حتى الساعة، بات شبه مؤكد أن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، بصيغتها الحالية، والقادمة إن أفلح في التأليف، لن تقدم على حماية أجور موظفي القطاع العام. مداولات اليومين الأخيرين بمعيّة وزير العمل مصطفى بيرم، وصلت إلى حائطٍ مسدود، إذ يمتنع ميقاتي عن الموافقة على تعديل بدل النقل ودعم الصناديق الضامنة، فضلاً عن رفضه القاطع لأيّ تصحيح للأجور في القطاع العام
شارف الأسبوع الثالث لإضراب موظفي الإدارة العامة على الانتهاء من دون أي تقدّم على صعيد الحلول. في بداية الأسبوع، اجتمع بيرم مع رابطة موظفي الإدارة العامة، كمفوضٍ من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. وأول من أمس، نقل إلى رئيس الحكومة اقتراحاتهم، وأهمها تصحيح الأجور وتعديل بدل النقل ودعم الصناديق الضامنة. وكان الموظفون قد طالبوا باحتساب الراتب على سعر الدولار المصرفي، فيما عرض عليهم بيرم تصوّراً، مصدره عاملون في ديوان المحاسبة ويقضي بقسمة الراتب على ثمانية ودفع الحصيلة بالدولار الفريش. الاقتراحان لم يحوزا موافقة ميقاتي، وفي الأصل ترفض الرابطة تصوّر ديوان المحاسبة، وترى أن اقتراحها تنازل عن المطلب الأساسي لتصحيح الأجور باعتماد سعر دولار منصة «صيرفة» أو مؤشر غلاء الأسعار.
انتقى ميقاتي من لائحة مطالب الموظفين ما لا يحمّل حكومته أعباء. أسقط تصحيح الأجور ولو أنه غير كاف بشكله المطروح، إنما ارتضى اقتراحات ثانوية لا تغيّر في الأوضاع المعيشية للموظف، كاستحداث طابع الموظف العام، علماً بأن هذا الأمر هو إجراء ضريبي متخلف ويخصص ضريبة لفئة معينة، ويتطلب إقراره في مجلس النواب. كذلك الأمر، اقترح استحداث صندوق خاص بكل موظفي القطاع يتم فيه جمع الغرامات والاستفادة من بعض مخرجات الرسوم لتغذية احتياجات القطاع وموظفيه، فضلاً عن إعادة تأكيد تحرير المساعدة الاجتماعية من شرط الحضور ليستحقها الموظف، وإعفاء الموظفين من الأقساط الدولارية في المدارس الخاصة، وكأن في الأساس للمدارس الحقّ في دولرة الأقساط. البحث مع حاكم مصرف لبنان في تسهيل سحب اعتمادات الموظفين كاملة من المصارف، وهو حقّ للموظفين وسائر اللبنانيين لا يفترض أن يكون موضع بحثٍ ولا مطالبة ولا يحتاج إلى موافقة ميقاتي في دولةٍ تحترم قوانينها ومواطنيها.
عاد بيرم إلى الموظفين واجتمع بالرابطة أمس، مجدداً الطلب إليهم للمرّة الثالثة تعليق إضرابهم المفتوح. يبني بيرم على ما يراه «إيجابية» كامنة في استمرار الحوار، وتحرير المساعدة الاجتماعية من الشروط. وبحسب نائب رئيسة الرابطة إبراهيم نحال، فإن الوزير يعوّل على أن «الوزير وميقاتي يقرّان بصعوبة أوضاع الموظفين المعيشية لامتصاص غضبهم. وهو ما لا ينتظره الموظف المدرك لحقوقه التي لن ينالها بإيجابية استمرار الحوار فقط». كما أشار نحال إلى أن خلفيات رفض اقتراحات زيادة الأجور المطروحة هي «ذريعة بأنها ستحدث المزيد من التضخّم في العملة الوطنية». وبنفس الذريعة «قفز ميقاتي فوق الأهم وباع الموظف موافقات لا تُثمر».
سلبية ميقاتي قابلها رفض الموظفين لتعليق إضرابهم المفتوح. عندها اقترح عليهم بيرم العودة إلى نظام مداورة جديد يحضر بموجبه الموظف الى مركز العمل يوماً واحداً في الأسبوع، ما قرأته الرابطة على أنه فك غير مباشر للإضراب، ورفضته. قوى السلطة تحاول إحداث شرخٍ بين الموظفين وسائر المواطنين بتكرار سردية أن الإضراب بوجه الناس وتعطيل مصالحهم، وهو أسلوبها المعتمد في الضغط عادةً. ظهر ذلك في سؤال بيرم للموظفين أمس «بوجه من الإضراب؟» فأجابه الحاضرون «بوجه السلطة» على اعتبار أن الخصم ليس واضحاً.
خلاصة الأخذ والرد، كانت قراراً اتخذته الرابطة بـ«تصعيد التحركات والاتصال بكل الروابط والمتضررين في القطاع العام من عسكريين ومدنيين، لوضع آلية وخطة تحرك سريعة».
إنجاز الرواتب والمساعدة الاجتماعية
أصدر موظفو مديرية الصرفيات في وزارة المال بياناً يؤكد إنجاز الرواتب والمعاشات التقاعدية والمساعدة الاجتماعية، على أن تحوّلها مديرية الخزينة بدورها إلى الحسابات المصرفية خلال الأيام المقبلة. وحمّل موظفو الصرفيات مسؤولية التأخير للسلطة «المتجاهلة معاناة الموظفين»، موضحين أن العودة إلى العمل في الأيام الماضية كانت بهدف عدم الوقوف في مواجهة الموظفين مع شركائهم في المعاناة. وأكدوا أنهم لم يستفيدوا من أية تقديمات خاصة، بل إن وزارة المال لم تتحمل الكلفة الباهظة لتنقلهم إلى العمل لغاية تاريخه.
وهَدَف الموظفون من بيانهم التوضيح أن عملية صرف الرواتب ومعاشات التقاعد والمساعدة الاجتماعية تبدأ من أوّل الشهر، وبسبب ما سمّوه «الإقفال القسري الذي فرضته الظروف»، فإنهم غير مسؤولين في أي شكلٍ من الأشكال عن عدم صرف المساعدة الاجتماعية عن شهرَي أيار وحزيران، والرواتب والمعاشات التقاعدية التي سوف تستحق خلال شهر تموز، في حال عدم إيجاد الحلول الناجعة قبل تاريخ 4/7/2022.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :