هكذا «يسيطر» حزب الله على لبنان: منع التطبيع وحماية لبنان وثرواته

هكذا «يسيطر» حزب الله على لبنان: منع التطبيع وحماية لبنان وثرواته

 

Telegram

 

أكثر ما يلفت في الساحة اللبنانية أنّ صدى معظم الشعارات والاتهامات الإسرائيلية ضد حزب الله يتردّد حرفياً في الداخل اللبناني، على ألسنة قوى سياسية ومؤسسات إعلامية. العبارة الأكثر ترداداً هي «سيطرة حزب الله على لبنان» التي يبدو واضحاً أنها باتت من الأدبيات المدروسة، ويوجد قرار باعتمادها كجزء من الخطاب السياسي والأمني والإعلامي في كيان العدو. في هذا السياق، لم يأتِ اتهام رئيس وحدة الأبحاث والتقدير الاستخباري في الاستخبارات العسكرية (أمان) العميد عميت ساعر لحزب الله بالسيطرة على الدولة اللبنانية من فراغ، مع علمه بعدم مطابقة هذا التوصيف للواقع اللبناني.

الاتهام جاء في سياق مقابلة أجرتها قبل أيام صحيفة «إسرائيل اليوم» مع ساعر، الرجل الثاني في الجهاز، ركّزت، من ضمن عناوين محلية وإقليمية، على قضية «من يسيطر على الدولة اللبنانية؟» والثمن الذي تدفعه إسرائيل نتيجة الاستقرار (الأمني) في لبنان، والهاجس الذي تشكّله شخصية الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ودوره في الساحتَين الإقليمية واللبنانية وحقيقة علاقته مع إيران.

من المسلَّم به أن اسرائيل التي تركّز جهدها الاستخباري على لبنان ملمّة تماماً بتفاصيله الداخلية، وبأن تركيبته الطائفية والسياسية لا تسمح بمثل هذه السيطرة، وبحجم الهيمنة الأميركية على كثير من مؤسسات الدولة اللبنانية. مع ذلك، يتكرّر إطلاق هذا الاتهام وفق معيار محدد يتصل بدور الحزب في منع إسرائيل من تحقيق أطماعها في لبنان. وهو أمر شرحه أكثر من مسؤول إسرائيلي، أبرزهم رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو في كلمة أمام الكنيست، في تشرين الأول 2020، بالتأكيد أنه «طالما استمر حزب الله في السيطرة على لبنان، فلن يكون هناك سلام مع هذا البلد». بكلام آخر، ما دامت المقاومة تحول دون التطبيع مع إسرائيل ودون شرعنة الاحتلال الصهيوني لفلسطين وتحدّ من الخضوع للإملاءات الأميركية والإسرائيلية، سيبقى - بالنسبة لإسرائيل - مسيطراً على الدولة اللبنانية.

هذا النوع من «السيطرة» هو ما يُثير غضب القيادة الإسرائيلية لإدراكها أنه لولا وجود المقاومة كقوة ردع فعالة لما اضطرت إلى إجراء مفاوضات ندية مع الحكومة اللبنانية حول الحدود البحرية. إذ اعتادت فرض إملاءاتها استناداً إلى ما تتمتع به من قوة، لكنها عندما يتعلق الأمر بلبنان المثخن بأزماته، فضلاً عن ضعفه «التكويني»، تجد نفسها عاجزة عن تفعيل هذه القوة بما يسمح لها بتحقيق أطماعها ومصالحها. وإلى قوة الردع التي تمثلها المقاومة في وجه الاعتداءات الإسرائيلية، فإنها تلعب دوراً رئيسياً، في هذه المرحلة، في منع السيطرة على الثروات الطبيعية للبنان، وهذا ما يزيد النقمة الإسرائيلية والأميركية على «سيطرة» حزب الله.

لكن لعلّ أخطر ما ينطوي عليه كلام ساعر، ونتنياهو وغيرهما، هو «الثقة» بأنّ هناك قوى سياسية في لبنان لا تمانع الالتحاق بركب التطبيع مع إسرائيل، لولا هذه «السيطرة». وهو ما ورد بوضوح على لسان سلف ساعر، العميد درور شالوم (رئيس الشعبة السياسية والأمنية في وزارة الأمن حالياً)، عندما رأى أن «هناك أرجحية عالية لتطور المفاوضات البحرية إلى اتفاقية سلام، لكن حزب الله قادر على أن ينسف ذلك» (يديعوت أحرونوت/ 9/10/2020). والتدقيق في هذا المفهوم يبيّن أن لدى العدو قناعة بأن إنهاء «سيطرة» الحزب، وفق الفهم الإسرائيلي للسيطرة، يُعبّد الطريق أمام التحاق لبنان بقافلة المهرولين للتطبيع مع العدو. ناهيك عن أنّ ترسيخ مقولة «السيطرة» وتعمّد استخدامها، وترديدها لبنانياً، تبعد المسؤولية عن حلفاء الولايات المتحدة في الداخل اللبناني عن الانهيار الاقتصادي والمالي في لبنان، وتحمّل حزب الله و«سيطرته» المسؤولية عن ذلك كله.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram