التحرك الإسرائيلي في المنطقة البحرية المتنازع عليها حشر لبنان في وضع لا يُحسد عليه. ثمة ضياع في أوساط أهل الحكم وتباعد في الرؤية من الموقف الرسمي الواجب إتخاذه للرد على مقترحات الوسيط الأميركي، وثمة عجز بنيوي في تحديد الخطوة اللبنانية الرادعة الواجب تنفيذها للحد من التمادي الإسرائيلي في انتهاك الحقوق اللبنانية المشروعة في الثروة النفطية.
الكلام الباهت الصادر عن رئاسة الجمهورية حول التشاور مع رئيس حكومة تصريف الأعمال في خطوات الرد على الإستفزازات الإسرائيلية الأخيرة، لم يكن بمستوى المخاطر المحدقة بالبلد، بعد تجاوز الدولة الصهيونية حدود المفاوضات غير المباشرة، والعمل ميدانياً في فرض تسلطها على الحقوق اللبنانية، بدعم من الولايات الأميركية، وعلى مرأى من العالم كله.
هذه المواجهة الديبلوماسية، والمرجحة للتحول إلى إنفجار عسكري في أية لحظة، تتطلب إستنفاراً وطنياً شاملاً على مختلف المستويات السياسية والرسمية والوطنية، وصولاً إلى الإسراع في تشكيل حكومة إئتلافية، تكون قادرة على إتخاذ القرارات الصعبة، وإستنهاض حركة تأييد واسعة للموقف اللبناني في العواصم العربية والأجنبية، تمهيداً للجوء إلى مجلس الأمن الدولي ليضع يده على هذا الملف الشائك، ويتحمل مسؤولية الحفاظ على السلام في المنطقة، والتوصل إلى مخارج تسويات مقبولة للنزاع اللبناني مع العدو الإسرائيلي.
هذه القضية من الخطورة ما تستوجب على الدولة، والدولة وحدها، تحمل مسؤوليتها الوطنية والتاريخية في مواجهة التحدي الإسرائيلي، ولا يحق لحزب الله، أو لأي فريق سياسي أو حزبي آخر، إتخاذ قرار الحرب والسلم عن الدولة، والتفرد بخطوات المواجهة الميدانية بمعزل عن إرادة وخيار الأطراف اللبنانية الأخرى.
تردُّد أهل الحكم في التحرك سريعاً لا يُفيد، بقاء وزير الخارجية في بيروت ليطلق التصريحات من خلف مكتبه لا ينفع، بل عليه تحريك صداقات لبنان الخارجية، والذهاب إلى بلدان القرار ووضعهم في تفاصيل الحقوق اللبنانية في المنطقة البحرية المتنازع عليها، وإنتزاع أكبر عدد ممكن من مواقف التأييد للبنان.
أما ما يتردد عن مقترحات أميركية للإستثمار المشترك بين لبنان وإسرائيل لآبار المنطقة المتنازع عليها، فهو ملف يحتاج إلى حديث آخر.
نسخ الرابط :