كتب رشيد حاطوم
لم يعد غريباً أن تسمع همساً علنياً، بل وصريحاً، يدعو إلى إشعال نار حرب يأكل آخرها أولها. لكن الجديد هذه المرة هو مستوى الصفاقة والاستجداء الذي بلغه خطاب "السياسيين" مثل شارل جبور، المتحدث باسم "القوات اللبنانية"، الذي حوّل منصاته إلى منبرٍ لاستيراد العدوان واستجداء الدمار، ظاناً أن لبنان مزرعته ومقاوميه غرباء.
الاستجداء المكشوف والغباء المُعْلَن
بكل وقاحة المستفيد من دمار غيره،وبغباء من لا يتعلم من دروس الماضي، يطلّ جبور ليستجدي قوى خارجية لضرب إرادة شعب ومقاومة تمسكت بأرضها. حديثه عن "مهلة 72 ساعة" للمقاومة ليس إلا اعترافاً صريحاً بالعجز، ووثيقة إدانة ذاتية بالخيانة. إنه يرفع صوته عالياً طالباً من "ترمب" وأسياده تدخلاً يذبح "السلم الأهلي" بيدٍ أمريكية-إسرائيلية، ويظن أن في ذلك نَجَاحاً سياسياً. أي غباء هذا الذي يتجاهل أن شعب المقاومة ومقاتليه جزء لا يتجزأ من هذه الأرض، وأن محاولة اقتلاعهم هي محاولة اقتلاع للبنان كله، بكل مكوناته وانتماءاته؟
أبطال تقطع رؤوس الأفاعي.. من حبيب الشرتوني إلى أبطال المقاومة.
هذه الأمة ولادة،ومقاومتها مستمرة بولادة أبطالها على مدى التاريخ. فكما أنجبت من مثل البطل حبيب الشرتوني الذي قطع رأس أفعى الارتهان للعدو في لحظة تاريخية حاسمة، فإنها تنجب اليوم أبطالاً لا يُعدّون ولا يُحصَون، يتابعون نفس الدرب ويحملون نفس البندقية والعقيدة. هم ليسوا أسماء في كتب التاريخ فحسب، بل هم رجال ونساء أحياء، يصعدون اليوم إلى حدود الوطن، ويقولون كلمتهم في وجه أي عدوان. إنهم الرد الحي على كل من يفكر بأن هذه الأمة استنفدت رجالها.
من "التجليطة" إلى "الوكالة".. عقيدة الخونة الجدد
لم يعد يكفي جبور ورفاقه وصف المقاومة بـ"غير الشرعية"،فانتقل إلى مستوىً أخطر، يطعن في العقيدة والإيمان الذي تستمد منه هذه المقاومة شرعيتها وقوتها. فوصف عقيدتها بـ"التجليطة" ليس سقطة لسان، بل هو تعبير صادق عن حقدٍ مكنون ورؤية استعلائية تجاه إيمان ملايين اللبنانيين. إنها نفس العقلية التي تنتظر دائماً "أمراً" من سيد خارجي لتنفيذه بحرفية العبد المطيع. هم يتهمون غيرهم بالتبعية، بينما هم، بكلامهم هذا، يوقعون عقد "الوكالة" والتبعية بإرادتهم الحرة.
كمين السلم الأهلي والخيانة المبيتة
يقفز جبور وكل من يفكر مثله عندما تُطلق عليهم صفة"العملاء"، لأن الكلمة تؤلمهم وتكشف حقيقتهم التي يحاولون إخفاءها خلف شعارات "السيادة" المزيفة. لكن أي سيادة هذه التي تبني نفسها على طلب التدخل الأجنبي؟ وأي سلم أهلي هذا الذي يريدون تحصينه بتسليم البلد لإرادة المحتل؟ إن خطابهم هذا هو كمين حقيقي للسلم الأهلي، وخيانة مبيتة للوطن. إنهم يريدون حرباً يدفع ثمنها غيرهم، ويحصدون هم نتائجها السياسية. يقتلون ويُهجرون ويدمرون بالوكالة، ثم يأتون ليتحدثوا عن "الدولة".
رسالة إلى جبور وأسياده
فهمها منيح يا غبي ويا كل من يفكر مثلك:لبنان الذي تحلم بتحويله إلى ساحة لحربكم ليس هو لبنان العام 1982 أو ما شابه. لقد تغيرت المعادلة. ذهبتم أنتم وأسيادكم في المرة السابقة، وستذهبون في كل مرة. المقاومة ليست مجرد أفراد يمكن نزع سلاحهم بإنذار، إنها إرادة شعب، وهي عقيدة أمة، وسلالة من الأبطال من رجال مثل حبيب الشرتوني إلى رجال اليوم. أنتم تريدون حرباً لـ "تقويم السلوك"، ونحن نقول لكم: إن حربكم هذه، إن جئتم بها، ستكون حرباً لن تبقي لكم ولا لأسيادكم موقعاً ولا وجاهة. فلتخبروا من يهمه الأمر: لبنان المقاومة باقٍ، وشعبها باقٍ، وإرادتها أقوى من كل استجدائكم الحقير.
| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا
نسخ الرابط :