افتتاحيات الصحف ليوم السبت 17 تشرين الأول 2020

افتتاحيات الصحف ليوم السبت 17 تشرين الأول 2020

Whats up

Telegram

 

افتتاحية صحيفة  البناء:

 

القومي لحكومة جامعة.. لا لرفع الدعم.. نعم للاتحاد العماليّ لا للوصفات التقسيميّة

العطلة لمساعي الوساطة والاثنين تتحرّك الاتصالات... بين الحريري وعون وباسيل


شينكر لتسريع الترسيم... ووزير الصحة لملاحقة الاحتكار... وتكريم أميركيّ لإبراهيم



وطنية - كتبت "البناء" تقول: في مناخ أميركي عبّرت عنه ثلاثيّة غير منسجمة تثير التساؤلات، تواصل الجمود السياسي الداخلي، فحركة معاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد شينكر الذي أكدت مصادر من التقاهم أن مهمته محصورة بترسيم الحدود البحرية، وأنه في هذا المجال ينفذ توجيهات إدارته لتسريع ملف الترسيم وتجاوز أي عقبات تحول دون ذلك، تعمّدت تظهير مسافة سجالية مع قصر بعبدا في تفسير كلامه مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ومسافة تباعد عن رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الذي استبعده هيل عن زياراته، بما أتاح توظيف هذا الموقف من مصادر مقرّبة من الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري، بصفته المرشح الأبرز لترؤسها مجدداً، بالقول إن موقف شينكر هو تأييد ضمني لموقف الحريري في السجال مع رئيس التيار ورئيس الجمهورية بدرجة اقل، من جهة موازية شكل تركيز شينكر على تسريع الترسيم وبذل الجهود لتذليل العقبات تعبيراً عن توجّه أميركيّ يراهن اللبنانيون على ترجمته في إزالة الضغوط المالية التي وصفها الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون، بالمقاربة الانتحارية عبر محاولة دفع لبنان للانهيار أملاً بان يلحق بعض الأذى بحزب الله، وقد أكد شينكر الدعم الأميركي لتشكيل حكومة تستطيع مواكبة عملية الترسيم والتقاط الفرص الواعدة التي تنتظر لبنان. ومن جهة ثالثة جاء الكلام الذي نقله المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم من واشنطن، حيث تمّ تكريمه من مستشار الأمن القومي الأميركي روبرت أوبراين، لينشر مناخات إيجابية بقوله إن النَفَس الأميركي إيجابي تجاه إخراج لبنان من دائرة الأزمة.


الازمة الحكومية مستمرة، بعدما لم يعُد النقاش حول قرار تأجيل الاستشارات دستورياً، حيث تجمع المصادر المعنية بالملف الحكومي على ضرورة ترتيب العلاقات بين رئيس الجمهورية والرئيس الحريري، وعلى الحاجة لكسر الجليد بين الحريري ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، فيما جاهرت أوساط التيار الوطني الحر بأنها تخوض معركتها تحت عنوان الدور المسيحي، بينما قالت المصادر أن مساعي الوساطة الخارجية والداخلية ستتظهّر خلال عطلة الأسبوع، لتنطلق الاتصالات يوم الاثنين.
بانتظار الاثنين يتابع وزير الصحة حمد حسن مداهماته لمستودعات الدواء والصيدليات بعدما صار واضحاً ان الاحتكار يضع يده على قرابة نصف مليار دولار من أصل تسعمئة مليون دولار أنفقها مصرف لبنان على دعم الدواء، لم يصل أكثر من نصف الأدوية المستوردة بموجبها الى المواطنين، بينما يلوّح مصرف لبنان برفع الدعم عن الدواء.


الحزب السوري القومي الاجتماعي أيّد بقاء الدعم محذراً من رفعه وتعريض فئات واسعة من اللبنانيين في أمنها الغذائي والصحي والاجتماعي، مؤيداً تحركات الاتحاد العمالي العام دفاعاً عن حقوق المواطنين والفئات الأكثر فقراً بينهم، بينما دعا الحزب على الصعيد السياسي لحكومة جامعة محذراً من الوصفات التقسيميّة.
دعا الحزب السوري القومي الاجتماعي للإسراع في تشكيل حكومة سياسية جامعة حسب الأصول الدستورية، تأخذ على عاتقها الشروع في معالجة الأزمات وإجراء الإصلاحات المطلوبة للخروج من النفق المظلم.


وخلال اجتماع عقده مجلس العمُد في الحزب برئاسة رئيس الحزب وائل الحسنية، رفض الحزب التلويح برفع الدعم عن الدواء والمحروقات والمواد والسلع الأساسيّة لأنّ خطوة بهذا الحجم، ستؤدّي الى انفجار اجتماعي لا تُحمَد عقباه.
واعتبر الحزب أنّ تحصين الاستقرار وحماية السلم الأهلي، يحتاج الى تحصين الأمن الاجتماعي والاقتصادي والبيئي وانّ اللبنانيين مطالبون بالدفاع عن حقهم في الحياة والعيش الكريم، بدافع الخروج من المعاناة، وليس وفقاً لأجندات سياسية لهذا الفريق أو ذاك، أو لهذه السفارة أو تلك.


وأعلن الحزب دعم الاتحاد العمالي العام، بكلّ ما يمثل من اتحادات وقطاعات، والوقوف الى جانبه في تنظيم وقيادة التحركات المطلبية الضاغطة حتى إنتاج حلول لكلّ الأزمات الاقتصادية الاجتماعية الراهنة، فهذه معركة كلّ اللبنانيين.
وحذّر الحزب من الخضوع لوصفات البنك وصندوق النقد الدوليين، ورأى أنّ مساعدة لبنان يجب أن تكون مشروطة برفض كلّ أشكال المسّ بسيادته وحرية قراره، وأن لا تفرض عليه أجندات خارجية توصل إلى خصخصة مرافق الدولة العامة المنتجة والمربحة، ولا تفرض عليه خيارات سياسية بالذهاب الى تقسيم مقنّع بعناوين اللامركزية التي جرى تشويه مضمونها الإنمائي والاجتماعي.


واعتبر أنّ المهمة الأساس، هي الدفاع عن مصالح الناس واستقرارهم الاجتماعي وتحقيق مطالبهم المحقة، وأنّ هذه المهمة تنجز، حين تتوفر ارادة عامة توصل الى دولة مدنية ديمقراطية عادلة وقوية.


مساعٍ فرنسية على خط الحريري - باسيل
مرَ اليوم الأول من مهلة الأسبوع لموعد الاستشارات النيابية الملزمة من دون تسجيل أي تقدّم في الملف الحكومي، ولم يرصد أي مسعى على صعيد تقريب وجهات النظر على خط بيت الوسط - ميرنا الشالوحي يتوّج باتصال بين الرئيس سعد الحريري برئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في ظل تمسك الطرفين بموقفهما.
إلا أن معلومات غير مؤكدة تحدّثت عن وسيط دخل على الخط لترتيب لقاء بين الحريري وباسيل من دون أن يوافق الاثنان على ذلك حتى الآن.
وأفادت معلومات أخرى إلى مساعٍ فرنسية لإجراء اتصال بين باسيل والحريري، فيما كشفت مصادر بيت الوسط أن الرئيس الحريري لن يتصل بباسيل ولا نية لديه بالاعتذار عن الترشح.


وقال المستشار الإعلامي للحريري حسين الوجه عبر "تويتر": "تعقيباً على ما ينقل عن أجواء بيت الوسط في بعض وسائل الاعلام نؤكد على أن الصمت هو سيد الموقف وخلاف ذلك تحليل وتكهنات. الصمت مليء بالأجوبة".


في حين فسّرت مصادر "البناء" تصرف الحريري مع التيار هو خشيته من الظهور بمظهر المتنازل لباسيل بعدما رفع سقوفه العالية التي رفعها طيلة العام الماضي ضد العهد ورئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر، فبات من الصعوبة بمكان أن يظهر الحريري أمام بيئته بأنه يتنازل أو أنه يعقد تفاهماً أو صفقة جديدة مع العهد لتعويمه الأمر الذي قد يستفز أطرافاً داخلية وخارجية منها السعودية وزملاؤه في نادي رؤساء الحكومات السابقين.


الحريري أراد إقصاء التيار
في المقابل لفتت مصادر باسيل إلى أن رئيس التيار لا ينتظر اتصالاً من الحريري وحتى لو حصل فهو لن يغيّر من موقفه ولن يسمّي الحريري ولن يشاركه في حكومته ولن يبادر للاتصال به.


وأوضحت مصادر في التيار الوطني الحر لـ"البناء" إلى أن "الحريري ذهب للاتفاق مع ثنائي أمل وحزب الله والنائب السابق وليد جنبلاط ولم يأخذ بعين الاعتبار وجود قوة مسيحية وطنية أساسية اسمها التيار الوطني الحر وتكتله النيابي كأكبر كتلة نيابية في مجلس النواب، فأراد عزل وإقصاء هذا المكون الأساسي ظناً منه أنه يصل الى رئاسة الحكومة من دون أي تفاهم مع التيار الوطني الحر يلزمه لاحقاً بالشراكة المسيحية في الحكم".


وشددت المصادر على أن الأمر لا يرتبط بمشاركة التيار بالحكومة من عدمه بل بالأسلوب الذي اتبعه الحريري مع رئيس التيار بالذات متجاهلاً قوته التمثيلية النيابية والشعبية، متسائلة هل سيكون أسلوب الحريري في مراحل لاحقة بعد التكليف والتأليف والتوجّهات في مجلس الوزراء كأسلوبه حالياً؟ وهل سيستأثر بالحكم مستقوياً بالخارج ومستغلاً الظروف الاقتصادية الصعبة والضغط الذي يمارس على رئيس الجمهورية وحاجة لبنان الى حكومة بأسرع وقت؟".


وعن توجّه التيار ورئيس الجمهورية في حال لم يتمّ التوصّل الى تفاهم بين الحريري وباسيل، أوضحت المصادر أننا سنتجه الى تكليف من دون تأليف.
وعن العلاقة بين التيار وحزب الله في ظل التباين في ملفي الحكومة ومفاوضات ترسيم الحدود، أكدت المصادر أن "مَن يراهن على الإشكال بين حزب الله والتيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية فهو واهم. ومن الطبيعي حصول اختلاف ببعض الملفات ووجهات النظر وهناك هامش حركة لكلا الحزبين، مؤكدة على العلاقة المتينة بينهما".


شينكر في بعبدا
في غضون ذلك، واصل مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد شينكر جولته على المسؤولين، فزار بعبدا والتقى رئيس الجمهورية. ولاحظت أوساط متابعة لجولة المسؤول الأميركي أنه لم يتحدث في ملف العقوبات بتاتاً مع المسؤولين على غير المرات السابقة، كما لاحظت ارتياحاً أميركياً إزاء لبنان عبر عنه شينكر من خلال مواقفه الهادئة. وتوقعت الأوساط أن تنعكس التوجهات الأميركية الجديدة تجاه لبنان ايجاباً على الملف الحكومي، موضحة أن المؤشرات الإقليمية الدولية مؤاتية لولادة الحكومة، لكن استجدت عقدة داخلية تمثلت باعتراض التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية على أداء الحريري، مرجحة أن تتكفل الاتصالات التي ستتكثف مطلع الأسبوع المقبل بتذليل هذه العقدة.
وأشار المتحدّث باسم السفارة الأميركيّة في بيروت كايسي بونفيلد، في بيان حول تصريحات في الإعلام نُسبت إلى شينكر، بأنّ "الأخير لَمح القول المحفور على السَيف المعلَّق في مكتب رئيس الجمهورية ميشال عون، الّذي كُتب عليه: "الشفافيّة هي السيف الّذي يقضي على الفساد". وفي تعليقه إيجابًا على القول، حثّ شينكر الرئيس عون على استعمال سَيف الشفافيّة (بشكل مجازي) وتغيير نهج الحكم".


في المقابل نفت مصادر رئاسة الجمهورية لقناة "الميادين"، ما تداولته وسائل إعلامية عن حديث شينكر مع رئيس الجمهورية عن تغيير نموذج الحكم. وأوضحت أنّ "شينكر تحدّث مع الرئيس عون عن تغيير الأوضاع الحاليّة بسبب الأزمة"، لافتةً إلى أنّ "شينكر لم يتطرّق خلال لقائه بالرئيس عون إلى قضيّة مشاركة حزب الله في الحكومة". كما أشاد شينكر بحسب المصادر بأداء الرئيس عون على صعيد مكافحة الفساد.
إبراهيم
وفي سياق ذلك، نقل المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، أجواء إيجابية من واشنطن تجاه لبنان.


وأكد في تصريح تلفزيوني من واشنطن أنه التقى المسؤولين الأمنيّين الأميركيّين ودار البحث في إطار التنسيق الأمني القائم بين لبنان والولايات المتحدة الأميركية.
وأكّد أنّ "النَفَس الأميركي إيجابي جدًّا، ويَبقى أن نقوم في لبنان بواجباتنا لتسير الأمور قدمًا، وهناك استعداد أميركي للمساعدة الأمنيّة". ولفت تعليقًا على تسلّمه جائزة أميركيّة تقديرًا لمساعيه للإفراج عن عدد من المخطوفين، إلى "أنّني كلبناني فخور جدًّا أن أستلم جائزةً لها بُعد إنساني كبير، وهذا يؤكّد دور لبنان الإنساني والحضاري على مستوى العالم". وشدّد على "أنّني لن أتوقّف عن العمل، وقادر على القيام بالكثير ما دمت أعمل".


جولة وزير الصحة
على صعيد آخر، استكمل وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن جولته على مستودعات الأدوية والصيدليّات في عدد من المناطق، فبعد جولته في البقاع، حطّ حسن، أمس، في بعبدا، وجال على بعض المستودعات فيها، ولفت الى أن "هناك دواء مقطوعاً من السوق بالمقابل يوجد 40 ألف حبة دواء موجودة في المستودع. كما أن هناك آلية غير واضحة بتوزيع الدواء". اضاف: "سنتأكد من آلية توزيع الادوية لكوننا اكتشفنا وجود خلل فيها وسنتبع آلية تبدأ من وكيل كل دواء مقطوع لكشف الاحتكار". وأكد حسن بأن هناك تهديداً للأمن الصحي بسبب حجز الدواء في ظل ازمة الطوارئ، وأوضح بأن "أي قرار سنأخذه لن يكون من ضمنه الإقفال بالشمع الاحمر، والدواء سيبقى يصل الى الناس لأنه مدعوم، والصيدليات التي أُقفلت بالشمع الأحمر لن تقفل بعد إيقاف أصحابها لان الأدوية ليست ملك صاحب الصيدلية، وستبقى مفتوحة وتسيّر أمور المواطنين".


وكشفت مصادر معنية لـ"البناء" أن أحد المستودعات يقوم بتهريب الدواء الى خارج الحدود. إلا أنّ مصادر وزارة الصحة أوضحت لـ"البناء" أنّ عمليات التهريب لا تقتصر على الحدود السورية - اللبنانية بل عبر مطار بيروت أيضاً وإلى دول عربية أخرى، وقد ضبطت عملية تهريب إلى مصر عبر المطار منذ فترة قريبة. وشدّدت المصادر على أنّ وزارة الصحة ستتابع هذا الملف حتى النهاية للوصول إلى ضرب مافيات الأدوية وكسر الاحتكارات عبر جولات مكثفة على الصيدليات ومستودعات الأدوية للكشف على كميات الأدوية. ودعت إلى ترقب النتائج الإيجابية لكشف المخالفات لجهة توفر الأدوية التي فُقِدت في الأسواق.


وأكدت المصادر أنّ جولات وزير الصحة ستشمل مناطق لبنانية مختلفة لن يعلن عنها، متوعدة بمزيدٍ من كشف المخالفات في قطاع الأدوية، ومشددة على أنّ الوزارة ستتابع ملف الأدوية وملفات صحية أخرى ذات أهمية للمواطنين لضبط عمليات الغش والاحتكارات والتهريب والتلاعب بصحة المواطن ولا غطاء على أي كان.


وأوضح رئيس لجنة الصحة النيابية السابق الدكتور د.إسماعيل سكرية بأنّ خطوة وزير الصحة مهمّة على الطريق الصحيح لمحاربة الفساد في هذا القطاع المسؤولة عنه "منظومة التجار" المدعومة سياسياً، لكن الأهم بحسب سكرية هو متابعة الملف كي تصل الرسالة إلى كل مَن يتعامل بالملف الصحيّ بأنّ الأمور جدية. ولفت سكرية إلى ضرورة اتباع المراحل في التدقيق بكمية الأدوية وتاريخ دخولها والكمية الموضوعة في السوق والمباعة الى المستفيدين بدءاً من استيرادها والتحقق من المصرف المركزيّ والإدارة الجمركيّة من الفواتير والكشوفات إلى المستودعات الرئيسيّة ثم إلى الصيدليات. وتحدّث سكرية عن تغطيات ومحميّات سياسية لتجار وشركات الأدويّة، كاشفاً عن عشرات قوانين وبنود إصلاحية تطال قطاع الدواء سقطت في المجلس النيابي بسبب حظوة "الكارتيل" السياسي النيابي الطبي المتحكم بقطاع الصحة.


وفي ما دعا نقيب المستشفيات الخاصة سليمان هارون الدولة إلى وضع يدها على المستشفيات بموجب قانون الطوارئ وتسيير الأمور، أيّد رئيس لجنة الصحة النيابية د.عاصم عراجي هذه الدعوة، داعياً عبر "البناء" إلى خطة طوارئ صحيّة تشمل المستشفيات والمستودعات والصيدليات وكل ما يتعلق بالقطاع الصحي، "وإلا فنحن ذاهبون إلى كارثة وطنية". ووصف عراجي جولة وزير الصحة بالجيدة، وقد سبق ودعا إليها مراراً في اجتماعات لجنة الصحة.


وكشف عراجي أنّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أبلغ لجنة الصحة بأنّه أعطى مستوردي الأدوية والمستلزمات الطبية 900 مليون دولار وفي مقارنة مع العام الماضي، تبيّن أن المبلغ نفسه؛ ما يؤكد حصول عمليات احتكار وتخزين وتهريب إلى خارج لبنان. أما السبب بحسب عراجي فهو أنّ سعر الدواء في لبنان مدعوم، وبالتالي أقل ثمناً من دول أخرى فيجري تهريبه للاستفادة من فارق السعر. وكشف أنّ عدداً من المستوردين يخزنون كميات من الأدوية بالتعاون مع بعض أصحاب المستودعات وقلّة من الصيدليات، ودعا إلى اتخاذ إجراءات قانونية قاسية بحق المخالفين.

**********************************************************

افتتاحية صحيفة الأخبار:

 

ليلة الخميس 17 تشرين الأول 2019

 

ليلة الخميس 17 تشرين الأول 2019، بدأ سقوط النظام المصرفي في لبنان. في الأشهر التي سبقت، كانت هناك الكثير من المؤشرات التي أنذرت بهذا السقوط من دون تحديد توقيته. تلك الليلة لم تكن سوى "القشّة التي قصمت ظهر البعير". المصارف لم تسقط وحدها، بل كان سقوطها امتداداً لسقوط النظام
حتى لا يُساء فهم السياق، من المهم الإشارة إلى أن الانهيار الثلاثي، المالي - النقدي - المصرفي، بدأ قبل سنوات، ولم يكن تاريخ 17 تشرين الأول 2019 سوى محطّة تربط بين الانهيار وتسارع تداعياته. قبل ساعات من هذا التاريخ كانت "الثقة" بين المصارف وزبائنها وبين الشعب والنظام، قد اضمحّلت، إلا أنها كانت موجودة وقائمة. بمعنى آخر، كان يمكن في تلك اللحظة، التوصّل إلى مسار إنقاذي أقل إيلاماً من الانحرافات التي رسمت المسار الحالي. ما حصل هو أن "الثقة" هُدمت على أيدي المصرفيين أنفسهم. ففي تلك الليلة، وبذريعة الاعتداء على واجهة أحد المصارف في وسط بيروت وقطع الطرقات، قرّرت جمعية المصارف الإغلاق الشامل. قرار لم تتخذه المصارف طوال سنوات الحرب الأهلية بكل جنونها.


هكذا هُدمت "الثقة" التي كانت تتقوّض تدريجاً منذ النصف الثاني من عام 2016 عندما أطلق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة العنان لسلسلة ما يُسمّى "هندسات مالية" منحت المصارف أرباحاً طائلة، وأتاحت لكثير من المضاربين الاستثمار في إقراض الدولارات لمصرف لبنان لمدّة سنة ثم تحويل رساميلهم وفوائدها عند الاستحقاق، واشترت لسلامة المزيد من الوقت بكلفة باهظة سُدّدت من جيوب المودعين. لم تتوقف وتيرة الهندسات في الأشهر التالية، ولم يتوقف معها ارتفاع سعر الفائدة. القلّة التي انتبهت إلى ما يعنيه ارتفاع سعر الفائدة (بلغ سعر الفائدة على ودائع أغريت بالمشاركة في الهندسات نحو 22% على الدولار، وقبلها)، شكّلت أول شريحة نزعت الثقة عن المصارف وعن مصرف لبنان. فعند استحقاق توظيفاتها في هندسات 2016، أي في حزيران 2017، سحبت هذه الشريحة رساميلها من لبنان. ثم بدأت "الثقة" تسقط عند شريحة أخرى عندما أصدر مصرف لبنان في مطلع عام 2019، تعميماً يمنع فيه تسديد التحويلات الآلية عبر المؤسسات غير المصرفية بالدولار ويفرض تسديدها بالليرة. لاحقاً سقطت شريحة إضافية أيضاً عندما أصدر تعميماً في منتصف تموز يقيّد فيه التسهيلات المصرفيّة للزبائن. ثم صدر التعميم الأكثر شهرة (530) في نهاية أيلول 2019، والذي يحدّد السلع التي سيتم دعم استيرادها بدولارات مصرف لبنان. يمثّل هذا التعميم الذي ميّز بين أسعار السلع المدعومة وتلك المموّلة بدولارات السوق الموازية، أول اعتراف رسمي بوجود السوق الموازية لسعر الصرف، لا بل يعترف بشرعية ما لها وبنطاق عمل يشمل السلع غير المدعومة.


في ذلك الوقت، كان سعر صرف الدولار في السوق الموازية بدأ يتخطّى حدوده القصوى التي اعتاد عليها طوال العقود الثلاثة الماضية وتدرّج صعوداً بثبات غير معهود من 1507.5 ليرات وسطياً، في مطلع 2019، إلى 1570 ليرة في أيلول 2019، ثم إلى 1690 ليرة في 18 تشرين الأول 2019.


وعندما اندلعت التحرّكات الشعبية في 17 تشرين الأول، كان الأمر جلياً. فالتحرّكات جاءت نتيجة لانهيار بدأ سابقاً، لا سبباً لانهيار أتى. وتحوّلت، كأي فعل جماعي واسع، إلى محرك إضافي يسرّع المحتوم. عشية ذاك اليوم، قرّرت جمعية المصارف إغلاق المصارف بحجّة الوضع الأمني وقطع الطرقات. "إنه قرار غبي" اتّخذته قيادة جمعية المصارف من الولايات المتحدة، يقول أحد المصرفيين. فقد أغلقت المصارف أبوابها لمدة 12 يوم عمل بناءً على هذا القرار من دون أن ترسم مساراً واضحاً لخطوة الإغلاق وخطّة فتح الأبواب الأكثر أهمية من قرار الإغلاق بحدّ ذاته.


عملياً، لم يُحسم حتى الآن، الجدل بشأن طبيعة وأهداف هذا القرار. هل كان قراراً غبياً وغير مدروس أم كان ضرورياً رغم أن المصارف لم تغلق في عزّ أيام الحرب بشكل كامل، بل كانت تغلق فروعاً في مناطق محدّدة، وتبقي الأخرى مفتوحة؟ هل كان قراراً ينطوي على تواطؤ سياسي مع رئيس الحكومة آنذاك سعد الحريري الذي كان يرفع لواء الضرائب على الشعب كأدوات "إصلاحية"؟ هل كان أبعد من ذلك؟
الأكيد أن بعض المصرفيين لا ينظرون إلى هذا القرار إلا بوصفه الخطوة التي قضت على ما تبقّى من "ثقة". فالإغلاق ثبّت ما كان يتردّد عن شحّ السيولة لدى المصارف، وأجّج الطلب على الدولار النقدي، أي على السحوبات النقدية بالدولار من صناديق المصارف، لا بل كشف حقيقة أنها "مُفلسة تقنياً". وتعزّز هذا الأمر، بعدما تسرّب عن قيام المصارف بتحويل الأموال أثناء فترة الإغلاق. سريعاً تحوّل فقدان الثقة إلى "كره" متواصل لغاية اليوم.


أما فتح الأبواب، فكان مسألة مرتبطة بمدى قبول جمعية المصارف وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة بوجود قانون لتقييد حركة السحوبات والتحويلات (كابيتال كونترول). يقول المطلعون، إن قانوناً مكتوباً من ثلاثة أسطر كان معروضاً أول أيام الإقفال، لكن المصارف رفضته رفضاً قاطعاً، ثم تكوّم رعاتها التنظيميون والسياسيون على رفضه بعدما أبلغهم سلامة أن قانوناً كهذا سيغيّر وجه لبنان وأنه لا يوافق عليه.
الشكوك بصوابية قرار الإغلاق وبمفاعيله قائمة إلى اليوم. هو سجال سياسي بالدرجة الأولى كونه اتُّخذ على وقع التحرّكات الشعبية. أحد المصرفيين يفسّر القرار بأنه "كان قراراً استغلالياً يسعى إلى الحدّ من سحب الدولارات. بعض كبار المصرفيين اعتبروا أنها فرصة ذهبية للحدّ من سلوك المودعين وتهافتهم على سحب الدولار، لأنهم كانوا في وضع حرج للغاية. كانت كلفة السيولة النقدية بالدولار تبلغ 20%. تقدير غبي. فالسلوك الطبيعي للمودعين في أوقات الأزمات هو التهافت وما كان ينقص محرّك إضافي للأزمة". في الواقع، ثمة من يعتقد أن هيمنة المصارف الأكبر على قرار جمعية المصارف كانت عاملاً إضافياً في اتخاذ قرار الإقفال. فهذه المصارف التي كانت تنسج علاقات ودّ وشراكة مع الكثير من السياسيين وتقدّم لهم الكثير من الخدمات، قد تكون اتخذت القرار بناءً على رؤية سياسية تنسجم مع حالة الإنكار السياسية التي كانت سائدة أول أيام التحرّكات الشعبية.


على أي حال، هناك رأي ثان بأن قرار الإقفال له بعده السياسي. يعتقد أصحاب هذا الرأي أن المصارف اعتقدت، كما اعتادت سابقاً، أن تكون لاعباً سياسياً طموحاً. لكنها هذه المرّة آثرت تركيز الاتهام على شركائها من الشخصيات السياسية. بمعنى آخر، قرّرت أن تشارك في لعبة الانهيار عبر تحميل مسؤوليته لفئة "السياسيين" وقدّمت ذريعة واضحة تشير إلى أنهم كانوا فاسدين وسطوا على مقدرات الناس وأجبروها على وضع ودائع الناس لدى مصرف لبنان. اعتقد أصحاب المصارف، أن المشاركة في لعبة الانهيار من هذا الباب، تمنحهم حصانة بدعم دولي ظنّوا أنهم قد يحظون بها.
في تلك اللحظة أغفلت المصارف أنها شريكة رئيسية في منظومة الفساد. بل إنها القناة الأساسية له. حتى إن هذه الفكرة بحدّ ذاتها لم ترق للحاكم الذي أبلغ الكثيرين أن المصارف حصلت على الكثير من الأرباح وحان دورها لتردّ الجميل.


بمعزل عن أي خلفية انطلق المصرفيون لاتخاذ قرار الإقفال، لكن في الواقع، كانت هذه الخطوة هي التي هدمت الثقة التي يمنحها المودع للمصرف ائتماناً على أمواله. ببساطة لم تعد المصارف مؤتمنة على الأموال ولم يعد يؤمل منها أن تعيدها. ما لم يكن واضحاً في ذلك الحين، هو مدى الخسائر التي منيت بها المصارف، والتي تبيّن لاحقاً أنها هائلة وشطبها سيكبّدها كل الرساميل والاقتطاع من ودائع الناس أيضاً (هيركات). فقد المودع الأمل باسترجاع أمواله. عملياً، فقدان الثقة والأمل بالمصارف كان امتداداً لفقدان مماثل من الناس تجاه النظام بكل أركانه، المصارف أحد أركانه الأساسية.

 

 

***********************************************************

 

افتتاحية صحيفة النهار

 

في سنة الانتفاضة الاستهانة “الحاكمة” الى الذروة !

 

اذا كان ” العام المروع ” كما وصفه المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش أدى بانهياراته وويلاته الى احياء الذكرى السنوية الأولى لانتفاضة 17 تشرين الأول 2019 اليوم بمرارة عدم تحقيق أهدافها الأساسية في التغيير الجذري من جهة ، ولكن مع اشتداد الحاجة الى بقاء شعلتها بل تصعيد تحركاتها وأفكارها وثقافة الانتفاضة من جهة أخرى، فان المشهد السياسي وحده يفترض ان يحفز الانتفاضة على تجديد الثورة بأساليب مختلفة وحاسمة هذه المرة.

في ذكرى سنة الانتفاضة التي تعتبر اكبر تعبير احتجاجي اجتماعي وإصلاحي وثورة على الفساد عابرة كل المناطق والطوائف والفئات، وجد اللبنانيون انفسهم امام أسوأ فصول الاستهانة السياسية اطلاقا بجبل الازمات والانهيارات والمشكلات  المتدافعة والمتزاحمة في اخطر مصير يواجهه لبنان في تاريخه وفي سنة مئوية قيام لبنان الكبير. مع مرور سنة على الانتفاضة التي بدأ احياء ذكراها منذ مساء امس وستتوالى اليوم فصول هذا الإحياء في وسط بيروت والعديد من المناطق، صدم اللبنانيون بمستوى الاحتقار لمعاناتهم ومآسيهم لدى جهات سياسية ورسمية معنية في المقام الأول باحترام الأصول الدستورية وعدم تسخيرها للشخصنة والعوامل السياسية والحزبية الضيقة والمضي في الاستهانة بإفقاد لبنان أي فرصة متاحة للإنقاذ أيا تكن الاعتبارات السياسية التي تطرح كذرائع فارغة من أي مضمون جدي وحقيقي لاستعجال فرصة تشكيل حكومة انقاذية. بدأ الامر مع ارجاء مفاجئ للاستشارات النيابية الملزمة يوم الخميس الماضي من دون أي مسوغ مقنع او موضوعي بدليل ان أي طرف او تكتل نيابي لم يتطوع لتبني الذريعة التي أعطيت للارجاء خصوصا وسط ضياع التبريرات التي طرحتها الجهات المعنية ساعة بذريعة طلب كتل نيابية هذا الإرجاء وساعة بعنوان الميثاقية . وتصاعدت معالم هذه الازدواجية الفاقعة امس بعدما بدا واضحا ان المضي في هذه المغامرة الخطيرة الناشئة عن تضييع فرصة تشكيل الحكومة لتصفية حسابات شخصية بات ينذر بوضع رئاسة الجمهورية في موقع شديد الحرج والخطورة لانها ستتحمل تبعات مخيفة ان جرت الاستهانة مرة ثانية الخميس المقبل بإرجاء جديد للاستشارات او التسبب بتمديد الفراغ الحكومي وترك البلاد تحت وطأة سلطة شبه مشلولة تجسدها حكومة تصريف الاعمال الحالية، كما بدأت تلوح بذلك بعض الدوائر المحيطة بالرئيس ميشال عون. واذا كان الرئيس سعد الحريري التزم والزم أوساطه قراره بالصمت المعبر المطبق اقله في انتظار الخميس المقبل وما يمكن ان يقدم عليه معطلو استحقاق التكليف، فان ذلك لم يحجب التداعيات البالغة الخطورة التي بدأت ترتسم حيال هذه النزعة الجارفة لجعل الاستشارات ألعوبة بل رهينة محاولة ارغام الحريري على التراجع والتزام التنازلات امام رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل. ولكن بدا مساء امس ان دوامة التناقضات في التسريبات المتعلقة بموقف القصر وموقف باسيل بلغت ذروتها بعدما تبين ان الحريري ليس في وارد القيام باي خطوة. اذ بإزاء تلويح القصر نهارا ان ارجاء الاستشارات مرة ثانية ليس مستبعدا اذا لم يحصل اتصال بين بيت الوسط وباسيل، فان الأوساط القريبة من باسيل جزمت بانه ليس في وارد أي اتصال بالحريري ولن يبدل موقفه الرافض لتكليفه مهما حصل. كما تحدثت التسريبات عن اقحام فرنسا في هذه الزاوية فتحدثت

عن محاولة فرنسية لتأمين تواصل بين الحريري وباسيل ثم اشارت معلومات الى ان وسيطا محليا حاول السعي الى تواصل بين الاثنين ولكنه لم يوفق.

 

 بين عون وشينكر 

في أي حال لم تكن دلالات المأزق الذي تسبب به قرار ارجاء الاستشارات بعيدا من المواقف والمعطيات التي واكبت جولة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر على عدد من المسؤولين والقادة السياسيين مستثنيا منها مرة أخرى النائب جبران باسيل. ولكن زيارة شينكر لقصر بعبدا امس واجتماعه مع رئيس الجمهورية لم تمر من دون إشكالات اذ انه بعد الزيارة عممت معلومات رسمية من بعبدا نسبت الى شينكر انه “نوه بالدور الإيجابي الذي يلعبه الرئيس عون في قيادة مسيرة مكافحة الفساد وتغيير النهج الذي كان سائدا في السابق”. ولكن المتحدث باسم السفارة الأميركية في بيروت كايسي بونيفيلد سارع الى التوضيح لـ “النهار” انه ” خلال الزيارة أشار السيد شينكر الى السيف المعلق في مكتب الرئيس عون والذي كتب عليه ” الشفافية هي السيف الذي يقضي على الفساد” . وفي تعليقه على العبارة حض شينكر الرئيس عون على استعمال (مجازيا ) سيف الشفافية لتغيير نهج الحكم”. وخلال اللقاء الذي تركز على مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل اعرب شينكر عن امله في تشكيل حكومة منتجة تعنى بتحقيق الإصلاحات الاقتصادية الضرورية. وجال شينكر امس على كل من الرئيس سعد الحريري والرئيس نجيب ميقاتي ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع ورئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية كما التقى مجموعة من الشخصيات السياسية الى عشاء خاص.

 

**************************************

افتتاحية صحيفة تداء الوطن

شينكر يُحرج عون بـ”سيف الشفافية”!

بين “تبريد” الحريري و”تصعيد” باسيل… بعبدا إلى “مزيد من التمديد”؟

 

“كل الاحتمالات واردة والخيارات كلها مفتوحة”، عبارة تختصر ضبابية المشهد الحكومي وسيناريواته المتأرجحة بين أكثر من اتجاه، عكستها مصادر مواكبة لـ”نداء الوطن” رافضةً استبعاد أي احتمال أو خيار في ترقّب ما ستحمله الأيام الفاصلة عن خميس الاستشارات المقبل، بما في ذلك إمكانية أن يعمد رئيس الجمهورية ميشال عون إلى “تمديد الموعد الممدّد” أسبوعاً إضافياً في حال لم يُشبع رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل رغباته الشخصية والوزارية، ليكون حينها الرئيس سعد الحريري بين خيارين، إما أن يبقى “رئيساً مكلفاً مع وقف التنفيذ” بانتظار إجراء الاستشارات النيابية الملزمة لتكليفه دستورياً، أو أن ينفض يده من عملية التكليف والتأليف برمتها ويترك للعهد العوني وحده تحمّل مسؤولية إجهاض المبادرة الفرنسية وقيادة دفّة البلاد نحو “جهنّم” الموعودة.

 

وبالانتظار، يتواصل الكباش المكتوم بين “تبريد” بيت الوسط و”تصعيد” ميرنا الشالوحي، حيث آثر الحريري الاعتصام بحبل “الصمت المليء بالأجوبة” مقابل نَفَس تصعيدي متصاعد وأجواء غليان بدت طاغية على أداء باسيل وتسريباته الإعلامية خلال الساعات الأخيرة، إلى درجة بلغ معها مستوى محاولة تجييش الفرنسيين وتحريضهم على الحريري باعتبار تكليفه هو بمثابة “خروج عن المبادرة الفرنسية”.

 

أما فرنسا التي نددت أمس الأول على لسان مصادر الإليزيه لـ”نداء الوطن” بقرار إرجاء الاستشارات النيابية ورأت فيه “مزيداً من التعطيل والعرقلة”، فجددت أمس الإعراب عن هذا التنديد من خلال وزارة خارجيتها، محملةً القوى السياسية اللبنانية مسؤولية “التعطيل الممدد الذي يمنع الاستجابة لتطلعات الشعب اللبناني”. وأوضحت الناطقة باسم الخارجية الفرنسية أنه “في وقت تشهد الأزمة الاقتصادية والاجتماعية تفاقماً جراء نتائج انفجار 4 آب التي أثّرت بقساوة على اللبنانيين، فإنّ تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ الاصلاحات الضرورية يستمر في التأخّر رغم الالتزامات التي قدمتها القوى السياسية اللبنانية بمجملها”، مؤكدةً استمرار فرنسا في إبداء استعدادها “لمواكبة لبنان على طريق الاصلاحات التي وحدها تتيح تعبئة الأسرة الدولية” لمساعدة اللبنانيين، ومشددةً على أنه يعود للمسوؤلين اللبنانيين أنفسهم المفاضلة بين اختيار “النهوض أو الشلل والفوضى”.

 

في الغضون، تكافح دوائر قصر بعبدا على مدار الساعة لتلميع صورة عون في أعين العواصم الدولية ومحاولة التعمية على دوره في تعطيل الاستحقاقات الدستورية والإصلاحات البنيوية، المطلوبة من المجتمع الدولي. فهي إذ سارعت إلى تجنيبه رداً مباشراً من الإليزيه على تسريب شائعة اتصاله بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي هدفت إلى الإيحاء بأن قرار تأجيل الاستشارات أتى بالتنسيق مع فرنسا، لتستدرك مصادر بعبدا وتبادر بنفسها إلى نفي حصول هذا الاتصال، لم تفلح هذه “الخزعبلات” الإعلامية مع مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شنكر المعروف بأسلوبه “الفج” في مقاربة الملفات، بحيث لم يتردد في إحراج عون من خلال الرد على محاولة تحريف كلامه عن “سيف الشفافية” المعلّق في مكتب رئيس الجمهورية في البيان الصادر عن المكتب الإعلامي لقصر بعبدا.

 

فبعدما نسب بيان القصر الجمهوري كلاماً للمبعوث الأميركي يوحي وكأنه ينوّه “بالدور الايجابي الذي يلعبه الرئيس عون في قيادة مسيرة مكافحة الفساد وتغيير النهج الذي كان سائداً في السابق”، تداركت السفارة الأميركية في بيروت هذا التحوير في الحقائق وصوبّت الموضوع منعاً لتأويل شينكر ما لم يقله عبر تحميل كلامه إشادة مدعاة بأداء عون كما جاء في بيان بعبدا، فأوضحت السفارة في بيان صادر عن المتحدث باسمها كايسي بونفيلد أنّ مساعد وزير الخارجية الأميركية إنما “حثّ الرئيس عون على استعمال سيف الشفافية (بشكل مجازي) وتغيير نهج الحكم” في معرض تلميحه إلى “القول المحفور على السيف المعلّق في مكتب رئيس الجمهورية والذي كُتب عليه: الشفافية هي السيف الذي يقضي على الفساد”.

 

 

 

**************************************

افتتاحية صحيفة الجمهورية الغرب مصدوم: ستخسرون بلدكم … وتأجــيل ثان يهدّد الاستشارات

 

في مثل هذا اليوم قبل سنة من الآن، انطلقت «انتفاضة 17 تشرين»، عبرت كلّ الطوائف والمناطق، وصدحت بصوت واحد: لا لسلطة الوقاحة والقهر ومُفلسي الدولة والقابضين على البلد وخادعي الشعب اللبناني بشعارات وعناوين زائفة.

 

في مثل هذا اليوم، ظَهّر اللبنانيون الوجه الحقيقي لسلطة عدوّة لشعبها، وأسقطوا آخر ورقة توت كانت تستر فيها عوراتها وموبقاتها وفضائحها. واليوم، نتذكّر صور الغاضبين والجائعين والمقهورين الذين نزلوا الى الشارع وراهنوا على تغيير وإنزال الطبقة الحاكمة عن عروشها المستولية عليها رغماً عن ارادة كل اللبنانيين، وما تزال ماضية في سلوكها بكلّ صلافة ووقاحة، وفي سعيها الى الإطباق على البقية الباقية من هذا البلد. نتذكّر لقمة الناس، التي أكلها أصحاب الجيوب المنتفخة بثرواتٍ جَنوها بالصفقات والسمسرات، ومحميّات الفساد التي ما زالت معشّشة في كل مفاصل الدولة. نتذكر الليرة التي ذابت أمام الدولار ولصوص السوق السوداء. نتذكر مافيا التجار المحمية من هذه السلطة، التي أهلكت المواطن برفع الاسعار الى حدود فلكية. نتذكر سياسة الافقار التي أعدمت الطبقة الوسطى بالكامل، وجعلت ثلاثة أرباع اللبنانيين تحت خط الفقر. نتذكر ودائع اللبنانيين وجنى العمر المسروقة، وتحوّل اصحابها الى متسوّلين امام المصارف، وضحايا التعاميم والاجراءات العشوائية التي تمنع عنهم حقوقهم وتحبسها في مغاور المجهول! لا يختلف اثنان من اللبنانيين على أنّ السلطة التي تحكمهم مُفلسة من كلّ شيء، الّا من نهج البلع والسَطو على خيرات البلد، ونهب مال الخزينة وتهريبها إلى خزائن المال في الخارج. سلطة وقحة، لا يرفّ لها جفن امام وجع الناس، وبإفلاسها من المسؤولية، وبنهجها هذا، أطاحت عنصر الأمان للبنان، والذي صار حلماً صعب المنال، بالنسبة الى كل لبناني: – الأمان السياسي، مهتزّ بإرباكات وافتعالات وبمصالح الاقارب والازلام، جعلت هذا البلد مَضْرب مَثل أمام كل العالم بأنّه دولة تتربّع على قمة التخلّف، مُعتلّة بطاقم نادر من المتسلطين والمتحكمين، لا يحسن سوى اغتيالها ودكّ أسّسها ونسف دعائمها. وها هو هذا الطاقم اليوم منغمس حتى نخاعه في المنحى الشعبوي المقيت، وصراع نفوذ المصالح والمكاسب كرمى لعين القريب والتابع، من دون أي اكتراث بشعبٍ فقدَ حتى قدرة الصراخ من الوجع والفقر. – الأمان الاقتصادي والمالي، فُقِد بالكامل ولم يعد له وجود، ويبدو أنّه انتهى الى غير رجعة. – الأمان الصحي، انهار الى القعر، وصار رهينة بيد لصوص الدواء ومافيات التخزين. – الامان الاجتماعي والمعيشي والغذائي، أطاحته عصابات الاحتكار والتهريب.

 

المشهد بالارقام باختصار، المشهد شبيه بالجحيم، ومع مقارنة الوضع بين 17 تشرين الاول 2019 و17 تشرين الاول 2020، يمكن القول انّ البلد انتقل من إفلاس غير مُعلن، الى افلاس مُعلن وثابت ومعه الذل للمواطنين: – زادت نسبة الفقراء من 28 % الى 55 %. ومع المؤشرات المتوفرة، سيواصل عدد الفقراء في النمو باضطراد في الاشهر القليلة المقبلة. – إنخفض حجم الاحتياطي في مصرف لبنان من 30 مليار دولار الى حوالى 18 مليار دولار. – إنكمش حجم الناتج المحلي من 55 مليار دولار الى حوالى 31 مليار دولار. – ارتفع سعر صرف الدولار الى 8 آلاف ليرة حاليّاً والحبل على الجرّار. – توقفت المصارف عن دفع أي دولار، وتحولت الودائع إلى «لولار». – وصل معدل التضخّم الى حوالى 100 %، وهو مرشح للارتفاع بسرعة أكبر اذا رفع الدعم. – ارتفع عدد العاطلين عن العمل حوالى 150 الف موظف سابق. وأغلقت 20 % من المؤسسات ابوابها، ومع قرار تقييد السحوبات بالليرة سيرتفع عدد المؤسسات التي ستنهار، وسيزيد عدد العاطلين عن العمل. – وصل الضمان الاجتماعي الى مرحلة خطيرة، واقترب من موعد العجز عن القيام بواجبه بسبب تقاعس الدولة عن دفع مستحقاتها.

 

سلطة ميتة مع هذه السلطة الميتة – الفاقدة أبسط شعور وحسّ بالمسؤولية، ولم تسجّل لها ولو خطوة صحيحة ومسؤولة في اي مجال ومكان- لن يكون مفيداً على الاطلاق التوجّه اليها ومطالبتها بما لم تقم به أصلاً، فلقد بلغ لبنان خط النهاية وصار على وشك أن يسقط في المصير الأسود. ولو أنّ هذه السلطة، كل السلطة، تملك ذرّة من كرامة، ولو كان المتربّع على عرش المسؤولية فيها مسؤولاً بالفعل، لكانت شعرت بوجع الناس، وقامت بما هو واجب عليها لوقف المسار الانهياري الذي تسببت به، وأوقفت تدحرج صخرة الأزمة على رؤوس اللبنانيين. وليس أن تبقى كما هي اليوم؛ فلبنان يقترب من نهايته الكارثية، فيما هذه السلطة، بالرؤوس الحامية التي تديرها، عاكفة على صَبّ الزيت على نار الازمة، وتؤسّس لما هو أفظع، بنصب المتاريس السياسية والطائفية والمذهبية مقابل بعضها البعض، ومانعة لإعادة بناء السلطة التنفيذية الممنوحة لها فرصة دولية لإنقاذ ما تبقى من البلد. وأم الفضائح في هذا المجال، تأجيل الاستشارات النيابية الملزمة لاختيار رئيس الحكومة الجديد. مع فقدان الأمل والرجاء بهذه السلطة، ما على اللبنانيّين سوى تسليم أمرهم إلى خالقهم. وانتظار لحظة الفرج التي لا بد أنّها ستأتي في يوم من الايام.

 

الخطر الكوروني صحيّاً، وهو الجانب الآخر، والأخطر من الازمة التي تعصف ببلدنا، فقد صار التحدي كبيراً جداً امام اللبنانيين، والواجب والمسؤولية يقتضيان التوجّه الى المواطن اللبناني الآن وفي كلّ لحظة، وتكرار التنبيه الى أنّ إجراءات السلطة التي سَمّتها وقائيّة، وأقامت الاحتفاليات لها، لم تكن سوى خطوات – غبيّة وعشوائية لا بل خادعة – فشلت فشلاً ذريعاً في احتواء الهجوم القاتل الذي يتعرّض له البلد من فيروس كورونا، منذ شباط الماضي. صار على المواطن اللبناني أن يَعي بأنّ المزاح مع هذا الفيروس، او العناد امامه، او التعالي عليه كما هو حاصل في كثير من المناطق اللبنانية، هو اخطر من الفيروس نفسه. صار عل المواطن أن يدرك أنّ المستشفيات طافت بالمصابين ولم تعد هناك أسرّة فيها للحالات الخطيرة، وهي لا تحصى، وأعداد الاصابات اليومية قفزت فوق مستوى الخطر، وبالأمس تجاوزنا الـ1500 إصابة، وكل المؤسسات الصحية الدولية دقت اجراس الخطر الشديد، بأنّ لبنان اصبح في رأس قائمة الدول المنكوبة بهذا الوباء، والاكثر عجزاً من بين دول العالم على فِعل شيء أمامه بعدما أفلت من يدها. كل المؤشرات تحذّر من أنّ لبنان مقبل على «كارثة كورونية»، ومسؤولية المواطن صارت مضاعفة أن يحمي نفسه بنفسه، ويؤمّن سبل حمايته وتحصين مجتمعه. وأقل المسؤولية هنا هو اعلان الانتفاضة على الذات، ووقف جريمة «الانتحار الجماعي» وسلاحها القاتل هو «الاستهتار العمد» وعدم الالتزام بالحد الادنى من الإجراءات الوقائية الذاتية، الذي جعل مصير كل اللبنانيين على كفّ «كورونا»، هذا العفريت القاتل، الذي يهمّ بالدخول الى كلّ بيت. ألم يحن الأوان لكي ندرك ما نحن فيه، وما يتهدّدنا ويتهدّد أهلنا ومجتمعاتنا، ونحتكم الى العقل قبل أن يفتك بنا الفيروس الخبيث؟!

 

إنعدام توازن سياسياً، لا يختلف اثنان من اللبنانيين على أنّ المشهد الداخلي يعاني اعلى درجات انعدام التوازن، وأنّ الأمر الوحيد المشترك بين الأطراف السياسيّة هو أنّها جميعها ومن دون استثناء أيّ طرف منها، مأزومة حتى العظم، وتأسر البلد في أزماتها بسياسة العناد وتصفية الحسابات التي صارت عنوان المشهد السياسي.

 

تقويم سلبي هذه الصورة المُربكة، يُضاف اليها تأجيل الاستشارات النيابيّة الملزمة، وبحسب معلومات موثوقة لـ»الجمهورية»، كانت محل تقويم شديد السلبيّة من قبل مستويات ديبلوماسية أوروبيّة. ونقلَ ديبلوماسيون من العاصمة الفرنسية «أنّ باريس غاضبة، والايليزيه مصدوم من عرقلة تكليف رئيس الحكومة»، والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، وفق مقرّبين من الرئاسة الفرنسية، «عَبّر عن استياء بالغ من المماطلة السائدة في لبنان، وعدم إثبات بعض المسؤولين اللبنانيين جِدّيتهم في سلوك خريطة طريق الانقاذ للبنان». وعكسَ الديبلوماسيون أجواء مماثلة في وزارة الخارجية الفرنسية، تفيد بأنّ اللبنانيين لم يدركوا بعد مخاطر تأخّرهم في وضع المبادرة الفرنسية موضع التنفيذ السريع، وهذا يوجِب مرة جديدة أن نحذّرهم من أنّ تأخير تشكيل الحكومة سيزيد من المصاعب عليهم، وعلى وضع بلدهم الذي سبق وأكّدنا لهم انه وضعٌ يقترب من أن يصبح ميؤوساً منه، ومأساوياً اكثر مما هو عليه».

 

أنتم ستخسرون بلدكم! وفي هذا السياق علمت «الجمهورية» أنّ احد كبار السفراء الغربيّين، الذي يُمثّل دولة غربية كبرى على علاقة صداقة وثيقة جداً بالولايات المتحدة الاميركية، نقل إلى مستويات لبنانيّة سياسيّة ورسميّة في الساعات القليلة الماضية ما حَرفيّته: «لقد فوجئنا بقرار تأجيل الإستشارات لاختيار رئيس حكومتكم، ولم نفهم السبب الدافع الى هذه الخطوة التي لا نرى أنّها تخدم المبادرة الفرنسيّة. إنّ موقف بلادي يتلخّص بأنكم ارتكبتم خطأ جسيماً بهذه الرسالة السلبيّة التي وَجّهتموها الى المجتمع الدولي، هذا إجراء غير مشجّع ولا يبعث على الإطمئنان». وأضاف الديبلوماسي عينه: « لفرنسيون وَفّروا لكم فرصة لإنقاذ بلدكم، مؤيّدة بغطاء دولي واسع من واشنطن والاتحاد الاوروبي، وبريطانيا. وأنا شخصياً تَداولتُ في ما استجَدّ عندكم مع الفرنسيين وغير الفرنسيين، وأؤكد لكم أنّهم غاضبون. كل العالم يريد أن يرى حكومة في لبنان تشكّل سريعاً بالنظر الى عمق أزمتكم، وأنتم وعدتم بذلك، ولكنكم سرعان ما عبّرتم عن سلبيتكم، وهذا أمر يثير العجب والاستغراب في آن معاً، لسنا نفهم ماذا تريدون ولماذا تهدرون الوقت؟! يؤسفني أن أقول أنتم وحدكم ستخسرون في نهاية الأمر، ويؤسفني أكثر أن اقول لكم ايضاً: أنتم، بِمضِيّكُم على هذا المنحى، ستخسرون بلدكم».

 

لا جديد الى ذلك، لم تحمل الساعات الماضية أيّ جديد على حلبة الاشتباك الذي استجدّ حول التأجيل الرئاسي للاستشارات النيابية الملزمة، والصعوبات التي قال بيان التأجيل الرئاسي للاستشارات إنّها «تستوجب العمل على حلّها» ظلّت مجهولة، إذ لم يتقدّم أيّ طرف رئاسي أو غير رئاسي بأيّ مبادرة في هذا الاتجاه، او على الاقل تحديد نوع هذه الصعوبات وماهيتها وأين تقع، وهل هي من النوع المُستعصي على الحل، أو أنّها قابلة لأن تُحلّ؟ وبحسب معلومات «الجمهورية» فإنّ «أجواء القوى السياسية المعنية بالإستشارات تعكس ما يفيد بـ»أنّ كرة الخطوة التالية في ملعب رئيس الجمهورية ليُحدّد آلية العمل على حلّ تلك الصعوبات، فكونه هو صاحب بيان التأجيل، من الواضح أنه هو وحده يعرف ما هي هذه الصعوبات؟ وبالتالي، فإنّ المبادرة في اتجاه حلحلتها، هي في يده».

 

سعد وجبران في السياق نفسه، أبلغ مرجع سياسي مؤيّد لتسمية الحريري لرئاسة الحكومة، الى «الجمهورية»، أنّ الصعوبات التي أشار اليها رئيس الجمهورية لا تحتاج الى ذكاء لمعرفة ماهيتها، فهي محصورة بين الرئيس سعد الحريري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل». ورداً على سؤال عمّا اذا كانت حلحلة هذه الصعوبات بين الحريري وباسيل، إن تَمّت سريعاً وقبل نهاية الاسبوع، قد تدفع رئيس الجمهورية الى تقريب موعد الاستشارات من الخميس الى الاثنين كما تردد في بعض الاوساط السياسية؟ أجاب المرجع: «أولاً، رئيس الجمهورية لم يَستشِر أحداً حينما حدد موعد الاستشارات اول مرة الخميس الماضي (امس الاول)، كما لم يستشر احداً عندما اتخذ قراراً بتأجيلها. هذه صلاحياته وقد مارسها، ولا نقاش في هذه الصلاحية الدستورية. لكنّ الصعوبات التي تحدث عنها الرئيس ليست وليد اليوم، بل تعود ما قبل تحديده للاستشارات اوّل مرة». أضاف: «امّا في الجانب الآخر، فأنا شخصياً، وبناءً لما هو سائد بين الحريري وباسيل، لا أرى إمكانية لتذليل هذه الصعوبات، فالمسألة ليست سهلة على الاطلاق، هناك فجوة عميقة جداً بينهما، لا يخفيها الطرفان». وسُئل المرجع: هل انّ المخرج لهذه العقدة يحسمه لقاء بين الحريري وباسيل؟ فقال: المسألة عميقة كما قلت، فالحريري، وبحسب المعطيات، ليس في وارد التراجع، واعتقد انه قرّر أن ينتظر الموعد المقبل للاستشارات، وكذلك الأمر بالنسبة الى باسيل الذي قال صراحة إنّ تأجيل الاستشارات لن يغيّر موقفه. وبالتالي، الفجوة بينهما لا تُسدّ بمجرّد لقاء بينهما، حتى الآن هذا الامر ليس مطروحاً، فضلاً عن انّ الطرفين ليسا متحمّسين له». وحينما سُئل: ولكن ماذا لو بقيت الصعوبات على حالها، فهل قد يدفع ذلك الى تأجيل ثانٍ للاستشارات المحددة الخميس المقبل؟ إكتفى المرجع بالقول: «كلّ الاحتمالات واردة، وفي النهاية العِلم عند رئيس الجمهورية».

 

سيناريو في هذا الوقت، مضى يومان من المهلة الفاصلة عن استشارات الخميس، في غياب أيّ محاولة من أيّ طرف لِفتح كوّة في الجدار الفاصل بين الحريري وباسيل. وبحسب معلومات «الجمهورية»، لم يعبّر أي طرف عن رغبة في الدخول كوسيط بينهما. فيما أجواء تيار «المستقبل» و»التيار الوطني الحر»، تعكس تصَلّباً لهذه الناحية وعدم الرغبة في إتمام هذا اللقاء، أو على الاقل حصول تواصل هاتفي او عبر وسطاء بينهما. وفيما تحدثت معلومات غير مؤكدة عن مَساع فرنسيّة تُبذَل لإجراء اتصال بين الحريري وباسيل، اكدت اوساط بين الوسط «أنّ الحريري لن يتصل بباسيل»، لافتة في الوقت نفسه إلى أن «لا نية لديه بالاعتذار عن الترشّح». وفي المقابل نُقل عن أوساط مقرّبة من «التيار الوطني الحر» قولها «انّ باسيل لا ينتظر اتصالاً من الحريري، وحتى ولو حصل الاتصال فباسيل لن يغيّر رأيه في الحكومة ولن يسمّيه، ولا يريد مشاركته فيها، وليس هناك من أبعاد شخصية خلافية». وفي هذا السياق، قالت مصادر سياسية لـ»الجمهورية»: انّ الطرفين يُحاذران الاقدام على اي خطوة قد تُفسَّر على أنها تراجعية امام الطرف الآخر. وبالتالي، فإنّ الطرفين لا يريدان أن يظهر أيّ منهما مكسوراً، لا معنويّاً ولا أمام جمهوره. وعليه، لا باسيل سيتراجع، ولا الحريري سيتراجع بل حالياً هو أكثر إصراراً على المضي في ترشيح نفسه لرئاسة الحكومة، ولن ينسحب من هذه المعركة». ولفتت المصادر الى «أنّ المرجّح في هذا الوضع هو بقاء الحال على ما هو عليه من تَباعد حتى موعد استشارات الخميس، ما يعني في هذه الحال أنّ كلّ الإحتمالات تبقى واردة، ومن بينها مبادرة رئيس الجمهورية الى تأجيل الاستشارات مرة ثانية، تحت الاسباب التي حَملته الى التأجيل الأول، خصوصاً انّ هناك من يقول إن رئيس الجمهورية يربط تحديد موعد الاستشارات بالتفاهم بين الحريري وباسيل، مع الاشارة هنا الى انّ مصادر بعبدا لم تؤكد هذا الكلام». على انّ المصادر ذاتها تؤكد في الوقت نفسه أنّ إبقاء الاستشارات في موعدها الخميس من دون أي تعديل أو تأجيل هو احتمال قائم ايضاً، وفي حال إجرائها سيتم تكليف الحريري تشكيل الحكومة بأكثرية نيابية مريحة ومن دون أصوات تكتل «لبنان القوي»، وكذلك بلا أصوات تكتل «الجمهورية القوية». في هذه الحال قد تتعالى أصواتٌ تُشَكّك بميثاقية التسمية، في مقابل أصوات أخرى تشكّك بهذا التشكيك، من خلال التأكيد انّ الميثاقية متوفرة بأصوات النواب المسيحيين في كتلة الرئيس نبيه بري (2 نواب)، وكتلة المردة (4)، والكتلة القومية (3)، وكتلة الرئيس نجيب ميقاتي (2)، وكتلة تيارالمستقبل (3)، وكتلة اللقاء الديموقراطي (1)، إضافة الى المسيحيين المستقلين الذين سيسمّون الحريري». وفي رأي المصادر أنّه لو مَرّ قطوع التكليف الخميس المقبل، فستعود الأمور وتعلق عند قطوع التأليف، حتى ولو قرّر «التيار الوطني الحر» ان يذهب الى المعارضة، وهو ما أشار اليه غير مرة رئيس التيار جبران باسيل. حيث أنّ رئيس الجمهوريّة قد يُصبح اكثر تشدداً في هذه الحال، ولا يُسَهّل على الحريري تشكيل الحكومة التي يريدها. وبالتالي، ما كان سيطالب به التيار للمشاركة في الحكومة سيطلبه رئيس الجمهورية من ضمن الحصة الرئاسية في الحكومة.

 

شينكر من جهة ثانية، برزت أمس الحركة السياسية المكثّفة لمساعد وزير الخارجية الاميركية دايفيد شينكر، حيث التقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والرئيسين سعد الحريري ونجيب ميقاتي، وزار رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع في معراب، ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية.

 

إلتباس وفيما أفيد بأنّ اللقاء بين الحريري وشينكر تناولَ موضوع ترسيم الحدود، اضافة الى موضوع تشكيل الحكومة من دون الغَوص في تفاصيله، كان اللافت للانتباه في هذا السياق هو الالتباس الذي رافَقَ زيارة شينكر الى الرئيس عون، حيث أشارت المعلومات الموزّعة من القصر الجمهوري الى أنّ عون أكد لشينكر «انّ لبنان يعوّل كثيراً على الدور الأميركي الوسيط للوصول الى حلول عادلة خلال المفاوضات لترسيم الحدود البحرية الجنوبية»، معتبراً انّ هذا «الدور يمكن ان يساعد في تذليل الصعوبات التي قد تعترض عملية التفاوض». فأكد شينكر «استمرار الدور المسهّل والوسيط الذي تؤديه بلاده في المفاوضات»، متمنياً «العمل على إنجازها في اسرع وقت ممكن والوصول الى نتائج إيجابية». وبحسب المعلومات، فإنّ عون أكّد للموفد الاميركي «انّ العمل يجري حالياً من اجل قيام حكومة نظيفة تركّز على تحقيق الإصلاحات الضرورية للنهوض بالبلاد من الأوضاع الاقتصادية والمالية المتردية التي تمر بها»، وبدوره «نَوّه شينكر بالدور الايجابي الذي يؤديه الرئيس عون في قيادة مسيرة مكافحة الفساد وتغيير النهج الذي كان سائداً في السابق»، معتبراً انّ «الإصلاحات في لبنان أساسية لا سيما ان لا فرق بين السياسة والاقتصاد». وأعربَ عن امله في ان «يتم تشكيل حكومة منتجة تعنى بتحقيق الإصلاحات الاقتصادية الضرورية».

 

السفارة إلّا أنّ المتحدثة باسم السفارة الأميركية كايسي بونفيلد، عادت وقالت في تصريح توضيحي: «لاحَظ شينكر نَقشاً على السيف المُعلّق في مكتب الرئيس عون، الذي ينص على أنّ «الشفافية هي السيف الذي يقهر الفساد». وفي تعليقه، بشكل إيجابي على هذه الرسالة، شدّد شينكر على أنّه «يتعيّن على الرئيس أن يحمل (مجازاً) سيف الشفافية هذا، وأن يغيّر نموذج الحكم».

 

 

**************************************

افتتاحية صحيفة اللواء

 

بعبدا تقحم شينكر في الملف: نعمل لحكومة «نظيفة»!

اتصالات فرنسية مع بري وجنبلاط لمعالجة خلاف الحريري- باسيل.. والحراك يستعيد سنة من الاحتجاجات

 

قبل عام بالتمام والكمال، امتلأت الساحات في بيروت والمدن الكبرى، من طرابلس الى صيدا والنبطية وصور، وجونية وجبيل، وجلّ الذيب، احتجاجاً علي عبث السلطة آنذاك بأوضاع المواطنين الحياتية والمعيشية، عبر قرار وزاري باستحداث ضريبة «سنتات» من الدولار على خدمة الـWhatsAPP المجانية، ليتفجر الاحتقان..

 

وليحدث ما حدث في السياسة، والانهيارات المالية المتتالية، من ازمة المصارف، واقفالها الى ازمات منع السحوبات وحجز اموال المودعين، لا سيما تلك المسجلة في حساب الدولار..

 

لمجموعات الحراك، التي عادت الى الشوارع والساحات، ان تقيّم تجربة الانتفاضة الوطنية للبنانيين، ضد طبقة سياسية وسلطة حاكمة فاسدة، الاّ ان الحدث، سيبقى لوقت طويل، مدار تداعيات. الحركة الشعبية التي هبت رفضاً لفساد السلطة، لها ما لها، وعليها ما عليها.. الا ان ما اسفرت عنه على الصعيد السياسي اخطر مما هو متوقع، انكشاف النظام السياسي على ازمات بنيوية، تتحكم بكل المسارات، وكأن شيئاً لم يكن..

 

واذا كان الجمود، بل «التحجر» يلف مواقف الجهات المعنية تجاه قضية تأليف الحكومة، بعد اجراء استشارات ملزمة، وتكليف مَنْ تستقر عليه هذه الاستشارات الملزمة، فإن الاشارة التي اطلقها الرئيس ميشال عون امام مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الادنى ديفيد شينكر، استرعت اهتمام الاوساط السياسية المعنية، لجهة ابلاغه ان «العمل يجري حالياً من اجل قيام حكومة نظيفة تركز على تحقيق الاصلاحات الضرورية للنهوض بالبلاد من الاوضاع الاقتصادية والمالية المتردية التي تمر بها»، مركزاً على اهمية التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، والذي يعتبر خطوة اساسية في الاطار الاصلاحي، واستعادة حقوق الدولة، وانهاض الاقتصاد اللبناني.

 

ومع ان الموفد الاميركي يحصر مهمته، في اطار المفاوضات فقط، وفقا لمعلومات «اللواء»، فإن الاشارة الرئاسية، خرقت «عتمة الجمود» الطاغي على المشهد، وسط مخاوف جدية من ان يؤدي غياب التواصل بين الرئيس المرشح سعد الحريري ورئيس تكتل لبنان القوي جبران باسيل، الى تعميق الازمة اكثر، وان كانت اوساط نيابية في التكتل لا تستبعد تكليف الرئيس الحريري تأليف الحكومة العتيدة الخميس المقبل (راجع ص 2).

 

شينكر وسيف الشفافية

 

وكان شينكر واصل جولته على المسؤولين فزار برفقة السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا ولوغان بروغ ، الرئيس عون في حضور الوزير السابق سليم جريصاتي والمدير العام، وكلا من الرئيس نجيب ميقاتي الذي أولم على شرفه والرئيس الحريري، ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية في حضور النائب طوني فرنجية والوزير السابق روني عريجي. واجرى معهم جولة افق في كل الاوضاع المرطوحة وبخاصة موضوع ترسيم الحدود وتشكيل الحكومة.

 

وذكرت مصادر المردة لـ«اللواء» ان شينكر لم يطرح خلال اللقاء اي مواضيع خاصة او طلبات او شروط، انما جرى عرض عام معه حول كل المواضيع والمشكلات القائمة، سواء الازمة الحكومية او الاقتصادية والمالية والمعيشية، اضافة الى المبادرة الفرنسية والاتصالات لتشكيل الحكومة وإجراء الاصلاحات في كل المجالات.

 

وحسب مصادر بعبدا فإن  شينكر نوّه «بالدور الايجابي الذي يلعبه الرئيس عون في مكافحة الفساد وتغيير النهج الذي كان سائدا في السابق»، معتبرا «ان الإصلاحات في لبنان أساسية لاسيما وان لا فرق بين السياسة والاقتصاد». واعرب عن أمله في «ان يتم تشكيل حكومة منتجة تعنى بتحقيق الإصلاحات الاقتصادية الضرورية».

 

ولاحقاً صدر عن السفارة الاميركية في بيروت بيان اوضح فيه بعض ما قاله شينكر لعون، وقال في توضيح حول تصريحات في الاعلام نسبت الى مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، قال المتحدث باسم السفارة الأميركية كايسي بونفيلد: «لمح مساعد وزير الخارجية شينكر القول المحفور على السيف المعلّق في مكتب رئيس الجمهورية ميشال عون والذي كُتب عليه: «الشفافية هي السيف الذي يقضي على الفساد». وفي تعليقه ايجاباً على القول، حثّ شينكر الرئيس على استعمال سيف الشفافية (بشكل مجازي) وتغيير نهج الحكم».

 

وحسب ما علمت «اللواء» فإن شينكر حدّد دعم بلاد، لحكومة اختصاصيين، تتمكن من ملاقاة المجتمع الدولي وصندوق النقد الدولي لإجراء ما يلزم من اصلاحات، من دون الدخول في أية تفاصيل او التطرق الى مواقف الاطراف حتى انه لم يذكر اسم حزب الله في اي من اللقاءات.

 

واستمر الصمت المطبق في بيت الوسط، حيث تؤكد اوساطه فقط ان الرئيس سعد الحريري لا زال يعمل على تنفيذ المبادرة الفرنسية ولا اعتذار او تراجع عن ترشيح نفسه لرئاسة الحكومة حتى الآن على الاقل، فيما قال المستشار الإعلامي للرئيس الحريري حسين الوجه عبر «تويتر»: «تعقيباً على ما يُنقل عن أجواء بيت الوسط في بعض وسائل الاعلام، نؤكد على ان الصمت هو سيد الموقف، وخلاف ذلك تحليل وتكهنات. الصمت مليء بالاجوبة».

 

جاء ذلك بعد تسريب معلومات عن ان الحريري لا ينوي الاتصال برئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، وأن هناك مساعٍ فرنسية لإجراء إتصال بين باسيل والحريري يفترض ان يكون مساء امس. لكن اي شيء لم يتأكد حصوله.

 

وبقيت مواقف الكتل النيابية حتى يوم امس تراوح مكانها بعد تصعيد المواقف من قبل التيار الحر والقوات اللبنانية حيال تكليف الرئيس الحريري، لكن مصادر تيار المردة قالت لـ«اللواء» ان كتلة التيار ما زالت متمسكة بترشيح الحريري لأنه افضل الموجود ولا مانع لدينا من ترشيح سواه اذا هو رغب شرط ان نكون نعرفه و«يشتغل سياسة» مثل نجيب ميقاتي او تمام سلام، لكننا لن نكرر تجربة حسان دياب ولن نسمي شخصا مثله ولن نعطيه الثقة اذا تمت تسميته. هناك فرصة قد تكون الاخيرة الآن بترشيح الحريري وتنفيذ المبادرة الفرنسية، واي فرصة اخرى اذا اتت ستكون اصعب علينا من سابقتها، ومن لديه بديل افضل من الحريري او من المُتاح الان ليطرحه.

 

ولكن المصادر ورداً على سؤال حول استحالة قبول اكثر الاطراف بتسمية الحريري رئيسا وان لا تتمثل هي او ان يُسمي الحريري الوزراء كونه رئيس تيار كبير سياسي كبير، قالت: المشكلة ليست في التسمية، فأي حكومة يجب ان تأخذ موافقة رئيس الجمهورية طبعاً، لكن المنطق يقول انه يجب أخذ موافقة رئيس الجمهورية والقوى السياسية على تشكيل الحكومة. لذلك دعونا لا نستبق الامور وننتظر نتائج الاتصالات الجارية.

 

ووفقا لمصادر دبلوماسية فإن باريس طلبت من كل من الرئيس بري والنائب السابق وليد جنبلاط بذل مساعيهما مع كل من الرئيس الحريري والنائب جبران باسيل لتضييق شقة الخلاف اذا لم يكن بالامكان تسويته على الرغم من ان الحريري على موقفه بعدم الاتصال بباسيل، وباسيل لن يسمي الحريري، حسب مصادر التيار الوطني الحر، وهو ليس بوارد تغيير موقفه..

 

وقات مصادر التيار ان وصول الحريري الى السراي، يعني الخروج على المبادرة الفرنسية حسب ما نقلت الـOTV.

 

إزاء ذلك، لم تستبعد مصادر على خط الاتصالات أن «خيار تأجيل الاستشارات النيابية الملزمة بتشكيل الحكومة، وارد إذا لم يحصل خرق على صعيد التواصل بين الرئيس سعد الحريري والنائب جبران باسيل».

 

وكشفت الـ «أم تي في» أنّ «وسيطاً دخل على الخط لترتيب لقاء بين الحريري وباسيل من دون أن يوافق الإثنان على ذلك حتى الآن».

 

تعويل على الدور الأميركي

 

وعلى صعيد المفاوضات، ابلغ الرئيس عون شينكر، ان لبنان يعول كثيرا على الدور الأميركي الوسيط للتوصل الى حلول عادلة خلال المفاوضات التي بدأت قبل أيام لترسيم الحدود البحرية الجنوبية، معتبراً ان هذا الدور يمكن ان يساعد في تذليل الصعوبات التي قد تعترض عملية التفاوض». وشكر الرئيس عون الولايات المتحدة الأميركية على الدعم الذي قدمته للبنان بعد المحنة التي نتجت عن الانفجار في مرفأ بيروت، والمساعدات التي أرسلتها الى المتضررين.

 

وعلمت «اللواء» ان الدبلوماسي الاميركي ابدى استعداد الولايات المتحدة الأميركية للعب دور المسهل عند الضرورة وعند طلب الجانب اللبناني اي تدخل في ملف ترسيم الحدود مشيرة الى انه برز خلال الاجتماع جو مفاده ان المفاوضات حول هذا الملف قد تسفر عن نتائج ايجابية خلال اسابيع و ليس اشهر.

 

وحضرت حصيلة الجولة من المفاوضات في عين التينة بين الرئيس بري ورئيس الوفد اللبناني التقني المكلف التفاوض لترسيم الحدود البحرية الجنوبية العميد الركن بسام ياسين.

 

ابراهيم: أجواء إيجابية

 

وفي واشنطن، كشف المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم ان الاجواء التي لمسها في الولايات المتحدة ايجابية، وهم اي الاميركيون مستعدون لمساعدة لبنان، شرط ان يساعدوا انفسهم.

 

وكان اللواء ابراهيم تسلم امس جائزة جايمس فولي للدفاع عن الرهائن، تكريما للجهودالتي بذلها في الافراج عن رهينتين اميركيتين.

 

وسيلتقي ابراهيم الذي توجه الى الولايات المتحدة مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤن الشرق الاوسط وشمال افريقيا ديفيد هيل، وعرض معه التطورات في لبنان في ضوء انطلاق المفاوضات لترسيم الحدود.

 

مالياً، اكدت جمعية مصارف لبنان ان المصارف اللبنانية، وبعد تأكيد مصرف لبنان استمراره بمدّ المصارف بالسيولة النقدية كالمعتاد.. سوف تستمر بتأمين السيولة النقدية بالليرة اللبنانية للسوق بشكل طبيعي، وفقا لما جرت العادة خلال الفترة الماضية بهدف الحفاظ على الاستقرار في الاسواق.

 

كما اعلنت ان السيولة بالليرة مؤمنة من قبل مصر لبنان، والمصارف، من دون ان تكون هذه الاخيرة محصورة بالسيولة النقدية.

 

ودعت الجمعية المواطنين وزبائن المصرف إلى استعمال الوسائل الاخرى المتاحة لديهم كبطاقات الائتمان، الشيكات والتحاويل المصرفية.

 

شعلة 17 ت1 في المرفأ

 

بعد مرور عام على بدء الإحتجاجات في 17 ت1 في لبنان، التي جالت معظم المناطق من الجنوب حتى الشمال.وإستكمالاً لمطالب الثوار, إحتشد عشرات من الناشطين في مرفأ بيروت, وأضيء المرفأ بالشعلة التي سميت بـ شعلة 17 تشرين الاول مؤكدين على إستمرار هذا الحراك وأن الثورة باقية حتى تحقيق الهدف الذي يتمحور حول الاوضاع المعيشية وحقوق المواطن لـ عيش كريم, وصولاً للكشف عن مسار التحقيق في انفجار مرفأ بيروت.

 

وكانت العواصم الكبرى، احتفلت بالمناسبة وتحت شعار «رح نرجع بقوة أكثر كرمال يلي راحوا وكرمال يلي باقيين» نفذ عدد من الناشطين في الحراك المدني والثوار اعتصاما امام سراي طرابلس رافعين اليافطات المؤكدة على مواصلة الثورة ومرددين الهتافات المطالبة باجراء انتخابات مبكرة  وتحرير القضاء ومؤكدين ان 4 آب  يوم تحول فيه الفساد واللامسؤولية الى اجرام بحق الناس .مشهدية اعادت الحياة الى نبض ثورة 17 تشرين عشية مرور سنة على انطلاقتها .الوقفة امام السراي لم تطل فانطلق الثوار في مسيرة الى ساحة النور حيث رددوا النشيد الوطني ووقفوا دقيقة صمت تحية لارواح شهداء انفجار مرفأ بيروت  ومن الساحة الى التل ومنه الى مستديرة الملعب البلدي في المئتين ومن ثم واصلوا مسيرتهم الى عزمي ومنه الى مستديرة المرج في الميناء.

 

وعند الوصول الى دوار المرج في منطقة الميناء أضاء الثوار الشموع عن أرواح شهداء ثورة تشرين وشهداء انفجار مرفأ بيروت وشهداء قوارب الموت.

 

وفي صيدا، قطع عدد من المحتجين الطريق امام سرايا صيدا الحكومية، وحملوا لافتات كتبت عليها «كلن يعني كلن مسؤولين عن افلاس البلد وإفقار الناس».

 

وانطلق المحتجون من ساحة ايليا بمسيرة راجلة باتجاه شركة الكهرباء ومام سراي جونية.

 

ونظم حراك النبطية، امس، مسيرة تحت عنوان «مكملين» بمناسبة الذكرى السنوية الاولى كحراك 17 ت1، انطلقت من امام النادي الحسيني في النبطية، مرورا بالسوق التجاري، وصولا الى ساحة الحراك، رافعين الاعلام اللبنانية.

 

وعلى وقع هذه التطورات، مضت الازمات الاقتصادية والمعيشية الى التفاقم، في وقت واصل وزير الصحة جولته الفجائية على مستودعات الادوية لدى الشركات والصيدليات للتثبت من منع التخزين، بقيت معضلةُ المحروقات على حالها. واكد ممثّل موزّعي المحروقات فادي أبو شقرا ان «قرار مصرف لبنان الذي يفرض أن تكون جميع عمليات المبيعات بالليرة اللبنانية نقداً من الصعب تطبيقه وإذا لم نصل إلى حلّ خلال يومين فسنذهب إلى أزمة في البلد». في الموازاة، أعلنت المديرية العامة للنفط في بيان ان «بعد صدور التعميم الأخير عن مصرف لبنان الوارد في القرار الوسيط رقم ١٣٢٨٣ الذي يفرض ان تكون جميع عمليات المبيعات بالليرة اللبنانية نقداً؛ تتوقف منشآت النفط في طرابلس والزهراني عن تسليم مادة الديزل أويل للسوق المحلي نظراً إلى غياب الآلية الواضحة لعمليات البيع والتسليم والإيداع كما والنقص الحاد في العنصر البشري الكفيل القيام بمهمات نقدية معقدة؛ في انتظار وضوح الاتصالات الجارية في هذا الصدد».

 

وعُقد اجتماع استثنائي ضمّ مختلف مكوّنات القطاع التجاري من جمعيات ولجان أسواق ونقابات تجارية من كافة المناطق، بدعوة من رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس، للوقوف عند التداعيات المدمّرة المحتملة للقيود المصرفية على السحوبات بالعملة الوطنية.  وقال الشماس ان هذه التدابير تهدف الى ضبط الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية التي تسبب التضخم اضافة الى حماية سعر الصرف. وشدد ان رغم ذلك، هناك انعكاسات سلبية على هذا القرار خصوصا على التجار.ورأى أن الثقة وحدها قادرة على تخفيض سعر صرف الدولار، ووسائل الدفع الالكتروني لن تساعد كثيرا اليوم ومرتكزات العمل المصرفي ستتأثر بشكل سلبي. واشار الى ان المشكلة الاكبر في لبنان هي الخلافات السياسية المستحكمة وتعثر المبادرة الفرنسية.

 

59881

 

صحياً، اعلنت وزارة الصحة تسجيل 1368 اصابة جديدة في الكورونا، و8 حالات وفاة، خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد الى 59881 اصابة مثبتة مخبرياً.

**************************************

 

افتتاحية صحيفة الشرق

إرجاء الاستشارات:العهد يتفرّج على الإنهيار

 

في السياسة وتحديدا في الملف الحكومي صمت مطبق وجمود مطلق. كل فريق يرابض على جبهته في انتظار اشارة من الآخر، من دون ان تبرز اي ملامح في هذا الاتجاه حتى اللحظة. الرئيس سعد الحريري فاض واستفاض في ما عنده، ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل رد بما لديه رافعا سقف المواجهة الى حده الاقصى. الرئاسة ارجأت الاستشارات والخميس لناظره قريب.

 

التأجيل وارد!

 

وبعد مرور نحو 48 ساعة على قرار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مساء الاربعاء، إرجاء الاستشارات النيابية التي كانت مقررة الخميس، اسبوعا، بقيت المواقف على حالها. واشارت المعطيات الى ان إمكانية تأجيل الاستشارات واردة إذا لم يحصل أيّ اتصال بين بيت الوسط والنائب جبران باسيل. وافيد بأن ما من بوادر تواصل بين الحريري وباسيل حتى اللحظة. وقد لفتت مصادر مقربة من بيت الوسط الى ان زعيم المستقبل ليس في وارد اتخاذ اي خطوة او عقد اي لقاء مع اي كان في المهلة الفاصلة عن الخميس المقبل.

 

استمرار التباعد

 

وفيما تردد ان نائب رئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي دخل على خط تقريب وجهات النظر بين الرجلين، نفى الفرزلي  اي دور له في هذا المجال مؤكدا  استمرار التباعد بينهما الى ما بعد الاستشارات النيابية الملزمة التي يجريها رئيس الجمهورية الخميس المقبل والتكليف، لتنطلق بعدها الوساطات انطلاقا من حاجة الجميع الى الحل سيما وان افق المرحلة المقبلة سوداوي وخطر جدا ويتطلب التنازل . واكد ان لا بديل من الرئيس سعد الحريري لتأليف الحكومة في هذه المرحلة كونه المرشح الوحيد لترؤس الحكومة والذي يحظى بدعم محلي وفرنسي وحتى اميركي.

 

جولة شينكر

 

وامس واصل مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط دايفد شينكر جولته على المسؤولين اللبنانيين واستهلها من بعبدا حيث أبلغه رئيس الجمهورية ان لبنان يعوّل كثيرا على الدور الأميركي الوسيط للوصول الى حلول عادلة خلال المفاوضات التي بدأت قبل أيام لترسيم الحدود البحرية الجنوبية، معتبرا ان هذا الدور يمكن ان يساعد في تذليل الصعوبات التي قد تعترض عملية التفاوض. وشكر الرئيس عون الولايات المتحدة الأميركية على الدعم الذي قدمته للبنان بعد المحنة التي نتجت عن الانفجار في مرفأ بيروت، والمساعدات التي أرسلتها الى المتضررين. واكد للموفد الأميركي ان العمل يجري حاليا من اجل قيام حكومة نظيفة تركز على تحقيق الإصلاحات الضرورية للنهوض بالبلاد من الأوضاع الاقتصادية والمالية المتردية التي تمر بها، مركزا على أهمية التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، والذي يعتبر خطوة أساسية في الاطار الإصلاحي واستعادة حقوق الدولة وانهاض الاقتصاد اللبناني.

 

بدوره، اكد السفير شينكر استمرار الدور المسهّل والوسيط الذي تلعبه بلاده في المفاوضات على ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، متمنيا العمل على انجاز هذه المفاوضات في اسرع وقت ممكن والوصول الى نتائج إيجابية.

 

سيف الشفافية

 

ونوه شنكر بالدور الايجابي الذي يلعبه الرئيس عون في قيادة مسيرة مكافحة الفساد وتغيير النهج الذي كان سائدا في السابق، معتبرا ان الإصلاحات في لبنان أساسية لاسيما وان لا فرق بين السياسة والاقتصاد. واعرب عن امله في ان يتم تشكيل حكومة منتجة تعنى بتحقيق الإصلاحات الاقتصادية الضرورية…. ولاحقا اوضح المتحدث باسم السفارة الاميركية في بيروت «ان شينكر حضّ الرئيس عون على ان يستخدم سيف الشفافية( في اشارة الى سيف موجود في مكتبه) من اجل تغيير النموذج الحاكم، وقد دوّن عليه» الشفافية هي السيف الذي يقهر الفساد».

 

ولاحقا، زار الديبلوماسي الاميركي  الرئيس نجيب ميقاتي ورئيس تيار المرده سليمان فرنجية والرئيس الحريري ثم رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وشارك مساء في مأدبة عشاء خاصة حضرتها بعض الشخصيات.

 

الترسيم عند بري

 

وليس بعيدا من ملف الترسيم، وفي ظل تحفظ الثنائي الشيعي على طبيعة الوفد اللبناني الى المفاوضات، استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري رئيس الوفد اللبناني التقني المكلف التفاوض لترسيم الحدود البحرية الجنوبية العميد الركن الطيار بسام ياسين.

 

أزمة محروقات

 

في الغضون، الازمة الاقتصادية المعيشية تتفاقم. وفي وقت واصل وزير الصحة جولته الفجائية على مستودعات الادوية لدى الشركات والصيدليات للتثبت من منع التخزين، بقيت معضلةُ المحروقات على حالها. واكد ممثّل موزّعي المحروقات فادي أبو شقرا ان «قرار مصرف لبنان الذي يفرض أن تكون جميع عمليات المبيعات بالليرة اللبنانية نقداً من الصعب تطبيقه وإذا لم نصل إلى حلّ خلال يومين فسنذهب إلى أزمة في البلد». في الموازاة، أعلنت المديرية العامة للنفط في بيان ان «بعد صدور التعميم الأخير عن مصرف لبنان الوارد في القرار الوسيط رقم ١٣٢٨٣ الذي يفرض ان تكون جميع عمليات المبيعات بالليرة اللبنانية نقداً؛ تتوقف منشآت النفط في طرابلس والزهراني عن تسليم مادة الديزل أويل للسوق المحلي نظراً إلى غياب الآلية الواضحة لعمليات البيع والتسليم والإيداع كما والنقص الحاد في العنصر البشري الكفيل القيام بمهمات نقدية معقدة؛ في انتظار وضوح الاتصالات الجارية في هذا الصدد».

 

التجار يرفضون

 

الى ذلك، عُقد اجتماع استثنائي ضمّ مختلف مكوّنات القطاع التجاري من جمعيات ولجان أسواق ونقابات تجارية من كافة المناطق، بدعوة من رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس، للوقوف عند التداعيات المدمّرة المحتملة للقيود المصرفية على السحوبات بالعملة الوطنية.  وقال الشماس ان هذه التدابير تهدف الى ضبط الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية التي تسبب التضخم اضافة الى حماية سعر الصرف. وشدد ان رغم ذلك، هناك انعكاسات سلبية على هذا القرار خصوصا على التجار. ورأى أن الثقة وحدها قادرة على تخفيض سعر صرف الدولار، ووسائل الدفع الالكتروني لن تساعد كثيرا اليوم ومرتكزات العمل المصرفي ستتأثر بشكل سلبي. واشار الى ان المشكلة الاكبر في لبنان هي الخلافات السياسية المستحكمة وتعثر المبادرة الفرنسية.

 

بيت الوسط: الصمت مليء بالاجوبة

 

غرّد المستشار الإعلامي للرئيس سعد الحريري حسين الوجه على حسابه عبر »تويتر«، كاتباً: »تعقيباً على ما ينقل عن أجواء بيت الوسط في بعض وسائل الإعلام نؤكد على أن الصمت هو سيّد الموقف، وخلاف ذلك تحليل وتكهنات«.

 

وختم الوجه تغريدته: »الصمت مليء بالأجوبة«.

 

**************************************

 

افتتاحية صحيفة الديار

 

انتفاضة 17 ت : هل تتطور الى ثورة مع تفاقم الازمة المالية وفساد السلطة السياسية؟

باسيل متخوف من تحالف ثلاثي المستقبل ـ امل ـ الاشتراكي ووساطة فرنسية لتسهيل الحكومة

 

نور نعمة

 

سنة على انتفاضة 17 تشرين. هذه الانتفاضة أسست لبناء وطن حقيقي لجميع ابنائه لا دولة من ورق يتحكم بها زعماء الفساد والمحاصصة. انتفاضة 17 تشرين هي انقلاب ابيض على الزعماء الذين كان الشعب يتعاطى معهم على انهم انصاف آلهة، في حين بعد 17 تشرين اهتزت عروش هؤلاء الزعماء الفاسدين الفاقدين الضمير والاخلاق والمبادئ الوطنية. صحيح ان انتفاضة 17 تشرين تعيش اليوم في «مرحلة انتظار» الى ما ستؤول اليه المبادرة الفرنسية التي يعتبرها الثوار فرصة ذهبية تساعدهم في بلوغ اهدافهم، انما ذلك لا يعني ان الانتفاضة دفنت او انتهت بل تنبض ايمانا وحماسة لمستقبل افضل للبنان.

 

وبموازاة ذلك، بات المشهد اللبناني واضحاً وهو ان هذه الطبقة السياسية هي بلاء لبنان ولا يمكن لاي تغيير حقيقي ان يتحقق ما دامت هذه السلطة السياسية تتحكم بزمام الامور. فلا النقمة الشعبية على السلطة، ولا الجوع والفقر والموت الذي يعيشه المواطن اللبناني، دفع هذه الطبقة السياسية الى مراجعة ذاتية، بل على العكس اظهرت المزيد من الفجور السياسي والانحدار الوطني. ذلك ان اللبناني يعاني من ازمة رغيف وادوية وطبابة وبطالة وفقر، ورغم ذلك لا يأبه الافرقاء السياسيون في الحكم بمعاناة الشعب بل يستمرون في المناكفات السياسية والخلافات الضيقة. وباختصار، لا امل من هذه الطبقة السياسية المترهلة، خاصة ان لبنان مقبل بعد شهر ونصف على ازمة كبيرة، وهي رفع الدعم عن المواد الاساسية. فهل سنشهد هذه المرة ثورة لا انتفاضة فقط على السلطة السياسية التي آن الاوان لتغييرها؟

 

الحريري وباسيل يتصلبان بموقفهما

 

الى ذلك، وبين «الخميسين» انتظار ليتصاعد الدخان الابيض، وان يكون هناك «التواصل» المنتظر بين «بيت الوسط» و«ميرنا الشالوحي». مر يومان من دون ان يتصاعد الا الدخان الاسود اذ ان كل من الرئيس سعد الحريري ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل يتصلب في موقفه. وفي هذا السياق، قالت مصادر بارزة في 8 اذار لـ «الديار» انه سجل دخول جهات فرنسية رفيعة المستوى على خط الوساطة وتذليل العقبات من دون ان ترشح معلومات اضافية عن نجاح المسعى او فشله او متى سيعقد اللقاء؟

 

 لماذا دفع باسيل باتجاه تأجيل الاستشارات النيابية؟

 

عن التأجيل للاستشارات النيابية، قالت مصادر مطلعة للديار ان رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل شعر بوجود نوع من تحالف رباعي من الممكن ان ينشأ ضده يضم الثنائي الشيعي والمستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي. وسبب شعور باسيل اتى بعد حصول تباين في الموقف بين الوطني الحر وحزب الله حول تركيبة الوفد اللبناني، فاعتبر باسيل ان المقاومة قد تتقاطع مع حركة امل ضد تياره. انما اتضح لاحقا للوزير جبران باسيل ان التباين حول وجود مدنيين في الوفد اللبناني لن يتطور الى خلاف بين الطرفين، كما ان حزب الله اثبت انه خارج اي تحالف يقام ضد العهد.

 

وعليه، وبعد وضوح المشهد امامه، تقول هذه المصادر ان باسيل يتخوف من نشوء تحالف ثلاثي المستقبل – أمل – الاشتراكي، وبالتالي يعتبر ان هذا التحالف الثلاثي يقوم بالتهيئة للمرحلة المقبلة ليكون ممسكا بمفاصل الحكومة اولا وان يبدأ للتحضير للانتخابات الرئاسية. ويدرك رئيس التيار الوطني الحر ان هذا الثلاثي اساسا كان داعما للوزير السابق سليمان فرنجية كرئيس للجمهورية، كما يخشى باسيل في ظل خلافه مع الحريري ان تكون الحكومة المقبلة برئاسة الاخير محطة لمحاصرته بدلا من ان تكون محطة لاراحة العهد. واضافت المصادر المطلعة ان توجس باسيل ان يعمل التحالف الثلاثي على عرقلة العهد في سنتيه الاخيرتين من تحقيق ما يجب تحقيقه، خاصة ان الوطني الحر يدخل الحكومة المرتقبة في ظل تناقض كبير مع الاشتراكي وحركة أمل وتيار المستقبل وفي ظل فتور مع حزب الله.

 

وتعقيبا على هذه الاجواء المذكورة، رأت المصادر المطلعة ان الوزير جبران باسيل يتحمل مسؤولية اساسية عما وصلت اليه الامور مع باقي الاحزاب نتيجة سياسته المتقلبة. وعلى هذا الاساس، ذهب رئيس التيار الوطني الحر باتجاه تأجيل الاستشارات النيابية ليبعث برسالة الى سعد الحريري مفادها انه لا يمكنه ان يأتي رئيسا مكلفا دون ان يتشاور ويتعاون مع جبران باسيل. واضافت المصادر المطلعة ان الرئيس عون أيد فكرة تأجيل الاستشارات النيابية ليقول ايضا لسعد الحريري إنه لا يمكن ان يأتي رئيسا مكلفا ويؤلف حكومة تكون على خصومة مع العهد. وهذا التأجيل ان دل على شيء، فهو يدل على ان العهد والتيار الوطني الحر سيتشددان اكثر من الثنائي الشيعي في تسمية وزرائهم في الحكومة المقبلة، كما ليوضح للحريري ان مدخل التأليف هو بعبدا وليس عين التينة ولا كليمنصو. وترجح المصادر المطلعة للديار انه في حال لم يحصل لقاء بين باسيل والحريري، فان الرئيس عون سيؤجل مرة جديدة الاستشارات النيابية.

 

الادارة الاميركية تحقق نجاحا بانطلاق مفاوضات ترسيم الحدود

 

في غضون ذلك، قالت مصادر ديبلوماسية رفيعة المستوى للديار ان بقاء مساعد وزير الخارجية الاميركية ديفيد شنكر في بيروت رغم انتهاء اول اجتماع لمفاوضات ترسيم الحدود البحرية ولقاءه برئيس الجمهورية ومعظم المسؤولين اللبنانيين تندرج في سياق التأكيد الايجابي للمسار التفاوضي واستكمال ترسيم الحدود البحرية حيث تعتبر الادارة الاميركية انها حققت نجاحا بمجرد انطلاق المفاوضات. كما اشارت هذه المصادر الى ان شينكر خلال لقاءاته شدد على ان اي حكومة ستتشكل في المدى القريب او البعيد يجب ان تكون حكومة اصلاحية حقيقية.

 

 مصادر مقربة من حزب الله : علاقة المقاومة مع الرئيس عون راسخة وثابتة

 

من جانبها، اكدت مصادر مقربة من حزب الله للديار ان علاقة المقاومة برئيس الجمهورية العماد ميشال عون راسخة وثابتة مشيرة الى ان حزب الله له ملء الثقة بوطنية عون وحرصه على حصول لبنان على موارده الطبيعية. واشارت هذه المصادر الى ان اتصالات ومشاورات حصلت بين حزب الله والرئيس عون حول وجود مدنيين في الوفد اللبناني المفاوض، وعندما بقي التباين في هذا الموضوع اصدر الثنائي الشيعي البيان تعبيرا عن وجهة نظره.

 

وعلى صعيد الملف الحكومي، وصفت مصادر مقربة من حزب الله قول بعض النواب في التيار الوطني الحر ان هناك اتفاقاً بين سعد الحريري ووليد جنبلاط والثنائي الشيعي في الحصة الوزارية على حساب المسيحيين بالغباء السياسي داعية التيار الوطني الحر ان يحل مشاكله اولا مع الاحزاب المسيحية، كما ذكرت بدفاع امين عام حزب الله عن صلاحيات رئيس الجمهورية بعد خطاب ماكرون. وفي هذا السياق، اشارت هذه المصادر الى كلام سماحة السيد حسن نصرالله عندما توجه للرئيس الفرنسي في كلمته يوم 29 ايلول الماضي حيث قال : «أهم صلاحية لرئيس الجمهورية هي المشاركة بتشكيل الحكومة كانت ستسقط» لافتا الى انه «على الفرنسيين أن ينتبهوا أن أهم صلاحية لرئيس الجمهورية كانت ستُصادر». بمعنى آخر، ان هذه الصلاحية هي من بين الصلاحيات القليلة التي لم ينتزعها اتفاق الطائف من رئيس الجمهورية.

 

وفي السياق ذاته، اعتبرت المصادر المقربة من حزب الله ان تعليق النائب زياد اسود في مقابلة تلفيزيونية «عايشين بقنينة» غير مقبول. ويذكر ان اسود اعتبر ان الوفد اللبناني اذا تفاوض بشكل مباشر او غير مباشر مع العدو الاسرائيلي يصب في خانة الشكليات ومضيفا «عايشين بقنينة».

 

واضافت المصادر المقربة من حزب الله ان هناك اصواتاً شاذة تتكلم في مواضيع جوهرية آملة ان يتم تصحيح هذا الكلام من القيادة في التيار الوطني الحر، اي من خلال الوزير جبران باسيل.

 

 النائب عطالله : على الحريري ان يتعامل مع المسيحيين كما يتعامل مع الشيعة والدروز

 

من جهته، أوضح النائب في كتلة لبنان القوي جورج عطالله ان الرئيس سعد الحريري يسمي وزراء السنة، وبطبيعة الحال الطائفة السنية حصلت على حقها، كما اعطى الثنائي الشيعي ما يريد، وكذلك الامر مع الدروز حيث حل الخلاف مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بتلبية مطالب الاخير. ولكن لا يتعامل الحريري بالطريقة نفسها مع المسيحيين وفقا للنائب عطالله، وهذا امر لا يقبله التيار الوطني الحر.

 

وتابع النائب جورج عطالله ان الثنائي الشيعي اصدر بياناً جاء فيه «ما لم نعطه لمصطفى اديب، لن نعطيه لأي احد اخر». انما اليوم نرى ان الاتصالات اصبحت ايجابية بين الحريري والثنائي الشيعي، وهذا يدل على ان الحريري وافق على شروط الثنائي. واضاف ان الامر نفسه حصل مع جنبلاط، اذ ان الاخير رفض استقبال وفد المستقبل، الى جانب قيام الحريري بانتقاد جنبلاط بشكل لاذع في مقابلته التلفيزيونية. اما اليوم فتحسنت العلاقة بين جنبلاط والحريري الذي تجاوب الاخير مع مطالب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي. اما الطائفة السنية، فسعد الحريري يمثلها وهو يسمي وزراء السنة.

 

وهنا لفت النائب عطالله الى ان سعد الحريري يذهب باتجاه صيغة تستند الى ارضاء الدروز والشيعة والسنة دون اخذ بعين الاعتبار مطالب الكتل المسيحية. وعلى هذا الاساس، دعا عطالله الحريري الى التعامل مع القوى المسيحية على غرار تعامله مع الثنائي الشيعي والدروز والسنة.

 

وكشف النائب في كتلة لبنان القوي ان هناك حلين لا ثالث لهما لتشكيل حكومة في لبنان. الحل الاول يقضي بتشكيل حكومة اختصاصيين على ان يكون الرئيس المكلف ايضا اختصاصياً، كما كانت الحال مع مصطفى اديب. وفي هذه الحال ننسحب من الصورة وينطبق هذا الامر على باقي القوى السياسية ونترك للرئيس المكلف غير السياسي ان يشكل الحكومة. وللتذكير قال النائب جورج عطالله ان التيار الوطني الحر اعترض على ما فعله الثنائي الشيعي مع الرئيس المكلف مصطفى اديب.

 

اما الحل الثاني فهو التوجه الى تشكيل حكومة تكنوسياسية تضم معظمها وزراء اختصاصيين وتكون مطعمة بسياسيين، وفي هذه الحال التيار الوطني الحر لن يعترض اذا كان رئيس الحكومة سياسياً او اختصاصياً.

 

القوات اللبنانية : تأجيل الاستشارات النيابية لا علاقة له بالميثاقية

 

وحول تبرير البعض بأن التأجيل حصل لان الميثاقية كانت غائبة في الاستشارات النيابية، قالت مصادر القوات اللبنانية للديار ان تأجيل الاستشارات لا علاقة له بالميثاقية لا من قريب ولا من بعيد واي تذرع في هذا الامر فهو في غير مكانه. واشارت المصادر الى ان بيان رئاسة الجمهورية لم يتطرق الى الميثاقية، بل عزا التأجيل الى تمني بعض الكتل النيابية ذلك دون ان يسميها. وتابعت مصادر القوات اللبنانية ان الميثاقية تعني اكثرية نيابية سياسية داخل بيئة طائفية معينة تقاطعت على هدف سياسي وذهبت باتجاه مقاطعته او تاييده بخلفية مذهبية.

 

وفي هذا السياق، اوضحت المصادر ان موقف القوات اللبنانية من عدم تسمية الرئيس سعد الحريري ليس نابعا من موقف طائفي، فالقوات تعتبر ان تيار المستقبل هو صديق لها وانه الفريق الاقرب للقوات. وأضافت ان اختيار القوات اللبنانية عدم تسمية احد هو موقف من الطبقة السياسية، والتقاطع مع التيار الوطني الحر غير منسق، وكل طرف له اسبابه.

 

التقدمي الاشتراكي : التأخير في الاستشارات النيابية تكريس للازمة بدلا من حلها

 

بدوره، قال امين سر الحزب التقدمي الاشتراكي ضافر ناصر للديار ان اي تأخير في الاستشارات النيابية يعني مزيداً من استهلاك للوقت غير المفيد، اضافة الى ان التأخير هو خطأ سياسي لانه يؤدي الى تأخير تنفيذ المبادرة الفرنسية وتشكيل الحكومة وتطبيق الاصلاحات، وبالتالي يشكل التأخير في الاستشارات النيابية مساهمة اضافية في تكريس الازمة بدلا من حلها.

 

واعتبر ناصر ان تأجيل الاستشارات النيابية واتهام الحريري بتجاوز المكون المسيحي هو امر غير صحيح، ذلك ان الحريري ارسل وفد المستقبل الى القوات اللبنانية وايضا الى التيار الوطني الحر، مشيرا الى ان ادخال الوطني الحر الطائفية في الملف الحكومي كمن يغطي السماوات بالقبوات. وبمعنى آخر، ان السبب الحقيقي والرئيسي لتأجيل الاستشارات النيابية الى الخميس المقبل الواقع في 22 تشرين الاول هو سعي الوزير جبران باسيل الى استعادة معادلة باسيل – الحريري في ادارة الحكومة وفقا لامين سر الحزب التقدمي الاشتراكي.

 

ولفت ناصر في هذا الاطار الى الانزعاج الفرنسي من تأجيل الاستشارات معتبرا ان هذا الانزعاج ان دل على شيء فهو ان نهج التعطيل لاسباب شخصية لم يعد مقبولا خارجيا ايضا.

 

 وساطة «حزب الله» بين العشائر

 

على صعيد اخر، وفي معلومات خاصة لـ «الديار» عقد لقاء مصالحة بين عشيرتي شمص وجعفر برعاية وحضور الوكيل الشرعي العام للإمام الخامنئي في لبنان الشيخ محمد يزبك والشيخ شوقي زعيتر وممثلين عن العشائر والعشيرتين و«لجنة المصالحة العشائرية» المؤلفة من وجهاء العشائر. وقد اتفق الحاضرون على حصر المشكلة في تسليم المطلوبين، ولا سيما قتلة محمد شمص على خلفية قتل اخوته من آل شمص المدعو عيسى جعفر قبل سنتين.

 

وتم الاتفاق على الاحتكام الى تسليم المطلوبين الى القضاء. وأكد المجتمعون دعم الجيش والتمسك بالدولة ومنع اي فرصة للعدو الاسرائيلي والتكفيريين والطابور الخامس للعبث في البقاع وبث الفتنة بين العشائر والمقاومة وأهل البقاع عامة سنة وشيعة.

اذا كنت ترغب بمتابعة اخبار موقع " icon News" اضغط على الرابط التالي :

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

Whats up

Telegram