السيد الأقدس… الصخرة التي لم ولن تهتز

السيد الأقدس… الصخرة التي لم ولن تهتز

 

Telegram

في مشهدٍ سياسي بات فيه خلط المفاهيم وتوجيه البوصلة أمرًا شائعًا، خرج النائب نبيل بدر بتصريح قال فيه: “تبقى صخرة الروشة رمزًا لبيروت وصورة عن لبنان بأسره… إحياء أي ذكرى يصبح أسمى حين يتم في فضاء يعبّر عن أصحابه، لا على معلم ارتبط بتاريخ العاصمة وهويّة الوطن الجامع.”

تصريحٌ للوهلة الأولى قد يبدو في ظاهره دعوة للحفاظ على الرمزية الوطنية، لكنه في حقيقته محاولة مكشوفة لتقزيم الحضور الشعبي والوجداني العميق لأحد أكبر رموز العاصمة: سماحة السيد الأقدس.

فبيروت، لمن يعرفها بحق، ليست مجرد صخرة في البحر مهما بلغ جمالها، بل هي مدينة من لحم ودم، عاشت وجع الاجتياح، وذاقت مرارة التفجير، وشهدت على تهميشٍ طويل لأحيائها وناسها، وفي مقدمتها حيّ الكرنتينا… هذا الحيّ الذي أنجب رجالًا لا تليق بهم إلا العناوين الكبيرة، ومنهم السيد الأقدس، ابن هذه الأرض، وناطق باسم وجعها، وسقف منيع في وجه من حاولوا تهميشها وتحويلها إلى ذكرى سياحية لا أكثر.

كيف يمكن أن يُقال إن “الذكرى تُحيى في فضاء يعبّر عن أصحابه”، حين يكون صاحب الذكرى هو نفسه ابن المكان، وركن من أركانه، وسيرة حيّ بأكمله نطقت بالكرامة؟
وهل هناك من “يعبّر عن أهل بيروت” أكثر ممن عايش أوجاعها، وحمل قضايا ناسها، وصمد في أزقّتها حين غاب الجميع؟

سماحة السيد الأقدس ليس مجرد رجل دين. هو صوت، وهو فعل، وهو موقف.
هو الذي حمل همّ الكرنتينا حين كانت منسيّة، وسُمع صوته عاليًا في المظلوميات، وليس في احتفالات النخبة.
هو من مثّل وجدان بيروت التي تقف في وجه العاصفة، لا تلك التي تقف عند صخرة وتبتسم للكاميرا.

وبالتالي، فإن من أراد الحديث عن رمزية العاصمة، فليبدأ من ناسها، من شوارعها، من حاراتها التي نسيتها الدولة وتذكّرها أمثال السيد الأقدس في كل صلاة وخطبة وموقف.

أما صخرة الروشة، فرمز طبيعي بلا شك، لكن من الغريب أن يختصر نائب في البرلمان اللبناني ذاكرة العاصمة في معلم سياحي، ويتجاهل رموزًا حيّة تسكن في قلوب الناس.
وهنا، لا بدّ من القول:
نبيل بدر، قد تخطئ في السياسة، لكن لا يُسمح لك أن تُخطئ في معنى بيروت، أو أن تحاضر في هويتها أمام من صنعوا هذه الهوية بوجعهم وصمودهم.

خلاصة القول: بيروت لا تبحث عن من يصوّرها، بل عن من يُنقذها.
والسيد الأقدس، ابن الكرنتينا، لم يكن صورة، بل كان الصخرة التي لم تهتز يوم اهتزّت كل المعالم.
فاحترموا الذاكرة… واحترموا من لا يزالون واقفين في زمنٍ كَثُر فيه الواقف على الأطلال.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram