أخبار
"نُخام ترامب، ضغيب العرب، وزئير غزة... وتستمر المواجهة"
في عالمٍ مقلوب المعايير، تُمسح الحقائق بمداد الكذب، وتُرسم خرائط الظلم على أجساد الأبرياء. وفي هذا المشهد، يأتي دونالد ترامب لا كزعيمٍ سياسي، بل كرمزٍ فجّ لاستعلاءٍ عالمي يختصر العدالة بصفقات، ويحوّل فلسطين من قضية وجود إلى بندٍ على طاولة مساومة.
نُخام ترامب ليس فقط لفظًا نابضًا بالاحتقار، بل خلاصةُ موقفٍ أميركي يتعاطى مع الشعوب بعقلية السيد والعبد. لم تكن تصريحاته عن غزة مجرد رأي، بل كانت لعنة تتدحرج، تبارك القتل، وتمنح القاتل ضوءًا أخضر ليمضي في ذبح التاريخ، والجغرافيا، والذاكرة. هو لم يتقن فن السياسة، بل أتقن فن الاستفزاز، فتقيأ قراراته على خرائطنا، واعتبر أن "الهدنة" هي شكل متطور من أشكال استسلامنا.
وفي الجهة الأخرى، ضغيب العرب ذلك الصوت الخافت المشوب بالخجل، لا يرقى إلى أن يُسمى موقفًا. بيانات الشجب والاستنكار أصبحت طقوسًا مملة، كرغبة شيخٍ في الصلاة دون وضوء. الصمت الرسمي أشدّ وقعًا من صاروخٍ على حيّ، والتغاضي أكثر إيلامًا من الغارات. وكأن بعض العرب لا يرون في فلسطين إلا حرجًا دبلوماسيًا يجب تجاوزه.
لكن في عمق المشهد، زئير غزة يمزّق كل هذا الصمت. مدينة ضاقت بها المساحة، واتّسعت بها الكرامة. غزة ليست فقط مدينة، إنها ضمير الأمة حين يغفو الجميع. هي الطلقة الأخيرة في بندقية شرف، هي الطفلة التي ترفع حجرًا بيد، وتصرخ بوجه الموت: "لن أمرّ مرور الكرام".
غزة لا تطلب شيئًا، فقط أن تُترك لتقاوم، لتُدافع عن حقها بيديها العاريتين، وبعزيمة شعبٍ يموت واقفًا ولا يسجد إلا لله.
وتستمر المواجهة...
لأن غزة ليست في معركة حدود، بل في معركة هوية وكرامة. لأن فلسطين ليست عنوانًا قديمًا في أرشيف النكبات، بل جرحٌ مفتوح في خاصرة الأمة، لا يُشفى بالخطابات، بل بالمواقف.
وفي زمنٍ صار فيه الانبطاح حكمة، والمقاومة إرهابًا، تبقى غزة تكتب بلحمها البيان الأخير:
"لن تُباع القدس، ولن تُنسى الضفة، ولن تُكسر غزة.
هي لا تحارب وحدها، بل باسم أمةٍ خانها ملوكها، وأحبتها شعوبها.
فلتعلموا، أن في كل نُخام استعلائي، يولد ألف زئير مقاوم،
وأن التاريخ لا يُكتَب بالحبر فقط... بل بالدم، والصمود، والإيمان.
بقلم : محمد هاني هزيمة محلل سياسي وخبير استراتيجي.
| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا
نسخ الرابط :
مقالات أخرى من تصنيف : سياسة وخفايا
