افتتاحيات الصحف ليوم الخميس 22 تشرين الأول 2020

افتتاحيات الصحف ليوم الخميس 22 تشرين الأول 2020

 

Telegram

 

 

 

افتتاحية صحيفة النهار

عون يشعل معركة التعايش مع الحريري “العائد”

ليس غريبا على تاريخ الاستحقاقات الحكومية في لبنان تكليفا وتأليفا ان تشهد مخاضات سياسية صعبة وشاقة غالبا ما كانت تترجم في تعقيدات التكليف ومن ثم في طول امد التأليف. ولكنها كانت سابقة نادرة فعلا ان يستبق رئيس الجمهورية ميشال عون امس الاستشارات النيابية الملزمة التي أرجأها من الأسبوع الماضي الى اليوم بإعلانه ما يشبه حربا سياسية على الرئيس الذي سيكلف تشكيل الحكومة العتيدة اليوم، وهو الرئيس سعد الحريري، بعدما تبين على نحو محسوم ان أكثرية نيابية ستسميه بما يطلق استحقاق التأليف.

 

واذا كان الرئيس عون استند في اطلاق مجمل المواقف السلبية من الحريري، من دون ان يسميه، الى اتهامه ضمنا بعدم القدرة على التزام تنفيذ الإصلاح، فان الغرابة الكبيرة التي اثارت غبارًا كثيفا في وجه عون نفسه تمثلت في نفض مسؤوليته كرئيس للجمهورية وكعهد وضمنا نفض مسؤولية تياره السياسي برئاسة النائب جبران باسيل وكل الوزراء العونيين المتعاقبين على السلطة منذ اكثر من عشر سنوات عن جردة طويلة جدا من الإخفاقات الإصلاحية راميا بمسؤوليتها الكاملة على الطبقة السياسية ومبرئا نفسه وتياره منها حتى في ملف الكهرباء نفسه.

 

وإذ لم يترك عون أي مجال للشك في انه يستبق لحظة تكليف الحريري رفضا منه لعودته الى رئاسة الحكومة من خلال ما بدا بانه تهويل على الحريري نفسه وعلى النواب، من تبعة ما يمكن ان يحصل في حال فرضت الأكثرية عودة الحريري، بدا واضحا ان السابقة التي جاءت على يد رئيس الجمهورية عبر اعلان رفضه الاستباقي للتكليف المحسوم ستؤدي بطبيعة الحال الى إشاعة الشكوك عما ستكون عليه الفصول التالية من الاشتباك الذي أشعلته رسالة عون ومواقفه قبيل خميس الاستشارات. وإذ تركزت الاجتهادات والمخاوف على الصعوبات التي ستنشأ في طريق الحريري لتأليف الحكومة الجديدة، فان الأهم والأبعد يتصل بالمواجهة الأشد تأثيرا في تجربة التعايش الذي ربما صار بالغ الصعوبة هذه المرة بين عون والحريري بعدما بادر الأول الى شن هجومه الاستباقي. وتطرح في هذا السياق أسئلة قلقة للغاية عما اذا كانت الأيام التي تلي التكليف ستخبىء مزيدا من الأفخاخ وكيف ستتحمل البلاد معركة سياسية ضارية من هذا النوع فيما تضغط الظروف الكارثية التي تطبق على اللبنانيين لاستعجال تأليف الحكومة وتجاوز كل الاشتباكات السياسية واقله تعليقها لتقديم أولوية انقاذ البلاد من الانهيار القاتل النهائي.

 

اما الجانب الاخر الخلفي الذي لم يكن ممكنا حجبه عقب توجيه عون رسالته، فبرز في الاستغراب الواسع لمبادرته الى هذا التصعيد الذي، وان حاول عبره الإيحاء بامتلاكه أوراقا قوية، شكل انكشافا سياسيا له لكونه ربط موقفه بموقف تياره ولم يتمكن من ملاقاة الدعم الداخلي والخارجي لعودة الحريري. واذا كان الحريري يضمن مبدئيا أكثرية مثبتة لتكليفه فان “حزب الله ” سيماشي التيار العوني والعهد بالامتناع عن التسمية ولكنه سيكون إيجابيا ومتعاونا في عملية تأليف الحكومة.  فيما ذكر ان “تكتل لبنان القوي” سيكتفي بإرسال وفد مصغر الى الاستشارات وان رئيسه النائب جبران باسيل سيقاطع الاستشارات.

 

والواقع ان عون بدا في الرسالة التي وجهها امس كأنه يحاكم الحريري والطبقة السياسية ويغسل يدي عهده وتياره من الانهيارات التي بلغها البلد قبل نحو عشرة أيام من طي السنة الرابعة من عهده. وتساءل “هل سيلتزم من يقع عليه وزر التكليف والتأليف بمعالجة مكامن الفساد وإطلاق ورشة الإصلاح ؟”. وفي ما قرأ فيه المراقبون حضا للنواب المؤيدين لتكليف الحريري على إعادة النظر في حساباتهم خاطب عون النواب قائلا “انتم مدعوون باسم المصلحة اللبنانية الى تحكيم ضميركم الوطني وحس المسؤولية لديكم”. اما اللافت في الرسالة فتمثل في تعداد عون جردة طويلة من عناوين المشاريع الإصلاحية التي لم تتحقق محملا تبعة ذلك “لمن حكم لبنان منذ عقود ولم يزل بشخصه او نهجه يرفع شعارات رنانة بقيت من دون أي مضمون وكانت بمثابة وعود تخديرية “. وبرأ نفسه قائلا “انا لا يمكنني التشريع ولا التنفيذ وقمت بما علي ورغم ذلك يحملونني المسؤولية”. وإذ استوقف المراقبين قوله ” قلت كلمتي ولن امشي” اعلن في الدردشة مع الإعلاميين في القصر انه لا يضع فيتو على احد ولكنه تحدث عن خسارة عهده سنة و14 يوما بسبب تأليف الحكومات السابقة التي كانت برئاسة الحريري. ولم يترك مجالا لاي شك في رفضه الحريري عندما سئل هل يعتبر ان لا قدرة لدى الاخير على تشكيل حكومة إصلاحية اذ قال “كل واحد عندو تاريخه وأنتم تعرفون كمراقبين …وانا تهذيبا عم قول هيك”.

 

وأشار رئيس الجمهورية الى ان “لا مشكلة له مع الشخص الذي سيكلف فالأهم هو البرنامج الذي ينتظره ومدى قدرته  على الالتزام بتنفيذه؟

 

واوضح انه عندما ارجأ الاستشارات اسبوعاً قال للحريري ان هناك مشكلة مع المسيحيين يجب حلها. الرئيس عون ورداً على سؤال نفى ان يكون الحريري اتصل به عشية الاستشارات “لا قبل الكلمة ولا بعدها”.

 

وعن كيفية التعاون بينهما في الحكومة المقبلة ، اجاب رئيس الجمهورية زواره: “لا مشكلة عندي في التعاطي فأنا اسبح في الماء البارد كما في الماء الساخن”.

 

  بوانتاج التكليف

وبدا من المواقف الواضحة من الترشيح الوحيد عشية الاستشارات ان الحريري سينال 59 صوتاً مضموناً من الكتل التي اختارت تسميته: فإلى الرئيس تمام سلام ونائب رئيس المجلس ايلي الفرزلي سيسميه ايضاً الرئيس نجيب ميقاتي مع كتلته (4 اصوات)، وكتلة المستقبل (18 نائباً)، وكتلة التكتل الوطني (5 نواب)، وكتلة اللقاء الديمقراطي (7 اصوات)،وكتلة التنمية والتحرير (17 نائباً) ، فيما كتلة الارمن (3 نواب) التي تقول مصادرها انها تتريث بحسم موقفها الى اليوم، الارجح انها ستسميه . اما  الكتلة القومية (3 اصوات)، فقررت عدم تسمية احد علما ان النائب اسعد حردان تلقى اتصالاً امس من الحريري .

 

وفيما تمتنع “كتلة الجمهورية القوية” عن التسمية، فقد ياتي منها النائب جان طالوزيان الى الاستشارات مستقلاً ويحسم قراره صباحاً بشأن تسميته الحريري او عدمها. اما “تكتل لبنان القوي” فلن يسمِي الحريري وقد يودع اصواته رئيس الجمهورية الذي اعتاد ان لا يسمي عن احد.

 

 لودريان :الغرق اكثر    

وعشية الاستشارات برز موقف فرنسي جديد لوزير الخارجية جان ايف لودريان الذي دعا لبنان الى الإسراع في تشكيل حكومة جديدة. وحذر امام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الفرنسي من انه “كلما تأخرنا (في تشكيل الحكومة ) غرق المركب أكثر . واذا لم يقم لبنان بالإصلاحات التي يجب القيام بها فان البلد نفسه معرض للانهيار”.

 

في أي حال لم تغب أجواء الشحن السياسي عن الشارع اذ شهدت ساحة الشهداء في وسط بيروت تظاهرتان تواجهتا على خلفية مناهضة تكليف الحريري لإحداهما وتأييد تكليف الحريري للثانية. وإذ فصلت القوى الأمنية بينهما انبرى أشخاص يستقلون دراجات نارية الى احراق مجسم قبضة الثورة في ساحة الشهداء وسرت اتهامات لمناصري تيار المستقبل بإشعالها. ونفى الاخير أي علاقة له بهذا “العمل المدان” داعيا الى توقيف المرتكبين . كما اعلن المستشار الإعلامي للرئيس  سعد الحريري حسين الوجه “ان من قام بهذا العمل الجبان مجموعة مشبوهة ونحن براء منها ” داعيا القوى الأمنية لملاحقة أفرادها وتوقيفهم وكشفهم امام الرأي العام .

*********************************************

افتتاحية صحيفة نداء الوطن

مصدر فرنسي لـ”نداء الوطن”: العرقلات يجب أن تتوقف ولبنان لم يعد يحتمل

عون يتوعّد الحريري: إنتظرني عند التأليف

 

سقطت كل حجج تأجيل الاستشارات النيابية الملزمة مجدداً، فهي واقعة ومحسومة النتائج بتكليف المرشح “بلا جميلة حدا”، الرئيس سعد الحريري اليوم لتشكيل الحكومة، إذ لم يكن أمام رئيس الجمهورية ميشال عون سوى أن يطل على اللبنانيين، خالعاً رداء “العهد القوي” وزعيم المسيحيين المشرقيين والحاكم الأول طوال 4 سنوات والشريك في الحكم لأكثر من عقد، مرتدياً ثوب “الجنرال” العائد من المنفى، متفاجئاً بحال لبنان ومتسائلاً: أين نحن؟”.

 

في العلن كلمة تنصّل فيها عون من المسؤوليات كلّها، في مطالعة تشبه “خطاب نهاية العهد”، أما في الباطن ففتح للأبواب على مصراعيها نحو أزمة حكم، مكرّساً مرة جديدة ارتباط الموقع بمصالح “الوطني الحر”، إذ كاد أن ينطقها من خارج النص الرسمي: “لا تسموا الحريري” محملاً اياه وزر ثلاثين عاماً أدت الى الانهيار، وتلك طبعاً محاولة لإضعاف حجم التكليف وقيمته… قال “كلمته ولن يمشي”، ملوّحاً باستخدام صلاحية عدم التوقيع على التشكيلة الحكومية.

 

الرئيس عون شدد على انه سيتحمل مسؤولياته “في التكليف والتأليف وفي كلّ موقف وموقع دستوري، وبوجه كلّ من يمنع عن شعبنا الإصلاح وبناء الدولة”، متسائلاً: “هل سيلتزم من يقع عليه وزر التكليف والتأليف بمعالجة مكامن الفساد واطلاق ورشة الاصلاح؟”. ودعا رئيس الجمهورية النواب الى “تحمل مسؤولياتهم في الرقابة والمحاسبة البرلمانية باسم الشعب الذي تمثلون، وأنتم اليوم مدعوون باسم المصلحة اللبنانية العليا لتحكيم ضميركم الوطني وحس المسؤولية لديكم تجاه شعبكم ووطنكم”.

 

في هذا الوقت، كانت ماكينة “بيت الوسط” تستعد ليوم التكليف ولقاء الحريري – عون وخطاب ما بعد التكليف، فضلاً عن تفكيكها ألغام “التسمية” ومحاولة منع اصابة التكليف بهزال لا يتجاوز نصف عدد النواب الحاليين. وكان لافتاً اضطرار الحريري للاتصال مساء برئيس الكتلة القومية السورية النيابية النائب أسعد حردان للحصول على تأييد كتلته في الاستشارات، فيما أبقت حارة حريك على صمتها، وكسرته بما تسرّب عنها من معلومات تفيد بعدم اتجاه كتلة “الوفاء للمقاومة” إلى تسمية الحريري، مع الحفاظ على “ايجابية في التأليف”، علماً أنّ الحزب “القومي السوري” أصدر في وقتٍ لاحق بياناً يؤكد فيه عدم تسميته أيّ مرشح. ويبدو أن “حزب الله” أبقى حبل التواصل مشدوداً مع “الوطني الحر”، مظهراً تعاطفه مع باسيل، إذ أوردت قناة “المنار” في مقدمة نشرة أخبارها وتعليقاً على الاتصال بحردان: “اتصالٌ مهمٌ لضمانِ مهمةِ التكليف، ولو أتبعَه باتصالٍ آخرَ لسهَّلَ على نفسِه مُهمةَ التكليفِ والتأليف، وعلى البلادِ مشقةَ المناكفاتِ والتفسيراتِ الدستوريةِ والميثاقيةِ التي هي بغنىً عنها لو تطلعَ بجدٍ الى ما فيهِ صلاحُ العبادِ وإصلاحُ البلاد”.

 

ولم تقتصر ردود الفعل على خطاب عون على المستوى المحلي فحسب، فباريس التي تابعت مرحلة التكليف، انتقلت في بطاقاتها الحمراء الى مرحلة التأليف، إذ حذّر وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان مجدداً الطبقة السياسية من تأخّر عملية التشكيل، قائلاً: “كلّما تأخّر تشكيل الحكومة اللبنانية غرق المركب أكثر”.

 

وقال مصدر فرنسي رفيع متابع للملف اللبناني لـ”نداء الوطن” انّ “فرنسا ستستمرّ في الضغط على المسؤولين اللبنانيين لتشكيل الحكومة القادرة على تنفيذ الاصلاحات، وإن باريس لن تتخلّى عن الضغط وتتراجع عن مبادرتها لإنقاذ لبنان، والحلّ الوحيد هو أن تشكّل الحكومة وتتوقف العرقلات والمماطلة لأن لبنان لم يعد يحتمل ذلك”، مذكراً بأنّه “لا يمكن حشد الأسرة الدولية لمساعدة لبنان إلا بعد تشكيل حكومةٍ تظهر جديّتها أولاً وفوراً في إنجاز الاصلاحات”. وشدّدت على أنه “في حال تم تكليف سعد الحريري وتمكن من تشكيل حكومة لتقوم بمهمة الإصلاحات فهذا مرحب به”. ورأى ان “العراقيل والخلافات الداخلية بين المسؤولين السياسيين تزيد البلد تدهوراً ومعاناة وتزداد معها آلام الشعب اللبناني وعلى المسؤولين عدم العرقلة من اجل عدم ضياع الوقت والتمكن من إنقاذ لبنان، وفرنسا لن توقف الضغط بهذا الاتجاه من أجل الشعب اللبناني”.

*********************************************

 

افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط

 

عون «قال كلمته ولن يمشي»… ومتمسك بـ«العهد والوعد»

 

تعهَّد الرئيس اللبناني ميشال عون بأنه سيبقى يتحمل مسؤولياته «في التكليف والتأليف، وفي كل موقف وموقع دستوري، وبوجه كل من يمنع عن شعبنا الإصلاح وبناء الدولة»، مشدداً على «أنني قلتُ كلمتي ولن أمشي، بل سأظل على العهد والوعد»، آملاً «أن تفكروا جيداً بآثار التكليف على التأليف وعلى مشاريع الإصلاح ومبادرات الإنقاذ الدولية، ذلك لأن الوضع المتردي الحالي لا يمكن أن يستمرّ بعد اليوم؛ أعباء متراكمة ومتصاعدة على كاهل المواطنين».

ووجه عون كلمة إلى اللبنانيين، قال فيها إن المصارحة «تدعوني لأن أقول لكم إنني أعيش وجع الناس، وأتفهّم نقمتهم لكن الحقيقة توجب علي أن أذكر بأن بعضاً ممن حكم لبنان منذ عقود، ولم يزل بشخصه أو نهجه، قد رفع شعارات رنانة بقيت من دون أي مضمون، وكانت بمثابة وعود تخديرية لم ير الشعب اللبناني منها أي إنجاز نوعي يضفي على حاضره ومستقبله اطمئناناً»، معتبراً أن الإصلاح «بقي مجرد شعار يكرره المسؤولون والسياسيون وهم يضمرون عكسه تماماً، ينادون به ولا يأتون عملاً إصلاحيّاً مجدياً، بل يؤمّنون مصالحهم السلطوية والشخصية بإتقان وتفان، حتى وصل بنا الأمر إلى أن أصبح الفساد في لبنان فساداً مؤسساتياً منظَّماً بامتياز».

ومع انطلاق الاستشارات النيابية اليوم لتكليف رئيس حكومة جديد (يُتوقع أن يكون الرئيس سعد الحريري)، بدا كأنه يحاول تحميل الحريري المسؤولية عن مكافحة الفساد وإطلاق عملية الإصلاح، من خلال السؤال الذي وجَّهه في كلمته: «هل سيلتزم مَن يقع عليه وزر التكليف والتأليف بمعالجة مكامن الفساد وإطلاق ورشة الإصلاح؟».

وتوجّه عون إلى النواب عشية الاستشارات قائلاً: «أملي أن تفكروا جيداً بآثار التكليف على التأليف، وعلى مشاريع الإصلاح ومبادرات الإنقاذ الدوليّة، لأنّ الوضع المتردّي الحالي لا يمكن أن يستمرّ بعد اليوم؛ أعباء متراكمة ومتصاعدة على كاهل المواطنين». وأضاف: «اليوم مطلوب مني أن أكلّف ثم أشارك في التأليف، عملاً بأحكام الدستور».

وسأل عون عن غياب منظومة الحماية الاجتماعية الشاملة، والتقديمات الطبية والعلاجية والاستشفائية الشاملة، ومن «رفع الدعم على موادنا الحيوية التي نستورد معظمها ولا نضبط استفادة شعبنا من دون سواه منها؟»، كما سأل عن الاقتصاد بعد أن أكل ريعه مدخرات اللبنانيين وجنى عمرهم، والخطة الاقتصادية ومن أفشل تطبيقها؟ وخطط الكهرباء والسدود؟

وقال: «في بدايات عهدي، أيقظتُ مراسيم الاستكشاف والتنقيب عن الغاز في بحرنا بعد سبات عميق، والغاز ثروة طبيعية لها حجمها وآثارها الإنقاذية لأوضاعنا الاقتصادية المتردية، في حين أن التشكيك لا يزال سائداً لدى مروّجي التشاؤم من بعض من يتولى الشأن العام».

وسأل: «أين سائر مشاريع الإصلاح؟ أين الـ47 بنداً التي عُرِضت على رؤساء الكتل والأحزاب جميعاً في لقاء جامع في قصر بعبدا، فاعتُمد جزء كبير منها ولكن لم يُنفَّذ شيء؟ لماذا تم الهروب من تحمل المسؤولية وإقرار مشاريع الإصلاح؟ ولمصلحة مَن هذا التقاعس؟ وهل يمكن إصلاح ما تم إفساده باعتماد السياسات ذاتها؟». كما سأل: «أين اقتراحات قوانين الإصلاح من استعادة الأموال المنهوبة والتحقيق التلقائي في الذمة المالية للقائمين بخدمة عامة والمحكمة الخاصة بالجرائم المالية؟ أين نحن من هدر المال العام ومن هيئة الإغاثة ومجلس الإنماء والإعمار وصندوق المهجرين وصندوق مجلس الجنوب والمؤسسات العامة غير المنتجة، التي توافقنا على إلغائها لوضع حد للنزف المالي الحاد».

وأضاف: «أين نحن من برامج المساعدة ومن المبادرة الفرنسية الاقتصادية الإنقاذية والمباحثات مع صندوق النقد الدولي ومساهمات مجموعة الدعم الدولية في عملية الإنقاذ؟ أين القضاء من سطوة النافذين؟ أخيراً وليس آخراً؛ أين نحن من التدقيق الجنائي في مصرف لبنان، وهو قرار حكومي يهدف إلى معرفة أسباب الانهيار الحالي، وتحديد المسؤولين عنه من فاعلين ومتدخلين ومشاركين؟ هذه التجربة الرائدة أتى مَن يعترض عليها ويعرقلها ويناور لإفشالها».

ورأى عون أن صمت أي مسؤول، وعدم تعاونه بمعرض التدقيق الجنائي «إنما يدلان على أنه شريك في الهدر والفساد»، لافتاً إلى أن هذه التجربة إذا قُدّر لها النجاح «فستنسحب على الوزارات والمجالس والصناديق والهيئات واللجان والشركات المختلطة كافة من دون استثناء، وسوف تسمح بتحديد المسؤوليات وانطلاقة الإصلاحات اللازمة وصولاً إلى إزاحة الفاسدين».

*********************************************

 

افتتاحية صحيفة الجمهورية

 عون يفتح النار على “مُفشِّلي العهـد”.. والحريري الى معركة التأليف

لم يؤجّل رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون الإستشارات النيابيّة الملزمة المُحدّد موعدها اليوم، لكنّه عَلّقها، مع ما ستنتهي إليه بتكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة الجديدة، على سِلك كهربائي عالي التوتر تهدّد شراراته باندلاع حرائق سياسيّة على طريق التأليف. فرئيس الجمهورية نَزل شخصيّاً الى الحلبة الحكوميّة بالأمس، مُستعرضاً محطات التعطيل التي تعرّض لها عهده منذ بدء الولاية الرئاسية التي تدخل سَنتها الخامسة ما قبل السادسة والأخيرة آخر الشهر الجاري، ومصوِّباً على مُعطّلي منحى الاصلاح والتغيير الذي نَشَده منذ بدء الولاية الرئاسية.

وإذا كان رئيس الجمهورية قد ظهر بالأمس في صورة هي الأعنف التي يظهر فيها منذ بدء الولاية الرئاسية ضد «المعطّلين»، وضَمّن رسالته الرئاسية مَضبطةً اتهاميّة شاملة لا توفّر أيّاً من المكوّنات السياسيّة أو أحداً من الشركاء في الحكم، فإنّه رغم ذلك تحفّظ عن ذكر أيّ إسم صريح لأيّ معطّل، واستعاض عن ذلك بالتعميم، وبالاعلان عن انه «بعد اليوم لم تعد تصلح سياسة إجراء تسوية من اجل الحفاظ على الاستقرار ومنع المشاكل، فكل من سيقف في وجه الاصلاح ومكافحة الفساد سنواجهه من الآن فصاعداً».

 

على انّ النقطة الاساس في رسالة عون هي الرد المباشر على ما قيل في الايام الاخيرة عن تَوجّه لدى رئيس الجمهورية الى الاستقالة، حيث أكد: «إنني قلت كلمتي وسأظلّ على العهد والوعد، وسأبقى أتحمّل مسؤولياتي في التكليف والتأليف وفي كل موقف وموقع دستوري وبوجه كل من يمنع عن شعبنا الاصلاح وبناء الدولة».

 

وعلى الرغم من خلو الرسالة الرئاسية من أي اشارة واضحة الى موقف رئيس الجمهورية من ترشيح الرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة، فإنّ مضمونها انطوَى على اعتراضٍ على هذا الامر، وتجلّى ذلك حينما غمز من قناة الحريري من دون أن يسمّيه بقوله: «كلّ واحد عندو تاريخ سياسي وإنتو بتعرفا هالشِي «كتير منيح» كمراقبين، وهيدا تهذيباً أنا عم قول هيك… انا لا أضع «فيتو» على أحد، وقد قامت القيامة عليّ بسبب تأجيل الاستشارات أسبوعاً لحل بعض المشاكل، علماً انني خسرت سنة و14 يوماً بسبب تكليف الحكومات، والتي كانت مع الحريري».

 

كما تجلّى ذلك حينما تَوجّه الى النواب، في خطوة غير مسبوقة عشيّة استشارات تكليف رئيس حكومة، قائلاً: «اليوم مطلوب منّي أن أكلّف ثم أشارك في التأليف عملاً بأحكام الدستور، فهل سيلتزم مَن يقع عليه وزر التكليف والتأليف بمعالجة مكامن الفساد واطلاق ورشة الاصلاح؟ أيها النواب، أنتم اليوم مدعوون باسم المصلحة اللبنانية العليا الى تحكيم ضميركم الوطني وحسّ المسؤولية لديكم تجاه شعبكم ووطنكم، وأملي ان تفكروا جيداً بآثار التكليف على التأليف، وعلى مشاريع الاصلاح ومبادرات الانقاذ الدولية، ذلك انّ الوضع المتردي الحالي لا يمكن ان يستمر بعد اليوم أعباءً متراكمةً ومتصاعدةً على كاهل المواطنين».

 

وقال عون في رسالته: «إنني أعيش وجع الناس وأتفهّم نقمتهم، لكنّ الحقيقة توجِب عليّ أن أذكّر بأنّ بعضاً مِمّن حكمَ لبنان منذ عقود، ولم يزل بشخصه أو نهجه، قد رفع شعاراتٍ رنّانة بقيت من دون أيّ مضمون، وكانت بمثابة وعود تخديريّة لم يرَ الشعب اللبناني منها أيّ إنجاز نوعي يُضفي على حاضره ومستقبله اطمئناناً».

 

وضَمّن رئيس الجمهورية كلمته مجموعة كبيرة من الاسئلة حول مختلف الامور الداخلية، أمّا الجواب الذي قدّمه فعبّر عنه بقوله: «انّ الإصلاح بقي مجرد شعار يكرره المسؤولون والسياسيون وهم يُضمِرون عكسه تماماً، ينادون به ولا يأتون عملاً إصلاحياً مُجدياً، بل يؤمّنون مصالحهم السلطوية والشخصية بإتقان وتفانٍ، حتى وصل بنا الأمر إلى أن أصبح الفساد فساداً مؤسساتياً منظّماً بامتياز، مُتجذّراً في سلطاتنا ومؤسساتنا وإداراتنا».

 

واضاف: «حين كنتُ ما أزال مُبعداً إلى فرنسا، كان شعار الإصلاح يصدح في لبنان، ولم أرَ منه حين عدتُ أيّ أثر من أيّ نوع كان، فحملتُ مشروع التغيير والإصلاح في محاولة لإنقاذ الوطن من براثن المصالح الفئويّة والشخصيّة والسلطويّة التي أودت بنا جميعاً إلى ما نحن عليه اليوم. وحين حملتُ مشروع التغيير والإصلاح في محاولة لإنقاذ الوطن، رفعَ المتضررون المتاريس بوجهي، وما زالت صفحات الإعلام المكتوب والمواقف في سائر الوسائل الإعلاميّة شاهدة على تصميم مُمنهَج من هؤلاء بعدم تمكيني من أيّ مشروع إصلاحي بمجرّد أنّه نابع من اقتناعي ونهجي».

 

واللافت في كلام رئيس الجمهورية، بعد توجيه رسالته، قوله: وصلنا الى «FINISH»، ولا استطيع ان أفعل شيئاً، فلا التشريع في يدي ولا التنفيذ».

 

عُسر.. وليس يُسراً!

 

قال رئيس الجمهورية كلمته وقصفَ جبهة المعطِّلين للاصلاح الذي نَشدَه في ولايته، وحَدّد رؤيته للاستحقاق الحكومي، وأبقى الاستشارات الملزمة في موعدها، ووزّع جدول لقاءاتها الرسمية أمس. لكنه، وعلى حد قول مرجع سياسي لـ«الجمهورية»، زَرعَ في التكليف الذي سينتج عنها مجموعة «لاءات وعبوات» إنّما بمفعول مؤجَّل الى المعركة الحامية الوطيس المنتظرة على حلبة التأليف، وهذا معناه اننا سنكون أمام تأليف مُعسّر وليس مُيسّراً».

 

إنكشفت الاوراق والوجوه

 

يتقاطَع ما قاله المرجع المذكور مع ما يؤكد عليه معنيون بالملف الحكومي لـ«الجمهورية» بأنّه «مع هذا المُستجد الذي ظهر في كلام رئيس الجمهورية، تكتمل عناصر المعركة المقبلة، فكلّ الأوراق والوجوه السياسيّة الداخليّة أصبحت مكشوفة بالكامل، وظهر ما تُضمره القلوب السياسية الى العلن، وصار الاستحقاق الحكومي، المُمتَد من الإستشارات الملزمة إلى التكليف فالتأليف، خاضعاً لاصطفافَين مفترقَين على الثانويات والأساسيّات والبديهيّات في آن معاً».

 

ويُنذر ذلك، في رأي هؤلاء، «بانتقال البلد، وفي زمن أزماته القاتلة، ليس فقط الى مراوحة ما بعد التكليف، بل الى مرحلة جديدة من الصدام السياسي المفتوح على احتمالات شديدة السلبية في شتى المجالات، ليس أقلّها «مَنْتَعَة سياسيّة» على حلبة التأليف، و«التَوَهان» في متاهة التناقضات، وإطالة أمَد الشلل القائم في السلطة التنفيذية، مع ما قد يرافق ذلك من انهيارات مفجعة اقتصاديّاً وماليّا ونقديّا ومعيشيّا واجتماعيّا، وربما ما هو أسوأ من ذلك بكثير».

 

ماذا بعد؟

 

إلى ذلك، ومع توزيع جدول مواعيد الاستشارات الملزمة رسمياً أمس، بات أكيداً انّ الرئيس سعد الحريري سيكلّف في نهايتها تشكيل الحكومة الجديدة. ويتزامن ذلك مع دعوة فرنسية متجددة ورَدٍ على لسان وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان، للاستعجال بتشكيل الحكومة​اللبنانية.

 

ودعا لودريان لبنان إلى الإسراع في تشكيل حكومة جديدة عشيّة استشارات نيابية سينبثق عنها تكليف شخصية بتشكيل فريق وزاري، في بلد يواجه أزمة سياسية خطيرة.

 

وحذّر، أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الفرنسي، من أنه «كلما تأخّرنا كلما غرقَ المركب أكثر. إذا لم يقم لبنان بالإصلاحات التي يجب القيام بها، فإنّ البلد نفسه معرّض للانهيار».

 

سقف التكليف 60

 

على أنّ الواضح في هذا التكليف أنّه يقوم على ارض خلافية حادة، خَفّضت من سقفه الى ما دون الـ60 صوتاً قد ينالها الحريري في هذه الإستشارات، خصوصاً بعد حسم العديد من الكتل النيابية موقفها بعدم تسمية الحريري لرئاسة الحكومة.

 

وبحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ توجّهات الكتل النيابية في الاستشارات ستتوزّع كما يلي:

 

سيُسمّون الحريري: كتلة تيار المستقبل (18 نائباً)، كتلة التنمية والتحرير (17)، كتلة اللقاء الديموقراطي (7)، كتلة المردة (5)، كتلة الرئيس نجيب ميقاتي (4)، الارمن (3)، الرئيس تمام سلام، ايلي الفرزلي، ما يعني انّ مجموع الاصوات المضمونة التي ستسمّي الحريري هي 56 صوتاً.

 

وقد تزيد الى 57 نائباً اذا ما صَح ما تَردّد عن أنّ عضو الجمهورية القوية النائب جان طالوزيان سيسمّي الحريري، وقد تحدّد له موعد منفرد في الساعة 12,45 بعد الظهر. كما انها قد تزيد الى 60 صوتاً اذا ما صَحّ ما تردّد عن أنّ نواب الكتلة القومية: اسعد حردان وسليم سعادة والبير منصور، سيُسمّون الحريري. وفي هذا السياق، اعلن الحزب القومي انّ رئيس الكتلة القومية الاجتماعية النيابية النائب أسعد حردان، تلقّى اتصالاً هاتفياً من الرئيس سعد الحريري، وجرى خلال الاتصال التطرّق الى موضوع الاستشارات النيابية، وحاجة البلد الى تشكيل حكومة جامعة تتحمّل مسؤولياتها في التحصين الوطني ومواجهة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة. وشَدّد حردان، خلال الاتصال، على «أهمية إنجاز الاستشارات، وأن يتم التسريع في تشكيل حكومة تتمتع بالثقل السياسي والوطني».

 

لن يسمّوا الحريري: كتلة الجمهورية القوية، تكتل لبنان القوي، كتلة الوفاء للمقاومة، كتلة ضمانة الجبل، اللقاء التشاوري، والنواب: نهاد المشنوق، اسامة سعد، فؤاد مخزومي، ميشال ضاهر، شامل روكز، جميل السيّد، جهاد الصمد. وسيتغيّب عن الاستشارات النائب ميشال المر لدواعٍ خاصة.

 

هل هناك إشكالية؟

 

واضح ممّا تقدّم أنّ هناك تعادلاً مجلسيّاً بين من سيسمّي الحريري وبين من لن يسمّيه، وهو ما دفع البعض الى التساؤل حول كيفية احتساب أصوات التكليف، خصوصاً انّ الاصوات المُحجِمة عن تسمية الحريري قد تكون اكثر من الاصوات التي سمّته، فهل هناك اشكالية قد تبرز هنا؟

 

مصادر قانونية اكدت لـ«الجمهورية» انّ «الدستور لم يلحظ اي نسبة من الاصوات يفترض ان يحوز عليها الرئيس المكلف لكي يتم تكليفه، لا أكثرية نسبية من عدد النواب المشاركين في الاستشارات ولا الاكثرية المطلقة من عدد النواب الذي يتألف منهم المجلس النيابي، اي النصف زائداً واحداً، بل انّ الدستور لَحظَ فقط في البند 2 من المادة «53 – دستور»، انّ رئيس الجمهورية يسمّي رئيس الحكومة المكلف بالتشاور مع رئيس مجلس النواب استناداً الى استشارات نيابية ملزمة يطلعه رسمياً على نتائجها».

 

وطالما انه لا يجوز سقف محدّد للفوز، فإنّ مَن ينال على النسبة الاعلى من اصوات المسمّين هو الذي يكلّف رئاسة الحكومة، إذا كان هناك اكثر من مرشح لرئاسة الحكومة. أمّا بالنسبة الى الحالة التي نحن فيها اليوم مع وجود الرئيس الحريري كمرشّح وحيد، فإنّ فوزه بالتكليف مرتبط بنَيله أكثر اصوات النواب المسمِّين. ولكانَ الامر اختلفَ لو انّ النواب الذين لم يسمّوه كانوا مُجمِعين على مرشّح آخر غير الحريري، ولو كانوا مُجمِعين لكانوا سَمّوا من هم مُجمعون عليه، فضلاً عن انّ من بين هؤلاء غير المسمّين من سيمنح الثقة للحكومة، ككتلة «حزب الله» على سبيل المثال».

 

وتشير المصادر الى أنه قد تبرز أصوات سياسية معارضة للحريري تَعزف على وَتر النسبة الضئيلة من الاصوات التي نالها، الّا انّ ذلك هو كلام سياسي لن يكون له أي تأثير على النتيجة.

 

«الحزب» والتسمية

 

ولعل السؤال الأساس يدور حول توجّه كتلة «حزب الله» الى عدم تسمية الحريري، الّا انّ اجواء الحزب، وبحسب معلومات «الجمهورية»، تفيد بأنّ موقف الحزب من تسمية الحريري او عدمها لم يعلن بعد، الّا انها تلفت الانتباه في الوقت نفسه الى ان ّكتلة الوفاء للمقاومة لم يحصل أن سَمّت الحريري في أي استشارات، ومع ذلك كنّا نتعاون معه في تأليف الحكومة وفي الحكومة بعد تأليفها، وإن حصل هذا الامر فنحن على موقفنا بالتعاون معه في الحكومة التي سيؤلفها.

 

وفسّرت مصادر سياسية موقف «حزب الله» من عدم تسمية الحريري بأنّه، أي الحزب، مُلزم بأن يُراعي موقف رئيس الجمهورية وكذلك العلاقة مع التيار الوطني الحر، ويحرص على عدم اتّساع الفسوخات التي تعتريها حول ملفات متعددة، إذ انّ ايّ موقف للحزب اليوم، كتسمية الحريري مثلاً، من شأنه أن يُعتبر شراكة من الحزب مع من يحاول الضغط على التيار وحَشره. وبالتالي، إنّ خطوة كهذه ستوَسّع الشرخ بين الحزب والتيار الى حد يصعب ترميمه. لذلك، فإنّ الحزب لن يبادر الى استفزاز التيار، فضلاً عن أنه يرفض، من الأساس، أيّ محاولة لإضعاف التيار الوطني الحر امام خصومه الداخليين.

 

بيت الوسط

 

وفيما بَدا انّ التفاعل مع كلام رئيس الجمهورية انحصر بشكل لافت على مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيّد له امام «جوقة الفاسدين والمنخَرِطين في تفشيل عهده، وفي التحضير لحرب إلغاء وتحجيم لتياره السياسي»، وبين معارض ومُنتقد له اعتبرَ ان ليس من داع لهذه الرسالة الرئاسية «التي تضمّنت إعلاناً للافلاس والعجز، وتنصّلاً من مسؤولية الشراكة في كل ما شَكا منه الرئيس».

 

الّا انّ مختلف القوى السياسية المستهدفة بالكلام الرئاسي أمس، لم تدخل في سجال او ردود على ما ورد في رسالة رئيس الجمهورية. وبحسب هذه الاجواء، فإنّ الالوية لدى هذه الاطراف هي تجاوز الاستشارات والتكليف اليوم، والانتقال سريعاً الى الخطوة التالية بتأليف الحكومة. مع الاشارة هنا الى انّ «بيت الوسط»، الذي لم تَشَأ أوساطه التعليق على ما قاله عون، يعكس انّ الاولوية للرئيس الحريري بعد تكليفه رئاسة الحكومة هي الذهاب الى حكومة في اقرب وقت ممكن، مشيرة الى انه لا يقف عند مجموع الاصوات التي سينالها في الاستشارات الملزمة.

 

التأليف

 

الى ذلك، ومع إتمام الإستشارات النيابية الملزمة وتكليف الحريري تشكيل «حكومة المبادرة الفرنسية»، فإنّ العَين هي على التأليف، وهي ترصد ما حُكي عن مصاعب ستبرز في طريقه، علماً أنها أوحَت بأنّ رحلة التأليف سوف تكون طويلة، ما يعني أنّ الحكومة الجديدة المُزمَع تشكيلها لن تولد في المدى المنطور!

 

وفيما لا يُقلّل القريبون من الحريري من صعوبة المهمة لإنضاج حكومة تحقّق الهدف الانقاذي منها، وهذه مسؤولية تقع على كل الاطراف، أكدت مصادر واسعة الاطلاع لـ«الجمهورية» انّ المناخ السائد متشنّج ولا يوحي بالاطمئنان الى إمكان بلوغ تأليف سريع للحكومة، لكن هذا لا يعني ألّا نتوقّع مفاجآت سريعة، خصوصاً انّ التوَجّه في تأليف الحكومة، سواء لدى الحريري وداعميه لرئاستها، هو استثمار الوقت الى أبعد الحدود وصولاً الى وضع مسودة للحكومة في فترة قياسية، خصوصاً انّ كل الاطراف أكدت الحاجة الى حكومة توقِف الانهيار الحاصل».

 

إلّا انّ مصادر سياسية أخرى قالت لـ«الجمهورية»: «بعد التكليف ستصبح الامور أكثر صعوبة، ويجب ألّا نَستهين بموقف رئيس الجمهورية و«التيار الوطني الحر» وحلفائه. فرئيس الجمهورية لن يُمرّر أيّ حكومة يعتبرها ناقصة، او صورة مستنسخة عن حكومات سابقة ونهجها السابق، او مراعية لفرقاء معيّنين على حساب فرقاء آخرين لهم حضورهم وتمثيلهم ودورهم الفاعل الذي لا يمكن القبول بتجاوزه».

 

على أنّ اهم ما تشير اليه هذه المصادر هو انّ التقديرات والقراءات للمشهد الداخلي والخارجي في آن معاً، لا تؤشّر الى ولادة سريعة للحكومة، بل انّ هذه الولادة قد تكون مؤجّلة الى السنة الجديدة. وفي أحسن الاحوال، وتِبعاً للتطورات الدولية، وكذلك الانتخابات الرائسية الاميركية تحديداً، يمكن أن يعايدونا بحكومة قبل عيدي الميلاد ورأس السنة.

 

تحركات

 

وكان اللافت عشيّة استشارات التكليف، ظهور تحرّكات بعد ظهر أمس في وسط بيروت، لمؤيّدين لتكليف الرئيس الحريري ومعارضين له، حيث سجّلت مناوشات بين الطرفين، أفيد خلالها انّ مناصري الحريري أقدموا على إحراق قبضة الثورة المنصوبة في وسط بيروت، فيما تدخلت وحدات الجيش لمنع تفاقم الأمور.

 

ولاحقاً، أصدر «تيار المستقبل» بياناً نفى فيه أيّ علاقة لـ«المستقبل» بإحراق هذه القبضة.

 

 

*********************************************

افتتاحية صحيفة اللواء

 

عون يضع عربة التأليف قبل التكليف: فشل الإصلاح مسؤولية الحريري؟

ضغوطات متبادلة لتقليص عدد المسمِّين.. وورقة الشارع لإضعاف المسار الدستوري

 

بعد تلاوة المطالعة الرئاسية عبر كلمة الرئيس ميشال عون التي توجه بها إلى اللبنانيين على الهواء مباشرة، مضمناً إليها «رسائل عدة» وفي اتجاهات تتعدّى اللعبة السياسية في الداخل، بات السؤال: ماذا سيفعل الرئيس، بعد تسمية نيابية وافرة للرئيس سعد الحريري، الذي شكك رئيس الجمهورية بقدرته على مواجهة الفساد؟

من البديهي، بعد يوم الاستشارات الملزمة، اليوم في 22 ت1 ان يحضر الرئيس المسمى (الحريري) إلى بعبدا، ليتسلم مرسوم تكليفه تأليف حكومة جديدة، ومن غير المستبعد ان يعقد اجتماع ثلاثي، يحضره إلى عون والحريري رئيس المجلس نبيه بري، الذي يُشكّل «عرّاب» عودة رئيس تيّار المستقبل إلى السراي، على الرغم من «انحياز» «توأمه» حزب الله بكتلته النيابية إلى شريكه في تفاهم مار مخايل رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، الذي يقف بوجه عودة الحريري، بكل طاقاته وامكاناته.

 

لكن محطة الاشتباك، قد لا تكون هذا الخميس أو بعده، إنما ستكون في الأيام التالية، بعد أسبوع أو أسبوعين أو أسابيع.. فالرئيس عون لن يوقع على مراسيم حكومة لا يرى فيها مطابقة لاوصاف الكلمة الرئاسية، أو حتى تطلعات النائب باسيل.

 

ولاحظ متابعون ان الرئيس عون أراد ضرب عدّة عصافير بحجر واحد:

 

1- فهو رمى على رئيس المستقبل، قبل ان يوقع مرسوم تكليفه مسؤولية معالجة الفساد وإطلاق ورشة الإصلاح.

 

2- وتالياً، اعفى نفسه من تهمة الفشل في تحقيق التغيير أو الإصلاح، فهو ليس بيده لا التشريع، ولا هو السلطة الاجرائية.

 

3- ثبت موعد الاستشارات الملزمة انسجاماً مع المهلة التي حددها الرئيس ايمانويل ماكرون، بعد اعتذار  السفير مصطفى أديب عن تأليف الحكومة في 27 أيلول الماضي.

 

4- شكلت استقالة الحريري في 29 (ت1) 2019 الماضي، ما يوازي عاماً الا أسبوع على خروجه من السراي الكبير، وذلك تحت وطأة حراك شعبي ضد الطبقة السياسية.. وها هو يعود، وسط إعادة تحريك الشارع بوجه عودته! مع العلم ان الرئيس الحريري تعهد بحكومة اخصائيين لستة أشهر، لتنفيذ المبادرة الفرنسية بإصلاح مالية الدولة وإعادة اعمار بيروت.

 

5- تترافق عودة الحريري، القوية إلى السراي مكلفاً بدءاً من اليوم، وسط انهيار عام في الاقتصاد والنقد والاسعار، واستفحال خطة فايروس كورونا، الذي يسجل يومياً ما فوق الألف إصابة وبضع مئات، فضلاً عن تداعيات انفجار مرفأ بيروت في 4 آب الماضي، الذي اوقع أكثر من مائتي شهيد و6500 جريح.

 

ولخصت مصادر سياسية كلام رئيس الجمهورية ميشال عون بانه عاتب على الحلفاء والأصدقاء السياسيين التقليديين دون تسميتهم،لتركه وتياره السياسي وحيدين في معركته لرفض تسمية الرئيس سعدالحريري  معترفا بخسارة هذه المعركة ولكنه توعد بالرد في عملية تشكيل الحكومة من خلال الصلاحيات الدستورية التي منحه اياها الدستور،في اشارة واضحة الى ان عملية التأليف لن تكون سهلة كما حصل في التسمية بل اكثر صعوبة وتعقيدا.

 

واذ عبر ضمنا عن استيائه من رفض الرئيس الحريري لقاء صهره النائب جبران باسيل للتفاهم معه قبل إجراء الاستشارات النيابية الملزمة كما كان يحصل في السابق،اعترف ان قراره بتأجيل موعد الاستشارات اسبوعا كاملا لم يبدل شيئا في مواقف الكتل النيابية والنواب بالنسبة لتسمية الرئيس الحريري رئيسا للحكومة المقبلة وحاول نفض يديه وتبرئة صهره باسيل من مسلسل تأخير تشكيل الحكومات السابقة وتعطيل مسار الاصلاحات المطلوبة وتحميلها لحكومتي الرئيس الحريري خلافا للواقع والحقيقة. ولكن بهدف تحريض النواب المترددين لرفض تسمية الحريري اليوم وتاليب الرأي العام ضده علنا عشية اجراء الاستشارات الملزمة . واشارت المصادر الى ان رئيس الجمهورية بدل ان يعلن صراحة على هذا النحو استياءه من تولي الحريري لرئاسة الحكومة المقبلة لان الأخير لم يتماه مع باسيل، كان عليه عدم الوقوع في هذه السقطة المضرة له تحديدا باعتبار ان مبدأ قبول الحريري لترؤس الحكومة الجديدة بوجود عون بسدة الرئاسة وفي ظل هذه الأزمة المستفحلة،  انما يشكل رافعة قوية لما تبقى من عهده المتهالك حتى النهاية، وكان يجب تجاوز الحساسيات والتباعد الحاصل بينهما نتيجة  الخلافات السابقة التي تسبب بها باسيل وابداء الاستعداد للتعاون معه لاطلاق عجلة الدولة الى الامام والمباشرة بوقف الانهيار الحاصل بالبلاد.

 

كلمة عون

 

في كلمة عالية السقف وجّهها الى النواب واللبنانيين، عشية الاستشارات النيابية المقررة اليوم، سأل رئيس الجمهورية «مطلوب مني أن أكلّف ثم أشارك في التأليف، عملاً بأحكام الدستور، فهل سيلتزم من يقع عليه وزر التكليف والتأليف بمعالجة مكامن الفساد وإطلاق ورشة الاصلاح»؟ وتابع «هذه مسؤوليتكم أيها النواب، فأنتم المسؤولون عن الرقابة والمحاسبة البرلمانيّة باسم الشعب الذي تمثّلونه. وشدد على أنه سيبقى يتحمل مسؤولياته في التكليف والتأليف، وفي كل موقف وموقع دستوري، وبوجه كل من يمنع عن شعبنا الإصلاح وبناء الدولة».

 

وعدّد الرئيس عون «مشاريع التغيير والاصلاح التي كان اللبنانيون ينتظرونها دون ان تتحقق، بعد ان رفع البعض ممن حكم لبنان منذ عقود، ولم يزل بشخصه أو نهجه شعارات رنّانة بقيت من دون أيّ مضمون، وكانت بمثابة وعود تخديريّة لم يرَ الشعب اللبناني منها أيّ إنجاز نوعي يضفي على حاضره ومستقبله اطمئناناً». واوضح ان ما يمكنه فعله هو تنبيه المعنيين، «فأنا لا يمكنني التشريع ولا التنفيذ وكل ما يمكنني فعله هو التوجيه وقمت بما عليّ في هذا المجال، ورغم ذلك يحمّلونني المسؤولية».

 

وتضمنت كلمة عون تشكيكاً بقدرة الرئيس الحريري على محاربة الفساد، إذ قال: هل سيلتزم من يقع عليه وزر التكليف والتأليف بمعالجة مكامن الفساد وإطلاق ورشة الإصلاح؟

 

واتهم عون اليوم قوى سياسية من دون أن يسميها بعرقلة مساعي الاصلاح، وآخرها التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان. وقال «حين حملت مشروع التغيير والإصلاح في محاولة لإنقاذ الوطن، رفع المتضررون المتاريس بوجهي»، مضيفاً «الإصلاح بقي مجرد شعار يكرره المسؤولون والسياسيون وهم يضمرون عكسه تماماً».

 

وتوجّه عون في كلمة نقلتها بعض محطات التلفزة من القصر الرئاسي إلى النواب بالقول «أملي أن تفكروا جيداً بآثار التكليف على التأليف وعلى مشاريع الإصلاح ومبادرات الإنقاذ الدوليّة، لأنّ الوضع المتردّي الحالي لا يمكن أن يستمرّ بعد اليوم أعباء متراكمة ومتصاعدة على كاهل المواطنين».

 

وأضاف «اليوم مطلوب مني أن أكلّف ثم أشارك في التأليف، عملاً بأحكام الدستور، فهل سيلتزم من يقع عليه وزر التكليف والتأليف بمعالجة مكامن الفساد وإطلاق ورشة الاصلاح؟».

 

وبعد كلمته المتلفزة، أكد الرئيس عون في حوار مع الاعلاميين، انه لا يضع فيتو على احد، قائلا: «قامت القيامة عليي» بسبب تأجيل الاستشارات اسبوعاً  لحل بعض المشاكل وصاحب العلاقة (الحريري) يعرف ذلك. علماً انني خسرت سنة و١٤ يوماً بسبب تكليف الحكومات والتي كانت مع الحريري.

 

وردا على سؤال عن سبب عدم قيامه بوساطة بين الحريري والنائب جبران باسيل؟ قال: حصلت مبادرات من اصدقاء مشتركين للحريري وباسيل من اجل جمعهما واللقاء «ما زبط»، وانا كحكم لا اتدخل بهذه المسائل حتى لا اصبح طرفاً او يتهمونني بأني طرف».. واضاف «سنصبح في عزلة ولا أستطيع أن أفعل شيئاً فلا التشريع في يدي ولا التنفيذ».

 

ورداً على سؤال: هل أنت تقول ان الحريري عاجز عن تشكيل حكومة إصلاحية بامتياز؟ اجاب: «أنا قلت اللي قلتو وكل واحد عندو تاريخ سياسي وانتو بتعرفوا كتير منيح كمراقبين. وهيدا تهذيباً أنا عم قول هيك».

 

وقال رئيس الجمهورية رداعلى سؤال حول ما اذا كانت لديه مخاوف على لبنان من تطورات اوضاع المنطقة والتطبيع مع الكيان الاسرائيلي: «ان لبنان كان ضمن منظومة كبيرة في جامعة الدول العربية وفي سياق موقف موحد. اليوم، الدول الاساسية في الجامعة تغيّرت مواقفها في المواضيع الاساسية والدول الاخرى تلحق بها، وسنصبح شيئاً فشيئاً في عزلة، ونحن الدولة العربية الاصغر، لذلك اسأل اللبنانيين عما يجب فعله».

 

وأكدت مصادر مقربة لـ«اللواء»  أن التكليف للرئيس سعد الحريري اليوم حاصل حتى وإن لم تكن نسبة التسمية النيابية كبيرة ولفتت إلى أن المعلومات المتداولة عن امتناع كتلة الوفاء للمقاومة عن التسمية اليوم ليس مؤكدا لاسيما أن الكتلة في العادة تضع التسمية بعهدة رئيس الجمهورية في ما يتعلق بالحريري.

 

الى ذلك أفادت أن الغد لناظره قريب وستظهر المواقف كما توجهات رئيس الحكومة الذي يلقي كلمة بعد التكليف.

 

وعن رسالة رئيس الجمهورية عشية الاستشارات التي أصابت في سهامها الرئيس الحريري والسياسيين فأن مصادر بعبدا قالت لـ«اللواء» أنه أجرى جردة  للسنوات الماضية وحذر من الاستمرار في التعاطي السياسي نفسه ودعا الحكومة الجديدة الى التقيد بالبرنامج الذي قدمه للخروج من الظرف الراهن.

 

وأفادت أنه في هذه الجردة هو ليس بمسؤول عن السنوات التي مرت منذ الطائف ولفتت إلى أنه عرض أجوبة الحكومة الجديدة بهدف تصحيح الأداء وترشيد خطواتها في المستقبل كي تنجح.وحملت كلمته في طياتها وفق المصادر استياء من أداء السياسيين ومحاولته في السنوات الأربعة التصحيح من دون أن يلقى التجاوب.

 

لودريان يحذر من غرق المركب

 

وسط هذا التلبك اللبناني، دعا وزير الخارجية الفرنسي جان-ايف لودريان لبنان أمس الأربعاء إلى الإسراع في تشكيل حكومة جديدة عشية استشارات نيابية سينبثق عنها تكليف شخصية بتشكيل فريق وزاري في بلد يشهد انهياراً اقتصادياً.

 

وحذّر لودريان امام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الفرنسي من أنه «كلما تأخرنا، غرق المركب أكثر. إذا لم يقم لبنان بالإصلاحات المطلوبة، فإنّ البلد نفسه معرّض للانهيار».

 

وأضاف «لا يمكن أن يكون الشعب اللبناني ضحية إهمال وعدم كفاءة قادته»، معتبراً أن «النزعات القديمة، والمحاصصة حسب الانتماءات، حسب الطوائف، عادت» فيما الوضع الحالي لا يسمح بذلك.

 

وقالت المديرة العامة لصندوق النقد كريستالينا غورغييف ان «الوضع السياسي في لبنان مقلق جداً»، وأعربت في حديث مع «سكاي نيوز» عربية عن استعداد الصندوق لمساعدة لبنان في اللحظة التي سيكون هناك شريك.

 

وكشف نائب رئيس البنك الدولي للشرق الأوسط وشمال افريقيا فريد بلحاج ان البنك جاهز لتقديم مليار دولار لدعم الاقتصاد اللبناني والمشاريع الأكثر أولوية.

 

وأكّد ان المطلوب من الحكومة اللبنانية فتح الأبواب للداعمين من المجتمع الدولي بشكل يُعيد الثقة ويسهم في مساعدة الشعب اللبناني.

 

خلط الأوراق

 

وبعد كلمة عون، نشطت الاتصالات بكل الاتجاهات، في ما يشبه عملية خلط للاوراق، ضمن انقسام عمودي وافقي في ما خص الكتل المكونة للتمثيل الطائفي في المجلس النيابي.

 

ورأى مصدر نيابي في 8 آذار انه بعد كلمة عون، أضحى التأليف عملية بالغة التعقيد.

 

لكن الثابت أيضاً أن الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس للحكومة ستجري بدءاً من هذا الصباح بعدما حددت رئاسة الجمهورية مواعيد الكتل النيابية والنواب المستقلين، اعتبارا من التاسعة مع رؤساء الحكومة النواب ونائب رئيس المجلس ايلي الفرزلي ثم كتلة تيار المستقبل. وحتى الواحدة والربع بعد الظهر، حيث كان اخر موعد مع كتلة التنمية والتحرير برئاسة الرئيس نبيه بري. وسط تأكيد بأن تتم تسمية الرئيس سعد الحريري، الذي عاود امس اتصالاته، فاتصل برئيس الكتلة القومية الاجتماعية النائب أسعد حردان، وجرى خلال الاتصال حسب بيان للحزب القومي، «التطرق الى موضوع الاستشارات النيابية، وحاجة البلد الى تشكيل حكومة جامعة تتحمل مسؤولياتها في التحصين الوطني ومواجهة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة. وشدّد حردان خلال الاتصال، على أهمية انجاز الاستشارات، وأن يتم التسريع في تشكيل حكومة تتمتع بالثقل السياسي والوطني».

 

وحسب معلومات «اللواء» كان جو الاتصال ودياً وايجابيا، وتخللته «تمنيات من الحريري وسؤال خاطر، فوعد حردان خيراً مؤكداً ضرورة الاسراع في تشكيل الحكومة بعد التكليف»، لكن الكتلة القومية ستجتمع في التاسعة من صباح الغد لإتخاذ الموقف من التسمية.

 

وحسب النائب حردان، فكتلة القومي تجتمع اليوم، لاتخاذ القرار المناسب، والمهم ان تشكّل حكومة إنقاذ بسرعة.

 

الا ان رئيس المجلس الأعلى للحزب السوري القومي الاجتماعي ربيع بنات، أعلن انه بعد اجتماع المجلس مساء أمس، ونظراً لعدم الاتفاق على رؤية إنقاذية للواقع المتدهور، فإن الحزب سيوجه كتلة القومي النيابية إلى عدم تسمية أي من المرشحين المطروحين لرئاسة الحكومة.

 

وليلاً الأمر الذي يعكس انقساماً في التوجه، صدر عن عمدة الإعلام في الحزب بيان جاء فيه خلافا لما تتداوله بعض وسائل الاعلام، تؤكد عمدة الاعلام ان الكتلة القومية الاجتماعية (٣ نواب) ستجتمع عند التاسعة والنصف صباح اليوم لتتخذ القرار بشأن الاستشارات النيابية وستبلغ قرارها الی فخامة رئيس الجمهورية.

 

في المقابل، أكد النائب طلال أرسلان بعد اجتماع كتلة ضمانة الجبل، ان الكتة  لن تسمي الرئيس الحريري بسبب «الغموض في مقاربة من رشح نفسه، من موضوع اساسي هو مقاربة العلاقة مع صندوق النقد الدولي، وما هي الشروط التي يمكن للبنان ان يحملها او لا يحملها الشعب اللبناني». وقال: فلا وضوح اطلاقا من قبل المرشح نفسه لرئاسة الحكومة في هذا الموضوع ونحن بالنسبة الينا اذا لم تكن هناك اجوبة واضحة وصريحة حول مقاربة وجع الناس والازمة المعيشية التي يتحملها الشعب اللبناني، نحن في هذا الموضوع لدينا تحفظ كبير واعتراض كبير. واشار الى ان من اسباب عدم تسمية الحريري ايضا «الغموض في مقاربته مسألة ترسيم الحدود».

 

وقرّر النائب جان طالوزيان الانفصال عن كتلة القوات اليوم، والمشاركة منفرداً بالاستشارات وربما سيسمي الرئيس الحريري.

 

وحسب المتوقع فإن الكتل التي ستسمي الحريري هي: المستقبل (19نائبا مع ديمة جمالي الغائبة)، اللقاء الديموقراطي (7نواب)، الوسط المستقل(4 نواب)، التكتل الوطني (5 نواب)، الارمن (3 نواب)، والتنمية والتحرير (17 نائبا)، وربما كتلة القومي (3 نواب).

 

اما كتلة الوفاء للمقاومة (13نائبا) فتجتمع اليوم صباحا لتقرر موقفها. مع ترجيح ان الكتلة لن تسمي احداً.

 

وهناك 9 نواب مستقلين غير النائب ميشال المر الذي قد يتعذر حضوره، لم تعرف مواقفهم بينهم النائب نهاد المشنوق. اما كتل: الجمهورية القوية ولبنان القوي وكتلة ضمانة الجبل، وكتلة اللقاء التشاوري للنواب المستقلين فلن تسمي الحريري. علما ان عدد النواب هو 120 نائبا بعد استقالة ثمانية منهم رسمياً.

 

ويتراوح العدد الذي من المتوقع ان يحصل عليه الرئيس الحريري في الاستشارات بين 56 و60، من أصل 120 نائباً، هم أعضاء المجلس الحالي، بعد استقالة 8 نواب منه.

 

الهيئات والنقابات والعمالي لوقف الانهار

 

اقتصادياً، عقد اجتماع مشترك للهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي وهيئة التنسيق النقابية ونقباء المهن الحرة، للتباحث في الوضع الخطير في البلاد.

 

ودعا نقولا شماس الأمين العام للهيئات الاقتصادية إلى الإسراع بتشكيل حكومة لأن الفراغ ترك انعكاسات خطيرة على الاقتصاد..

 

وطالب رئيس الاتحاد العمالي بشارة الأسمر بتشكيل حكومة إنقاذ اقتصادية واجتماعية فوراً، تعمل على استرجاع الأموال المهربة والمنهوبة ودعم الضمان والمستشفيات والمدرسة ومكافحة الكورونا.

 

العودة إلى الشارع واحراق «قبضة الثورة»

 

على ان أخطر ما في المشهد عشية الاستشارات، العودة إلى الشارع، ففي محيط «بيت الوسط» تجمع العشرات رافعين شعارات مناوئة لإعادة تكليف الرئيس الحريري تأليف الحكومة، وتجمع مقابلهم أنصاره، الذين حملوا اعلام تيّار المستقبل.. وحالت القوى الأمنية دون تصادم الطرفين، لكن حادثاً رفضه المستقبل لاحقاً، تمثل باقدام شبان على إحراق «قبضة الثورة» وسط العاصمة..

 

وسرعان ما أوقفت القوى الأمنية (فرع المعلومات) 4 أشخاص من المتهمين، وأعلنت انها تلاحق متورط خامس بحادثة اضرام النار.

 

ونفى تيّار المستقبل ان يكون مناصروه قد قاموا باحراق قبضة الثورة في وسط بيروت ووصف هذا العمل بالمدان، داعياً الأجهزة الأمنية إلى كشف الملابسات وتوقيف المرتكبين أياً كانوا.

 

ودعا التيار أنصاره إلى التزام الموقف الرافض لاستخدام الشارع.

 

واحتجاجاً على إحراق شعار قبضة الثورة، قطع ناشطون طريق جسر الرينغ، واستمر المحتجون عند نقطة الرينغ بالتجمع ليلاً.

 

وليلاً، عمم ناشطون أن دعوات وجهت للتجمع على الطريق العام إلى قصر بعبدا، احتجاجاً على إعلان غالبية الكتل تسمية الرئيس الحريري.

 

وفي العاصمة، اقتحم محتجون مطعماً كانت تحتفل داخله إحدى السيدات، وظنوا انها عقيلة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بعيد ميلادها..

 

وهتف المحتجون بشعارات منددة بالسلطة، معتبرين ان الأموال التي صرفت على الاحتفال هي اموالهم، وتوجه هؤلاء إلى من اشتبهوا بها بأنها زوجة الحاكم بالقول: «زوجك سرقنا»، ليتبين لاحقاً ان السيدة المحتفلة لم تكن زوجة سلامة.

 

65577

 

صحياً، سجلت وزارة الصحة في تقريرها اليومي إصابة 1241 إصابة جديدة بالفايروس، و5 حالات وفاة، ليرتفع العدد إلى 65577 إصابة مثبتة مخبرياً.

 

*********************************************

افتتاحية صحيفة الديار

 

العهد ومجلس النواب والحكومات أوصلوا لبنان الى الانهيار والتحقيق الجنائي يجب أن يبدأ في وزارات «الصفقات بالتراضي»

عون: رفعوا المتاريس بوجهي لمنع تمكيني من أي مشروع إصلاحي بمجرّد أنه نابع من قناعاتي ونهجي

وزير خارجية فرنسا: اذا لم يتم تأليف الحكومة بسرعة فالمركب اللبناني سيغرق لأنهم أضاعوا فرصة الإصلاح

 

أطلّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في خطاب وجّهه الى الشعب اللبناني، وكان البعض ينتظر مفاجآت نتجت من تحليلات لخطابه قبل يوم من التكليف. لكن خطاب الرئيس عون جاء توصيفاً للوضع اللبناني المنهار سياسياً ومالياً واقتصادياً في ظل انقسامات حادّة في الداخل ومواقف متعدّدة من الأطراف، منها من يهاجم، ومنها من يؤيد، ومنها من يهادن، ومنها من يقاتل في ظل عدم تسمية الشخصية لتأليف الحكومة.

 

لقد طرح الرئيس عون همومه على الشعب اللبناني وألقى باللوم على عهود جاءت منذ عقود تطرح شعارات رنّانة ولم تنفّذ منها شيئاًً، وطالب النواب بالتفكير جيداً قبل التكليف كيلا يأتي رئيس مكلّف يعرقل التأليف ونعود الى الازمات، قائلاً إنهم أضاعوا من عهده سنة و14 يوماً، خاصة في ظل حكومات الرئيس سعد الحريري بانتظار تأليف الحكومات. وقال الرئيس عون «لقد وضعوا المتاريس في وجهي لمجرّد طرح مشاريع اصلاح ومنع تمكيني من تنفيذها لانها نابعة من قناعاتي ونهجي».

 

في الواقع، ان المسؤولية تقع حالياً على عهد الرئيس عون والمجالس النيابية والحكومات الذين أوصلوا لبنان الى الانهيار كما هو حاصل حالياً. والسؤال الكبير المطروح: اذا كان الرئيس ميشال عون يشكي همومه للشعب اللبناني فلِمن يشتكي الشعب اللبناني عذاباته وحياة الفقر التي يعيشها والانهيار الاقتصادي الحاصل، إضافة الى الانهيار المالي والنقدي؟

 

إن الجميع مسؤول عن النكسة التي وقع فيها بمن فيهم الرئيس عون، ونحن لا نبرّئ الحكومات ومجلس النواب الذين عاصروا الرئيس عون، إنما قائد المسيرة الذي هو الرئيس عون ، يملك دعم أكبر تكتلّ نيابي يصل الى أكثر من 25 نائباً أي التيار الوطني الحر وحلفائه، كما يملك دعم حلفاء عبر تكتلات نيابية تجعل الأكثرية معه منذ بداية العهد حتى الآن.

 

الرئيس عون شكا من العتمة وانقطاع الكهرباء، ووزارة الطاقة التي تشرف على كل مشاريع الكهرباء يديرها وزراء من حزبه، أي من التيار الوطني الحر منذ 10 سنوات حتى اليوم.

 

فلِمن تشكي الناس العتمة التي تعيش فيها وانقطاع الكهرباء ودفع فاتورتين، فاتورة لشركة الكهرباء وفاتورة للمولدات الخاصة، وبخاصة أن وزارة الطاقة كانت لديها حريّة التصرّف بالمال العام وقامت بالتلزيمات بالتراضي، الناس اصيبوا بدهشة لأن الرئيس عون يشكو من انقطاع الكهرباء، فيما الناس يختنقون في العتمة. فمن المسؤول عن انقطاع الكهرباء والعيش في العتمة؟ حزب الرئيس عون، أي التيار الوطني الحر الذي يدير وزارة الطاقة، أم الناس الذين لا حول لهم ولا قوّة؟

 

إضافة الى وزراء الطاقة، هنالك وزراء من كتل نيابية ككتلة الرئيس سعد الحريري الذي شارك في الحكومات عبر وزارات هدرت المال العام، مثل تجربة وزارة الاتصالات وتحويلها الى وزارة فساد مثل الكهرباء، ولم يحاسب الحريري الوزير جمال الجرّاح على المخالفات التي ارتكبها في وزارة الاتصالات، إضافة الى ذلك، هنالك كتل نيابية تمثّلت بوزراء هدروا المال العام، والرئيس عون الوحيد الذي يقسم اليمين للحفاظ على الدستور، نسأله لماذا لم يحث وزراء العدل، الذين كانوا ضمن نفوذه، على تحريك النيابة العامة المالية وديوان المحاسبة والنيابة العامة التمييزية لمحاسبة المديرين العامين وأصحاب الصفقات الذين التزموا المشاريع هدراً وفساداً لمحاسبتهم؟

 

السؤال المطروح أيضاً : بما أن العهد قرر التحقيق الجنائي، فلماذا يبدأ فقط بمصرف لبنان ولا يشمل في الوقت عينه الوزارات التي هدرت الأموال وقامت بتلزيم مشاريع بالتراضي دون مناقصات وهي من معظم الأحزاب؟

موقف مهم لوزير خارجية فرنسا

 

وزير الخارجية الفرنسي لودريان صرح لصحيفة «لوموند» الفرنسية بأنه اذا لم يتم تأليف الحكومة اللبنانية بسرعة، فالمركب اللبناني سيغرق. أضاف لودريان، لقد أضاع اللبنانيون سنتين ونصف السنة دون اجراء الإصلاحات التي التزموا بها في مؤتمر سيدر 1 في باريس لينالوا 12 مليار دولار، لكنهم أضاعوا وقتاً ثميناً وفرصة ذهبية، فأوصل بذلك المسؤولون اللبنانيون لبنان الى الانهيار، واكد ان فرصة أموال سيدر 1 ما زالت قائمة، لكن اذا لم يتم تأليف الحكومة وإجراء الاصلاحات في لبنان بسرعة، فالمركب اللبناني سيغرق.

ردود فعل لبنانية داخلية

 

رئيس المجلس النيابي وحركة أمل لم يرتاحا لخطاب الرئيس عون وبدا من خلال مقدمة نشرة أخبار الـ NBN أن حركة أمل والرئيس نبيه بري أبديا انتقاداً غير مباشر لخطاب الرئيس عون، وهذا يزيد من تباعد المسافة بين بعبدا وعين التينة، وبخاصة أن الرئيس عون سمّى مجلس الجنوب من ضمن المؤسسات غير المنتجة وطرح سؤالاً بشأن جدوى وجود مجلس الجنوب.

 

أما جنبلاط فانتقد خطاب الرئيس عون قبل أن يطل عون بخطابه.

 

وأما النائب طوني فرنجية فقال: «لا تعليق».

 

أوساط بيت الوسط أزعجها خطاب الرئيس عون واعتبرت الخطاب تحريضاً على تكليف الحريري. وبشكل عام طرح الرئيس عون هموم الناس بكل معنى للكلمة، وكلامه جاء من الموقع الأول في السلطات في الدولة اللبنانية، وقد أثار تعجب الناس ودهشتهم من شكواه من الأوضاع، في وقت تساءل الشعب اللبناني لمن يشكو الرئيس عون أوجاعه وعذاباته، ما دام أنه يشكو من الأمور ذاتها.

 

والسؤال المطروح: من الذي يكون مسؤولاً غير العهد ومجلس النواب والحكومات؟

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram