قصر المختارة على موعدٍ شعبيٍ كبير، هو اليوم الذي اعتاد عليه في كل آذار منذ ذاك اليوم المشؤوم في 16 آذار 1977. الموعد مع زهرة على ضريح المعلّم الشهيد كمال جنبلاط، ومع تجديد العهد للخط الوطني السيادي من أجل لبنان المستقبل، و"لبنان الوطن، لا لبنان الملجأ".
وتكتسب الذكرى هذا العام أهمية خاصة عشية الاستحقاق الانتخابي في 15 أيار، والذي يبدو أنّ البعض أراده فرصة لتصفية حساباته، ولإسكات الأصوات الوطنية الرافضة لاستمرار خطف البلد. وما مشهد المختارة اليوم إلّا محطة مواجهة جديدة في سجل تاريخ الحزب التقدمي الاشتراكي في وجه كل هذه المحاولات التي أرادت في السابق، ولا تزال، تغيير وجه لبنان، كما هو محطة لتأكيد هذا الدور رغم كل العواصف المحلية والخارجية.
في هذه الأثناء، العبث السياسي يمضي قدماً. يكاد أن يتحوّل إلى شرٍ مستطير تتطاير معه كل الاستحقاقات. عبثٌ
في القضاء من خلال وضعه في مواجهة المصارف، وهنا لن يدفع الثمن سوى اللبنانيون، ومدخراتهم، ورواتبهم، وكأنّ هناك من يريد أخذهم أسرى ورهائن لحسابات سياسية مصلحية. وغالباً ما تكون نهاية العبث الدمار المؤجّل بفعل البحث عن تسوية نتائجها ستكون كارثية على كل السلطات والمؤسّسات والقطاعات.
فبحال تراجع القضاء عن قراره فذلك يعني مزيداً من التهشيم. وبحال مضى في الإصرار عليه يعني أنّ المصارف ستقفل، ما سيؤدي إلى المزيد من الانهيارات في القطاع، والتداعيات السلبية للواقع المالي على الناس. وبنتيجة هذه الأزمة المفتوحة اتّفق الرؤساء الثلاثة على عقد جلسة حكومية صباح السبت للبحث في كيفية معالجة هذا الأمر.
وفيما قرأت مصادر وقوى متعددة في خطوة التصعيد هذه بأنّها مدروسة على طريق الإطاحة بالاستحقاق الانتخابي، والبحث عن إبرام صفقة شاملة، حاول رئيس التيار الوطني الحرّ نفي هذا الكلام. لكن نفيه كان في معرض التأكيد فقال: "ما بتخلص خرافاتهم، وآخرها اتهامنا بالفوضى المصرفية لتأجيل الانتخابات… عقل مريض وإعلام مأجور من تهمة المقايضة لنواب الانتشار والميغاسنتر، مخيّلتهم ما بتنضب. نحنا بدنا مصارف ناجحة تموّل اقتصاد، وقضاء نزيه يحاسب يلّي هرّبوا وسرقوا، وانتخابات بموعدها وهيدي فرصتنا لتثبيت شعبيّتنا". لكن غاب عن باسيل أنّه عندما يقول إنّه يريد مصارف ناجحة تموّل الاقتصاد فهذا دليل على أنّ باسيل يسعى وراء مشروع إعادة إنتاج قطاع جديد له سطوة عليه، ولذلك هو يصرّ على الصراع مع حاكم مصرف لبنان، ويسعى إلى السيطرة على منصب حاكم المصرف المركزي ووزير المالية.
أما عندما يقول إنّه يريد محاسبة الجميع بالإضافة إلى الانتخابات لتثبيت شعبيّته، فهذا دليل على أن كل العناوين التي يطرحها التيار الوطني الحرّ، والمعارك المدمّرة التي يخوضها ستبقى مستمرة لأهداف شعبوية هدفها شد العصب ورفع المعنويات، فيما ستكون تداعياتها تدميرية على البلد ككل.
عضو كتلة التنمية والتحرير، النائب قاسم هاشم، أشار إلى أنّه "من الطبيعي أن تنعقد الحكومة لتتابع مستجدات المسار القضائي – المصرفي، وللبحث في ملابساته وتطوراته التي يحملها في الأيام المقبلة، علماً أنّ الظرف استثنائي، ويحتاج إلى تدخّل الحكومة".
وفي حديثٍ لجريدة "الأنباء" الإلكترونية، وبمعرض تعليقه على الإجراءات القضائية، رأى هاشم أن "لا شفافية واضحة على كل مستوياتها، ولا استقلالية في ظل تدخّل السياسة، خصوصاً وأنّ بعض القضاء في لبنان يأخذ منحاً سياسياً، وليس مستقلاً".
من جهتها، كشفت مصادر الرئيس نجيب ميقاتي عبر "الأنباء" الإلكترونية أنّ، "لا قرارات مسبقة ستتخذها الحكومة في جلستها، بل اقتراحات سيقدّمها وزير العدل هنري خوري، وسيكون هناك تشاور بما يمكن اتّخاذه من خطوات على الصعيدين المصرفي والقضائي".
وإلى جانب الصراع المفتوح حول القطاع المصرفي، انعقد الاجتماع الرئاسي الثلاثي للبحث في الرد على المقترح الأميركي المقدّم من المبعوث آموس هوكشتاين حول ترسيم الحدود البحرية. وبعد خلافات كثيرة بين القوى السياسية والرؤساء حول كيفية التعاطي مع هذا الملف، وما سيكون عليه الردّ من قِبل اللجنة اللبنانية، نجح الرئيس نبيه بري في إعادة تثبيت نتائج جهوده التي بذلها على مدى عشر سنوات من خلال اتّفاق الإطار، والانطلاق في عملية الترسيم وفق هذا الاتّفاق بعيداً عن حسابات الخطوط والتعرّج والمصالح الأخرى، وهذا ما نجح بري في تكريسه في البيان الذي صدر عن القصر الجمهوري في ختام الاجتماع.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :