كتب الرفيق وسيم سعاده :
أغفلت القيادات المتعاقبة على قيادة الحزب السوري القومي الاجتماعي مسألة الشأن العسكري المقاوم للإحتلالات أو المساعد على عملية النهوض، فإذا استثنينا مرحلة الشهيد غسان جديد في عمدة الدفاع وما قام به من تجهيز وتحضير عسكري لجسم الحزب السوري القومي الإجتماعي لا نجد حالة مشابهة حتى في الحرب الأهلية التي حصلت في لبنان .
لم تحصل عملية مواكبة حقيقية وواقعية من قبل حركة الحزب السياسية والعقائدية لعملية الإعداد العسكري .
فما حصل بعد الثورة القومية الإجتماعية الأولى أظهر أن مسار الحزب يتجه نحو الإستقطاب السياسي ونسج العلاقات السياسة على أساس التعاطي مع المشاريع المطروحة للمنطقة وليس على أساس مشروع الحزب السوري القومي الإجتماعي التي يكون في مقدمته تحضير القوة القادرة على فرض إرادة الحزب وبالتالي إرادة الأمة وعلى قاعدة :
أن القوة هي القول الفصل في إثبات الحق أو إنكاره .
لا يستطيع أحد نكران قوة الحزب، ولا يستطيع أحد نكران قوة السوريين القوميين الإجتماعيين التي تترجمت فعل بطولة في كثير من المواقف، ولم ولن يكون آخرها حبيب الشرتوني وخالد علوان، ولكن يحق لكل قومي وكل مواطن صديق وخصم أن يسأل عن مسار الإعداد العسكري في الحزب وهل كان على مستوى المواجهة والتحديات التي تعرضت وتتعرض لها الأمة .
بقي العمل الحزبي العسكري في الحزب رد فعل على حدث منذ أحداث 1958 إلى الانقلاب عام 1962 إلى المساهمات في المقاومة الفلسطينية والتي كانت قمة تجلياتها في أعمال الرفيقين فؤاد الشمالي وكمال خير بك وغيرهم من الأسماء التي لمعت والتي لم تلمع، إلى الأحداث اللبنانية والغزو اليهودي الصهيوني في العام 1982 إلى انتهاء الأحداث اللبنانية العسكرية بعد انعقاد مؤتمر الطائف، ولكن لا بد هنا من أن نذكر أن العمل العسكري الوحيد الذي كان فعلاً قومياً وليس ردة فعل هو عمل منظمة نسور الزوبعة التي كان يقودها الأمين حبيب كيروز والتي لم تستمر طويلاً .
ولكن الحدث الأكبر في تاريخ الحزب هو التحول الكبير الذي حدث بعد مؤتمر الطائف حيث توقف العمل المقاوم وتوقفت أعمال التدريب والتخطيط والتجهيز وصار الحزب حزباً سياسياً يعمل عسكره على حماية قيادته، والقيام ببعض الأعمال التي تبيّض ماء الوجه .
لقد تخلّ الحزب عن الفعل المقاوم بإرادته لصالح العمل المقاوم المساند لأصدقائه على قدر استطاعته .
وبالتالي واستناد إلى ما قاله الزعيم يكون الحزب أهمل غاية أساسية من غاية التأسيس .
يقول سعاده :
فقد اقترح رئيس الغرفة السياسية في المفوضية الفرنسية على وفد قبرصي مراد، أن يحل الحزب السوري القومي تشكيلاته ويلغي مبدأه الإصلاحي الخامس القائل بانشاء جيش قوي في سورية كأساس لإنشاء علاقات ودية بين الحزب والمفوضية الفرنسية، فلما أطلع الوفد الزعيم على اقتراح السياسي الفرنسي قال : "أني لا أبيع الجيش السوري القومي بكل الصداقات في العالم"، ج3 ص382 .
يتضح بوضوح أن السلطات الفرنسية لا تركن لانشاء قوة عسكرية مزودة بعقيدة ومنضوية بأمرة حزب له عقيدة ونظرة جديدة إلى الحياة والكون والفن .
السلطات الفرنسية المنهمكة في خريطة إنشاء الكيان اللبناني لم تكن تنسى أبداً محاربة كل القوى التي تشكل خطراُ على هذا الكيان المصطنع .
ولأن الزعيم كان واضح الرؤية والغاية ويعرف ماذا يريد أجابهم :
لا أبيع الجيش السوري القومي بكل الصداقات في العالم .
فأين أصبح هذا الجيش الذي لا يبيعه الزعيم بكل الصداقات في العالم ؟
وبكم باعه من انحرفوا عن غاية النهضة ؟
يتابع الزعيم
أن الحرب هي طريق كل دعوة أصلاحية الى النصر .
وكل حركة رامية إلى انشاء عهد جديد تهمل أهمية الصراع وشحذ العزائم للبطش بكل باطل وكل فاسد وتضحي الحمية والمرؤة وعواملها النفسية من أجل اعتبارات أدبية ومجادلات كلامية، هي حركة لا تعرف مهمتها التي وضعتها العناية في عنقها ج6 ص459 .
انحرفت القيادة فانحرف الصراع وحصل الإفتراق الكبير بين السوريين القوميين الإجتماعيين وقياداتهم، وبعامل الطاعة والنظام ومنح الثقة استبسل القوميون في كل المعارك التي إرادتها القيادة، ولأنهم كانوا على شك من الذي يحصل كانوا يتوزعون مع كل انشقاق ويشكلون صفوف الطرفين .
يقول سعاده :
ولا يمكن لسورية أن تنتقل من طور إلى طور عن طريق الإقناع . ولم يحدث ذلك في تاريخ أمة من أمم العالم . فإنتقال الأمم من طور إلى طور كان ذلك بإرادة انبعثت من صميم حاجات الأمم، بتصميم على تغيير مصير الأمة وذلك بقوة ساحقة، تتغلب على كل صعوبة وعلى كل قوة . ج8 ص429 .
فأين مسيرة الحزب من شرط انتقال الأمة من طور إلى طور ؟
وهل شرع ولو لمرة واحدة بأعداد هذه القوة ؟
وهل برر أحدهم الإنحراف عن إعداد هذه القوة ؟
اٍسألة تحتاج إلى أجوبة .
لقد اعتبر سعاده في أكثر مكان أن ويلاتنا هي نتاج استعمار الغرب لبلادنا لذلك أكد أن المهمة الأولى للأمة السورية والجيش السوري هي محق هذه الدول الغربية وليس بقفزة خيالية وهمية بل يعده الحزب السوري القومي الإجتماعي :
أني أعلن محق تلك الدولة الغربية ليس بقفزة خيالية وهمية، بل بما يعده الحزب القومي الإجتماعي من بناء عقدي وحربي يجعل من سورية قوة حربية عظيمة تعرف أن انتصار المصالح في صراع الحياة يقرر بالقوة بعد أن يقرر بالحق .ج8 ص371
وأخيراً ما أراده سعاده تناسته القيادات .
أراد سعاده :
أن الدولة اليهودية تخرّج اليوم ضباطاً عسكريين، وأن الدولة السورية القومية الإجتماعية التي أعلنتها سنة 1935 تخرّج هي أيضاً بدورها ضباطاً عسكريين، ومتى ابتدأت جيوش الدولة الجديدة الغربية تتحرك بغية تحقيق مطامعها الأثيمة والإستيلاء على بقية أرض الآباء والأجداد، بتدأت جيوشنا تتحرك لتطهير أرض الأباء والأجداد وميراث الأبناء والأحفاد من نجاسة تلك الدولة الغربية، ج8 ص373 .
نسخ الرابط :