يضبط رئيس الحكومة نجيب ميقاتي توقيت التحالفات وصوغ اللوائح لاسيما في دائرتي الشمال، الأولى (عكار)؛ والثانية (طرابلس، المنية، الضنية)، على توقيته الخاص. يمتنع الأخير عن الكلام بالإنتخابات مع كثيرين ممن يزورونه للغاية، وهو قالها سابقاً إنه لن يحسم موقفه من الإنتخابات إلا قبل ساعات من إقفال باب الترشّح.
تكتّم ميقاتي هذا مع البعض لا يعني أنه لا يتحدث بالانتحابات مع البعض الآخر، لاسيما مع كبار طبّاخيها. معطيات كثيرة تشير إلى أنه دائم التواصل بخصوص الإنتخابات مع الرئيسين سعد الحريري وفؤاد السنيورة ومع قيادات الصف الأول في تيار «المستقبل» وآخرين، ومؤخراً حصل تواصل بينه وبين نائب رئيس الحكومة الأسبق عصام فارس.
يرفق ميقاتي حركته هذه مع الصف السياسي الأول بتكتم شديد، جعل باقي الأطراف يبدون في حيرة من أمرهم. فباقي الطباخين على الخطوط الأدنى؛ يريدون منه أن يقول شيئاً واحداً (هل سيدعم لوائح أم لا؟). لا يهم كثيراً بالنسبة إليهم ما إذا كان مرشحاً شخصياً أم غير مرشح لأن الأمر سيّان. فالرجل لديه كتلة أصوات وازنة في طرابلس بشكل خاص والدائرة الثانية بشكل عام، وإذا لم يعلن موقفه النهائي ستبقى كل اللوائح التي يجري الإعداد لها في الدائرة الثانية غير مكتملة أو في حالة تأرجح، فموقفه المنتظر من شأنه أن يبدّل الكثير في المشهد الإنتخابي، إما بتثبيت مرشحين على اللوائح وإما بتغيير وجهة بعض اللوائح بالكامل.
غموض ميقاتي الإنتخابي والمدروس منه بعناية، هدفه معرفة كل خطط الآخرين والإطلاع على أوراقهم قبل أن يرمي إليهم بورقته. وفي هذا الشأن تشير المعطيات إلى أنه كلّف بعض المقربين منه في الدائرة الضيّقة درس أوضاع عدد من الشخصيات المحتملة للترشح في الدائرة الثانية، ووضع معيارين لها: الأول، شخصيات متقدّمة ستكون هي صلب اللائحة في حال لم يترشح شخصياً، والثاني، شخصيات مقربة منه ومقبولة في الشارع في حال قرر أن يترشّح. وتوضح المعطيات أن الدراسة قد أنجزت بالكامل ولم يبق على الرجل إلا أن يأخذ القرار النهائي بالترشح من عدمه ليُبنى على الشيء مقتضاه، ولو أن كل المؤشرات تشي بأنه سيترشح شخصياً.
ربما يكون ميقاتي قد خسر بعضاً من وهجه في الشارع الطرابلسي في مرحلة ما بعد الثورة وخلال ترؤسه الحكومة، إلا أن ماكينة «العزم» الإنتخابية لا تزال على جهوزيتها اللوجستية والمادية، ولا تحتاج لأكثر من ضوء أخضر من رئيسها حتى تتحرك. فميقاتي يعترف له الجميع بأنه «حرّيف» بالسياسة ويعرف في أي لحظة كيف يكون في الموقع السني الأول بكتلة نيابية أو من دونها، وهو يجيد تدوير الزوايا وقلب المزاج لصالحه متى أراد، ويعرف في أي توقيت سيضع الشارع الطرابلسي أمام خيار من اثنين: إما نجيب ميقاتي وإما غيره.
ميقاتي في عكار
سنوات مرّت على دخول ميقاتي إلى عكار تنظيمياً وهي المنطقة المعروفة بهواها الأزرق منذ الـ2005. أصبح لتياره مكتب ثابت في حلبا ومنسق عام هو الدكتور الجامعي هيثم عزالدين من بلدة القرنة. عند كل الإستحقاقات الإنتخابية وآخرها في 2018، يتصاعد الحديث عن نية ميقاتي دخول معترك عكار إنتخابياً لكن يتم التغاضي عن الأمر لدواعٍ مختلفة، لاسيما أن الرجل كان يحصر نشاطه السياسي في طرابلس بشكل أساسي، وقد خاض فيها تنافساً شديداً مع الحريري، لم يسمح له بتوسيع دائرة المعركة أكثر. في هذه الدورة، اختلفت الموازين السياسية كثيراً. تراجع سعد الحريري خطوة إلى الوراء بتعليقه العمل السياسي، وتقدّم ميقاتي خطوة إلى الأمام بترؤّس الحكومة مكانه. أصبح دخوله الجو الإنتخابي في عكار أمراً مطلوباً من تياره وحاجة ذاتية عند الأخير ليقيس أقله حجم الشعبية التي يحظى بها وتياره بعد سنوات من التواجد فيها، وليقرّر بعدها هل يكمل المشوار في عكار أم يعدل عنه؟
ومع تصاعد الحديث عن نيته دخول عكار إنتخابياً، زاره بعض المرشحين وأبلغوه أن الجميع هم نوابه ومرشحوه ولا داعي أن تكون له لائحة في عكار. ولكن بإمكانه أن يحصل على مرشح له في إحدى اللوائح التي تشكّل في حال أراد ذلك. هذا الكلام لم يعجب الأخير فهو رئيس الحكومة، وفي موقع متقدم، ولا يقال له مثل هذا الكلام بل على الآخرين أن يدرسوا إمكانية أن يكون لهم مكان على لائحة ميقاتي. هذه المستجدّات دفعت بالرجل للتفكير جدياً بدخول عكار من الباب الإنتخابي الواسع، مستنداً إلى معطيات وتقارير من فريق عمله في عكار تؤكد أن الجو إيجابي ومهيأ.
سيحاول ميقاتي في الأيام القليلة المقبلة تأمين الجو السياسي لهذا الدخول بمروحة من الإتصالات قام ببعضها وسيكمل. وإذا ما أفضت المشاورات إلى ما يصبو إليه، أي لائحة تحظى بمباركة قيادات الصف الأول في الطائفة السنية، فإن لائحة وازنة ستدخل الحلبة الإنتخابية في عكار لتواجه لائحة النواب الحاليين ولائحة قوى 8 آذار وغيرها.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :