لطالما كانت الإنتخابات النيابية في دائرة جبيل - كسروان محط انظار المراقبين السياسيين، لما لها من أهمية للدلالة على المزاج المسيحي بشكل عام وعلى المزاج الماروني بشكل خاص، ورغم انها بالشكل معارك ضمن العائلات السياسية انما في الواقع كانت هذه العائلات تمثل بدورها الاحزاب الحاكمة حينها، وتقاسم المقاعد بين هذه الأحزاب كالوطنيين الاحرار والكتائب اللبنانية والكتلة الوطنية والشهابية التي كانت تمثل المسيحيين اَنذاك في كل لبنان دليل على ذلك، وحتى في انتخابات ما بعد الطائف حافظت قوى الامر الواقع على المقاعد النيابية للعائلات نفسها انما بشخصيات مقربة من النظام السوري وغير الملتزمة بالمقاطعة المسيحية حينها، الى الانتخابات الاولى التي جرت عام 2005، بعد الإنسحاب السوري، والتي كرس فيها المسيحيون العماد ميشال عون زعيماً من دون منازع، وفي انتخابات عام 2018 والتي جرت وفقاً للقانون النسبي فازت لائحة التيار الوطني الحر بأربعة مقاعد مارونية مقابل ثلاثة مقاعد للوائح الأخرى مثبتة مرة جديدة زعامتها المسيحية، والسؤال: هل سنشهد تغييراً للزعامة المسيحية في انتخابات 2022؟ فلننتظر كسروان التي تمثّل عيّنة سياسية لمشهدية ما بعد عام 2022.
وللتذكير بنتائج إنتخابات عام 2018:
-إقترع في دائرة جبل لبنان الأولى جبيل - كسروان 117603 من أصل 180203، أي بنسبة 65.26، وهي أعلى نسبة اقتراع في لبنان، كما وبلغ الحاصل الإنتخابي 14452 صوتاً.
-تنافست خمس لوائح على خمسة مقاعد مارونية في كسروان ومقعدين للموارنة ومقعد شيعي واحد في جبيل.
-حصلت ثلاث لوائح على الحاصل الإنتخابي، فازت لائحة "لبنان القوي" بثلاثة مقاعد في كسروان ومقعد ماروني في جبيل. كما حصلت لائحة "عنا القرار" على مقعد في كسروان ومقعد شيعي في جبيل، كما وحصلت "لائحة التغيير" على مقعد في كسروان ومقعد ماروني في جبيل.
-اقترع للأحزاب السياسية ما يقارب الـ 40% في كسروان، فيما اقترع 55% للعائلات السياسية، و5% للمجتمع المدني. بينما اقترع 62% في جبيل للأحزاب السياسية، و10% لشخصيات سياسية أخرى، واقترع 80% من الشيعة للثنائي حزب الله وأمل، مما يدل ان الإقتراع الحزبي في جبيل أكثر بـ 50% من الإقتراع الحزبي في كسروان، مما يصعّب على الجهات الأخرى في جبيل اختراق إحدى مقاعد الموارنة في هذا القضاء.
-بلغت القوة التجييرية للتيار الوطني الحر في دائرة جبيل كسروان ما يقارب 30000 صوت، فيما بلغت القوة التجييرية للقوات اللبنانية ما يقارب 17000 صوت والثنائي الشيعي ما يقارب 9000 صوت.
-تحالف التيار مع الشخصيات السياسية في كسروان التي اعطت اللائحة 21000 صوت اضافي، مما سمح للتيار بالفوز بمقعد ثانٍ وهو مقعد العميد شامل روكز، كما حصلت الشخصيات السياسية ضمن اللائحة على مقعد واحد وهو المقعد الذي فاز به المهندس نعمة افرام.
بالخلاصة، يبدو حتى الساعة ان التيار سيخوض الانتخابات في قضاء كسروان بمفرده، من دون اي تحالف مع شخصيات سياسية، فالمهندس نعمة افرام يتوجه لتأليف لائحته الخاصة، والاستاذ منصور غانم البون يتوجه الى خوض المعركة بعيداً عن تحالفه السابق، وبالأخص بعد اعلان تأييده لمواقف الدكتور فارس سعيد ضد ممارسات حزب الله واعلانه امام مقربين انه لن يكون على لائحة التيار.
اما في جبيل، فيبدو ان سيناريو 2018 سيتكرر، وحتى اللحظة لا يبدو ان هناك تغييراً في المشهد الانتخابي، فتحالف "القوات" مع الاستاذ زياد حواط أمّن المقعد النيابي للقوات اللبنانية، كذلك من المستبعد على "التيار" التحالف مع حزب الله في جبيل، فبسبب الترتيب النهائي بحسب القانون الانتخابي يجتاز الفائزون الأوائل في جبيل الفائزون في كسروان مما يشكل خطراً على مقعد "التيار" في كسروان، في حال فوز مرشح التيار ومرشح الحزب في جبيل، لذلك من المستبعد تحالف التيار وحزب الله.
اما في حال قرر الدكتور سعيد والاستاذ غانم البون تشكيل لائحة فلن يكون لها امكانية كبرى للفوز بمقعد نيابي في كسروان ما لم يتم التحالف مع الشيخ فريد الخازن الذي قد يؤمن لها الفوز ربما بأكثر من مقعد.
ان معركة دائرة جبيل كسروان ستشهد تكراراً لمشهدية عام 2018 في جبيل، اما انتخابات كسروان فستكون محط انظار كل مراقب للسياسة اللبنانية، والتي من الممكن ان تشهد على معادلات سياسية جديدة تكون لها تأثيراتها المستقبلية على الساحة السياسية.
نسخ الرابط :