في ذكرى قرار "تقسيم فلسطين"

في ذكرى قرار

 

Telegram

 

في ذكرى قرار "تقسيم فلسطين"

 

اليوم هو "يوم حداد للقوميين الاجتماعيين وعبرة للأمة السورية".

هذا ما أعلنه "سعاده" في بداية شهر كانون الأول عام 1947 على أثر قرار "تقسيم فلسطين".

هذا ما ختم به بلاغه الشهير، حيث أعلن النفير وطلب توزيع القوميين على جرائد متأهبة وفتح باب التطوع للانضمام إلى "الجيش القومي الاجتماعي ليحاربوا تحت راية الزوبعة".

واليوم، وبعد سبعين عاماً ونيف، نحيي الذكرى، للأسف، بلا "جرائد" بلا "جيش" ولا "متطوعين".

نحييها، ونحن نشهد بلادنا تذوي أمامنا، وأراضينا تُسلخ منّا جنوباً وشمالاً، وشعبنا يزداد تفسخاً وتمزيقاً، وأمتنا المصغّرة، تصرخ من جَلدنا لها، وتعاني الأمرّين من خنقنا وقهرها لها.

نعلم أن أمتنا تعاني من أمراضٍ خبيثة وعديدة، نعلم أن سورية أصابتها لوثة - لعنة بلا شك.. وانتشرت في كل دولها ومناطقها، وإن اختلفت نوع اللوثة بين دولة وأخرى أو بين منطقة وأخرى، أمراض خبيثة فتكت بها وكان أشدّها فتكاً "النزعة الفردية" لتأتي الأمراض الأخرى مثل "الحزبية الدينية" و"الطائفية" و"العائلية" و"الطبقية" لتكمل الصورة المرضية، لكن بالتأكيد لا يختلف اثنان على أنها ملوّثة، المشكلة أن "سعاده" حدّثنا عن هذه الأمراض وخطورتها، حدّثنا عن طرائق العلاج والجرعات المطلوبة وبالتفصيل، إلا أننا وللأسف فشلنا ولم نكن على مستوى الأمل الذي علّقه علينا، وإلا.. لكنّا خرجنا، ومنذ زمن بعيد، إلى العالم بحقيقتنا الناصعة التي حدّثنا عنها الزعيم.

المشكلة لم تعد في هذه الأمراض بحد ذاتها، المشكلة أن هذه اللوثة دخلت إلى "المختبر" حيث يتم دراسة  الجراثيم والأوبئة واجتراح العلاجات لها. دخلت إلى المشفى الذي يعالج ويداوي، وطالت لوثتها أطباء مهرة، منهم من قضى بسببها فأسميناه شهيداً، ومنهم من تغلّبت عليه الجراثيم فأقعدته عن الصراع، ومنهم من أغوته سهولة العيش مع المرض فتماها معه وماشاه، ومنهم من فضّل الابتعاد عن مراكز العلاج والمختبرات واتخذ لنفسه صفة المراقب والمنظّر والمطالب بتنظيف كل لوثة بانت له من بعيد.. و آثر أن يبقى بعيداً ومنهم من أبى التراجع والاستسلام وقرر المضي قدماً حتى النهاية.

أمام هذا الواقع لا بد ان تختار.

هل تدخل المختبر وتقترب من مراكز العلاج، رغم خطورة الوضع وامكانية انتقال العدوى او التقاطك لأحد أعراضها؟

هل تجرؤ على الدخول في وحول آسنة لتنقذ تلك الجوهرة، وتعرف انها تستحق؟

أم تفضّل البقاء بعيداً تشير إلى الخلل والعيب، تشير إلى جرثومة أو فيروس بانت لك في غرفة من غرف المشفى أو على طبيب أخطأ في العلاج أو أصابته لوثة المرض، تشير عليه وتسخر منه وتفنّد عيوبه وأنت في البعيد، في الوطن كنت أم عبر الحدود؟

قد تقول انهم يفتقدون للمعرفة والمهارة لذا أدخلوا اللوثة إلى المشفى والتقطوا العدوى، وأنك مختلف، فأنت محصّن عقائديّاً، وقد أخذت كافة اللقاحات الفكرية التي تحميك من لوثة هذه الأمراض، في الحقيقة هذا كلام، والكلام دائماً أسهل بكثير من الفعل، ولكن عليك أن تعلم، واعتقد أنك لكذلك، "أن التاريخ لا يسجل الأماني ولا النيّات بل الأفعال والوقائع" وأننا "نحتاج إلى رجال أفعال ومحققي مشاريع أكثر كثيراً مما نحتاج إلى رجال أقوال ومقترحي مشاريع".

كلامي هذا ليس لوماً او تهجّماً، بل صرخة واستغاثة إلى كل "طبيب" و"عالم"، إلى كل من يعتبر نفسه  قادراً على علاج المرضى وتطهير المشفى وانقاذ ما يمكن إنقاذه، إلى كل من لديه القدرة على الإنقاذ لكنه اختار الابتعاد واكتفى بالمشاهدة.

في هذه المناسبة المؤلمة، في يومٍ هو يوم حداد للقوميين الاجتماعيين أقول أننا أصبحنا في زمن أكثر أيامه حداداً فإلام الانتظار؟

في القرن الماضي حذّرنا "سعاده" بأن أمتنا تقف بين الحياة والموت، اليوم تأكدوا بأن كفّة الموت رجحت والوقت ليس في صالحنا.. إطلاقاً.

 

وجدي عبد الصمد

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram