ميقاتي الحائر يرفع سعر المقايضة لا يستطيع ان يحتمل استمرار التصعيد وصولاً الى اجراءات أقسى

ميقاتي الحائر يرفع سعر المقايضة لا يستطيع ان يحتمل استمرار التصعيد وصولاً الى اجراءات أقسى

 

Telegram

 

بقلم د. شادي مسعد

بات رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يدرك ان الأزمة مع دول الخليج لن تنتهي في فترة قصيرة، وبالتالي، فقد الرجل أي امل باختراق الجدار، مثلما كان يأمل يوم وافق على تشكيل الحكومة. وبالتالي، صار من المرجّح ان يتعايش مع هذا الواقع. لكن السؤال، لماذا تُثار مسألة استقالة ميقاتي، في هذه المرحلة؟ وهل يفكر رئيس كتلة الوسط فعلاً بالانسحاب من قيادة السلطة التنفيذية، والتحوّل الى رئيس حكومة تصريف اعمال؟

ما أدركه رئيس الحكومة أن الأزمة مع الخليج لن تنتهي حيث بدأت، والاجراءات التي اتخذتها دول الخليج مرشّحة للتصعيد المستمر في الايام المقبلة. وما قضية وقف اعطاء تأشيرات دخول جديدة الى اللبنانيين، سوى خطوة ضمن مجموعة خطوات قد تأتي تباعا، اذا لم تبادر الحكومة اللبنانية الى اتخاذ اجراءات توقف مرحلة التحدّي القائمة حاليا.

ورغم ان ميقاتي فقد الامل مبدئيا في تصحيح العلاقات واعادة تطبيعها، فإنه لا يستطيع ان يحتمل استمرار التصعيد وصولاً الى اجراءات أقسى قد تتسبّب بأذى وضرر كبيرين لكل اللبنانيين، الامر الذي لا يريد ميقاتي ان يتحمّل مسؤوليته. ومن هنا، يبدو ان الرجل لم يعد يشترط سوى ان توافق القوى السياسية على خطوات مبدئية، مثل دفع وزير الاعلام جورج قرداحي الى الاستقالة، أو اقالته. وهو لا يأمل ان تصطلح العلاقة مع الخليج بمجرد اتخاذ خطوة من هذا النوع، لكنه يعتبر انه يحتاج الى وقف التدهور الى حيث وصل، لكي يتمكّن من إكمال مهمته.

والسؤال المطروح، هل ان القوى السياسية الرافضة لاستقالة قرداحي، سوف تمنح ميقاتي هذه الفرصة لثنيه عن الاستقالة؟
حتى الان، لم تبرز اية معطيات ايجابية، خصوصا أن البعض يعتبر أن ميقاتي نفسه يصعّد في وجه هذه القوى، من خلال بعض المواقف، وآخرها حسمه مسألة بقاء القاضي طارق البيطار في موقعه في التحقيق في جريمة انفجار مرفأ بيروت، بما فسّره البعض بأنه محاولة لقطع الطريق على حزب الله ورئيس المجلس نبيه بري، للمقايضة بين الملفين. اذ ان الكلام تعاظم في الفترة الأخيرة حول امكانية موافقة هذه القوى على اقالة القرداحي في مقابل “قبع” البيطار من موقعه في التحقيق. هذه المعادلة كانت مطروحة على مستوى احداث الطيونة، حيث طُرحت المقايضة بين وقف الضغط على حزب القوات اللبنانية ورئيسه قضائياً، مقابل ازاحة البيطار. لكن هذا العرض سقط بعد تدخّل قوى سياسية رافضة لمحاولة عزل حزب مسيحي بحجم حزب القوات، وبفضل الغطاء الذي أمّنه موقف البطريرك الماروني بشارة الراعي. وبالتالي، انتقلت عروض المقايضة إلى معادلة القرداحي مقابل البيطار. والسؤال لماذا أغلق ميقاتي هذا الباب ايضا، خصوصا انه على المستوى الشخصي ليس مرتاحاً لاداء البيطار في الملف، وسبق وألمح الى ذلك في اكثر من مناسبة؟

هناك عدة تفسيرات لموقف ميقاتي الأخير في ملف البيطار، منها ان الرجل لا يريد اغلاق باب المقايضة، بقدر ما أنه يرغب في رفع السعر. واذا كان لا بد من المقايضة، فانه يريد ان يحصّل افضل الشروط الممكنة. وبالنسبة له، اذا كان الثنائي الشيعي راغبا الى هذا الحد في ازاحة البيطار، عليه ان يدفع ثمناً يوازي هذه الحاجة.

كذلك اعتبر آخرون ان ميقاتي بموقفه الاخير انما اراد ان يفتح بازار المقايضة وليس العكس، وكأنه يوحي ان موضوع البيطار بات في عهدته شخصيا، وانه من يقرر في هذا الملف دون سواه. ولا يختلف اثنان على أن ميقاتي بات في موقف صعب ومعقّد، خصوصاً ان مسألة القرداحي مترامية التشعبات والخلفيات، تبدأ بالصراع الاقليمي السعودي-الايراني، مروراً بالصراعات والحسابات الصغيرة المتعلقة بالصراع بين رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل مدعوماً من رئيس الجمهورية، وبين رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وانتهاء بالصراع المزمن والشخصي احيانا، بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب.

من هنا، تبدو الامور معقدة، وليس واضحا بعد، اذا ما كان ميقاتي يناور في مسألة الاستقالة، التي لم يتحدث عنها علناً ولا مرة، لكنه يوعز بتسريب المعلومات في شأنها الى الاوساط المقربة منه.

في الموازاة، هناك مؤشرات توحي بأن الحكومة مستمرة من اجل انجاز الانتخابات النيابية، والتي قد تكون اصبحت الانجاز اليتيم الذي يسعى إليه ميقاتي، بعدما كان قد قدّم تعهدات في الخارج والداخل، باعطاء هذا الإنجاز الاولوية المطلقة.

كذلك، هناك مؤشرات على أن الأزمة مع الخليج، وبصرف النظر إذا ما كانت ستشهد تطورات تؤدي إلى استمرار التصعيد، أم ستتجه الى التبريد، باقية حتى اجراء الانتخابات النيابية. وبالتالي، دخلت هذه الأزمة ضمن سلة الانتخابات، والتي في ضوء نتائجها سيتبين المسار الذي سيسلكه البلد في المرحلة المقبلة.

اذا لم يحصل التغيير المأمول، ستكون التطورات غامضة، واذا حصل التغيير، لن يكون صعبا البدء في حلحلة الأزمات تباعا، ومن ضمنها الأزمة مع دول الخليج العربي.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram