افتتاحية صحيفة البناء :
الدولار يلامس الـ 6000 نزولاً… والعرض يتواصل للدولارات المنزليّة استباقاً للحكومة التشكيلة الحكوميّة تتبلور اليوم مع زيارة الحريريّ لبعبدا لحسم العدد والحقائب / حردان لـ"الميادين": الأولويّة في لبنان هي لوجود الحكومة... وفي حزبنا لوجود المحكمة
يستمر المناخ التفاؤلي بولادة حكومة جديدة بعد مرور أكثر من شهرين على استقالة حكومة الرئيس حسان دياب، وفي ظل انسداد سياسيّ عطّل فرصة نجاح المبادرة الفرنسية وأسقط فرصة حكومة الرئيس مصطفى أديب، وفي ظل تصاعد الأزمات المعيشية والخدمية والاقتصادية والمالية، من الفلتان في الأسعار وفقدان العديد من السلع، وخصوصاً الأدوية، الى تراكم النفايات وانقطاعات الكهرباء، ونتائج تفجير المرفأ وفقدان فرص العمل وأماكن السكن، والتفاؤل المستجدّ مع تسمية الرئيس سعد الحريري رئيساً مكلفاً لتشكيل الحكومة الجديدة يتصاعد مع كسر الجليد والتقدّم المحقق في الحوار بينه وبين رئيس الجمهورية ميشال عون بعد فتور ممتدّ على مساحة عام كامل تخللته مراحل تصعيد كان آخرها ما سبق تكليف الحريري، والتفاؤل تجسّدت مؤشراته الأبرز بتراجع سعر صرف الدولار 30% خلال أقل من أسبوع، بعدما لامس الدولار سعر الـ 6000 نزولاً من سعر لامس الـ 9000 ليرة.
اليوم يزور الحريري بعبدا للمرة الثالثة منذ تكليفه الخميس الماضي، ووفقاً لمصادر على صلة بالملف الحكومي، فإن الرئيس الحريري بات يملك في جيبه تصوراً أولياً لحجم الحكومة وتوازنات توزيع الحقائب فيها على الطوائف والكتل السياسيّة، كما بات يملك في جيبه لوائح بأسماء مقترحة أو مرشحة لتولي بعض الحقائب، والتصوّر والأسماء تعبير عن حاصل التشاور الذي أجراه الحريري مع عدد من ممثلي الكتل ومع الرئيس عون بصورة خاصة، كما بات لدى الحريري تصور عن العقد التي يجب حسم الموقف من كيفية التعامل معها لتسلك التشكيلة الحكوميّة طريقها الى الأمام، وأبرز العقد وفقاً للمصادر، إمكانية تبادل حقيبتي الداخلية والخارجية بين الرئيسين عون والحريري، بما يتيح توزير السفير مصطفى أديب في الخارجية، وكيفية تسمية الوزير الدرزي الثاني، سواء في حكومة من 20 أو 22 او 24 وزيراً، واستكشاف العدد النهائيّ للوزراء بناء على تقييم التوازنات في الساحة المسيحيّة، حيث يمكن الفرق بين الصيغ العددية، بينما لا تأثير للفارق في المواقع المسلمة في الحكومة، وحسم أمر وزارة الطاقة، لجهة طلب موافقة رئيس الجمهورية على عدم تولي التيار الوطنيّ الحر لتسمية وزيرها ومقايضتها على الأرجح مع وزارة الأشغال التي طالما كان التيار يرغب بتوليها.
مساعي تشكيل الحكومة تسابق موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية الثلاثاء المقبل، أملاً بعدم ترك الاستحقاق الأميركي يؤدي لتأجيل تلو تأجيل، وضمور قوة الدفع التي تولّدت ما بعد التكليف.
رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي رئيس الكتلة القومية النيابية النائب أسعد حردان أطل في حوار على قناة "الميادين"، متحدثاً عن الوضع الحكومي والسياسي في لبنان والعلاقات اللبنانية السورية، قائلاً إن ما يقلق في الوضع اللبناني هو تزامن التراجع في منسوب الأمن الاجتماعي مع ارتفاع في منسوب الخطاب الطائفي وضعف حضور مؤسسات الدولة، فتصير الأولوية الكبرى هي بمنع الفراغ، وأول عناوين ذلك هي ملء الفراغ الحكومي، معتبراً أن وجود حكومة تملأ الفراغ يتقدّم على اسم رئيس الحكومة، وبوجود مرشح واحد هو الرئيس الحريري كان من الطبيعي القيام بتسميته ليتحمل المسؤولية.
عن الوضع الداخلي في الحزب السوري القومي الاجتماعي، قال حردان إن الحزب يقوم على تداول السلطة وإن الشوائب المشكو منها في العملية الانتخابية كان ممكناً البتّ بها عبر المحكمة الحزبية لولا حل المحكمة، عارضاً التحكيم بديلاً، والمؤتمر الجامع لانتخاب هيئات قيادية يلتزم الجميع بشرعيّتها.
أكد رئيس الكتلة القومية الاجتماعية النائب أسعد حردان أن الكتلة سمّت الرئيس سعد الحريري في استشارات التكليف في بعبدا انطلاقاً من قراءة واقعية للواقع السياسي اللبناني، أولاً لأن الحريري هو المرشح الوحيد، وثانياً لأننا نرفض الفراغ الذي يضرّ بالبلد ويعطل المؤسسات، وثالثاً كي يتحمّل الحريري المسؤولية لكونه جزءاً مما وصلنا إليه.
وفي حوار على قناة الميادين نفى حردان أن تكون تسمية الكتلة للحريري جاءت بطلب أو باتصال من الرئيس نبيه بري أو أي جهة أخرى، كاشفاً أنه تلقى اتصالاً من النائب بهية الحريري عبرت خلاله عن تقصير تيار المستقبل تجاه الحزب السوري القومي الاجتماعي أعقبه اتصال من الرئيس الحريري وعبّر أيضاً عن تقصير تجاهنا وأعلن استعداده لإرسال وفد إلينا.
وأوضح في مجال آخر، أن القرار السياسيّ في لبنان كان ضمّ مجزرة حلبا الى أحداث بيروت، كاشفاً أن رئيس الجمهورية استدعى مدّعي عام التمييز سعيد ميرزا آنذاك لسؤاله عن عدم فصل الملفين، فأجاب بأن هذا الملف متشابك مع بعضه البعض، فلجأنا الى القضاء على مستوى عائلات الشهداء للادعاء على القاتلين لكن القضاء ونتيجة تعرّضه للضغوط بات مرهوناً بقرار سياسي، إلا أننا سنتابع هذا الملف حتى التوصل الى نتيجة.
وعن دور الحزب القومي في سورية في مواجهة الإرهاب، شدد حردان على أننا اتخذنا قراراً بالوقوف عملانياً الى جانب سورية ووضعنا كل قوة الحزب المتدرّبة في كل المناطق السورية بالتنسيق مع الجيش لمكافحة الإرهاب ودفع الحزب ضحايا وجرحى وشهداء اضافة الى الشهداء الذين دفعناهم في لبنان ضد المشروع التقسيمي، مضيفاً أن الحزب كان موجوداً في كل مواقع المواجهة مع الإرهاب في سورية.
كما أكد حردان في هذا السياق أن المشروع الخارجي ضد سورية سقط لكن الحرب لم تنتهِ إضافة الى تصاعد الضغوط السياسية والاقتصادية عليها، وشدّد على أننا كحزب نقف الى جانب سورية التي وحدها قادرة على اقامة الحوار بين أبنائها وإنجاز التعديلات الدستورية لتأمين استقرار سورية ومصلحتها.
وحول مشروع التطبيع الإسرائيلي وبعض الأنظمة العربية لفت حردان الى أن التطبيع جزء من صفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية، وتغيير أولويات الأنظمة وإبعادها من دعم القضية الفلسطينية لكن ستبقى الإرادة الفلسطينية ووحدة الموقف الفلسطيني ويبقى لبنان والعراق والقوى المقاومة الذي يشكل التكامل القومي في المنطقة كسورية التاريخيّة الطبيعية الحاضنة لفلسطين ولموقف المواجهة مع العدو الاسرائيلي.
وأضاف حردان: هناك عدو مشترك يستهدف سورية ولبنان والعراق وفلسطين والمواجهة يكون بتساند وتكامل اقتصاديّ بين هذه الدول، ولو نسقنا كلبنانيين مع العراق وسورية لكان حجم الأزمات في لبنان أقل، متسائلاً لماذا التأخير في فتح قنوات التواصل مع سورية التي تصبّ في مصلحة لبنان؟ وكشف حردان أنه أبلغ الحريري بأن هناك مؤتمراً سيُعقد حول النازحين في سورية وأن على لبنان أن يكون حاضراً فيه ودعا الحكومة اللبنانية العتيدة أن تولي المسألة الاقتصاديّة أهمية قصوى.
وعن الوضع داخل الحزب، أوضح حردان أن للحزب القومي تاريخاً طويلاً منذ استشهاد أنطون سعادة المعلم والقائد ومؤسس الحزب، وظنوا باغتياله أنهم يغتالون حزبه، لكن بوهج دماء القوميين وتضحياتهم استمرّ الحزب. ولفت حردان الى أن الحزب من موقعه لا ينوي الانشقاق والانقسام ولذلك طرحنا مبادرة نعتقد أنها تلبي حاجة القوميين: مؤتمر قومي على ثلاثة أيام يشترك فيه كل مَن يرغب ويطرح كل هواجسه وأفكاره ينتهي بتوصيات ملزمة للجميع ثم تُجرى انتخابات يحتكم الجميع إليها، أو إنشاء لجنة تحكيم حزبية لـ 15 يوماً تفصل بالشكوى المقدّمة من القوميين.
الحريري في بعبدا اليوم
في غضون ذلك، لا تزال الأجواء التفاؤليّة بقرب ولادة الحكومة تسود المشهد الحكوميّ، إذ من المتوقع أن يزور الرئيس المكلف سعد الحريري بعبدا اليوم للمرّة الثالثة لعرض تصوّره لشكل الحكومة على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وفي حال تم الاتفاق على هذا الأمر سيعود الحريري بعد أيام قليلة إلى عون بتشكيلة نهائية مع أسماء الوزراء.
مصادر "البناء" لفتت إلى أن الحكومة تنتظر تفاهماً نهائياً بين الرئيسين عون والحريري على أمرين: الحصة المسيحيّة وتوزيع الوزراء والحقائب على الكتل النيابية التي تمثل المسيحيّين في المجلس النيابي، والثاني المداورة في الحقائب مع حسم وزارة المالية لوزير اختصاصي يسمّيه رئيس مجلس النواب نبيه بري. ورجّحت المعلومات ولادة الحكومة خلال عطلة نهاية الأسبوع، إذا ما تذللت العقد المتبقية، وأكدت أنّ هناك شبه اتفاق على أن تكون الحكومة مؤلفة من عشرين وزيراً من غير الحزبيين بل من الاختصاصيين المسيّسين. أما الحكومة، فستقوم على توازن سياسي من ثلاثة أثلاث مع وزيرين إضافيين:
6 وزراء لثنائي أمل وحزب الله وحلفائهما.
6 وزراء لرئيس الحكومة وتيار المستقبل وحلفائهما.
6 وزراء لفريق رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر وحلفائهما، إضافة إلى وزير درزي ثانٍ يجري اختياره بالتوافق بين ثلاثي عون - رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط - والنائب طلال أرسلان، ووزير مسيحي آخر.
وبحسب المعلومات أيضاً فإنّ مبدأ المداورة الذي يتمسّك به عون لا يشمل وزارة المالية التي حُسمت خلال مشاورات التأليف التي تولاها السفير مصطفى أديب ومع الحريري قبيل تكليفه، أمّا وزارة الطاقة فلم تُحسَم، وربما لن تكون للتيّار الوطني الحر وستجري مقايضتها بوزارة الأشغال، كما أنّ وزارة الداخلية تنتظر اعتماد مبدأ المداورة لمبادلتها بالخارجيّة بين الرئيسين عون والحريري.
ووفق المصادر، فإن حزب الله سيسمّي وزراء اختصاصيين غير محزبين لكنهم يؤيدون المقاومة سياسياً وكذلك حركة أمل، كما أنّ الحزب سيطالب بوزارة الصحة لكنه لن يصرّ عليها إذا كانت ستعرقل
التأليف، علماً أنه لم يحسم من الحصة الشيعية سوى المالية.
وتتحدث المصادر عن ثلاث عقد ممكن أن تعرقل التأليف:
إذا أصرّ عون على مبدأ المداورة الشاملة.
إذا رفض الحريري إعطاء الداخلية لعون مقابل نيله الخارجية أو الدفاع.
إذا أصرّ جنبلاط على تسمية الوزير الدرزي الثاني.
وأكد عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب قاسم هاشم لـ"البناء" أنّ "الأجواء الحكوميّة إيجابية والنيات جيّدة لدى مختلف الأطراف. وهناك تفاهم شبه نهائي حول صورة الحكومة، وهي ستكون شبه تكنوسياسية لكن بوزراء من ذوي اختصاص بخلفيّات سياسية ستسمّيهم الكتل بعرض عشرة أسماء لكل حقيبة، على أن يختار من بينهم الرئيس المكلّف بالتعاون مع رئيس الجمهورية". وكشف أنّ "الحكومة ستكون من 20 وزيراً، فيما باتت وزارة المال خارج النقاش وستكون من حصة التنمية والتحرير باسم غير حزبي، والمداورة مطروحة على الحقائب الأخرى". ورفض قاسم وضع مهلة محددة لولادة الحكومة، مضيفاً أنّ "الأيام الثلاثة المقبلة ستكون حاسمة"، مشيراً إلى أن الرئيس نبيه بري أبدى استعداده للتدخل لتذليل أي عقدة ممكن أن تظهر على طريق التأليف.
هواجس مسيحيّة
في المقابل، أشارت أوساط مطّلعة على مقرّ رئاسي شريك في مشاورات التأليف لـ"البناء" إلى أنّ "التشاور مستمرّ ومكثّف على خط بعبدا - بيت الوسط على مدى الـ 24 ساعة، لكن لم يتم الاتفاق النهائي على هيكلية الحكومة وحجمها وتوزيع الحقائب، ولا على الأسماء بل تجري جوجلة الأفكار التي طرحها الرئيس المكلّف على رئيس الجمهورية". ولفتت الأوساط إلى أنّ تفاصيل الحكومة تحتاج إلى مزيد من الوقت ولا يمكن التكهّن بتوقيت معين لولادة الحكومة في ظل توجّس مسيحي من اتفاق بين المسلمين على الحكومة وتهميش المسيحيين، وهذا يظهر بموقف البطريرك الماروني بشارة الراعي أمس، ورسالته إلى الرئيس المكلّف. فيما موقف البطريرك لا يعبّر عن موقف الكنيسة فحسب، بل عن موقف التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، بحسب مصادر الطرفين.
ومع أنّ التكتم سيّد الموقف في بعبدا، لكن أوساط مطّلعة أشارت إلى أنّ رئيس الجمهورية يلعب دوره ويمارس صلاحياته كشريك للرئيس المكلّف في تأليف الحكومة، وفقاً لما ينص عليه الدستور، وبالتالي سيقف عند كل تفصيل كي تأتي الحكومة على قدر آمال وتطلعات اللبنانيين وتكون قادرة على مواجهة التحديات وإنقاذ البلد، مع تأكيدها بأنّ رئيس الجمهورية سيسهّل قدر الإمكان، ولا مصلحة له ولا للبلد بتأخير الحكومة. وشدّدت المصادر على أن العلاقة عادت إلى مجاريها بين الرئيسين عون والحريري؛ وهذا ما ظهر خلال عملية التكليف وفي لقاءي السبت والأحد".
صمت بيت الوسط
ووفق أجواء بيت الوسط الذي يعتصم بالصمت على قاعدة "تعاونوا على قضاء حوائجكم بالكتمان"، فإنّ الحريري يبذل قصارى جهده للانتهاء من تشكيل الحكومة قبيل الانتخابات الرئاسية الأميركية لتقدير المحيطين به بأنّ الضوء الأخضر الأميركي الممنوح له الآن للسير في تأليف الحكومة، قد يتغيّر مع رحيل الإدارة الحالية، وتبوّء إدارة جديدة سدة المسؤولية ما يعني ترحيل الملف الحكومي إلى أشهر ريثما يستتب استقرار الحكم في أميركا. وأشارت الأجواء إلى أن الحريري منفتح على التعاون مع رئيس الجمهورية وكافة الأطراف السياسية لتأليف الحكومة بأسرع وقت، وما يهم الرئيس المكلّف أكثر من هيكلية الحكومة وتسمية الوزراء هو أن تكون فاعلة ومنتجة وقادرة على إنجاز المهمة المكلفة بها وإقرار بنود الورقة الإصلاحيّة في المبادرة الفرنسية".
ولفت عضو كتلة "المستقبل" النائب محمد الحجار الى أن "الحكومة ستتشكّل بأسرع وقت ممكن، لأن البلد بحالة اقتصاديّة ماليّة خطيرة جداً تفرض أن تكون هناك حكومة مكتملة الصلاحيات تستطيع أن تقوم بالإصلاحات المطلوبة منها، وأن تفتح المجال أمام المساعدات الخارجيّة". وأكد الحجار أن الحكومة إذا تشكلت بمواصفاتها المطلوبة ونالت الدعم المطلوب من القوى السياسية والكتل البرلمانية فإنها قادرة على إنقاذ الوضع الاقتصادي".
العقوبات تغطية على التراجع الأميركيّ
في المقابل أشار مصدر في فريق المقاومة لـ"البناء" إلى أنّ المؤشرات الإقليمية والدولية مساعدة على إنتاج حلّ في لبنان، مع أخذ الحذر بشكل دائم من المكر والغدر الأميركي. ولفت إلى أنّ "أميركا وبعد فشل مشاريعها ورهاناتها في لبنان والمنطقة وجدت نفسها بين خيارين: إمّا حكومة تحدٍّ تؤدي إلى انهيار لبنان ومعه حلفاؤها من فريق 14 آذار سابقاً، وبالتالي تهديد المصالح الغربية في لبنان لصالح دول وقوى إقليمية تعتبر خصماً لأميركا كروسيا والصين أو عدوة كإيران وإما حكومة تسوية رابح - رابح فاختارت الثاني". ورأى في استمرار واشنطن بالعقوبات المالية على مسؤولين في حزب الله تغطية على التنازلات التي قدمتها واشنطن في لبنان في ملفي الترسيم والحكومة، وتوقع المصدر أن يعلن عن عقوبات أميركية جديدة عشية تشكيل الحكومة لحرف الأنظار عن تراجع الأميركيين في لبنان لصالح تأليف حكومة تريح حزب الله في لبنان بعد سنوات من الضغوط والحصار والتعطيل.
التلاعب بالدولار
وواصل سعر صرف الدولار تأرجحه في السوق السوداء وسط فوضى تسود في السوق السوداء، ففي حين شهد السوق إقبالاً على بيع الدولار بمزيد من انخفاضه في حال تأليف الحكومة تقوم بعض الجهات النافذة من سياسيين ومصرفيين وتجار إلى المضاربة والتلاعب والتحكم بالسوق لتحقيق أرباح اضافية خلال فترة التبدل في أسعاره، في المقابل لم يؤثر هذا التراجع الكبير في سعر الصرف على الدولارات المكتنزة والمخزنة في المنازل بسبب تردد أصحابها ببيعها لعدم ثقتهم واقتناعهم بأن الدولار سيهبط ويعتبرون أن هذا الهبوط مرحلي يسبق موجة ارتفاع جديدة.
ويرى خبراء ماليّون واقتصاديّون أنه "لم يتغيّر شيء في الأسُس الاقتصادية والعرض والطلب على حاله، كما أنه لا يمكن القول إن الثقة عادت، ولكن تكليف رئيس حكومة جديد أرخى جوًا من الارتياح النفسي ليس أكثر"، مؤكدين أن "هذا الانخفاض المرحلي في سعر صرف الدولار مرحلي، وإذا لم يحصل أي حلول جذرية لمعالجة الخلل في ميزان المدفوعات سيزيد الطلب على الدولار في السوق السوداء مجددًا".
حل أزمة النفايات
على صعيد آخر، أفضت الاجتماعات المكثفة التي عقدت أمس، بين عدد من نواب منطقة بيروت والضاحية الجنوبية مع المسؤولين في الدولة إلى حل أزمة النفايات، وذلك بعدما اجتاحت أكوام النفايات مناطق عدّة في بيروت والضاحية.
ولهذه الغاية عقد اجتماع بين وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني وقد ضمّ النائبين أمين شري وفادي علامة، ورئيس اتحاد بلديات الضاحية محمد درغام، وممثلين عن الشركات المتعهّدة كَنس النفايات وجَمعها في مختلف المناطق.
وأوضح شري بعد اللقاء أن "المشكلة الأساسية هي موضوع تحويل الحوالات من الدولار إلى الليرة اللبنانية". وأضاف "طُرِحَت اقتراحات وافق الوزير وزني على تبنّي أحدها وهو محل قبول من المتعهّدين، على أن يتولى الوزير نقلها إلى حاكم مصرف لبنان لاتخاذ الإجراءات المناسبة". وأعلن أن "المتعهّدين التزموا مباشرة أعمالهم ليل اليوم (أمس) الاثنين".
إلا أن مصادر متابعة للملف تخوفت من تملص مصرف لبنان من تنفيذ الحل المتفق عليه بين وزارة المال والبلديات والشركات ونواب المنطقة على غرار ما حصل في قانون الدولار الطالبي الذي أقرّ في مجلس النواب مؤخراً ونشر في الجريدة الرسمية، لكنه لم ينفذ بسبب تقاعس المصارف ومصرف لبنان عن تطبيقه.
**********************************************************
افتتاحية صحيفة الأخبار :
وزارة الطاقة تقترح زيادة سعر البنزين لتمويل متعهدي الكهرباء: شحّ الدولارات يهدّد بالعتمة
قطاع الكهرباء على المحكّ. بعد الاستقرار النسبي في إمدادات الفيول للمعامل، بدأت أصوات المتعهّدين ترتفع. كل المعدّات وقطع الغيار والصيانة تستورد بالدولار، فيما هي لا تقبض مستحقاتها. التهديد صار جدّياً. قد يصيب الجمود قطاعات الإنتاج والنقل والتوزيع، إذا لم تحصل على الدولارات الطازجة. سبق أن اتُّفق مع مصرف لبنان على آليّة تضمن استمرار العمل، لكن التنفيذ لم يدم، ما يهدّد باقتراب الكارثة
كل القطاعات تهوي على وقع شحّ الدولار. قطاع الكهرباء لا يزال، رغم سوء أحواله، صامداً بالحدّ الأدنى. لكن صرخة المورّدين والمتعهّدين ومقدّمي الخدمات باتت تهدّد بإمكان توقّف الخدمات في القطاع، بما يقود مجدداً إلى القلق من احتمال العتمة الكاملة. تلك كارثة فعلية تنتظر الناس، إذا لم يعمد المعنيّون الى إيجاد حلول جذرية. لكن في ظل الواقع الراهن، يدرك الجميع أن الأمور تتجه نحو الأسوأ. عبارة "الكارثة" ترد على كل لسان. أكثر من شركة تتمنى الرحيل، مدركة أن كل ما يمكن أن تحصّله من أرباح لم يعد يساوي حتى الكفالات الموضوعة. مع ذلك، فإنّ الكل يتحدث عن الصمود، لكن على أن تلاقيهم وزارة الطاقة وبعدها مصرف لبنان في وسط الطريق. فهي لم تعد قادرة على العمل في ظل عدم قبض مستحقاتها من جهة، واضطرارها إلى تغطية أغلب نفقاتها بالدولار. مؤسسة كهرباء لبنان تغرق في الديون. انخفاض عائداتها ساهم في زيادة عجزها، بما يجعلها غير قادرة حتى على تسديد مستحقات المورّدين بالليرة. حتى لو تمكّنت من ذلك، فهذا يعني خسارة هؤلاء لما يزيد عن 500 في المئة من أموالهم بسبب الفارق بين سعر الصرف الرسمي للدولار وسعر السوق. المعدّات وقطع الغيار كلها تُستورد بالدولار، وفي ظلّ حرمانها من العملة الصعبة لا قدرة لها على تأمين حاجاتها.
قبل انهيار سعر الصرف، لم يكن أيّ من المتعهّدين يعترض على قبض مستحقاته بالليرة، بالرغم من أن العقود تحدّد الدولار عملة للتعاقد. ذلك طبيعيّ عندما كان سعر الصرف ثابتاً، لكن بعد وصول سعره في السوق السوداء إلى 8000 ليرة، مقابل استقرار السعر الرسمي على 1515، لم يعد بالإمكان القبض بالليرة. ولأنّ أيّاً من الشركات غير مستعد لتكبّد هكذا خسارة، بدا ذلك تمهيداً لإمكانية تقنين استيراد المعدات وقطع الغيار الضرورية، وبالتالي التوقف عن العمل تدريجياً. الحديث يشمل هنا كل مستويات العمل: الإنتاج والنقل والتوزيع والمقاولات.
في بداية الصيف، تنفّست تلك الشركات الصعداء. جرى الاتفاق مع مصرف لبنان على تأمين بعض من مستحقاتها بالدولار. الاتفاق قضى بتقسيم الدفعات بين الدولار النقدي والدولار والليرة. وقد شمل كل المتعهدين ولا سيما شركات تشغيل وصيانة المعامل، البواخر التركية، وشركات مقدّمي الخدمات… لكن هذا الاتفاق لم يدم طويلاً. في وزارة الطاقة تأكيد أن مصرف لبنان أوقف الدفع، بعد تعيين نواب الحاكم الذين طلبوا مراجعة هذه الاتفاقات. بالنتيجة، لم يحصل مقدّمو الخدمات على الدولارات الطازجة سوى مرة أو اثنتين. البواخر التركية، نظراً الى ضخامة المبلغ المستحق لها (نحو 150 مليون دولار) حصلت على دفعات أكثر. لكن كل ذلك توقّف تماماً في تشرين الأول. ثمّة من يربط هذا التوقف بكثرة الحديث عن توقف الدعم. من تولّى مسؤولية التحويلات الخارجية كان نائب حاكم مصرف لبنان سليم شاهين. وهو كان قد شكّك بإمكانية تحويل الشركات لأرباحها إلى الخارج، طالباً ضمانات لعدم حدوث ذلك. أمس، عُقد اجتماع بين ممثلي الشركات مقدمة الخدمات وبين المصرف، لمحاولة الإجابة عن عدد من الملاحظات التي أبداها، والتأكيد أن نسبة ثلث المستحقات التي يمكن الحصول عليها بالدولار بالكاد تكفي لتأمين المعدّات الضرورية للحفاظ على استمرارية التوزيع وتأمين خدمات الزبائن.
تشير مصادر الشركات إلى أن الاجتماع كان إيجابياً جداً، حيث أكد نائب الحاكم الحرص التام على القطاع وعلى استمراريته. ومقابل خشية المصرف من تحويل أرباح الشركات إلى الخارج بحجة الدفع للموردين العالميين، تم الاتفاق على أن يعمد المصرف إلى تحويل المبالغ المطلوبة إلى الموردين مباشرة، ومن دون المرور بمقدمي الخدمات، علماً بأن هذا الاتفاق يغطي السنة الحالية والسنة المقبلة. وفيما خرج ممثلو الشركات مطمئنين إلى مجريات الاجتماع، إلا أن أحدهم اعتبر أن العبرة تبقى في السرعة في التنفيذ، لأنه كلما مرّ الوقت ازداد عجزها عن القيام بأعمال الصيانة وتركيب المعدات. تجزم المصادر بأن كلامها ليس تهديداً، بل هو تعبير عن أمر واقع يعانيه كل المتعاقدين مع الدولة.
بحسب ما تردد، فقد اقترحت وزارة الطاقة في الاجتماعات التنسيقية تخفيض دعم البنزين خمسة في المئة (من 90 إلى 85 في المئة)، على أن تؤول الأموال التي يمكن توفيرها من تخفيف الدعم، والمقدّرة بـ300 مليون دولار سنوياً، إلى المتعهّدين المتعاقدين مع الدولة. ذريعة الوزارة أن هذا المبلغ يمكن أن يضمن استقرار قطاع الكهرباء، من دون أن تكون كلفته كبيرة على الناس، حيث يفترض أن يرتفع سعر صفيحة البنزين ما بين ألف وألف و250 ليرة فقط.
شركة "كارادينز"، التي لديها متأخّرات على الدولة تصل إلى 150 مليون دولار، بما يعادل 10.7 ملايين دولار شهرياً، سبق أن راسلت الوزارة داعيةً إلى الالتزام بالعقد (الدفع بالدولار). تفيد المصادر بأن الشركة، التي تؤمّن ?? في المئة من الإنتاج الإجمالي للكهرباء، لم تهدّد بالرحيل، لكنها لمّحت إليه. مع ذلك، تؤكد هذه المصادر أن الشركة باقية، وكلّ ما تطلبه هو التعاون للحفاظ على قدرتها على تأمين الخدمة. ولذلك، كان الاتفاق على أن تتقاضى ثلث مستحقاتها الشهرية بالدولار، مقابل أن تحصل على الثلثين الباقيين بالدولار والليرة اللبنانية. لكنّها أسوة بغيرها، لم تتقاضَ هذا الشهر مستحقاتها بالدولار الأميركي. تؤكد مصادر وزارة الطاقة أن المجلس المركزي صار أكثر تشدداً بمراقبة الدولارات الخارجة من لبنان. ولذلك، إن التوقف مرتبط بالتأكد من مسار هذه الأموال.
الأسوأ لم يأت بعد. شركتا "Prime South" المشغّلة لمعملَي الزهراني ودير عمار، وMEP، المشغّلة لمعملَي الزوق والجيّة الجديدين، تعانيان للحصول على قطع الغيار التي تضمن استمرارية عمل القطاع. MEP، التي لم تقبض مستحقاتها منذ تسعة أشهر، راسلت كهرباء لبنان أكثر من مرة أيضاً. الشكوى واحدة: لم نعد قادرين على تأمين استمرارية عمل المعامل، بسبب النقص في السيولة. "برايم ساوث" على سبيل المثال، تواجه مشكلة أكثر جدّية. بالرغم من أنها تشترك مع MEP في المعاناة نفسها، إلا أن الخشية من توقّف معملَي دير عمار والزهراني تزداد حدّة، بالنظر إلى كونهما يؤمّنان النسبة الأكبر من الإنتاج. ذلك ليس كل شيء. سبق أن التقى المدير التنفيذي لبرايم ساوث نائبَ حاكم مصرف لبنان، لتحرير مبلغ من المال بالدولارات الطازجة بشكل طارئ. في المعامل، إضافة إلى الصيانة الدورية، تجرى للتوربينات صيانة شاملة كل 40 ألف ساعة (بين أربع وخمس سنوات). هذا الإجراء، بحسب العقد، لا يمكن أن تقوم به سوى الشركة المصنّعة للتوربينات. تشرين الثاني هو موعد الصيانة الشاملة لأحد التوربينات في دير عمار، فيما تتبعه صيانة توربينين في الزهراني في الربيع. عملية الصيانة تلك تكلّف ?? ملايين يورو لكل توربين، ويفترض أن يجري التحضير لها قبل شهرين. لم يحصل ذلك، لكن الوعد بدفع الأموال في بداية الشهر الحالي لم يُنفّذ أيضاً. وهذا يقود إلى احتمال تمديد فترة إطفاء التوربين إلى أكثر من شهرين (يمكن أن يطفأ التوربين في الموعد المحدد حتى لو بدأت عملية صيانته، لأن تشغيله يزيد من الأضرار التي يمكن أن تلحق به). وزير الطاقة، بدوره، يؤكد أن الأمر اضطراري، لكنه ينتظر مصرف لبنان.
*********************************************************
افتتاحية صحيفة النهار
إيجابيات مسار التأليف تقاوم محاولات التفخيخ!
على رغم زيادة منسوب الغموض حيال مسار تأليف الحكومة الجديدة، في ظل انقطاع معالم التحركات واللقاءات العلنية على الأقل التي يجريها رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، كما في ظل ستار الكتمان الشديد الذي يفرضه بيت الوسط على مجريات المشاورات والاتصالات، كما بدا واضحا ان بعبدا فرضت بدورها ستارا مماثلا من الكتمان منذ الاحد الماضي، علمت “النهار” مساء امس ان مسار التأليف لا يزال يسير في اتجاه إيجابي. وفيما حافظت المعطيات المتوافرة عن مسار التأليف على المناخ الإيجابي الذي ذكر انه لا يزال يشكل نقطة ارتكاز في الاتصالات الجارية بعيدا من الأضواء، فان ذلك لم يحجب المعالم الحذرة حيال مسعى الرئيس الحريري الى استكمال تصوره للتركيبة الحكومية التي يدفع في اتجاه استيلادها بأسرع وقت من وزراء اختصاصيين وذوي خبرات ولا ينتمون الى أحزاب. ويبدو ان الساعات الثماني والأربعين الأخيرة بدأت تشهد بلورة قوية لترابط نشأ بين مسألة المداورة في تولي الحقائب الوزارية، ولا سيما منها الحقائب السيادية والخدماتية وتمثيل المسيحيين في الحكومة العتيدة في ظل حصر التفاوض حول هاتين النقطتين الشائكتين بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية ميشال عون، الامر الذي يوحي بان الحل او التعقيد في هذه المفاوضات سيغدو في يد الرئيس عون تحديداً. واذا كان قرار الحريري واضحا لجهة التزام التشاور مع الرئيس عون في كل ما يتصل بالحقائب والوزراء المسيحيين، فان الامر سينشئ ارباكات ومحاذير بدأت تثير من الآن انتقادات ومواقف سلبية للقوى المسيحية باعتبار ان أي توافق بين عون والحريري سيؤدي الى احتكار عون وعبره تياره الحصة الوزارية المسيحية، وفي حال التعقيد والعرقلة ستنشأ مشكلة محتملة بين الرئيسين من شأنها وضع عملية التأليف برمتها على كف الاهتزاز.
عقدة المداورة
وبازاء طرح موضوع المداورة في اللقاء الأخير بين عون والحريري الاحد الماضي في قصر بعبدا، وبعد استثناء حقيبة المال التي ستبقى من حصة الشيعة، بدت هذه المسألة مرشحة لتعكير الإيجابيات التي حكي عنها في اليومين الماضيين، ولو ان الأوساط المتصلة بالرؤساء والمعنيين لا تزال تشير الى ان مناخات الإيجابيات لم تتراجع. وتقول هذه الأوساط ان المشاورت تجري حاليا حول مجمل هيكلية الحكومة العتيدة بما يعني الخوض تفصيليا في شكل الحكومة وعدد وزرائها وتوزيع الحقائب فيها ونوعية الوزراء ومعايير تعيينهم. وفهم في هذا السياق ان عدد الوزراء لم يحسم نهائيا بعد وان كان الاتجاه الغالب هو الى حكومة ما بين 20 و24 وزيرا وان الحريري حريص للغاية على عدم حصول أي تعقيد يتصل بالتمثيل المسيحي والحقائب التي ستسند الى المسيحيين، وان هذا الامر سيعالج بروية مع الرئيس عون . كما ان الأوساط تؤكد ان الحكومة لن تضم وزراء سياسيين بل اختصاصيين من ذوي الخبرات الذين توافق عليهم القوى السياسية. وتحدثت معلومات مساء امس عن إشكالية جديدة نشأت حول حقيبة الصحة التي يطالب بها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في حين يتشدد “حزب الله” برفضه التخلي عنها ويريدها من حصته. ناهيك عن ان الفريق الجنبلاطي قد لا يحصل الا على حقيبة واحدة لان النائب طلال أرسلان يطالب بحقيبة أخرى لكتلته مع انه قاطع استشارات التكليف ورفض عودة الحريري الى رئاسة الحكومة. وفيما يكثف الحريري مشاوراته بعيدا من الأضواء ولا سيما مع الرئيسين عون ونبيه بري، يبدو في حكم المستبعد ان ينتهي مخاض تأليف الحكومة هذا الأسبوع خصوصا وان نقاطا أساسية لم تحسم بعد ولا يبدو حسمها وشيكا ومنها موضوع المداورة وتوزيع الحقائب بين القوى الأساسية.
ولكن اوساطا سياسية معنية بالملف الحكومي لاحظت تركيز البعض على ما وصف بالعقدة المسيحية في حين انه لا وجود فعليا لهذه العقدة من الناحية الطائفية ولن يكون واردا ان يسمح الرئيس الحريري باي مزايدات عليه في هذا السياق. وأكدت ان المواقف السياسية المبدئية من الحكومة شيء والمزايدات التي يراد لها ان تلصق بالرئيس الحريري اتهامات غير موضوعية شيء أخر، ولذا لن يطول الوقت ليدرك الجميع ان الرئيس المكلف يتخذ نهجا وطنيا شموليا حيال جميع الطوائف والفئات والأحزاب في مسار تشكيل الحكومة بما لا يبقي مجالا لاي مزايدات.
في أي حال تفاوتت التقديرات حيال الموعد المحتمل للولادة الحكومية هذا الأسبوع او اكثر والتي تبقى رهن نتائج المساعي التي يبذلها الرئيس الحريري في الأيام المقبلة التي تكتسب طابعا مفصليا لا يفترض معه ان تطول فترة التأليف اكثر من أيام بعدما حصرت النقاط الأساسية التي ستنطلق منها عملية استكمال التشكيل.
وفي المواقف السياسية انتقد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع امس مجريات تأليف الحكومة وقال انه “اذا كان هناك مسعى لاي اصلاح فعلي فيجب تشكيل حكومة مستقلين فعلية بالدرجة الأولى من وزراء كفوئين واختصاصيين لان الامر يتطلب عملا وخطوات يومية وسرعة في اتخاذ القرارات. فاذا تم تشكيل حكومة على هذا الشكل فللبحث صلة لكن يبدو ان لا أمل في هذه الحكومة لانها بدأت التشكيل على أساس وعود للثنائي الشيعي والحزب التقدمي الاشتراكي بإعطائهم حقائب معينة وهي احد أسباب جمود الوضع أضف الى ذلك انهم يسمون وزراءهم. وسينسحب ما يحصل مع الثنائي الشيعي على التيار الوطني الحر والآخرين”. واعتبر جعجع “ان الحكومة ستكون في احسن الحالات شبيهة بحكومة حسان دياب فماذا نكون قد فعلنا ؟ لا شيء سوى تضييع وقت إضافي”.
****************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
جعجع لا يرى “أملاً” والجميّل يدعو إلى “المواجهة”
التأليف يخوض “المعمودية المسيحية” والتسميات “شراكة حلبية”
بين تكتم شديد وصمت مطبق يحبس الأنفاس، يواصل القيّمون على الطبخة الحكومية عملية تطعيم مكوناتها والمزج في مقاديرها بين النكهتين الاختصاصية والسياسية لترضي مذاق “طهاة” التأليف، بما يتيح تسريع إنضاجها على نار حامية تمهيداً لتقديمها إلى قصر بعبدا ووضعها على طبق “المراسيم”. لكن حتى الآن، لم يتسرّب من مطبخ التأليف أكثر من مجرد روائح تفوح بالإيجابيات وتفرط بالتفاؤل بولادة وشيكة للحكومة العتيدة، من دون اتضاح الأسس التي سترتكز عليها عملية مطابقة حساب الحقل الاختصاصي مع حسابات البيدر السياسي، ليبقى السؤال المحوري: هل سيتمكن الرئيس المكلف سعد الحريري من سدّ الشهيات المفتوحة على تقاسم القالب التخصصي، ليخرج بتوليفة غير حزبية وغير سياسية قادرة على فتح الأبواب الموصدة دولياً وعربياً في وجه مساعدة لبنان؟
فإذا كان الثنائي الشيعي قد حُلّت عقدته “المالية” وفق الصيغة التي اعتمدت أيام تكليف مصطفى أديب ولا تزال مفاعيلها سارية حتى اليوم، فإنّ الأوساط المواكبة للملف الحكومي تؤكد لـ”نداء الوطن” أنّ “إبصار الحكومة النور في وقت قريب مرهون بعبورها بنجاح “معمودية” الحصة المسيحية التي باتت عملياً العقبة الجدية الأخيرة أمام استيلاد التشكيلة المرتقبة”، موضحةً أنّ “الرهان راهناً هو على أن تستمر أجواء التوافق مخيمة على المشاورات الجارية بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف، خصوصاً وأنّ الأسبوع الحالي سيشكّل منعطفاً مفصلياً في مسار الأمور مع تبلور طرح الحريري لخارطة التوزيع الطائفي للحقائب الوزارية، بما سيؤدي تلقائياً إلى اتضاح التصوّر العوني للحصة المسيحية في الحكومة، وتبيان هل سيشكل هذا التصوّر عنصراً مسهّلاً أو مفرملاً لاندفاعة الحريري، باعتبار أنّ حسم حصة رئيس الجمهورية كمًّا ونوعاً في التشكيلة الحكومية سيكون بمثابة مفتاح حل وربط في حصص القوى المسيحية الأخرى المشاركة فيها”.
وفي هذا السياق، تداولت مصادر سياسية خلال الساعات الأخيرة معطيات تتحدث عن إمكانية أن يصطدم الحريري بطلب عون حصة وزارية من 7 اختصاصيين بالأصالة عن رئاسة الجمهورية وبالنيابة عن “التيار الوطني الحر”، الأمر الذي قد ينتج عنه استحواذ عون ومن ورائه رئيس التيار جبران باسيل على “الثلث + واحد” ضمن حكومة عشرينية، ما قد يضع الرئيس المكلف أمام خيار من اثنين إما رفض طلب رئيس الجمهورية أو إعادة توسعة الحكومة لتكون مؤلفة من 22 وزيراً على سبيل المثال”.
أما ما يتصل بمسألة التسميات الوزارية، فتشير الأوساط المواكبة إلى أنّ الحريري لا يزال يصرّ على عدم العودة إلى صيغة “تسليم” القوى السياسية أسماء وزرائها لإسقاطها على مراسيم التأليف، معربةً عن اعتقادها بأنّ تسمية الوزراء ستخلص إلى إنتاج ما يشبه “الشراكة الحلبية” بين الرئيس المكلف ومختلف القوى المشاركة في الحكومة لاختيار شخصيات محسوبة “إسمياً لا تنظيمياً” على الأحزاب والكتل”، مع إشارتها إلى أنّ “الاتجاه حتى الساعة هو نحو تغليب عقلية تدوير الزوايا في مسألتي المداورة والتسميات على ما عداها من نزعات تعطيلية وكيدية”.
وفي المقابل، بدأت تتكون معالم جبهة مسيحية معارضة للحكومة العتيدة، تصدّرها بالأمس رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع من خلال تشبيهها “بحكومة حسان دياب”، مؤكداً أنه لا يرى “أملاً في هذه الحكومة لأنها بدأت التشكيل على أساس وعود للثنائي الشيعي والحزب التقدمي الاشتراكي بإعطائهما حقائب معيّنة، وهو ما سينسحب على “التيار الوطني الحر” والآخرين”. واستدرك: “لا أريد أن أحكم على الأمور قبل أن تصبح واقعاً، لكن ما هو ظاهر لغاية الآن هو business as usual يعني كما كانت تجري العادة، ولو كان هناك نتيجة من المجموعة الحاكمة لما أوصلت البلاد إلى هنا”.
تزامناً، شنّ رئيس حزب “الكتائب اللبنانية” النائب المستقيل سامي الجميل هجوماً موازياً على “حكومة المحاصصة والتعطيل بناء على توجيهات حزب الله الذي بات يقرر شكل الحكومة ومن يشارك فيها” داعياً “القوى التغييرية الى توحيد الجهود للمواجهة”. وأضاف إثر لقائه المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش: “مرة جديدة حدد السيد حسن نصرالله قوانين اللعبة والجميع يلتزم بها، قال إنّ على الأطراف السياسية ان تسمي الوزراء وهذا ما يحصل اليوم. عدنا الى منطق المحاصصة والى ارتكاب الأخطاء نفسها بتشكيل حكومة شبيهة بسابقاتها وستحمل معها التناقضات ولن تشكل فريق عمل واحداً بل ستدخل في المتاهات التي شهدناها في الحكومات السابقة”.
****************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط:
الحريري يضع الخطوط العريضة للحكومة… وينطلق بجولة جديدة من المشاورات
جعجع يتحدث عن «إدارة سيئة» للتشكيل ولا يتوقع تغييراً جوهرياً
بدأ رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري، أمس، جولة جديدة من الاتصالات والمشاورات بعد أن وضع الخطوط العريضة للتشكيلة الحكومية التي يفترض أن يعرضها على الرئيس اللبناني، خلال أيام، بعد الانتهاء من مشاوراته مع الكتل السياسية، وسط أجواء إيجابية تتحدث عنها المعلومات، من غير الإعلان عن التفاصيل التي يحيطها تكتم شديد.
ولم يحدث أي خرق يشوّش على الإيجابية التي أحاطت مساعي تشكيل الحكومة في الأيام الماضية. وينكب الحريري في مهمته على بلورة هيكليّة الحكومة، أي شكلها وعدد وزرائها وإلى من ستسند الحقائب، كما ذكرت تقارير محلية.
وتنطلق المشاورات من مبدأ المداورة بالحقائب من دون أن تطال وزارة المال التي يتمسك بها «الثنائي الشيعي» من حصته، فيما تحدثت تقارير عن «نوايا حسنة توصلت إليها الكتل السياسية في المرحلة الأولية سمحت بالحديث عن أجواء إيجابية»، لافتة إلى «اتفاق على تعاون وشراكة مع الكتل النيابية للتوصل إلى تشكيلة حكومية». وأوضحت أن الحريري يعمل الآن على حلحلة المشاكل التي برزت في السابق.
وجدد البطريرك الماروني بشارة الراعي، أمس، مطالبته بتشكيل «حكومة إنقاذية»، قائلا إن البلاد «باتت بحاجة إلى حكومة مستقلة تضع خطة إنقاذية أساسها إعادة تكوين السلطة في مسار دستوري ديمقراطي سلمي وسليم».
وقال: « آن الأوان لتطبيق ما نص عليه الدستور في هذا الموضوع. الشعب في حالة قلق وعوز ولا ثقة. فالمطلوب من الحكومة العتيدة التي يجب أن تكون مميزة عن كل سابقاتها أن تضع خطة إنقاذية مالية اقتصادية اجتماعية».
وشدد على ضرورة «تنسيق جهود الوزارات والنقابات المعنية لمكافحة جائحة (كورونا)، وإجراء الإصلاحات الفورية لمواجهة كل من الأزمة المالية والمصرفية والاقتصادية، وأزمة الكهرباء، وهدر المال العام، وتفشي الفساد، واستقلالية القضاء. ومن بعدها العمل على إعادة تشكيل السلطة وفقا للدستور».
وتأتي المساعي الحكومية في ظل انتقادات لمبدأ المحاصصة الطائفية والسياسية للحقائب فيها، إذ تحدث رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع عن «إدارة سيّئة جدا في ظل هذا التأليف»، قائلا: «ما هو ظاهر لغاية الآن» يشي بأن الأمر يعالج «كما كانت تجري العادة». ورأى أن «المجموعة الحاكمة»، في إشارة إلى «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» و«حركة أمل» و«تيار المستقبل»: «لو أرادت الإنتاج لأنتجت العام الماضي وما قبله وقبله، عندما كان لبنان لديه احتياطيات في البنك المركزي، ونتحدث هنا عن نحو 50 و60 مليار دولار. إذن، هذه المجموعة ذاتها ستعيد تسمية الوزراء، ولو أن هؤلاء الوزراء شخصيات جديدة يبقى القرار لدى المجموعة الحاكمة».
وتساءل جعجع: «كيف سنأمل بجديد؟ جلّ ما يمكننا أن نأمل به أن تكون النتيجة ذاتها، لكن قد يتمكنون من القيام ببعض العمليات التجميلية ليقولوا إننا نقوم بالإصلاحات، لكن أحدا لن يعتبرها إصلاحات، كما لن تعطي مفعول إصلاحات ولن تؤدي إلى أي نتيجة معيّنة».
وأوضح أن «القوات ستمنح الثقة للحكومة الجديدة وفق المعيار الذي تنتهجه منذ أكثر من 4 سنوات، وهو في الوقت الحاضر أن لا ثقة لدينا بكل صراحة بالأحزاب الرئيسية المتمسكة بالسلطة على خلفية النتيجة التي وصل إليها البلد. وهو ليس موقفا مسبقا، ولدينا علاقة ودّية لا عدائية مع أكثريتهم، لكن النتيجة التي وصل إليها البلد تدل على أن طريقة التصرف هذه تخرب لبنان».
وفيما يخص ربط النزاع بين الحريري و«حزب الله» حول السلاح، رأى جعجع في حديث إذاعي أنه «على المستوى الاستراتيجي، قد تنفع الخطوة، بمعنى أن وضع البلد الاقتصادي والمالي كما هو حاليا لا يسمح بالدخول في مائة مشكلة ومشكلة، لكن على المستويين الاقتصادي والمالي لا يمكن استبعاد هذا العامل المسمى سلاح (حزب الله) لأسباب مباشرة». وسأل: «هل يمكن بوجود هذا السلاح بتّ مسألة المعابر غير الشرعية التي تكلّف وحدها لبنان بين مائة و50 مليون دولار وثلاثمائة مليون دولار؟ وهذا السلاح يحتاج إلى موارد وهذه الأخيرة غير شرعية، فمن أين هذه الموارد؟ هي جزء من الفساد الموجود في الدولة ومحيطها».
واعتبر أن «النقطة الأهم هي أن (حزب الله) ومن أجل المحافظة على سلاحه، أقام تحالفات في الداخل مع أحزاب وقيادات قبلت بهذا السلاح، مقابل مساعدة الحزب لهم في السلطة، وهؤلاء من يقومون بالفساد في الوقت الحاضر».
********************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
التأليف ينتظر ترجمة الايجابيات.. وعون والحريري أمام اختبار التزامهما بالتعاون
المناخ الإيجابي الذي ساد نهاية الاسبوع الماضي، وأوحى بأنّ مراسيم تأليف الحكومة ستصدر منتصف الأسبوع الجاري، تكوّنت فيه بعض الغيوم، وفرضَت على المركب الحكومي أن يُبطىء مساره قليلاً، ويتريّت ريثما تُمطر؛ فإذا ما أمطرت إيجابيات فإنه يُكمل إبحاره سريعاً الى ميناء الولادة الموعودة، أمّا إذا أمطرت سلبيّات فإنه يُقفل عائداً أدراجه الى النقطة التي انطلق منها؟
على أنّ تحديد الوجهة التي سيسلكها المركب الحكومي مَرهون بما ستُفضي إليه المشاورات الجارية بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، التي ستستأنف في لقاء ثالث وشيك بينهما، تعوّل عليه مصادر مواكبة للملف الحكومي بأن يؤسّس لاختراق نوعي يُطلق العدّ التنازلي لولادة الحكومة الموعودة في غضون أيام معدودة لا تتجاوز نهاية الاسبوع الجاري، وهذا بالتأكيد رهن بما ستنتهي إليه مشاورات الحريري مع عون، وكذلك جولة مشاوراته الجديدة مع الاطراف السياسية.
إيجابيّات… ولكن!
وعلى الرغم من مسارعة الرئيسين الى وضع الحكومة الجديدة في المخاض، وحرصهما على إحاطة مشاوراتهما بالإيجابية وتغليفها بنيّات صافية وبرغبات مشتركة بعدم تضييع الوقت والتعاون الى أقصى الحدود لاستيلاد الحكومة الموعودة في أسرع وقت، إلاّ أنّ كل هذه الايجابيات شكلية لم تقترن حتى الآن بترجمة حاسمة لها.
وعلى ما يقول مواكبون لحركة التأليف فإنّ الحديث عن ايجابيّات «طابشة» أو سلبيات «طابشة» ايضاً، هو أمر مبالغ فيه ولا يعكس الصورة الحقيقية للمشاورات، فكفّتا الايجابيّة والسلبيّة متعادلتان ومتوازيتان حتى الآن، وأمام هذا التعادل تبقى كل الاحتمالات واردة. وبالتالي، من المبكر القول بإمكان حصول اختراق نوعي عاجل يُسرّع مخاض التأليف، أو حصول طارىء تدخل معه الشياطين الى اي تفصيل، فيرجّح كفّة السلبيات ويقطع هذا المخاض نهائياً!!
وفي رأي هؤلاء إنّ هذا الامر يتطلّب جهداً مضاعفاً من قبل الرئيسين عون والحريري للالتقاء على مساحة مشتركة، خصوصاً انّ الهدف الاساس هو الوصول الى حكومة بالحد الاعلى من التوافق عليها، ويرى كل رئيس نفسه فيها.
واعتبر هؤلاء أنه من الطبيعي ألّا يبلغ ملف التأليف حتى الآن «مرحلة السلاسة» التي يتمنّاها المتحمّسون لولادة سريعة لحكومة ينتظرها مشوار طويل من العمل والإنجاز، ذلك أنّ مقاربتَي عون والحريري للملف الحكومي، وإن كانا يحاولان أن يصوّرانها على أنها منفتحة وواقعية وموضوعية، الّا انها في جانب أساسي منها أقرَب ما تكون الى عملية استطلاعية يقومان بها كلٌّ من زاويته، لِكشف ما في جعبة الآخر، وهي عملية محفوفة بالحذر المتبادل، فكلّ واحد منهما لا يريد أن يُلدغَ من جُحر الآخر مرة ثانية. ولكلّ منهما نظرته الى ملف التأليف، ولكلّ منهما أوراقه المكشوفة وكذلك المستورة، ذلك أنّ ما هو مُتجَمّع بينهما من تراكمات وَلّدتها التجارب السابقة بين الرئيسين وتيّارَيهما السياسيين، وأصابت علاقتهما بارتجاجات وتصدّعات وتفسّخات، أقوى من أن تلحمها عواطف سطحية أو مجاملات شكلية، او تجاوز صورة المواقف ما فوق العالية، والحجارة السياسيّة الثقيلة التي تدحرجت في الاتجاهين قبل التكليف، واعتبارها صفحة وطُويَت مع التكليف، أو غَض النظر عن الفجوة العميقة بينهما والتعامل معها وكأنّها قد سُدّت وردمت بالكامل».
ماذا تحقق؟
وفيما اعتبرت مصادر سياسية انّ مرحلة الاستطلاع هذه ستستلزم بعض الوقت، أكدت مصادر موثوقة لـ«الجمهورية» انّ عون والحريري تراجَع كلّ منهما خطوة امام الآخر، ولقد تَجَلّى هذا التراجع في قرار غير مُعلن من قبلهما بتجاوز تلك التراكمات، وعدم جعلها عاملاً مؤثراً على مسار التأليف. ومن هنا كان الاتفاق غير المعلن على خط التأليف، بالنظر الى الامام وليس الى الخلف، وتشكيل الحكومة في غضون أسبوع، وهما متحمّسان لهذا الأمر، وقرارهما هو تدوير زوايا أي مَطبّ او عقدة تتدحرج في طريق التأليف، وعدم فتح المجال لأيّ تشويش على حركة المشاورات التي تجري، ومن هنا يأتي تَكتّمهما الشديد حيال مجريات البحث بينهما.
وبحسب المصادر نفسها فإنه يمكن القول إنّ ما يزيد على الـ70 في المئة من البناء الحكومي يمكن القول إنه قد تم إنجازه كما يلي:
– التوافق المشترك على ان تكون ولادة الحكومة في وقت قياسي، خلافاً لكل الفترات السابقة التي كان يأكل فيها التأليف أسابيع وشهوراً طويلة.
– شكل الحكومة لم يعد محلّ خلاف، وباتَ أكيداً الذهاب الى حكومة اختصاصيين، مع أنّ هناك من يطالب حتى الآن بحكومة تكنوسياسية، الّا أنّ الأرجحية هي لحكومة الاختصاصيين اللاحزبيين.
– حجم الحكومة لم يعد مشكلة، فالرئيس المكلف، الذي عَبّر عن رغبته بحكومة مصغّرة، هو منفتح على حكومة عشرينية.
– لا ثلث معطلاً لأيّ طرف في الحكومة.
– لا خلاف على جَعل وزارة المالية من ضمن الحصة الشيعية.
– موضوع المداورة في الوزارات الاخرى مطروح بشكل جدي، ولكنه لم يحسم بشكل نهائي حتى الآن، إذ انّ العقدة تكمن في كيفية اعتمادها، وعلى اي اساس، وأي وزارات ستشمل، وهل ستكون مداورة شاملة (باستثناء المالية للشيعة) أم مداورة جزئية؟ إنّ الاجابات عن هذه الاسئلة ليست سهلة، ولا يوجد مخرج بيَد الرئيس المكلّف لهذه المسألة.
– توزيع الحقائب الوزارية لم يحسم بدوره حتى الآن، كما لم يتم الدخول في أسماء الوزراء، وهذا رَهن بجولة المشاورات التي سيجريها الرئيس المكلف، سواء مع رئيس الجمهورية أو مع الكتل النيابية او الاطراف السياسية. وهنا تبرز مطالبات للرئيس المكلف، بضرورة مقاربة هذا التوزيع بموضوعية وبصورة تُراعي حجم كلّ طرف، لا ان يتمّ ذلك بصورة انتقائية تُظهِر أنّ طرفاً بسمنة وطرفاً بزيت.
– إنّ تسمية الوزراء لن تشكّل عقدة على ما كانت عليه خلال تأليف حكومة مصطفى اديب، بل هناك اتفاق على ان تكون التسمية مشتركة، لا أن تُسمّى الاسماء من طرف واحد.
– الحصة الرئاسية في الحكومة لم تحسم بعد، علماً انّ هناك توجهاً لدى رئيس الجمهورية وفريقه في أن يَحظى بالنسبة الاعلى من الوزراء المسيحيين.
وتِبعاً لذلك، تؤكد المصادر: «اذا استمرّت الايجابية على هذا المستوى فإنّ الحكومة ستولد قريباً جداً، فضلاً عن انّ الرئيسين عون والحريري محكومان بإنجاح التأليف. فهذه الحكومة بقدر ما هي حاجة للحريري ليُحدِث من خلالها نقلة نوعية في الأداء وفي فرصة لتحقيق إنجاز إنقاذي يُسَجّل له، فهي في الوقت نفسه حاجة أكبر لرئيس الجمهورية باعتبارها الحكومة الاخيرة للعهد لذلك يريدها حكومة نوعية، ولا يريد في الوقت نفسه ان يدخل إليها مكبّل اليدين.
لا معوقات
واللافت في مسار التأليف تَجَنّب الحديث عن معوقات قد تؤخّره، فرئيس الجمهورية يكتفي عبر المكتب الاعلامي لرئاسة الجمهورية بالاشارة الى ايجابيات البحث والحديث عن تقدّم من دون الدخول في اي تفاصيل، امّا الرئيس المكلف فلم تَبدر عنه أي اشارة الى وجود عراقيل، إضافة الى انّ اجواءه تشير الى انه يلمس تسهيلات. وهو ايضاً يقدّم تسهيلات.
هذه الاجواء تؤكد عليها الاطراف، فـ»التيار الوطني الحر» يؤكد انه سيعتمد الحد الاعلى من التسهيل، وملتزم بما يوافق عليه رئيس الجمهورية. ورئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط ما زال يؤكد على التِقاط فرصة المبادرة الفرنسية، ولا يرى ما يوجِب التأخير في تشكيل الحكومة والشروع في تطبيق مندرجات المبادرة. و»الثنائي الشيعي»، وكما تؤكد مصادره لـ»الجمهورية»، أكّد على تعاطيه الايجابي الى أقصى الحدود، مع تشديده على التعجيل بحكومة وفق تركيبة نوعيّة تضمّ كفاءات وأصحاب خبرة بحجم المرحلة، تتولى عملية الانقاذ وإجراء الاصلاحات المطلوبة لإخراج البلد من أزمته.
4 أيام !
المناخ السياسي المواكب لحركة المشاورات يَشي بشيء من الارتياح، فالقوى السياسية، على اختلافها، في صورة انّ ولادة الحكومة باتت مسألة ايام، الّا اذا طرأ ما لم يكن في الحسبان. ويبرز في هذا السياق موقف لافت لمرجع سياسي معنيّ بملف التأليف، حيث قال لـ«الجمهورية»: «إذا بَقينا على هذا المنوال الايجابي فالحكومة قد لا تتأخر عن 3 او 4 أيام على أبعد تقدير، لأنّ الرئيسين عون والحريري شَرعا في عملية التأليف بكل جدية وانفتاح، ويفترض ان تؤتي هذه العملية ثمارها في القريب العاجل».
الّا انّ المرجع المذكور لفت الانتباه الى «أنّ ما يخشاه هو ان تَطلّ الشياطين برؤوسها من وراء الحيطان، وتضع العصي في دواليب الحكومة، وهذا ما يجب ان ينتبّه اليه الرئيسان عون والحريري». وأضاف: «عندما تم تكليف الحكومة، تم وضع سقف زمني للتأليف خلال 10 ايام، والباقي من هذه المهلة ايام قليلة، فإن لم تتشكّل الحكومة خلالها، أخشى ان ندخل بعدها في دهليز تظهر فيه المفاجآت السلبية، وتفتح فيه الشهيّات من كل حدب وصوب».
وأوضَح: «البلد اليوم بحاجة لأن تركب الحكومة أمس قبل اليوم، فنحن في سباق مع الزمن لترجمة النيات الطيبة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف».
وإذ أشار الى انه لا يتوقع من رئيس الجمهورية الا ان يكون عاملاً مساعداً في تأليف الحكومة، شدّد على أن يكون الرئيس المكلف رَحِب الصدر، فيستوعب المكونات السياسية كلها، ليس فقط من أجل أن يتمكن من تأليف الحكومة ونيل ثقتها في المجلس النيابي، بل انّ الأهم هو أن تُقلع الحكومة على أرضية صلبة، وبخلفية احتضانية لمهمتها بما يساعدها على النجاح في هذه المهمة، فكلما كان الداخل مجتمعاً حول هذه المهمة، كلما سَهلت عليها وتمتّعت بعنصر قوة امام الخطوات والمهمات الصعبة التي تنتظرها، سواء على المستوى الاصلاحي، او المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، او الاجراءات الانقاذية الموجعة التي ستتخذها. فالمسار طويل وينبغي ان يُرفَد بدعم داخلي كامل، فمهمة القوى السياسية ان تنزل كلها عن أشجارها، ومهمة الحكومة والرئيس المكلف تحديداً هي العمل على أن يعيد اللحمة للبلد، وأن تأتي حكومته معبّرة عن كل اللبنانيين، ولا يشعر معها اي طرف بأنه محبط، الا اذا اراد طرف ما او مكوّن ما ان يخرج نفسه، فهذا شأن آخر».
بري
ويُنقل في هذا السياق عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري قوله: انّ الوقت ليس في صالحنا، ويجب ان تتشكّل الحكومة من دون أي إبطاء، فأمامها مهمة صعبة تستوجِب ان تُواكَب بدعم كامل من كل الاطراف، والانقاذ مسؤولية الجميع، والمهمة الانقاذية للحكومة يجب ان تكون مهمة مُغطّاة بأوسع مواكبة شعبية وحزبية ونيابية لتحقق الهدف المنشود بإخراج لبنان من أزمته، ووَضعِه على سكة الانتعاش والنهوض من جديد.
ميزان ذهب!
في السياق نفسه أكد قطب نيابي وسطي لـ«الجمهورية» انّ المطلوب من فريق التأليف، والمقصود هنا رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، ان يعتمدا الواقعية في التأليف، من دون النظر الى اي خلفيات خلافية او تفاهمية بينهما. فالبلد امام صفحة جديدة يفترض ان تقارب بالقدر الأعلى من الواقعية والعقلانية، وبالقدر الأكثر من أعلى بالاستفادة من كل أداء المراحل السابقة الذي شكّل إدانة صريحة للطبقة السياسية الحاكمة. لذا، امام الرئيسين عون والحريري فرصة تقديم تشكيلة حكومية معدة بميزان الذهب، تراعي التركيبة الداخلية وتوازناتها، اي صيغة متجانسة تُعبّر عن الجميع، ومحددة مهمتها بهدف وحيد؛ هو إنقاذ لبنان، ولا تشكّل استفزازا لأيّ طرف، حتى لأولئك الذين على خصومة مع رئيس الجمهورية، او الذين لم يسمّوا الرئيس المكلف في استشارات التكليف.
الراعي
الى ذلك، جدّد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في افتتاح اعمال السينودس، التأكيد على انّ المطلوب من الحكومة العتيدة، التي يجب ان تكون مميزة عن سابقاتها، ان تضع خطة إنقاذية.
وقال: «لا بد من تنسيق جهود الوزارات والنقابات المعنية لمكافحة كورونا».
وطالبَ الراعي بـ«إجراء الاصلاحات الفورية لمواجهة الازمة المالية والاقتصادية وازمة الكهرباء وتفشي الفساد واستقلالية القضاء، ومن بعدها العمل على إعادة تشكيل السلطة وفقاً للدستور».
جعجع
بدوره، أعلن رئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع، في حديث إذاعي، «أن «القوات» ستمنح الثقة للحكومة الجديدة وفق المعيار الذي تنتهجه منذ أكثر من 4 سنوات، مشيراً الى أن «لا ثقة للقوات بالأحزاب الرئيسية المُمسكة بالسلطة».
وأوضح جعجع «أنّ هذا الموقف ليس مسبقاً، مؤكداً أن لدى «القوات» علاقة ودية لا عدائية مع أكثريتهم، لكنّ النتيجة التي وصل إليها البلد تدلّ الى أنّ طريقة التصرّف هذه تخرب لبنان».
ولفت جعجع إلى أنه «إذا كان هناك مسعى لأي إصلاح فِعلي، فيجب تشكيل حكومة مستقلّين فعلية بالدرجة الأولى، من وزراء يتمتعون بالكفاءة واختصاصيين يعلمون تماماً كيفية العمل، لأنّ الأمر يتطلب عملاً وخطوات يومية وسرعة في اتخاذ القرارات».
أزمة مستعصية
من جهة ثانية، ومع بروز أزمة شركات النفايات، يَتّضِح أنّ هذا الملف معقّد، ولا يُرجّح أن يلقى أي حلٍ قريب، بما يعني انّ البلد مُقبل على مرحلة جديدة في هذا الموضوع، ستعيدنا الى عهود سابقة، حين كان مشهد النفايات المكدسة في الشوارع مألوفاً.
في هذا السياق، أوضح مصدر مسؤول في وزارة المال لـ«الجمهورية» انّ الوزارة سدّدت كل مستحقات شركات النفايات، لكنّ المشكلة تكمن في النقاط التالية:
اولاً – لدى هذه الشركات عقود مع الدولة اللبنانية بالليرة وبالدولار. في السنوات السابقة، وعندما كان الدولار متوفراً، كان يتم تسديد عقود الدولار بالدولار، وعقود الليرة بالليرة، أمّا اليوم فإنّ وزارة المال تسدّد كل العقود بالعملة الوطنية، وعلى اساس السعر الرسمي للصرف (1507 ل.ل. للدولار). مع الاشارة الى أنّ اكثر من 80% من مجموع العقود مُبرمة بالدولار وليس بالليرة.
ثانياً – ترفض المصارف ان تستوفي من شركات النفايات قروضها المعقودة بالدولار بما يوازيها بالليرة، وعلى اساس السعر الرسمي.
ثالثاً – تعجز الشركات التي تمتلك حسابات مصرفية بالدولار من سحب كميات كافية من هذه الاموال على سعر دولار المنصة (3900 ل.ل).
رابعاً – تضطر الشركات بطبيعة عملها، سواء لجهة صيانة المعدات التي تستعملها او شراء معدات جديدة او اجور العمال الاجانب، الى دولارات طازجة في حين انها لا تستطيع الحصول على هذه الدولارات من أي مصدر.
هذه باختصار النقاط الاربع الاساسية التي ترتكز عليها أزمة شركات النفايات. ومن خلال التمعّن فيها يمكن الاستنتاج انها عصيّة على المعالجة في الوضع الراهن، وانّ على اللبنانيين ان يستعدوا للأسوأ بيئيّاً في المرحلة المقبلة، حيث ستصبح الشوارع مَرتعاً للنفايات، مع ما يعني ذلك من انتشار الاوبئة والأمراض…
****************************************
افتتاحية صحيفة اللواء
«خلافات صامتة» حول وزارات الخدمات.. وحرص أساسي على الولادة قبل السبت؟
حزب الله لاستنساخ الحكومة السابقة بثوب تقني.. وانهيار واسع في القطاع التجاري والنقابات تلوح بالشارع
في أقل من أسبوع يمضي رحى الاتصالات يدور على معالجة ما طرأ وما كان متوقعاً، في ما خص تفاصيل عملية التأليف، التي يحرص الرئيس المكلف سعد الحريري، على إنجازها، وسط صمت مطلق، منعاً لئلا تشكّل المواقف المعلنة، «عوائق» امام الكتل والأقطاب، ويصبح هؤلاء «أسيري مواقفهم» تماماً كما كان يحصل في تأليف الحكومات السابقة، والتي كانت تمتد لأشهر، قبل احداث 17 ت1 2019، التي اطاحت بحكومة الوحدة الوطنية، والتي أعادت رئيسها الحريري إلى سدة المسؤولية، من موقع انكشاف الطبقة السياسية وعجزها عن معالجة أيّ من الملفات، بل على العكس تفاقم الموقف، على الصعد كافة، فانعدم الدولار، وارتفعت الأسعار، ووضعت العملة الوطنية في الزاوية، مع ما تبقى من رواتب لموظفين أو عاملين في القطاع العام أو الخاص الذي يتعرّض من انتكاسة إلى انتكاسة. وآخر، الضائقة المالية والنقدية، إقفال مجموعة من المحلات، المرموقة والمتاجر العاملة في مجمع الـA.B.C التجاري والسياحي في فردان – بيروت..
ووفقاً لمعلومات «اللواء» فإن «خلافات صامتة» ما تزال قيد المعالجة لا سيما في ما خص وزارات الخدمات.. كالصحة والاشغال، بعدما باتت الوزارات التي تسمى «سيادية» في عهدة رؤساء الكتل والطوائف الكبرى، المتحكمة بمسارات التكليف والتأليف.
ويزور الرئيس المكلف قصر بعبدا، ومعه تُصوّر لتوزيع الحقائب على الطوائف، ضمن توجه بمداورة ممكنة، ولو على صعيد الوزارات الخدماتية.
وقال مصدر مطلع لـ«اللواء»: «أن الأجواء جيدة، لكن من غير الممكن التكهن بموعد صدور المراسيم، وإن بدا ان ثمة حرصاً رئاسياً، على ولادة الحكومة قبل نهاية الشهر الجاري أي يوم السبت المقبل، أو بداية الأسبوع الأوّل من ت2».
وعلى الرغم من ذلك، يبدو ان محاذير التفاؤل المشروع مشروعة استناداً إلى التجارب السابقة، ومحاولة رئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل تبين دوره، فضلاً عن عودة الضغوط الخارجية إلى المسرح، انطلاقاً من تصنيف أميركي جديد لحزب الله بأنه يعادل التصنيف الأميركي لكل من «القاعدة» و«جبهة النصرة» وداعش.
وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن «الملف الحكومي» يخضع للمزيد من الاتصالات البعيدة عن الأضواء والضجيج الإعلامي وأشارت إلى أن هناك بعض النقاط التي يعمل على معالجتها وكل خطوة في ذلك تبحث بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ولذلك فإن لقاء آخر مرتقب بينهما قد يكون الأخير قبيل إعلان ولادة الحكومة أو الحاسم في هذا المجال.
ولفتت المصادر إلى أن موضوع توزيع الحقائب غير نهائي بعد ويجري العمل على ترتيبه. وفهم أن القرار المتخذ بتسهيل ولادة الحكومة يساهم في معالجة أي عقدة.
وأفادت أن موضوع تسمية الوزراء المسيحيين في الحكومة لن يشكل مشكلة.
وأوضحت أنه بالنسبة إلى المداورة فهي نقطة تنتظر الحسم وسط بروز مقاربتين إحداهما تقول أن لا مداورة كاملة في الحقائب وأخرى تشير إلى أن الحقائب الأساسية قد تشهد مداورة باستثناء وزارة المال لكنها في المقابل تحدثت عن إمكانية قلب جميع الأمور من أجل ضمان ولادة الحكومة سريعا ولكن وزارة المالية تبقى خارج البحث.
ويتمترس «التيار الوطني الحر» عند وزارة الطاقة، رافضاً التخلي عنها، لاعتبارات إضافية أبرزها انطلاق مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، إذ انه في حال التوصّل إلى نتائج عملية، فالدور الرئيسي في مفاوضات تلزيم الشركات سيكون لهذه الوزارة.
ومن المنازعات أيضاً وزارة الصحة، حيث يستمر حزب الله متمسكاً بهذه الوزارة، التي فتحت شهية النائب السابق وليد جنبلاط لاستعادتها.
ومع ذلك، ما زال ضخ الاجواء الايجابية قائماً حول تشكيل الحكومة، على الاقل من قصر بعبدا بعد البيان المقتضب عن لقاء الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري امس الاول، والذي قال ان هناك إيجابيات حول تشكيل الحكومة، فيما اعتصم بيت الوسط بالصمت بالتوازي مع الاتصالات التي يجريها الرئيس المكلف مع القوى السياسية للبحث التفصيلي في شكل الحكومة وتوزيع الحقائب، لا سيما بين القوى المسيحية، وهي موزعة بين رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر وتيار المردة وحزب الطاشناق، فيما الحصص الاسلامية اصبحت محسومة بين ثنائي امل وحزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي. لكن برزت مشكلة تمثيل الحزب الديموقراطي اللبناني بوزير درزي، بعد كلام امين سر كتلة اللقاء الديموقراطي النائب هادي ابو لحسن امس، الذي قال فيه: ان «ما يحكى عن ان الوزير الدرزي الثاني سيكون متوافقاً عليه بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال ارسلان غير مطروح ابداً».
وإذا كان البحث بتوزيع الحقائب للوزراء المسيحيين محصوراً حتى الان بين الرئيسين عون والحريري، فإن الحريري يتواصل ايضاً مع الرئيس نبيه بري لتذليل العقبات القائمة حول التمثيل الدرزي. لكن ما يرشح من معلومات يفيد عن صراع على بعض الحقائب المخصصة للمسيحيين، وبعض الحقائب المخصصة للمسلمين ومنها ما يطلبه رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط، لكن كما قالت مصادر درزية اشتراكية لـ«اللواء»: فلكل شي حل في النهاية ولن تبقى هناك عقد كبيرة والامور ماشية.
ويركز الحريري في اتصالاته ايضا على حل موضوع وحدة المعايير والمدوارة في الحقائب لا سيما المسماة سيادية والحقائب الاساسية منها كالطاقة والاتصالات والاشغال. لكن كل المؤشرات حتى الان توحي بان الامور سالكة وان الرئيس المكلف لديه تصوره لشكل الحكومة المتوسطة لا الموسعة ولا المصغّرة، وربما لتوزيع الحقائب، وهو سيناقشه في اتصالاته مع القوى السياسية وربما يعرض مسودته الاولى خلال يومين اوثلاثة على الرئيس عون. وتردد انه قد يزور قصر بعبدا اليوم لعرض مسودة توزيع الحقائب على الطوائف.
وحسبما يتم تداوله، الارجح ان تكون الحكومة من عشرين وزبرا وربما 24 لإرضاء كل القوى المشاركة، ولإعطائها نكهة سياسية بوزراء دولة او اختصاصيين مسيّسين لا فيتو خارجياً عليهم، تقترح اسماءهم القوى السياسية ويختار منها عون والحريري.
واعرب نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ان تكون ولادة الحكومة في أسرع وقت ممكن، وان تنال ثقة أوسع عدد من الكتل النيابية للسعي، نحو تعويض ما ضاع من عام بفعل الدفع الأميركي نحو التخريب والفوضى.
وعلمت «اللواء» من مصدر نيابي على صلة بحزب الله، ان الحكومة العتيدة، لا يمكن ان تكون الا على صورة الحكومة التي كان يرأسها الرئيس الحريري قبل الاستقالة، مع تغليب الطابع التقني والاختصاصي على الوزارات السيادية والخدماتية.
وفد روسي بنهكة عسكرية
يصل الى بيروت غدا الأربعاء وفد روسي رفيع المستوى، بعدالغاء وزير الخارجية سيرغي لافروف زيارته الى لبنان، في زيارة رسمية تمتد ليومين، يلتقي الوفد خلالها كبار المسؤولين اللبنانيين ناقلاً إليهم رسالة «بالغة الأهمية في ضوء الأوضاع اللبنانية الصعبة، وللتشاور في ما يجري في لبنان والمنطقة».
يرأس الوفد ميخائيل ميزينتساف رئيس المركز القومي لإدارة الدفاع في روسيا، ويضم موفد الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا الكسندر لافرانتييف، وموفد وزير الخارجية المكلّف تسوية الأزمة السورية الكسندر كينسشاك، وعدداً من المساعدين الكبار من العسكريين والمدنيين.
وحسب تركيبة الوفد، من المفترض ان تشمل محادثاته القضايا المتعلقة بالوضع السوري وتأثيراته على لبنان لا سيما ازمة النازحين، اضافة الى استطلاع الاوضاع اللبنانية من كل الجوانب, ولم يعرف ما اذا كان الوفد يحمل مبادرة ما حول ترابط الازمة اللبنانية بالوضع السوري.
تحرك عمالي في 18 ت2
نقابياً، دعت الاتحادات القطاعية والعمالية إلى تحرك احتجاجي الأربعاء في 18 ت2 المقبل، رفضاً لأية إجراءات تتعلق برفع الدعم عن القمح والدواء والمحروقات، ولتلبية المطالب المتعلقة بقطاع النقل ورسوم الميكانيك للسيارات العمومية والسياحية.
مسلسل الحرائق
وإذا كانت قضية نفايات الضاحية الجنوبية وبعض أقضية الجبل، أخذت طريقها إلى المعالجة المؤقتة بعد الاجتماع النيابي – المالي – البلدي مع وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني، فإن مسلسل الحرائق استمر في لبنان وسط مناشدات الأهالي بالاخماد، بسبب اقتراب الحرائق من منازلهم.
ففي الجنوب إندلع حريق كبير في بلدة دير سريان – قضاء مرجعيون وأتى على مساحة واسعة من الاعشاب اليابسة والاشجار الحرجية، قبل ان يتمكن عناصر الدفاع المدني – مركز الطيبة من محاصرة النيران واخمادها.
واندلع حريق كبير في حرج الصنوبر في بلدة انصارية. واقتربت النيران من المنازل المجاورة. وناشد الاهالي المعنيين مساعدتهم لإخماد الحريق.
ومساء، أفيد عن حريق كبير في خراج بلدة عين بعال الجنوبية أتى على كروم الزيتون والاشجار المثمرة وقد هرع الاهالي والدفاع المدني وكشافة الرسالة في محاولة لاخماد الحريق.
كذلك، نال الشمال نصيبه من نيران تشرين، حيث أن حريقا اندلع في احراج بلدة قبعيت – عكار، واقتربت النيران من عدد من الاماكن السكنية في محيط موقع الحريق.
وسارع فريق التدخل السريع في مجموعة درب عكار البيئية إلى العمل على اخماد النار ، بالتعاون مع الاهالي وعناصر ومتطوعي الدفاع المدني.
إلى ذلك، شب حريق قرب منازل في بلدة الدوق البترونية. وطالب الاهالي الدفاع المدني بإرسال آلياته إلى المكان قبل أن تلتهم النيران المنازل.
وفي السياق نفسه، اندلع حريق في مواقع عدة داخل الاحراج في محيط درب المسيلحة لجهة السد، واتت النيران على مساحات من الأشجار الحرجية. وعمل عناصر الدفاع المدني على اخمادها. وقد تم الاتصال بالجيش اللبناني للاستعانة بطوافة عسكرية لتبريد مواقع الحريق.
72186
صحياً، أعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 796 أصابة كورونا جديدة، رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة إلى 72186 إصابة، ليرتفع العدد إلى 72186 إصابة منذ 21 شباط 2019 مع 14 حالة وفاة.
****************************************
افتتاحية صحيفة الديار
إتفاق «النوايا الحسنة» بين الحريري والرئاسة الاولى: حكومة «المحاصصة» على «نار حامية»؟
شروط «صندوق النقد» تكبّل الرئيس المكلف… لا اجابات حول مقاربة خطة «الانقاذ»
نصائح «بالتأليف» قبل الانتخابات الأميركية وإرباك فرنسي ينعكس تخفيفا للضغوط
ابراهيم ناصرالدين
اذا كان الرهان على اعلان النوايا، يمكن ان تترجم النوايا الحسنة بحكومة قبل نهاية الاسبوع، كما قال رئيس مجلس النواب نبيه بري، وقبل الاستحقاق الانتخابي الاميركي، واذا كان رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري قد سلم بشراكة رئيس الجمهورية ميشال عون بالتشكيل علنا، فالمعلومات المسربة تشير الى انه سلم «بطيف» الوزير جبران باسيل، سرا، حيث سربت مصادر مقربة من «ميرنا الشالوحي» معلومات عن تنازلات جوهرية في الحقائب المسيحية، يمكن القول من خلالها اننا سنكون امام حكومة «محاصصة» جديدة بعدما جرى سابقا التفاهم على الحصص مع «الثنائي الشيعي» والحزب التقدمي الاشتراكي. وبانتظار ان تتكشف حدود «التنازلات» التي قدمها الحريري مسيحيا، تحدثت تلك الاوساط عن بقاء «الطاقة» مع «التيار» مع تبادل مفترض في حقيبتي الداخلية والخارجية.
هذه المعلومات التي تبقى اولوية، وتحتاج الى مزيد من الوقت كي يتبين صحتها، من عدمه، فان الاتصالات لا تزال تجري بعيدا عن الاعلام دون ضغط باريس، لكن بغطاء منها، وذلك لاستعجالها تحقيق انجاز خارجي «كيفما كان» في ظل ازمتها مع العالم الاسلامي وتزايد المخاوف من «وأد» مباردتها عقابا لها على «سقطة» رئيسها، وفيما تبدو واشنطن غير مبالية لانشغالها بانتخاباتها، تتأرجح الرهانات الداخلية بين من يسعى الى انتظار نتائج السباق، ونصائح اخرى باستغلال الوقت الضائع… وبالانتظار يبقى الاهم ان الرئيس المكلف لم يقدم اجوبته بعد حول كيفية مقاربته للاصلاح الاقتصادي المنهار، وعما اذا كان مستسلما لشروط صندوق النقد الدولي بحرفيته، ما يضع البلاد امام استحقاقات اجتماعية مخيفة.
بانتظار اجوبة الحريري
وفيما غابت الاتصالات العلنية امس، واستمر العمل «بصمت» لعدم حرق «الطبخة»، اكد رئيس مجلس النواب نبيه بري امام زواره انه لا مانع من تشكيل الحكومة هذا الاسبوع، وقد تواصلت حركة المشاورات بعيدا عن الاضواء، وامام سيل الاجواء التفاؤلية، يبقى سؤالا مركزيا دون اجابة من قبل الرئيس الحريري، وهو يتعلق ببرنامج الحكومة الاقتصادي وكيفية تسييل المبادرة الفرنسية الى افعال خصوصا ان المطلعين على اجواء «بيت الوسط» قد لمسوا ان الرئيس المكلف لا يملك اي تصور جاهز اقتصاديا، الا التمسك «بالورقة» الفرنسية، ومسألة التفاوض مع صندوق النقد الدولي، لكن حتى الان لم يقدم اجابات حول ما هو مقبول، وما هو مرفوض، من سلسلة الطلبات الجاهزة والمعروفة من قبل «الصندوق»، فهل حكومته مستعدة لالغاء دورها الرعائي للمواطنين، وبأي تكلفة، هل ستتجه نحو إلغاء كل أنواع الدعم على الدواء، والطحين، والمواد النفطية، ام انها ستفاوض لترشيده فقط، هل لديها خطة بديلة عن مطالبة «الصندوق» بتحرير سعر الصرف وترك الدولار في ايدي من يتلاعبون «بالسوق السوداء»، خصوصا ان تجربة الايام القليلة الماضية اثبتت وجود «مافيا» تتحكم بالسعر لاهداف سياسية بعيدا عن اي تحولات اقتصادية تفسر هبوطه المفاجىء؟ وهل لا يزال متمسكا بنظريته الاقتصادية القائمة على بيع الاملاك العامة اي التخلي عن المؤسسات المنتجة للقطاع الخاص؟ وبأي تكلفة؟ وكيف سينفذ المطالب الخاصة بتقليص نفقات الدولة ؟ وهل هو مستعد لطرد الالاف من الموظفين من القطاع العام؟ هل لديه قناعة انه بالامكان خلال 6 اشهر وضع خطة اقتصادية تنقل البلاد من الاقتصاد الريعي الى الاقتصاد المنتج؟ ام انه فقط سيعيد البلاد الى نظرية الاستدانة وبتكلفة اكبر هذه المرة، لان الشروط الدولية ستكون اشد مع دولة مفلسة، ولانه اذا ما اختار الخصخصة فانه سيضطر للبيع باسعار بخسة في ظل الوضع القائم حاليا في البلاد!ويبقى السؤال الاهم، اذا لم يكن لدى الحريري اجابات مغايرة عن شروط «الصندوق» لكيفية الخروج من الازمة، فهل سيمنحه حزب الله «البركة» للسير قدما في تأليف حكومة محكومة مسبقا بالفشل الاقتصادي، ومهمتها رهن لبنان اقتصادياً وسياسياً للخارج؟
هل تمت «المحاصصة»؟
وفي سياق المعلومات الشحيحة حول مسار التأليف، اشارت مصادر مقربة من «التيار البرتقالي» الى «ان الأجواء ايجابية بحذر»، فالحكومة ستكون مؤلفة مبدئيا من 20 وزيرا، لا تضم وجوها سياسية على ان تسمي الاحزاب وزراءها مقرونة بموافقة الرئيس المكلف عليها، ووفقا للمعلومات، بدأ الرئيس الحريري جولة من المناقشات بعيدا عن الاضواء، وبات لديه تصور اولي لتوزيع الحقائب، وبات من المؤكد ان وزارة المال ستكون من حصة حركة امل، ووزارة الاشغال لحزب الله، اما وزارات الداخلية، والدفاع، والطاقة، فستكون لفريق رئيس الجمهورية (التيار الوطني الحر)، اما تيار المستقبل فسيحصل على وزارة الاتصالات، والخارجية، فيما ستكون وزارة الصحة من حصة الحزب التقدمي الاشتراكي. وهذه الاجواء، تعكس في حال ثبت صحتها، ان الحريري قدم تنازلات كبيرة للرئاسة الاولى، والتيار الوطني الحر، واذا سارت الامور على خير ما يرام، ولم يتراجع الرئيس المكلف، قد يعرض التشكيلة الاولية على الرئيس عون خلال يومين، في المقابل، لفتت اوساط «المستقبل» الى انه اذا لم تولد الحكومة هذا الاسبوع فان الامور قد تذهب نحو التعقيد.
من جهته، علق رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع على الاتصالات الحكومية بالقول، يبدو لا أمل في هذه الحكومة، لأنها بدأت التشكيل على أساس وعود للثنائي الشيعي والحزب التقدمي الاشتراكي بإعطائهم حقائب معيّنة، وهي أحد أسباب جمود الوضع، وعدم حصول إصلاحات. أضف إلى أن يسموا هم وزراءهم. إذاً، ما يحصل مع الثنائي الشيعي سينسحب على التيار الوطني الحر والآخرين. فكيف ستكون هذه الحكومة؟ في أحسن أحسن الحالات، ستكون حكومة شبيهة بحكومة الرئيس حسان دياب، ماذا نكون فعلنا؟ لا شيء سوى تضييع وقت إضافي.
الازمة الفرنسية ونصائح بالاسراع!
وفي هذا السياق، نصحت اوساط دببلوماسية في بيروت رئيس الحكومة المكلف بالاسراع في انتاج حكومة «الحد من الخسائر»، وعدم انتظار نتائج الانتخابات الاميركية لانه لا جدوى من ذلك، كما ان الاسراع بات ضروريا لسبب وجيه آخر يرتبط بالمبادرة الفرنسية التي قد تتبخر قريبا بفعل ازمة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مع العالم الاسلامي اثر تصريحاته وردود فعله «الاستفزازية» ضد الاسلام عقب مقتل المدرس الفرنسي في باريس. فاضاعة الوقت في «شياطين» التفاصيل، قد يكون مكلفا لان صاحب المبادرة الفرنسية الذي جاء الى بيروت كـ«فاتح عظيم» قبل نحو شهرين، لن يتمكن هذه المرة من العودة مرة جديدة، وهو لن يواجه مقاطعة سياسية وازنة وانما سيواجه تظاهرات في الشارع ردا على مقارباته الخاطئة. وفي ظل اتساع رقعة التجاذبات ودخول اطراف سياسية ودينية لبنانية على خط الانتقادات المباشرة للرئيس الفرنسي، وفي مقدمتها حزب الله، وبعد صدور موقف ايراني شديد اللهجة بالامس، حيث اعتبر قائد الأركان الإيراني محمد باقري، أن «فرنسا تمارس لعبة خطيرة وعليها الكف عن التلاعب بمشاعر مليار ونصف مليار مسلم وإحساسهم الديني»، ثمة خشية من ان تدفع باريس ثمن هذه «المغامرة» بافشال مبادرتها ونعيها على نحو كامل، وهو امر لا تستبعده اكثر من جهة تعمل على خط «الطبخة» الحكومية، وفي هذا السياق تلقى الحريري نصائح من اعلى هرم في المؤسسة الدينية السنية في بيروت، بضرورة التقليل من الاشادة بالمبادرة الفرنسية و«التغني» بها، لانها بدأت تترك اثارا سلبية في الشارع الاسلامي بفعل مواقف ماكرون المعادية للاسلام.
تراجع الضغط الفرنسي
وهذا الاستعجال الفرنسي، ترجمته السفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو تراجعا عن «الشروط» الفرنسية لنوعية الحكومة، فهي اكدت لزوار السفارة بأن بلادها غير مهتمة بأي حكومة سيشكلها الرئيس الحريري، أكانت تكنوقراط أو تكنو- سياسية، وهذا يعني برأي اوساط سياسية مطلعة، ان باريس تخلت عن معاييرها السابقة وتريد حكومة «كيف ما كان» لانقاذ المبادرة الفرنسية وليس انقاذ لبنان، فباريس بحاجة «لتصر» خارجي في ظل ازمتها الراهنة، ولم يعد مهما لديها اذا كانت الحكومة قادرة على اتخاذ القرارات، وتنفيذ إصلاحات، اما الحديث عن معايير الكفاءة والنزاهة والإنتاجية، فمجرد «شعارات» لم تعد تنطلي على احد. وقد انعكست الرؤية الفرنسية المستجدة، تراجعا في الضغط الفرنسي اتجاه المسؤولين اللبنانيين في هذه المرحلة، ولم يسجل منذ اندلاع الازمة المستجدة اي تواصل جدي مع الرئاستين الاولى والثالثة، وهو امر منح الرئيس ميشال عون هامشا اوسع للتمسك بحصرية تسمية الحصة الاكبر من الوزراء المسيحيين، وفرض توحيد المعايير على الرئيس الحريري الذي وجد نفسه مضطرا في نهاية المطاف الى تقديم تنازلات، للعودة الى السراي الحكومي.
الرهان على الانتخابات الاميركية؟
وفي السياق نفسه، لفتت مصادر ديبلوماسية اوروبية الى ان ثمة مبالغة كبيرة في رهانات بعض اللبنانيين على نتائج الانتخابات الاميركية، ودعتهم الى عدم تضييع الوقت في انتظار نتائج قد يطال حسمها، في وقت غاب الشرق الأوسط عن النقاش الرئاسي في الولايات المتحدة فالرئيس الأميركي دونالد ترامب والمرشح الديمقراطي جوزيف بايدن ناقشا في المناظرة التلفزيونية الأخيرة فيروس كورونا، والهجرة، والاقتصاد الأميركي، ولكنهما لم يذكرا شيئا بشأن الشرق الأوسط على الرغم من الفوضى السائدة هنا. وفي الوقت الذي تم الحديث عن خطة الرد على الصين وتحدي طموحاتها وناقشا كيفية التعامل مع كوريا الشمالية وبرنامجها النووي لم يتم ذكر أي شيء عن العودة إلى الاتفاقية النووية أو التعامل مع طموحات إيران. ولم يتحدث ترامب الذي تباهى بإنجازاته الحقيقية أو المتخيلة عن صفقة السلام مع طالبان في أفغانستان ولا اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل وبعض الدول العربية. واذا كان الاميركيون تعبوا من الحروب الطويلة والخلافات التي لا تنتهي في الشرق الأوسط الذي استنفذ جهود الرؤساء الاميركيين منذ 40 عاما، واذا كانت أميركا لا تزال متورطة، فبايدن وترامب يعرفان ان الأميركيين يريدون التخلص من ورطتهم ، لكنهما ليس لديهما الخطة للخروج، او للتسوية، ولذلك لا داعي للانتظار!.
ضرورة الانتظار!
في المقابل، ترى اوساط لبنانية معنية بالتأليف، ان الانتظار يبدو ضروريا، لان من يقول ان لا تغيير في السياسات لا يقرأ ما يحصل من تحولات، فاذا اخذنا اسرائيل كنموذج وهي حليف استراتيجي للولايات المتحدة، فمن المنطقي القول انه مهما كانت نتائج انتخابات رئاسة الولايات المتحدة، فسواء فاز المرشح الجمهوري أم المرشح الديموقراطي، فإنه من غير المتوقع أي تغيير في مكانة إسرائيل لدى الولايات المتحدة، لكن التغيير المهم الذي سيطر هو في المكان الذي تحتله إسرائيل في سلم أولويات الإدارة الاميركية الجديدة. فإذا فاز ترامب، فستظل إسرائيل على رأس جدول أعماله السياسي. وإذا انتخب جو بايدن، فستهبط إسرائيل أغلب الظن إلى أحد الأماكن الدنيا في قائمة المواضيع التي تحتاج إلى معالجة خاصة مع الديموقراطيين، فهذا كان نهج إدارة الرئيس السابق باراك أوباما ووزير خارجيته هيلاري كلينتون التي لم تزر إسرائيل خلال توليها منصبها. فهما وضعا في اولويتهما العلاقات مع بلدان الشرق الأقصى. وبايدن هو الآخر لن يمنح الشرق الأوسط أولوية عليا بسياسته الخارجية كرئيس، وهذا يعني حكما ان لبنان لن يكون موجودا على جدول اعماله، الا من «بوابة» تأثره بتحسن العلاقة مع ايران من «نافذة» اعادة انعاش الاتفاق النووي.
ولذلك اذا كان ترامب مهتما اليوم بملف ترسيم الحدود ويمكن الاستفادة من هذا الاهتمام لتمرير الحكومة التي ستواكب عملية التفاوض، فان وصول بايدن الى الرئاسة سيغير في الاولويات لانه سيسير على خطى اوباما، وهذا يعني ان الضغط على لبنان مرجح للانخفاض، وهذا سيكون مفيدا للفريق السياسي الذي يشكل اغلبية برلمانية اليوم، ولهذا يمكنه من تحسين شروطه التفاوضية حكوميا.
اضراب… نفايات… و«كورونا»…
صحيا، توفي 14واصيب 796 بفيروس «كورونا» خلال 24 ساعة، ودعا وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن انه «يجب علينا أن نخفّف عدد الإصابات كي يتماشى صوتنا مع صوت الهيئات الإقتصادية والسياحية وغيرها في فكّ الإقفال الجزئي» وأعلن انه سيوجه كتابًا الى وزارتي الداخلية والعدل لمتابعة موضوع العلاقة مع المستشفيات الخاصة التي لم تفتح اقسامًا لكورونا. وعلى وقع اعلان اتحادات ونقابات قطاع النقل البري في لبنان الإضراب العام في 18 تشرين الثاني المقبل، وقطع الطرقات في جميع المناطق اللبنانية، تم حل ازمة النفايات مرحليا بعدما التقى وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني وفداً ضمّ النائبين أمين شري وفادي علامة، ورئيس اتحاد بلديات الضاحية محمد درغام، وممثلين عن الشركات المتعهّدة كَنس النفايات وجَمعها في مختلف المناطق، واستأنفت الشركة أعمالها مساء يوم امس.
****************************************
افتتاحية صحيفة الشرق
الحريري يواصل مساعي تشكيل الحكومة بصمت
بالاستناد الى المعلن من مواقف والمسرب من معلومات والمأمول من اللبنانيين والمدعوم من المهتمين والحرصاء في الخارج على انقاذ لبنان، يمضي قطار تشكيل الحكومة على السكة الصحيحة من دون عقبات كبيرة قد تخرجه عن مساره. ويعكس الصمت المطبق في المقار السياسية عموما وتحصّن بيت الوسط خلف جدران الكتمان خصوصا حرصا كبيرا على عدم «حرق الطبخة» على ما يبدو، واستكمال الجهود المدفوعة بدعم دولي اميركي – فرنسي بغية الوصول الى محطة اعلان المراسيم في مدة يتردد انها قد لا تتجاوز نهاية الاسبوع لتولد حكومة الانقاذ المفترض ان مهمتها محصورة بتنفيذ برناج الاصلاحات في مهلة ستة اشهر.
ايجابية ولكن
لكن الايجابية التي تسود الضفة الحكومية منذ الخميس الماضي، تبدو حتى الساعة «حذرة» غير قائمة على أسس صلبة. الاتصالات العلنية غابت امس الا ان المعلومات المتوافرة تفيد بأن حركة المشاورات تسير قدما خلف الكواليس وسط اصرار كبير من قبل الرئيس سعد الحريري على انجاز تشكيلته سريعا. واذا كان التفاهم حول الحصة المسيحية لن يكون عائقا كون الحريري سيتفاهم في شأنها مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، تماما كما حجم الحكومة الذي لن يشكّل عقدة، فإن مسألة المداورة تبدو شائكة حتى الساعة، مع اصرار بعبدا وبكركي على ان تكون شاملة، فيما الحريري استثنى وزارة المال منها وابقاها مع الثنائي الشيعي.
وصل ما انقطع
وليس بعيدا، قالت مصادر قريبة من حزب الله ان الضاحية تبذل جهدا كبيرا على خط اعادة وصل التيار الازرق بالبرتقالي وقد تكللت حتى الساعة بالنجاح بما يسهل مسار ولادة الحكومة. واذ اشارت الى عدم وجود عراقيل اساسية اكتفت بالقول الاجواء الحكومية جيدة بالاجمال.
ولادة هذا الاسبوع!
من جهته، قال عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب بلال عبدالله: «آن الأوان لإنجاز التأليف، فالتأخير غير مبرر حالياً، لأن حاجة البلد والأزمات المتكاثرة والمتفاقمة يوما بعد يوم تتطلب حكومة، لا تحتاج الى مبالغة في المحاصصة والتسويات، كونها حكومة مهمة انقاذية، لذلك فهي تتطلب تسهيلا من كل الفرقاء»، موضحا «ان مجرد حصول لقاءين خلال 48 ساعة بين رئيسي الجمهورية العماد ميشال عون والمكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري يدل الى أن الاجواء ايجابية، ما يعني اننا سنشهد ولادة الحكومة هذا الاسبوع»، مستطرداً «ان الأجواء ايجابية بحذر»، موضحاً «أن المعلومات المتوافرة تشير الى حكومة مؤلفة من 20 وزيرا مبدئيا، لا تضم وجوها سياسية بارزة ومستفزة للداخل والخارج. واذا لم تسمها الاحزاب فإن الكتل ستكون موافقة عليها.
يومان
وأكدت المصادر المتابعة ان الاتفاق على التكتم هو من أجل الحفاظ على ما تمّ انجازه متحدثة عن نوايا حسنة توصلت اليها القوى السياسية سمحت بالحديث عن الايجابية المستمرة. ولفتت الى مشاورات سيجريها الحريري مع الكتل النيابية لعرض التصور شبه الجاهز عن شكل حكومته على ان يطلع الرئيس عون على محصلة المشاورات و»يصبح لدينا خطوط عريضة». واعلنت عن امكانية ان يقدّم الحريري التشكيلة فور انتهاء مشاوراته اي بعد يومين او ثلاثة اذا لم تظهر عقبات.
علوش
وكان القيادي في تيار المستقبل مصطفى علوش كشف ان الاجواء الايجابية بدأت قبل التكليف، قائلًا: «بالرغم من كل التفاؤل انا حذر.» ولفت الى ان «ان لم تظهر الحكومة هذا الاسبوع الامور ستذهب إلى التعقيد».
الراعي
في الغضون، شدد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في كلمة القاها في افتتاح اعمال السينودوس في بكركي على ان البلاد باتت في حاجة الى حكومة مستقلة تضع خطة انقاذية اساسها اعادة تكوين السلطة في مسار دستوريّ ديموقراطي سلميّ وسليم.»
حل للنفايات؟
معيشيا، وعلى صعيد آزمة النفايات، التقى وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني وفداً ضمّ النائبين أمين شري وفادي علامة، ورئيس اتحاد بلديات الضاحية محمد درغام، وممثلين عن الشركات المتعهّدة كَنس النفايات وجَمعها في مختلف المناطق. وأوضح شري بعد اللقاء أن «أزمة النفايات في الضاحية الجنوبية والمتن وكسروان والشوف وعاليه استدعت عقد اجتماع عاجل مع الوزير وزني بحضور المتعهدين»، مشيراً إلى أن «المشكلة الأساسية هي موضوع تحويل الحوالات من الدولار إلى الليرة اللبنانية». وأضاف «طُرِحَت اقتراحات وافق الوزير وزني على تبنّي أحدها وهو محل قبول من المتعهّدين، على أن يتولى الوزير نقلها إلى حاكم مصرف لبنان لاتخاذ الإجراءات المناسبة». وأعلن أن «المتعهّدين التزموا مباشرة أعمالهم ليل اليوم الإثنين».
اضراب عام
معيشيا، أعلنت اتحادات ونقابات قطاع النقل البري في لبنان الإضراب العام في 18 تشرين الثاني المقبل، وقطع الطرقات في جميع المناطق اللبنانية.
كورونا
صحيا وفيما فيروس كورونا يتمدد، دعا وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن إلى اعتماد البروتوكول في ما يخصّ عقار «رمديسيفير»، مشيرا إلى ان كل العينات التي أتت للوزارة توزعت مجانا على كل المناطق بحسب الحاجة. وقال حسن: «يجب علينا أن نخفّف عدد الإصابات كي يتماشى صوتنا مع صوت الهيئات الإقتصادية والسياحية وغيرها في فكّ الإقفال الجزئي.» وأعلن انه سيوجه كتابًا الى وزارتي الداخلية والعدل لمتابعة موضوع العلاقة مع المستشفيات الخاصة التي لم تفتح اقسامًا لكورونا. وذكّر المواطنين بأننا اجتزنا مرحلة الإحتواء ودعا المخالطين الى الإلتزام بالحجر المنزلي وتحمّل المسؤولية.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :