية العام 2005 يُقارب الـ 38.5 مليار دولار أميركي ليصل إلى 92 مليار دولار أميركي قبل الإنهيار في العام 2019!
شرط صندوق النقد الدولي بإقرار موازنة لا يأتي من العدم، فهو أكثر العالمين بأهمية إقرار موازنة تحوي ما يلزم لإستعادة الإنتظام المالي في الدولة بعدما فُقدّ منذ عقدين. وهنا نطرح السؤال: هل مشروع الموازنة الحالي يُرضي صندوق النقد الدولي ويُلبي شروط الخروج من الأزمة؟
مشروع الموازنة لا يعكس الواقع الحقيقي للمالية العامة
من الضروري قبل الإجابة على هذا السؤال، تسليط الضوء على بعض النقاط التي تُظهر أنه بمعزل عن أية إعتبارات خارجية، مشروع الموازنة لا يعكس الواقع الحقيقي للمالية العامة. ولكن هذا الأمر لا يُقوّض إقرار المشروع كما هو، فإمتلاك قانون موازنة هو بحدّ ذاته أمر مُهم بالنسبة لمصداقية البلد على الصعيد الدولي، وهو عنصر مُهمّ في لجم تدهور المالية العامة. من هذه النقاط نذكر:
– أولًا – تعدّد أسعار الصرف: فمشروع الموازنة هذا يحوي أقلّه على ثلاثة أسعار صرف مخفية داخله، الأول سعر 20 ألف للإيرادات، والثاني 12 ألف للدولار الجمركي، والثالث 1500 للنفقات (خاصة الأجور). وهو بالتالي يترك المجال لعمليات Arbitrage من قبل الشركات وحتى بعض المواطنين، ويغض النظر عن وجود السوق السوداء، بحكم أن توحيد سعر الصرف على منصة صيرفة (كما هو مفروض) يفترض مكافحة التطبيقات التي تُعطي أسعارًا عشوائية تُناسب المضاربين والتجار. أيضًا يفرض توحيد سعر الصرف أن تعمد الحكومة إلى السيطرة على الكتلة النقدية بالعملة الصعبة، وهو ما يعني إقرار قانون «الكابيتال كونترول» ووقف عمليات التهريب (المُقدّرة من قبلنا بنصف حجم الإستيراد) التي تُخرج الدولارات خارج لبنان من بوابة التجارة. أيضًا من شروط توحيد سعر الصرف مكافحة الإحتكار وإلزام التجار القبول بوسائل دفع أخرى غير «الكاش»، والذي له مضار كثيرة إن من ناحية المضاربة على الليرة أو من ناحية التهرّب الضريبي أو من ناحية الجرائم المالية عامة.
ثانيًا – غموض في الإيرادات والنفقات: قامت لجنة المال والموازنة بتعديلات على مشروع موازنة العام 2022 طالت عدة أجزاء من الموازنة وعلّقت أربعة عشر مادة منها بحكم غياب الإتفاق السياسي على هذه المواد. وبحسب التعديلات، بلغت إعتمادات الموازنة 37,858,866,143,000 ليرة لبنانية مُموّلة بإيرادات مُقدّرة بـ 24,312,142,000,000 ليرة لبنانية وإيرادات إستثنائية بـ 13,546,734,143,000 ليرة لبنانية. وهنا تبرز مُشكلة جوهرية من ناحية أن الإيرادات الضريبية تُشكّل أكثر من 80% من إيرادات الخزينة وبالتالي ومع الإضرابات القائمة والتهرّب الضريبي الواسع خصوصًا في الضريبة على القيمة المضافة (تُشكل أكثر من 24.5% من إيرادات الخزينة) والإيرادات الجمركية (أكثر من 8.5% من إيرادات الخزينة)، هناك أسئلة مشروعة عن إمكانية تحقيق الخزينة هذه الإيرادات؟
وفيما يخص الإيرادات الجمركية، فإن السؤال المطروح هو حول قدرة الأجهزة الحكومية على ضبط التهريب إلى الداخل اللبناني، خصوصًا مع ارتفاع الدولار الجمركي والذي يُعتبر مُحفّزا أساسيا للتهريب. ولا ننسى نسبة الجباية الضعيفة في جلب الضرائب الأخرى.
أيضًا وعلى صعيد النفقات، نرى أن هناك تناسيا (مقصودا أو غير مقصود) حول سعر صرف الدولار الأميركي مُقابل الليرة اللبنانية خصوصًا في السوق السوداء والذي مع إرتفاعه سيؤدّي حكمًا إلى نتيجة من إثنتين: خفض الإنفاق العام (خصوصًا الأجور والإنفاق التشغيلي بشكل عشوائي) أو تسجيل عجز في الموازنة وهو ما يعني عدم واقعية الموازنة.
ثالثًا – حجم وتمويل العجز: تحليل النسخة المُسرّبة في الإعلام من مشروع الموازنة يُظهر أن حجم العجز سيفوق الـ 30 تريليون ليرة لبنانية! نعم هذا ما يُمكن إستخراجه من هذه الأرقام (خصوصًا إذا ما أخذنا بعين الإعتبار الإيرادات والنفقات المُحققة سابقًا نسبة إلى تلك المتوقّعة). هذا العجز يوازي 853 مليون دولار أميركي على سعر السوق السوداء ومليار و63 مليون دولار أميركي على سعر منصة صيرفة. وبالتالي هناك إعتقاد أن يكون وضع أرقام الموازنة قد تمّ بالدولار الأميركي وتم تحويل الأرقام ودوزنتها لاحقًا بالليرة اللبنانية. وهنا نطرح سؤالا جوهريا: من سيموّل هذا العجز؟ فشروط صندوق النقد لم يتم الإلتزام بها، وبالتالي لن يمول صندوق النقد الدولي هذا العجز. أيضًا لا مساعدات مالية ظاهرة في الأفق من أي دولة من الدول بحكم إلتزامها بضرورة إتفاق الحكومة مع صندوق النقد الدولي.
إذًا ومما سبق، لم يبق إلا مصرف لبنان الذي ستُلزمه الحكومة عملًا بالمادة 91 من قانون النقد والتسليف على تمويل هذا العجز! وإذا ما تغيّر سعر صرف الدولار في السوق السوداء، فإن التمويل سيرتفع أكثر. ويبقى الأهم أنه إذا طلبت الحكومة من المصرف المركزي – وهذا من صلب صلاحياتها – الحفاظ على مستوى سعر صرف، فهذا يعني نقل عجز الموازنة إلى موازنة المصرف المركزي.
رابعًا – الدين العام: لا يُظهر مشروع الموازنة أي معالجة للدين العام، وهو ما يعني أن الحكومة ماضية في خطتها في تحميل المودعين والمصارف ومصرف لبنان دينها العام. وهذا الأمر يُظهر إلى أي مدى هناك إستخفاف بمصداقية الدولة اللبنانية على الإلتزام بتوقيعها وسيكون له تداعيات مُستقبلية على قدرتها التمويلية من الأسواق المالية.
خامسًا – القطاع العام: لم يتطرق مشروع الموازنة إلى القطاع العام وما هي نظرة الحكومة إلى المؤسسات غير المجدية والتي يصل عددها إلى أكثر من 90 مؤسسة بحسب تقرير سابق للجنة المال والموازنة. كما لم يتمّ التطرّق إلى حجم القطاع العام وإمكانية نقل موظّفين من هذا القطاع إلى القطاع الخاص في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وهو ما يعني تأجيل مُشكلة أجور القطاع العام إلى الأعوام القادمة.
سادسًا – قطوعات الحساب: لعل هذه النقطة هي الأهم على صعيد الموازنة، حيث أنه وعلى الرغم من أن الدستور والقوانين تنصّ على إلزامية إقرار قطوعات الحساب، لا يوجد أي قطوعات حساب منذ العام 2003. وبحسب تقرير لوزارة المال، هناك 27 مليار دولار أميركي «مجهولة المصير» في حسابات الدولة، كما أن هناك أكثر من 90% من الهبات غير المُسجّلة في حسابات الدولة ما بين العامين 1997 و2002. وبالتالي كيف يُمكن للمجلس النيابي إقرار موازنة من دون معرفة الواقع الحالي للمالية العامة؟
سابعًا – نسبة النمو: تُشير حساباتنا إلى أن نسبة النمو الاقتصادي الذي سيُحققه الاقتصاد اللبناني هذا العام يفوق الـ 2%. ولم تسمح لنا المعلومات المتوافرة لمعرفة نسبة النمو المُعتمدة في مشروع موازنة العام 2022 حتى لو أن التوقّعات تُشير إلى أن سيكون أكثر من 3% نظرًا لإعتماد وزارة المال على نسب نمو تفاؤلية. إلا أنه وبغض النظر عن نسبة النمو المُعتمدة، كيف ستستفيد الحكومة من هذا النمو مع نسبة التهرب الضريبي الهائلة في ظل وجود إقتصاد نقدي كبير؟ هذا السؤال يطرح العديد من الأسئلة خصوصًا على صعيد تحقيق الإيرادات المُتوقّعة.
توجّه لإقرار المشروع كما أحالته لجنة المال
على كل الأحوال وبغضّ النظر عن الملاحظات الآنفة الذكر، من المتوقّع أن يتم دراسة مشروع الموازنة للعام 2022 في الهيئة العامة هذا الأسبوع على مدى ثلاثة أيام ستُناقش خلالها الهيئة العامة الـ 120 مادة كلٌ على حدة. وبحسب المعلومات المتوافرة لدينا، فإن هناك توجّه لإقرار مشروع الموازنة كما أحالته لجنة المال والموازنة نظرًا لعدّة إعتبارات على رأسها ضرورة إقرار موازنة لما في ذلك من أهمية لإستمرار المفاوضات مع صندوق النقد، كما وأن السنة المالية أصبحت في ربعها الأخير وبالتالي فإن المعنيين يأخذون بعين الإعتبار ما أصبح مُحقّقًا من أرقام مما يعني أن الموازنة حتى لو عُدّلت لن تُجدي نفعًا.
وبإعتقادنا، فإن صندوق النقد الدولي وعلى الرغم من معرفته بعدمّ فعّالية الأرقام الواردة في مشروع الموازنة، يُصرّ على إقرارها من قبل الدولة اللبنانية متأمّلًا أن تكون موازنة 2023 أقرب إلى الواقع من موازنة العام 2022.
*************************************
افتتاحية صحيفة الشرق
هل سلّم هوكشتاين لبنان إحداثيات خط العوامات؟
نقلت قناة الميادين عن مصدر ان الوسيط الأميركي لترسيم الحدود البحرية آموس هوكشتاين سلم امس، مسؤولين لبنانيين إحداثيات خط العوامات البحرية، بحسب ما افاد مصدر مطلع لـ “الميادين”.
واضاف المصدر أنّ “هذه الإحداثيات تشكل النقطة الأخيرة التي يتم التفاوض عليها، وذلك تحضيرًا لإرسال عرضه الكامل الأسبوع المُقبل”.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :