في مشهد يتكرر مؤخرًا في حفلات كبار الفنانين، يجد الجمهور نفسه أمام معادلة يصعب فك شفراتها: أين تنتهي العفوية وتبدأ الاستراتيجية المدروسة؟ فما بين اندفاع المشاعر الجياشة وحسابات التسويق الرقمي، تمتد منطقة رمادية تثير تساؤلات عن مصداقية هذه المشاهد.
في حفلات النجم راغب علامة، تحوّلت منصة العرض إلى مسرح لتفاعلات شخصية أثارت الجدل. من معجبة تصعد المنصة لتقبل الفنان وتطبع وشمًا لصورته على جسدها، إلى أخرى تحتضنها الكاميرات وهي تشارك النجم رقصته على الأنغام. هذه المشاهد التي يعيد الفنان نشرها على منصاته الاجتماعية، تثير استفهامًا جوهريًا: هل نحن أمام تعبير تلقائي عن الإعجاب أم أداء مُعدّ مسبقًا؟
من جهته، يدافع علامة عن عفوية هذه اللحظات، مشيرًا إلى "زوايا التصوير الخادعة" ومؤكدًا على صدق مشاعر معجبيه. لكن النقابات الفنية تبدو قلقة، حيث تُحذر نقابة المهن الموسيقية المصرية من "السلوك غير المنضبط"، وتكشف عن طلب الفنان نفسه منع صعود المعجبات إلى المنصة - مما يضفي غموضًا إضافيًا على طبيعة هذه التفاعلات.
تحليل هذه الظاهرة يكشف أبعادًا متعددة:
- العلاقة الافتراضية: يشعر المعجبون بارتباط عاطفي حقيقي مع الفنان، يدفعهم لاختراق الحواجز التقليدية
- التسويق بالعاطفة: تتحول هذه اللحظات إلى محتوى منتشر يزيد التفاعل ويوسع قاعدة الجمهور
- اقتصاد الاهتمام: في عصر السوشيال ميديا، تصبح "اللحظة الاستثنائية" سلعة ثمينة
وراء الضجيج الإعلامي، تختفي تحديات حقيقية:
- خيبة أمل الجمهور عند اكتشاف تدبير هذه اللحظات
- ضغوط نفسية على الفنان للحفاظ على وتيرة التفاعل المثيرة
- مخاطر أمنية حقيقية من السماح لأشخاص غير معروفين بالصعود إلى المنصة
الحل لا يكمن في قمع حماسة الجمهور أو اتهام الفنانين بالتخطيط المسبق، بل في إيجاد مساحة متوازنة تحافظ على:
- صحة العلاقة الفنية بين المبدع ومتابعيه
- الأمان الجسدي للطرفين
- مصداقية التجربة الفنية بعيدًا عن التمثيل المسرحي
في النهاية، تبقى العفوية الحقيقية هي التي تنبع من احترام متبادل، وتلك هي اللحظات التي تخلق فنًا حقيقيًا يبقى في الذاكرة - ليس كمجرد محتوى رقمي عابر، وإنما كتجربة إنسانية أصيلة.
| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا
نسخ الرابط :