يبدو أن لبنان الرسمي يجنح نحو الديبلوماسية، في معالجة مشكلة ترسيم الحدود البحرية مع العدو الإسرائيلي، الذي إستقدم باخرة سحب الغاز اليونانية العملاقة «إنرجيان باور» إلى حقل كاريش المتنازع عليه بين لبنان والدولة الصهونية.
العودة إلى سلوك الواقعية السياسية، وما تعنيه من تبريد الرؤوس الحامية، وقطع الطريق على المزايدات والخطابات الشعبوية، من شأنها أن تُسهل فتح الطريق أمام تسوية مُشرّفة ومقبولة، قياساً على وضع الدولة اللبنانية المتهالك حالياً، وشبه المعزول عن الدعم العربي، والتأييد الأوروبي، ويعاني من تفكك داخلي أضعف أوصال السلطة، فضلاً عن دوامة الإنهيارات التي تعصف بالبلد على مختلف المستويات الإقتصادية والمالية والإجتماعية.
ثمة بوادر لتسوية ديبلوماسية بدأت تلوح بالأفق عشية وصول الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين إلى المنطقة الإثنين المقبل، ظهرت خطوطها من الجانب الإسرائيلي في إعلان وزراء الدفاع والنفط والخارجية الإسرائيليين بأن الباخرة اليونانية لن تدخل المنطقة المتنازع عليها مع لبنان، فيما الجانب اللبناني عاد لتكرار تمسكه بالخط ٢٣ ، وإعتبار الخط ٢٩ بمثابة خط تفاوضي. الأمر الذي يُفسر عدم إقدام الحكومة اللبنانية، ورئيس الجمهورية على عدم تعديل المذكرة ٦٤٣٣ المرسلة إلى مجلس الأمن عام ٢٠١٢حول ترسيم الحدود البحرية منطلقاً من الخط ٢٣.
المعلومات المتداولة أن الرؤساء الثلاثة تجاوزوا مرحلة الخلاف وما رافقها من نقاش حاد حول أيٍّ من الخطين يجب إعتماده في أساس المفاوضات، لصالح الخط ٢٣، رغم كل الضجة المثارة من قبل رئيس الفريق العسكري السابق الذي خاض المفاوضات الأخيرة بخرائط الخط ٢٩، ثم إعتكف عن الجولات اللاحقة رفضاً للتراجع إلى الخط ٢٣.
ولكن الجديد في الجولة المقبلة من مهمة الوسيط الأميركي يتمثل بدخول حزب الله إلى القاعة الديبلوماسية، بخلاف كل الخطابات العسكرية السابقة، من خلال تكليف مسؤول العلاقات الخارجية في الحزب بمتابعة مجرى المفاوضات سواء على مستوى الوسيط الأميركي في بيروت، أو بالنسبة للمفاوضات غير المباشرة في الناقورة.
أهمية كل هذه التطورات تكمن في ترجيح الحل الديبلوماسي وإعطائه الأولوية على الخيارات الأخرى، وعدم إستعداد أحد، في تل أبيب أم في بيروت، للجوء إلى القوة، والإنزلاق إلى حرب جديدة في الإقليم، في وقت ينشغل به العالم في الحرب الأوروبية في أوكرانيا.
نسخ الرابط :