افتتاحية صحيفة البناء :
بومبيو يتصل بعون مؤكداً السعي لإنجاح التفاوض … وإبراهيم يرجئ العودة بسبب كورونا ربط نزاع بين التكليف والتأليف يفتح طريق الاستشارات الخميس للحريري / مساعٍ داخليّة وخارجيّة نحو حكومة تكنوسياسيّة يشارك فيها التيار الحر
بين اتصال وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو برئيس الجمهورية العماد ميشال عون، مؤكداً رعاية حكومته لمفاوضات ترسيم الحدود وحرصها على إنجاحها، وإرجاء المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم عودته إلى بيروت بسبب إصابته بكورونا، عادت الأنظار نحو باريس لتزخيم الاتصالات الهادفة لفك الاشتباك بين الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس مكلف بتشكيل الحكومة، وطبيعة الحكومة الجديدة والمشاركة فيها وضمن أي شروط. وهو المسعى الذي كان اللواء إبراهيم سيتولاه لولا إصابته، سواء عبر مروره في باريس ولقاءاته بالمسؤولين الفرنسيين أو لدى عودته إلى بيروت ولقاءاته بالقيادات اللبنانية المختلفة، ولذلك تقول مصادر تتابع الملف الحكومي أن محركات سيتم تشغيلها لتثبيت ربط النزاع بين التكليف والتأليف سواء من عين التينة أو من باريس، لمنع تحويل تسمية الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري إلى إعلان انتصار لفريق وهزيمة لفريق آخر، أو تحويله حسماً لوجهة يتبناها الحريري لشكل الحكومة الجديدة وتوازناتها وشكل تأليفها وتوصيفها، فالتسمية التي باتت شبه محسومة أن ينالها الحريري بغالبية نسبية، هي تسمية للزعيم الأقوى في طائفته التي ينتمي اليها رئيس الحكومة، وليست تسمية لصاحب وصفة حكومة الاختصاصيين الذين يختارهم الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة بمعزل عن رأي الكتل النيابية، والسعي بالتوازي لمنع تحول مشهد التكليف نسخة عن مشهد التأليف لجهة المشاركين في الحكومة، فنظرية حصر المشاركة بالحكومة بمن يقومون بتسمية الرئيس المكلف يحول المسؤولية الحكومية الى جوائز يتقاسمها المشاركون بالتسمية، فلا الذين يمتنعون عن التسمية يجب أن يمتنعوا عن المشاركة ولا الفائز بالتسمية يجب أن يمنع هذه المشاركة.
وفقاً لهذه الوجهة يتقدم السعي لأن تكون الحكومة الجديدة حكومة تكنوسياسيّة، تفتح أبوابها لجميع الكتل النيابية الراغبة بالمشاركة، سواء من خلال تسمية وزير دولة سياسي للكتل الكبرى أو من خلال تقديم لوائح اسمية بالاختصاصيين الذين تثق بهم وبمؤهلاتهم، كل من الكتل بما يوسع هوامش الاختيار أمام الرئيس المكلف، ووفقاً للمصادر فإن رئيس الجمهورية سيفاتح الرئيس المكلف بعد نهاية الاستشارات بالتشارك مع رئيس المجلس النيابي بتأييدهما لحكومة تكنوسياسية، ويدعوانه للتفكير بعمق بهذا الخيار الذي قالت المصادر إن باريس لم تكن بعيدة عنه منذ أعلنه الرئيس السابق نجيب ميقاتي بالتنسيق مع المسؤولين الفرنسيين.
المصادر المتابعة قالت إن التيار الوطني الحر أكد انفتاحه على المشاركة بحكومة تكنوسياسية برئاسة الحريري، وقالت إن رئيس الجمهورية سيبلغ الحريري أنه سيمارس مسؤوليته الدستورية في تفحص درجة التمثيل العادل للطوائف في الحكومة، خصوصاً لتطبيق معيار موحّد على كيفية اختيار من يمثلها ومدى تعبير هذه الجهة عن معيار التمثيل العادل. وقالت المصادر إن الحريري الذي يريد النجاح في تشكيل الحكومة بعدما سلم بمراعاة خصوصيتين طائفيتين في حكومته الجديدة هما الخصوصيّة الشيعية والخصوصيّة الدرزية، وفي ظل تمثيله لخصوصية ثالثة هي الخصوصية السنية، لا يستطيع تجاهل الخصوصية المسيحية، وتطبيق معايير مختلفة عليها.
استشارات الخميس في موعدها
لم يشهد الملف الحكوميّ أي تطوّرٍ من الأسبوع الماضي حتى مساء أمس، فالمواقف على حالها ولم تنجح الوساطات على خط بيت الوسط - ميرنا الشالوحي في تجسير الهوة بينهما، فالرئيس سعد الحريري مصرٌ على الإبقاء على مسافة سياسية مع التيار الوطني الحر فيما النائب جبران باسيل حسم موقفه بعدم تسمية رئيس المستقبل في استشارات الخميس المقبل التي أكّدت مصادر بعبدا لـ"البناء" بأنها قائمة في موعدها حتى الساعة ما لم تطرأ أية مبادرة للحل تتطلب المزيد من الوقت لتحقيق تفاهم سياسي أوسع على التكليف لتسهيل التأليف.
وأضافت مصادر بعبدا: أنّ الرئيس عون أعطى فرصة أسبوع لتحقيق تفاهم سياسي أوسع على تكليف الحريري وتذليل بعض المكوّنات السياسية، أما وقد بقيت الأطراف على مواقفها، فلم يعد ينفع التأجيل. وشدّدت المصادر أن رئيس الجمهورية يؤيد تأليف الحكومة تكنوسياسية من 20 وزيراً، لا حكومة اختصاصيين لكون الحريري هو شخصية سياسية لا اختصاصي، مشيرة إلى أنّ رئيس الجمهورية سيستخدم كامل صلاحياته الدستورية في مرحلة التأليف ولن يوقّع على مرسوم حكومة لا تراعي التوازنات السياسية والنيابية والطائفية.
وبحسب المعلومات، فإنّ الحريري سيُكلّف الخميس المقبل بمجموع أصوات يتراوح بين 65 و70 صوتاً يتضمن مسيحيي كتل "المردة" و"القومي"، و"الطاشناق" والمستقلين؛ فيما أشارت مصادر القوات اللبنانيّة أنّها ستشارك في الاستشارات، لكنّها لن تسمي الحريري ما يعني سقوط الميثاقيّة بمجرد مشاركة الكتلتين الكبيرتين في الطائفة المسيحية بالاستشارات، علماً أن مصادر دستورية أشارت إلى أن ليست هناك ميثاقية بالتكليف بل بالتأليف.
التيار: ننتظر التأليف
وأشار عضو تكتل لبنان القوي النائب إدغار معلوف لـ"البناء" إلى أنّ التكتل سيشارك في استشارات الخميس ولن يسمّي الحريري، وفي حال تم تكليف رئيس المستقبل، "سننتقل إلى مرحلة التأليف وسنرى ما لديه من رؤية للحكومة الجديدة ونبني على الشيء مقتضاه".
وعمّا إذا كان التيار سيتجه إلى تسمية مرشح آخر أو إيداع أصواته في عهدة رئيس الجمهورية، لفت معلوف إلى أنّ هذا الأمر سيتقرر في اجتماع يُعقد الأربعاء المقبل برئاسة رئيس التيار النائب جبران باسيل، لافتاً إلى أنّ الوساطات على خط الحريري - باسيل لن تغيّر في موقفنا من تكليف الحريري، متسائلاً: على أي أسس ستذهب الكتل الأخرى إلى تسمية الحريري الذي أعلن أنّه سيؤلف حكومة اختصاصيين؟ وماذا تغيّر كي يؤيّدوا الحريري ويعارضوا على السفير مصطفى أديب؟ وأوضح معلوف أنّ حكومة الاختصاصيين تنطبق على جميع الكتل من دون استثناء، "أمّا إذا أراد الحريري تأليف حكومة تكنوسياسية، فسنشارك بها وفق شروط وقواعد واضحة". فيما لفتت معلومات إلى انقسام تكتل لبنان القوي حول تسمية الحريري من عدمها وسط رأيين يسودان داخل التكتل بين مَن يفضّل تسمية الحريري والمفاوضة على المشاركة في الحكومة وبين رفض تسميته لكونه لا يملك رؤية اقتصادية سياسية مالية محددة الأهداف ويعمل على إقصاء التيار من الحكومة فيما يتواصل مع بقية الكتل والأحزاب لاسترضائها. فيما تحدثت مصادر أخرى عن تفضيل التيار البقاء في المعارضة إذا لم يتفاهم رئيس الجمهورية مع الرئيس المكلف على حفظ تمثيل التيار في الحكومة.
حزب الله لن يسمّي الحريري
ورجحت أوساط مطّلعة على موقف حزب الله أن يتجه الحزب إلى عدم تسمية الحريري في استشارات الخميس إذا لم يبادر رئيس المستقبل إلى تذليل العقد المستجدة، لكن الحزب بحسب المصادر سيتعاون مع الرئيس المكلّف في استحقاق التأليف.
وفسّرت الأوساط موقف الحزب انطلاقاً من سببين: الأول عدم استفزاز حليفه التيار الوطني الحر وخلق توترات جديدة بين الحليفين، لا سيّما بعد تباين وجهات النظر في ملف ترسيم الحدود، والثاني عدم وضوح الاتفاق بين الحزب والحريري على مرحلة التأليف، إذ أنّ اللقاء الأخير بين الحريري والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل الذي عُقد في بيت الوسط الأربعاء الماضي لم ينجح بتفكيك شيفرة مصطلح "حكومة الاختصاصيين" ولم ينتزع الخليل وعداً من الحريري بأن تسمّي الكتل النيابية ممثليها في الحكومة، إذ اكتفى الحريري بالصمت رداً على سؤال الخليل حول هذا الأمر، مردداً بأنّ "الوضع الاقتصادي والاجتماعي والمالي يتطلب حكومة اختصاصيين تمكنني بالحصول على الدعم المالي من الخارج". وانتهى اللقاء بحسب المصادر من دون اتفاق واضح ومذ ذلك الحين بقيت المواقف على حالها.
فالحريري بحسب الأوساط يريد "شيكاً على بياض" بمسألة تطبيق الورقة الاقتصادية ومن ضمنها بند صندوق النقد الدولي ما خلق عقدة إضافية أمام الحريري تمثلت برفض الحزب الموافقة "العمياء" على إجراءات الصندوق. وقد أبلغ الخليل الحريري في هذا اللقاء بأنّ الحزب يوافق على ما وافق عليه في لقاء قصر الصنوبر مع الرئيس الفرنسي، لكنّه يريد النقاش بكل بنود الإصلاحات ولا موافقة مسبقة.
فيما توقعت مصادر متابعة للملف الحكومي أن تشهد عملية تأليف الحكومة معركة شرسة لا سيّما على تسمية الكتل لممثليها وعلى وزارة المال وتوزيع الحقائب السيادية والخدماتية على الطوائف والكتل. ولفتت إلى أنّنا أمام أسبوعين، فإمّا نؤلف حكومة وإمّا سيتعقد الأمر أكثر إلى ما بعد الانتخابات الأميركية.
أمّا في بيت الوسط، فيسود صمت وانتظار بانتظار خميس الاستشارات، ورفضت مصادر الحريري التعليق على المشهد الحكومي مؤكدة بأنّ الحديث سيكون بعد التكليف وليس قبله.
اتصال بومبيو - عون
وفيما نقل المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم أجواء إيجابية من واشنطن إلى بيروت، واستعداد الولايات المتحدة للتعاون مع الحكومة اللبنانية المقبلة، تلقى الرئيس عون مساء امس اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، عرض خلاله للعلاقات اللبنانية - الأميركية وللتطورات الأخيرة، ومنها مفاوضات ترسيم الحدود البحرية الجنوبية.
وخلال الاتصال، شكر عون بومبيو على الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة كوسيط مسهّل للتفاوض، مؤكداً على ان لبنان مصمّم على الحفاظ على حقوقه وسيادته في البر والبحر. وأبلغ الوزير الأميركي الرئيس عون، ارسال بلاده مساعدات لإعادة إعمار الاحياء التي تضررت في بيروت نتيجة الانفجار الذي وقع في المرفأ في 4 آب الماضي.
الهيئات الاقتصادية
وفيما تترقب الأوساط المالية والاقتصادية ولادة الحكومة المقبلة، حذرت الهيئات الاقتصادية في مؤتمر صحافي من "اننا سنصل الى مرحلة ستنعدم فيها السيولة بالعملات الصعبة ويرتفع سعر صرف الدولار من دون سقف وتندثر القدرة الشرائية وترتفع نسبة التضخم ما يعني إقفالاً شبه كامل للمؤسسات وبطالة جماعية وفقراً مجتمعياً عابراً للطوائف". واذ رفعت الصوت عالياً محملة القوى السياسية المسؤولية عن كل ما حصل وما سيحصل طالبتها باسم القطاع الخاص السير نحو تشكيل الحكومة اليوم قبل الغد، حكومة قادرة على تنفيذ المبادرة الفرنسية".
جولة وزير الصحة
واصل وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور حمد حسن جولته على مستودعات الأدوية والصيدليات لكشف المخالفات، وقام أمس بحملة مداهمة على مستودعين للأدوية في المطيلب والكرنتينا.
وتحدثت المعلومات عن أن المستودعات مليئة بالأدوية، حيث قال ووزير الصحة تعليقًا على المشهد "القضاء بيننا ولن نسكت عن الأمر".
ومن مستودع في الكرنتينا لفت حسن الى أن "جميع الأدوية التي يتم ضبطها من قبل السلطات المختصة سواء القوى الامنية او اجهزة الرقابة الصيدلانية، نقوم بتتبعها، وفي كثير من الأحيان يكون الوكلاء والمستودعات سلموا الأدوية انما الناس خزنتها في المنازل خوفاً من رفع الدعم عنها".
وأشار الى أن "هناك أدوية عليها ختم وزارة الصحة وتوزع مجاناً، وقد تبين لنا ان هناك مرضى متوفين ما زال بعض أقاربهم يحصلون على دوائهم بكميات كبيرة على اعتبار أنهم ما زالوا أحياء، وهي للعلاج داخل المستشفيات ما يستدعي التدقيق مع بعض المستشفيات".
وعن موضوع رفع الدعم عن الأدوية، أوضح حسن الى أن "أكثر المرجعيات السياسية في البلد تشدد على رفض رفع الدعم، إذ أنه في ظل الاوضاع الاقتصادية الصعبة وعجز الناس من غير الممكن رفع الدعم خصوصاً أن الحد الأدنى للأجور لم يرتفع، وهذا ينذر بكارثة صحيّة إنسانيّة".
على صعيد آخر، وقع رئيس الجمهورية القانون الرامي الى إلزام المصارف العاملة في لبنان بصرف مبلغ عشرة آلاف دولار أميركي وفق سعر الصرف الرسمي للدولار، عن العام الدراسي 2020-2021 للطلاب اللبنانيين الجامعيين الذين يدرسون في الخارج قبل العام الدراسي 2020-2021 (المعروف بالدولار الطالبي).
********************************************************
افتتاحية صحيفة الأخبار :
الحريري مُكلَّفاً... مع وقف التنفيذ
المؤشرات لا توحي، حتى الساعة، بنية رئيس الجمهورية ميشال عون تأجيل المشاورات النيابية المُلزمة لتسمية رئيس حكومة جديدة. سعد الحريري هو "الحلّ" أمام القوى، بعد أن فشلت محاولات الوزير السابق جبران باسيل في تسويق خيارات بديلة. التكليف لا يعني التأليف، فبعد يوم الخميس تبدأ "جُلجلة" الحريري الفعلية
المشاورات بين القوى السياسية تخطّت مستوى "التكليف"، لتنتقل مُباشرةً إلى "التأليف". فغالبية الجهات السياسية المؤثّرة، باتت تتعامل مع سعد الحريري كما لو أنّه "الرئيس المُكلّف بتأليف الحكومة". الورقة الحمراء الأبرز المشهورة بحقّه، تأتي من جانب التيار الوطني الحرّ أولاً، والقوات اللبنانية ثانياً. وُجد حلّ لهما بشعار "الميثاقية تؤمَّن في التأليف وليس في التكليف"، وبوجود نواب مُمثلين للطائفة المسيحية خارج الحزبين الأكبر. أما حزب الله، الذي وإن لم يتضح بعد إن كان سيُسمّي الحريري أو يُحدّد خياراً آخر، فلن يكون بحدّ ذاته "عقبة" أمام عودة الحريري إلى السراي الحكومي. وكما تقول مصادر بعبدا، "الاستشارات النيابية المُلزمة يوم الخميس لتسمية رئيس الحكومة باقية في موعدها، إلا إذا طرأ أمر في الساعات الأخيرة واستدعى تأجيلاً". تركيب هذه القِطع بعضها فوق بعض، يقود إلى تسمية سعد الحريري، قبل 48 ساعة من الموعد الدستوري... تسمية مع وقف التنفيذ. فالأزمة المالية والنقدية، وملفّ ترسيم الحدود الجنوبية، والمفاوضات مع "المجتمع الدولي" ومؤسساته والدول "الراعية" للحصول على "دولارات طازجة"، التي استوجبت وجود رئيس حكومة، لن تنسحب على عملية التأليف. هذا ما يؤكّده سياسيون مُتابعون لاتصالات الساعات الأخيرة.
استمرت الاتصالات يوم أمس بين قيادتَي حزب الله والتيار الوطني الحرّ، من دون أن ينتج عنها أي ليونة في موقف الوزير السابق جبران باسيل من تسمية الحريري. تُشبّه المصادر الوضع بما كان عليه قبل قرابة سنة، حين سحبت القوات اللبنانية بِساط "الميثاقية المسيحية" من تحت الحريري رافضةً تسميته، ليتراجع بدوره عن الترشّح، ويستعد فريق رئاسة الجمهورية - التيار الوطني الحرّ للعب دور المعارضة وعدم حضور جلسات مجلس الوزراء، وصولاً إلى حدّ عدم التوقيع على المراسيم. الفارق بين الزمنين، "تبدّل الأوضاع على كلّ المستويات، وجود ضغط فرنسي ودولي كبيرَين لإحداث تغيير في الساحة الداخلية. لبنان أمام مخاطر كبيرة، لذلك من المُستبعد أن تُخلق معارضة كهذه من جانب العهد خلال هذه المرحلة". وتُضيف المصادر أنّ "الردّ سيكون عبر التشدّد في التأليف، وموقف التيار الوطني الحرّ في عدم التمثّل وزارياً، على أن تُحصر الحصّة المسيحية الوازنة برئيس الجمهورية، فيكون له فريق عمله الحاضر داخل السلطة التنفيذية". موقف "التيار" لا يلقى انتقاداً في صفوف حزب الله، بقدر ما يبدو "تفهّماً" لحليف سياسي حُمّل كلّ وِزر أسباب انتفاضة 17 تشرين الأول، "التي تعتبر أنّ أهم إنجازاتها هو إسقاط حكومة الحريري، وها هي اليوم تتفرّج عليه يعود إلى السلطة، ويُربط انخفاض سعر صرف الدولار بوجوده في السلطة وتأخذ الأسواق نفساً، في حين يُظهّر جبران باسيل كما لو أنّه هو الخاسر الوحيد من هذه العملية". انطلاقاً من هنا، "يبدو طبيعياً التشدّد في عملية التأليف"، لا بل مُمكن أن يُشكّل التشدد ضرورة لفريق "8 آذار"، الرافض نهائياً لتسليم إدارة البلد كلياً إلى الحريري وخياراته الاقتصادية والسياسية"، وقد يؤدّي هذا التشدّد إلى أن "يبقى الحريري رئيساً مُكلفاً فترة طويلة".
محاولات تأليف حكومة في لبنان ليست معزولة عن "مناخات إيجابية" بدأت تُلتقط إشاراتها في المنطقة ككلّ، من دون أن تُحسم نتائجها. تتحدّث المصادر عن موقف مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر، من الحكومة وتمثّل حزب الله فيها، وزيارة المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم إلى واشنطن، وأخيراً اتصال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بالرئيس ميشال عون. كما لو أنّ الولايات المتحدة تُريد أن تقول إنّ مفتاح الحلّ في يدها وليس مع فرنسا".
وفي هذا السياق، أعلن قصر بعبدا تلقّي عون اتصالاً من بومبيو "عرض في خلاله للعلاقات اللبنانية - الأميركية والتطورات الأخيرة، ومنها مفاوضات ترسيم الحدود البحرية الجنوبية. وشكره الرئيس عون على الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة كوسيط مُسهّل للتفاوض، مؤكداً أنّ لبنان مُصمّم على الحفاظ على حقوقه وسيادته في البر والبحر". في المقابل، أبلغ بومبيو عون "إرسال مساعدات لإعادة إعمار الأحياء التي تضرّرت في بيروت نتيجة انفجار المرفأ". وتُضيف مصادر بعبدا أنّ إعادة الإعمار "ستشمل بعض أحياء بيروت، وستصل بعثة إلى لبنان لتُشرف على العمل، الذي سيُنفّذ عبر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية - USaid".
عون يُصدر القوانين
على صعيد آخر، وقّع رئيس الجمهورية القوانين التي أقرّها مجلس النواب نهاية الشهر الفائت، وأبرزها قانون "الدولار الطلابي"، وقانون "الإثراء غير المشروع"، وقانون "تعزيز حقوق الدفاع"، وقانون حماية المناطق المتضررة بنتيجة انفجار مرفأ بيروت.
****************************************************
افتتاحية صحيفة النهار
لا إرجاء للإستشارات… وأجراس الإنهيارات تقرع!
في بلد باتت فيه رحلة مريض الكورونا تنذر برحلات الموت، كتلك الفاجعة التي أودت بمريض لم يحالفه الحظ بوجود سرير خال لانقاذه في أربعة مستشفيات بين بيروت والشمال ففارق الحياة… يفقد كل كلام آخر عن الملفات السياسية وغيرها أي جدوى ومضمون، فكيف متى أصبحت السياسة مرادفة للفضائحية الدائمة المكشوفة والتخلي المرعب عن المسؤوليات حيال الانسان اللبناني المصلوب؟
وسط تصاعد أسوأ الظروف والمعاناة المتنوعة اقتصاديا وماليا واجتماعيا ومعيشيا، ووسط انزلاق لبنان بكل ما للكلمة من معنى الى النموذج الوبائي الكارثي الذي عرفته دول عدة في أوروبا وأميركا الشمالية والجنوبية، لا تزال “أسطورة” السياسة اللبنانية تتمثل في دوامة التساؤلات المحيرة: هل تراها تجري الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس الحكومة الجديدة المرجأة من الخميس الماضي الى الخميس المقبل ام يطاح بها تكرارا؟ يجري هذا وقصص المآسي التي باتت تتكرر في يوميات الناس من مثل المرضى الذين لا يعثرون على أسرة ولا على أدوية تنتظر ترف الذين يتمهلون في بت الاستحقاق الحكومي ولا يزالون يخضعونه لحسابات مرحلة ما قبل الانهيارات اللبنانية وما قبل الكوارث اللبنانية وما قبل تفشي كورونا. واذا كان كل ذلك لم يكف ولن يكفي، فماذا عن اكثر النداءات اثارة للرعب الحقيقي أطلقته عصر امس الهيئات الاقتصادية يكاد يشكل الصرخة الأخيرة ما قبل لفظ القطاع الخاص اللبناني أنفاسه الأخيرة اسوة بشهيد الكورونا الذي لم يعثر على سرير الاحتضار؟
في أي حال بدا لافتا للغاية ان تسابق التداعيات الخارجية لتأخير التكليف والتأليف وتصاعد أنباء الفضائح السياسية اللبنانية التي تسد طريق الانفراج الحكومي، مجريات المماحكات الداخلية بدليل تزامن الموقف الفرنسي الجديد امس مع اتصال مفاجئ لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو برئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وكذلك كلام نوعي لصندوق النقد الدولي محفز على استعجال الحكومة. مجمل هذه المعطيات معطوفة على أجواء الاحتدامات الاقتصادية والاجتماعية تضع الساعات الثماني والأربعين المقبلة الفاصلة عن موعد الاستشارات المرجأة في عين العاصفة علما ان لا معطيات تكفي للجزم باي اتجاه حاسم نهائي وهو امر مثير للمزيد من التخوف والتشويش.
غير انه فيما كانت أوساط بعبدا كانت تؤكد امس وتكرارا ان موعد الاستشارات النيابية الملزمة باق الخميس ومن دون تأجيل، اتسم المشهد السياسي بجمود بل بانقطاع شبه كامل لكل التحركات والاتصالات التي من شأنها ان تحرك البحث عن مخارج. ولذا ابدت أوساط سياسية معنية بالمأزق شكوكا واسعة في مرحلة التأليف اذا مر خميس التكليف من دون ارجاء، باعتبار ان تكليف الرئيس سعد الحريري سيكون محسوما بأكثرية تتجاوز الـ 70 نائبا. ولكن ذلك لن يكفل توافر أي ضمانات من شانها استعجال حلحلة عقد التأليف، علما انه اذا كانت عقدة التكليف حاليا تبدو كأنها حصرا بالعهد والتيار العوني، فان الانتقال الى التأليف سيضاعف العقبات متى اصبح حلفاء العهد أيضا شركاء في الاشتراطات والمطالب والمساومات. ورغم تأكيدات بعبدا ان الاستشارات في موعدها برزت معطيات منسوبة الى أوساط 8 آذار تتحدث عن انه ربما يكون لدى الرئيس عون ما يقوله قبل الخميس. اما في ما يتعلق بالزيارة التي كان يزمع المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم القيام بها لباريس بعد واشنطن فتؤكد المعلومات ان ابرهيم لم يكن مكلفا بمهمة رسمية فيها. ولكن الزيارة ألغيت مساء بعدما تبينت إصابة اللواء ابرهيم بفيروس كورنا وهو في واشنطن.
عون وبومبيو
ومع ان الاتصال الذي تلقاه رئيس الجمهورية ميشال عون من وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لم يتطرق الى الوضع الحكومي وفق المعلومات الرسمية التي وزعتها بعبدا عن الاتصال، فان توقيته بعد أيام من زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر للبنان، أكسبه دلالات قد لا يكون الاستحقاق الحكومي الذي تستعجله واشنطن، وكما سبق لشينكر ان اكد ذلك بعيدا عنه. وأفادت المعلومات ان بومبيو عرض خلال الاتصال للعلاقات اللبنانية الأميركية ومفاوضات ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، وشكر عون الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة كوسيط مسهل للتفاوض، مؤكدا ان لبنان مصمم على الحفاظ على حقوقه وسيادته في البر والبحر. وابلغ بومبيو عون ارسال بلاده مساعدات لاعادة اعمار الأحياء التي تضررت في بيروت نتيجة الانفجار في المرفأ في 4 آب الماضي. ولاحقا اصدرت الخارجية الأميركية بيانا حول اتصال بومبيو بالرئيس عون. ووفق البيان، استذكر بومبيو الذكرى السنوية الأولى لاحتجاجات 17 تشرين الأول.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة تتطلع إلى تشكيل حكومة لبنانية تكون ملتزمة وقادرة على تطبيق الاصلاحات التي يمكن أن تؤدي إلى فرص اقتصادية وحكم أفضل ووضع حد للفساد المستشري.
… والخارجية الفرنسية
وتزامن ذلك مع موقف فرنسي جديد من الازمة الحكومية في بيان أصدرته وزارة الخارجية الفرنسية وانتقدت فيه التأخير في تشكيل الحكومة. وقالت انه “في الوقت الذي يتضرر فيه لبنان على نحو متزايد من الازمة الاقتصادية والاجتماعية التي فاقمتها عواقب الانفجار الذي وقع في 4 آب، لا يزال ثمة تأخر في تشكيل حكومة ذات مهمات محددة قادرة على تنفيذ الإصلاحات اللازمة رغم الالتزامات التي أكدتها مجددا القوى السياسية اللبنانية كافة التي تقع عليها وحدها المسؤولية عن هذه العرقلة المطولة التي تحول دون تلبية التطلعات التي اعرب عنها المواطنون اللبنانيون”. ودعت “جميع القادة السياسيين اللبنانيين الى تحمل المسؤوليات التي تقع على عاتقهم” مؤكدة “استعداد فرنسا لمواكبة لبنان في سبيل الإصلاحات باعتبارها السبيل الوحيد الذي يمكن من خلاله حشد جهود المجتمع الدولي. ولذا يتعين على المسؤولين اللبنانيين ان يتخذوا أخيرا خيار النهوض بدل الشلل والفوضى فالمصلحة العليا للبنان والشعب اللبناني تتطلب ذلك”.
وقد برز في هذا السياق، اعلان صندوق النقد الدولي مجددا انه على أتم الاستعداد لمساعدة لبنان كما صرح بذلك مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في الصندوق جهاد أزعور. وقال “نتطلع الى الحكومة المقبلة والخطوة الأولى ان تقدم الحكومة برنامج إصلاحات شاملا وموثوقا به يساعد في معالجة المشاكل الاقتصادية والمالية المتعددة التي يواجهها لبنان”. ولفت أزعور الى ان “هذا البرنامج يجب ان يكون مدعوما من مختلف الأطراف وموجها لاعادة الثقة والاستقرار الاقتصادي” مؤكدا ان “الصندوق جاهز للمشاركة في المناقشات مع الحكومة الجديدة للحصول على دعم مالي”.
النداء – الإنذار
في أي حال فان التداعيات المتمادية لتأخير تشكيل الحكومة الجديدة على الواقع الاقتصادي والاجتماعي اتخذت طابعا بالغ الخطورة في مضمون النداء بل نفير الإنذار والخطر الفائق الذي دقته مجددا الهيئات الاقتصادية امس . وبعد اجتماع طارئ عقدته اطلقت الهيئات “نداء استغاثة لإنقاذ لبنان ” محذرة من ان كل الازمات والتراجعات التي سجلت حتى الآن “ليست الا البداية وسنصل الى مرحلة ستنعدم فيها السيولة بالعملات الصعبة ويرتفع سعر صرف الدولار من دون سقوف وتندثر القدرة الشرائية وتتعطل كل محركات الاقتصاد …”. وطالبت بالسير نحو تشكيل حكومة منتجة فورا مناشدة السياسيين “ألكف عن الممارسات السلبية وإنتاج الحلول وملاقاة المبادرة الفرنسية “.
**********************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
«لا عوائق» أمام تكليف الحريري تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة
باسيل يستعد لخوض «معركة التأليف»… وشروط الاختصاص «لا تنطبق» على الرئاسات الثلاث
بيروت: محمد شقير
يفترض أن تكون الطريق إلى الاستشارات النيابية المُلزمة التي سيُجريها رئيس الجمهورية ميشال عون، بعد غد الخميس، لتسمية الرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة الجديدة، قد أصبحت سالكة وآمنة، لافتقاد رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، القدرة على تعطيلها وستنتهي حتماً إلى تكليف زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، بتشكيلها، وذلك للمرة الرابعة منذ دخوله المعترك السياسي بعد اغتيال والده الرئيس رفيق الحريري في 14 فبراير (شباط) 2005.
وتستبعد مصادر سياسية إمكان حصول مفاجآت ليست مرئية تدفع باتجاه إرجاء الاستشارات للمرة الثانية في خلال أسبوع، وتعزو السبب إلى أن الرئيس عون كان أمهل باسيل، عندما قرر تأجيل الاستشارات، لعله يتمكّن من إعادة خلط الأوراق لقطع الطريق على تكليف الحريري، في حال لم يستجب الأخير لدفتر شروطه، وبالتالي لم يعد في وسعه التمديد لترحيل الاستشارات، إلا إذا بادر باسيل إلى ابتداع مغامرة جديدة لتأجيلها، خصوصاً وأنه – كما يقول رئيس حكومة سابق، فضّل عدم ذكر اسمه – «من أصحاب السوابق» في هذا المجال.
ويؤكد رئيس الحكومة السابق لـ«الشرق الأوسط»، أن التعامل مع باسيل على أنه يعشق المغامرة غير المحسوبة ينطلق من تاريخه السياسي في تعطيل جلسات مجلس الوزراء، ومنع الحكومات التي شارك فيها من الإنتاجية. ويضيف أن عون عطّل المجلس النيابي لأكثر من عامين، ولم يقرر الإفراج عنه إلا بعد أن ضمن انتخابه رئيساً للجمهورية من برلمان ممدّد له، وكان أول من اعترض على التمديد بذريعة أنه يفتقد إلى الشرعية، لكنه سرعان ما تراجع عن موقفه فور انتخابه.
ويقول إن عون، ومن خلفه باسيل، يتحمّلان مسؤولية في تأخير تشكيل الحكومات، ويسأل لماذا عطّل جلسات مجلس الوزراء بعد حادثة قبرشمون، ثم سرعان ما تراجع عن شروطه بإحالتها على المجلس العدلي؟
ويعتبر رئيس الحكومة السابق أن عون لم يكن في حاجة إلى المعارضة التي بدأت تتكوّن بعد أشهر على انتخابه رئيساً للجمهورية، طالما أنه ترك باسيل يتصرّف وكأنه «رئيس الظل» الذي سخّر كل إدارات الدولة لخدمة طموحاته الرئاسية، واصطدم بحلفائه قبل خصومه، ويكاد الآن أن يترك «العهد القوي» وحيداً لو لم تكن هناك من حاجات متبادلة تجمعه بـ«حزب الله»، وإن كانت ذات بُعد سياسي محلي، رغم أن الأخير لا يخفي عدم ارتياحه للتعامل مع جبران باسيل، ويشكوه من حين لآخر لرئيس الجمهورية.
وتلفت المصادر السياسية إلى أن عون يفتقد الأوراق الضاغطة، ليستخدمها من أجل تعويم باسيل وإنقاذه سياسياً، وتؤكد أن إنجاز الاستشارات بات موضع اهتمام دولي وإقليمي، بل باتت «مدوّلة بامتياز»، حسب رأي المصادر، وهذا ما يترجم بتصاعد وتيرة الضغط الفرنسي والأميركي الذي تحوّل إلى حصار يطوّق من يراهن على ترحيل الاستشارات.
وتعتبر هذه المصادر أن باسيل «خسر معركة التشكيل التي خاضها وحيداً برغم كل التسهيلات اللوجستية التي وفّرها له رئيس الجمهورية، وبات يتحضّر الآن لخوض معركة التأليف، بدءاً بمراقبة الصيغة الوزارية التي سيتقدم بها الحريري فور تكليفه»، للتأكّد مما إذا كان سيراعي فيها خصومه أو حلفاءه ليطلب معاملته بالمثل، مضيفة أنه كان يغمز من حين لآخر في قناة حليفه «حزب الله» بذريعة عدم مراعاته لمواقفه من الحكومة الجديدة المرتقبة.
وتقول إن معركة التأليف لن تكون سهلة، مضيفة أن باسيل يعوّل على الطلب من عون حصر التمثيل المسيحي بتياره السياسي، في ظل امتناع حزب «القوات اللبنانية» عن المشاركة في الحكومة المفترض أن يشكلها الحريري، انسجاماً مع موقفه المعلن (رفض تسمية الحريري في الاستشارات)، بالإضافة إلى استقالة نواب حزب «الكتائب» من البرلمان، مشيرة إلى أن هذه المبررات قد تكون خط الدفاع الأخير لباسيل لاسترداد ما يسهم في تعويمه.
وتكشف المصادر نفسها أن رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد (حزب الله)، أبلغ رئيسة كتلة «المستقبل» النيابية، بهية الحريري، عندما التقاها في إطار جولة المشاورات التي تولّتها الأخيرة بأن تأييده لـ90 في المائة من المبادرة الفرنسية لا يعني أن الموافقة على العشرة في المائة الأخيرة محصورة فقط برفض إجراء الانتخابات النيابية المبكّرة، إنما تشمل قضايا أخرى، ما يعني تحفّظ «حزب الله» على بعض ما ورد في الورقة الإصلاحية التي تقدّم بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وكان سبق للسيد حسن نصر الله أن طرح تحفظاته أخيراً.
وعليه فإن إصرار «التيار الوطني» على أن يتولى رئاسة الحكومة من هو من أصحاب الاختصاص والمستقلين، لن يلقى – كما تقول المصادر السياسية – استجابة من الآخرين. وتعزو السبب إلى أن موقع الرئاسة الثالثة (رئاسة الحكومة) هو موقع سياسي بامتياز.
وتسأل المصادر: «هل إن عون انتُخب رئيساً لأنه من أصحاب الاختصاص أم كونه يتزعم تياراً سياسياً، وبالتالي يجب أن ينسحب انتخابه على رئيس الحكومة الذي يتزعم ثاني أكبر كتلة نيابية، ويُعتبر الأول في طائفته، ناهيك عن أن موقع الرئاسة هو أساس في المعادلة السياسية، وإلا كيف سيرد على رئيس البرلمان نبيه بري (الرئاسة الثانية)؟ كما تسأل المصادر ذاتها: «لماذا لا يبدأ عون بتطبيق مواصفات باسيل لرئاسة الحكومة على نفسه أولاً، بدءاً بعدم ترؤسه لجلسات مجلس الوزراء، مع أن الدستور يجيز له ذلك، ويترك الجلسات بعهدة رئيس الحكومة؟»، وتتابع أن استجابة عون لشروط باسيل تعني أنه يطيح بشراكة الطائفة السنّية في السلطة السياسية. «فهل ينصاع عون للوصفة السياسية التي يدافع عنها باسيل، أم يتدارك منذ الآن إقحام البلد في مأزق سياسي»، حسب ما تسأل المصادر السياسية ذاتها.
**********************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
“الحزب” و”التيار” يتربّصان بالحريري على مفرق التأليف
ما لم يكن في جيْب “الرجل الذي لا يُتوقَّع” الرئيس ميشال عون مفاجأة جديدة في الدقائق الخمس الأخيرة، فإن الرئيس سعد الحريري سيعود في خميس الاستشارات النيابية المُلْزِمة رئيساً مكلّفاً بنصابٍ ميثاقي لا تعْتريه شائبة وعَدَدي تحت المعاينة، إيذاناً بانطلاق مسار التأليف الشائك الذي يشي بأن رئيس “تيار المستقبل” لن يكون طليقاً فيه مع رسْمِ جناحيْ 8 آذار الأساسيّيْن “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” خطوط اشتباكٍ مبكّرة معه.
وتَقاسَمَ المشهد السياسي أمس رصْدٌ مزدوج، الأوّل للرافعة الداخلية التي تُعطي الحريري قوّةَ دفْعٍ تَعَزَّزتْ مع نزْع “القوات اللبنانية” فتيلَ اللعبِ بمعيارِ الميثاقية واستعماله غطاءً محتملاً، إما لإرجاءٍ جديدٍ للاستشارات وإما لـ “الطعن” بتكليف الحريري، مماشاةً لمحاولة الوزير السابق جبران باسيل عرقلة عودة زعيم “المستقبل” إلى رئاسة الحكومة من خارج “بروتوكول التسوية الرئاسية” ومعادلته “نكون معاً”. والثاني لحجم المظلّة الخارجية لمهمّة الحريري، الذي “يمتطي” المبادرة الفرنسية وجدول أعمالها الإصلاحي، في ظل سلوكٍ من الرئيس المكلف “مع وقف التنفيذ” يوحي بأنّ اندفاعتَه تتقدّمها كاسحةُ ألغام من الاليزيه، و”ضوء أصفر” أميركي لا يمانِع في إمرار حكومةٍ “منزوعة الدسم الحزبي”، ولو مع “أصابع” للقوى السياسية فيها عن بُعد، فالأهمّ بالنسبة للمجتمع الدولي الذي يريد “الإصلاحات أولا” … “أكل العنب وليس قتْل الناطور”.
والمجتمع الدولي هذا أعلن أنه على أهبة الاستعداد لمساندة لبنان وتجلّى ذلك باتصالٍ تلقاه رئيس الجمهورية ميشال عون من وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أعرب فيه الأخير عن ارتياحه لأجواء مفاوضات الترسيم مؤكداً جهوزية بلاده لإرسال مساعدات لإعادة إعمار أحياء بيروت المتضرّرة، جراء انفجار المرفأ في 4 آب الماضي، مع تطلع الولايات المتحدة إلى تشكيل حكومة لبنانية قادرة على تطبيق الإصلاحات ووضع حد للفساد. يضاف الى ذلك استعداد لدى صندوق النقد الدولي لمناقشة مساعدة لبنان مع الحكومة العتيدة حسب مدير إدارة الشرق الاوسط وآسيا الوسطى جهاد أزعور.
الأم الحنون فرنسا بدت الأكثر توقاً الى إنهاء “جلجلة” اللبنانيين مبديةً مرة أخرى عدم توانيها عن مواكبة لبنان في الاصلاحات، “السبيل الوحيد لحشد جهود المجتمع الدولي”، وفق ما جاء في بيان لوزارة الخارجية الفرنسية. وكمن يؤنب ولده المشاغب لمعصيةٍ يرتكبها من دون هوادة رفعت فرنسا صوتها عالياً مرةً أخرى، شاجبةً مماطلة السياسيين اللبنانيين في تشكيل حكومةٍ بمهام محدّدة قادرة على تنفيذ الاصلاحات، ومحملةً هؤلاء تبعات “العرقلة المطوّلة” التي تحول دون تلبية تطلعات الشعب، في وقتٍ تتفاقم فيه الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية التي ترهق كاهل اللبنانيين.
وعلى بُعد يومين من الخميس المُنتظر الذي لم تعكس أجواء القصر الجمهوري اتجاهاً لإرجاء الاستشارات “إذا لم يطرأ عامِلٌ مستجدّ”، بدت الأنظار على سيناريوات هذا الاستحقاق في ضوء التلميح إلى أن “أرنب” تجيير “التيار الوطني الحر” أصوات نوابه لرئيس الجمهورية ليقرّر لمَن سيصوّت بها لم يُسحب من التداول، وهو ما قد يُراد منه بحال اللجوء إليه محاولة إحراج الحريري لإخراجه تكراراً لتجربة الرئيس الشهيد رفيق الحريري مع الرئيس اميل لحود العام 1998، إلى جانب “البوانتاج” المستمرّ لعدد الأصوات التي سينالها زعيم “المستقبل” وسط الغموض المتعمّد الذي يمارسه “حزب الله”، في حسْم موقفه من منْح أصوات كتلته للحريري أم لا، رغم تقديراتٍ بأنه سيشكّل قوة إسنادٍ لعملية التكليف تفادياً لأي إشكاليات دستورية قد تثار بحال لم يمرّ التكليف بأكثرية النصف زائد واحد (من الـ 120 نائباً)، وفق ما كان جرى التلويح به من فريق عون إبان محاولة تكليف الحريري بعد استقالته في تشرين الأول 2019.
وإذا صحّ أن “حزب الله” سيمدّ يده للحريري بالتصويت له فإنه بالتأكيد لن يقطعها مع حليفه الطبيعي باسيل في المشوار الوعر نحو التأليف، الذي رَفع “الحزب” بوجهه مسبقاً بطاقة صفراء عبر “موقف تذكيري”، من أنه لن يعطي الرئيس المكلف “كارت بلانش” في التشكيل وخصوصاً في موضوع التفاوض مع صندوق النقد الدولي وشروط التفاهم معه، وهو ما كان زعيم “المستقبل” خاض جولة “استكشاف النيات” بهدف استشراف أن جميع القوى على “موجة واحدة” في ما خص الورقة الفرنسية، ليتّضح أن العشرة بالمئة التي تحفّظ عنها “حزب الله” حاضرة “كلما اقتضت الحاجة” وفي أكثر من اتجاه. وعلمت “نداء الوطن” أنّ الحريري استمر امس على رفضه لقاء باسيل متسلّحاً بالصمت.
وهذا “الشَبْك” المسبق مع مرحلة التأليف يزيد من واقعيةِ التوقعات بأن الولادة الوشيكة للحكومة صعبة المنال وخصوصاً أن الحريري سيكون بحال تكليفه الخميس وجهاً لوجه مع عون الذي يحمل ورقة التوقيع الثمينة على تشكيل الحكومة، ومع شروط باسيل الذي جاهر بأن أي حكومة برئاسة زعيم “المستقبل” تفقد حكماً صفة الاختصاصيين وتفتح الباب أمام تفاوض على حكومة إما سياسية أو تكنو- سياسية ولكل منهما معاييره، إضافة إلى الشهية التي سيصعب كبْحها لسائر القوى السياسية التي ستستفيد من أي تسليم للثنائي الشيعي بتسمية وزرائه غير الحزبيين والاختصاصيين للمطالبة بالمعاملة بالمثل.
**********************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
الاستشارات في دائرة الاحتمالات.. واستعجال دولي للتأليف.. وتحذير من التعطيل
إنْ قُدِّر للاستشارات النيابية الملزمة أن تفلت من قرار رئاسيّ بتأجيلها، وتُجرى في موعدها المحدّد بعد غد الخميس، يمكن القول حينها انّ لبنان بدأ ينحو فعلاً نحو التقاط الفرصة الانقاذية التي توفّرها المبادرة الفرنسيّة.
وممّا لا شك فيه أنّ تكليف رئيس الحكومة الجديدة المتوقع في نهايتها، يُعدّ خطوة مهمّة على هذا الطريق، إلّا أنّ العبرة الأساس تبقى في الخطوة التالية المتمثّلة بالتأليف السريع لـ”حكومة المبادرة”، الذي سيُخضع الأطراف المعنيّة بتأليف الحكومة الى اختبار جديّتهم حيال المبادرة الفرنسية، وصدق التزاماتهم ببرنامجها الاصلاحي، وبتسهيل تشكيل ما وصفها الراعي الفرنسي للمبادرة بحكومة المهمّة الانقاذية للبنان.
تعطيل متعَمّد
إستشارات الخميس محطة ينتظرها اللبنانيّون، لعلّها تضع حداً للمزاجيات السياسية التي تتلاعب بهذا الاستحقاق وتُرَنِّحه تارة في افتعالات تعطيلية، وتارة ثانية في شروط ومزاجيات كيدية، وتارة ثالثة في اجتهادات دستورية وأنواع جديدة من “الميثاقية”. فيما عين المجتمع الدولي محدقّة عليها، ومَلّ انتظار الصحوة اللبنانية، من الكوابيس السياسية التي يصنعها المتحكّمون بزمام الامور، وعينه ترصد اللحظة التي سيقترب فيها المعنيون بالاستحقاق الحكومي من فرصة الانقاذ التي أتاحتها المبادرة الفرنسيّة.
وفي هذا السياق، كشفت مصادر”الجمهورية” بأنّ حركة ديبلوماسية غربية ناشطة على أكثر من خط سياسي منذ تأجيل الإستشارات للدفع في اتجاه إجرائها في موعدها الخميس المقبل، وثمّة أسئلة كثيرة طُرِحت حول الأسباب التي دفعت رئيس الجمهوريّة الى تأجيلها؟
وتشير المعلومات، نقلاً عن سفير دولة عربية، إلى “أنّ مداولات جرت بين عدد من الديبلوماسيّين المعنيين بالمبادرة الفرنسية وآخرين من دول غربية وعربية صديقة، خَلُصت الى تقييم سلبي لمحاولات التعطيل “المتعمّدة” للمبادرة الفرنسية، وخصوصاً لناحية وضع العثرات امام تكليف رئيس الحكومة الجديدة، مع إبداء الخشية من دخول الوضع في لبنان في منحى متأزّم أكثر في ظل ما يُحكى عن توجّه بعض الجهات السياسية في لبنان لوضع صعوبات وتعقيدات في طريق تأليف الحكومة”.
“كوريدور” الانقاذ
وبحسب السفير المذكور فـ”إنّ الكثير من البعثات الديبلوماسية تجد صعوبة في معرفة ما يدفع اللبنانيين الى الاستمرار في حالة التأزم السياسي، فيما بنيتهم الاقتصادية والمالية محطّمة بالكامل. هناك “كوريدور” حَدّده المجتمع الدولي عبر المبادرة الفرنسية، يؤدي الى الانقاذ، والمؤسف انّ السياسيين بَدلَ أن يدخلوا فيه، دخلوا في “الكوريدور” المؤدي الى تناحرهم على كل شيء”.
وقال: “لطالما اعتبرنا لبنان الشقيق الاصغر، واستقراره أولوية لكلّ العرب. أنا التقيتُ مختلف القيادات، واكرّر مجدداً ما أكدته لها بأنّ ظروف لبنان صعبة وحَرجة ودول العالم تقف الى جانبه، وانّنا نشدّ على أيدي القادة اللبنانيين وندعوهم الى التطلّع فقط الى ما يخرج لبنان الشقيق من أزمته”.
حكومة قبل المؤتمر!
وبحسب معلومات “الجمهوريّة” فإنّ باريس تواظب في هذه المرحلة على إرسال إشارات متتالية من أكثر من مستوى داخل الإدارة الفرنسية، تؤكد على اللبنانيين عدم تضييع الوقت، وإجراء استشارات تكليف رئيس الحكومة من دون أي إبطاء، لِيَلي ذلك تشكيل الحكومة سريعاً.
ووفقاً لتلك الإشارات، كما تقول مصادر المعلومات، فإنّ باريس المصدومة من أداء بعض القادة في لبنان وخروجهم على التزاماتهم التي قطعوها للرئيس ايمانويل ماكرون، ما زالت تُبدي الحذر من أي خطوة تعطيلية لهذا الاستحقاق. مع تأكيدها المتجدّد بأنّ لديها جهوزية تامة لأن تكون حاضرة بفعالية بعد إتمام تكليف رئيس الحكومة، للقيام بدور مساعد في إنجاز تأليف الحكومة في لبنان، بناء على مندرجات المبادرة الفرنسية، وضمن فترة تسبق المؤتمر الدولي لمساعدة لبنان الذي ستنظّمه باريس خلال شهر تشرين الثاني المقبل. ذلك أنّ انعقاد المؤتمر في ظل حكومة مكتملة في لبنان، من شأنه أن يفتح باب المساعدة التي يريدها، اضافة الى انه يفتح الباب ايضاً على تسريع الخطوات الفرنسية التالية على المستوى الدولي لحشد الدعم للبنان ومساعدته على تجاوز أزمته.
تكليف… لا تكليف؟
على أنّ المشهد الحكومي لا يؤشّر الى أنه بلغَ مرحلة الحسم النهائي بعد، فحتى الآن ليس في الإمكان القول إنّ التكليف قد أفلتَ من حقل الألغام المزروعة في طريق إتمامه يوم الخميس، ذلك أنّ الغيوم الداكنة ما زالت تطوّق الاستشارات النيابية الملزمة، وهي مُحاطة باحتمالات سلبيّة عَزّزها الصمت الرئاسي حيال تلك الاحتمالات، وعدم تأكيد أو تثبيت رسمي وعلني لموعد الخميس، يُبدّد الغموض حوله، ما أبقى مصير الاستشارات تحت رحمة تأجيل جديد.
تطمينات.. ولا تأكيدات
والسؤال الطافي على سطح المشهد السياسي عشية الاستشارات: هل سيشكل يوم غد الاربعاء صورة مُستنسخة عن الأربعاء الماضي، فيُبادر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى إصدار بيان يعلن فيه تأجيل الإستشارات من يوم غد الخميس، الى الخميس من الأسبوع المقبل؟
لا جواب حاسماً حتى الآن، ما خَلا تمنيات تصدر من هذا الطرف السياسي او ذاك بإتمام الاستشارات في موعدها، تُزامِن “التطمينات الاعلامية” التي تنسب الى القصر الجمهوري بأنّ الاستشارات ما زالت في موعدها، ولن يطرأ تعديل عليها.
إلّا انّ غياب التأكيدات الرسمية لهذه التطمينات، أبقَى “النَقزة” قائمة لدى مختلف الأطراف السياسية من أن يتسلّل من خلف هذه التطمينات غير المؤكدة تأجيل رئاسي ثانٍ للاستشارات بذات الطريقة وبذات التوقيت الليلي الذي تَسلّل فيهما التأجيل السابق، خصوصاً انّه لم يتبدّل شيء منذ التأجيل الأول، كما لم يظهر الى العلن ما يؤكّد أنّ ما تَوخّاه رئيس الجمهورية من التأجيل السابق قد تحقق.
الفجوة تعمّقت
فالمصاعب التي أشار إليها البيان الرئاسي، ومن دون ان يحددها او يوضح ماهيتها، وقال إنّها تستوجب أن تحلّ، ظلّت غامضة، ولم يسجّل حصول أي تحرّك او مبادرة لحلّها. لا من رئاسة الجمهورية، ولا من أي طرف سياسي آخر. واذا كان المقصود في تلك المصاعب، الفجوة العميقة بين الرئيس سعد الحريري والنائب جبران باسيل، فإنّها صارت أكثر تعقيداً ممّا كانت عليه قبل صدور بيان التأجيل مساء الأربعاء الماضي.
فالحريري، الذي أدركَ انّ القرار هو رسالة رئاسية سلبيّة مباشرة له شخصياً، قرّر في ما يبدو أن يعتمد تكتيكاً جديداً حيالها، ترجَمَه بالانكفاء وعدم ارتقاء منبر السجال، مُسنِداً الى أوساطه مهمّة الردّ غير المباشر على تلك الرسالة، والتأكيد بأنّ التأجيل مهما طال لن يؤثر عليه أو يَحمله على التراجع ويقطع ترشيحه لرئاسة ما سَمّاها حكومة المبادرة الفرنسيّة.
أمّا باسيل، فقطع الطريق على أيّ إمكانية لحلّ بينه وبين الحريري، مرّتين منذ صدور قرار التأجيل الرئاسي: الاولى، عبر تعليقه الفوري على القرار بقوله إنّه مع احترامه لهذا القرار فإنّ تأجيل الإستشارات لن يبدّل موقفه. والمرة الثانية، عبر بيان المجلس السياسي لـ”التيار الوطني الحر” السبت الماضي، بِحَسم عدم تسمية الحريري لرئاسة الحكومة.
إتصالات فارغة
وبحسب مصادر مدركة لحجم فجوة الخلاف بين الحريري وباسيل، فإنّ ما يُحكى عن حركة اتصالات او مَساع لتضييق هذه الفجوة ما هي إلّا اتصالات شكلية ومَساعٍ فارغة لن تقدّم سوى التعب لِمَن يقوم بها، خصوصاً أنّ الحريري وباسيل رسما بتَصَلّبهما المتبادل خط اللّاعودة عن رفضهما لبعضهما البعض. ومن هنا فإنّ الاتصالات التي تجري تَصبّ في اتجاه هدف وحيد هو عدم تأجيل استشارات الخميس، ومحاولة إقناع رئيس الجمهورية مُسبقاً بالعدول عن التأجيل إن كان في هذا الوارد.
فالتأجيل الثاني إذا حصل، كما تقول المصادر نفسها، قد تَترتّب عليه مضاعفات سلبية تُرخي بظلالها على المشهد الداخلي برمّته.
المُخرِج.. هاوٍ
ويؤكّد ذلك ايضاً مرجع سياسي لـ”الجمهورية”، بقوله: انّ تأجيل الاستشارات، إذا حصل، سيكون فاقعاً جداً هذه المرّة، ولن يستطيع رئيس الجمهورية أن يبرّره على الاطلاق. ومن هنا، انا أستبعِد أن يلجأ رئيس الجمهورية الى تأجيل الاستشارات، خصوصاً أن لا سبب موجِباً له، مِثله مثل قرار التأجيل السابق، الذي لم يكن مسلّحاً بما يبرّره او بسببٍ موجِبٍ يمتلك قدرة الإقناع”.
ويضيف المرجع مُتنَدّراً: “لقد كان التأجيل زلّة قدم غير محسوبة وغير مدروسة، والحق كلّه على “المُخرِج” الذي اعتُمِد لهذه “المهمة الجليلة”، فيبدو أنّه “مُخرِج هاوٍ” وجديد في هذا “الكَار”، فكانت النتيجة أنّه “بَدلَ أن يكحّلها عَمَاها”. أعتقد انّه كان عليهم أن يستعينوا بمُخرِج شاطر، يحتكم على شيء من الحنكة والدهاء، فيعرف كيف يُدخل قرار التأجيل في أذهان كلّ مَن في القصر، ويُقنعهم به أوّلاً، ومن ثم يقنع به من هم خارج القصر ثانياً، ويوفِّر بالتالي على مَن في القصر الإحراج، وسَيل التوضيحات والتفسيرات التي توالَت من الموقع الرئاسي الأول، لتبريره، وسَيل الانتقادات التي واجَهته، سواء من السياسيين أو من المراجع الدينيّة المسيحية تحديداً. وهنا، يجب أن نتمعّن مَليّاً بموقفَي البطريرك بشارة بطرس الراعي والمطران الياس عودة”!
ترحيل الاشتباك!
الى ذلك، ووسط الحديث المتنامي عن محاولة نقل الاشتباك من حلبة التكليف، الذي باتَ محسوماً أن الرئيس سعد الحريري سيتم تكليفه في استشارات الخميس إذا جرت في موعدها، الى حلبة التأليف، فإنّ المناخ السياسي يوحي باستعدادات من الآن لهذا الاشتباك، بدأت تُنذِر بأنّ معركة التأليف بين رئيس الجمهورية وفريقه السياسي وبين الرئيس الحريري ستكون حامية الوطيس ولأمد طويل.
إمعان في العرقلة!
وعلى ما تقول مصادر سياسية لـ”الجمهورية” انه إذا صَحّ ما يقال عن معركة حامية ومعقّدة في مرحلة تأليف الحكومة، فهذا ليس له سوى معنى وحيد وهو أنّ تأخير التأليف لن يُفهَم الّا على أنّه إمعان في العرقلة، ورسالة شديدة السلبية تُرسَل الى المجتمع الدولي الذي ينتظر تشكيل الحكومة للبدء بالاصلاحات التي وضعها شرطاً لتقديم المساعدات للبنان.
وقالت المصادر: “انّ المعرقلين، أيّاً كانوا، لن يكونوا في مواجهة الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة، بل إنهم سيكونون في مواجهة المجتمع الدولي”.
وفي هذا الاطار، لفتت المصادر الى “انّ الاجواء الدولية تَشي بارتياح لإعادة تكليف الحريري تشكيل الحكومة. والفرنسيون، كما هو معلوم، يقدمون مبادرتهم كفرصة إنقاذية لبنانية، ويعتبرون في الوقت نفسه ان الحريري جاد في التزامه وضع برنامجها الاصلاحي موضع التنفيذ. ولقاء مساعد وزير الخارجية الاميركية دايفيد شينكر مع الرئيس الحريري عَكسَ موقفاً اميركيا داعماً لتشكيل الحريري الحكومة الانقاذية، وانّ الولايات المتحدة على استعداد لتقديم المساعدة شرط بروز الجدية المطلوبة في الانقاذ وإجراءات الاصلاحات التي ينادي بها الشعب اللبناني”.
وخَلصت المصادر الى القول: “بعد تكليف رئيس الحكومة يجب ان تتشكّل حكومة في أسرع وقت، فخطوطها العريضة موجودة، وجرى التأسيس لها في التكليف السابق، ما يعني انّ ثلاثة أرباع العُقَد محلولة. وبالتالي، إنّ القَول بِنقل المعركة من التكليف الى التأليف هو قول مستغرب ولا يُطمئِن، خصوصاً انه يُبقي لبنان في الدوامة، ويصبّ المزيد من الزيت على نار الأزمة التي تزيد اشتعالاً كل يوم”.
عين التينة
الى ذلك، تعكس اجواء عين التينة ترقباً ايجابياً لاستشارات الخميس، وتأمل ان يُصار الى تكليف سَلِس، يبدأ بعده الانطلاق نحو تأليف سريع للحكومة.
وبحسب هذه الاجواء فإنّ الرئيس بري، الذي عارضَ التأجيل ولو ليوم واحد، هو مع التعجيل الى أقصى الحدود في تأليف الحكومة اليوم قبل الغد. فالوضع لم يعد خافياً على أحد، وباتَ يوجِب أن نستفيد من كل الوقت المُتاح أمامنا وندخل في مدار العمل الحكومي المنقِذ للبلد، ذلك أنّ أمام الحكومة شغلاً كبيراً لتُنجزه، والجميع مطالبون بِرَفدها بما يساعدها على إتمام مهمتها بالشكل الذي يخدم البلد ويساهم في وضعه على سكة النهوض”.
بيت الوسط
في المقابل، اكدت مصادر قريبة من “بيت الوسط” لـ”الجمهورية” أنّها تترقّب ما ستؤول اليه استشارات الخميس.
واذا كان التكليف بات يشكّل أولوية في “بيت الوسط”، الّا أنّ الاولوية الاساسية هي لتأليف الحكومة، وسبق للرئيس الحريري أن اكد على خريطة طريق يأمل من خلالها تأليف الحكومة من دون أي معوقات في اقرب وقت ممكن، ذلك انّ الاعتبار الاساس الذي ينطلق منه هو وضع البرنامج الاصلاحي للمبادرة الفرنسية موضوع التنفيذ العاجل، وأي تأخير معناه المزيد من تدهور الوضع.
التيار
في هذا الوقت اكدت مصادر تكتل “لبنان القوي”، رداً على سؤال لـ”الجمهورية” عمّا اذا كانت استشارات الخميس ستؤجّل: “لسنا نحن مَن يقرّر عن رئيس الجمهورية، وهذه صلاحيته ولا نتدخّل فيها”.
وأضافت المصادر: “في مطلق الأحوال سنذهب الى الاستشارات الملزمة، ولن نسمّي الحريري لرئاسة الحكومة”.
وعما اذا كان التيار سينتقل الى المعارضة، اكتفت المصادر بالقول: أين نحن الآن؟
“القوات”
في السياق ذاته، اكدت مصادر “القوات اللبنانية” لـ”الجمهورية”: انّ “القوات” لن تقاطع الاستشارات الملزمة، بل ستشارك فيها وتمارس حقها بالكامل”.
وقالت المصادر: انّ المشكلة ليست لدى “القوات”، فقد سبق لها أن حَسَمت موقفها بعدم تسمية أحد لرئاسة الحكومة، لكنّها لم تقل إنّها لا تريد الاستشارات النيابية، وموقفها نهائي وواضح لجهة تأليف حكومة اختصاصيين حياديين مستقلّين، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة.
اللقاء الديموقراطي
وقالت مصادر نيابية في اللقاء الديموقراطي لـ”الجمهورية”: “إنّ محاولة نقل المشكلة من التكليف الى التأليف هو أمر مريب، ويؤكد انّ هناك مَن وَصلَ الى مرحلة اليأس، وهذا يفسّر إصراره على القفز فوق أزمة البلد وعلى الانانية التي أوصَلته الى ما وصل اليه، والأسوأ من ذلك هو الاصرار على شنّ حرب إلغاء على الفرصة الانقاذية المتاحة للبلد عبر المبادرة الفرنسية، لكنهم في النهاية لن يتمكنوا من أن يغيّروا شيئاً ممّا هو مرسوم”.
“حزب الله”
بدورها، اكدت مصادر نيابية في كتلة الوفاء للمقاومة لـ”الجمهورية”: “انّ “حزب الله” مع كلّ ما يُساعد على إنهاض البلد، وعدم الاقدام على اي خطوة من شأنها أن تزيد الاعباء على المواطنين”.
بومبيو
على صعيد آخر، اعلن القصر الجمهوري أمس انّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تلقّى اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو، عرضَ خلاله للعلاقات اللبنانية – الأميركية وللتطورات الأخيرة، ومنها مفاوضات ترسيم الحدود البحرية الجنوبية.
وخلال الاتصال، شكر الرئيس عون الوزير بومبيو على الدور الذي تؤديه الولايات المتحدة كوسيط مُسِهِّل للتفاوض، مؤكداً انّ لبنان مصمم على الحفاظ على حقوقه وسيادته في البر والبحر. وأبلغ الوزير الأميركي الرئيس عون، إرسال بلاده مساعدات لإعادة اعمار الاحياء التي تضررت في بيروت نتيجة الانفجار الذي وقع في المرفأ في 4 آب الماضي.
وفي تفاصيل الاتصال، كشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ”الجمهورية” انّ بومبيو بادَرَ في اتصاله الى الترحيب بخطوة استئناف المفاوضات لترسيم الحدود البحرية بين لبنان اسرائيل في الناقورة في 14 تشرين الاول، كما تم التفاهم بشأنه في “اتفاق الاطار” الذي تم التوَصّل اليه كخطوة استباقية كان لا بد منها لإدارة المفاوضات بالشكل الذي يتم التوافق بشأنه بين مختلف الاطراف، بِمَن فيهم رُعاة المفاوضات ومقدمي التسهيلات الاميركيين والامم المتحدة.
ولفت بومبيو انه سيواصل رعاية هذه المفاوضات، وهو يتبلّغ بأدق التفاصيل فور تحقيقها، وسيواكب مجرى المفاوضات. وانّ ما تعهّدت بلاده بشأن دورها المُسهِّل والوسيط ما زال قائماً، وهو سيستمر ما دامت الحاجة قائمة إليه.
وشَكر رئيس الجمهورية بومبيو على مدى الدعم الذي تبلّغه منه ومن مساعده لشؤون الشرق الأدنى دايفيد شينكر، والذي يريح لبنان العازم على ترسيم حدوده بما يضمن استعادة لبنان لكامل حقوقه البحرية، لافتاً الى انّ محاولات فرض امر واقع تعتقد اسرائيل انها حققته في الفترة السابقة ليست منطلقاً للمفاوضات، وانّ وَفد لبنان يحمل الموقف اللبناني المنسجم مع كل القوانين الدولية، وهو يصرّ على ما سيقترحه في الجولة المقبلة من المفاوضات.
ورَدّ بومبيو مؤكداً انّ المساعدات المقررة للبنان تجري بشكل طبيعي، وهو يدرك اهمية إنجاز عملية الترسيم ليصل الطرفان الى حقوقهما الضامنة لثروتهما في البر والبحر. وفي قسم آخر من الاتصال، سأل بومبيو عن المراحل التي قطعتها عملية إعمار ما أدّى اليه انفجار 4 آب وحجم النكبة التي حَلّت ببيروت، وأوضح للرئيس عون انّ إدارته أطلقت عملية مساعدة لبنان في اعادة إعمار ما تهدّم، وانه سيكون لها تحرّك قريب لمساعدة اللبنانيين عبر الهيئات والمؤسسات الاميركية الموجودة في لبنان والمكلّفة بهذه المهمة الانسانية والانمائية، في إشارة الى مؤسسة “USAID”، وانّ بلاده خصّصت مبالغ مهمة تُعزّز برنامج المساعدات الأميركية التي تقرر اعتماده بناء على المعاينة الميدانية للمناطق المتضررة، للمساهمة بتجاوز نتائج النكبة في اسرع وقت ممكن.
لقاء شينكر والجميّل
على صعيد آخر، اكدت مصادر كتائبية لـ”الجمهورية” انّ لقاءً عقد بعيداً من الأضواء بين شينكر ورئيس الحزب النائب المستقيل سامي الجميّل.
وقالت المصادر انّ اللقاء شَكّل مناسبة لمناقشة القضايا والعناوين التي أثيرت مع شينكر في وقت سابق، ولا سيما اللقاء الموسّع الذي جَمعه والنواب المستقيلين في زيارته الى بكفيا ما قبل الأخيرة الى بيروت، وما تناوَلَه من مناقشات تستحق ان تتواصل الاتصالات بشأنها للفترة المقبلة.
ولم تَشأ المصادر التوغل في تفاصيل اللقاء، ولفتت الى انه لم يتجنب ملفاً مطروحاً في لبنان على كل المستويات، وكان الجميّل واضحاً في تحديد موقف الحزب من مختلف التطورات التي تطلقها في السر والعلن، فليس للحزب أي مواقف في السر مُغايرة لتلك التي تُعقد في العلن.
صندوق النقد
الى ذلك، وفيما أعلن مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور “أنّ صندوق النقد على أتم الاستعداد لمساعدة لبنان”، نقلت وكالة “رويترز” عن صندوق النقد قوله، أمس، إنه ينبغي على لبنان إصلاح نظام الدعم لديه للوصول إلى المواطنين الأكثر احتياجاً، والاستفادة بشكل أفضل من احتياطيّاته من العملة الأجنبية التي تتراجع سريعاً.
وقال الصندوق إنه “يقدّر تضَخّم أسعار المستهلكين هذا العام عند 85.5 بالمئة، ارتفاعاً من تقدير نيسان بتضخّم 17 بالمئة، في حين اتّسَع تقديره للعجز المالي لدى الحكومة المركزية إلى 16.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، ارتفاعاً من 15.3 بالمئة في نيسان”.
الهيئات
من جهتها، طالبت الهيئات الاقتصادية بالسير نحو تشكيل حكومة فوراً تكون قادرة على تنفيذ ورقة الاصلاحات الفرنسية. وحذّرت، في مؤتمر صحافي، من”أننا سنصل الى مرحلة ستنعدِم فيها السيولة بالعملات الصعبة، ويرتفع سعر صرف الدولار من دون سَقف، وتندثر القدرة الشرائية، وترتفع نسبة التضخم ما يؤدي لإقفال شبه كامل للمؤسسات، وبطالة جماعية وفقر مجتمعي عابر للطوائف”، لافتة الى أنّنا “حذّرناً مراراً وتكراراً من هذا المصير المأساوي، وها قد وصلنا، فعلى أرض الواقع هيكل البلد ينهار”.
افتتاحية صحيفة اللواء
شبح «الحلف الرباعي» يحضر في الأونيسكو اليوم.. والخميس في بعبدا!
بومبيو يبلغ عون تطلع بلاده لحكومة توقف الفساد.. والصندوق ينتظر التأليف وبرنامج الإصلاحات
هل تفتح جلسة مجلس النواب، المخصصة اصلاً لانتخاب «المطبخ التشريعي» (أميني سر وثلاثة مفوضين) فضلاً عن أعضاء اللجان النيابية، التي شغرت، بعد استقالة 8 نواب من المجلس النيابي واستكمال مناقشة وإقرار ما تبقى من جدول أعمال الجلستين التشريعيتين الماضيتين، الباب اليوم، للتباحث في ما يمكن فعله بعد غد الخميس، موعد الاستشارات النيابية الملزمة، لتسمية شخصية تكلف تأليف الحكومة، أو تسمية الرئيس سعد الحريري باعتباره، المرشح الوحيد المعلن، على الرغم من اعتراض ورفض تكتل لبنان القوي برئاسة النائب جبران باسيل.
وعلمت «اللواء» ان فريق التيار الوطني الحر يسجل عتباً على حزب حليف، معرباً عن هواجسه، من ان تقود المشاورات الجارية إلى تشكيل تحالف رباعي جديد قوامه: حركة «أمل» و«حزب الله» وتيار المستقبل، والحزب التقدمي الاشتراكي، بكتلها النيابية، التي إن جمعت اصواتها فهي توفّر ما بين 68 و72 نائباً لصالح تسمية الرئيس الحريري.
في بعبدا أكدت المصادر المطلعة لـ«اللواء» ان الاستشارات الملزمة لا تزال قائمة في موعدها الخميس المقبل وأوضحت ان المجال مفتوح للاتصالات قبيل حلول هذا الموعد كاشفة ان لا تواصل سجل بين الاليزيه وبعبدا ولا بين الرئيس عون والرئيس الحريري.
وافادت ان هذه الحكومة مطلوبة على ان تضم وزراء نظيفي الكف يهمهم الاصلاح. ودعت الى انتظار ما بعد تكليف الحريري وكيف تسير مسيرة تشكيل الحكومة.
ورأت المصادر انه عندما ارجأ الرئيس عون الاستشارات اول مرة كان يعرف الدوافع لماذا واليوم اذا ثبت الموعد يعرف التي تدعوه لذلك مشيرة الى ان بعبدا سائرة في خطى ثابتة نحو اجراء الاستشارات ما لم يطرأ ما ليس في الحسبان وليأتي ما يأتي وفي عملية التأليف يسود الكلام. والإنفتاح بين الكتل النيابية حول حكومة المهمة.
واشنطن: مساعدات لاعمار المرفأ
دولياً، تلقى الرئيس عون مساء امس الأول اتصالا هاتفيا من وزيرالخارجية الأميركي مايك بومبيو، عرض في خلاله للعلاقات اللبنانية – الأميركية والتطورات الأخيرة، ومنها مفاوضات ترسيم الحدود البحرية الجنوبية.
وشكر وفقاً لبيان المكتب الاعلامي في الرئاسة الاولى، الرئيس عون الوزير بومبيو على «الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة كوسيط مسهل للتفاوض»، مؤكدا ان لبنان «مصمم على الحفاظ على حقوقه وسيادته في البر والبحر».
وابلغ الوزير الأميركي الرئيس عون، ارسال بلاده «مساعدات لاعادة اعمار الاحياء التي تضررت في بيروت نتيجة الانفجار الذي وقع في المرفأ في 4 آب الماضي».
ورحب الوزير بومبيو خلال الاتصال ببدء المفاوضات بين لبنان وإسرائيل حول الحدود البحرية.
وبحسب بيان صادر عن الخارجية الأميركية حول اتصال بومبيو بالرئيس عون، استذكر بومبيو الذكرى السنوية الأولى لاحتجاجات 17 تشرين الأول.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة تتطلع إلى تشكيل حكومة لبنانية تكون ملتزمة وقادرة على تطبيق الاصلاحات التي يمكن أن تؤدي إلى فرص اقتصادية وحكم أفضل ووضع حد للفساد المستشري.
الى ذلك، اوضحت مصادر ديبلوماسية ان استثناء لقاء المسؤول الاميركي دايفيد شنكر مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في زيارته الاخيرة للبنان يعتبر رسالة شديدة الوضوح من الادارة الاميركية من السياسة التي اتبعها الاخير من موقعه السابق كوزير للخارجية او كصهر لرئيس الجمهورية يؤثر بفاعلية مفرطة في رسم وتحديد افق السياسة الخارجية التي ينتظرها والتي تصب لمصلحة حزب الله وإيران في المنطقة والعالم على حساب مصالح الشعب اللبناني وضد المصالح الاميركية. وهذا لايمكن السكوت عنه او تجاوزه دون القيام بردات فعل ومواقف حازمة للتعبير الصريح عن رفض قاطع لمثل هذه السياسات المعتمدة،في حين ان مصلحة لبنان واللبنانيين تتطلب سياسات اكثر واقعية تلتزم بسياسة الناي بالنفس والابتعاد عن الانخراط في سياسات المحاور والتحالفات التي تسيء وتضر بمصلحة لبنان العليا.
واشارت المصادر الى الخطاب الاخير لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في ذكرى ١٣تشرين والذي حمل فيه مسؤولية تردي الأوضاع المالية والاقتصادية بلبنان للولايات المتحدة الأمريكية عندما قال ان سبب الازمة هو قلة الدولار والمسؤول عنها الذي يطبع الدولار وان لم يسم الدولة المعنية عن ذلك ولكن بالطبع وصلت الرسالة بوضوح الى الجانب الاميركي الذي يراكم سلسلة انتهجها باسيل طوال توليه المسؤولية السياسية التيار وحتى الخطاب الاخير الموجه الى الادارة الاميركية مباشرة.
توقيع القوانين
دستورياً، ومنعاً للتهم التي تساق بين وقت وآخر، عممت الرئاسة الأولى ان الرئيس عون وقع سلسلة من القوانين التي اقرها مجلس النواب مؤخراً، وابرزها قانون الدولار الطلابي الرامي الى الزام المصارف العاملة في لبنان بصرف مبلغ عشرة آلاف دولار أميركي وفق سعر الصرف الرسمي للدولار للطلاب الذين يدرسون في الخارج. القانون المتعلق بابرام اتفاقية قرض واتفاقية تنفيذية بين الجمهورية اللبنانية والبنك الدولي للانشاء والتعمير لمشروع الطرقات والعمالة، القانون المتضمن طلب الموافقة للحكومة الانضمام الى الاتفاقية المشتركة بشأن امن التصرف في الوقود المستهلك وامان التصرف في النفايات المشعة التي وقّع عليها لبنان بتاريخ 30/9/1997، القانون القاضي بالموافقة للحكومة على ابرام البروتوكول الملحق باتفاقية الشراكة الأوروبية المتوسطية بين الجمهورية اللبنانية والاتحاد الأوروبي، قانون التصريح عن الذمة المالية والمصالح ومعاقبة الاثراء غير المشروع، القانون القاضي بالاجازة لمؤسسات التعليم العالي الخاص تنسيب تلامذة الى صف «الفرشمن» في العام الجامعي 2020-2021 وان كانوا لم ينجحوا بعد في امتحاني الكفاءة والتحصيل، القانون الرامي الى تعزيز الضمانات الأساسية وتعزيز حقوق الدفاع، القانون الرامي الى تعديل القانون رقم 77 تاريخ 13/4/2018 (قانون المياه).
القانون الرامي الى حماية المناطق المتضررة بنتيجة الانفجار في مرفأ بيروت ودعم إعادة الاعمار.
كما وقع عون مساء امس، المرسوم الرقم 7027 تاريخ 19 تشرين الأول 2020، والقاضي بترفيع موظفين من الفئة الرابعة في ملاك إدارة الجمارك في وزارة المالية الى الفئة الثالثة، وتعيينهم بوظيفة مراقب في الملاك المذكور، ويبلغ عدد المرفعين مئة وأربعة موظفين، ومن شأن هذا المرسوم تفعيل العمل الجمركي في البلاد.
وقد وقع المرسوم ايضا رئيس مجلس الوزراء حسان دياب ووزير المال غازي وزني.
الجلسة
نيابياً، تجتمع الهيئة العامة لمجلس النواب اليوم في قصر الاونيسكو، بناء لدعوة الرئيس نبيه بري، لإنتخاب هيئة مكتب المجلس (اميني السر وثلاثة مفوضين)، واعضاء اللجان النيابية، علما ان الجلسة هي ملزمة من الناحية الدستورية.
كما يعمد المجلس اليوم الى انتخاب اعضاء المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، كما اعلن الرئيس بري في الجلسة التشريعية الاخيرة.
واذا كانت الانتخابات في الهيئة العامة عادة تتم على طريقة التوازن والتوافق بين الكتل النيابية، وغالبا ما لا يحصل تغييرات جذرية، الا ان جلسة اليوم تاتي بعد شغور ثمانية مقاعد نيابية شغرت بعد استقالة النواب، اكان في عضوية هيئة المكتب بعد استقالة النائب مروان حمادة – حيث من المتوقع ان يحل النائب هادي ابو الحسن او وائل ابو فاعور مكانه، فيما يحل النائب اكرم الشهيب مكان حمادة في رئاسة لجنة البيئة – وشهيب كان اصلا رئيسا للجنة لاعوام خلت- كما يتم الاتفاق بين الكتل عن بدائل للنواب الذين يمثلون كتلهم، بحيث ياتي النائب البديل من نفس الكتلة، اما من يريد الترشح للعضوية فيتم طرح الموضوع من قبل رئيس المجلس، كبدلاء عن النواب المستقيلين.
كما سيلجا المجلس الى ملء الشغور في عضوية المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء لملء مقعدي النائبين السابقين علي عمار (الذي كان اعلن استقالته من المجلس الاعلى على خلفية عدم جدواه- والياس حنكش بعد استقالته من البرلمان ، مع الاشارة الى ان في هذا الموضوع حساسية لجهة عدم المس بالتوازن لجهة التمثيل وعدم خرق هذا الامر عند التصويت.
هذا ما يتعلق بعلمية الإنتخاب وتجديد المطبخ التشريعي، اما الجلسة التشريعية التي كان وعد بعقدها الرئيس بري في الجلسة الاخيرة في 30 ايلول الماضي، بعد ان طارت تحت عنوان عدم التوافق على قانون العفو، هذه الجلسة تبقى في عهدة الرئيس بري الذي يعود له وحده الحق بافتتاح جلسة تشريعية لإستكمال المشاريع والإقتراحات التي تبقت على جدول اعمال الجلسة السابقة، وان كان الموضوع الأساس، اي العفو العام لم يسلك بعد طريق التوافق النهائي بين الكتل السياسية.
الصندوق مجدداً ينتظر البرنامج
مالياً، أكّد مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور استعداد الصندوق التام لمساعدة لبنان.
وقال: نتطلع إلى الحكومة المقبلة، والخطوة الأولى هي ان تقدّم الحكومة اللبنانية برنامج إصلاحات شامل وموثوق به يُساعد في معالجة المشاكل الاقتصادية والمالية المتعددة، التي يواجهها لبنان بسبب الأزمات المتعددة التي مر بها، والتي أضيفت إليها تداعيات انفجار 4 آب، وهذا البرنامج يجب ان يكون مدعوماً من مختلف الأطراف، ويكون موجهاً إلى إعادة الثقة وإعادة الاستقرار الاقتصادي.
الحرائق
واستمرت الحرائق المفتعلة في مناطق الشمال، لا سيما عكار، إذ أخمد عناصر مركز بزبينا في الدفاع المدني بعد ظهر أمس حريقاً على طريق عام الدورة – الشقدوف العالي.
كما اخمدوا حريقاً آخر في بلدة الحويش بالتعاون مع شباب من البلدة، أتى على أشجار حرجية ومثمرة كالصنوبر والزيتون.
62944
وانخفضت أمس اعداد اصابات الكورونا، فقد أعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 995 إصابة جديدة بكورونا و6 حالات وفاة خلال الساعات الـ24 الماضية، وليرتفع العدد إلى 62944 إصابة.
**********************************
افتتاحية صحيفة الديار
عون يتشدد ويحتفظ «بفيتو» التاليف في «جيبه»: «لن اطلق النار على راسي»
«شياطين» التفاصيل بين الحريري «والثنائي».. وضغط «بالدولار» على بعبدا
«رسائل» اميركية داخلية وخارجية والاولوية الاسراع في ملف ترسيم الحدود
ابراهيم ناصرالدين
لا تزال «ورقة» التكليف والتأليف في «جيبة» رئيس الجمهورية ميشال عون الذي يتعامل مع حكومة «المهمة» المقبلة بحساسية، وحسم، مفرطين باعتبار انها ستكون حكومة الثلث الاخير من عهده،وهذا يعني حكما انه لن يسمح لاحد «بتقييده» او «طرد» فريقه السياسي من حكومة «الانجازات» المرتقبة، والا سيكون كمن يطلق «النار» على «رأسه» لا «رجله»، وهو ابلغ زواره انه لن يطلق «النار على رأسه»، مذكرا ان «من يقرأ التاريخ يدرك ان احدا لم يستطع اخذ توقيعه «عنوة»،وهذا لن يحصل الان..
ولذلك وبغض النظر عمن سيكون رئيسا لهذه الحكومة سيكون الرئيس شريكا مؤثرا فيها من «الالف» الى «الياء»، فكيف اذا كان من يريد العودة الى السراي الحكومي هو سعد الحريري الذي يرتدي «قناع» المنقذ زورا، ويريد اظهار ان «العطل» كان من فريق رئيس الجمهورية «القوي»، واي حديث عن تساهل في التكليف، اذا ما حصل، لن يقابله اي تنازلات في عملية التأليف التي يملك الرئيس «الفيتو» عليها من خلال توقيعه، وما ان يكلف الرئيس سعد الحريري سيكون حكما امام معادلة الاخذ بالاسماء المسيحية للتوزير من بعبدا،والا، لا حكومة في المدى المنظور، ومن يظن غير ذلك «واهم» مهما بلغت الضغوط الخارجية والداخلية التي بدات من خلال ماكينة منظمة توهم اللبنانيين ان الدولار سينهار بمجرد عودة الحريري الى السلطة، فيما دخل الاميركيون على «الخط» مجددا من «بوابة» القصر الجمهوري حيث تلقى الرئيس عون اتصالا من وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو في «رسالة» اميركية باتجاهين، الاول فرنسا لابلاغها بان واشنطن لا تزال حاضرة بقوة في الملف اللبناني، ومع بدء عملية الترسيم ثمة «خارطة طريق» جديدة ستفعّل بعد الانتخابات الرئاسية، «والرسالة « الاميركية الثانية الى بعبدا ومفادها، ان لكل خطوة ثمنها، وموقف الرئاسة الاولى في تشكيل الوفد المفاوض تركت اثرها «المحدود»في واشنطن، لكن الانفتاح على التيار الوطني الحر يحتاج الى مزيد من التنازلات في العلاقة مع حزب الله.
«شروط» التأليف؟
وفي هذا السياق، لا تزال «المراوحة» تتسيد المشهد الحكومي،الصمت في «بيت الوسط» يقابله لامبالاة في «ميرنا الشالوحي»، وهدوء في بعبدا، فلا اتصالات ولا وساطات وكل فريق متمسك بموقفه،واذا لم يؤجل الرئيس عون الاستشارات مرة جديدة،وهو امر غير محسوم بعد،فسيكون الرئيس المكلف سعد الحريري امام عملية تاليف صعبة،فاما يتنازل ويقبل بشروط الرئاسة «والتيار» بتسمية الوزراء المسيحيين، ويتوافق مع «الثنائي الشيعي» على «خارطة الطريق» الاقتصادية والسياسية للحكومة العتيدة، وفي مقدمتها عدم التوقيع على بياض على شروط صندوق النقد الدولي، والا سيكون تكليفه طويلا، وغير مضمون النتائج، خصوصا ان رحلة التأليف تتزامن مع الانتخابات الاميركية التي لها حساباتها الاقليمية والمحلية والتي لا تتوقع مصادر دبلوماسية في بيروت «ولادتها» قبل هذا الاستحقاق!
«الاوراق المستورة»
وفي هذا الاطار، لا تزال بعبدا تحافظ على «اوراقها» مستورة، ما يزيد المشهد غموضا، والرئيس عون يشدد امام زواره انه ليس في موقف ضعيف كما يظن البعض، وهو لن يفرط بما تبقى له من عمر العهد، وليس من الرجال الذين يطلقون» النار على رأسهم»، ولن يسمح بهزيمة فريقه السياسي مهما بلغت الضغوط، وتؤكد مصادر الرئاسة الاولى انه حتى الان لا تزال الاستشارات في موعدها لكن لا شيء يمنع التاجيل اذا كان لدى الرئيس الاسباب «الوطنية» الموجبة لذلك، فهو لديه صلاحيات، وسيستخدمها كاملة لتصويب الاعوجاج «الميثاقي» في البلاد، وهو ما ردت عليه القوات اللبنانية بالتأكيد ان مجرد مشاركة نوابها في الاستشارات يعني ان الميثاقية المسيحية مؤمنة سواء جرى تسمية الحريري او غيره، متهمة الرئيس «والتيار» بالمزايدة باسم المسيحيين، لكن ما يرجح حصول التكليف، نصائح قدمتها جهات حليفة للرئاسة الاولى، بان ينقل المواجهة الى ميدان التأليف، وهذا يخرج الرئيس من دائرة اتهامه بالعرقلة امام الفرنسيين، وكذلك فان التذرع بغياب الميثاقية المسيحية في التكليف ستصطدم بتسمية ثلث النواب المسيحيين للحريري اما التذرع بالميثاقية المناطقية، فهي بدعة لا علاقة لها لا بالدستور او بالاعراف، ولهذا لا يمكن التذرع بها مجددا.
الوزراء المسيحيون؟
وبحسب مصادر «التيار»، فان وجود شخصية سياسية على رأس الحكومة يعطي الحق للقوى السياسية كلّها باختيار من يمثّلها في الحكومة في ظل حكومة «تكنوسياسية»، اما الاصرار على حكومة اختصاصيين برئاسة الحريري، فذلك يعني ان رئيس الجمهورية لن يقبل ان يتم تجاوزه في عملية تسمية الوزراء المسيحيين في الحكومة، والا ستستخدم بعبدا «الفيتو» بعدم التوقيع على اي تركيبة يضعها الحريري لا ترضي عون وباسيل.
ماذا وراء «صمت» حزب الله؟
اما «الثنائي الشيعي» الذي يقر بالحريري كمرشح «طبيعي» عن السنة لرئاسة الحكومة، فاقراره يقف عند هذا الحد، واذا كانت كتلة التنمية والتحرير قد حسمت موقفها لتسميته، فان حزب الله لا يزال متريثا، ولم يحسم موقفه بعد، ولا يزال يلتزم «الصمت»، لانه لا يسلف اي موقف دون ضمانات، لكن الخطوة التالية ما بعد التكليف محسومة، وعنوانها، الشراكة الكاملة في الحكومة، وما لم يعط لمصطفى اديب لن يمنح للحريري، وهو يعرف ذلك جيدا، واي عودة لمعادلة اخراج حزب الله من دائرة القرار المؤثر داخل الحكومة يعني حكما انهيار التأليف، لان «حارة حريك» لن تقبل بمنحه «فيزا» العودة الى «حضن» السعودية من «بوابة» اقصائها من الحياة السياسية، والانقلاب على نتائج الانتخابات الاميركية، وبالتالي فان «الثنائي»لن يكون معرقلاً للتأليف،فالاتفاق بشأن الحصة الشيعية منجز، والحريري لن يمانع أن يسمي الطرفان وزراء الطائفة من غير الحزبيين. لكن الاتفاق أو التوافق على التأليف لا ينسحب على برنامج الحكومة، وهذا يعني ان «الشيطان» لا يزال في التفاصيل..
لا «خارطة» عند الحريري!
من جهتها، تشير اوساط معنية بملف التأليف، ان الحريري لم يقدم حتى الان «خارطة طريق» واضحة لما يريده بعد التكليف، وهو يراهن على الضغوط الدولية لثني الاطراف الاخرى عن رفع سقف شروطها، لكنه يعرف انه غير قادر على فرض شروطه على الاخرين، فاما يوافق على استنساخ حكومة حسان دياب، وهذه المرة «برافعة» سنية، يستطيع من خلالها اعادة تعويم نفسه سياسيا، لكن يبقى السؤال الاساسي مطروحا حول حظوظه في تسويق هذه الحكومة اقليميا ودوليا في ظل «الفيتو» السعودي- الاميركي على حزب الله؟
ماذا تريد واشنطن؟
في هذا الوقت، كان لافتا اتصال وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو برئيس الجمهورية ميشال عون، ووفقا للمعلومات، فان اجواء الاتصال كانت «ايجابية»، وتركزت حول مفاوضات ترسيم الحدود البحرية جنوبا، حيث اكد عون تمسك لبنان بكامل حقوقه البرية والبحرية،طالبا من واشنطن تفعيل وساطاتها «بعدالة» ونزاهة»، وفيما لم يحضر الملف الحكومي الا على نحو هامشي، مع تأكيد الرئيس السعي لتأليف حكومة منتجة، شدد رئيس الدبلوماسية الاميركية على ضرورة الاسراع في انهاء التفاوض وعدم وضع العراقيل امام انهاء عملية الترسيم، وابلغ الرئاسة الاولى ان بلاده ستقدم مساعدات لاعمار الاماكن المهدمة في بيروت بعد انفجار الرابع من آب .
ووفقا لاوساط دبلوماسية في بيروت، تحاول واشنطن الاستثمار في مفاوضات الترسيم، من ضمن ترسيم حدود النزاعات في المنطقة، وهي نجحت في استعادة «المبادرة» من باريس وبعدما اجهضت حكومة مصطفى اديب من خلال توقيت العقوبات على الوزيرين السابقين علي حسن خليل، ويوسف فنيانوس، تسعى الان عبر فض النزاع الحدودي إلى تقويض طموحات خصومها وتسعى لتعزيز التحالف الجيوسياسي الأميركي الناشئ بين عدد من دول شرق البحر المتوسط وفي مقدمتها إسرائيل،واضطرار الولايات المتحدة إلى الانسحاب تدريجياً من بلدان غرب آسيا تدفعها إلى الاسراع في وضع ترتيبات سياسية وعسكرية لحماية مصالحها ومصالح حلفائها الإقليميين قبل الانسحاب من المنطقة،وحماية هذه المصالح تمتد من شواطئ ليبيا إلى شواطئ لبنان وسوريا، ومن شرق الفرات في سوريا إلى منطقتي الأهوار والبصرة في جنوب العراق. ..اما داخليا فهي لا تزال تمارس سياسة «العصا والجزرة» لدفع اللبنانيين بالابتعاد عن حزب الله «لعزله»، والجزء الاكبر من هذا الضغط تمارسه على رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر.
الضغط بالدولار على عون
في هذا الوقت، وفيما الحديث عن انفلات مرتقب لسعر الدولار مع قرب رفع او «ترشيد» الدعم ولجوء التجار الى السوق السوداء لتأمين فواتير الاستيراد، تشهد «السوق السوداء» انخفاضا غير مفهوم اقتصاديا لسعر الصرف في ظل الغموض الواضح الذي ينتاب الإستشارات النيابية الملزمة وبعدها عملية التأليف، ووفقا لمصادر مطلعة يجري الضغط من خلال السوق الموازية على الرئاسة الاولى من خلال الترويج بان الحريري يمثل الحل لوقف الانهيار، ولذلك يتراجع سعر الصرف بمجرد الحديث عن تكليفه،فيما يروج لتدحرج سعره نزولا بمجرد النجاح في التأليف، وهو امر غير مسند الى اي معطيات اقتصادية جدية في ظل انخفاض احتياطات مصرف لبنان من العملات الاجنبية وشح الدولار في السوق، وعدم وجود «طريق معبدة» امام التفاهم مع صندوق النقد الذي سيحمل معه شروطا قاسية ستكون تداعياتها الاقتصادية صعبة للغاية، وعندها قد يرتفع الدولار إلى مستويات قياسية. وهكذا يتم وضع الرئاسة الاولى امام مسؤولية لا تتحملها حول تدهور سعر العملة الوطنية، اذا ما اعاقت عودة الحريري الى السراي الحكومي، وما هبوط سعر صرف الدولار نحو 1200 ليرة بعد 24 ساعة من اعلان الحريري «ترشحه»، إلا دليل على وجود مافيا تتحكم بالاسواق، وتوظفها سياسيا، والحديث عن انخفاض سعر صرف الدولار الى ما دون 7000 ليرة إذا كُلّف الحريري الخميس المقبل، وقد ينخفض الى 6000 ليرة إذا تم تشكيل الحكومة، الا محاولة لتلميع «صورة» من كان مسؤولا عن الازمة الاقتصادية خلال 30 سنة، ومحاولة لاحراج «خصوم» الحريري لاجبارهم على القبول بشروطه، ولذلك فاي تراجع في سعره يحتاج الى فتح تحقيقات معمقة حول الجهات المتلاعبة بالنقد والاقتصاد الوطني!.
في هذا الوقت، وقع رئيس الجمهورية،القانون الطالبي الرامي الى الزام المصارف العاملة في لبنان بصرف مبلغ عشرة آلاف دولار أميركي وفق سعر الصرف الرسمي للدولار، عن العام الدراسي 2020-2021 للطلاب اللبنانيين الجامعيين الذين يدرسون في الخارج قبل العام الدراسي 2020-2021 .
الاقتصاد نحو الانكماش
وفيما حذرت الهيئات الاقتصادية من الوصول الى مرحلة ستنعدم فيها السيولة بالعملات الصعبة ويرتفع سعر صرف الدولار من دون سقف وتندثر القدرة الشرائية وترتفع نسبة التضخم ما يعني إقفال شبه كامل للمؤسسات وبطالة جماعية وفقر مجتمعي عابر للطوائف ،توقع صندوق النقد الدولي أنّ يشهد الاقتصاد اللبناني أحد أكبر الانكماشات الاقتصادية في المنطقة هذا العام عند 25 في المئة، وحذَّر من أنّ «مخاطر السيناريو الأسوأ من المتوقع أن تلوح في الأفق بشكل كبير، لا سيما بالنظر إلى الزيادات الأخيرة في إصابات كوفيد-19 في العديد من البلدان حول العالم التي أعيد فتحها». من جانبه، أعلن مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور أن صندوق النقد على أتمّ الاستعداد لمساعدة لبنان. وقال «نتطلع إلى الحكومة المقبلة، والخطوة الأولى أن تقدّم الحكومة اللبنانية برنامج إصلاحات شاملاً وموثوقاً به يساعد في معالجة المشاكل الاقتصادية والمالية المتعددة التي يواجهها لبنان بسبب الأزمات المتعددة التي مرّ بها والتي أضيفت إليها تداعيات انفجار 4 آب، وهذا البرنامج يجب أن يكون مدعوماً من مختلف الأطراف وموجّهاً إلى إعادة الثقة والاستقرار الاقتصادي. وكشف أن «الصندوق جاهز للمشاركة في المناقشات مع الحكومة الجديدة للحصول على الدعم المالي.
«كورونا» تراجع «طفيف»
صحيا، ومع انطلاق الخطة الثالثة من اقفال 79 قرية وبلدة مع ابقاء التدابير المشددة على حالها، سجل عداد «كورونا» امس تراجعا بعدد الاصابات، حيث اعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 6 وفيات بفيروس كورونا و995 اصابة جديدة رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 62944 .
**********************************
افتتاحية صحيفة الشرق
التكليف يتأرجح وصندوق النقد على شروطه
على مسافة ايام قليلة من موعد الاستشارات النيابية المحددة الخميس في قصر بعبدا، لم يُسجّل أيّ لقاء أو إتصال او وساطة من شأنها أن تسهّل المسار، وافيد ان كلّ المساعي لم تنجح في التقريب بين التيار الوطني الحر، الذي لن يسمي الرئيس سعد الحريري، وبيت الوسط الذي اصر على التزام الصمت. وفي حال لم ترجأ الاستشارات من جديد، يتوقع ان يخرج منها الرئيس الحريري رئيسا مكلّفا تأليف الحكومة، لتبدأ فصول عملية التأليف التي لن تكون سهلة بل على العكس، مع رفض الثنائي الشيعي شروط صندوق النقد، وتمسّكه والفريق الرئاسي، بتسمية وزرائهم في الحكومة.
ارجاء؟
في المعلومات، قالت مصادر القصر الجمهوري ان «لا شيء تغيّر والإستشارات قائمة في موعدها». في الموازاة، اشار مصدر مطّلع على المسار الحكومي الى ان «لدى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ما يقوله، وستكون هناك ساعات من الإنتظار وقد يتوجّه الى التأجيل».
وفي وقت كان غياب الميثاقية المسيحية والمناطقية، السبب الاساس الذي دفع عون الى الارجاء الاول، قالت الوزير السابق ريشار قيومجيان عبر «تويتر» «مجرد مشاركة نواب تكتل «الجمهورية القوية» في الاستشارات النيابية يُعطيها الميثاقية المطلوبة سواء سمّى التكتل الشخص الذي سيُكلّف أو لم يسمّه. لا تخلطوا تعداد اصوات الاستشارات ونتائجها بمبادئ ميثاقية ثابتة». اضاف قيومجيان «طبّقوا الدستور وكفى مزايدات باسم الطائفة».
الصندوق مستعد
وسط هذه الاجواء، وفيما البلاد الغارقة في ازمة اقتصادية – مالية – معيشية من الاسوأ، في أمسّ الحاجة الى حكومة، توقع صندوق النقد الدولي أنّ يشهد الاقتصاد اللبناني أحد أكبر الانكماشات الاقتصادية في المنطقة هذا العام عند 25 في المئة. وحذَّر من أنّ «مخاطر السيناريو الأسوأ من المتوقع أن تلوح في الأفق بشكل كبير، لاسيما بالنظر إلى الزيادات الأخيرة في إصابات كوفيد-19 في العديد من البلدان حول العالم التي أعيد فتحها». من جانبه، أعلن مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور أن صندوق النقد على أتمّ الاستعداد لمساعدة لبنان. وقال: نتطلع إلى الحكومة المقبلة، والخطوة الأولى أن تقدّم الحكومة اللبنانية برنامج إصلاحات شاملاً وموثوقاً به يساعد في معالجة المشاكل الاقتصادية والمالية المتعددة التي يواجهها لبنان بسبب الأزمات المتعددة التي مرّ بها والتي أضيفت إليها تداعيات انفجار 4 آب، وهذا البرنامج يجب أن يكون مدعوماً من مختلف الأطراف وموجّهاً إلى إعادة الثقة والاستقرار الاقتصادي. وكشف أن «الصندوق جاهز للمشاركة في المناقشات مع الحكومة الجديدة للحصول على الدعم المالي».
تخزين
في الغضون، وفي حين لا تزال ازمة فقدان الادوية والمحروقات على حالها، وقد برزت معالمها بقوة في البقاع امس حيث وقفت السيارات في الطوابير امام المحطات للتزود بالمازوت والبنزين المفقودين واللذين يهرّبان الى سوريا بكثافة، دهمت قوة من فوج اطفاء بيروت مستودعا لمؤسسة الكتب الثقافية للطباعة والنشر والتوزيع في مبنى طه لصاحبيها ه.ط و ح.ط لبنانيين، في شارع المقاصد مقابل مدخل قسم الطوارئ في مستشفى المقاصد، بعد شكاوى عن تخزين مواد خطرة في احياء سكنية. واثناء المداهمة، تم ضبط، ثلاثة براميل سعة مئة لتر من مادة البنزين واربعة غالونات سعة 20 لتراً من مادة البنزين وبرميل واحد سعة مئة لتر من مادة الكاز وبرميل واحد سعة 150 لترا من المازوت في المستودع نفسه. وعلى الاثر حضرت دورية من فصيلة طريق الجديدة وتمت مصادرة المضبوطات وتسليمها الى فوج الاطفاء بناء على اشارة المحامي العام الاستئنافي في بيروت رجا حاموش.
الهيئات تحذر
وليس بعيدا، من تداعيات الازمات على القطاعات الحيوية في البلاد حذرت الهيئات الاقتصادية في مؤتمر صحافي من «اننا سنصل الى مرحلة ستنعدم فيها السيولة بالعملات الصعبة ويرتفع سعر صرف الدولار من دون سقف وتندثر القدرة الشرائية وترتفع نسبة التضخم ما يعني إقفال شبه كامل للمؤسسات وبطالة جماعية وفقر مجتمعي عابر للطوائف». واذ رفعت الصوت عاليا محملة القوى السياسية المسؤولية عن كل ما حصل وما سيحصل طالبتها باسم القطاع الخاص السير نحو تشكيل الحكومة اليوم قبل الغد، حكومة قادرة على تنفيذ المبادرة الفرنسية.
الدولار الطالبي
معيشيا ايضا، نفّذ ذوو الطلاب اللبنانيين في الخارج اعتصاماً على الطريق المؤدية إلى القصر الجمهوري، للمطالبة بالإسراع في توقيع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على قانون الدولار الطالبي. وتمنّوا على الرئيس عون ان «ينظر الينا وان يوقّع مشروع قانون الدولار الطالبي والا اولادنا سيُرمَون من الجامعات بعدما تلقوا انذارات عدة «. ولاحقا، أفيد بأن الرئيس عون وقّع يوم الجمعة على قانون الدولار الطالبي الذي أقرّه مجلس النواب، وأحاله للنشر.
التعويضات
من جهة ثانية،سجلت امس سلسلة تطورات تعنى بملف تفجير المرفأ. فقد أعلنت الهيئة العليا للاغاثة، في بيان، أنه «استنادا الى قرار رئيس مجلس الوزراء رئيس الهيئة العليا للاغاثة الرقم 2020/137 تاريخ 19-10-2020، بتحويل مبلغ مئة مليار ليرة لبنانية الى حساب خزينة الجيش، المعطاة الى الهيئة العليا للاغاثة بموجب المرسوم الرقم 6979 تاريخ 23-9-2020، لدفع تعويضات المتضررين من انفجار مرفأ بيروت، استنادا الى آلية يتم وضعها من قبل قيادة الجيش ومحافظة بيروت، واستنادا الى جداول إسمية يعدها الجيش وفق مبدأ الاولوية، ويتم التزامها وفق الاولوية الواردة فيها».
بري مستعد
الى ذلك، اكد رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال استقباله في مقر الرئاسه الثانية في عين التينة وفد لجنة عوائل شهداء انفجار مرفأ بيروت، «استعداده والمجلس النيابي القيام بكل ما يلزم من الناحية التشريعية لانصاف شهداء المرفأ وذويهم وسائر المتضررين»، مشددا على «ضرورة المسارعة بتأمين الاحتضان الفوري للذين خسروا منازلهم قبل حلول فصل الشتاء».
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :