ألقصد الأساسي في الحزب السوري القومي الإجتماعي هو توحيد إتجاه الأمة الموجودة مصغرة في الحزب . وإذا قلنا أن الأمة هي الحزب السوري القومي الإجتماعي ، وأن الحزب السوري القومي الإجتماعي هو الأمة لم نقل إلا الحقيقة الحرفية المجردة .الأعمال الكاملة 8صفحة 22
أساء السوريون القوميون الاجتماعيون وخاصة أولئك الذين اتخذوا على عاتقهم الإجتهاد المنقوص والتأويل المقلوب ، فأفرغوا العبارات من معانيها الحقيقية
وألبسوها رداء التسطيح فغدت عبارات للتباهي والتأكيد على الأهمية والتمييز والدلالة على النخبوية .
ومن هذه العبارات السائدة عبارة ، الحزب دولة الأمة السورية ، يرددها السوريون القوميون الاجتماعيون دون الانتباه الى السياق الذي ورد فيه هذا التعبير ، ويمتدحون أنفسهم ، ويفاخرون بأن حزبهم يمارس عقلية الدولة .
يقول سعاده :
القصد الأساسي في الحزب السوري القومي الاجتماعي هو توحيد إتجاه الأمة الموجودة مصغرة في الحزب .
ماذا قصد سعاده في " توحيد إتجاه الأمة الموجودة مصغرة في الحزب ."
لم يقل سعاده أن الحزب هو الأمة ، ولهذا دلالات كبيرة لها علاقة بالحرية والديمقراطية والصراع الفكري ، فاستعمال مصطلح "مصغّرة" يعني أن الأمة بتراثها وروحيتها وما يسودها من تناقضات سلبية هضمها الفكر السوري القومي الاجتماعي وأعطاها وحدة الاتجاه .
نعود الى سعاده :
ولما كان الحزب السوري القومي الاجتماعي هو الأمة مصغرة كان عليه أن يعتبر نفسه ، في حقيقة اتجاهه وأهدافه ، دولة الشعب السوري المستقلة . ولذلك أعلنت أن القوميين الإجتماعيين يشعرون أن الحزب هو بمثابة دولتهم المستقلة ,ج8ص25
قال سعادة أن الحزب هوالأمة المصغرّة قبل أن يقول أن الحزب دولة القوميين المستقلة ، فإذا لم يستطع الحزب أن يكون الأمة مصغرّة لن يكون دولة القوميين المستقلة، وليكون الحزب دولة الأمة وجب عليه أن يحقق ما أنشىء من أجله .
يقول سعاده :
بل أنشىء الحزب السوري القومي الاجتماعي ليعمل على تطوير حالة المجتمع وتوحيد العقائد في عقيدة واحدة هي العقيدة القومية التي لا عقيدة غيرها تكفل زوال النظريات الخصوصية وتضمن توحيد الشعور والاتجاه .
مرة جديدة يشرح أنطون سعاده لماذا أنشأ الحزب السوري القومي الاجتماعي :
تطوير حالة المجتمع
توحيد العقائد
زوال النظريات الخصوصية
توحيد الشعور والإتحاه
وطالما الحزب لم يحقق واحدة من هذه الشروط فإنه ليس دولة السوريين القوميين الإجتماعيين ، إلا عند أولئك الذين جذبهم التعبير ولم يحاولوا التفكّر بمعانيه ، لذلك نراهم يرددونه كترداد الببغاء لأغنية يّغنيها صاحبه .
نتابع مع سعاده :
إن أول نقطة هي ما علقته على نظرتي الى أن الحزب السوري القومي الاجتماعي يشكل خروجا من الفوضى ، إلى الاتجاه ، الى النظام، الى وحدة الاتجاه.ووحدة الاتجاه تعني حتما وحدة النظر الى الحياة ، لأنه لا يمكن أن نوحد اتجاهنا إذا لم تكن لنا نظرة واحدة الى الحياة والكون والفن . الأعمال الكاملة ج8ص22
أورد سعاده في هذا النص المصطلحات التالية : الفوضى ، الاتجاه ، النظام .
ما المقصود بالفوضى ؟
فوضى الأفكار ، فوضى العقائد ، فوضى الانتماء ، فوضى الثقافات ، فوضى المصالح ، فوضى الحريات ، فوضى الاكتساب من التراث ، فوضى العلاقات ، فوضى المواقف من التحديات ، فوضى المواقف من الأجزاء السليبة ، فوضى النظرة الى الحياة والكون والفن .
تعتبر هذه الفوضى القابضة على تفاصيل حياتنا ،العِلّة المركزية التي تعاني منها الأمة ،لأنها تمنع حصول وحدة الاتجاه ، لذلك أكد سعاده على الخروج من الفوضى . وهذا يعني أنه لا مكان للفوضى في الحزب السوري القومي الاجتماعي ،
لذلك كانت عملية الانتقال من الفوضى السائدة في المجتمع الى الانتماء الى الحزب السوري القومي الاجتماعي، تعني القضاء على الفوضى، وبالتالي انتقال الأمة من الواقع الذي تعيشه بالقوة الى واقعها الجديد في الحزب السوري القومي الجديد .
وهنا يحق لنا أن نسأل هل تحقق هذا الشرط بعد استشهاد الزعيم أو أن الواقع الفوضوي الذي تعيشه الأمة انتقل الى الحزب السوري القومي الإجتماعي .؟!
نعود الى القصد الأساسي، الى الحزب السوري القومي الإجتماعي .
يقول سعاده الخروج من الفوضى الى الاتجاه وإلى النظام .
لم تكن عظمة سعاده بجودة التوصيف فالتوصيف فن يمكن لكثير من المفكرين والمثقفين ممارسته بإبداع ، بل كانت عظمة سعاده برسم المخارج بعد التوصيف ، فقد أجاد قبله جبران خليل جبران ، وأمين الريحاني ، والكواكبي وغيرهم من المتنورين التوصيف، ولكن لم يستطع أحد منهم أن يرسم مخرجا واحدا ، أجادوا بالحديث عن الفوضى ، وأبدعوا بالكتابة عن الأمراض لكنهم عجزوا عن التلميح ولو بجملة لمشروع خلاص ، وهذا ما ميز سعاده عنهم عندما قال :
الخروج من الفوضى الى الإتجاه والنظام .
ماذا يعني سعاده بالاتجاه وماذا يعني بالنظام .
يقول سعاده :
هي العقيدة القومية التي لا عقيدة غيرها تكفل زوال النظريات الخصوصية وتضمن توحيد الشعور والاتجاه .
قصد سعادة بالاتجاه ،النظرة الى الحياة والكون والفن ، وهذه النظرة التي أطلقها سعاده ليست جامدة ، ولم يقل سعاده يوما أنه أقفل باب الاجتهاد ، بل قصد سعاده أنه وضع أساس النظرة السورية القومية الاجتماعية للكون والفن والحياة، وعلى أتباع هذه النظرة، فتح الآفاق الجديدة والسير بمقولاتها بما يتناسب مع حركة المجتمع الداخلية وحركة الصراع الفكري والعقائدي وصراع المصالح في العالم .
ماذا يعني سعاده بالنظام
يقول :
إن النظام يوجد طريقة العمل الموحد المثلى لبلوغ الهدف ، أما التنظيم فيشمل المصالح الداخلية على إختلافها ويوحدها في مصلحة الأمة التي هي أساس كل نظام وتنظيم . وخدمة مصلحة الأمة هي التي تجعل للنظام والتنظيم قيمة . وفهم مصلحة الأمة وخدمتها هما القوة العظيمة القائمة وراء نظام الحزب السوري القومي وتنظيمه .
وإذا قلنا أن الأمة هي الحزب السوري القومي الإجتماعي ، وأن الحزب السوري القومي الإجتماعي هو الأمة لم نقل إلا الحقيقة الحرفية المجردة .
يتطلب هذا الانسكاب للأمة بالحزب وللحزب بالأمة، إدراك الحزب هذه الحقيقة، لأن الحزب الذي هو الطرف الأول بالمعادلة هو الوجود بالفعل والقوة، وبالتالي يتحمل مسؤولية إرتقاء الأمة بينما الأمة في هذه المعادلة هي الوجود بالقوة ولا يتحول الى وجود بالفعل إلا إذا كشف الحزب مكامن القوة في الأمة وأخرجها من الجمود الى الحركة فيحصل التفاعل الاجتماعي الذي هو ركيزة من ركائز الفكر القومي الاجتماعي .
كما طرح سعاده السؤال المركزي من نحن، وكما سأل ما الذي جلب على شعبي هذا الويل ، على السوريين القوميين الاجتماعيين أن يطرحوا السؤال التالي:
هل استطاع الحزب السوري القومي الاجتماعي ان يكون الأمة وأن تكون الأمة الحزب السوري القومي الاجتماعي ؟
الجواب المؤكد هو: لا،
فلماذا فشلت معادلة الحزب هو الأمة والأمة هي الحزب ؟
نحتاج الى أجوبة صريحة كي نستطيع الشروع بإعادة البناء واستكمال التأسيس .
سامي سماحة
نسخ الرابط :