افتتاحيات الصحف المحلية ليوم الاثنين 29 آب 2022

افتتاحيات الصحف المحلية ليوم الاثنين 29 آب 2022

 

Telegram

 


افتتاحية صحيفة البناء :

 

واشنطن وبروكسل وطهران: نحن على الطريق الصحيح نحو إنجاز الاتفاق… والتفاوض يتقدّم

 

 ميقاتي يتهرّب من تقديم صيغة نهائيّة للكابيتال كونترول… ورعد: هناك مَن يريد رهن لبنان للخارج

 حردان: لبنان في عين العاصفة والردّ إنجاز الاستحقاقات… ونشكر الأسد لحرصه على حزبنا

 

 تقاطعت الأجواء التفاؤليّة الصادرة من كل من واشنطن وبروكسل وطهران حول الاقتراب من التوصل الى اتفاق نهائيّ حول الملف النووي الإيراني، مع الإشارة الى بقاء بعض النقاط العالقة، لكن تصريحات عدد من المسؤولين الأميركيين والإيرانيين ومسؤولي الاتحاد الأوروبي بدت تمهيداً للرأي العام نحو توقيع الاتفاق، مع الاشارة الى ان الأمور تسير على الطريق الصحيح، وأن الردود على الردود كانت عموماً إيجابية، فيما يركز الإيرانيون على توسيع دائرة رفع العقوبات في المرحلة الأولى التي تلي التوقيع، يحاول الأميركيون الدفع باتجاه أولوية الإجراءات التقنية الإيرانيّة للابتعاد عن خطر بلوغ العتبة النووية الحرجة، بينما يعيش الإسرائيليون حال الارتباك تجاه كيفية التعامل مع مرحلة ما بعد الاتفاق، حيث التحديات تحاصر الكيان من غزة الى لبنان الى التموضع التركي في سورية، نهاية بالاتفاق النووي وتحدياته، بعدما باتت دول الخليج وفي مقدّمتها السعودية خارج دائرة المشترك مع الكيان من تداعيات الاتفاق في ظل الحوار المفتوح بينها وبين إيران.

 

لبنانياً، لا يبدو أن قانون الكابيتال كونترول له حظوظ البحث الجدّي في جلسة اللجان المشتركة بعدما ان الحكومة ورئيسها نجيب ميقاتي تهرّبا من الوفاء بتعهدات إيداع المجلس النيابي نسخة نهائية لمشروع القانون، وسط نقاشات وسجالات تعطل معها البحث بتسعير الدولار الجمركي في ظل تحفظات صندوق النقد الدولي على إضافة سعر جديد للدولار والسير بعكس توصية الصندوق بأن الحل هو بتوحيد أسعار الصرف، والاستعاضة عن إقرار نفقات بالمفرق الى صياغة موازنة تستند إلى سعر الصرف الموحد وتظهر فيه النفقات وضمنها الرواتب والتعويضات والواردات وضمنها العائدات الجمركية.

 

على الصعيد السياسي والاقتصادي تحدث رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد عن التحديات فقال إنّهم «يمارسون علينا اليوم حصارًا برغيف الخبز​ وبحبّة الدّواء وكلفة الاستشفاء وبتغييب ​النفط والغاز​ وما نحتاجه في حياتنا اليوميّة، ويمنعون الشّركات الكبرى من أن تستثمر في بلادنا، ويمنعون التّحويلات من أهلنا في الخارج إلى داخل البلد»، سائلًا: «كلّ هذا الحصار والتّضييق من أجل ماذا؟ من أجل أن نستسلم وأن نتخلّى عن خيار العزّ والسّيادة والاستقلال وحفظ الوطن بقرارنا وجهدنا». ورأى «أنّنا بمقدار تمسّكنا والتزامنا وشحذ إرادتنا بالإصرار على خيارنا ونهجنا المقاوم، وصبرنا وتحمّلنا وعدم انهزامنا أمام كلّ الضّغوط الّتي تحاصرنا، نستطيع في نهاية المطاف أن نسقط كلّ مفاعيل الضّغط، فالمعركة معركة نفس وإرادة»، مشدّدًا على أنّ «محور الصّراع هو أيّهما يصبر أكثر ويتحمّل أكثر، ومن يصبر ويتحمّل يستطيع أن يحظى بالنصّر الأكيد في نهاية المطاف». كما بيّن أنّ «هناك من يحمل مشروع تلزيم هذا البلد للإسرائيلي، والانسياق وراء مشروعه المتماهي مع المشروع الأميركي ومع المشاركين الّذين طبّعوا، وهو المشروع الّذي لا يُبقي في بلادهم خيرًا وسيحوّلهم إلى متسوّلين في نهاية المطاف». وذكر أنّ «في المقابل، هناك مشروع ​المقاومة​ الّذي يدعو إلى الصّمود والإباء، وإلى عدم الإقرار بشرعيّة المشروع الآخر، وعدم الاستسلام للمشروع الآخر ولا القبول بالمذلّة ولا الإهانة والتمسّك بشعار «هيهات منّا الذلّة».

 

من جهته رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي أسعد حردان تحدث في اجتماع حزبي في دمشق، فقال إن «الحرب الإرهابية على سورية سببها تمسكها بثوابتها ومبادئها وقيمها تجاه فلسطين وبسبب احتضانها مقاومة شعبنا في فلسطين ولبنان وكل أمتنا»، مشيرًا إلى أن «تصفية المسألة الفلسطينية لصالح الاحتلال الصهيوني العنصري، قرار أميركي ـ صهيوني، بتواطؤ من بعض الأنظمة العربية والإقليمية، حيث كان الهدف ليس فقط تصفية قوى المقاومة الفلسطينية، بل تقسيم لبنان وتفتيته ونقله الى ضفة العدو الصهيوني، ليكون لبنان خاصرة رخوة تهدد الشام». وأضاف «لبنان في عين العاصفة، وترف الوقت ليس في مصلحة اللبنانيين، وعلى القوى السياسية كافة أن تسهم في إنجاز الاستحقاق الرئاسي، وغيره من الاستحقاقات التي تعنى بانتظام عمل المؤسسات لمواجهة الصعوبات والأزمات العديدة المتفاقمة».

 

وتطرّق حردان الى الوضع الحزبي فأكد اعتبار وحدة الحزب هدفاً لا تراجع عنه، شاكراً للرئيس السوري الدكتور بشار الأسد حرصه على الحزب القومي ودوره في مقاومة الاحتلال والإرهاب.

 

 

 

حتى الساعة لم تنقطع حركة الوساطات على خط بعبدا – السراي، فبحسب المعلومات ثمّة وسطاء دخلوا على الخط من أجل تسهيل عملية تأليف الحكومة ووقف تبادل الرسائل بين المقرّين. وتقول مصادر مطلعة لـ»البناء» إن بيان رئاسة الجمهورية يوم السبت لم يكن موجهاً ضد الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي وأيضاً لم يكن موجها ضد بيان المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى إنما جاء في إطار تأكيد المؤكد بالنسبة للرئيس عون بأهمية المحافظة على الشراكة وأنه لن يخالف نصوص الدستور، وبالتالي فهو لن يبقى في قصر بعبدا بعد انتهاء ولايته.

 

وأكدت رئاسة الجمهوريّة أنّ مواقف الرئيس عون من تشكيل الحكومة الجديدة تستند إلى قناعة ثابتة لديه بضرورة حماية الشراكة الوطنيّة، والمحافظة على الميثاقيّة، وتوفير المناخات الإيجابيّة التي تساهم في مواجهة الظروف الصعبة التي تمرّ بها البلاد. امّا في ما خصّ الاستحقاق الرئاسي، فإنّ رئيس الجمهوريّة، الذي أقسم دون غيره من المسؤولين على الدستور، أثبت طوال سنوات حكمه التزامه نصوص الدستور، ومارس صلاحيّاته كاملة استناداً اليها، وهو لم يعتد يوماً النكوث بقسمه.

 

وقالت مصادر مقرّبة من عين التينة لـ»البناء» إن لا مستجد يبنى عليه في الملف الحكومي حتى الساعة، آملة أن تتضح الأمور سريعاً وإن كانت حدة السجالات قد انطفأت في اليومين الماضيين. واذ اعتبرت ان لا خلافات جوهرية تعطل التأليف إنما بعض الحسابات السياسية من التيار الوطني الحر، رأت المصادر أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري لن يدعو الى جلسة انتخاب رئيس الجمهورية إلّا عندما يرى أن الموعد بات مناسباً لذلك. ولفتت الى ان بري في إطلالاته الأربعاء قد يطلق أشبه بالمبادرة للخروج من الأزمة القائمة.

 

ولفت رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي اسعد حردان الى ان «لبنان في عين العاصفة، وترف الوقت ليس في مصلحة اللبنانيين، وعلى القوى السياسية كافة أن تسهم في إنجاز الاستحقاق الرئاسي، وغيره من الاستحقاقات التي تُعنى بانتظام عمل المؤسسات لمواجهة الصعوبات والأزمات العديدة المتفاقمة».

 

 وقال: «نحن لم نسلم لأحد بمنطق الفدرلة أو الحياد أو النأي عن واجب حماية ثوابت لبنان وخياراته وحقه المشروع في الدفاع عن أرضه وسيادته وكرامته»، مشدّداً على أن «كل مواقع المسؤولية في لبنان وفي طليعتها موقع الرئاسة يجب أن تشكل درعاً حصينة يحفظ هوية لبنان وانتماءه».

 

الى ذلك تتجه كتلة نواب المعارضة الى طرح سلّة أسماء لرئاسة الجمهورية وسوف تطلب مواعيد الكتل النيابية كافة من دون استثناء للنقاش في الملف الرئاسي والأسماء المطروحة.

 

ويبدو أن الكابيتال الكونترول لن يقر في جلسة يوم غد الثلاثاء للجان النيابية المشتركة، وسط توقع مصادر نيابية لـ»البناء» أن يتم التأجيل لاعتبارات تتصل بالتعديلات التي يجب أن تضاف الى المشروع فهناك عدد من النواب يحضرون الملاحظات على المشروع من ابرزها رفض اللجنة الخاصة التي تم تشكيلها والصلاحيات التي أعطيت لها خاصة أنها تتألف من حاكم مصرف لبنان ووزير المال فضلا عن أن قانون الكابيتال كونترول منفصل عن موضوع تحديد مصير الودائع. وهذا الأمر يحمل في طياته لغطاً كبيراً فضلاً عن ان النص يخدم المصارف على حساب المودعين. واعلن أمس، نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب انه لم يقدم قانوناً معدلاً بشأن الكابيتال كونترول بل نقل ملاحظات الخبراء الاقتصاديين والمصرفيين لتسهيل النقاش في جلسة اللجان المشتركة وبالتالي ما سيناقش هو الصيغة الحكومية.

 

وشدّد السفير الإيراني لدى لبنان، مجتبى أماني، على استعداد بلاده لإرسال الفيول كهبة للشعب اللبناني دون شروط. وخلال استقباله الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي علي حجازي في السفارة الإيرانية في بيروت، شدد أماني على حرص الجمهورية الإسلامية على تقديم الدعم الكامل للشعب اللبناني واستعدادها لإرسال الفيول كهبة دون شروط فور قبول الحكومة اللبنانية وإيفادها وفداً رسمياً إلى طهران للتنسيق المباشر بشأن خطة التنفيذ.

 

وغرّد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عبر حسابه على تويتر قائلاً: لن يأتي الغاز المصري ولا الكهرباء الاردنية ولا الفيول الجزائري طالما لم نرفع التسعيرة وتنشأ الهيئة الناظمة. وما جدوى الهيئة الناظمة إذا كانت معدومة الصلاحية مثل هيئة النفط. كفى هروباً الى الأمام، إن تفعيل الجباية ووقف الهدر وادارة جيدة هو مدخل للحل لكن هل تسمح قوى التسلّط؟

 

الى ذلك يتجه سفراء لبنان في الخارج الى الإضراب، ​بسبب عدم قبض رواتبهم، علما ان وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب ​تواصل مع حاكم ​المصرف المركزي ​​رياض سلامة لصرف رواتبهم، إلا أن الأمور لم تحلّ بعد.

***************************

افتتاحية صحيفة الأخبار :

 

اسرائيل تهرب من المواجهة: تأجيل الاستخراج وعرض حلّ يرفضه لبنان

 

 

أعلنت «إسرائيل» أمس ما سمته صيغة الاتفاق المتبلور مع لبنان لحل النزاع على الحد البحري. وجاء «الاتفاق» مثقلاً بالألغام التي يتعذر على الجانب اللبناني القبول بها. لكنه يعدّ، في حد أدنى، رداً إسرائيلياً أولياً على المطالب اللبنانية، سيصار إلى تداوله والرد عليه للتراجع عن جزء مما ورد فيه، لما يشكّله من تهديدات تنسف ما فيه من فرص. فيما أكد مصدر لبناني رفيع معني بالمفاوضات لـ«الأخبار: «نحن على ما اظن غير معنيين بهكذا حل. وهذا ما زال من باب التحليلات الصحفية». وقال إن لبنان «ينتظر ردا خطيا يحمله الوسيط الاميركي خلال فترة قريبة الا اذا وجد ان الاجواء اللبنانية سلبية فقد يعدل عن الزيارة».

 

الإعلان الإسرائيلي جاء، كما هي العادة المتبعة، عبر الإعلام العبري (القناة 12 العبرية) في تسريبات لجس نبض الجانب الآخر قبل أن يطرح رسمياً عبر «الوسيط» الأميركي، عاموس هوكشتين، المفترض أن يزور لبنان في الأيام القليلة المقبلة.

 

وورد في تفاصيل الاتفاق، بحسب التسريبات، أن إسرائيل تحتفظ بحقل «كاريش» كاملاً، فيما يحتفظ لبنان بكل المنطقة المتنازع عليها بما يشمل «حقل قانا» الذي يمتد إلى المنطقة الاقتصادية الإسرائيلية، على أن يدفع لبنان لإسرائيل تعويضاً مالياً، هو ثمن المنطقة المتداخلة، وهي ما يقرب من ثلث «قانا».

وهذا البند واحد من العوائق المفترض أن تستفز الجانب اللبناني مع إشارة التقرير إلى أنه يحظى بموافقة الحكومة اللبنانية!

 

ومن البنود المثيرة جداً، تحديد الاتفاق، في أحد بنوده، أن الشركة التي ستعمل على خطي الحدود الاقتصادية التي يتفق عليها، ستكون شركة «إنيرجيان» الإسرائيلية التي تحمل جنسية يونانية أيضاً. ويعد هذا البند ضمانة لإسرائيل بأن لا يقدم حزب الله على الإضرار بالمنصات الإسرائيلية كون هوية وتابعية الحفار وسفينة الاستخراج ستكون واحدة، وهي شركة «إنيرجيان»، وأي ضرر هنا سيكون ضرراً هناك، والعكس صحيح. وورد في التقرير أن هذا يخلق تكافؤاً وميزان ردع: منصة مقابل منصة، ما يعني منع محاولات الهجوم على المنصة الإسرائيلية.

 

وعلى خلفية «الاتفاق المتبلور»، قررت إسرائيل أن بداية استخراج الغاز من حقل «كاريش» ستكون في بداية تشرين الأول، وليس في أيلول كما كان مخططاً منذ البداية. و«الأهم من كل شيء» هو أن إسرائيل تريد أن تقول إن تأجيل استخراج الغاز إلى تشرين الأول هو لأسباب تقنية، ولا يتعلق بتهديدات حزب الله، و«هذا ما قيل لنا أن نقوله» كما أشار معدّ التقرير.

 

هل حظي هذا الاتفاق بموافقة لبنان الرسمي؟ يبدو أن الحديث الإسرائيلي بعيد جداً عن أن يكون صحيحاً. وفي الواقع، فإن اتفاقاً كهذا يصلح أن يكون وثيقة مطالب إسرائيلية من لبنان، أو اتفاقاً بين «الوسيط» الأميركي وإسرائيل للإيقاع بلبنان لمصلحة إسرائيل، وليس اتفاقاً بين لبنان والعدو.

 

على خلفية هذا التقرير، يبدو أن الوسيط الأميركي أنهى أسابيع استجمامه في اليونان، ليستأنف «الوساطة الغازية». لكن ما طال انتظاره، إن صحت التقارير العبرية، ينبئ بالأسوأ، وليس بتسوية ترعى مصالح الطرفين، بل من شأنه إثارة أكثر من علامة استفهام في لبنان: هل نية السوء هي التي قادت إلى طرح صيغة كهذه على لبنان؟ وهل الهدف منها الإيقاع بين اللبنانيين؟ وما معنى هذا التأخير ليصار من بعده إلى صيغة تسوية يدرك العدو والوسيط أنها سترفض؟

كيفما اتفق، إعلان إسرائيل نيتها استخراج الغاز من حقل كاريش مع بداية تشرين الأول المقبل، خلافاً للموعد الذي كانت قد حدّدته في بداية أيلول، من شأنه بحسب التقديرات الإسرائيلية ترحيل المواجهة مع حزب الله، وإن كان لا يلغيها بالمطلق. وهو ما يفسر استمرار استنفارها العسكري وإطلاقها التهديدات.

 

ويثير التأجيل علامات استفهام: هل هو تقني تحدث عنه عدد من الوزراء في المجلس الوزاري المصغر بعدما هدد حزب الله باستهداف الحقل؟ أم أن التأجيل على خلفية الأعطال التقنية جاء نتيجة قرب موعد تفعيل تهديد حزب الله؟ وهل يعني تأجيل الاستخراج تأجيل تفعيل التهديدات؟ وهل يكفي، وفقاً للاتفاق المزعوم، أن يفيد حزب الله ويفرمل اندفاعة تنفيذ التهديدات، بخاصة أن «الاتفاق» هو «تشاطر» واضح على خلفية النيات السيئة للعدو وللوسيط؟

 

تبقى الأسئلة، وبخاصة تلك التي تتعلق بإمكان التصعيد بلا إجابات كاملة إلى حين عودة «الوسيط» من إجازته حاملاً «الاتفاق» الذي تبلور بمعيته.

 

وتأجيل استحقاق الأول من أيلول إلى الأول من تشرين الأول، لا ينهي الترقب والقلق والاستنفارات المتبادلة بين الجانبين، ولا ينزع الإصبع عن الزناد، ويبقي الجانبين، حزب الله و«إسرائيل»، متوثبين كل وفق تقديراته عن نيات الطرف الآخر. هذه هي سمة الأسابيع المقبلة، التي ستشهد كما هو مقدر، «جرعة تذكيرية»، أو جرعات، ما لم يتخلّ الوسيط عن مماطلته المريبة، من دون أن يلغي ذلك إمكانات التصعيد في موعد الاستخراج الملغى، في الأول من أيلول. بخاصة أن الاتفاق المتبلور كما يرد من تل أبيب، ليس اتفاقاً.

 

على هذه الخلفية، تسعى «إسرائيل»، وتحديداً الدوائر الاستخبارية، إلى تقدير ما يمكن أن يقدم عليه حزب الله، سواء للأيام المتبقية حتى أيلول، ولاحقاً حتى بداية تشرين الأول، وضمن استراتيجية استيعاب ما يمكن أن يأتي من قرارات، في عدة اتجاهات:

 

– العمل على قلب التموضعات باعتبار أن «جرعة التذكير» أو أي استهداف للمنشآت الغازية الإسرائيلية، هو عمل مبادر إليه من قبل حزب الله، وليس نتيجة قرار منها باستخراج الغاز من كاريش، قبل تسوية النزاع مع لبنان. وهو ما يؤمن لإسرائيل، باعتقادها، مشروعية «الرد على اعتداء»، وليس الرد على الرد.

الأسابيع المقبلة قد تشهد «جرعة تذكيرية» من المقاومة ما لم يتخلّ الوسيط عن مماطلته المريبة

 

– إطلاق التهديدات بشكل مفرط، والتأكيد على أن رد إسرائيل في حال استهدف حزب الله أياً من أصولها الغازية، حتى وإن كان شكلياً، فإنها ستعمد إلى رد غير تناسبي، يؤدي إلى أيام قتالية، أو إلى حرب.

 

وهذه التهديدات، تهدف إلى لجم حزب الله عن المبادرة، أو التخفيف من حجمها، وهي معركة تخوضها إسرائيل في مرحلة ما قبل الفعل لمنعه، ولا علاقة لها بالضرورة، بما ستقدم عليه رداً.

 

إعلان الجيش الإسرائيلي عن استنفار واستعداد لمواجهة، وصفها وزير الأمن بني غانتس بأنها قد تستغرق يوماً أو أياماً قتالية، أو حتى معركة، وهو استنفار يحرص العدو على تظهيره علناً مع استغراق الإعلام العبري في تغطيته وتظهيره، بما يشمل الاستنفار البري والبحري والجوي وسلاح الاستخبارات، وكل ذلك في خدمة هدف واحد: ردع حزب الله ومنعه من الاقتراب، مرة ثانية، من حقل كاريش.

 

الإعلان عن اتفاق ملغوم، يظهر إسرائيل أنها المبادرة إلى تسويات، رغم أنها ملغومة وتنسف كل المقاربة الرسمية في لبنان، وكل ذلك بهدف قلب التموضعات بينها وبين الجانب اللبناني.

 

لكن هل من شأن عمليات الاستعراض العسكري وتظهير القدرات والاستنفار، والوعيد بالأيام القتالية والردود غير التناسبية، وكذلك بعرض اتفاقات ملغومة، أن يجمد مبادرة حزب الله التذكيرية؟ والأهم، هل يجمد مبادرة حزب الله التصعيدية في حال قررت إسرائيل بدء استخراج الغاز من كاريش، بعد أن يرفض لبنان ما قيل في إسرائيل إنه «اتفاق»، وما أشير إليه في سياقات أخرى بأنه «اقتراح أميركي»؟

**************************

 

افتتاحية صحيفة النهار

 

أسبوع المهلة الدستوريّة هل يدفع التسوية الحكوميّة؟

 

إنه أسبوع الانطلاقة الدستورية الفعلية للاستحقاق الرئاسي الذي يعوّل عليه ال#لبنانيون الامال العريضة، في ان يشكل نهاية الام الانهيار “التاريخي” الذي أصاب لبنان وبداية فجر انقاذي مع انتخاب الرئيس الرابع عشر للجمهورية. يوم الخميس المقبل في الأول من أيلول، تبدأ المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية وينطلق العد العكسي للشهرين الأخيرين من ولاية الرئيس #ميشال عون. وفي ظل هذا الموعد الدستوري يكتسب الأسبوع الحالي أهمية ودلالات سياسية ودستورية وواقعية، اذ، الى جانب بدء المهلة الدستورية، ثمة محطات أخرى يترقبها الوسط السياسي وقد تحمل تطورات ومتغيرات في اطار المشهد السياسي والحكومي والرئاسي. ثمة أولا معطيات تؤكد ان الأيام القليلة المقبلة ستشهد معاودة للاتصالات والجهود المتصلة بالملف الحكومي تحت وطأة اشتداد المناخات الضاغطة لتجاوز تداعيات الجولة الأخيرة من التوترات بين بعبدا والسرايا الحكومية، وانه على رغم المناخات المشدودة التي خلفتها جولة السجالات، فان الاستعدادات لاعادة التواصل بين رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي لا تزال مفتوحة. وتؤكد هذه المعطيات ان ثمة دفعا قويا من الثنائي الشيعي في اتجاه التوصل الى تسوية بين عون وميقاتي حول تعويم حكومة تصريف الاعمال او اجراء تعديل حكومي عليها بتوافق بين بعبدا والسرايا ومكونات الحكومة من منطلق أهمية ولوج الاستحقاق الرئاسي والمهلة الدستورية بحكومة كاملة الصلاحيات. ويبدو واضحا ان الثنائي الشيعي، وخصوصا “حزب الله”، يقيم حسابات متمايزة عن حسابات العهد حيال المرحلة الرئاسية ولا يرغب في احراج نفسه في معركة استنزاف سياسية، لذا يدفع بقوة نحو تسوية من شأنها استيلاد تعديل حكومي درءا لكل الاحتمالات التي قد تواجهها البلاد بما فيها الفراغ الرئاسي وتطورات ملف الترسيم الحدودي البحري مع إسرائيل .


 

كما ان الأسبوع الحالي سيشهد محطة سياسية بارزة مع الكلمة التي سيلقيها رئيس مجلس النواب نبيه بري الأربعاء المقبل في صور في مهرجان احياء ذكرى تغييب الامام موسى الصدر وهي كلمة تعلق عليها أهمية نظرا الى توقيتها عشية بدء المهلة الدستورية بحيث يفترض ان يضيء بري على المسار الدستوري الذي سيتبعه في الدعوات الى الجلسة الانتخابية وإدارة العملية التشريعية أيضا خلال هذه المهلة فضلا عن موقفه من اتجاهات المعركة الرئاسية .

 

 

تحرك “التغييريين”

ووسط التريث الذي لا يزال يطبع التحركات السياسية والنيابية المتصلة بالاستحقاق الرئاسي، اكتسب اعلان احد نواب “#تكتل النواب التغييريين” عن طبيعة المبادرة الرئاسية التي سيقوم بها هذا التكتل أهمية لجهة اول تحرك لكتلة نيابية بين مجموع الكتل النيابية. ذلك ان النائب ميشال دويهي اعلن امس أنّ النواب التغييريين “سيطرحون سلّة أسماء ل#رئاسة الجمهورية ومبادرتنا قائمة على السيادة الوطنية وإخراج لبنان من حرب المحاور وسنطلب مواعيد من كل الكتل النيابية بينها كتلة الوفاء للمقاومة ونريد رئيساً لكل اللبنانيين”. وأضاف: “نريد رئيس دولة وليس رئيس طائفة والنواب التغييريون الـ 13 سيكون موقفهم موحّداً بشأن المبادرة الرئاسية”، مشيراً إلى أن “لا خلاص للبنان إلا بدولة قوية ونحن حزب الدولة اللبنانية”، وتابع: “لا نريد رئيساً وسطياً بل رئيساً يملك حلولاً ونبحث عن شخص مدنيّ لتولّي رئاسة الجمهورية”. وقال أنّ “رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لم يكن رئيساً لجميع اللبنانيين وفريقه السياسي هو من أطلق شعار “بيّ الكلّ” وعهده من أسوأ العهود في تاريخ لبنان ودمّر البلد بالتعاون مع حلفائه”.

 

 

اما في المواقف البارزة من الاستحقاقات وككل احد ، وفيما غابت عظة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لوجوده في روما ، اعلن متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة انه “لو كانت لدينا محاسبة عادلة، لما كان تجرأ أحد على كسب غير مشروع، أو احتكر وجع الشعب وأذله، وتركه دون دواء بين حي وميت. المحاسبة العادلة والتوبة الصادقة تنقذ البلد مما أدخل فيه، لأنها توقظ كل مواطن ومسؤول وزعيم فيتبين ما سولت له نفسه فعله بإخوته ومواطنيه”. وقال “اللبنانيون يحنون بأسف ومرارة إلى القرون الماضية التي شهدت رجالات كبار وإنجازات عظيمة، ويتألمون من الحاضر بسبب بشاعته وسواده، ويخشون المستقبل لأن لا ضياء في الأفق. المواطن سئم السجالات والتوترات والتصعيد الدائم، سئم الوعود العرقوبية، سئم عدم الاستقرار والهزات السياسية والاقتصادية والقضائية، وهو يتوق إلى حياة هانئة في ظل دولة مستقرة، ونظام ثابت، وحكام يعملون من أجل المصلحة العامة والخير العام، بنزاهة وإخلاص. وعوض ذم نظامنا وقوانيننا فلنطبق أولا القوانين قبل العمل على سن غيرها، ولنحترم القضاء ونبتعد عن التدخل في أحكامه، ولنحترم المهل والإستحقاقات الدستورية، وليلتزم كل حده ويعمل واجبه. باختصار، لنطبق نظامنا الديموقراطي وأحكامه دون مواربة أو انتقائية، وبعدها تدرس الشوائب وتعالج”.

 

 

بعبدا

وفي ظل هذه المناخات كانت بعبدا اصدرت بيانا السبت نفت فيه كل ما سيق سياسيا واعلاميا حول بقاء الرئيس عون في بعبدا بعد انتهاء ولايته. واعتبر بيان مكتب الإعلام في رئاسة الجمهوريّة أن “ثمة مخططا مستمرا لإستهداف موقع رئاسة الجمهوريّة وشخص الرئيس، من خلال القول بوجود رغبة لديه في تعطيل تشكيل الحكومة حيناُ، او تجاوز الدستور في ما خصّ موعد إنتهاء ولاية رئيس الجمهورية أحياناً أخرى. وعلى رغم المواقف التي صدرت مباشرة عن الرئيس، او من خلال مكتب الإعلام في الرئاسة، والتي تدحض كلّ هذه الافتراءات، يواصل البعض من السياسيّين والإعلاميّين المضيّ في الترويج لسيناريوهات من نسج الخيال بهدف الإمعان في الإساءة، وخداع الرأي العام في الداخل والخارج”.

 

وأشار الى انه “إذا كانت رئاسة الجمهوريّة تتجاوز دائماً مثل هذه الإساءات والأكاذيب، وتكتفي من حين الى آخر بتوضيح مواقفها، الّأ أنّ الامر وصل بالبعض الى حدّ إثارة النعرات الطائفيّة والمذهبيّة، من خلال دعوات مشبوهة للمراجع السياسيّة والدينيّة الى “عدم السكوت عن العبث الخطير بالدستور والطائف وأيّ مغامرات إنقلابيّة”، وغيرها من التعابير التحريضيّة التي تكشف بوضوح عن نوايا القائمين بها “. وأكد انّ كلّ ما يُنشر من إجتهادات وتفسيرات وإدّعاءات تتعلّق بمواقف رئيس الجمهوريّة وقراراته والخطوات التي ينوي إتّخاذها قبيل إنتهاء ولايته، هو مزيج من الكذب والإفتراء لا يجوز الإعتداد به”.

 

 

دار الفتوى

الى ذلك أعلنت دارُ الفتوى دعمها للرئيس ميقاتي وتمسّكها بصلاحيات الرئاسة الثالثة. واعتبر المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى بعد جلسته الدورية برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان ان “لبنان يحتاج الى رئيس جديد للجمهورية خاصة بعد سلسلة العثرات والمواقف الارتدادية عن روح الدستور اللبناني واتفاق الطائف وميثاق العيش المشترك، غير ان ما يجري في الوقت الحاضر هو الإلتفاف على هذه القيم والمبادئ، أحيانا بالطعن بشرعية الحكومة الحالية والإلتفاف عليها، وأحيانا أخرى بطرح شعارات التمثيل الطائفي والمذهبي”. ودعا المجلس الى احترام النصوص الدستورية وحذر من “ان الإلتفاف على هذه النصوص تحت أي ذريعة لن يؤدي إلا الى المزيد من المتاعب والإضطرابات” ورأى أن “الصيغة التي قدمها الرئيس المكلف لرئيس الجمهورية لتشكيل الحكومة هي ثمرة اللقاءات والاتصالات والمشاورات التي أجراها الرئيس نجيب ميقاتي مع القوى السياسية والتكتلات النيابية كافة لإنجاز تأليف الحكومة والتي هي الخطوة الأولى على الطريق الصحيح لإنقاذ البلد”، وأكد “دعمه وتأييده للرئيس ميقاتي في مسعاه لتشكيل الحكومة وفي الخطوات التي يقوم بها من اجل وطنه وشعبه”. وأبدى المجلس “حرصه على صلاحيات رئيس الحكومة في ممارسة المهام المنوطة به والمحددة له في الدستور واتفاق الطائف، ولاسيما في ما يتعلق بتشكيل الحكومة ولا يمكن المس بهذه الصلاحيات تحت أي ذريعة أو مصالح فئوية لأنها تستهدف لبنان وعيشه المشترك وهي قضية وطن وبناء دولة، مما ينبغي الترفع عن الحسابات الضيقة فيها”.

 

****************************

افتتاحية صحيفة نداء الوطن

 

“فتنة” التأليف: “يا غيرة” الطائفة!

 

نجح جبران باسيل، من حيث لا تدري الرابطة المارونية، في جرّ إشكالية التشكيل إلى إشكال طائفي مذهبي يزجّ الرئاستين الأولى والثالثة في خندقين متقابلين… خندق بعبدا الذي يرفع لواء الرابطة المارونية، مقابل خندق السراي الذي يتدثّر بعباءة دار الفتوى، فكانت “الوصفة الجهنمية” لإشعال فتيل “فتنة” حكومية تشرعن تعطيل التأليف تحت عناوين وشعارات تحاكي في ظاهرها الصلاحيات الرئاسية وتحكّ في باطنها الغرائز المذهبية على قاعدة: “يا غيرة” الطائفة.

 

الخطوة الأولى في هذا الاتجاه، بدأت من تصويب رئيس الجمهورية ميشال عون سهام النقد والانتقاد باتجاه رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي على لسان رئيس الرابطة المارونية، الأمر الذي سرعان ما أضفى نكهة طائفية على طبخة التأليف تولى ميقاتي تسعير نيرانها عبر اتهام رئاسة الجمهورية بأنها تسخّر منبر قصر بعبدا “المفترض أن يكون فوق الاعتبارات الطائفية” لإطلاق “مواقف جاهزة تؤجج الأوضاع”… ثم توالت البيانات وتسارعت الخطوات على سكة “تطييف” عملية التأليف حتى ارتدت خلال عطلة نهاية الأسبوع طابع مواجهة مارونية – سنّية بدت طاغية على أبعاد المواجهة الرئاسية بين بعبدا والسراي في الملف الحكومي.


 

فعلى ضفة بعبدا، صعّد رئيس الجمهورية اللهجة في معركته المفتوحة، حكومياً ورئاسياً، قبل نهاية ولايته، لـ”ترتقي” إلى حد القدح والذم والتشهير بمن وصفهم “أولاد الحرام” من الخصوم السياسيين والإعلاميين ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة التي اتهمها بالافتراء عليه والترويج لإساءات وأكاذيب وإطلاق دعوات مشبوهة للمراجع السياسية والدينية إلى “عدم السكوت عن العبث بالدستور والطائف وأي مغامرات إنقلابية”، ليختم في بيان صادر عن مكتب الإعلام في بعبدا بالتحذير “من تمادي البعض في دسّ الأخبار والمعلومات الكاذبة والتحريض الطائفي والمذهبي وتضليل الرأي العام “، وتنبيه اللبنانيين “من النوايا الخبيثة لأصحابها المأجورين”.


 

وإذ برر مواقفه من تشكيل الحكومة بأنها “تستند إلى قناعة ثابتة بضرورة حماية الشراكة الوطنية والمحافظة على الميثاقية، وتوفير المناخات الإيجابية التي تساهم في مواجهة الظروف الصعبة”، أبقى عون من ناحية ثانية رده على الاجتهادات والتفسيرات والادعاءات المتعلقة بالخطوات التي ينوي اتخاذها قبل انتهاء ولايته، رداً فضفاضاً حمّالاً للأوجه من خلال عدم التأكيد جازماً وبصريح العبارة على أنه ينوي مغادرة قصر بعبدا في 31 تشرين، إنما آثر الاكتفاء في بيانه بالتشديد في ما خصّ الاستحقاق الرئاسي على أنّ “رئيس الجمهورية، الذي أقسم دون غيره من المسؤولين على الدستور (…) لم يعتد يوماً النكوث بقسمه”.


 

أما على الضفة المقابلة، فلم يتأخر الرئيس المكلف في طلب العون من دار الفتوى فتسلح بالمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى للذود عن صلاحيات الرئاسة الثالثة الدستورية، فكان له ما أراد من حضانة وحصانة سنّية في مواجهة الهجمة العونية، ليؤكد المجلس إثر اجتماعه الدوري على “دعم الرئيس ميقاتي وتأييده” مع إبداء الحرص “على صلاحيات رئيس الحكومة” والتحذير من “المسّ بهذه الصلاحيات تحت أي ذريعة أو مصالح فئوية لأنها تستهدف لبنان وعيشه المشترك”.


 

وفي ما بدا اتهاماً واضحاً لعون بانتهاك الدستور وتجاوز صلاحياته، شدد المجلس الشرعي برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان على أنّ “لبنان يحتاج إلى رئيس جديد للجمهورية يحترم قسمه الدستوري ويلتزم به، خاصةً بعد سلسلة العثرات والمواقف الارتدادية عن روح الدستور اللبناني واتفاق الطائف وميثاق العيش المشترك”، مشيراً في المقابل إلى أنّ “ما يجري في الوقت الحاضر هو الإلتفاف على هذه القيم والمبادئ، أحيانا بالطعن بشرعية الحكومة الحالية والإلتفاف عليها، وأحيانا أخرى بطرح شعارات التمثيل الطائفي والمذهبي”، وسط الإشارة إلى أنّ “المواقف التعطيلية المتعمدة لدور الحكومة ولإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها تشكل انتهاكا للدستور واتفاق الطائف”، والتحذير من أنّ “الالتفاف على النصوص الدستورية تحت أي ذريعة لن يؤدي إلا إلى المزيد من المتاعب والإضطرابات التي تدفع لبنان نحو الهاوية”.

 

 

*****************************

افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط

 

صعوبة تنفيذ الإصلاحات وعجز الدولة يغرقان لبنان في الظلام

الحكومة تلجأ لحلول ظرفية بينها استخدام وقود «غير مطابق للمواصفات»

  نذير رضا

تبحث الحكومة اللبنانية في حلول مؤقتة واستثنائية، لتخفيف حدة أزمة انقطاع الكهرباء التي لم تجد طريقها إلى الحل بسبب عوائق داخلية وضغوط خارجية لتنفيذ الإصلاحات في القطاع، فيما يبدو مسار الحل معقداً، حيث تصطدم الخطط بصعوبة تنفيذها، وبعجز الحكومة عن تمويل إضافي للقطاع.

ويتكرر بشكل شبه أسبوعي، التحذير من غرق لبنان في الظلام الشامل، ونادراً ما تكون العتمة، خلال السنوات الثلاث الماضية، ناتجة عن أعطال تقنية. تدور معظم الأسباب حول التأخير في دفع المستحقات، والتأخر في وصول شحنات الوقود، وعوائق تمويلية أخرى، أبرزها شروط البنك الدولي لإصلاح قطاع الكهرباء، وفي مقدمته تعيين الهيئة الناظمة للقطاع المشكلة منذ سنوات، لقاء تمويل استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن عبر الأراضي السورية.


غير أن الحلول المؤقتة التي لا تجد الحكومة مناصاً من اللجوء إليها، وصلت إلى حدود استخدام وقود غير مطابق للمواصفات، لتجنب العتمة الشاملة. فقد أعطت الحكومة اللبنانية موافقة لمؤسسة «كهرباء لبنان» لاستخدام جزء من الوقود «Grade B» المخزن في معملي الجية والذوق (معملان قديمان وصغيران)، والذي يقدر بـ40 ألف طن، بهدف تفادي الوقوع في العتمة الشاملة مع قرب نفاد مادة الغاز تشغيل معمل الزهراني، وهو واحد من أكبر معامل الإنتاج في لبنان. وقال وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض، بعد لقائه الرئيس اللبناني ميشال عون يوم الجمعة، إن مشكلة الوقود حُلّت بمشاركة وتوجيه الرئيس نجيب ميقاتي ومجلس إدارة كهرباء لبنان.

ويصف المدير العام السابق للاستثمار في وزارة الطاقة غسان بيضون اللجوء إلى هذا الحل، بأنه «دواء منتهي الصلاحية، يمكن أن تكون فعاليته معدومة أو قليلة، ويمكن أن يترك آثاراً جانبية»، شارحاً لـ«الشرق الأوسط» أن الشحنة التي يُعتقد أنها وصلت إلى لبنان مطلع العام الحالي «غير مطابقة للمواصفات، فرفضت الشركة المشغلة لمعمل الزهراني استخدامها في المعمل، مما دفع مؤسسة كهرباء لبنان لتخزينها في خزانات معملي الجية والذوق» المتوقفين عن العمل منذ أشهر، «من غير أن تتخذ الدولة قراراً برد الشحنة إلى مصدرها».


ويقول بيضون: «يبدو أن العجز عن تأمين الوقود لمعملي الزهراني ودير عمار (معملان حديثان وضخمان) دفع الوزارة لاستخدامها في المعملين القديمين (الجية والذوق)»، لكنه حذر من أن تشغيل المعملين بها «قد يلحق أضراراً بالوحدة الإنتاجية، فضلاً عن أن نصف قدرتها الإنتاجية ستضيع، لأنها ستنتج نصف ما تستطيع إنتاجه لو كانت مطابقة للمواصفات Grade A في المعامل الحديثة». وقال إنه لو كان هناك أي مشغل لمعملي الذوق والجية «لرفضا استخدامها»، في إشارة إلى أن عقد تشغيل المعملين انتهى قبل فترة، وباتت مؤسسة كهرباء لبنان هي من يتولى أعمال تشغيلهما.

والواضح أن اصطدام الحكومة بواقع صعب، جراء العجز عن تأمين الوقود للمعامل الحديثة، هو الدافع لاستخدامها. ولم يخفِ وزير الطاقة يوم الجمعة، حجم الأزمة. وأشار إلى أن تجديد العرض العراقي الذي يسمح للبنان بأخذ مليون طن وقود إضافي، سيكون بعد نفاد أول كمية – تنتهي في سبتمبر (أيلول) – مشيراً إلى أن هذه الكمية تستطيع تأمين نحو ثلاث ساعات من التغذية الكهربائية. كما أشار إلى «أننا كنا نعوّل سابقاً على البنك الدولي والغاز المصري والكهرباء من الأردن، إلا أن البنك الدولي وضع شروطاً جديدة، كزيادة التعرفة ووضع خطة لتغطية التكلفة والبدء بإجراءات إنشاء الهيئة الناظمة، ونحن من جهتنا نعمل على هذا الموضوع». وقال: «إننا حصلنا على قرار من مجلس إدارة كهرباء لبنان بزيادة التعرفة تزامناً مع زيادة التغذية»، لكن «المطلوب الآن موافقة وزارة المال على هذا الموضوع ومن ثم موافقة الحكومة».


ويحتاج لبنان إلى نحو 3 آلاف ميغاوات من الكهرباء، لكن تراجع القدرات المالية على شراء الوقود، حصر إنتاجه أخيراً بالمحطات الكهرومائية «التي تصل قدرتها الإنتاجية إلى نحو 100 ميغاواط»، وبمحطات عاملة على الوقود يزودها بها الاتفاق مع الحكومة العراقية. فقد بدأ لبنان منذ أغسطس (آب) الماضي تنفيذ الاتفاق القاضي بإعطاء لبنان شحنات من النفط الخام، تتم مبادلتها مع شركات أجنبية بنحو 40 ألف طن شهرياً من الوقود المشغل لمحطات الإنتاج.

وفشلت المساعي منذ عام، باستجرار الغاز من مصر، والكهرباء من الأردن، حيث وصل الممول (البنك الدولي) شرطاً يتمثل بضرورة البدء بتنفيذ الإصلاحات، واشترطت الولايات المتحدة موافقة البنك الدولي على التمويل، لقاء إعطاء القاهرة وعمان استثناء من عقوبات «قانون قيصر»، كون الغاز والكهرباء ستمر عبر الأراضي السورية.

ويرى بيضون أن هناك صعوبة بتنفيذ الإصلاحات فوراً، بالنظر إلى أنه اليوم حكومة تصريف أعمال، مما يعقد رفع التعرفة وتعيين أعضاء الهيئة الناظمة للقطاع، فضلاً عن أن الهدر قائم، والشبكة غير مضبوطة، ومقدمي الخدمات لا يقومون بواجباتهم بالكامل. ويقول: «يبدو أن تنفيذ الإصلاحات اليوم، صعباً، فضلاً عن أن خطة الطوارئ التي وضعتها الوزارة صعبة التطبيق، وخصوصاً مسألة إزالة التعديات في ظل الأزمات التي تعاني منها الأجهزة الأمنية، ورصد العدادات وإصدار الفواتير بشكل منتظم وتحصيل المطلوب»، وأضاف: «عندما كانت هناك دولة، لم ينفذ مشروع زيادة التعرفة وإزالة التعديات، فكيف سيتمكنون اليوم من تنفيذها؟ وكيف ستؤمن الحكومة المتعثرة 200 مليون دولار لتنفيذ الخطة؟» التي تستهدف زيادة التغذية الكهربائية إلى حدود 10 ساعات يومياً، علماً بأن زيادة التعرفة هو أحد المطالب الدولية لإصلاح القطاع وتخفيض العجز فيه.

وكشف بيضون أن المؤسسة كان لها بذمة المشتركين فواتير غير محصلة، نحو ألف مليار ليرة (665 مليون دولار) لحظة اندلاع الأزمة الاقتصادية في عام 2019. ولم يتم تحصيلها في ذلك الوقت، معرباً عن قناعته بأن هناك إدارة سيئة للمؤسسة، وتحتاج إلى إصلاح.

 

**************************

 

افتتاحية صحيفة الجمهورية

 

“الجمهورية”: أسبوع حكومي رئاسي حدودي.. وطارت “الثلاثينية” وتعديل بوزيرين

 

أسبوع حساس يدخله لبنان اليوم ويتوقع ان يكون حاسماً في ما سيشهده من تطورات، سواء على مستوى تأليف الحكومة او على مستوى ملف ترسيم الحدود البحرية، وذلك قبل ان يدخل لبنان في مهلة الشهرين الدستورية لانتخاب رئيس جمهورية جديد بدءًا من الخميس المقبل. ولكن بين هذين الاستحقاقين تستمر الأزمات الاقتصادية والمالية والمعيشية في التفاقم، وقد لاحت في الأفق أمس مؤشرات إلى تجدّد أزمة المحروقات، خصوصًا إذا نفّذت شركات النفط تهديدها بالإقفال اليوم والتوقف عن تسليم هذه المادة للمحطات، وذلك بسبب الأزمة الناشئة بينها وبين مصرف لبنان.

لم تصدر في عطلة الاسبوع اي مؤشرات حول حركة الوسيط الاميركي في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية عاموس هوكشتاين، ولكن بعض المسؤولين والمتابعين يتوقعون بروزها خلال هذا الاسبوع، على الرغم من الحديث عن وجود استنفارات متبادلة على جانبي الحدود الجنوبية بعد كلام الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله عن ضيق الوقت امام هوكشتاين ليعود بالردّ الاسرائيلي على موقف لبنان الذي كان تبلّغه من المسؤولين خلال زيارته لبيروت مطلع آب الجاري.

 

الملف الحكومي

على الصعيد الحكومي، رشح في عطلة نهاية الاسبوع، انّ رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، تخلّى عن مطلبه توسيع الحكومة إلى 30 وزيراً وتعيين 6 وزراء دولة سياسيين فيها، وذلك في مقابل ان يسمّي هو وزيري الاقتصاد والمهجرين بدلًا من الوزيرين الحاليين امين سلام وعصام شرف الدين.

 

وعلمت “الجمهورية”، انّ الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي لا يمانع هذا الامر، وقالت مصادر قريبة منه لـ”الجمهورية”، انّه طرح منذ البداية هذا الامر مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وتخلّى عن تغيير وزير الطاقة رغبة منه بتسهيل ولادة الحكومة، ولكنه اشترط على رئيس الجمهورية ان يختار اسمًا بديلًا لوزير الاقتصاد يكون مقبولًا لدى نواب عكار (في اعتبار انّ هذه الوزارة هي من حصة الطائفة السنّية في الحكومة الحالية)، وان يختار اسمًا لوزارة المهجرين بديلًا من وزيرها الحالي عصام شرف الدين، لا يكون على خصومة مع رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط ( كون هذه الوزارة هي من حصة الطائفة الدرزية في الحكومة الحالية). وقالت مصادر معنية بالتأليف لـ “الجمهورية”، انّه في حال اختار عون هذين الإسمين بهذه المواصفات لن يكون عندها من عائق امام ولادة الحكومة في اي وقت.

 

جهد “حزب الله”

في غضون ذلك، وفيما تحدثت مصادر حكومية عن حركة اتصالات تجري في الكواليس على خلفية ما بذله “حزب الله” من جهود لفك عقدة التأليف الحكومي، كشفت مصادر قريبة من “الحزب” وعلى تماس مع توجّهاته السياسية الداخلية لـ “الجمهورية”، انّ “تحميله المسؤولية عن الحل ليس منطقيًا ولا واقعيًا، فهو سعى من قبل للإسراع في تشكيل الحكومة ولم تأتِ جهوده بأي نتيجة مجدية وايجابية”. ولفتت المصادر إلى “انّ الجهود التي بُذلت حتى الأمس القريب اصطدمت بأكثر من جدار حديدي نصبه أكثر من طرف وليس من جانب فريق واحد. وانّ تحميل المسؤولية لأي طرف دون آخر ليس عدلًا ولا منطقًا سليمًا. فالمسؤولية تقع على الجميع، وكذلك تبعات الأزمات المتعددة الوجوه التي ألقت بثقلها على جميع اللبنانيين بلا تفرقة او تمييز بين منطقة وأخرى، فالنكبة حلّت بأديار الجميع”.

 

لا مواعيد

وفيما تتجّه الأنظار إلى المواقف التي سيعلنها رئيس مجلس النواب نبيه بري بعد غد الاربعاء في ذكرى تغييب الامام موسى الصدر ورفيقيه، والتي تأتي عشية دخول البلاد في مهلة الـ60 يومًا الدستورية لانتخاب رئيس جمهورية جديد، لم ترصد الاوساط السياسية في الساعات القليلة الماضية أي برنامج في الايام المقبلة، يوحي بأي حراك معلن في شأن الاستحقاق الرئاسي، على الرغم من الحديث المتنامي عن إمكان تزخيم الاتصالات في شأن الملف الحكومي بعد عودة رئيس “التيار الوطني الحر” من عطلته الصيفية على شواطىء إحدى الجزر اليونانية.

 

وقالت مصادر سياسية لـ “الجمهورية”، ان “ليس شرطًا لتحريك الاتصالات حول الشأن الحكومي ان يكون الرئيس المكلّف وباسيل موجودين في لبنان، لأنّ الاتصالات المتطورة بأشكالها المختلفة جعلت الجميع على تماس مع كل جديد حكومي وسياسي في لحظته، وانّ الرهان على الوجود الشخصي لا علاقة له بمجموعة العقد المتنامية والتي زادت من حدّتها المواقف المتشنجة التي تلاحقت في الأيام القليلة الماضية، بعد ان بلغت حدودًا غير متوقعة، وخصوصًا عندما استغلت بعض المراجع الدينية الأحداث الأخيرة لتسجيل مواقف لم يكن لها أي لزوم، ولن يكون لها أي رد فعل في الشارع اللبناني المكتوي بنار الأزمات التي تسببت بها منظومة سياسية ما زالت هي عينها تدير الأزمة ولم تجد حلًا لأي مظهر من مظاهرها.

 

المعارضة

وإلى ذلك، استغربت أوساط سياسية معارضة “البيان الحاد والعالي النبرة” الصادر عن رئاسة الجمهورية، والذي وصل إلى حدّ اتهام من “يقوِّلونه ما لم يقله” بـ”أولاد الحرام”، علمًا انّ وفد الرابطة المارونية الذي زار الرئيس ميشال عون نقل عنه حرفيًا انّ “حكومة تصريف الأعمال لن تكون قادرة على ممارسة مسؤولياتها على نحو كامل في حال تعذر انتخاب رئيس جديد للجمهورية لأي سبب كان، ولا يبدو طبيعياً انّ الفراغ على مستوى السلطة التنفيذية غير المكتملة المواصفات وغير الحائزة على ثقة مجلس النواب يمكنه ان يملأ فراغًا على مستوى رئاسة الجمهورية”.

 

وقالت هذه الأوساط لـ”الجمهورية”، انّ “الكلام الصادر عن لسان الرئيس عون حرفيًا يؤشر في وضوح إلى انّه سيلجأ إلى خيارات معينة في حال لم تتشكّل حكومة، وكلامه لا يحتمل التأويل، فضلاً عن انّه كان عبّر عن الموقف نفسه في مقابلة صحافية منذ أشهر، ومن الواضح انّه لم يغادر هذا الموقف لجهة انّ صلاحيات رئاسة الجمهورية لا يمكن ان تؤول إلى حكومة تصريف الأعمال، كما انّ تياره السياسي كان أكّد، بلغة المصادر، انّ الخيارات الممكنة تتراوح بين تكليف شخصية معينة رئاسة حكومة انتقالية، وبين انتزاع التكليف من الرئيس المكلّف، وبالتالي كل ما يُثار على هذا المستوى لم يأتِ من فراغ، ولا يندرج في إطار “دسّ الأخبار والمعلومات الكاذبة”، إنما يرتكز إلى مواقف معلنة للرئيس عون وآخرها أمام وفد الرابطة المارونية”.

 

واعتبرت الأوساط نفسها “انّ الرئيس عون لو جزم بأنّه سيغادر القصر الجمهوري عند انتهاء ولايته بمعزل عن تأليف حكومة جديدة او عدمه، وانّه يتمنى فقط ان يصار إلى تأليف حكومة، لما كانت صدرت كل هذه الأخبار التي بُنيت على مواقف الرئيس نفسه من جهة، وعلى تاريخه من جهة ثانية بدءًا من ترؤسه لحكومة انتقالية في العام 1988، وصولًا إلى معادلة انتخابه أو الفراغ، والتي توحي بإمكانية تكراره من باب انتخاب مرشحه الرئاسي او الفراغ او الفوضى الدستورية”. ورأت الأوساط “انّ رئيس الجمهورية قد يكون من خلال إعلانه اللجوء إلى تدبير معين في موقع الملوِّح بهذا الإجراء، تسهيلًا لتأليف حكومة تجسِّد مصالحه في نهاية عهده، إلّا انّ الأكيد هو انّه يعدّ العدة لخطوة غير دستورية يعمل، كالعادة، على تغطيتها بغبار الشعبوية المعروفة، حيث انّ كل الهدف من تحريك الملف الحكومي والتلويح بخيارات غير دستورية تأليف حكومة جديدة يدخل إليها النائب جبران باسيل ومعه ثلث معطِّل صافٍ يتيح تنصيبه رئيس جمهورية مقنّعاً على طاولة مجلس الوزراء خلال مرحلة الشغور الرئاسي، وبذلك يتحكّم بكل شاردة وواردة ولا يكون على عجلة من أمره رئاسيًا، ويستخدم موقعه الجديد كمنصة متقدّمة في معركته الرئاسية”.

 

ودعت الأوساط المعارضة رئيس الجمهورية إلى “حسم كل هذا الجدل، ليس من خلال بيان اتهامي وتخويني، إنما عبر تأكيده انّه لن يبقى دقيقة واحدة في القصر الجمهوري بعد انتهاء ولايته، وانّه لن يلجأ إلى خيار يولِّد انقسامًا دستوريًا، وسيكون خطوة غير دستورية، لأنّ الدستور واضح على هذا المستوى، من انّ الحكومة القائمة أكانت فعلية ام حكومة تصريف أعمال تتولّى إدارة البلاد”.

 

وسألت الأوساط: “ما الجدوى من تأليف حكومة ستتحول حكومة تصريف أعمال بعد أسابيع قليلة ولن تتمكن من الاجتماع أكثر من اجتماعين او ثلاثة كحدّ أقصى، فيما الحكومة الحالية تتولّى مسؤولياتها بالحدّ الأدنى، وأي حكومة جديدة لن تكون أفضل من سابقتها في ظلّ العهد الحالي، فضلًا عن انّ حكومة نهاية العهد ستكون الأسوأ من حيث انّ العهد يريد الدخول إلى متنها بقوة من خلال توزير باسيل ومعه الثلث المعطِّل؟”. واستغربت “الكلام عن انّ الهدف من تأليف الحكومة ان تتولّى صلاحيات رئيس الجمهورية، وكأنّ هناك إرادة بالفراغ وتكرار سيناريو الانتخابات الرئاسية السابقة، فيما المطلوب وضع كل الجهود، ليس في تأليف حكومة إنما في انتخاب رئيس جديد يعيد إنتاج سلطة جديدة وينقل البلد إلى مرحلة جديدة”.

 

مبادرات إنسانية واجتماعية

على صعيد آخر، برّرت مصادر ديبلوماسية عبر “الجمهورية” فقدان اي نشاط وحراك ديبلوماسي خاص بالأزمة الحكومية. ولفتت إلى انّ الامر لا يقف عند حدّ بذاته. فمن الواضح جدًا انّ المنظومة السياسية التي نجحت بعبور الاستحقاقات الدستورية كافة وخصوصًا تلك التي أعقبت الانتخابات النيابية، اقفلت الطريق أمام سلسلة المبادرات التي أُطلقت، وانّ الحكومة التي تعهدت بمجموعة من الخطوات الاصلاحية الادارية والمالية وفي مجال الطاقة، لم تقدم على أي خطوة تعهّدت بها منذ اشهر عدة، ولم تعبّر عن النية بولوجها في المدى المقبول وكما على المدى البعيد.

 

وأضافت المصادر العليمة بكثير من أسرار المرحلة وما يدور في الكواليس العربية والغربية، انّه وبكل بساطة ما لم تتغيّر العقلية التي تدار بها الأمور، وإذا حصل فشل في عبور الاستحقاق الرئاسي الذي ستدخل البلاد مداره الدستوري بعد يومين، فسيكون ذلك مؤشرًا خطيرًا لا يمكن تجاهل تداعياته على مستقبل البلاد التي تعاني من قصور الدولة ومؤسساتها عن القيام بأقل ما هو مطلوب منها.

 

وانتهت المصادر إلى التأكيد انّ الجهود الديبلوماسية منصّبة على جملة الخطوات الانسانية والاجتماعية التي بادرت اليها اكثر من دولة وحكومة ومؤسسة دولية واقليمية، وانّ اهتماماتها في هذه الفترة لا تتجاوز حدود العمل الإنساني والاجتماعي والطبي والتربوي قريبًا، كما في مجال مساعدة المؤسسات الخدماتية، لتجاوز الظروف الصعبة التي شلت عملها على اكثر من مستوى حياتي يعني اللبنانيين في يومياتهم وأبسط حقوق الانسان.

 

مواقف

وفي جديد المواقف التي شهدتها عطلة نهاية الاسبوع، رأى رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد، خلال حفل تأبيني أقامه “حزب الله” لوالدة الشيخ راغب حرب في بلدة جبشيت “اننا نواجه أزمات لا يقدر على تحمّلها إلّا رجال امتحنت قلوبهم بالإيمان”، وقال: “يمارسون علينا اليوم حصارًا برغيف الخبز وبحبة الدواء وكلفة الإستشفاء وبتغييب النفط والغاز وما نحتاجه في حياتنا اليومية، ويمنعون الشركات الكبرى من أن تستثمر في بلادنا ويمنعون التحويلات من أهلنا في الخارج إلى داخل البلد”. وشدّد على أنّ “محور النزاع هو أيهما يصبر أكثر ويتحمّل أكثر، ومن يصبر ويتحمل يستطيع أن يحظى بالنصر الأكيد في نهاية المطاف. هناك من يحمل مشروع تلزيم هذا البلد للإسرائيلي والانسياق وراء مشروعه المتماهي مع المشروع الأميركي ومع المشاركين الذين طبّعوا، وهو المشروع الذي لا يُبقي في بلادهم خيرًا وسيحولهم متسولين في نهاية المطاف. في المقابل هناك مشروع المقاومة الذي يدعو إلى الصمود والإباء وإلى عدم الإقرار بشرعية المشروع الآخر وعدم الاستسلام للمشروع الآخر ولا القبول بالمذلة ولا الاهانة والتمسك بشعار: هيهات منا الذلة”. وختم: “أننا سنمضي نصرة لحقنا ومستضعفينا من أهلنا في استثمار ثرواتنا الطبيعية ولن نُذلّ او نخضع امام ارادة المستكبرين مهما بلغ شأنهم”.

 

عوده

وقال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عوده، خلال قداس إلهي في كاتدرائية مار جاورجيوس في بيروت بحضور حشد من المؤمنين: “ما أكثر العبيد الأشرار في بلدنا، يحصّلون حقوقهم بواسطة المناصب والكراسي التي يشغلونها، ثم ينكلون بإخوتهم البشر الذين لا يستطيعون إلى حقوقهم سبيلاً. فلو كانت لدينا محاسبة عادلة، كمحاسبة الملك للعبد الشرير، لما كان تجرأ أحد على كسب غير مشروع، أو احتكر وجع الشعب وأذلّه، وتركه دون دواء بين حي وميت”. واعتبر أنّ “المحاسبة العادلة والتوبة الصادقة تنقذ البلد مما أُدخل فيه، لأنّها توقظ كل مواطن ومسؤول وزعيم، فيتبين ما سولت له نفسه فعله بإخوته ومواطنيه. عندما يصل المرء إلى معرفة الذات، والدينونة الشخصية عوض تعيير الآخرين وإدانتهم، تستقيم الأمور ويعم السلام بين الناس”. ولاحظ انّ “اللبنانيين يحنّون بأسف ومرارة إلى القرون الماضية التي شهدت رجالات كبار وإنجازات عظيمة، ويتألمون من الحاضر بسبب بشاعته وسواده، ويخشون المستقبل لأنّ لا ضياء في الأفق”. وقال: “المواطن سئم السجالات والتوترات والتصعيد الدائم، سئم الوعود العرقوبية، سئم عدم الاستقرار والهزات السياسية والاقتصادية والقضائية، وهو يتوق إلى حياة هانئة في ظل دولة مستقرة، ونظام ثابت، وحكّام يعملون من أجل المصلحة العامة والخير العام، بنزاهة وإخلاص. وعوض ذم نظامنا وقوانيننا فلنطبّق أولًا القوانين قبل العمل على سن غيرها، ولنحترم القضاء ونبتعد عن التدخّل في أحكامه، ولنحترم المهل والاستحقاقات الدستورية، وليلتزم كل حدّه ويعمل واجبه. في اختصار، لنطبّق نظامنا الديمقراطي وأحكامه دون مواربة أو انتقائية، وبعدها تُدرس الشوائب وتُعالج”.

 

قبلان

واستذكر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في بيان الامام موسى الصدر في ذكرى تغييبه، مشيرًا الى انّه “دان التعبئة الدينية التي تعتاش على الأفران الطائفية، وحذّر من السلطة السياسية التي تبني وطنها على ركام التمييز الدستوري بين الطوائف”. وقال قبلان إنّ “البلد اليوم فريسة مشاريع مالية نقدية اقتصادية تنهش الأصول الوطنية ضمن دوامة مشاريع دولية إقليمية تريد إغراق لبنان بالأزمات الإنهاكية والقضايا المصيرية، وبدلًا من “تسونامي وحدة وطنية” أمام أسوأ كارثة تاريخية تهدّد وجود البلد، البلد اليوم ممزق طائفيًا ومحتل ماليًا فيما الحلول السياسية أشبه بخنادق وسط انتقام معيشي مالي سياسي، توازيًا مع حصار دولي إقليمي لا حدود له، والناس كذلك ضحية الدولة المطبوخة بالسم الطائفي والكارتيلات التجارية والقوانين التي تعطي مجتمع الأعمال اللبناني القدرة على تحويل لبنان “مزرعة عائلية”. واعتبر أنّ “الحل بإنقاذ الدولة من الفوضى الدستورية وانتشال البلد من دوامة الفراغ السياسي، فيما الإنقاذ المباشر يرتبط بنفط لبنان السيادي حتى لو أدّى ذلك إلى الحرب”.

 

شركات النفط تقفل

من جهة ثانية، وفي تطور لافت يوحي بوجود مشكلة كبيرة بين الشركات المستوردة للمشتقات النفطية ومصرف لبنان ووزارة الطاقة التي تلعب أدوارًا ملتبسة عن طريق مجموعة من موظفيها الكبار، عُلم من مراجع نفطية عليمة انّ مسؤولين في نقابة محطات المحروقات تبلّغت بإلغاء حجوزات اليوم الاثنين من النفط المسلّم اليها، لأنّ ابواب الشركات ستكون مقفلة، وهو ما انعكس أمس إقبالًا على المحطات أعاق الحركة في عطلة نهاية الأسبوع كما في العطلة الماضية، عندما اقفل بعضها ترقبًا لفوارق الاسعار يوم الاثنين لجنيها بالأسعار المقدّرة في حينه.

 

 

**************************

 


افتتاحية صحيفة اللواء

 

دار الفتوى يدعم ميقاتي ويطالب برئيس يحترم القسم ويلتزم به

عون يتراجع ويفتح الباب للقاء مع الرئيس المكلف.. وتجنب أزمة بنزين بعد تراكم النفايات

 

مع اقتراب دخول البلاد الخميس المقبل المهلة الدستورية بدا ان الفريق العوني ممعن في فقد اعصابه، على خلفية الكشف عن العرقلات الحاصلة بشأن تأليف الحكومة، والتمسك بشروط تعجيزية تتجاوز الدستور والمألوف ايضاً. فيما البلاد غارقة في «عتمة العهد» الموصوفة، مع انقطاع التيار عن العاصمة بيروت وسائر المحافظات، ولو بمعدل ساعة واحدة بالاسبوع او كل عشرة أيام، مع معلومات عن تتردد عن ازمة محروقات، اليوم او غداً، ستفتعلها الشركات المستوردة، والموزعة على خلفية «الجعالة بالدولار؛، بتقليل تغذية السوق بالمازوت، ولجوء عدد كبير من محطات البنزين اما برفع الخراطيم او الاقفال المؤقت للضغط والابتزاز، وذلك لرفع الدعم نهائياً عن البنزين.

ومع انضمام السفراء بالخارج للاضراب، الذي دخل شهره الثالث في ما خص موظفي الادارة العامة، ودخله قضاة لبنان الاسبوع ما قبل الماضي، برزت ازمة النفايات، مع امتناع الشركة المكلفة بجمع النفايات وفرزها بحجة عدم وجود كميات مشغلة من المازوت.

كما يقال، بلغ السيل الزبى، خرج دار الفتوى عن صمته، واعلن التحذير الحاسم من الالتفاف على القيم والمبادئ الدستورية التي أتى بها اتفاق الطائف، كما اعلن تأييده للرئيس المكلف نجيب ميقاتي في مسعاه لتشكيل الحكومة، مؤكداً الحرص على صلاحيات رئيس الحكومة في حماية المهام المنوطة به والمحددة له في الدستور واتفاق الطائف».

إلا ان مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية بعد تكذيبه «اولاد الحرام الذين يقوِّلون الرئيس ما لم يقله، ويحملونه وزر افعال لم يفعلها»، قال في بيان له ان «مواقف الرئيس عون من تشكيل الحكومة الجديدة تستند الى قناعة ثابتة، بضرورة حماية الشراكة الوطنية، والمحافظة على الميثاقية، وتوفير المناخات الايجابية التي تساهم في مواجهة الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد».

وعليه مع التشديد على عدم اضاعة فرصة تأليف الحكومة لانهاء الاستغراق في «لعبة عبثية» لا جدوى منها، لم يستبعد مصدر مطلع ان يزور الرئيس المكلف بعبدا اليوم او في اي وقت خلال الـ72 ساعة المقبلة لاستئناف البحث في التشكيلة التي قدمها لرئيس الجمهورية في 29 حزيران الماضي.

ووصفت مصادر متابعة لملف تشكيل الحكومة الجديدة مسار الاتصالات الجارية لتقريب وجهات النظر بين الرئيس عون وصهره النائب جبران باسيل والرئيس ميقاتي بانها تراوح مكانها، ولم تحقق اي اختراق ولو جزئي، لاستمرار كل طرف على مواقفه السابقة، بما قد يؤدي إلى تجميد الاتصالات والمشاورات نهائيا إذا استمرت المراوحة بملف التشكيل على حالها، وقد تطوى عملية التشكيل، وتتابع حكومة تصريف الأعمال مهماتها حتى انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون وانتخاب رئيس جديد للجمهورية.

وكشفت المصادر النقاب عن اتصالات جرت خلال اليومين الماضيين، ولكنها لم تصل الى نتائج إيجابية، بالرغم من طرح اكثر من حل لانهاء التباين الحاصل وقالت: طرح موضوع اعادة تعويم حكومة تصريف الأعمال من خلال حل مشكلة تعيين وزيرين،بدل وزير الاقتصاد ووزير المهجرين واصدار مراسيم تشكيلها من جديد، واستمر الخلاف على من يسمي الوزيرين، فأصر عون على التسمية، وهو ما رفضه ميقاتي رفضا كاملا، لانها تؤدي إلى حصول التيار العوني على الثلث المعطل والتحكم بقرارات وعمل الحكومة المعومة، ويشل حركتها متى يشاء كما فعل مرارا بالسابق .

واشارت المصادر إلى ان طرح الحكومة الموسعة الذي اقترحه عون لتضم ثلاثين وزيرا بينهم ست وزراء دولة، يتضمن حصول التيار الوطني على الثلث المعطل أيضا فيها،الامر ألذي يرفضه إلى جانب ميقاتي، معظم الاطراف المشاركين بالحكومة، ما يبقي الامور تدور في حلقة مفرغة .

وحددت المصادر ما دار في الاتصالات والمساعي المبذولة لحلحلة ازمة تشكيل الحكومة والخلافات التي تناولها النقاش وقالت ان الرئيس المكلف ابلغ هؤلاء الوسطاء، ما يقبل به وما يرفضه بوضوح، مؤكدا رفضه الكامل للحكومة الموسعة، وتمسكه بالتشكيلة الوزارية المؤلفة من ٢٤وزيرا او تعويم الحكومة الحالية من دون اعطاء اي طرف ومن بينهم التيار الوطني الحر الثلث المعطل تحت اي ظرف كان.

كما تناول النقاش بعضا من شروط ومطالب النائب جبران باسيل القديمة والجديدة ومنها ابدال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بآخر من المحسوبين على التيار، وتعيين موظفين يختارهم التيار بالمراكز الوظيفية الاساسية بالدولة ةالحصول على ضمانات بعدم فتح ملفات مقربين من التيار بالعهد المقبل. وقد ابدى ميقاتي رفضه الالتزام بتنفيذ هذه المطالب .

وفي سياق متصل، لفتت مصادر مطلعة «اللواء» إلى أن البيان الذي صدر من بعبدا اوحى وكأنه يأتي في سياق المعركة المتصلة بالملف الحكومي في حين أن نقاطه واضحة وليس المقصود منه هذا الأمر بالتحديد وأكدت أنه وضع الأمور في نصابها منعا للتحليل. من جهة ثانية، أكدت المصادر نفسها أن الملف الحكومي لم يعلق لكنه ليس في أفضل حالاته وينتظر ما قد يطرأ هذا الاسبوع في حال قام لقاء بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف.

إذاً، فيما ينتظر الجميع لقاء الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي هذا الاسبوع لإستكمال البحث في تشكيل الحكومة، استمر الاستحقاق الرئاسي طاغياً على التحركات والاتصالات والمواقف، حيث اعلن عضو مجموعة نواب التغيير النائب ميشال دويهي «اننا سنطرح سلّة أسماء لرئاسة الجمهورية، ومبادرتنا قائمة على السيادة الوطنية وإخراج لبنان من حرب المحاور وسنطلب مواعيد من كل الكتل النيابية بينها كتلة «الوفاء للمقاومة» ونريد رئيساً لكل اللبنانيين» .

وأضاف: نريد رئيس دولة وليس رئيس طائفة، والنواب التغييريون الـ13 سيكون موقفهم موحّداً بشأن المبادرة الرئاسية، ولا خلاص للبنان إلا بدولة قوية ونحن حزب الدولة اللبنانية. ولا نريد رئيساً وسطياً بل رئيساً يملك حلولاً، ونبحث عن شخص مدنيّ لتولّي رئاسة الجمهورية.

لكن عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم اوضح أن الرئيس نبيه بري «لن يدعو الى جلسة انتخاب رئيس جمهورية إلا عندما يرى أن الوقت مناسبٌ وأقله عندما تتوفر حدود الدنيا من التوافق حول اسم الرئيس». وقال: أن رئيس المجلس لم يتأخر ولا مرة عن المساعدة بتشكيل الحكومة وغير الحكومة انطلاقاً من دوره الانقاذي لتفادي الأزمات ولو انه لا يعلن عن أي جهد يقوم به.

وقال: أن لا شيء يمنع من تشكيل الحكومة ضمن مهلة الشهرين الدستورية ويمكن أن يحصل ذلك قبل دعوة الرئيس بري الى جلسة انتخاب.

المجلس الشرعي والتعطيل

وفي السياق السياسي، عقد المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى جلسته الدورية في دار الفتوى برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، وتم التداول في الشؤون الإسلامية والوطنية وآخر المستجدات على الساحة اللبنانية، واصدر بيانا تلاه عضو المجلس الشيخ فايز سيف قال فيه: توقف المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى مطولا أمام ظاهرة شاذة تتمثل في الإلتفاف حول قضية انتخاب رئيس جديد للجمهورية والإهتمام بقضية مصطنعة لتشكيل حكومة جديدة، أو تعديل الحكومة الحالية التي يترأسها الرئيس نجيب ميقاتي. ويؤكد المجلس الشرعي ان لبنان يحتاج الى رئيس جديد للجمهورية خاصة بعد سلسلة العثرات والمواقف الارتدادية عن روح الدستور اللبناني واتفاق الطائف وميثاق العيش المشترك، انه يحتاج الى رئيس جديد يحترم قسمه الدستوري ويلتزم به، غير ان ما يجري في الوقت الحاضر هو الإلتفاف على هذه القيم والمبادئ، أحيانا بالطعن بشرعية الحكومة الحالية والإلتفاف عليها، وأحيانا أخرى بطرح شعارات التمثيل الطائفي والمذهبي.

 

أضاف: بينت المرجعيات الدستورية في لبنان كيف ان هذه المواقف التعطيلية المتعمدة لدور الحكومة ولإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها تُشكّل انتهاكاً للدستور واتفاق الطائف. ويدعو المجلس الشرعي الى احترام النصوص الدستورية. ويحذر من ان الإلتفاف على هذه النصوص تحت أي ذريعة لن يؤدي إلا الى المزيد من المتاعب والإضطرابات التي تدفع لبنان نحو الهاوية، بدلا من أن تنتشله مما هو فيه من معاناة».

وتابع: يناشد المجلس الشرعي جميع القوى السياسية للتعاون والتضامن وتوحيد الصف لإيجاد الحلول الوطنية الناجعة لولادة الحكومة، ويرى أن الصيغة التي قدمها الرئيس المكلف لرئيس الجمهورية لتشكيل الحكومة هي ثمرة اللقاءات والاتصالات والمشاورات التي أجراها الرئيس نجيب ميقاتي مع القوى السياسية والتكتلات النيابية كافة لإنجاز تأليف الحكومة والتي هي الخطوة الأولى على الطريق الصحيح لإنقاذ البلد، ويؤكد المجلس دعمه وتأييده للرئيس ميقاتي في مسعاه لتشكيل الحكومة وفي الخطوات التي يقوم بها من اجل وطنه وشعبه.

وبيان الرئيس

واعلن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهوريّة أنه «منذ بداية البحث في تشكيل حكومة جديدة، تتناوب وسائل اعلام مرئيّة ومسموعة ومكتوبة على نشر اخبار وتحليلات ومقالات تَنسُب الى رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون مواقف وخطوات وإجراءات هي في الواقع ادّعاء في قراءة النوايا، وضرب في الغيب من جهة، ومحض إختلاق وإفتراء من جهة ثانية، وذلك في إطار المخطّط المستمرّ لإستهداف موقع رئاسة الجمهوريّة وشخص الرئيس، من خلال القول بوجود رغبة لديه في تعطيل تشكيل الحكومة حيناُ، او تجاوز الدستور في ما خصّ موعد إنتهاء ولاية رئيس الجمهورية أحياناً أخرى. وعلى رغم المواقف التي صدرت مباشرة عن الرئيس، او من خلال مكتب الإعلام في الرئاسة، والتي تدحض كلّ هذه الافتراءات، يواصل البعض من السياسيّين والإعلاميّين المضيّ في الترويج لسيناريوهات من نسج الخيال بهدف الإمعان في الإساءة، وخداع الرأي العام في الداخل والخارج».

وحذّرت «من تمادي البعض في دسّ الأخبار والمعلومات الكاذبة والتحريض الطائفي والمذهبي وتضليل الرأي العام وإستهداف أمن البلاد وإستقرارها، مؤكدة أنّ هذه المحاولات باتت مكشوفة ومعروفٌ من يقف وراءها».

وسط هذه الاجواء القاتمة، تحدثت معلومات مصدرها اسرائيل عن عزم الوسيط الاميركي في موضوع ترسيم الحدود آموس هوكشتاين الوصول الى بيروت، بعد تل ابيب، نهاية الاسبوع الجاري، ومعه اجوبة اسرائيلية حول النقاط التي اثارها معه المفاوض اللبناني في ما خص ترسيم الحدود والمطالب اللبنانية على هذا الصعيد.

وينتظر لبنان الاجوبة التي سينقلها من تل ابيب هوكشتاين، ليبنى على الشيء مقتضاه، في وقت تؤكد فيه التقارير عن استنفارات متبادلة على طول الحدود الجنوبية، وحوادث اطلاق نار بين وقت وآخر كما حدث امس قرب بلدة حولا الجنوبية.

لا محروقات اليوم

على الصعيد المعيشي والحياتي، توقع نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب ان لا يقرّ قانون الكابيتال كونترول بصيغته النهائية في جلسة اللجان المشتركة غداً الثلاثاء، إذ يحتاج إلى تعديلات لضمان حقوق المودعين بشكل واضح.

 

وقال بو صعب: لم أقدم قانوناً معدلاً بشأن الكابيتال كونترول، بل نقلت ملاحظات الخبراء الاقتصاديين والمصرفيين لتسهيل النقاش في جلسة اللجان المشتركة، وبالتالي ما سيناقش هو الصيغة الحكومية.

وفيما تردد أنّ الشركات المستوردة للنفط أبلغت المحطات انها ستقفل اليوم. تم التوصل ليلاً الى اتفاق على اعادة تسليم المحروقات وان المحطات ستعاود فتح ابوابها لتزويد السيارات بالمحروقات.

بالتزامن غرقت بيروت منذ أيام بالنفايات المكدّسة في الشوارع والمستوعبات، ويبدو انه كلما وقع حادث مع «النكيشة» او خلل في عمل متعهدي المطمر او الشركة المتعهدة تعاقب بيروت واهلها وسكانها بتحمل المخاطر الصحية والبيئية الناتجة عن تكدّس النفايات،وكأنه لا يكفي بيروت المشكلات التي تواجهها من انقطاع للمياه والكهرباء.

فقد علمت «اللواء» من مصادر بلدية ان اجتماعاً سيعقد عند العاشرة من صباح اليوم (الاثنين) في مكتب محافظ مدينة بيروت القاضي مروان عبود يحضره الى جانب المعنيين في بلدية بيروت ممثلون عن مجلس الانماء والاعمار وشركة داني خوري وشركة رامكو- الطاس، لمعالجة المشكلة المقائمة والتي ستفضي الى فتح المطمر مجدداً لاستقبال النفايات المكدسة في الشاحنات وأيضاً في المستوعبات والشوارع بعد اتخاذ التدابير التي يمكن اتخاذها لقمع ظاهرة «النكيشة» في المطمر تجنباً لوقوع حوادث مماثلة تعرقل عمليات التفريغ. (راجع ص 4)

600 إصابة جديدة

صحياً، سجلت وزارة الصحة العامة 600 إصابة جديدة بفايروس كورونا، وحالتي وفاة، ليرتفع العدد التراكمي إلى 1208304 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2020.

 

 

**************************

افتتاحية صحيفة الديار

 

تحرير سعر صرف الليرة مُقابل الدولار الأميركي له تداعيات كارثيّة.. وهذه أهمّها

توحيد سعر الصرف في الموازنة هو المدخل الوحيد الى استعادة الإنضباط المالي

أكثر من 45% من استيراد لبنان يذهب الى التهريب.. والدوافع ربحيّة بحت – جاسم عجاقة  

 

الإنضباط المالي للدولة هو موضوع جوهري في علم الاقتصاد، حيث يُترجم هذا الإنضباط من عدمه في عجز الموازنة وفي الحساب الجاري. وتنصّ المعادلة الحسابية على موازاة الإنفاق مع المدخول أي بمعنى أخر: إصدار سندات خزينة + الضرائب = خدمة الدين العام + الإنفاق العام. فإذا كان الإنفاق أعلى من المدخول يُصبح هناك عجز في الموازنة يتحوّل تلقائيًا إلى دين عام في أخر السنة. وتضع القوانين الإقتصادية شرطًا أساسيًا لفرض الإنضباط المالي للدولة من خلال تسجيل فائض في الميزان الأولي يكون أعلّى من خدمة الدين العام، وهو ما لم يحصل في لبنان منذ عقود.

 

أمّا على صعيد الحساب الجاري (وبالتالي ميزان المدفوعات)، فإن الإستيراد المُفرط يؤدّي حكمًا إلى عجز في ميزان المدفوعات، وهو ما يؤدّي على المدى البعيد إلى أزمة سعر صرف تفرض خفض قيمة العملة الوطنية لضمان خفض الإستيراد (ارتفاع الأسعار بالعملة المحلّية) ، وبالتالي العودة إلى مستويات يُمكن للإقتصاد تحمّلها.

 

ونصّت المهام الإقتصادية للحكومات على ثلاث مهام: ضمان التوازن الداخلي (توظيف كامل وإستقرار في الأسعار)، وضمان التوازن مع الخارج (حساب جاري قريب من الصفر)، وسعر صرف عملة يتلاءم مع المهمتين الأولى والثانية. وهذا ما فشلت فيه الحكومات اللبنانية المُتعاقبة التي سجّلت (كلها ومن دون إستثناء) عجز في الموازنة تحول إلى دين عام، وعجز في ميزان المدفوعات تحوّل إلى أزمة عملة، وبالتالي تحوّلت الأزمة الاقتصادية والمالية إلى أزمة عمّلة لا يُمكن حلّها إلا بخفض سعر صرف العملة بشكل مدروس ومُسيطر عليه مع إجراءات تطال فرض السيادة المالية للدولة على أراضيها أو بتحرير كامل لسعر الصرف وتركه للسوق السوداء، وهو ما سيؤدّي إلى كارثة إجتماعية أقل ما يُقال عنها أنها ستكون قضاء على الكيان اللبناني المُتمثّل بشعبه.

 

لا يُمكن لأي مسؤول حكومي حالي أو سابق التنصّل من مسؤوليته فيما يخص الإنضباط المالي للدولة، إذ من المعروف أن مصير كل دولة تُسجّل عجز مُزمن في الموازنة وعجز مُزمن في ميزان المدفوعات، هو التخلّف عن دفع الإستحقاقات المالية. وما علّة وجود صندوق النقد الدولي، إلا لمُساعدة الحكومات على إستعادة السيطرة على ماليتها العامّة من خلال إقراض الحكومة المعنية أموالًا بهدف القيام بإصلاحات تضمن تحقيق الإنضباط المالي، وبالتالي إستعادة التوازن على فترة القرض.

 

وهنا تكمن المُشكلة، إذ أن صندوق النقد الدولي يحمل وصفة جاهزة تتضمّن مجموعة من الشروط المُسمّاة إصلاحية والتي يفرضها كشروط بهدف إقراض الحكومة. وكلمة إصلاحية من وجهة نظر صندوق النقد الدولي، تعني بكل بساطة مجموعة إجراءات هيكلية تضمّن إستعادة الإنضباط المالي للحكومة، وضعها الاقتصادي الأميركي جيمس ويليمسون فيما يُعرف بـ «The Washington Consensus» أو «سياسات التكيف الهيكلي»: (1) عجز الموازنة أقل من 1٪ أو 2٪ من الناتج المحلي الإجمالي، (2) الإنفاق العام الموجه نحو الأنشطة التي تولد عوامل خارجية إيجابية (الصحة والتعليم والبنية التحتية)، (3) إعفاء ضريبي، (4) أسعار الفائدة يحددها السوق، (5) نظام سعر الصرف المرن، (6) إزالة الإجراءات الحمائية، (7) الانفتاح على الاستثمار الأجنبي المباشر، (8) الخصخصة بهدف تقليص عجز الميزانية والثقة بآليات السوق، (9) تحرير السوق، و(10) ضمان حقوق الملكية.

 

وتهدف هذه التدابير إلى تحقيق ثلاثة أهداف يجب أن تتبع بعضها البعض بمرور الوقت: فتح البلاد أمام التجارة الدولية (تعزيز الصادرات، وانفتاح البلد على الاستثمار الأجنبي المباشر)، وإنشاء سياسة سعر فائدة نقدية (بنك مركزي مستقل وموثوق، ومحاربة التضخم) وأخيراً، استبدال التنظيم العام بتنظيم السوق (الإشارات والحوافز من خلال أسعار السوق والخصخصة).

 

سياسات التكيف الهيكلي حصدت دعم المؤسسات الدولية مثل منظمة التجارة العالمية، وتمّ تطبيقها بنجاح في العديد من الدول. لكن هذا النموذج من السياسات أعطى نتائج كارثية في العديد من دول أميركا اللاتينية، وتسبّبت بتضخّم مُفرط بهذه الدول من خلال فشلها في تحفيز النمو الاقتصادي وإدخال الشعب في فقر مُدقع. وبالتحديد أدّى تفكيك القطاع العام وخفض الإنفاق العام في هذه الدول – بحسب قواعد الإنتظام المالي – إلى تراجع كبير في التعليم وإرتفاع في نسبة وفاة الأطفال، وإرتفعت خدمة الدين العام ومعها إنخفضت نسبة الموارد المالية المُخصصّة للشق الاجتماعي والإنمائي.

 

بشكل عام يُمكن القول إن هذه السياسات أعطت نتائج إيجابية في البلدان المُتقدّمة على الصعيد الإنمائي، والتي تتمتّع بمؤسسات إجتماعية وسياسية ثابتة، ولكنها فشلت بدون أدنى شك في البلدان الأقل تقدّمًا لا بل على العكس، كانت كارثية من ناحية إضعاف دولة الرفاهية التي كانت موجودة وبالتالي زيادة الفقر، وتطور مافيات أخذت مكان الدولة في العديد من المجالات… ولكن المُلفت أن الدول التي طبّقت سياسات التكيّف الهيكلي بحذافيرها هي التي تدهور واقعها الاجتماعي والإقتصادي أكثر (Deubel 2008).

 

على هذا الصعيد، أصبح الاقتصادي الأميركي جوزيف ستيجليتز والحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد رأس حربة في إنتقاد المفهوم الليبيرالي «الفريد» للتنمية الذي يتبعه صندوق النقد الدولي، وأعطى هذا المفهوم عبارة «تعصّب السوق» المفترض أنه قابل للتطبيق على كل دول العام بغض النظر عن هياكلها الاجتماعية والإقتصادية. وهو ما دفع ستيجليتز إلى الإستنتاج أن هذا المفهوم محكوم بالفشل. للتذكير أن ستيجليتز كان نائب الرئيس السابق وكبير الاقتصاديين في البنك الدولي وقد إستقال من مصبه في العام 2000 إعتراضًا على السياسات المُتبعة خصوصًا من صندوق النقد الدولي.

 

الواقع اللبناني الذي يتميّز بضعف مؤسساته الدستورية والإدارية العامة، يقع أكثر في خانة البلدان المرشّحة للفشل، حتى ولو تمّ تطبيق الإصلاحات التي يُطالب بها صندوق النقد الدولي. لكن هذا لا يعني بأي شكل من الأشكال أنه لا يجب التوقيع على إتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي أو أنه لا يجب القيام بالإصلاحات!! على العكس، لكن المقصود أنه يتوجّب على الحكومة – التي لا تقوم بما يلزم لأخذ خصوصية الهيكلية الاجتماعية والإقتصادية اللبنانية بعين الإعتبار – أن تكون منتبهة أكثر على طلبات صندوق النقد الدولي، وأن تأخذ بعين الإعتبار التداعيات الكارثية لبعض الإجراءات التي قد تؤدّي إلى وضع أسوأ مما هو عليه اليوم.

 

على رأس هذه الإجراءات تحرير سعر صرف الليرة اللبنانية مُقابل الدولار، والذي إذا تمّ فرضه من دون أن يكون التعويم موجّه، سيؤدّي إلى ارتفاع مستطرد لسعر دولار السوق السوداء إلى مستويات تفوق المئة ألف ليرة لبنانية للدولار الواحد، خصوصًا أن الدولة لا تمارس واجبها الرقابي على السوق في ظل وجود إحتكارات وتهريب وتلاعب في سعر دولار السوق السوداء بشكل مفضوح وغياب قوانين المنافسة وغيرها من الإجراءات التي يتوجّب أن ترافق أي عملية تعويم موجّه (وليس كامل) لليرة اللبنانية في المرحلة المُقبلة.

 

تقديراتنا تُشير إلى أن ما بين 45% إلى 50% من الإستيراد اللبناني يذهب إلى التهريب بهدف الربحية بحكم أن التهريب لا يقتصر على بلد واحد، بل أن البضائع المستوردة تجد طريقها إلى العديد من البلدان المجاورة. وهنا يُطرح السؤال: كيف يُمكن لمصرف لبنان أو الحكومة السيطرة على الكتلة النقدية بالدولار الأميركي، ضمان إستقرار سعر الصرف في ظل هذا الحجم من التهريب؟ المعروف أنه من شبه المستحيل السيطرة على الكتلة النقدية بالدولار الأميركي في ظل التهريب الذي لا يُخالف قواعد اللعبة الإقتصادية فقط، بل يضع لبنان تحت خطر فرض عقوبات أميركية نتيجة مُخالفته قانون قيصر. أيضًا، لا يُمكن لمصرف لبنان أو الحكومة ضمان إستقرار الأسعار في ظل فلتان كلّي في عالم التجارة في لبنان، حيث أن هوامش الربح لدى التجار تخطّت مستويات تاريخية ليس فقط في لبنان، بل في العالم!! المُحاكاة التي قمّنا بها تُشير إلى نسب أرباح تتخطّى المئة بالمئة على بعض السلع وهو ما يجعل هيكلية الأسعار وبالتالي التضخمّ مُصطنع وليس حقيقيا. وهو ما يعني أن أي إجراء ستقوم به الحكومة لا يتضمّن وجود تنافسية كبيرة ومُحاسبة للمخالفين، لن يُعطي مفعوله وسينعكس على الشعب.

 

من هنا، نرى أن خطورة ما تطرحه الحكومة من ناحية فرض سعر منصّة صيرفة على الإيرادات، على أن يتمّ رفعه إلى سعر السوق السوداء لاحقًا، سيؤدّي حكمًا إلى عملية إنتحارية على صعيد الاقتصاد والمالية العامة والنقد! هذا التحذير موجّه بالدرجة الأولى للحكومة ولفريقها المفاوض إذ لا يُمكنهم تطبيق نظريات لا تنطبق على الواقع اللبناني! أي عملية تصحيح نقدية بهدف إستعادة السيطرة على ميزان المدفوعات من دون أي إجراءات مواكبة هي عملية محكومة بالفشل، والأجدى وقف التهريب الذي سيُقلّل للنصف حجم الإستيراد على أن يتمّ بعدها القيام بعمليات تصحيحية سواء على الصعيد النقدي أو على الصعيد الجمركي بهدف إستعادة السيطرة على المالية العامة.

 

من هذا المُنطلق، نرى أن المنهجيّة الأصح تنصّ على توحيد سعر الصرف موازنة العام 2022 وذلك في الإيرادات والمدفوعات، على أن يتمّ إتخاذ إجراءات لإستعادة السيادة المالية على الأراضي اللبنانية إجراء إصلاحات. وهنا نعني وقف عمليات التهريب، وتحسين الجباية، ومُكافحة التهرّب الضريبي، ومُحاربة الاقتصاد النقدي، ومُحاربة التطبيقات الإلكترونية لسعر الصرف، وتطبيق قانون التنافسية لتحرير الاقتصاد من قبضة قلّة من التجار، وإقرار قانون الكابيتال كونترول، وقانون إعادة هيكلة المصارف، وتخلّي الحكومة عن خطّتها الجهنّمية لتذويب ديونها على حساب المودعين، وحلّ مُشكلة الكهرباء من خلال الشراكة مع القطاع الخاص، وإلغاء المؤسسات غير المجدية كما نصّ عليه تقرير لجنة المال والموازنة في العام 2019، وإستعادة هيبة مؤسسات الدولة وعلى رأسها الرقابية والإدارة العامة التي من المفترض أن يتمّ مكننتها اليوم قبل الغد. من دون هذه المنهجية التي تفرض قضاءً مستقلًا، نرى أن رفع الدولار الجمركي وغيرها من الإجراءات المجتزأة، لن تسمح للحكومة بوضع لبنان على السكة الصحيحة.

 

هذه المنهجية يُمكن بحثها والتفاوض بشأنها مع صندوق النقد الدولي الذي سبق وقبل في عدّة بلدان بالحفاظ على سعر صرف ثابت خلال فترة الإصلاحات ونجحت من خلاله هذه الدول من الخروج من أزمتها.

 

 

***********************

افتتاحية صحيفة الشرق  

 

«المجلس الشرعي » يحذّر من المسّ بموقع وصلاحيات الرئاسة الثالثة

المسّ بصلاحيات الرئاسة الثالثة من أجل مصالح فئوية يستهدف لبنان

 

عقد المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى جلسته الدورية في دار الفتوى برئاسة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان وتم التداول في الشؤون الإسلامية والوطنية وآخر المستجدات على الساحة اللبنانية، واصدر بيانا تلاه عضو المجلس الشيخ فايز سيف الاتي نصه:

 

توقف المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى مطوّلاً أمام ظاهرة شاذة تتمثل في الإلتفاف حول قضية انتخاب رئيس جديد للجمهورية والإهتمام بقضية مصطنعة لتشكيل حكومة جديدة، أو تعديل الحكومة الحالية التي يترأسها الرئيس نجيب ميقاتي .

 

يؤكد المجلس الشرعي ان لبنان يحتاج الى رئيس جديد للجمهورية خاصة بعد سلسلة العثرات والمواقف الإرتدادية عن روح الدستور اللبناني واتفاق الطائف وميثاق العيش المشترك، انه يحتاج الى رئيس جديد يحترم قَسَمه الدستوري ويلتزم به ، غير ان ما يجري في الوقت الحاضر هو الإلتفاف على هذه القيم والمبادئ، أحياناً بالطعن بشرعية الحكومة الحالية والإلتفاف عليها، وأحياناً أخرى بطرح شعارات التمثيل الطائفي والمذهبي.

 

لقد بيّنت المرجعيات الدستورية في لبنان كيف ان هذه المواقف التعطيلية المتعمدة لدور الحكومة ولإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها تشكل انتهاكاً للدستور واتفاق الطائف.

 

يدعو المجلس الشرعي الى احترام النصوص الدستورية. ويحذّر من ان الإلتفاف على هذه النصوص تحت أي ذريعة لن يؤدي إلا الى المزيد من المتاعب والإضطرابات التي تدفع لبنان نحو الهاوية، بدلاً من أن تنتشله مما هو فيه من معاناة.

 

يناشد المجلس الشرعي جميع القوى السياسية للتعاون والتضامن وتوحيد الصف لإيجاد الحلول الوطنية الناجعة لولادة الحكومة، ويرى أن الصيغة التي قدمها الرئيس المكلف لرئيس الجمهورية لتشكيل الحكومة هي ثمرة اللقاءات والاتصالات والمشاورات التي أجراها الرئيس نجيب ميقاتي مع القوى السياسية والتكتلات النيابية كافة لإنجاز تأليف الحكومة والتي هي الخطوة الأولى على الطريق الصحيح لإنقاذ البلد، ويؤكد المجلس دعمه وتأييده للرئيس ميقاتي في مسعاه لتشكيل الحكومة وفي الخطوات التي يقوم بها من اجل وطنه وشعبه.

 

ويبدي المجلس الشرعي حرصه على صلاحيات رئيس الحكومة في ممارسة المهام المنوطة به والمحددة له في الدستور واتفاق الطائف، ولاسيما في ما يتعلق بتشكيل الحكومة لا يمكن المس بهذه الصلاحيات تحت أي ذريعة أو مصالح فئوية لأنها تستهدف لبنان وعيشه المشترك وهي قضية وطن وبناء دولة، مما ينبغي الترفع عن الحسابات الضيقة فيها.

 

ويعرب المجلس عن ألمه الشديد لفشل أجهزة الدولة في معالجة الأزمة المعيشية الخانقة التي يعاني منها اللبنانيون، سواء لجهة ارتفاع سعر صرف الدولار دون حسيب أو رقيب،  وبالتالي لارتفاع أسعار المواد الغذائية. واخطرها الأقساط المدرسية والجامعية التي أضحت تدفع بالعملتين اللبنانية والأميركية.

 

ويدعو المجلس الشرعي كافة المسؤولين الى إيلاء هذه القضايا المعيشية والاجتماعية والحياتية العناية والاهتمام والمعالجة الفعّالة، بدلاً من الدوران في حلقات مفرغة من الإتهامات والاتهامات المعاكسة. فالمواطن يريد خبزاً لا جعجعة.. ويريد عيشا كريما ودواء وعلاجاً وليس وعوداً كاذبة.

 

وشدد المجلس الشرعي على ان قضية النازحين السوريين هي قضية لبنانية وعربية ودولية وتتطلب المزيد من الجهود لوضع حد للمأساة التي لا يستطيع لبنان ان يتحملها بمفرده ما يستدعي دعما عربيا ودوليا للبنان في هذه القضية الإنسانية.

 

ويؤكد المجلس الشرعي ان التعرض للمملكة العربية السعودية ولسائر دول مجلس التعاون الخليجي بين الحين والأخر امر مرفوض ويشكل إدانة للبنان الحريص على علاقاته مع دول الخليج العربي التي نريد أن تكون علاقاتنا معها على افضل مستوى، واي تهديد للسفارة السعودية او أي سفارة عربية أخرى هو تهديد للأمن الوطني والسلم في لبنان، وهذا بعناية الأجهزة الأمنية المختصة التي نثق بأدائها.

 

ويناشد المجلس خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين محمد بن سلمان ودول مجلس التعاون الخليجي إلى عدم التخلي عن لبنان وتركه في محنته فلبنان عربي الهوية والانتماء ولن يكون إلا مع إخوانه العرب.

 

ولمناسبة ذكرى العدوان الإسرائيلي على المسجد الأقصى واستمرار هذا العدوان يوماً بعد يوم، وأسبوعاً بعد أسبوع، فان المجلس يهيب بدول العالم الإسلامي خصوصا جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، العمل على تنفيذ المقررات التي سبق أن صدرت عن مؤتمرات القمم العربية والإسلامية لجهة تحرير المقدسات العربية والاسلامية من براثن الاحتلال الصهيوني.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram