ميخائيل عوض
يبدو ان العقل الامريكي والاسرائيلي برغم وصفه بالحيوي والديناميكي، تتعطل ابداعاته في مواجهة المقاومة الاسلامية عموما وفي لبنان. فيعيد التجربة والكرة دون تدقيق او عصرنه وتطوير.
نجح سابقا في اغراق النظم القومية واليسارية بالامتيازات وببهرجات السلطة والنفوذ والنساء فاستقرت له الحدود والساحات وبنى على ما تحقق سياسات طويلة النفس، وراهن على تحولات النظم والمنظمات وعندما توفرت له الفرص انقض عليها.
ذات الاستراتيجيات جربها مع فصائل المقاومة الفلسطينية والاحزاب والمنظمات اللبنانية اليسارية، واغراها بشبه دولة بديلة في لبنان وعندما تحولت كوادر المنظمات والاحزاب والفصائل الى مشاريع رجال اعمال واصحاب مصالح واسر واولاد يدرسون في الجامعات الامريكية والأوربية وانحسرت روحها الثورية اجهز عليها باجتياح ١٩٨٢ لبيروت، ولم تتغير استراتيجيات الإغراق والاحتواء مع حماس في غزة والسلطة وفتح من قبلها بعد اوسلو وفي رام الله، فتحولت حماس من المقاومة الى المهادنة تمهيدا للمساومة على ذات طريقة فتح وفصائل السلطة والمنظمة.
برغم ان امريكا ونظم الخليج والادارات الاوروبية وفصائل وقوى لبنانية والاختراقات الواسعة في الدولة والمؤسسات اللبنانية وتمكن شيا والسفراء من قيادة الدولة اللبنانية، وبرغم عشرات مليارات الدولار التي دفعتها امريكا والسعودية واخواتها، وبرغم الاف اجتماعات عصف الافكار ومؤتمرات فك شيفرة حزب الله الا انهم فشلوا ولم يحالفهم الحظ ويخرج الجميع بسلة فارغة من بحر المقاومة وقاعدتها الشعبية.
هوكشتاين يعيد الكرة مرة ثانية، ويمارس هواية التذاكي، والتشاطر بل ويمارس سادية واذلال للمسؤولين اللبنانيين، ويتعامل معهم باوامرية وكأنهم نكرات بلا شخصية او سيادة. مرة يستدعيهم الى القصر ومره يحاول جرهم الى قطر، ويمن عليهم ببضع دقائق بذريعة انه منشغل بترتيب زيارته للخليج.
جديد ابداعاته مع لبيد وديعة… ، يا للعجب كم تستهتر اسرائيل وامريكا بالعرب والمسؤولين وتعيد تجاربها وكان لبنان والمقاومة اساسا لا تعرف مصير رابين ووديعته، برغم ان الفوارق فلكية بين اسرائيل ورابين في زمن التسعينات عن لبيد واسرائيل اليوم وكذا الفرق فلكي بين قدرات محور المقاومة وتجربتها وصدقيتها وما كانته في التسعينات.
حقوق لبنان في بحره وثرواته واستثمارها الحر، قرار اتخذته المقاومة واعلنه السيد حسن نصرالله وحدد زمنا لإنجازه وتشير المعطيات والانباء الى حجم الاستنفار والاستعدادات في الجبهات لوضع التهديد موضع التنفيذ، الا ان هوكشتاين مازال يجتر سوابق التجارب مع الفصائل والاحزاب السابقة غير مدرك ولا فاهم لخاصيات وشفيرة هذه المقاومة التي تميزت وتفردت وغيرت ولم تهزم بجولة او بحرب ولا خسرت رهاناتها او مصداقيتها ووعد قادتها .
هوكشتاين يبني استراتيجياته على كسب الوقت وتخليق وقائع للانقلاب على وعوده وتطميناته ووديعة لبيد، وجل همه اخراج اسرائيل من ازماتها، واعطائها فسحت الوقت اللازمة، اما بعد فهي تتكفل بالانقلاب وقد فعلتها مع رابين وفعلها ترامب بالملف النووي مع ايران.
هوكشتاين يراهن ويستثمر برجال شيا في الدولة وفريق التفاوض ووزارة الخارجية كما جرى في قرار مجلس الامن والتمديد لليونيفيل مع تعديل في مهامها كانت قد احبطتها المقاومة مرارا وتكرارا الا ان المندوب اللبناني ووزير الخارجية مررها هذه المرة خلسة وبطريقة تأمريه.
فهو كشتاين يعطي مواعيد ولا يلتزم بها، يناور ويمارس مع الاعلام المنظم مناخات واجواء ملتبسة، ويجعل من المسؤولين اللبنانيين مجرد مروجين لأهدافه يلهثون خلف اتصال هاتفي او اقتفاء اثره.
يتذرع وذاتها الذرائع خدعت النظم والفصائل والاحزاب والمنظمات بقصة ان اسرائيل وحكومتها غير قادرة على التفاوض والاتفاق وتهددها انتخابات وعلى لبنان والمقاومة ان تؤمنها وتوفر لها فرص الاستقرار للاستقواء والعودة الى العدوانية الهمجية، ويوسط قطر وتركيا وفرنسا لينصب كمائن للمقاومة ولبنان في تكرار لتجارب الوسيط المصري في غزة الذي كلف الجهاد الاسلامي استشهاد قادة كبار، فقد انطلت الخديعة للمرة الالف.
في لبنان ومسالة الترسيم، والثروات، وبرغم الاختراقات الكبيرة في فريق التفاوض والاتصال والخارجية اللبنانية والمنظومة، وكلهم يسمسرون لهوكشتاين ويزينون ذرائعه وممارساته، طلبا للحماية وحفظ الاموال والمصالح مرتهبين من زلة تدفع الى وضعهم على لوائح العقوبات، يواجهون صنفا ونوعا من القادة والمقاومة لم يفهموها ولا نجحوا يوما في اسقاط قادتها وكادراها في مستنقع المصالح وفساد الاباء والابناء، وان فسد بعض من محيط المقاومة الا انها حالات قشرية ام تضرب في القلب والجسم، فالفساد يوفر كل شروط البيع والشراء والخيانة الوطنية والغدر بالتاريخ والتخلي عن القضية والنضال وتجربة فتح وحديثا حماس واضحة للعيان.
من اسرار شيفرة المقاومة الاسلامية في لبنان انها ادركت خطر الاستقرار والتقادم وخطر اغراق قادتها وكادرها بالفساد والمسؤوليات وبهرجة السلطة والمكاسب والتوريث، فرفضتها من حيث المبدأ، ووضعت قواعد وضوابط تحول دون تحول المقاومين الى مساومين، فاصبح صعبا بل مستحيلا ان تؤخذ من داخلها وان تسقط من بنيتها.
والحل مع هوكشتاين المفاوض الغر، والمعتد بصهيونيته والمتباهي بأمريكيتة وبصداقاته في المنظومة اللبنانية والواهم بانه قادر على مخادعة المقاومة واستدراجها الى كمائنه، وذرائعه عندها تافهة بل تتعامل معها كفرص ذهبية لتحقيق وعد الزحف الى القدس الذي تأسست عليه ولم تغادره او تطويه يوما .
سيتفاجأ وستسقط مناوراته وبهلوانيته، وسيكتشف انه بنى استراتيجياته للتفاوض والوساطة على اوهام واستعارات من زمن وتجارب غاربه، وسيصدم عندما يأتيه رد المقاومة سرا وعلنا بالعمليات واستعراضات القوة او بفعل القوة واختبارها.
لمن يتشكك بهذا المصير نذكر بان الاستاذ بري في خطابه الاخير ذكر هوكشتاين بانه كاذب وغير جدي وبانه وعد خلال اسبوعين ومر شهر، وكلام بري ليس منفصلا عما تحضره المقاومة للرد بإحكام على مناورات واستراتيجيات التفاوض والوساطة التي تتمظهر الاعيب اعلامية واتصالات وزيارات خارجية وكأن قطر او فرنسا تملك المفاتيح السحرية لفك شيفرة المقاومة واسقاطها بالأوهام وبالخديعة والوديعة….
لبنان مأزوم ولا حلول لأزماته الا الا باستعادة السيادة وامتلاك القرار الحر وباستثمار ثرواته وانتزاع حريته وسيادته والايام الجاريات تشهد ضغوطا اقتصادية وتصاعد الازمات، وينتظر لبنان مرتبكا استحقاقات دستورية معلقة على الترسيم، وتعرف المقاومة مسارحها في التفاوض والاشتباك والتحالفات والمناورات والشعب بلهفة ينتظر كلمة الفصل من اطلالة للسبد نصرالله او وضع تهديده ووعده الصادق موضع التنفيذ قبل خراب البصرة. وقبل ان يسبق السيف العذل.
هل من فرصة لمقايضة الوقت المطلوب لإسرائيل بالتزام امريكي بتوفير شروط انتخاب فرنجيه رئيسا قبل نفاذ المدة الدستورية…
احتمال سنعالجه قريبا ونعالج احتمالات تشكيل حكومة لمنع الفراغ اذا لم تحزم المقاومة امرها وتستثمر في ازمات اسرائيل لفرض ارادتها وانجاز جوهر المهام التي تأسست لتحقيقها، وتحقيق وعدها بتامين لبنان لإخراجه من ازماته باستثمار ثرواته.
لم تعودنا المقاومة على عدم الوفاء بوعودها، ولم يثبت من تجربتها انها تفرط بالزمن والفرص فكيف وحزب الله في ريعانه الاربعين؟
ان غدا لناظره قريب.
نسخ الرابط :