تُبدي الأطراف والقوى السياسية القديمة منها والطارئة حديثاً على الواقع السياسي الطرابلسي، حالاً من الارتباك أو الحذر الشديد الذي قد يفسّر أنّه ضياع وعدم حماسة، أمام الإستحقاق الإنتخابي الذي يقترب شيئاً فشيئاً، خلافاً للوضع في دورات سابقة، حتى أنّ الصور واللافتات التي كانت تتسيّد الطرقات والشوارع والجدران في مثل هذا الوقت، لا هلال يلتمس لها، ما خلا بعض الصور لمرشح أو لمرشحَين جديدين على الساحة الطرابلسية.
لا ترشيحات رسمية ولا تحالفات أيضاً، لا مهرجانات انتخابية ولا دعايات ولا محاولات لكسب شارع من هنا أو مفتاح انتخابي من هناك، على عكس ما كانت تجري العادة. قبلها قيل إن الموقف الإنتخابي لن يتّضح قبل مجيء سعد الحريري إلى لبنان وقول كلمته في هذا الخصوص. أتى الحريري وأعلن عزوفه عن الإنتخابات فازداد الأمر غموضاً. ثم قيل إن موعد 14 شباط سيكون هو الحاسم وبعدها ستدور العجلة الإنتخابية، لكن ذلك لم يحصل أيضاً. فمن جهة تيار «المستقبل» بات معلوماً أنه لن يشارك في الإنتخابات على الصعيد القياديّ، ومن أراد المشاركة عليه تقديم استقالته من التيار، أما القواعد الشعبية فالخيار متروك لها. هنا ثمة من يسأل: هل ستكون هناك كلمة سرّ أو شيفرة معينة ستوجّه إلى القاعدة الشعبية الزرقاء عند الحاجة؟ يوجد إحساس لدى كثيرين في طرابلس بأن الإنتخابات لن تجري وسيكون مصيرها التأجيل وهو ما يفسّر أيضاً البرودة الشعبية واللاحماسة في تعاطي الناخب الطرابلسي مع الإنتخابات حتى اللحظة.
ويؤكد نائب رئيس تيار «المستقبل» مصطفى علوش أن «المستقبل لن يترك جمهوره، والتوجيهات لا تكون إلّا عندما تتّضح خريطة الترشيحات فيكون للتيار موقف منها». ويجزم علوش «أنا غير مرشح ولن أستقيل، أنا عضو في تيار «المستقبل» ألتزم بقرار قيادة التيار وموقف الرئيس الحريري صدر وهو واضح في هذا الشأن». ويرى علوش من جهة ثانية «أن الأجواء الإنتخابية لن تتضح قبل نهاية شباط الجاري ومطلع شهر آذار، وعندها سيكون قد اتّضح من سيترشح ومن لن يترشح وما إذا كانت هناك نية مبيّتة لدى البعض للتأجيل أم لا».
ميقاتي و»العزم»ومن ناحية الرئيس نجيب ميقاتي وتيار «العزم»؛ ولأنهما لن يتركا الساحة، فإن الإتجاه الأغلب يقول إن ميقاتي لن يترشح شخصياً، والأرجح أن يدعم لائحة قريبة من توجهاته، لكن مصادره تجزم أن الأمور لن تتضح قبل النصف الأول من شهر آذار.
وعن موقف اللواء أشرف ريفي فقد نقل عنه أحد المواقع الشمالية أنه «بدأ يجهّز ماكينته الإنتخابية تمهيداً لخوض المعركة». خيارات ريفي في الشأن الإنتخابي واضحة وإذا ما خاضها فسيكون إلى جانب حزب «القوات اللبنانية» الذي يستعدّ للإنتخابات منذ مدة في جميع الدوائر، بينما لا ترصد حركة لـ»التيار الوطني الحر» في المدينة.
ومن جهة النائب الراحل جان عبيد الذي كان يشغل المقعد الماروني في طرابلس، فمن المتوقّع أن يترشح نجله سليمان على لائحة ميقاتي أو اللائحة التي يدعمها الأخير جرياً على الحلف القديم الذي جمع والده بميقاتي.
وعلى مقلب النائب محمد كبارة فقد بات من شبه المؤكد أن نجله كريم هو من سيتابع مسيرة هذا البيت السياسي، بينما يتّجه فيصل كرامي لخوض الإنتخابات بالتحالف مع النائب جهاد الصمد في الضنية وربما جمعية المشاريع الخيرية في طرابلس، ضمن ما يعرف بتحالف قوى 8 آذار، وذلك في دائرة الشمال الثانية (طرابلس، المنية، الضنية).
تبقى قوى المجتمع المدني أو الثورة، هذه القوى تحاول في اجتماعات مختلفة إيجاد قواسم مشتركة بين مجموعاتها قد تفضي إلى ترشيح لائحة موحّدة، لأن الانقسام بينها حول الإنتخابات واضح، ومن شأن استمرار تفرّقها ألّا يكون لها أيّ تأثير يمكن أن يعوّل عليه في نتائج الإنتخابات. كما أنّه لا يُعرف حتى اللحظة ما إذا كانت هذه القوى ستتلقّى أيّ دعم مادي ومعنوي من المجموعات الثورية في بيروت كما كانت تنتظر.
وأخيراً، في ما خصّ بهاء الحريري وحركته، فلا جديد يذكر، وليس لدى كوادره في طرابلس والمناطق إلا جواب واحد «نحن نعدّ العدّة الآن والعمل عن قريب سينطلق».
مما لا شك فيه أن الحماسة الإنتخابية لم تدخل الشارع الطرابلسي بعد، وما على الجميع إلا انتظار شهر آذار ليتّضح الخيط الأبيض من الخيط الأسود.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :