من دماء شهداء الجيش إلى ضحايا المخدرات… ثلاثية تُباع وتُشترى في بازار المقايضات السياسية

من دماء شهداء الجيش إلى ضحايا المخدرات… ثلاثية تُباع وتُشترى في بازار المقايضات السياسية

 

Telegram

 

كتب رشيد حاطوم 

نوح… فضل… وثقافة “تمرير الملفات”: ثلاثية تُعيد فتح جراح اللبنانيين

 

هناك شيء «غير مريح» في هذا البلد. شيء يعرفه الناس بالفطرة حتى لو لم يُعلن:

عندما تتزامن الملفات الثقيلة، ابحث عن السياسة… لا عن الحقيقة.

 

اليوم، يعود اسما نوح زعيتر وفضل شاكر إلى الضوء، كلٌّ عبر مسار “تخفيفي” أو “تحوّلي”، وكأنّ الزمن قرّر فجأة أن يصبح رقيقًا معهما بعد سنوات من الاتهامات والتجاذبات.

والناس تسأل فورًا:

هل هي صدفة؟ أم أن التزامن يحمل بصمة السياسة، لا القضاء؟

 

في لبنان، لا شيء يحدث في الفراغ.

وهذا ليس حدثًا منفردًا، بل جزء من نمط واضح: ملفات أمنية كبرى تُفتح عندما تحتاجها السياسة… وتُقفل عندما يصبح إغلاقها مفيدًا.

 

تاريخ طويل من “الحلول السحرية” في يد السياسيين

 

من ينسى كيف تلاشت قضايا كبيرة في هذا البلد؟

– من ملف نيترات الأمونيوم الذي تكسّر على جدار السياسة،

– إلى ملفات أحداث عبرا وخلدة والطيونة التي قُسمت طائفيًا،

– إلى عشرات المطلوبين في بعلبك–الهرمل الذين كانت ملفاتهم تُستعمل موسمياً،

– إلى تسويات أُنجزت خلف الكواليس وأنتجت “تنظيفات” سياسية بلباس قضائي.

 

القاسم المشترك؟

الطبقة السياسية تمسك باللبنان من رقبته، وتتعامل مع القضاء كخشبة ديكور في مسرحها.

 

توقيت “نوح” وتوقيت “فضل” ليسا بريئين سياسياً

 

عندما تظهر براءتان أو تخفيفان في فترات متقاربة لأسماء ارتبطت في الذاكرة الشعبية بقضايا ثقيلة، من المستحيل أن يُقنعك أحد بأنها “مصادفة”.

السياسة في لبنان تعرف كيف تستعمل الوقت، وكيف تبني الرسائل، وكيف تبيّض صفحات حين تحتاج الأصوات، وكيف تفتح بوابات حين تتطلب المصلحة “تنفيس الاحتقان”.

 

والقصص القديمة؟

“الفطايس، البسط، الانشراح”…

كلّها تصبح تفاصيل قابلة لإعادة التدوير حين يحين وقت الصفقة الجديدة.

 

المسؤولية؟ في عنق السياسيين وحدهم

 

القضاء ليس جزءاً من النقاش.

ولا الأحكام.

 

الجوهر هو أن الطبقة السياسية:

– تفتح الملفات وتغلقها وفق موازينها،

– تعيد تدوير الأسماء مثلما تعيد تدوير الحلفاء،

– تحوّل العدالة إلى سلعة،

– وتضع الحقيقة في مواجهة ميزان القوى.

 

 جرحان مفتوحان… شهداء الجيش وضحايا المخدرات

 

في النهاية، يبقى السؤال الأكبر:

عائلات شهداء الجيش… دماء أبنائهم لمن تُرفع؟

لمن يلجأ هؤلاء وقد صادر السياسيون عدالة الأرض بصفقاتهم ودهاليزهم السوداء؟

أمٌّ فقدت ابنها، وأبٌ مات قهرًا قبل أن يرى محاسبة واحدة… من ينصفهم؟

لا أحد.

لم يبقَ لهم سوى عدالة السماء بعدما خُطف حقّهم على الأرض.

 

وفي الجهة الأخرى، هناك مجتمع بكامله دفع ثمناً مرًّا لآفة المخدرات.

شباب ضاعت حياتهم، شابات سقطن في الهاوية، بيوت تهدّمت من الداخل…

من يردّ لهم أعمارهم؟

من يداوي الخراب الذي صنعته الحماية السياسية والتسهيلات والمسارات “المرنة” لملفات ضخمة؟

من يعتذر من الأحياء التي تحوّلت إلى خطوط نار بين الإدمان واليأس؟

 

هنا تتلاقى المأساتان:

شهداء الجيش الذين سقطوا دفاعًا عن وطن… وضحايا المخدرات الذين سقطوا بسبب دولة تخلّت عن واجبها.

 

وبينهما، تقف طبقة سياسية لا ترى في ألم اللبنانيين إلا ورقة…

ولا في الدم إلا تفصيلًا…

ولا في الحقيقة إلا بندًا قابلًا للمقايضة.

 

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram