افتتاحية صحيفة البناء:
سجال واتهامات بين لبيد ورئيس الموساد حول الموقف الأميركيّ من الاتفاق النوويّ مع إيران
نيويورك تايمز: محور المقاومة قرّر الردّ على الغارات «الإسرائيليّة» باستهداف المواقع الأميركيّة
مأزق حكومة ميقاتيّ مع صندوق النقد يرفع أسهم الحكومة الجديدة… رغم السجالات مع بعبدا
الارتباك الإسرائيلي هو أقل ما يمكن أن توصف به الحال بين قادة الكيان في التعامل مع الملفات الساخنة، انطلاقاً من الانسداد الذاهب الى التصعيد مع المقاومة الفلسطينية في ظل التنكّر للاتفاقات ومواصلة الحملات وما ينتظر المسجد الأقصى، بينما المقاومة ذاهبة الى ترجمة وحدة الساحات مجدداً بأشكال متعددة، مروراً بالوضع المعقد مع لبنان بين خياري التسليم بالمطالب اللبنانيّة في ملف النفط والغاز في الترسيم والاستخراج، تفادياً لمواجهة خاسرة قرّر حزب الله المخاطرة بخوضها ويثق بقدرته على الفوز بها، أو الذهاب الى المواجهة وما تحتمله من قفز في المجهول، وصولاً الى الملف الساخن للتفاوض الأميركي مع إيران حول ملفها النوويّ، وشعور قادة الكيان بمحدودية قدرتهم في التأثير على القرار الأميركي في ضوء المتغيرات الاستراتيجية التي شهدتها معادلات وتوازنات المنطقة، وهو ما دفع برئيس حكومة الكيان يائير لبيد للتخلّي عن لغة الانتقاد للموقف الأميركي والانتقال الى التأقلم مع السقوف الأميركية الذاهبة نحو توقيع الاتفاق كما تجمع كل التقارير الإسرائيلية، وبالمقابل الشعور بالنتائج الكارثيّة على معادلات القوة في المنطقة بين كيان الاحتلال ومحور المقاومة، إذا تمّ توقيع الاتفاق دون المساس بقدرة إيران الصاروخيّة، والتسليم بعد القدرة على وضع ملف علاقتها بقوى المقاومة بنداً للتفاوض، وهذا ما عبر عنه رئيس الموساد دافيد برنيغ، وقد تحوّل الارتباك الى سجال واتهامات بين لبيد وبرنيغ الذي وصف سلوك لبيد المجامل للأميركيين بأنه غير مهنيّ، وقال إن كلامه عن تغيير في الموقف الأميركي يأخذ بالحساب التحفظات الإسرائيلية تجميليّ وفي غير مكانه، «لأننا لا نعلم ما الذين يدور فعلياً بين الإيرانيين والبيت الأبيض رغم ما يقوله رئيس الوزراء».
في سياق إقليميّ موازٍ، مع تصاعد الوضع في سورية بين عمليات المقاومة الشعبية السورية وقوات الاحتلال الأميركيّ، كان لافتاً ما نشرته النيويورك تايمز عن مسؤولين أميركيين بأن محور المقاومة قرّر الردّ على الغارات الإسرائيلية على سورية بتصعيد استهداف القوات الأميركيّة، وأن محاولة أميركيّة للتهدئة مع ايران قد باءت بالفشل، حيث نقلت قول مسؤول أميركي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة مسائل أمنية حساسة، إن الأميركيين أوضحوا لإيران، من خلال القنوات الخاصة والعامة، أنهم لا يحاولون تصعيد الأعمال العدائية، ولكنهم سعوا فقط لحماية المصالح الأميركية، ونقلت نيويورك تايمز عن مسؤولين أميركيبن كبار أن هجمات 15 أغسطس / آب على القاعدتين الأميركيتين في سورية ربما كانت محاولة إيرانية للانتقام من هجوم إسرائيلي سابق باستهداف حلفاء «إسرائيل» للولايات المتحدة. لكن إيران نفت أي صلة لها بالجماعات في سورية.
لبنانياً، يعتقد مصدر سياسي بارز أن ثلاثة ملفات تضغط اليوم لصالح تشكيل حكومة جديدة، الأول هو الاحتمالات الجدية للتوصل الى تفاهم حول ملف النفط والغاز والحاجة لإتمامه دستورياً بطريقة لا تحتمل الشبهات، باعتباره أمراً تاريخياً ومصيرياً ولا يجوز البت به من حكومة تصريف أعمال تضعف مكانة أي قرار يصدر عنها، والملف الثاني هو الاستحقاق الرئاسيّ مع ظهور مواقف وتصريحات من محيط مقرّب لرئيس الجمهورية تضع فرضية تسليم صلاحيات الرئاسة لحكومة تصريف أعمال موضع نقاش، ما يجعل الضمان الموثوق بعدم الوقوع في مخاطرة بقاء رئيس الجمهورية في بعبدا بعد نهاية ولايته، رغم تأكيده الدائم على قراره مغادرة القصر الجمهوري مع نهاية ولايته، عبر تشكيل حكومة جديدة تتولى صلاحيات الرئاسة وتقطع أي شك ببقاء الرئيس في بعبدا، والذين يخشون من الثمن المطلوب دفعه حكومياً لتأمين تشكيل الحكومة، مطالبون بمنع وقوع الفراغ الرئاسي طالما بيدهم التوصل الى توافقات تضمن انتخاب رئيس للجمهورية ضمن المهلة الدستورية، أما الملف الثالث برأي المصدر فهو ما بات ثابتاً من عجز الحكومة الحالية عن ضمان إنجاز أي من الملفات التي تم الاتفاق عليها مع صندوق النقد الدولي، وفشل إحالة هذه الملفات الى مجلس النواب، طالما أن لا سياسة حكومية ثابتة وموحدة في مقاربة الملفات العالقة.
لم يُسجل أيّ جديد على صعيد المشهد السياسيّ في ظل المراوحة الحكوميّة بعد السجال الأخير على خط القصرَيْن الجمهوريّ والحكوميّ، بموازاة برودة تطغى على ملف انتخابات رئاسة الجمهورية والتأخير بإعلان المرشحين والتريّث بحسم المواقف والتحالفات، فيما يلف الغموض ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية وزيارة الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين الى لبنان لاستئناف المفاوضات وحسم الخيارات عشيّة بدء العدو الاسرائيلي استخراج الغاز من حقل كاريش.
وأشارت مصادر «البناء» الى أن ملف تأليف الحكومة مرهون باستكمال الاتصالات الجارية بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي والوسطاء، وما قد تحمله الأيام المقبلة من نتائج»، وكشفت أن «الباب لم يغلق كلياً على التأليف ولا يزال هناك متسع من الوقت لتذليل العقد وإنجاز التشكيلة الحكومية وصياغة بيانها الوزاري ومنحها الثقة النيابية لتكون جاهزة لتسلّم صلاحيات الرئاسة إن وقع الفراغ». ولفتت المصادر الى أن «مهلة تأليف الحكومة مستمرّة حتى تقديم الرئيس المكلف اعتذاره أو إسقاط التكليف من يد الرئيس المكلف فور انتخاب رئيس جديد للجمهورية وليس للأول من أيلول، كما تقول بعض الاجتهادات بأن المجلس النيابي لا يستطيع منح الحكومة الجديدة الثقة بسبب تحوّله الى هيئة ناخبة».
وفي هذا السياق، لفتت أوساط نيابيّة في كتلة التنمية والتحرير لـ»البناء» الى أن «المجلس النيابيّ لا يتحول الى هيئة ناخبة إلا في جلسات الانتخاب وفي آخر عشرة أيام من المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس، لكن بعض الاجتهادات تقول إنه بمجرد دعوة الرئيس لأول جلسة انتخاب يتحوّل الى هيئة ناخبة».
وعن موقف الكتلة من توسيع الحكومة الى 30 وزيراً، ردت الأوساط بأن «ما يتم التوافق عليه سنكون أول وأكثر المسهلين له ومهمة تأليف الحكومة في عهدة رئيس الجمهورية والرئيس المكلف».
وإذ علمت «البناء» أن الوسطاء ينشطون بين عون وميقاتي لتجسير الهوة بينهما وتضييق نقاط الخلاف، اتهمت جهات سياسية النائب جبران باسيل بوضع العصي في دواليب الحكومة بجملة شروط ومطالب لتعزيز حضوره وموقعه في المعادلة السياسية والوزارية بعد نهاية العهد الرئاسي. في المقابل اتهم مصدر نيابي في التيار الوطني الحر عبر «البناء» الرئيس المكلف بأنه لا يريد تأليف حكومة منذ تكليفه ويرمي كرة التعطيل على رئيس الجمهورية وعلى رئيس التيار جبران باسيل، فإذ به يتحجج بشتى الذرائع ويغيب بسفرات نقاهة وسياحة ثم يأتي ويرمي «فتيشة» ثم يرحل شهراً ويعود بعدها، لكن يبدو أن ميقاتي كسر نقاهته في الخارج وعاد الى لبنان منذ أسبوع ليستأنف التأليف بعدما تلقى ضغوطاً خارجية لضرورة تأليف حكومة قبل الدخول بمرحلة الفراغ الرئاسي لاحتواء اي انهيار اقتصادي واجتماعي وأمني مقبل وبعدما تيقن بأنه لا يمكنه قيادة البلاد ورئاسة الحكومة بحكومة التصريف الحالية». وأوضح المصدر لــ»البناء» أن توسيع الحكومة الى ثلاثين وزيراً مجرد طرح من رئيس الجمهورية وخاضع للنقاش وليس مصرّاً عليه ورئيس الجمهورية مستعد لنقاش كافة الصيغ والاقتراحات». ويعتبر المصدر أن «ميقاتي صاحب المصلحة الوحيدة بتأليف الحكومة لكونه سيفقد صفة الرئيس المصرف للأعمال والمكلف فور الدخول بفترة الفراغ الرئاسي». ويعزو المصدر تأخر تأليف الحكومة بمحاولة ميقاتي تأليف حكومة لكسر الموازين السياسية والطائفية السابقة، لكنه اصطدم بوجود رئيس جمهورية يطبق الدستور ويمارس صلاحياته وعلى الرئيس المكلف التفاوض والنقاش معه لتأليف الحكومة».
وأفادت مصادر لـ «المنار»، بأن «تراشق البيانات بين رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء تفصيل لا علاقة له بمسار التأليف ولا يؤثر عليه، وإن كان يعكس لا إيجابية غير مستترة»، وأشارت الى أن «الباب على إمكانية تشكيل الحكومة لا يزال مفتوحاً ولا أحد لا يملك قدرة الحسم بثقة بأن الأمل انعدم بإنجاز التأليف على قاعدة أن في لبنان لا شيء مستحيل سياسياً».
أما قناة الـ»أو تي في» المحسوبة على التيار فأشارت الى أن «البيانين بين السراي الحكومي وقصر الجمهورية لم يؤثرا على الاتصالات الجارية لتشكيل الحكومة، وضروري الاستيضاح مما أزعج رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في تصريح السفير كرم لأنه لا يُفهم حتى الآن السبب وليس هناك أي جواب».
ونفت المصادر، كل ما يُشاع في وسائل الإعلام من أسماء، وأشارت الى أن «رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة لم يدخلا في عملية طرح أسماء، وهما لم يتفقا بعد على تشكيل الحكومة». وأضافت: «يبدو أن الباب مفتوح «نص فتحة»، أي أنه لا مغلق ولا مفتوح على مصراعيه، والأمور فيها نوع من المراوحة».
ووجّهت حركة أمل دعوة لرئيس الجمهورية لحضور المهرجان الذي تقيمه الحركة بذكرى تغييب الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه في 31 آب المقبل، وإذ من المتوقع أن يطلق رئيس الحركة رئيس مجلس النواب نبيه بري مواقف بارزة من جملة الملفات والاستحقاقات والقضايا الداخلية والخارجية لا سيما ترسيم الحدود والحكومة وانتخابات الرئاسية، ويفصح عن موعد الدعوة لأولى جلسات الانتخاب، لفتت أجواء مقربة من عين التينة لـ»البناء» أنه لم يطلق العنان لسباق الرئاسة كما هو واضح الا بعد الدخول في المهلة الدستورية، وعندما تتوفر الظروف المؤاتية المستندة الى توافق حول الاستحقاق سيدعو عندئذٍ رئيس المجلس الى جلسة.
ويستعجل مجلس النواب إقرار التشريعات والقوانين الضرورية التي يطلبها صندوق النقد الدولي قبل تحوّله الى هيئة ناخبة لا سيما مشروع الموازنة والكابيتال كونترول، وأشارت مصادر مجلسية لــ»البناء» الى أنه «عندما تنهي لجنة المال والموازنة تقريرها حول الموازنة سيدعو الرئيس للجلسة وربما تكون خلال أول عشرة أيام من أيلول، أي خلال النصف الأول من أيلول.
ووسط هذا الجمود القاتل في إنجاز الاستحقاقات الحالية والاستعداد للاستحقاقات الداهمة، تتقدّم الملفات الحياتية والمالية والاقتصادية في ظل تفاقم الأزمات وسعي حكومة تصريف الأعمال لمعالجتها بأنصاف الحلول لتعثر الحلول الجذرية.
وتفاقمت أزمة الكهرباء مع دنو البلاد من العتمة الشاملة، لكن وزارة الطاقة سارعت لاحتواء الموقف وعرض خطة مؤقتة وسريعة لتفادي الظلام الدامس عبر الاستعانة بمعملي الجية والذوق بعد خروج معمل دير الزهراني عن الخدمة لنفاد الفيول والتوجه لزيادة التغذية الكهربائية بالتوازي مع زيادة التعرفة.
واستقبل رئيس الجمهورية أمس، وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض الذي أطلعه على التطوّرات المتصلة بأوضاع التيار الكهربائي والمحروقات.
وبعد اللقاء قال فياض للصحافيين: «تمّت الاستفادة من فيول معملي الذوق والجية، وذلك عند نفاد كمية الفيول من معمل الزهراني ما يسمح بتفادي العتمة الشاملة. كما تطرقنا الى موضوع تجديد العرض العراقي الذي يسمح للبنان بأخذ مليون طن فيول اضافي بعد نفاد اول كمية، مع العلم ان هذه الكمية تستطيع تأمين حوالى ثلاث ساعات من التغذية الكهربائيّة، وكي نتمكن لاحقاً من تحقيق عدد ساعات أكبر من التغذية. وكنا نعوّل سابقاً على البنك الدولي والغاز المصري والكهرباء من الاردن، إلا أن البنك الدولي وضع شروطاً جديدة، كزيادة التعرفة ووضع خطة لتغطية الكلفة والبدء بإجراءات إنشاء الهيئة الناظمة، ونحن من جهتنا نعمل على هذا الموضوع وقد حصلنا على قرار من مجلس إدارة كهرباء لبنان بزيادة التعرفة تزامناً مع زيادة التغذية، بحيث نستطيع إعطاء اللبنانيين كمية من التغذية بكلفة أقل من نصف سعر المولدات الخاصة وإذا تمت الموافقة على رفع التعرفة، سنتمكن من تأمين ساعات تغذية إضافية، وذلك فقط بعد توقيع عقد للحصول على فيول إضافي، إذ نحن في حاجة الى 150 الف طن من الفيول لنتمكن من إعطاء 8 الى 10 ساعات من الكهرباء».
ولا يزال النقاش محتدماً حول رفع الدولار الجمركي، وعلمت «البناء» أن سعر 12 ألف ليرة للدولار الجمركي يمكن أن يكون نقطة توافق ورضا من أكثرية الكتل النيابية لأنه لا بد من إيرادات كي لا نقع في زيادة العجز ونحن بغنى عن ذلك».
إلا أن نائب رئيس حكومة تصريف الأعمال، سعادة الشامي، أصرّ على رفع الدولار الجمركي الى 20 ألفاً، ولفت الى أنّ «معظم المعاملات في لبنان لا تتم على سعر الصرف الرسميّ، بل على سعر صرف السوق باستثناء الضرائب والرسوم الجمركية التي تشكل السواد الأعظم من موارد الخزينة مما ينتج فجوة شاسعة بين الإيرادات والنفقات. بالإضافة لذلك، فوجود أسعار صرف متعددة يفسح مجالاتٍ وفيرة للتلاعب ويخلق تشوّهات كبيرة في الاقتصاد الوطني، لذلك من المفضل ربط «الدولار الجمركي» بسعر الصيرفة والذي سيصبح السعر الرسمي الوحيد عندما تُلغى جميع أسعار الصرف الأخرى لتتحوّل منصة صيرفة إلى منصة فعلية لتلقي العرض والطلب على الدولار والعملات الأجنبية الأساسية الأخرى، وذلك تبعاً لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي أقرَّته الحكومة اللبنانية». ورأى أنه «من الضروري توحيد أسعار الصرف تمهيداً لاعتماد سعر صرف مَرِن يعكس الأساسيات الاقتصادية والمالية والنقدية».
على مقلب آخر، عاد ملف السجون الى الواجهة، في ضوء الحديث عن ظروف صحية مأساوية يعيشها السجناء بظل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في البلد من نقص في الغذاء وانقطاع الكهرباء والدواء والاستشفاء ما يسبّب بموت بعض السجناء، ولهذه الغاية وجّه الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكيّة، بتوجيه من رئيس الحكومة، كتابًا الى وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي، لإجراء تحقيق فوري وعاجل بشأن ما يُحكى عن وضع صحيّ مستجدّ في سجن رومية نتجت عنه وفاة عدد من السجناء، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة الموضوع في حال صحته بالسرعة الممكنة.
من جهتها، أعلنت وزارة المالية في بيان أن «الوزارة أنهت اليوم إجراءات إحالة مبلغ عشرة مليارات ليرة لبنانية من احتياط الموازنة للعام 2022 وفق مرسوم نقل اعتماد لمصلحة وزارة الداخلية والبلديات – المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي والسجون لتأمين جزء من الاعتماد لتغذية السجناء من مواد ووجبات غذائية».
في المواقف، حذّر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان من أن «البلد مهدّد بأسوأ أنواع الكوارث، والحلّ بضغط وطني عابر للطوائف على الطبقات السياسية، لإنقاذ البلد من أنياب المتاريس السياسيّة التي تتذابح على جثة وطن اسمه لبنان».
ولفت الى أن «أوكسجين لبنان يمرّ عبر سورية، والعكس صحيح، فالقطيعة مع سورية خنق متعمّد للبنان، والسلطة السياسية التي تصرّ على قطيعة دمشق، سلطة غير نظيفة، وخاصة تجاه المصالح الوطنية، فمن يخاف على مصالحه في الخارج فليذهب للخارج، وليدع لبنان، ومن يعتقد أن تطويع لبنان يمرّ عبر الحصار الاقتصادي، وعبر سياسات الفقر والقهر والاختراق السياسي والنقدي والاقتصادي، أؤكّد أنه سيتفاجأ جداً لأن الأوراق الوطنية المخفيّة أكبر مما يتصوّر لوبي الحصار».
*******************************
افتتاحية صحيفة الأخبار:
صفر كهرباء خلال أسبوعين؟
تهدّد العتمة الشاملة المناطق اللبنانية مع وقف «نعمة» الساعة أو الساعتين من التغذية اللتين يوفرهما الفيول العراقي بموجب اتفاق التبادل بين بيروت وبغداد. وبما أن وصول الشحنة المُقبلة من الفيول العراقي سيستغرق أكثر من شهر، وفي ظل عجز الخزينة عن توفير «فريش دولار» لشراء الفيول، ومع اقتراب توقف معمل الزهراني عن العمل، فإن «الحلّ» الذي أعلنَ عنه وزير الطاقة وليد فياض، من قصر بعبدا أمس، عن استخدام الفيول «غرايد ب» المُخزّن في معملي الذوق والجية بالكاد يكفي لأسبوعين. إذ لا يتعدّى حجم كمية هذا النوع من الفيول الـ 40 ألف طن.
ويؤمّن معمل الزهراني 230 ميغاواط بينما توفّر المعامل الكهرومائية 50 ميغاواط ما كانَ يُتيح استمرار تشغيل المرافق العامة في البلد، في مقابل ساعة تغذية أو ساعتين للمواطنين. إلا أن نفاد الفيول سيوقف معمل الزهراني عن العمل، على أن يخصص إنتاج المعامل المائية لتغذية مخارج تابعة لمؤسسة الليطاني، ولتغذية المطار.
وبحسب مصادر مطلعة فإن فياض تراجع عن رفضه طلباً تقدمت به سابقاً مؤسسة كهرباء لبنان لاستخدام هذا النوع من الوقود الذي يشغّل المحركات الأساسية في معملي الذوق والجية بسبب الكفاءة المتدنية للمعملين وفارق السعر بين الفيول «أ» و«ب». وأوضحت أن قرار فياض جاء بعد تدخل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي للجوء إلى أي حلّ لتفادي العتمة الشاملة، لكنها شدّدت على أن ذلك «لا يبعد تهديد الظلام المُطبق الذي يُمكن أن يقع في أي لحظة. إذ إننا نواجه مشكلة أخرى تتعلق بالشبكة التي تفاقمت رداءتها. والسبب أن الإنتاج المتدني يؤثر في استقرار الشبكات التي يجري تشغيلها بصعوبة. لذلك، حتى لو جرى تأمين الفيول فإن احتمال انفصال الشبكة عن العمل يبقى وارداً في أي لحظة». فيما يواصل رئيس الحكومة مكابرته ويبدو مستعداً للخوض في حل ترقيعي على أن حساب أي موقف ايجابي من الهبة الايرانية، ولا يزال يماطل، تحت ضغوط السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا، في تشكيل وفد تقني يتوجه إلى طهران لبحث العرض الايراني كما وعد، أو على الأقل إرسال كتاب رسمي إلى طهران يبدي موافقة لبنان على العرض غير المشروط.
فياض أعلن أنه ومجلس إدارة كهرباء لبنان وافقا على زيادة التعرفة تزامناً مع زيادة التغذية، «والمطلوب الآن موافقة وزارة المال ثم الحكومة، ومن الممكن أن تكون هذه الموافقة استثنائية من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة»، مشيراً إلى أنه «إذا تمت الموافقة على رفع التعرفة، سنتمكن من تأمين ساعات تغذية إضافية بعد توقيع عقد للحصول على 110 آلاف من الفيول الإضافي، إلى جانب الـ 40 ألف طن من العراق، لنوفر 8 إلى 10 ساعات من الكهرباء بكلفة أقل من نصف سعر المولدات الخاصة». ولفت إلى «أننا كنا نعوّل سابقاً على البنك الدولي والغاز المصري والكهرباء من الأردن، إلا أن البنك الدولي وضع شروطاً جديدة، كزيادة التعرفة ووضع خطة لتغطية الكلفة والبدء بإجراءات إنشاء الهيئة الناظمة، ونحن نعمل على هذا الموضوع».
وأشار فياض إلى أن البحث جار عمن «يمنحنا الفيول وفق عقد معين وبشروط تسهيلية، لأن هناك وقتاً بين وصول الفيول وتأمين الكهرباء، ثم إصدار الفواتير، لتُدفع لاحقاً». وقال إن الجزائر أبدت استعدادها لمساعدة لبنان في هذا الإطار، وتمت مناقشة الأمر بين وزيري خارجية لبنان والجزائر، «ونحضّر لزيارة إلى الجزائر للبحث في هذا الموضوع».
***************************
افتتاحية صحيفة النهار
أزمة الطاقة تسابق تصعيداً واسعاً لصراع الرئاستين
لم يكن أسوأ من القتامة التي تغلف المشهد السياسي قبيل أيام قليلة من بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد، سوى قتامة الواقع الخدماتي والمعيشي في كل مناطق لبنان، في ظل اشتداد ازمة الكهرباء والنقص الفادح في مادة المازوت وتعميم العتمة تقريبا على رغم بعض الإجراءات التي من شأنها إطالة امد التغذية الخاطفة بالتيار. وفي ظل التخبط بهذه القتامة يتجه المشهد السياسي نحو مزيد من الاحتقان والتصعيد بين بعبدا والسرايا بعدما تركت الجولة الأخيرة من السجالات على خلفية الحملة التي شنتها #رئاسة الجمهورية على حكومة تصريف الاعمال تداعيات تنذر بالاتساع، على ما علمت “النهار”، وعدم البقاء محصورة بين رئاستي الجمهورية والحكومة. وتشير المعطيات المتوافرة في هذا السياق الى ان جنوح الفريق العوني في القصر او في رئاسة “التيار الوطني الحر” الأسبوع الفائت الى استساغة الاجتهادات الانقلابية على الأصول الدستورية خصوصا لجهة التهويل باجتهادات لا اسناد لها في الدستور، بل تعتبر عودة الى جمهورية ما قبل الطائف، شكل دق جرس انذار متقدما امام الجهات المعنية سياسيا وطائفيا بواقع وصلاحيات رئاسة الحكومة، وان المراجع السياسية والدينية المعنية لن تبقى صامتة وملتزمة التريث بعد الان في حال تمادى فريق القصر في ما يعد هجوما استباقيا انقلابيا يمهد لاستلاب صلاحيات على حساب رئاسة الحكومة. وتذهب هذه المعطيات الى ما هو ابعد من الاطار الثنائي في تعطيل الفريق العوني لمحاولات الرئيس المكلف نجيب ميقاتي تسهيل مسار تاليف الحكومة، فتلفت الى ان ثمة مناخا يوحي بان البطريركية المارونية لن تسكت عن العبث الخطير بالدستور والطائف ويرجح ان يكون لها موقف متقدم ومؤثر في التشديد على تجنب اثارة أي مغامرات انقلابية، خصوصا ان أجواء الصراع المحتدم حول الحكومة بدأت تنذر باثارة أجواء طائفية ليست في مصلحة أي جهة او مكون لبناني وخصوصا المكون المسيحي. كما ان رئاسة مجلس النواب، وان كان الرئيس نبيه بري يلتزم الصمت حيال ما يجري في انتظار كلمته في صور في ذكرى تغييب الامام موسى الصدر، لا تبدو قادرة على الصمت طويلا خصوصا بعد ان تبدأ المهلة الدستورية حيال المزاعم والاجتهادات المناقضة للدستور نصا وروحا وممارسة . يضاف الى هذه المراجع ان جهات نيابية وسياسية تتهيأ لخوض غمار حملات مناهضة قاسية ضد التلاعب بالطائف بما يعني ان الأسبوع المقبل سيشهد تطورات ساخنة داخليا ما لم يطرأ ما يبرد الاحتقانات لجهة حصول اختراق يتصل بتاليف الحكومة وينزع فتيل الصراع المتصاعد عشية انطلاق المهلة الدستورية.
في هذا السياق ووسط اختلاط الاحتدام السياسي بتفاقم الازمات المعيشية، غرّد امس رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عبر حسابه على “تويتر” قائلًا: “أليس افضل ان يعدل الدولار الجمركي وقد اغتنى تجار لبنان وسوريا على حساب المواطن اللبناني، أليس افضل رفع تعرفة الكهرباء ووضع نظام جباية فعال وقد ازدهر اصحاب المولدات فوق التصور، أليس افضل تمرير ما تبقى من قوانين الاصلاح الاساسية بدل هذا السيل من الحقد والتزوير من سلطة فاشلة”.
العتمة وزيادة التعرفة
وطغى هم العتمة الشاملة التي يغرق فيها لبنان كليا تقريبا لولا مخزون معملي الذوق والجية، على كل التطورات الداخلية امس. واعلن وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الاعمال وليد فياض من بعبدا ان موضوع الفيول تم حل مشكلته بمشاركة وتوجيه الرئيس ميقاتي كما من مجلس ادارة كهرباء لبنان للاستفادة من فيول معملي الذوق والجية، وذلك عند نفاد كمية الفيول من #معمل الزهراني ما يسمح بتفادي العتمة الشاملة. وأشار الى موضوع تجديد العرض العراقي “الذي يسمح للبنان بأخذ مليون طن فيول اضافي بعد نفاد اول كمية، مع العلم ان هذه الكمية تستطيع تأمين حوالى ثلاث ساعات من التغذية الكهربائية، وكي نتمكن لاحقا من تحقيق عدد ساعات أكبر من التغذية. وكنا نعوّل سابقاً على البنك الدولي والغاز المصري والكهرباء من الاردن، إلا أن البنك الدولي وضع شروطاً جديدة، كزيادة التعرفة ووضع خطة لتغطية الكلفة والبدء بإجراءات إنشاء الهيئة الناظمة، ونحن من جهتنا نعمل على هذا الموضوع وقد حصلنا على قرار من مجلس ادارة كهرباء لبنان بزيادة التعرفة تزامناً مع زيادة التغذية، بحيث نستطيع إعطاء اللبنانيين كمية من التغذية بكلفة اقل من نصف سعر المولدات الخاصة.” وأوضح انه تمت المصادقة على التعرفة من وزير الطاقة ومن ادارة مجلس الكهرباء والمطلوب الآن موافقة وزارة المال على هذا الموضوع ومن ثم موافقة الحكومة، ومن الممكن ان تكون هذه الموافقة استثنائية من رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الاعمال. ولفت الى أن “إذا تمت الموافقة على رفع التعرفة، سنتمكن من تأمين ساعات تغذية اضافية، وذلك فقط بعد توقيع عقد للحصول على فيول اضافي، إذ نحن في حاجة الى 150 الف طن من الفيول لنتمكن من اعطاء 8 الى 10 ساعات من الكهرباء”.
في الموازاة، أعلن عضو تجمّع أصحاب المولدات قزحيا منصور، أن هناك نقصا في مادة المازوت بعدما تم تهريب كمية كبيرة منها إلى سوريا، بسبب فرق الأسعار إضافة إلى تأخر التسليم . وأشار الى أن مخزون أصحاب المولدات يكفي ليومين أو ثلاثة أيام فقط، ولا يمكنها الاستمرار من دون تسلّم مادة المحروقات من الشركات”. ولفت إلى أن “المناطق التي تتقاضى سعر اشتراك المولدات بالدولار الأميركي، هي مناطق لا رقابة عليها من قبل الدولة”. اما في ما يتعلق بقطاع الاتصالات، فاوضح وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني القرم “أن القطاع لا يعوّل على “كهرباء لبنان”، بل على المولّدات الخاصة به بنسبة كبيرة جداً لذلك تتأثّر الشبكة بانقطاع المازوت الذي لا يزال متوفراً لدينا”.
ضحايا “مركب الموت”
وسط هذه الأجواء أفادت معلومات امس بأنه تم العثور على رفات عدد من الأشخاص كانوا على “مركب الموت” في #طرابلس في نيسان الماضي. وكان قائد القوات البحرية في لبنان العقيد الركن هيثم ضناوي قد اعلن خلال مؤتمر صحافي مشترك مع النائب اللواء اشرف ريفي في مرفأ طرابلس حول آخر مستجدات سحب قارب الموت، أن “هناك أدلة جديدة سنضعها بأيدي القضاء، أملاً في أن تخفف عن أهالي الضحايا”. وأكد أن الجيش وضع كل إمكاناته في تصرف الغواصة مع متابعة مباشرة من قائد الجيش وأؤكد الشفافية التي نتعاطى بها في أي قضية.” وأشار ضناوي الى أن “قيادة الجيش كانت متعاونة إلى أقصى الحدود لوصول الغواصة، ووضع كل أجهزته وعناصره لإنجاز هذه المهمة”، وأوضح أنه “في البداية كانت هناك صعوبة لكننا استطعنا أخيراً أن نستقدم الغواصة” .
افادت مصادر مطلعة على سير عمل غواصة انتشال مركب الموت “النهار”
انه يوم امس لم تنفذ الغواصة اية مهمة غطس في البحر وهي ستستأنف اعمال التصوير للمركب الغارق في البحر اليوم وغدا وسيكون التصوير من جميع الجوانب ومن تحت المركب اذا امكن ذلك. وأكدت المصادر انه خلال عملها امس وجدت جثة خارج المركب حاولت انتشالها فتفتت واصبحت كالرماد وتمكنت من التقاط كنزة كانت في الماء كما تمت مشاهدة ثلاث جثث لسيدة تحمل طفلين وتتمسك بباب الغرفة التي يقال انه كانوا فيها لكن الغواصة لم تحاول انتشال الجثث الثلاث خوفا من تفتتها وتحولها الى رماد خصوصا وانه تبين للطاقم ان هناك بكتيريا في البحار تاكل حتى العظام ولهذا تم التريث في الانتشال .
واضافت المصادر ان الغواصة ستحاول اليوم ادخال الكاميرات الى داخل المركب للتدقيق في اماكن وجود المهاجرين ليصار بعد التشاور مع مفتي طرابلس محمد امام في ما يقوله الشرع والدين في حال تحولت الجثث الى رماد وربما يصار الى استخراج الثياب ان امكن وجودها واقامة جنازة الغائب على ارواح الضحايا علما بانه تبين ان انتشال المركب غير ممكن كونه مليء بالرمال ولا يمكن سحبه الى سطح الماء الا اذا برزت امكانات جديدة تتيح ذلك .
****************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
عون “يزكزك” ميقاتي بشرف الدين… وجنبلاط يردّ “على طريقته”
أسبوع حكومي “حاسم”: هل تخرج مراسيم التأليف من “حارة حريك”؟
إسألوا من كان بخفايا السلطة خبيرا… فالمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم يعلم جيداً أنّ كل المهام الشاقة التي نجح من خلالها على مرّ عقود في تدوير الزوايا الأمنية والسياسية العابرة للحدود وصولاً إلى تحرير الرهائن من قبضة “الدواعش”، أهون من عملية تدوير “زاوية واحدة” بين أركان الحكم في لبنان لدفعهم إلى فك أسر اللبنانيين من قيد الإقامة الجبرية في زنازين البؤس والفقر والقهر، وقد بدا ذلك جلياً في تنبيهه عسكريي الأمن العام أمس إلى أنّ لبنان يقف “على المستوى الداخلي أمام أخطار مهولة يبعث عليها الإنهيار الإقتصادي والإجتماعي، وهو إنهيار أتى على كل المؤسسات فراحت هياكل الدولة تتآكل”.
وبعدما اصطدمت محاولات ابراهيم المتكررة لإصلاح ذات البين الرئاسي والسياسي بين أهل الحل والربط في الملف الحكومي بحائط مسدود، وآخرها ما تردد عن قيامه في الفترة الأخيرة بمسعى مكوكي لتقريب وجهات النظر بين قصر بعبدا والسراي الكبير لكنّ جهوده سرعان ما خابت تحت وطأة التصلب في المواقف والمواقف المضادة، يبدو أنّ “حزب الله” قرر أن يأخذ المبادرة على عاتقه فزاد منسوب الضغط لاستيلاد آخر حكومات العهد، على أن يكون الأسبوع المقبل “حاسماً” في هذا الاتجاه، حسبما توقعت أوساط مواكبة للملف الحكومي، موضحةً أنّ اتصالات “حارة حريك” تكثفت مع المعنيين إثر اللقاء الرابع الذي عقد في قصر بعبدا، في محاولة لتسريع عملية التشكيل وتعبيد الطريق أمام استصدار “مراسيم التأليف” بعد وضع اللمسات التوافقية الأخيرة على التشكيلة الجديدة خلال اللقاء الخامس المرتقب بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي الأسبوع المقبل.
ولتحقيق هذه الغاية، أكدت الأوساط أنّ “الاتصالات والمشاورات الراهنة على خط حارة حريك – ميرنا الشالوحي تتركز على محاولة إقناع رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل بأنّ الصدام الدستوري حول تسلّم صلاحيات الرئاسة الأولى في حال بقاء حكومة تصريف الأعمال قائمة في مرحلة الشغور سيأتي بنتائج عكسية لأنه سيشكل عاملاً ضاغطاً على المستويين الداخلي والخارجي بغية تسريع انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وذلك بخلاف الحال في حال وجود حكومة أصيلة يمكن أن تتولى مجتمعة صلاحيات الرئاسة الأولى وتقوم بالمهام المطلوبة منها على صعيد اتخاذ القرارات المطلوبة من المجتمع الدولي لتمرير مرحلة الفراغ الرئاسي مهما طال أمده بانتظار توافر الشروط المطلوبة من باسيل وحلفائه في مواصفات الرئيس الجديد”، لافتةً إلى أنّ مساعي “حزب الله” تتمحور من هذا المنطلق على الدفع قدماً بصيغة “التعديل الوزاري” على تشكيلة حكومة تصريف الأعمال، خصوصاً وأنّها “تضمن إبقاء التوازن في الحصص قائماً لصالح مختلف الأطراف في قوى السلطة، سيّما وأنّ ميقاتي أبدى خلال اللقاء الأخير مع عون استعداده للتعاون في مسألة استبدال الأسماء الوزارية المطروحة في التشكيلة الجديدة”.
وأمس، انخفض منسوب التجاذب والتراشق بين الرئاستين الأولى والثالثة، مع تسجيل محاولة دوائر القصر الجمهوري “زكزكة” الرئيس المكلف من خلال خطوة استحضار وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين إلى القصر للقاء عون، لا سيما وأنّ شرف الدين دخل في الآونة الأخيرة في اشتباك علني مباشر مع ميقاتي بلغ مستوى التجريح الشخصي برئيس حكومته عبر وسائل الإعلام.
أما في ما يتصل بإصرار رئيس الجمهورية على أن يتولى تسمية الوزير الدرزي البديل عن شرف الدين في الحكومة الجديدة وحجبه هذا الحق عن رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” باعتبار أنه كان محسوباً من ضمن حصة عون الوزارية في الحكومة الحالية، فرأى مراقبون في تغريدة جنبلاط النارية أمس والتي استهدف من خلالها “سيل الحقد والتزوير من سلطة فاشلة” رداً غير مباشر منه “على طريقته” في مقابل محاولة الالتفاف العوني على نتائج الانتخابات النيابية التي كرّست زعامة المختارة المطلقة على الساحة الدرزية.
****************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
«فيروس غامض» يتهدد السجناء في لبنان
ميقاتي يطالب بالتحقيق في مزاعم وفيات بسبب «مستجدات صحية»
طلبت رئاسة الحكومة اللبنانية من وزارة الداخلية «إجراء تحقيق فوري وعاجل» في مزاعم حول وفاة سجناء نتيجة «وضع صحي مستجد» في سجن رومية المركزي.
وتضاربت الأنباء حول أسباب وفاة سجناء في السجن المركزي المكتظ والذي يعد أكبر سجون لبنان، نتيجة انتشار مرض جديد. وفيما تحدثت معلومات عن وفاة 3 سجناء في سجن رومية خلال الأيام الثلاثة الماضية، أكد مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» وفاة سجينين في الأيام الأخيرة «أحدهما كان يلازم مستشفى الحياة منذ شهر نتيجة إصابته بعارض صحي، والثاني توفي داخل الزنزانة في سجن رومية نتيجة توقف قلبه فجأة».
وأشار المصدر إلى أن إدارة السجون «تجري جردة بحالات الوفيات التي حصلت العامين الماضي والحالي»، ولم يستبعد أن يكون تعاطي المخدرات وأخذ جرعة زائدة سببا بهكذا حالات.
ولم يخف المصدر أن واقع السجناء صعب وبالطبع أكثر صعوبة من وضع الشعب اللبناني الذي يعاني نقصاً في الغذاء والرعاية الصحية.
وقال المصدر: «قد تكون هناك ممنوعات بين أيدي السجناء والموقوفين وخصوصاً المخدرات، وثمة صعوبة الآن في عمليات التفتيش ومصادرتها، وهذا يحتاج إلى فرصة مواتية حتى لا تفجر حالة تمرد وفوضى يصعب ضبطها»، لافتاً إلى أن السجناء «يتحينون الفرصة والسبب لإطلاق شرارة التمرد، سيما وأن مطلب العفو العام يبقى أولويتهم منذ سنوات، لكن هذا الموضوع ليس أولوية الدولة في الوقت الحاضر».
وكان وفد من أهالي الموقوفين في السجون، زار مقر رئاسة الحكومة، حيث التقى بهم الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكيه.
وأفادت رئاسة الحكومة بأن البحث «تناول المواضيع ذات الصلة بأوضاع الموقوفين والمحكومين في السجون لا سيما ما يحكى عن وضع صحي مستجد في سجن رومية نتج عنه وفاة عدد من السجناء». وعلى الأثر، وجه الأمين العام كتاباً إلى وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي لإجراء تحقيق فوري وعاجل بهذا الأمر، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة الموضوع في حال صحته بالسرعة الممكنة.
وأوضح مصدر في رئاسة الحكومة لـ«لشرق الأوسط» أن أهالي السجناء أبلغوا أمين عام مجلس الوزراء «بتفشي فيروس في السجون أدى إلى وفاة سجينين قبل أيام وسجين ثالث أمس الجمعة».
وقال المصدر إن رئاسة الحكومة «أخذت الأمر على محمل الجد ووجهت كتابا عاجلا إلى وزير الداخلية لإجراء تحقيق وكشف طبي على السجون التي يزعم وجود هذه الفيروس فيها»، مؤكدا أن الأمر «بات بعهدة وزارة الداخلية وإدارة السجون لاتخاذ إجراءات عاجلة والتثبت من الواقعات المدعى بها وتحديد أسباب الوفيات الثلاث التي يحكى عنها».
وتشهد السجون اللبنانية اكتظاظاً هائلاً، باعتبار أن عدد نزلائها يفوق قدرتها الاستيعابية بثلاثة أضعاف. ويبلغ عدد السجون اللبنانية 25 سجناً وعدد السجناء حسب إحصاء حديث 6989 سجينا موزعين ما بين 5391 في سجن رومية المركزي والسجون الأخرى، و1598 موقوفا في النظارات وقصور العدل وأماكن الاحتجاز التابعة لقوى الأمن الداخلي. واللافت أن 40 في المائة من السجناء في لبنان هم من غير اللبنانيين.
وتتزايد المطالب بالإسراع في إصدار الأحكام، للتخفيف من أزمة الازدحام في السجون. وخلال الفترة بين صيف 2021 وصيف 2022 جرى تكليف سرية السوق في قوى الأمن الداخلي بـ250 ألف عملية سوق إلى المحاكم، نفذت 60 في المائة منها، فيما تعطلت التكليفات الأخرى بسبب جائحة كورونا وقطع الطرق وإضراب القضاة والأعطال التي طرأت على الآليات وغياب الإمكانيات المالية لإصلاحها.
في غضون ذلك، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية بأن عدداً من أهالي بلدة دير العشاير الحدودية مع سوريا في قضاء راشيا، نفذوا وقفة احتجاجية أمام المحكمة العسكرية في بيروت، مطالبين بالإفراج عن 9 من أبنائهم كان قد جرى توقيفهم منذ شهر تقريبا، على خلفية إدخالهم بضائع إلى قريتهم الحدودية التي تعاني من الإجراءات المشددة.
وطالب الأهالي بـ«الإفراج عن أبنائهم بعدما استكمل ملفهم القضائي وبات بعهدة القاضي فادي عقيقي لبته». وقطعوا الطريق لبعض الوقت أمام المحكمة العسكرية، احتجاجا على استمرار توقيف أبنائهم فيما بعضهم يعانون من أوضاع صحية حرجة، قبل أن يفض الاعتصام.
*****************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
الإنحدار يتسارع في «دولة.. لا دولة».. وخريطة الاستحقاق يرسمها بري الأربعاء
عتمة وصفر كهرباء، جوع، فقر، عطش، احتكار، غلاء فاحش وفوضى اسعار وغرف سوداء، تشليح وعصابات، ومعدلات الجريمة على اختلاف انواعها في مستويات غير مسبوقة في تاريخ هذا البلد، لا دولة، لا مؤسسات، لا طبابة، لا ضمان، لا أمان، لا خدمات، لا اقتصاد، لا مال، لا مرافئ ولا مرافق، ادارة مشلولة، وقضاء متخبّط، ومؤسسة عسكرية مستمرة بشق النفس، وقوى أمنية تعاني الأمرّين، واداؤها وظائفها ومهماتها مهدّدة بالتوقف جراء افتقارها ولو إلى الحدّ الأدنى من مقومات استمرارها..
اما في السياسة، فالبلد كله معلّق على حبل طويل من الفضائح؛ انشقاقات وانقسامات حادة، وأجندات متصادمة، ومكونات مفخخة طائفيًا ومذهبيًا وبانعدام كامل للوطنية الصادقة، وبنزعة الافتراق حتى على البديهيات، والتضحية بما يُعتبر أجمل الاوطان، على مذبح المصالح الخاصة والحسابات والحزبيات ولقاء مكاسب ذاتية على حلبة الاستحقاقات. ومسار الانحدار متسارع نحو قعر الدرك الأسفل. تلك هي صورة لبنان، صورة وطن كئيب يعاني متلازمات مرضيّة من النوع الذي يستحيل علاجه، وطن لم يعد يشبه أيّ وطن في العالم، بل لم يعد ثمة وطن على وجه الكرة الارضية يمكن ان يُقارن به. وأمّا اللبنانيون المنكوبون، فأصبحوا عراة، يصارعون جوعهم، وفقرهم، وتفليسهم، وأمراضهم، ولقمتهم، ونسمة هواء يتنفسونها للبقاء على قيد الحياة! أمام هذه الفاجعة، ينبري السؤال: هل سقط هذا البلد نهائيًا؟ وهل بتنا نعيش لحظة الارتطام الكارثي؟
فلنتوقّع الأسوأ! في هذا السياق، قال مصدر سياسي مسؤول لـ«الجمهورية»: «نحن امام فاجعة حقيقية، وحريق أشعل كل فئات الشعب اللبناني وكواه في كل مفاصل حياته. ولا اقول انني خائف، فحسب، بل انا مذعور مما ينتظرنا في المستقبل القريب». واضاف: «مشكلة لبنان انّه اصبح يتيمًا بكل ما لهذه الكلمة من معنى. فمع بلد بلا رأس مدبّر له، وبلا سلطة حاكمة حكيمة، واسترخصته ذهنيات وسياسات عبثية، وأنانيات من يفترض انّهم قيّمون عليه في السلطة وخارجها، من الطبيعي جدًا توقّع الأسوأ له، والترحّم مسبقًا على مصيره الأسود. كيف لا، وثمّة تعمّد مفضوح منذ بداية الأزمة المشؤومة، لبث السموم السياسية في جسم البلد، ورهن مصيره لإرادة خبيثة لتعطيل الحياة فيه». واعتبر المصدر عينه، «أن لا عذر على الاطلاق لتشكيل الحكومة، حتى ولو كانت ولايتها يومًا واحدًا»، كاشفًا انّ «تعطيل تأليف الحكومة ليس مرتبطًا بشروط من هنا وهناك، بل هو ناجم عن كيديات وأحقاد دفينة. ولو كانت النوايا صادقة، ولو كان هناك قدر قليل من الشعور بالمسؤولية تجاه وطن يعاني أسوأ الأزمات في تاريخه، لما شهد البلد هذه المسرحية المملة والخلاف على قشور، والمماحكات الفارغة، لا بل اقول الهجومات السياسية المفتعلة والمشبوهة، فيما الأزمة تزداد عمقًا، والناس ينحدرون في معاناتهم الى بؤس قاتل».
«حمل خادع» وفي السياق، أبلغ مرجع سياسي إلى «الجمهورية» قوله، «انّ موضوع الحكومة قد طوي نهائيًا منذ تقديم الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي تشكيلته الوزارية إلى رئيس الجمهورية وتسريبها من قِبل فريق الرئيس، وبالتالي ما حصل اخيرًا على مسار التأليف، لم يكن سوى حمل خادع لا أساس له». أضاف المرجع: «المطلوب حكومة اياً كان شكلها او مضمونها. فالعالم كله يجمع على حاجة لبنان اليها لتدير على الأقل أزمته، الّا في لبنان، يحيدون هذه المسؤولية عن ظهورهم، وهذه قمة العقوق بحق هذا البلد. فضلًا عن انّ المشكلة ليست فقط في تعثّر التأليف، بل هي في عدم قيام حكومة تصريف الاعمال بواجباتها كما يجب، والذي يدفع الثمن هو الشعب اللبناني». وردًا على سؤال حول السجال المسبق على مرحلة الفراغ الرئاسي ودور حكومة تصريف الاعمال فيه قال المرجع: «كل الامور مكشوفة، فثمة من هو مستعجل على رحيل الرئيس عون، وثمة من هو غير مصدّق، بل غير قابل انّ ولاية الرئيس عون ستنتهي وسيغادر قصر بعبدا. وتبعًا لذلك، ما نسمعه من مطولات ومطالعات واجتهادات لن يغيّر في واقع الحال شيئًا. فالانفعالات التي نراها لا تنفع، فضلًا عن انّ كل تلك الاجتهادات والانفعالات والمطالعات ايضًا، تسقط كلها امام النص الدستوري الذي يرعى حالات الفراغ الرئاسي إن حصل لأي سبب كان».
خريطة طريق إلى ذلك، ومع اقتراب بدء سريان مهلة الـ 60 يومًا لانتخاب رئيس الجمهورية خلالها بدءاً من اول ايلول وحتى 31 تشرين الاول المقبلين، تتجّه الانظار في اتجاه عين التينة، وما سيقرّره رئيس مجلس النواب نبيه بري في ما خصّ الدعوة إلى انتخاب رئيس الجمهورية. علمًا انّ رئيس المجلس سبق له ان اعلن انّه لن يدعو إلى جلسة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية إلّا بعد إقرار قوانين الإصلاح التي يطلبها صندوق النقد الدولي. ووجهة القرار الذي سيتخذه بري، ستتحدّد في الخطاب الذي سيلقيه الاربعاء المقبل في المهرجان الذي سيُقام في صور في ذكرى تغييب الامام موسى الصدر ورفيقيه، وفي المكان الذي يكتسي رمزية كبرى، تعني ما تعنيه في التاريخ والجغرافيا، ومرتبطة بانطلاقة حركة «امل» وخطاب القَسَم الذي القاه الامام الصدر في المكان ذاته في ايار من العام 1974. واكّدت مصادر واسعة الاطلاع لـ«الجمهورية»، أنّ خطاب بري الاربعاء على جانب كبير من الأهمية، يرتكز على دقة ما بلغه وضع لبنان والمخاطر التي تحدق بحاضره ومستقبله، ويتضمن خريطة طريق الخروج من صحراء الجنون القائمة في هذا البلد. يضع من خلالها كل الأطراف الداخليين امام مسؤولياتهم حيال وطن يعاني الوجع في كل مفاصله، والاختيار بين ان يبقى لبنان ويستمر وطنًا كريمًا عزيزًا جامعًا لشمل كل اللبنانيين، وبين ان يذوب ويندثر ويذهب معه الماضي والحاضر والمستقبل. وهذا يتطلب بالحدّ الأدنى وقف المضاربات السياسية، وان يكون كل اللبنانيين على اختلاف تلاوينهم الطائفية والسياسية للوطن ومع الوطن، وبشراكة جماعية صادقة ومندفعة الى حفظ أمانة لبنان ودمل جراحه ومنحه مناعة يحتاجها قبل فوات الاوان.
كارثة تنتظر لبنان إلى ذلك، نقل اقتصاديون عن مسؤول مالي دولي تقييمًا جديدًا حيال مستقبل الوضع في لبنان، وخصوصًا على المستويين المالي والاقتصادي. واكّد هؤلاء الاقتصاديون لـ«الجمهورية»، انّ ما اورده المسؤول المالي مقلق للغاية، كاشفًا عن انّ ثمة تقريرًا جديدًا سيصدر في وقت قريب عن مؤسسة مالية دولية كبرى حول لبنان، يتضمن تصنيفًا في منتهى الخطورة يعادل الكارثة الكبرى. وردًا على سؤال، رفض الاقتصاديون تأكيد ما إذا كان التقرير المنتظر يتضمن اعلان لبنان دولة فاشلة، الّا انّهم المحوا إلى انّ كل الامور واردة بما فيها هذا التصنيف. وعكس الاقتصاديون تخوف المسؤول المالي من الوضع المالي في لبنان، ودعوته الملحّة إلى السلطات السياسية والمالية في لبنان إلى اعتماد خطوات تكبح انفلات الوضع المالي، وفوضى السوق السوداء التي تتحكّم بهذا المجال، وهذه الخطوات لا تعني ان تكون خطوات جذرية، بل خطوات علاجية جراحية عاجلة يتطلبها الاقتصاد اللبناني، والّا فات الأوان، بحيث قد يصل هذا البلد إلى وضع لا يستطيع فيه اللحاق بالأزمة وتحليق سعر الدولار والانهيار الكامل لليرة اللبنانية.
الدولار الجمركي ماليًا، وفي جديد الدولار الجمركي، لفت اقتراح جديد لنائب رئيس حكومة تصريف الاعمال سعادة الشامي حيث قال: «معظم المعاملات في لبنان لا تتمّ على سعر الصرف الرسمي، بل على سعر صرف السوق باستثناء الضرائب والرسوم الجمركية التي تشكّل السواد الأعظم من موارد الخزينة، مما ينتج فجوة شاسعة بين الإيرادات والنفقات. بالإضافة لذلك، وجود أسعار صرف متعددة يفسح مجالاتٍ وفيرة للتلاعب ويخلق تشوهات كبيرة في الاقتصاد الوطني. لذلك من المفضل ربط «الدولار الجمركي» بسعر الصيرفة، والذي سيصبح السعر الرسمي الوحيد عندما تُلغى جميع أسعار الصرف الأخرى، لتتحول منصّة صيرفة إلى منصة فعلية لتلقّي العرض والطلب على الدولار والعملات الأجنبية الأساسية الأخرى، وذلك تبعًا لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي أقرَّته الحكومة اللبنانية. فمن الضروري توحيد أسعار الصرف تمهيدًا لاعتماد سعر صرف مَرِن يعكس الأساسيات الاقتصادية والمالية والنقدية. إن ربط «الدولار الجمركي» بسعر صرف المنصة سيؤدي الى تَحَرّكِهِ بشكل تلقائي، ويُغني عن اللجوء دوريًا الى نقاش وسجالات تؤدي إلى ضياع المزيد من الوقت الذي نحن بأشدّ الحاجة اليه».
الهيئات الاقتصادية من جهته، قال رئيس الهيئات الاقتصادية محمد شقير: «نحن نعارض بالمطلق رفع الدولار الجمركي إلى 20 ألف ليرة دفعة واحدة، لأنّ ذلك سيشكّل صدمة قوية للاقتصاد والمؤسسات وللقدرة الشرائية للمواطنين. لكن في المقابل نؤكّد ضرورة رفعه إلى ما بين 8 آلاف و10 آلاف ليرة لزيادة إيرادات الخزينة، بما يمكنها من تلبية إحتياجات تشغيل إدارات الدولة وأجهزتها وكذلك زيادة رواتب العاملين في القطاع العام». واعتبر شقير «أنّ عدم رفع الدولار الجمركي جريمة موصوفة بحق العاملين في القطاع العام» مشيرًا إلى «التداعيات الكارثية التي ستنتج من عدم رفعه سريعاً ومن دون أي تأخير، لزيادة مداخيل الدولة ومنع «ضياع الكيان»، المهدّد من باب انهيار القوى العسكرية والأمنية التي تعاني من مشاكل كبيرة على مختلف المستويات نتيجة تآكل مداخيل العسكريين والصعوبات التي تواجهها لتأمين ابسط إحتياجتها المختلفة، لا سيما الأساسية».
جنبلاط: 3 اسئلة وبرزت في هذا السياق تغريدة لرئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط قال فيها: «أليس افضل ان يُعدّل الدولار الجمركي وقد اغتنى تجار لبنان وسوريا على حساب المواطن اللبناني؟ أليس افضل رفع تعرفة الكهرباء ووضع نظام جباية فعّال وقد ازدهر اصحاب المولدات فوق التصور؟ أليس افضل تمرير ما تبقّى من قوانين الإصلاح الاساسية بدل هذا السيل من الحقد والتزوير من سلطة فاشلة؟».
ابراهيم: أخطار مهولة على صعيد آخر، وجّه المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم كلمة الى افراد وعسكريي الأمن العام لمناسبة الذكرى السابعة والسبعين للأمن العام، قال فيها: «إنّ صمودكم وتمسّككم بمناقبيتكم العسكرية هو محلُ تقدير تستحقونَه لما تبذلونَه من جهدٍ وتضحيات في ظل أوضاعٍ حالكة. ما تفعلونَهُ من خدمةٍ وتضحية إلتزاماً بقسمكم يجب أن يبقى لأنكم درعٌ من دروعِ الوطن التي يحتاجها لبنان اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى. كلنا يعرفُ حجمَ الأخطارِ التي تحيطُ بنا من الخارجِ ومن الداخلِ على السواء. على المستوى الخارجي، يخوضُ لبنان معركةً مقدّسة من اجلِ إستعادةِ حقوقهِ البحرية من العدو الإسرائيلي، وكذلك في ضبط ِالمعابرِ البرية إنفاذاً للقوانينِ والتعليمات. لأنّه لا استنسابية في تطبيقِ الأنظمة، ولا تعسّف باستعمالِ السلطةِ من أجلِ الحقِ الوطني. على المستوى الداخلي، نحنُ أمامَ أخطارٍ مهولة، يبعثُ عليها الإنهيارُ الاقتصادي والاجتماعي، وهو انهيارٌ أتى على كل المؤسساتِ فراحت هياكلُ الدولة تتآكل، وهذا ما يدعونا إلى التنبّهِ وإلى التزامِ أعلى درجاتِ الاستنفارِ والحيطةِ دفاعاً عن لبنان واللبنانيين وحيثما نكون».
****************************
افتتاحية صحيفة اللواء
بعبدا تحضّر للانقلاب على الطائف.. و«الثنائي» لحكومة تُبعد المخاطر الدستورية والأمنية
«عتمة العهد» دخلت حيِّز التنفيذ وفياض لرفع التعرفة.. والترسيم البحري بين باسيل وبو صعب
ثلاثة أيام: الاثنين، الثلاثاء، الأربعاء من الاسبوع المقبل، ويدخل لبنان في مرحلة الاستحقاق الرئاسي: فبدءاً من أول أيلول الخميس المقبل، يمكن لرئيس المجلس أن يدعو لعقد جلسة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية لكن هذه الدعوة غير قائمة، وربما تتأخر بانتظار تفاهمات كبرى جارية على مستوى علاقات الدول الكبرى والدول الاقليمية، ولا سيما في ما خص مفاوضات الملف النووي الايراني، ومجريات التفاوض حول ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، ووضعية الطاقة، خاصة الغاز في ما خص اوروبا ودول العالم، في حال تفاقمت المواجهة في اوكرانيا، وتوسعت لتشمل دولا اخرى في آسيا واوروبا.
ولعل وراء تأخير الدعوات إلى جلسات انتخاب الرئيس، على اهمية هذا الموضوع، السعي وراء تفاهمات، تخفف من وطأة الانعكاسات السلبية للاشتباك السياسي، الذي كانت «العتمة الشاملة» أولى ما نجم عنها.
وفي مقدمة الاستحقاقات مراسيم جديدة لحكومة قادرة على ملء الفراغ الرئاسي، اذا تعذر انتخاب رئيس جديد في الفترة الدستورية التي تنتهي ليل 13 ت1 المقبل، فضلاً عن التفاهم، على رئيس للجمهورية، وإقرار الموازنة، وبعض المشاريع الاصلاحية، للتوصل إلى اتفاق تنفيذي مع صندوق النقد الدولي.
وأوضحت مصادر مطلعة لـ«اللواء» أنه لا يمكن القول أن ملف تأليف الحكومة جمد أو تمت حلحلته إنما جرى فرملة الموضوع، وكشفت عن اتصالات ستتم بعيدا عن الأضواء من خلال أصدقاء مشتركين ولاسيما اللواء عباس ابراهيم ، وبالتالي ستكون هناك حركة في الملف من أجل إخراجه من الوضع الراهن، مشيرة إلى أن المساعي ستتواصل من دون أن يعني أن الأمور حلت .
واكتفت بالقول أن تحريك الملف يبقى قائما.
واشارت مصادر سياسية إلى انه لم ترصد خلال الساعات الماضية، اي لقاءات علنية لحلحلة عقد تشكيل الحكومة وتذليل الخلافات التي تتوسع يوما بعد يوم، بين الرئيس المكلف نجيب ميقاتي وفريق رئيس الجمهورية، فيما امتنعت مصادر الرئاستين الاولى والثالثه عن اعطاء اي معلومات عن مسار التشكيل، او تسريب اخبار أو تفاصيل عن فحوى الاتصالات العلنية او البعيدة من الاعلام، الامر الذي زاد في الغموض حول مصير تشكيل الحكومة الجديدة، وطرح مزيد من التكهنات السلبية بخصوصها،مع انقضاء الوقت الطبيعي للتشكيل واقتراب موعد الدخول بمرحلة الانتخابات الرئاسية بعد ايام معدودة.
وقالت المصادر ان كل الدعوات لتشكيل الحكومة، لم ترتق الى مستوى التحركات والاتصالات الفاعلة والمؤثرة،كما كان يحدث عادة، وانما بقيت في اطار التمنيات والمناشدات العلنية، ربما لعدم رغبة معظم الاطراف المعنيين بتشكيل الحكومة العتيدة، لتجنب الانصياع لرغبات رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، والتي تتجاوز حدود المطالب والشروط العادية، إلى الاستئثار بأكبر حيز من الحصص الوزارية، على حساب الاطراف الاخرين، لكي يتسنى له التحكم بالقرار السياسي، وارغام الاخرين على الانصياع لرغباته وطموحاته التي لا تتوقف عنده لأجل إرباك حركة رئيس الحكومة وشل عمل الحكومة ككل، او المباشرة في تنظيم زيارات وفود شعبية نقابية إلى بعبدا، على غرار الزيارة الاخيرة للرابطة المارونية، لاظهار تأييدها لبقاء رئيس الجمهورية ميشال عون في سدة الرئاسة، ما لم يتم تشكيل حكومة جديدة بمواصفات رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل.
الا ان المصادر السياسية اعتبرت ان مثل هذه التحركات، التي لن توصل إلى مكان ، ليست موجهة لرئيس الحكومة للتجاوب والانصياع لمطالب وشروط باسيل، بل هي موجهة لحليف باسيل الوحيد حزب الله، الذي دعم تسمية ميقاتي لرئاسة الحكومة الجديدة ، خلافا لرغبات وتوجهات باسيل وفريقه السياسي، لكي يبدل من موقفه المحايد إلى حد ما، في الخلاف الحاصل بين ميقاتي وباسيل في مسألة تشكيل الحكومة الجديدة، لينحاز ويتخذ موقفا منحازا لباسيل، لكي يحصل على ما يريد بالتشكيلة الوزارية من جهة، وليحسم موقفه الضبابي من اسم الشخصية التي ينوي دعمها في السباق الى الرئاسة الاولى، وهذا الاهم الذي يسعى اليه باسيل في النهاية،لكي يعرف موقعه بالاستحقاق الرئاسي، وهل يحظى بتاييد الحزب،ام يكون مؤثرا بتسمية الشخصية المدعومة من الحزب على الاقل، او يبقى على الهامش بفعل المؤثرات وتقاطع المصالح بالداخل والخارج معا.
على أن المشهد على جبهة تأليف الحكومة، بدأ يتخذ خيارات من شأنها ان تؤثر على الاستقرار العام في ضوء إعادة تموضع القوى والكتل وظهور بوادر اصطفافات طائفية وحزبية على خلفية اقفال باب البحث في عملية التأليف.
واذا كانت اوساط الرئيس المكلف تسجل عتباً على حزب الله، على اعتبار ان المشكلة هي مع حليف الحزب النائب جبران باسيل، وعلى وسطاء الحزب قصد مقر قيادة التيار الوطني الحر للتباحث في حلحلة العقد المطروحة بوجه اصدار المراسيم.
بالمقابل، يبدي حزب الله تعاطفاً مع مطلب الرئيس عون وفريقه لجهة ان حكومة تصريف الاعمال لا يمكن ان تكون قادرة على الفراغ الرئاسي، وان التيار الوطني الحر لن يعترف بها، وربما رئيس الجمهورية قد يقدم على خطوة تعيد خلط الاوراق الدستورية والتفاهمات الوطنية حول دستور الطائف.
وحسب المعلومات المتوافرة فإن الثنائي الشيعي دخل على خط المطالبة بحكومة سياسية موسعة، باعتبار عدم امكانية القبول بحكومة تكنوقراط او لنقل «سياسية مقنعة» لمواكبة ملف ترسيم الحدود البحرية واعادة هيكلة النظامين الاقتصادي والسياسي في البلد… وفقاً للمصادر، ليس المطلب هنا تعجيزياً كما يروج ميقاتي او اي طرف اخر بل واقعي جداً اذا حاولنا النظر إلى تشكيل الحكومة من زاوية مختلفة بعيداً عن النكايات والمناكفات.
وتسأل المصادر:
اولاً: اين المشكلة اذا طعمنا الحكومة بوزراء سياسيين، وهل بامكان ميقاتي ان يتحمل عقبات فتح البلد امام ازمة دستورية وميثاقية اذا لم يوافق الرئيس عون على تسليم ادارة البلد لحكومة «ناقصة» كما يسميها؟
ثانياً: هل بامكان حكومة عادية او تكنوقراط ان تحل وتربط في ملف ترسيم الحدود في ظل الفراغ الرئاسي، او ان تتخذ قرارات سياسية وامنية في حال ذهبنا إلى الحرب مع العدو الاسرائيلي؟
وتتحدث المعلومات عن ان الثنائي مصر على تشكيل الحكومة لقطع الطريق امام الدخول في سجالات دستورية ومتاهات سياسية من قبيل شروع عون وبغطاء من بكركي للبقاء في بعبدا او تشكيل حكومة عسكرية تبدو «فتواها» الدستورية والدينية جاهزة… هنا تحديداً، اكد قيادي في الصف الاول في الثنائي الوطني «سوف تتشكل حكومة حتى لو في الدقائق الاخيرة قبل انتهاء ولاية الرئيس عون، والبلد بغنى عن اي مشاكل دستورية وسياسية قد تدفع بلحظة ما إلى انفجار الوضع الامني».
وسط ذلك، انشغل لبنان بلا طائل بالسجالات الرئاسية والسياسية حول تشكيل الحكومة والانتخابات الرئاسية، بينما الوضع الاقتصادي والمعيشي والصحي والتربوي والخدماتي متروك للفوضى وللنهب المنظم وغير المنظم واللامبالاة الرسمية بأوضاع الناس المنهارة تحت وطاة الغلاء والنهب، بحيث باتت الحكومة مجموعة حكومات مصغرة كل حكومة منها تعمل وفق اجندتها.
وعلى امل انتظام العلاقة بين رئيسي الجمهورية والحكومة بما يكفل سرعة تشكيل الحكومة والتفرغ اكثر لمعالجة ازمات البلد، نفى رئيس الرابطة المارونية الدكتور خليل كرم «ان يكون صندوق بريد لأحد»، وذلك بعد رد المكتب الاعلامي للرئيس ميقاتي على ما نقله كرم عن الرئيس عون امس الاول.
لكن علمت «اللواء» من مصادر متابعة انه بعد اللقاء الاخير بين الرئيسين عون وميقاتي، جرت جوجلة للأفكار والاقتراحات المتداولة بينهما، وفي السياق دخل بعض الاصدقاء المشتركين على خط التواصل مع الرئيسين في محاولة لتقريب وجهات النظر، ولم تستبعد المصادر ان يزور ميقاتي قصر بعبدا مطلع الاسبوع المقبل اذا تم التوصل الى بعض المقاربات المشتركة وإلّا يتأخر اللقاء اياماً قليلة اخرى.
معالجات الكهرباء والنازحين
في غضون ذلك، استمرت المعالجات الترقيعية للأزمات ومنها ازمة التعتيم الشامل القريب، حيث أكد وزير الطاقة وليد فياض من قصر بعبدا بعد لقاء الرئيس ميشال عون ان: تطرقنا الى موضوع تجديد العرض العراقي الذي يسمح للبنان بأخذ مليون طن فيول اضافي بعد نفاد اول كمية، مع العلم ان هذه الكمية تستطيع تأمين حوالى ثلاث ساعات من التغذية الكهربائية، وكي نتمكن لاحقا من تحقيق عدد ساعات أكبر من التغذية. وكنا نعوّل سابقاً على البنك الدولي والغاز المصري والكهرباء من الاردن، إلا أن البنك الدولي وضع شروطاً جديدة، كزيادة التعرفة ووضع خطة لتغطية الكلفة والبدء بإجراءات إنشاء الهيئة الناظمة، ونحن من جهتنا نعمل على هذا الموضوع وقد حصلنا على قرار من مجلس ادارة كهرباء لبنان بزيادة التعرفة تزامناً مع زيادة التغذية، بحيث نستطيع إعطاء اللبنانيين كمية من التغذية بكلفة اقل من نصف سعر المولدات الخاصة.
اضاف: تمت المصادقة على التعرفة من قبلي كوزير طاقة ومن قبل ادارة مجلس الكهرباء الذي طرح الموضوع بناء الى نصيحتي. والمطلوب الآن موافقة وزارة المال على هذا الموضوع ومن ثم موافقة الحكومة، ومن الممكن ان تكون هذه الموافقة استثنائية من قبل رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الاعمال.
وأشار الى أن «إذا تمت الموافقة على رفع التعرفة، سنتمكن من تأمين ساعات تغذية اضافية، وذلك فقط بعد توقيع عقد للحصول على فيول اضافي، إذ نحن في حاجة الى 150 الف طن من الفيول لنتمكن من اعطاء 8 الى 10 ساعات من الكهرباء.
واوضح فياض ان «الاتفاق مع العراق سيؤمن 40 ألف طن من الفيول ولكن نحن بحاجة الى 110 الاف طن إضافية لإنتاج 9 ساعات من التغذية، ونسعى لتأمينها من الدول الصديقة ومنها الجزائر.
اما وزير شؤون المهجرين في حكومة تصريف الاعمال عصام شرف الدين، فقال ايضا بعد لقاء عون: أنّه لا يوجد شيء يمنعنا بيننا وبين سوريا من تنفيذ عملية ترحيل النازحين السوريين بطريقة آمنة وكريمة، ويجب أن نفرق بين نازح وبين يد عاملة وبين لاجئ سياسي، إذ الأخير موضوعه يختلف، ومن هنا طالبنا المنظمات الدولية التدخل لأن لبنان لا يمكنه تحمل صراعات الدول الاخرى، و9 آلاف منهم سوف يرحّلون.
وأشار شرف الدين الى أنه «يوجد 480 مركز ايواء شاغر في سوريا للنازحين، وإن لزم الأمر الدولة السورية مستعدة لبناء مراكز ايواء جديدة»، وقال: أن الاتفاق الداخلي بشأن الملف هو برعاية رئيس الجمهورية وأنا متفائل.
لكن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط قال عبر حسابه على «تويتر»: أليس افضل ان يعدل الدولار الجمركي وقد اغتنى تجار لبنان وسوريا على حساب المواطن اللبناني، أليس افضل رفع تعرفة الكهرباء ووضع نظام جباية فعّال، وقد ازدهر اصحاب المولدات فوق التصور، أليس افضل تمرير ما تبقى من قوانين الاصلاح الاساسية بدل هذا السيل من الحقد والتزوير من سلطة فاشلة؟
الشامي والدولار الجمركي
أبدى نائب رئيس حكومة تصريف الأعمال سعادة الشامي ملاحظاته في موضوع «الدولار الجمركي»، لافتاً إلى «ضرورة فصل سعر الصرف عن السياسات الضريبية والاجتماعية».
وأورد في بيان ما يأتي: «إن السجال الدائر اليوم حول سعر الصرف الذي يجب اعتماده لتحديد رسوم الاستيراد، أو ما يُعرف ب “الدولار الجمركي»، تشعَّب بشكل واسع النطاق ودخل حلبةَ الكباش السياسي الحاد، وكثرت التحليلات والتفسيرات التي جاءت بمعظمها معارضة لرفع «الدولار الجمركي». صدرت معظم هذه المواقف عن قطاعاتٍ وجِهاتٍ تعتقد أنها ستتضرر من هكذا زيادة ولكن من دون الأخذ بعين الاعتبار ما لاستمرار تطبيق سعر الصرف الرسمي من وقعٍ سلبي على إيرادات الموازنة والوضع المالي بشكل عام، ومن عواقب وخيمة على الوضع الاقتصادي بشكل أشمل. ثمة ضرورة ملحّة لتعديل سعر الصرف من أجل إعادة الانتظام إلى المالية العامة وتغطية نفقات القطاع العام وتأمين الخدمات الأساسية للمواطنين وإرساء الاستقرار الماكرو اقتصادي المطلوب لتحفيز النمو وخلق فرص عمل وتخفيض مستوى الفقر.
وفي سياق كهربائي، كشفت مصادر في «كهرباء لبنان» عن خطة بديلة تقنيّة مفصّلة وطارئة لتجنيب البلاد «خضّة الظلام»، وتقضي بـ:
– استعمال Grade B مكان الـGrade A بموافقة مجلس إدارة المؤسسة بالإجماع وكذلك بموافقة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والوزير وليد فيّاض.
– استخدام الكمية المتبقية من المازوت الموجودة في معمل صور… كل ذلك كي تتمكن المؤسسة من ربط معمل الزوق اليوم.
– خفض إنتاج معمل الزهراني من نحو 200 ميغاواط تقريباً إلى 40 ميغاواط لتأمين التيار الكهربائي فقط لمطار ومرفأ بيروت وسجن رومية ومضخات المياه والصرف الصحي والجامعة اللبنانية ومجلس النواب والسراي والقصر الجمهوري…
وفي النظر إلى وضعية مطار ومرفأ بيروت في ظل هذه الأزمة، كشف مصدر مطلع عن «وجود احتياطي من مادة المازوت لدى المرفقين لتشغيل المولدات الخاصة بهما عند انقطاع التيار الكهربائي الذي تمدّهما به مؤسسة كهرباء لبنان».
وفي الاطار نفسه تم التوافق بين المصلحة الوطنية لنهر الليطاني ومؤسسة كهرباء لبنان على رفع انتاج المعامل الكهرومائية طيلة مدة توقف المعامل الحرارية، وذلك من 50 ميغاواط الى حدود 90 ميغاواط لتغذية المرافق الحيوية ولا سيما المطار طيلة فترة توقف المعامل الحرارية، بناء لطلب وزير الاشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الاعمال علي حمية ولتغذية المطار من معامل الليطاني، وفي ظل الخشية من الانقطاع الشامل للتيار الكهربائي بسبب قرب توقف المعامل الحرارية، علماً بأن المصلحة ابدت استعدادها لزيادة إنتاج المعامل الكهرومائية لقدرتها القصوى على تأمين الطاقة الكهربائية من تلك المعامل لمطار رفيق الحريري بشكل منتظم ومستدام، حسب بيان وزير الاشغال.
على صعيد التحركات نفذ اهالي السجناء الاسلاميين اعتصاماً في ساحة رياض الصلح وسط بيروت، مطالبين بالعفو العام وتسريع محاكمتهم.
700 إصابة
صحياً، سجلت وزارة الصحة 700 اصابة جديدة بفايروس كورونا وحالتي وفاة ليرتفع العدد التراكمي الى 1207385 اصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2020.
***************************
افتتاحية صحيفة الديار
حلول ترقيعية تُؤخر العتمة الشاملة… المشاورات الحكومية تتحول «عن بُعد»
إحتمال الحرب يتقدّم مع تأخّر الرد «الاسرائيلي» بملف الترسيم – بولا مراد
بحلول ترقيعية تستمر القوى الحاكمة في ادارة الدولة المتداعية، غير آبهة بالتكلفة الباهظة لسياسة قذف الازمات الى الامام بدل الانكباب على معالجتها. آخر هذه الحلول استخدام فيول «غرايد ب» مخزن، لا نعرف لماذا ولا نعرف ما اذا كان صالحا للاستخدام، لتفادي العتمة الشاملة التي تهدد البلاد منذ فترة والتي كان يمكن ان تتسلل الى كل المناطق اللبنانية دون استثناء مساء امس الجمعة . ولن يكون هذا الحل انقاذيا لأن اصلا بعض المناطق لم تعد تنتظر منذ فترة طويلة «كهرباء الدولة» وتعتمد على المولدات التي هدد اصحابها في الساعات الماضية باطفائها بالكامل نتيجة عدم توافر مادة المازوت.
وبدل ان ينكب المسؤولون على العمل في بلد قد لا تكفي فيه ٢٤ ساعة يوميا لانجاز الاعمال المتراكمة، تراهم يستمرون في لعبة شد حبال اطاحت الحراك الحكومي المستجد اثر السجال الذي اندلع مجددا بين رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف. وبالرغم من تأكيد مصادر مطلعة على الملف ان المشاورات الحكومية لم تجمد وباتت عبر وسطاء ، الا ان كل المعطيات تؤكد انه لن يكون هناك حكومة جديدة في لبنان قريبا، وان الرهان بات على تشكيل طارىء في الربع ساعة الاخير الذي يسبق انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون والدخول في فراغ رئاسي.
وفيما الدوران في حلقة مفرغة مستمر على الصعيد السياسي وعلى صعيد ادارة الدولة، تتجه الانظار الى اي تطور قد يطرأ بملف ترسيم الحدود البحرية، وبخاصة ان حالة الاستنفار في صفوف حزب الله وبيئته بلغت مستويات متقدمة، وسط معلومات عن تقدم احتمال الحرب لنسبة ٤٠٪ مع تأخر الرد الاسرائيلي.
العتمة تهدد لبنان
وبحل ترقيعي جديد، تفادت القوى الحاكمة العتمة الشاملة مجددا علما ان المصير الاسود لا يزال يلاحقنا مع اعلان اصحاب المولدات ان مخزون المازوت لديهم اقترب من النفاد.
وكان وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الاعمال وليد فياض اعلن انه وبتوجيه من رئيس الحكومة أُعطيت الموافقة لمؤسسة كهرباء لبنان على استخدام جزء من الفيول «غرايد ب» المخزن في معملي الجية والذوق والذي يقدر بـ٤٠ الف طن بهدف تفادي الوقوع في العتمة الشاملة مع قرب نفاد مادة الغاز اويل لزوم تشغيل معمل الزهراني.
الا ان مصادر مطلعة على ملف الطاقة استغربت لجوء المعنيين الى استخدام كميات من الفيول المخزن، ما يطرح سؤال عن سبب التخزين وما اذا كان هذا الفيول صالحا وما اذا كان عليه اشكاليات قضائية. واضافت المصادر في حديث لـ «الديار» : «في حال هذا الفيول لم يكن مطابقا فذلك يهدد القطع في المعامل، ولعل اكثر ما يثير الحيرة ويستوجب أجوبة من الوزير المعني هو سبب استئذاته رئيس الحكومة المكلف لاستخدام هذه الكميات». واعتبرت المصادر ان المسؤولين يتعاطون مع الملف على قاعدة فلنأخذ دواء منتهي الصلاحية عساه ينفعنا ما دام الدواء اللازم غير متوافر.
ولفت امس حديث الوزير فياض عن رفع التعرفة، التي يستبعد مطلعون على الملف ان يقبل الرئيس عون بنهاية عهده تمريرها بمرسوم. وقال فياض انه حصل على قرار من مجلس ادارة كهرباء لبنان بزيادة التعرفة تزامناً مع زيادة التغذية، بحيث نستطيع إعطاء اللبنانيين كمية من التغذية بكلفة اقل من نصف سعر المولدات الخاصة. واضاف: «المطلوب الآن موافقة وزارة المال على هذا الموضوع ومن ثم موافقة الحكومة، ومن الممكن ان تكون هذه الموافقة استثنائية من قبل رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الاعمال». ولفت الى أن «إذا تمت الموافقة على رفع التعرفة، سنتمكن من تأمين ساعات تغذية اضافية، وذلك فقط بعد توقيع عقد للحصول على فيول اضافي، إذ نحن في حاجة الى 150 الف طن من الفيول لنتمكن من اعطاء 8 الى 10 ساعات من الكهرباء».
تشكيل عن بُعد؟!
حكوميا، وبعدما أطاح السجال الاخير بين عون وميقاتي الحراك المستجد لتشكيل حكومة، نفت مصادر قريبة من بعبدا ان يكون قد جرى تجميد الملف، واشارت في حديث لـ «الديار» الى ان «الاتصالات سوف تستمر من خلال وسطاء ولو من بعد». وأوضحت المصادر أن «الاجتماع الاخير بين الرئيسين عون وميقاتي انتهى الى ان عون يفضل حكومة من ٣٠ وميقاتي يفضل حكومة من ٢٤ وزيرا».
من جهتها، رجحت مصادر سياسية مطلعة الا يتم التوافق على تشكيل حكومة الشهر المقبل، وان نكون بصدد حكومة جديدة في الربع ساعة الاخير الذي يسبق مغادرة عون قصر بعبدا بعدما بات محسوما انه لن يبقى فيه دقيقة واحدة بعد انتهاء ولايته. وقالت المصادر لـ «الديار» : «الكل يسعى لتحسين شروطه قبل السير بأي تسوية لكن يبدو ان الجميع مقتنع ايضا بأن لا مفر من تشكيل حكومة تدير مرحلة فراغ رئاسي لن تكون قصيرة».
الحرب تقترب؟؟
لكن كل ما سبق يصح اذا لم تندلع حرب بين لبنان و»اسرائيل» خاصة ان مصادر مطلعة تنبه من ان احتمال الحرب يتقدم كلما تأخر الرد الاسرائيلي على الطرح اللبناني، لافتة في حديث «الديار» الى ان «مستوى استعدادات حزب الله وجمهوره للحرب تقلق العدو».
وتكشف المصادر ان استعدادات الحزب مستمرة منذ ٣ اشهر لافتة الى ان احتمال التفاهم على الترسيم لا يزال يتقدم على احتمال الحرب الذي بات يلامس ال٤٠%.
*************************
افتتاحية صحيفة الشرق
حل موقت يؤجل العتمة الشاملة.. ورفع التعرفة يقترب
على ايقاع التيار الكهربائي المقطوع الوصال ومحاولات انعاشه بآخر قطرات الفيول المجموعة مما تبقى في المعامل الخارجة من الخدمة يعيش اللبنانيون.فيما التيار السياسي قطع بالكامل محاولات انعاش جهود تشكيل الحكومة التي اصبحت فعليا خارج الخدمة، مفسحة الدرب للفراغ يتسلل تدريجا الى بعبدا وسط اشكاليات دستورية تغذيها السجالات بين فريق العهد وتياره من جهة وسائر القوى السياسية من الجهة المقابلة، بما فيها حلفاء التيار الذين تفيد المعلومات انهم ضد بقاء الرئيس ميشال عون في بعبدا ان لم يتم انتخاب رئيس وتشكيل حكومة.
وكما ارتفعت تسعيرة الاتصالات سترتفع تعرفة الكهرباء وفق ما بشّر وزير الطاقة امس ليس لتأمين الكهرباء على مدى 24 ساعة انما لمدّ اللبنانيين بالتيار لثلاث ساعات فقط لا غير، والباقي “عالوعد يا تيار”.
واذا كانت الحروب السياسية بين اركان الدولة تفعل فعلها سلباً، فإن المناكفات بين الوزراء في ملف اعادة النازحين السوريين تبشّر على ما يبدو بعائدات ايجابية، والسباق بين الوزيرين عصام شرف الدين وهكتور حجار قد يؤتي ثماره، اذ بحسب وزير المهجرين المتفاجئ” فإننا كنا نطالب عبر خطتنا التدريجية بعودة 15 الف نازح شهرياً، إلا أن معالي وزير الادارة المحلية والبيئة السوري، الذي طالب بعدم وضع سقف، اشار الى أن لديهم حالياً 480 مركز ايواء شاغرا وجاهزا لاستيعاب 200 الف نازح”. فعسى ولعلّ…
نحو رفع التعرفة؟
كانت العتمة الشاملة التي كاد لبنان يغرق فيها بعد الظهر لولا مخزون معملي الذوق والجية، الحدثَ اليوم. فقد استقبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الاعمال وليد فياض الذي قال :حصلنا على قرار من مجلس ادارة كهرباء لبنان بزيادة التعرفة تزامناً مع زيادة التغذية، بحيث نستطيع إعطاء اللبنانيين كمية من التغذية بكلفة اقل من نصف سعر المولدات الخاصة. وهذا ما تم تداوله مع فخامة الرئيس، بعدما تمت المصادقة على التعرفة من قبلي كوزير طاقة ومن قبل ادارة مجلس الكهرباء الذي طرح الموضوع بناء الى نصيحتي. والمطلوب الآن موافقة وزارة المال على هذا الموضوع ومن ثم موافقة الحكومة، ومن الممكن ان تكون هذه الموافقة استثنائية من قبل رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الاعمال”.
الجمركي وسعر الصرف
وبينما التخبط مستمر “تأليفيا” واقتصاديا، أبدى نائب رئيس حكومة تصريف الأعمال سعادة الشامي ملاحظاته في موضوع “الدولار الجمركي”، لافتاً إلى “ضرورة فصل سعر الصرف عن السياسات الضريبية والاجتماعية”. وأورد في بيان “إن السجال الدائر اليوم حول سعر الصرف الذي يجب اعتماده لتحديد رسوم الاستيراد، أو ما يُعرف بـ “الدولار الجمركي”، تشعَّب بشكل واسع النطاق ودخل حلبةَ الكباش السياسي الحاد، وكثرت التحليلات والتفسيرات التي جاءت بمعظمها معارضة لرفع “الدولار الجمركي”. صدرت معظم هذه المواقف عن قطاعاتٍ وجِهاتٍ تعتقد أنها ستتضرر من هكذا زيادة ولكن من دون الأخذ بعين الاعتبار ما لاستمرار تطبيق سعر الصرف الرسمي من وقعٍ سلبي على إيرادات الموازنة والوضع المالي بشكل عام، ومن عواقب وخيمة على الوضع الاقتصادي بشكل أشمل. ثمة ضرورة ملحّة لتعديل سعر الصرف من أجل إعادة الانتظام إلى المالية العامة وتغطية نفقات القطاع العام وتأمين الخدمات الأساسية للمواطنين وإرساء الاستقرار الماكرو اقتصادي المطلوب لتحفيز النمو وخلق فرص عمل وتخفيض مستوى الفقر. لِذا من الواجب مقاربة هذه المسألة بتجرّد وحصر النقاش في هذا الموضوع بالذات من دون محاولة ربطه بأمور أُخرى متشعبة وعميقة تحتاج معالجتها الى مزيدٍ من الإجراءات والوقت. من الطبيعي أن يرتبط قرار رفع سعر صرف “الدولار الجمركي” بتحسين الجباية ومكافحة التهرب الضريبي والّذين لن تظهر نتيجتهما فوراً، بل عبر مسارٍ طويل يجب العمل عليه بالتوازي، ولكن من دون جعل النتائج المرجوّة شروطاً مسبقة لتعديل سعر الصرف.
الاصلاحات
ليس بعيدا، التقى رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان في دارته في البياضة ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة يوانا فرونتسكا وعرض معها للتطورات ومسار التشريعات الاصلاحية والخطوات الآيلة الى استعادة لبنان عافيته وكان التوافق تاماً لجهة تثمين ما تم انجازه حتى اليوم في المجلس النيابي ولضرورة استكمال اقرار الاصلاحات المطلوبة ضمن خطة انقاذية واضحة ومكتملة للاستفادة من اللحظة الدولية المؤاتية لدعم لبنان.
كرم ينفي
سياسيا، وفي وقت نفى رئيس الرابطة المارونية خليل كرم غداة زيارته الرئيس عون ان يكون صندوق بريد لأحد، وذلك اثر السجال “الحكومي – الدستوري” الذي تسببت به المواقف التي نقلها عن عون امس، سُجلت زيارة لوزير المهجرين عصام شرف الدين، الذي يشن حملة قوية ضد الرئيس ميقاتي منذ ايام، الى قصر بعبدا اليوم.
خريطة طريق العودة
بعد اللقاء قال شرف الدين “كانت مناسبة لبحث نتائج زيارتي الى دمشق، وقد نقلت تحية الوزراء والقيادة السورية لفخامته ووضعته في الاجواء الايجابية التي لمستها لناحية التسهيلات والخدمات التي ابدت الدولة السورية استعدادها لتقديمها لعودة النازحين.. اضاف “بحثنا تحديداً بعدد مراكز الايواء وقد تفاجأت، لأننا كنا نطالب عبر خطتنا التدريجية بعودة 15 الف نازح شهرياً، إلا أن معالي وزير الادارة المحلية والبيئة، الذي طالب بعدم وضع سقف، اشار الى أن لديهم حالياً 480 مركز ايواء شاغرا وجاهزا لاستيعاب 200 الف نازح.
أخطاء مهولة
على صعيد آخر، بمناسبة العيد السابع والسبعين للأمن العام، وجّه المدير العام اللواء عباس ابراهيم أمر اليوم الى العسكريين، وحذر من اننا أمامَ أخطارٍ مهولة، يبعثُ عليها الإنهيارُ الإقتصادي والإجتماعي، وهو إنهيارٌ أتى على كل المؤسساتِ فراحت هياكلُ الدولة تتآكل، وهذا ما يدعونا إلى التنبهِ والى إلتزامِ أعلى درجاتِ الإستنفارِ والحيطةِ دفاعاً عن لبنان واللبنانيين وحيثما نكون”.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :