افتتاحيات الصحف المحلية الصادرة اليوم الثلاثاء 5 آب 2025

افتتاحيات الصحف المحلية الصادرة اليوم الثلاثاء 5 آب 2025

 

Telegram

 

افتتاحية صحيفة البناء:

نتنياهو يتحدث عن قرار احتلال غزة وإنهاء التفاوض… والمقاومة تعلن جهوزيتها

الحكومة تفتح ملف سلاح المقاومة بحذر… وتملّص أميركيّ من ضمان وقف النار 
حزب الله: مَن يتبنّى نزع سلاح المقاومة يتماهى مع الخطاب الأميركيّ الإسرائيليّ

أحيا لبنان ذكرى انفجار مرفأ بيروت، مع أمل بقرب صدور نتائج التحقيق القضائيّ، ونجاح القضاء في تقديم صورة مختلفة عن واقع المؤسسات في لبنان، بعيداً عن التسييس والمحاباة والاستهداف وتصفية الحسابات وتقديم أوراق الاعتماد للخارج، لأن كل ذلك يعني أن الفاعل الحقيقيّ سوف يفلت من العقاب، وسوف تستخدم المحنة في حسابات السياسة الداخلية والخارجية، ونيل التصفيق الداخلي والخارجي كما تعوّدنا ليس معياراً للحكم على النجاح والفشل، بل مصدر إضافي للقلق من توظيف القضية في حسابات كبيرة تملك القدرة على تضخيم صوت التصفيق.

على المستوى الحكومي تعقد الحكومة جلسة وصفت بالتاريخيّة والمصيريّة لتصدر جدول أعمالها بند يتصل بمستقبل سلاح المقاومة، تحت عنوان بسط سيادة الدولة وحصر السلاح ومتابعة اتفاق وقف إطلاق النار في جنوب لبنان، ووفقاً لمصدر وزاريّ فإن الحكومة تتجه لمقاربة الملف بحذر بما لا يعرّض البلد للدخول في مرحلة من الاهتزازات السياسية والشعبية أو الانقسامات الطائفية، وربما الأزمات الحكومية، ويعتقد المصدر أن الاتصالات المستمرة والتي سوف تستمر حتى انعقاد الجلسة وخلالها تسعى لصياغة مقاربة تحظى بنسبة من الاجتماع والتوافق، بحيث تتيح مخاطبة الضغوط الخارجية دون إدخال الداخل اللبناني في عنق الزجاجة، والمزيد من التأزم، ووفقا لمصادر متابعة، فإن الأرجح هو التأكيد على توجهات وردت في خطاب القسم والبيان الوزاري في مجالي حصر السلاح بيد الدولة والتمسك بإنهاء الاحتلال ووقف الاعتداءات الإسرائيلية، على أن يُترك للمجلس الأعلى للدفاع بلورة آليات تنفيذية لتحقيق الهدفين.

في مواقف حزب الله تأكيد واضح على رفض التراجع عن صيغة التوافق التي جمعت المقاومة والدولة على موقف موحّد يقول بأن المقاومة نفذت ما عليها عبر الانسحاب من جنوب الليطاني وأن الخطوة المطلوبة بعد ذلك هي من جانب الاحتلال بتنفيذ الانسحاب من المناطق الواقعة ضمن الخط الأزرق ومنها التلال الخمس، ووقف الاعتداءات والانتهاكات للأجواء والمياه اللبنانية، وأنه على الأميركي ضامن الاتفاق أن يضغط على الاحتلال لتنفيذ موجباته بدلاً من الضغط على لبنان لطلب المزيد، ووفق تأكيدات قادة حزب الله فإن الحزب ليس جاهزاً لبحث أي طلب قبل ذلك، وعندما يتحقق ذلك فإن الدولة والمقاومة سوف تبحثان في مستقبل سلاح المقاومة ضمن إطار استراتيجية للدفاع الوطني، وكانت مواقف معلنة لنواب حزب الله، منهم الدكتور علي فياض والدكتور علي المقداد تلاقت على القول إن من يطلب نزع سلاح المقاومة يتماهى مع الموقفين الأميركي والإسرائيلي.

وخيّمت أجواء من الترقب والقلق في البلاد عشية انعقاد جلسة مجلس الوزراء لمناقشة بنود جدول الأعمال المتعلق باستكمال تطبيق البيان الوزاري وبسط سلطة الدولة على أراضيها وتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وسط تكثيف الضغوط الدولية على لبنان والتهديد بحرب إسرائيلية واسعة وتوتر سياسي داخلي وتداعيات أيّ خضة حكومية على الشارع الذي يشهد تظاهرة في ساحة رياض الصلح داعمة للمقاومة ورفضاً لنزع السلاح دعت إليها عشائر البقاع وتظاهرة مقابلة دعت إليها تجمّعات لدعم مطلب تسليم السلاح.

ووفق معلومات «البناء» من أكثر من مصدر فإن المشاورات الرئاسية وبين مستشاري الرؤساء أو ما يُعرف بلجنة المستشارين لم تتوصل إلى صيغة توافقية نهائية حتى منتصف ليل أمس، وبالتالي الاتصالات واللقاءات ستستمرّ حتى بعد ظهر اليوم قبل انعقاد الجلسة لتمرير الجلسة بأجواء إيجابية وهادئة من دون سجالات وخلافات تؤدي إلى تصدّع الحكومة وتعطيل عملها وقراراتها. ولفتت المعلومات إلى حرص كافة الأطراف على جملة ثوابت وطنية أولاً على وحدة الحكومة واتخاذ القرار بالتوافق والإجماع وعدم المسّ بالاستقرار الداخلي والسلم الأهلي والحفاظ على السيادة وعدم الاصطدام بين الجيش والمقاومة وبالتالي يجري بحث جدّي لإيجاد تخريجة إنشائية لاحتواءالضغط الخارجي ولا تستفز حزب الله.

ووفق ما يشير مصدر وزاري لـ»البناء» فإن الصيغة التي ستخرج بها الحكومة على شكل بيان أو قرار سيحمل مضمونَ خطاب القسم وتحت سقف البيان الوزاري لجهة التأكيد على حصر السلاح بيد القوى الشرعيّة إلا أنه لن يغوص في تفاصيل تطبيق هذا القرار وسيحيل المهمة الى المجلس الأعلى للدفاع، الذي لن يتأخر في الاجتماع وفي إقرار تفاصيل تنفيذ القرار.

ويشير المصدر الوزاري إلى أن البيان الوزاري وخطاب القسم لا يختلفان عن مذكرة التعديلات اللبنانية على الورقة الأميركية التي تسلمها براك من الرئيس جوزاف عون والرئيس نبيه بري، وبالتالي تنسج مع الدستور اللبناني والمصلحة الوطنية وأهم بنودها الانسحاب الإسرائيلي من كامل الأرض المحتلة ووقف الاعتداءات وإطلاق الأسرى وإعادة الإعمار ودعم الجيش بمليار دولار على عشر سنوات وحماية الحدود الشرقيّة وبالتزامن والتلازم مع حصر السلاح بيد الدولة.

وشدّد المصدر على أنّ هذه المعادلة أيّ التزامن والتلازم بالالتزام والتطبيق يضمن تحصيل الحقوق اللبنانية وحماية الحدود ويحافظ على حق لبنان بالدفاع عن نفسه في أي لحظة يتعرض لعدوان.

وعلمت «البناء» أن المستشارين «الجوالين» يجولون بين المقار الرئاسية للتوصل إلى صيغة توافقية وقد يحصل توافق قبل الجلسة بساعات قليلة.

ووفق المعلومات زار رئيس الحكومة نواف سلام بعبدا بعيداً عن الإعلام والتقى رئيس الجمهورية وبحث معه آخر الاتصالات والنقاشات حول جلسة اليوم. ومن غير المستبعد أن يزور الرئيس بري بعبدا للتنسيق مع عون بمناقشات الجلسة كما زيارة سلام إلى عين التينة لوضع اللمسات الأخيرة على الصيغة التي سيخرج بها المجلس.

وقال وزير مقرّب من الرئيسين بري وسلام لـ «البناء» إن العلاقة بين الرئيسين جيدة والتنسيق مستمرّ في كافة الملفات ولا سيما بتأمين ظروف نجاح الجلسة الوزارية اليوم.

وعلمت «البناء» من مصادر عليمة أنّ وزراء الثنائي سيحضرون الجلسة حتى الآن باستثناء وزيرين بداعي السفر. ولفتت إلى تنسيق عالي المستوى بين حركة أمل وحزب الله وسيكون موقفهما موحداً بالحضور من عدمه وفي الموقف في مجلس الوزراء.

وأشار وزير الصحة ركان ناصر الدين إلى «أنّنا ضمن السّقف الوطني في موضوع السّلاح، وخلف رئيس الجمهوريّة، وخطابنا هو خطاب دولة».

وكشفت معلومات قناة «الجديد»، أنّ «رئيس الحكومة نواف سلام زار قصر بعبدا في السّاعات الماضية، للتداول في الصّيغ والطّروحات قُبيل جلسة مجلس الوزراء»، مشيرةً إلى أنّ «القوى السّياسيّة مجتمعةً لا ترغب بتفجير المجلس، وكلّ الصّيغ المطروحة لها طابع وطني ولا استفزاز فيها، مع إمكانيّة عدم البتّ ببند حصريّة السّلاح، وترحيل البحث به حتى يوم الخميس المقبل».

في السّياق، أفادت مصادر حكوميّة لـ»الجديد» عن لقاء الرّئيسين عون ـ سلام، بأنّ «الزّيارة للتداول في الطّروحات الأقرب إلى التوافق الدّاخلي والضّغوط الدّوليّة».

وأوضحت مصادر حكوميّة للقناة، أن «لا صيغة نهائيّة حتى اللّحظة، مع وجود أكثر من مقترح، وقد تبقى المشاورات قائمة حتّى السّاعة 2:30 من بعد ظهر الثّلاثاء».

كما ذكرت معلومات «الجديد» أنّ «الاتصالات تؤشّر إلى مرور الجلسة بأجواء إيجابيّة و»مُرضية» نوعاً ما»، مبيّنةً أنّ «الصّيغ المطروحة للنّقاش قوامها البنود الواردة في خطاب الرّئيس عون، وتقضي بانسحاب «إسرائيل» من النّقاط اللّبنانيّة المحتلّة وتطبيق اتفاقيّة وقف إطلاق النّار وحصر السّلاح بيد الدّولة، ضمن ترتيبات زمنيّة وآليّات تطبيقيّة عبر المجلس الأعلى للدّفاع».

وقالت أوساط وزارية لـ «البناء» إنّ إقرار بنود جدول أعمال الجلسة يحفظ حقوق لبنان ويسحب أيّ ذريعة من الاحتلال لشنّ حرب على لبنان ويستعيد حقوق لبنان ويعيد الناس إلى قراهم لكن مع ضمانات جدية من دول قادرة على الضغط على «إسرائيل»، رغم أنّ التجارب السابقة غير مشجعة. ولفتت الأوساط إلى أنه ليس شرطاً الانتهاء من بحث جدول الأعمال في جلسة اليوم بل يمكن تأجيل البتّ بأحد البنود الى جلسة تعقد الأربعاء او الخميس.

وأشارت أجواء الثنائي لـ «البناء» الى أنّ «مسألة تسليم السلاح غير واردة لا قولاً ولا كتابة ولا تطبيقاً وكلّ شيء تحت سقف البيان الوزاري ووفق الأولويات الوطنية كما ورد في مذكرة التعديلات على الورقة الأميركية سنلتزم به ونوافق عليه في مجلس الوزراء ولن نلتزم بأيّ صيغ مموّهة وملتبسة».

ولفت عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي المقداد الى انّ جلسة الحكومة «ما كان لازم تصير»، وكلّ من يطالب بسحب السلاح من المقاومة في لبنان هو يتماهى مع المشروع الإسرائيلي ـ الأميركي.

وشدّد المقداد في حديث لـ «NBN»، على «انّ مسألة نزع السلاح طويلة على رقبتن»، ومن الآن إلى صباح الثلاثاء سيُتخذ القرار بناءً على الجواب الذي سيُردّ لرئيس مجلس النواب نبيه بري وحزب الله.

بدوره قال عضو المجلس السياسي في حزب الله الوزير السابق محمود قماطي: «إننا نريد دولة قوية وجيشاً قويّاً يدافع عن أهلنا وبلدنا، ونحن لن نخضع ولن نتراجع ولن نستسلم، ونحن مع الحوار والتفاهم حول لبنان السيادي المستقل، وتعزيز قوة لبنان».

وعشية الجلسة نشر الإعلام الحربي في «حزب الله» مقطع فيديو تحت عنوان «وأيّدناه»، يجمع بين صوتَي الأمين العام السّابق السيّد حسن نصرالله، والأمين العام الحالي الشّيخ نعيم قاسم، يتحدّثان فيه عن سلاح «حزب الله» والاستراتيجيّة الدّفاعيّة الوطنيّة، وذلك قبيل جلسة مجلس الوزراء المرتقب عقدها اليوم، وعلى جدول أعمالها بند «استكمال البحث في تنفيذ البيان الوزاري للحكومة في شقّه المتعلّق ببسط سيادة الدّولة على جميع أراضيها بقواها الذّاتيّة حصراً، وبالترتيبات الخاصّة بوقف الأعمال العدائيّة لشهر تشرين الثّاني 2024».

أمنياً، أعلن مركز عمليّات طوارئ الصّحة العامّة التّابع لوزارة الصّحة العامّة، في بيان، أنّ «غارة العدو الإسرائيلي على مدينة الخيام، أدّت في حصيلة محدّثة إلى استشهاد جريح متأثّراً بإصاباته البليغة، وارتفاع عدد الجرحى إلى أربعة».

على صعيد آخر أكد رئيس الجمهورية العماد جوزف عون في الذكرى الخامسة لجريمة تفجير مرفأ بيروت، «أن الدولة اللبنانية، بكل مؤسساتها، ملتزمة بكشف الحقيقة كاملة، مهما كانت المعوقات ومهما علت المناصب. فالعدالة لا تعرف الاستثناءات، والقانون يطال الجميع من دون تمييز».

بدوره أكّد وزير العدل عادل نصّار أنّ «بالنّسبة للعرقلة الّتي كانت تجري في الماضي فهي توقّفت اليوم، والمحقّق العدلي القاضي طارق البيطار يقوم بمتابعة عمله، وقد وصل إلى مراحل متقدّمة وأخيرة في عمله، وبعد هذه المرحلة سننطلق إلى مرحلة المحاسبة».

لكن مصادر سياسية حذرت عبر «البناء» من استمرار مسلسل تسييس التحقيقات واستثمار واستغلال القضية الإنسانية من قبل بعض الجهات السياسية التي تحاول استخدامه في الصراع السياسي ضد أخصامها في الساحة اللبنانية وخدمة الأجندة الخارجية وذلك عبر تضليل بعض أهالي الضحايا وجرّهم إلى الوقوع في فخ التسييس وتضييع الحقيقة. وتساءلت المصادر عن سبب تأخر القاضي بيطار في إصدار قراره الظني كلّ هذا الوقت علماً انّ وزير العدل يعترف بأن لا عرقلة سياسية لمسار التحقيقات؟ وهل تمّ تأجيل القرار الظني لإخراجه الى النور في توقيت سياسي حساس وخطير يخدم المخطط الخارجي في إطار الضغط على حزب الله وفريق المقاومة؟

واستغربت المصادر تهجّم بعض الأهالي على حزب الله خلال الاعتصام رغم مشاركة وزير الصحة ركان ناصر الدين معهم في التظاهرة، كما التهجم على مدّعي عام الجنوب القاضي زاهر حمادة أمام مسمع وحضور وزير العدل عادل نصار! علماً أنّ القاضي حمادة مشهود بمناقبيته ونزاهته وكفاءته وتمّ تعيينه مدعياً عاماً في الجنوب بموافقة الرؤساء الثلاثة ومجلس القضاء الأعلى.

***********************************************

افتتاحية صحيفة الأخبار:

«الأخبار» تنشر بنود الردّ الأميركي: صراع أولويات أمام الحكومة: ورقة لبنان أم ورقة برّاك؟

يقف لبنان اليوم، أمام لحظة مفصلية في تاريخه السياسي. ويمكن اعتبار جلسة مجلس الوزراء اليوم، التي ستُعقد في بعبدا، أنها أكثر نقاط التحدّي حيال ملف السيادة الوطنية، خصوصاً أن أهل الحكم، أظهروا بشكل لا لبس فيه، خضوعهم التام لرغبات الوصاية الخارجية، الأميركية والسعودية، والتي لا تعمل إلا لتحقيق المصلحة الإسرائيلية. بينما تكثّفت الاتصالات محاوِلةً اجتراح صيغ توافقية إنقاذية لئلّا تنزلق البلاد إلى الفوضى الكاملة، مع بقاء الخلاف حول أيّهما أولاً: ورقة المبعوث الأميركي توماس برّاك أم ورقة لبنان؟

السؤال فرض نفسه على القوى السياسية، بعد أن تلقّى رئيس مجلس النواب نبيه برّي مساء الجمعة الماضي الردّ الأميركي الرسمي والنهائي على ردّ لبنان، وفقَ قاعدة أن «لا تعديل عليها ولا نقاش فيها، فإمّا الأخذ بها أو على لبنان تحمّل المسؤولية». وكشفت مصادر بارزة لـ«الأخبار» أن ورقة برّاك «تحمل نفس مبادئ الورقة اللبنانية ولكنها ترتّب البنود بالمقلوب. فهي أعطت بند نزع السلاح الأولوية على أيّ بند آخر»، وقدّمت أمرين: الأول، نزع السلاح واعتبار ذلك شرطاً ومدخلاً لأي أمر آخر، ثم البدء بمفاوضات مع العدو الإسرائيلي برعاية الدول الضامنة، لحل النقاط المُتنازع عليها وترسيم الحدود مع إسرائيل، وكذلك مع سوريا»، وبعدَ ذلك يأتي الكلام عن وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان، وانسحاب العدو من النقاط التي يحتلها في الجنوب وإطلاق سراح الأسرى وإعادة الإعمار ومساعدة لبنان للخروج من أزمته الاقتصادية». وبإزاء تسليمِ برّاك هذه الورقة عشية جلسة الحكومة، وجد لبنان نفسه أمام سرديّتين: واحدة تحدّث عنها رئيس الجمهورية جوزيف عون في ذكرى عيد الجيش يقارب فيها البيان الوزاري، وأخرى يفرض فيها الجانب الأميركي التقيّد بجدول يراعي المصلحة الإسرائيلية من خارج الاتفاق الذي التزم به لبنان والتزمت به المقاومة. فما الجدول الذي ستناقشه الحكومة اليوم؟ أهو جدول لبنان أم الجدول الأميركي الذي ينسف كلّ الجهود؟

ورقة برّاك تضمّنت بنود الورقة اللبنانية لكن بالمقلوب

حتى مساء يوم أمس، لم تتوفّر أي إجابة على هذا الصعيد، لكنّ التواصل السياسي كانَ مفتوحاً في ظل جو إعلامي ضاغط وتهويلي، يتولاه الخارج وتحديداً المملكة العربية السعودية. وفي هذا السياق، قالَ مطّلعون إن «حزب الله وحركة أمل، ومن خلال لقاءات عُقدت بعيداً من الإعلام مع رئيس الجمهورية ومع رئيس الحكومة نواف سلام التقطا إشارات بعدم وجود توجّه لفرض مهل زمنية بل سيكون هناك تأكيد على ما تضمّنه البيان الوزاري لجهة التأكيد على حصرية السلاح في يد الدولة».

وقال هؤلاء إن «صيغاً عدة مطروحة على الطاولة، تستهدف خفض منسوب التوتّر في البلد من بينها نقل الملف إلى المجلس الأعلى للدفاع، لكنها صيغة حذّر البعض رئيس الجمهورية منها لعدة أسباب، منها أن هذا الأمر سيجعل المسؤولية تقع على عاتق عون وحده وتسحب هامش المناورة، خصوصاً أن الأمر سيكون في عهدة ضباط الجيش، ما يفقد لبنان ورقة ضغط لأن الملف سيفقد إطاره السياسي، أما الاقتراح الثاني فيتحدّث عن تأليف لجنة عسكرية تدرس الملف وتحدّد آلية تنفيذه مع تحديد المهل ومن ثم تعيده إلى مجلس الوزراء لاتخاذ القرار، ويكون لبنان بذلك قد سحب فتيل التفجير وكسب مزيداً من الوقت.

وقد تركّزت الاتصالات في الساعات الأخيرة في اتجاهين، واحد بين الرؤساء الثلاثة لبلوغ صيغة وسطية تراعي جميع الأطراف، وآخر بين بعبدا وحارة حريك، وعلمت «الأخبار» أن مقرّبين من عون التقوا مسؤولين في الحزب وناقشوا معاً السيناريوات المطروحة، مع البحث في ما يُمكن أن تصل إليه النقاشات داخل الجلسة اليوم وعدم حصول ردات فعل تؤدّي إلى انسحاب الثنائي أو حتى من قبل الأطراف المناهضين لحزب الله في حال رفضوا أنصاف الحلول. وأشارت المعطيات المتوافرة إلى أن وزراء الثنائي سيحضرون الجلسة، باستثناء وزيري المال والعمل الموجوديْن خارج البلاد، علماً أن الاتصالات لم تبقَ محصورة في هذين الخطين، إنما النقاش توسّع ليطاول شخصيات سياسية ورؤساء حكومات سابقين من بينهم الرئيس نجيب ميقاتي، وكان هناك تأكيد على أن «اللغة فضفاضة ومن السهل التوصل الى صيغ تزاوج بين مقتضيات السيادة ومتطلّبات الأمن الوطني، فيما يستعد كل طرف لطرح وجهة نظره أمام طاولة مجلس الوزراء». مع ذلك، بقيت الهواجس قائمة من أن تكون الجلسة بحدّ ذاتها استدراجاً لفخ يأخذ الثنائي لاتخاذ قرار وفق توقيت ملزم تحت الضغط، ومن ثم يُستتبع ذلك بضغط أكبر لتنفيذه، خصوصاً أن حزبَي «القوات» و«الكتائب» يدعمان إقرار جدول زمني، فيما تقول مصادر وليد جنبلاط إنه «يلتزم بالخط الحواري مع الرؤساء مع التمسّك بمضمون خطاب القسم والبيان الوزاري».

الجنرال: أميركا تريد السيطرة على ساحلَي سوريا ولبنان

عشية الجلسة الحكومية المخصّصة للبحث في سلاح المقاومة، زار وفد من حزب الله، ضمّ النائبين علي فياض ورائد برو ومسؤول العلاقات المسيحية محمد الخنسا، الرئيس السابق العماد ميشال عون في منزله بالرابية، للتشاور معه في الأوضاع الراهنة وعرض وجهات النظر حيال المستجدات ولا سيما تطبيق مندرجات اتفاق وقف إطلاق النار.

وقال مطّلعون على اللقاء إن «وفد الحزب أكّد الالتزام بالقرار 1701، وتنفيذ ما هو مطلوب منه، بينما لم يلتزم العدو الإسرائيلي بأي شيء». وأبلغ الوفد «الجنرال» أن «الفترة الماضية كرّست حقيقة أن الأطراف التي يقال عنها بأنها ضمانة لم تكن كذلك، وهي لم تلتزم بتقديم أي ضمانات مقابل طرح نزع السلاح فمن يضمن ما الذي سيفعله العدو في حال تسليم السلاح؟»، كما أكّد الوفد على «الثوابت التي وضعها رئيس الجمهورية الحالي جوزيف عون، لجهة الانسحاب الإسرائيلي وتحرير الأسرى ووقف العمليات العسكرية والسماح للبنان بإعادة الإعمار، أمّا نزع السلاح فهو شأن لبناني يحتاج إلى حوار واستراتيجية تحمي لبنان في ظل المخاطر المُحدِقة به، ليس فقط من حدوده الجنوبية، إنما أيضاً من الحدود الشرقية، والدليل ما جرى في مناطق سوريّة متعددة».

وأضاف المطّلعون أن «التطورات في سوريا وما حصل في السويداء، وامتداداتها في بعض المناطق اللبنانية ولا سيما في الشمال، كانَت كلها محط نقاش في اللقاء، وكان هناك توافق على أنها تشكّل قلقاً وهي غير مطمئنة»، حيث أكّد الرئيس عون، أن «موضوع السلاح شأن حزب الله وهو يعرف كيف سيتعامل مع هذا الأمر»، وتحدّث بشكل عام عن «طرف ظالم يمارس ظلمه في المنطقة كلها»، كما تحدّث عن أن «العدو الإسرائيلي يملك تفوّقاً جوياً وهو قد يلجأ إلى العدوان الجوي كبديل عن أي خيار آخر، لعلمه أن المقاومة متفوّقة في البر وهو ربّما لن يعطيها هذه الورقة»، كذلك لفت إلى معلومات لديه عن «سعي أميركي للسيطرة على الساحليْن اللبناني والسوري، ومنع أي وجود لطرف آخر وذلك للاستفادة من الثروات الموجودة في البحر».

***********************************************

افتتاحية صحيفة النهار:

ذكرى 4 آب تختلط بالاستعدادات لجلسة السلاح مؤشرات سلبية و"الحزب" يستحضر حلفه وعون
 06:24
سياسة

Download
 
 
انشرWhatsAppTwitterFacebookTelegramEmailPrint
مصادر فرنسية متابعة للملف اللبناني وللأوضاع في البلد، تستبعد أن تكون جلسة مجلس الوزراء اليوم جلسة يتخذ فيها قرار نهائي لحصر سلاح "حزب الله" في يد الدولة

قد يكون ثمة فارقان بارزان لا يمكن تجاهلهما ميّزا الذكرى الخامسة لانفجار مرفأ بيروت هذه السنة، وهما: الأول أن كل المعطيات تؤكد أن المحقق العدلي في ملف الانفجار القاضي طارق بيطار بلغ الفسحة الزمنية الأخيرة الفاصلة عن إصداره القرار الظني قبل نهاية السنة الحالية. والثاني أن احياء الذكرى الخامسة تزامن مع مناخات مشدودة نحو موعد وُصف بأنه "تاريخي" لمجلس الوزراء، الذي سينعقد بعد ظهر اليوم لإصدار قرار "مفترض" يضع جدولاً زمنياً لالتزام رئاسة الجمهورية والحكومة بحصرية السلاح في يد الدولة. وإذا كان التضامن اللبناني والدولي العارم مع أهالي شهداء انفجار مرفأ بيروت تمظهر متجدداً بأوسع أشكاله أمس، فإن اللافت في هذا السياق تمثّل في مشاركة أكبر عدد من الوزراء في الحكومة الحالية في المسيرات والتجمعات التضامنية مع أهالي الشهداء، على غرار رئيس الحكومة نواف سلام في مشاركته ومواقفه أول من أمس، الأمر كما في موقف رئيس الجمهورية بما ترجم موقف دولة كاملاً من الدفع بقوة إلى جانب إنجاز التحقيقات وصدور القرار الظني. وعكست المواقف السياسية والرسمية على اختلافها، التمازج القوي الذي حصل بين ذكرى انفجار المرفأ وترقّب الحصيلة المفصلية لجلسة مجلس الوزراء اليوم في ملف السلاح المعني به تحديداً وأساساً "حزب الله"، بما وضع البلاد أمام أجواء شديدة التوهّج نظراً إلى اثارة الكثير من السيناريوات والمعطيات المتضاربة حول ما يمكن أن تشهده الجلسة الحكومية اليوم وما يترتب على نتائجها، سواء اتخذ القرار ببرمجة حصرية السلاح أم اعتمدت تسوية ما، أم طرأ خيار ثالث، وأي ارتدادات خارجية لأي من الخيارات المطروحة.

ولم تعكس نتائج المشاورات الكثيفة المفتوحة منذ أيام بين بعبدا وعين التينة والسرايا وعبر قنوات داخلية عدة، معالم إيجابية حاسمة يمكن الركون إليها لتوقّع القرار الذي سيصدر عن الجلسة، بل إن مؤشراً سلبياً برز أمس تحديداً لدى تعمّد "حزب الله" عشية الجلسة من دارة حليفه المسيحي التقليدي الرئيس السابق ميشال عون إعلان رفضه العلني الواضح لأي إثارة لملف سلاحه قبل تنفيذ إسرائيل لشروطه، كما اقترن ذلك بتلميحات ودعوات إلى تحركات شعبية يقف وراءها الحزب. وتزامن ذلك خارجياً مع معطيات فرنسية قاتمة حيال التطور المرتقب،إذ نقلت مراسلة "النهار" في باريس رندة تقي الدين عن مصادر فرنسية متابعة للملف اللبناني وللأوضاع في البلد، استبعادها أن تكون جلسة مجلس الوزراء اللبناني اليوم جلسة يتخذ فيها قرار نهائي لحصر سلاح "حزب الله" في يد الدولة. فالانطباع السائد في باريس أن إسرائيل غير مهتمة بتاتاً بالموضوع لأن الدولة العبرية لديها ما تريده في لبنان. وإسرائيل تسرح وتمرح كما تريد وتضرب يومياً أهداف "حزب الله" ومن يزعجها، فأصبحت لا تبالي بالوضع اللبناني لأنها تسيطر عليه. والمصادر الفرنسية ليست قلقة من حرب إسرائيلية على لبنان، بل إنها قلقة من التوتر الداخلي بين الأطراف اللبنانيين. فتهديدات أحزاب لبنانية بالانسحاب من الحكومة وتزايد التوترات الداخلية مقلقة للمراقبين في فرنسا. وباريس مدركة أن ليس للجيش اللبناني قدرة على أن يتدخل.

وفي المعطيات الداخلية أيضاً، فإن رئيس مجلس النواب نبيه بري لا يخفي في كلامه مع مراجعيه جملة من العوامل التي تدعوه إلى التشاؤم، لكنه لا يقفل أي نافذة إذا كانت تساعد للخروج بخلاصة تكون محل قبول الجميع قدر الإمكان. وبالنسبة إلى بري، فهو مع مشاركة الوزراء الشيعة في الجلسة وعدم مقاطعتها مع حرصه على العمل لكل "ما يخدم لبنان ولا يهدد أمنه".

غير أن "حزب الله" ولو أن وزراءه لن يقاطعوا الجلسة، مضى في إطلاق الرسائل التصعيدية الرافضة لتسليم سلاحه، "فرتب" توقيت زيارة وفد منه للرئيس السابق ميشال عون في دارته في الرابية ضم النائبين علي فياض ورائد برو، ومحمد الخنسا. وبعد اللقاء، أكد فياض: "موقفنا كان واضحًا، وأعدنا التأكيد عليه، وهو أنه لا يمكن الانتقال إلى البحث بأي شيء يخص السلاح، ما لم يلتزم العدو بالانسحاب وإيقاف الأعمال العدائية". وأشار إلى أن "البحث بجدول زمني أو القفز مباشرة إلى المطالبة بتسليم السلاح، قبل أن يقوم الإسرائيلي بما يجب أن يلتزم به أساسًا، يشكل نوعًا من الخلل الكبير الذي يحتاج إلى معالجة". ودعا فياض عبر "العهد" الحكومة اللبنانية إلى "الالتزام بما ورد في البيان الوزاري، وبما ورد في خطاب القسم، والأوراق اللبنانية الأولى التي قُدمت للوسيط الأميركي، التي تؤكد أن المدخل للمعالجة هو الانسحاب الإسرائيلي وإيقاف الأعمال العدائية، وإطلاق سراح جميع الأسرى، ووضع الإعمار على سكة المعالجة، وبعد ذلك نؤكد استعدادنا الكامل للمعالجة بكل إيجابية من قلب القواعد التي نص عليها القرار 1701، والتي نصت عليها ورقة الإجراءات التنفيذية، التي تحدثت عن وقف إطلاق النار بين لبنان والعدو الصهيوني".

في غضون ذلك، أحيا لبنان الذكرى الخامسة لانفجار مرفأ بيروت وسط تصاعد حملة المطالبة بكشف الحقائق واصدار القرار الظني. وأعلن رئيس الجمهورية العماد جوزف عون في المناسبة "أن الدولة اللبنانية، بكل مؤسساتها، ملتزمة كشف الحقيقة كاملة، مهما كانت المعوقات ومهما علت المناصب. فالعدالة لا تعرف الاستثناءات، والقانون يطال الجميع دون تمييز.

إننا نعمل بكل الوسائل المتاحة لضمان استكمال التحقيقات بشفافية ونزاهة، وسنواصل الضغط على كل الجهات المختصة لتقديم كل المسؤولين إلى العدالة، أياً كانت مراكزهم أو انتماءاتهم".

وأكد وزير العدل عادل نصار أنه "بالنسبة للعرقلة التي كانت تجري في الماضي، فهي توقفت اليوم والمحقق العدلي القاضي بيطار يقوم بمتابعة عمله وقد وصل إلى مراحل متقدمة وأخيرة في عمله، وبعد هذه المرحلة سوف ننطلق الى مرحلة المحاسبة". وقال نصار: "أهالي الضحايا والضحايا الأحياء يحملوننا المسؤولية ولهم الحق في ذلك لأن دولة لا تستطيع المحاسبة بمثل هكذا جريمة تكون دولة منتقصة الأوصاف".

إكليل من الزهر على نصب شهداء دائرة أمن عام مرفأ بيروت- 4 آب 2020.

ونظم أهالي شهداء وضحايا انفجار 4 آب مسيرة، وتجمع المشاركون في نقطتي انطلاق، الأولى في ساحة الشهداء، والثانية في مركز الإطفاء في الكرنتينا، وانطلقوا في المسيرة باتجاه تمثال المغترب قبالة موقع الانفجار، وحمل المشاركون صور الضحايا واللافتات المطالبة بالحقيقة والمحاسبة.

وقرابة السادسة مساء، وصلت المسيرتان الى تمثال المغترب وموقع الإهراءات، حيث رفع علم لبناني ضخم، عليه تواقيع المئات مطالبة بالحقيقة والمحاسبة، إضافة الى صور الشهداء المرفوعة ولافتات تطالب بالحقيقة والمحاسبة، وكانت وقفة رمزية تكريمية لضحايا تفجير المرفأ في محيط تمثال المغترب وتلاوة أسماء الشهداء، بحضور حشد وزاري ونيابي لافت وكثيف، تقدمه عقيلة رئيس الحكومة سحر بعاصيري ووزراء: الثقافة غسان سلامة، الإعلام بول مرقص، الطاقة جو الصدي، السياحة لورا الخازن لحود، الأشغال فايز رسامني، التكنولوجيا كمال شحاده، الشؤون الاجتماعية حنين السيد، العدل عادل نصار، الصحة ركان ناصر الدين، والاتصالات شارل الحاج، والاقتصاد عامر البساط والصناعة جو عيسى الخوري، إلى شخصيات سياسية واجتماعية وناشطين من أجل العدالة.

والقيت كلمات لأهالي الشهداء في الوقفة الرمزية، كان أبرزها لويليام نون، الذي قال إن "ملف انفجار 4 آب ملف إنساني ووطني ولا يمكن أن ننسى غزوة عين الرمانة ولا دخول الحاج وفيق صفا إلى العدلية وتهديده للقاضي البيطار، وكلّ شخص يمسّ بهذا الملف سنقف بوجهه".

وأضاف: "الملف مشروط بتحقيق العدالة ولن ننسى تصرفات "حزب الله" ولسنا مضطرين أن نتحمّل النكد السياسي ونكد بعض القضاة وإذا الكلّ يقول أنّه مع إنجاز الملف وتحقيق العدالة فلماذا لم يصدر القرار الظني؟".

وخلال مشاركته في وقفة اهالي ضحايا المرفأ، أعلن وزير الصحة ركان ناصر الدين: "سنكون مشاركين في جلسة الغد للنقاش الإيجابي البنّاء من المرفأ للجنوب للبقاع للجبل، هذا وطننا ووحدتنا أساسية ووجودنا اليوم يؤكد انّنا بصلب هذا البلد".

وفي الإطار الميداني، استهدفت أمس غارة إسرائيلية من مسيّرة، حي المسلخ القديم في أطراف الخيام الشرقية، أدّت الى مقتل عنصر في "حزب الله"، وأعلن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة أن الغارة أدت إلى استشهاد جريح متأثرا بإصاباته البليغة، فيما ارتفع عدد الجرحى إلى أربعة. كما قصفت المدفعية الإسرائيلية بعدد من القذائف المنطقة الواقعة بين بلدتي مارون الراس ويارون في قضاء بنت جبيل. وأطلق الجيش الإسرائيلي قذائف مدفعية وصوتية باتجاه بلدتي راميا وعيتا الشعب.

***********************************************


افتتاحية صحيفة الجمهورية: 

"جلسة السلاح" بين الضغوط والقرار الصعب... جريمة تفجير المرفأ: آن للحقيقة أن تسطع

بالأمس كانت ذكرى الإعصار الكارثي الذي ضرب لبنان في الصميم؛ هو الرابع من آب 2020 تاريخ مشؤوم لا يُمحى من ذاكرة اللبنانيين، 5 سنوات وحق شهداء وجرحى جريمة تفجير مرفأ بيروت، لا يزال ضائعاً في دهاليز التعقيدات والمماطلات والوعود الفارغة بسَوق المجرمين إلى العدالة لينالوا العقاب الذي يستحقونه. واليوم 5 آب 2025، يقف لبنان على مفترق سياسي صعب، لم يسبق له في تاريخه أن طُوّق بالمخاطر والاحتمالات الصعبة كما هو مطوّق اليوم. بلدٌ قابعٌ على كفّ عفريت؛ حاضره تخبّط وإرباك وانقسام، وغده مجهول، والمواطن المسكين محبوس في زنزانة الخوف والقلق مسلّماً أمره للقدر، وراهناً مصيره بمعجزة توفّر له فرصة النجاة. وها هو اليوم بالتحديد يترقّب ما ستؤول اليه "جلسة السلاح"، وأيّ اتجاه سيسلكه البلد بعدها.
جلسة السلاح
عيون الجميع في الداخل والخارج على "جلسة السلاح" المقررة اليوم، التي اتُفق على اعتبارها مفصلية لتصدّيها لأكثر الملفات الداخلية حساسية وتعقيداً، المتعلق بسلاح "حزب الله". وكلّ اللواقط والرادارات والمجسّات ومراكز الرصد والاستشعار السياسي والأمني في الداخل والخارج مصوّبة على جلسة مجلس الوزراء، وتركزّ على مجرياتها، وتترقب ما سيبحث فيها، وفي أيّ أجواء سيجري النقاش بين تناقضات الحكومة، وماذا سيتقرّر فيها، وأي منطق سيغلب؛ هل منطق سحب السلاح ام منطق التمسّك به؟ وأيّ واقع سيليها، وهل يغلب منطق التروّي وإبقاء الامور في مدار التهدئة، أم أنّ هذه الجلسة ستشكّل عنواناً لمرحلة جديدة لا يستطيع احد أن يقدّر معالمها وما تختزنه من تطورات ومفاجآت.
مشهد ما قبل الجلسة يشي بالكثير؛ حذرٌ وترقّبٌ على امتداد البلد. وأجواؤه، لم يبقَ متّسع فيها لما يُضخّ من أخبار، وتحليلات، وتكهنات، وسيناريوهات، واحتمالات، والمواطن اللبناني وسط هذا الفلتان محبوس في متاهة التهويل والتخويف.
معلومات "الجمهورية" من مصادر موثوقة، تؤكّد أنّ "الواقع دقيق، ولكنّه ليس على نحو ما يجري تصويره وكأنّ السّقوط في الهاوية كما تروّج له بعض الغرف والقنوات، بات أمراً حتمياً".
وتشير المعلومات، إلى أنّ ما يجري خلف الكواليس يعاكس كلّ الأجواء التي تُضخ وتنذر بأزمة وصدام، لافتة في هذا السياق إلى كثافة ملحوظة شهدتها الأيام الأخيرة في حركة الاتصالات بين مستويات مختلفة، ولاسيما بين بعبدا وعين التينة وكذلك مع "حزب الله"، أولاً لضمان مشاركة كل الأطراف في جلسة مجلس الوزراء اليوم، وثانياً، لضبط إيقاعها تحت سقف الواقعية والموضوعيّة، بعيداً من الإستفزاز والمبالغات والطروحات التي من شأنها أن تعمّق الخلاف وتؤدّي الى صدام".
وأكّدت مصادر رسمية لـ"الجمهورية"، انّ ملف جلسة اليوم يقارب بالحدّ الأعلى من المسؤولية من قبل جميع الأطراف، وخصوصاً انّها لا تشكّل استهدافاً او تحدّياً لأيّ طرف، بل تأتي استجابة كليّة لخطاب القَسَم لرئيس الجمهورية، والبيان الوزاري للحكومة، فضلاً عن أنّ لا نية على الإطلاق للتسبّب بأيّ التباسات او إشكالات داخلية اياً كان نوعها، كون البلد لا يحتمل اي خضات أو اهتزاز داخلي في هذه الظروف الصعبة التي تمرّ فيها المنطقة ومن ضمنها لبنان. ورئيس الجمهورية كان شديد الحرص في خطابه على أمن البلد واستقراره، والوفاء بما تعهّد به لاستعادة الدولة هيبتها ومكانتها. فالأولوية لمصلحة لبنان وضمان أمنه واستقراره، ووقف العدوان الإسرائيلي بالدرجة الأولى، وبالتأكيد بمشاركة كلّ الاطراف من دون استثناء".
وكان رئيس الحكومة نواف سلام قد قال رداً على سؤال حول إمكان انسحاب وزراء "الثنائي الشيعي" من جلسة يوم الثلاثاء، وعدم قبول وضع جدول زمني لتسليم السلاح: "لا مخاوف لديّ أبداً، وهذه ليست مطالب أميركية بل هي واردة في البيان الوزاري للحكومة اللبنانية، واتفاق الطائف يقول ايضاً ببسط سلطة الدولة اللبنانية على أراضيها بقواها الذاتية، إذاً هذه مطالب لبنانية ومسائل أجمع عليها اللبنانيون، وإن شاء الله نضع ابتداءً من يوم الثلاثاء آلية تنفيذية لتحقيق ذلك".
سنناقش ونجادل
واستغرب مسؤول رفيع من فريق "الثنائي" السؤال عمّا اذا كان وزراء حركة "امل" و"حزب الله" سيقاطعون جلسة مجلس الوزراء، وقال لـ"الجمهورية": "كما لاحظتم، بعض جوقات التحريض، دأبت بعد خطاب رئيس الجمهورية في عيد الجيش على بثّ أخبار ترجح مقاطعة وزراء "الثنائي" للجلسة، كونه سيصدر عنها قرار بسحب السلاح كما قالت، ظنّاً منها انّها في هذا الترويج الخفيف قد تستفز "الثنائي" وتحمله على مقاطعة الجلسة. لن نقول انّ هذه الترويجات مدفوعة، بل موحى بها لتعميق الشرخ الداخلي".
واكّد المسؤول عينه "إننا ما اعتدنا الهروب من المسؤولية، فوزراء "أمل" و"حزب الله" سيحضرون، ومن خلالهم سنناقش ونحاور ونجادل ونقول كلمتنا وما يجب ان يُقال. نحن ذاهبون إلى مجلس الوزراء وليس في خلفيتنا نية الإصطدام بأحد او افتعال مشكلة مع أحد، الّا أذا كانت لدى البعض نوايا أخرى، فهذا شأنه".
ورداً على سؤال، قال المسؤول عينه: "ما من شك انّ الوضع صعب ومقلق، وبالتأكيد لا يؤمن لإسرائيل من أن تقوم بأي اعتداء في أي وقت، فمسلسل اعتداءاتها دائم ومستمر ولا يتوقف، ولكن المزعج هو أن يروّج بعض الاعلام لاحتمالات حربية إسرائيلية على لبنان تلي مباشرة جلسة مجلس الوزراء في حال لم يُتخذ قرار بسحب سلاح "حزب الله"، يعني وكأنّ هذا الإعلام يقول انّ على الحكومة أن تتخذ القرار الذي يرضي إسرائيل كي لا تشن عدوانها. في أيّ حال، هناك تضخيم وتكبير مفتعل للجلسة ولما قد تنتهي إليه. وكما قلت الوضع صعب ودقيق، وبلوغ مخرج لما هو مطروح يتطلّب قدراً عالياً من الحنكة السياسية والقدرة على تفكيك العقد، ولكن أنا أكيد أنّ اكثر من ثلثي او ثلاثة أرباع ما يجري ترويجه ما هو الاّ شحنات تهويل غير واقعية، هدفها الوحيد إبقاء اللبنانيين تحت ضغط نفسي كبير ومشحونين بالقلق".
جميعهم محشورون
على أنّ السؤال الكبير الذي يسبق الجلسة: أيّ قرار ستنتهي اليه؟
في بعض الأوساط كلام يفيد بأنّّ جلسة مجلس الوزراء قد تتخذ قراراً بعدم اتخاذ قرار واضح في شأن سلاح "حزب الله"، وعلى ما يقول احد السياسيين: "لا احد يريد الصدام، ولذلك فإنّ القرار المرتقب سيأتي محاكياً لظروف الجميع وعلى شاكلة "لا يموت الذيب ولا يفنى الغنم".
إلّا انّ مصدراً مسؤولاً أبلغ إلى "الجمهورية" قوله رداً على سؤال: "وصول الجلسة إلى قرار امر صعب، ولكنه ممكن. فممّا لا شك فيه انّ أصواتاً في مجلس الوزراء تنادي بسحب السلاح فوراً من يد "حزب الله"، وستؤكّد على ذلك في جلسة الثلاثاء، ولكن في المقابل هناك اصوات اخرى تعاكس ذلك. ووسط هذا الانقسام احتمال اتخاذ قرار صعب، الّا إذا شاءت ظروف الجلسة أن تسير في هذا الاتجاه فلا أحد يمكن له ان يضمن الوقائع قبل حصولها".
الّا انّ المسؤول عينه استدرك قائلاً: "يجب الّا نختبئ خلف أصبعنا، فجميع الأطراف محشورون. فالجهات الرسمية في الدولة تتعرّض لضغوطات هائلة من كل حدب وصوب عربي ودولي وأميركي على وجه التحديد، لاتخاذ قرار بسحب سلاح "حزب الله"، يفرج عن المساعدات للبنان، ومضغوطة في الداخل برفض الحزب التخلّي عن هذا السلاح. ومضغوطة ايضاً باحتمال نشوء ازمة سياسية وحكومية وغير ذلك، تبعاً لأي قرار يُتخذ في الجلسة بسحب السلاح، او تحديد برنامج زمني لذلك. وفي المقابل، "حزب الله" وحلفاؤه مضغوطون من جهة بالهجمة الواسعة عليهم لسحب السلاح حتى من دون ضمانات، وتحميلهم تبعات التمسك بهذا السلاح وآثاره السلبية على البلد بصورة عامة، ومن جهة ثانية برغبتهم في عدم بروز أزمة داخلية اياً كان شكلها وحجمها".
وخلص المصدر إلى القول: "الجهات الرسمية في الدولة تريد حصر السلاح بيد الدولة والجيش اللبناني، وتريد مساعدات الخارج، ولا تريد ان تنشأ ازمة داخلية، فيما الحزب لا يريد تسليم السلاح، ولا يريد أزمة داخلية. المَخرج النظري لهذا التناقض الموجود حول ملف السّلاح يكون بصدور قرار يرضي الجميع، مصاغ بعبقرية سياسية. ولكن كان يمكن لاتخاذ مثل هذا القرار ان يكون سهلاً لو كان الامر محصوراً بالداخل فقط، الّا انّه بالغ الصعوبة، وخصوصاً في ظل العامل الأميركي الموجود في قلب هذا الملف، الذي أرسل إشارات واضحة بنسف الردّ اللبناني الأخير على مشروع الحل الاميركي الذي يتضمن في متن الملاحظات الثماني التي ستُبحث في جلسة مجلس الوزراء اليوم، والإصرار على سحب سلاح "حزب الله" قبل اي أمر آخر، ومسارعة الحكومة اللبنانية إلى اتخاذ القرار الواضح في هذا الشأن. وليس مستبعداً في هذا السياق أن يبادر احد الاطراف إلى إثارة هذا الأمر في جلسة مجلس الوزراء، والسؤال عن جدوى البحث في ملاحظات واردة في سياق الردّ اللبناني الذي لم يقبل به الأميركيون؟".
آن أوان العدالة
بين الرابع من آب 2020 والرابع من آب 2025، جلجلة معاناة طويلة لم تنته بعد، وذوو الشهداء والجرحى ينتظرون أن تنتصر العدالة لنفسها، وتقول كلمتها الفصل في جريمة العصر، لتريح الشهداء في عليائهم، وتبلسم جراح الجرحى الذين يصرخ وجعهم في وجه المقصّرين، والمترددين، والهاربين من الإحساس بالمسؤولية، ودافني رؤوسهم في رمال المماطلة والتضليل والتمييع، ووحل الحمايات السياسية والتستّر على المجرمين: لا تقتلوا الشهداء مرتين..
5 سنوات، والصرخة تتعالى؛ آباء الشهداء والجرحى، وأمهاتهم وإخوتهم وأخواتهم وأقاربهم وأحباؤهم، وأصدقاؤهم، ومعهم كل حريص وشريف يطالب بالعدالة والحقيقة، جميعهم بصوت واحد: كفى عبثاً بدماء الشهداء والجرحى، آن أوان الوفاء للشهداء والجرحى وحفظ كرامتهم، آن أوان الجرأة والكلمة الحق، آن أوان الحق أن يسطع، آن الأوان لحبل التمييع ان ينقطع، آن أوان إنهاء هذا الفيلم الخبيث، آن أوان انتهاء هذه المهزلة اللعينة، آن أوان انتهاء فضيحة إفلات القاتل من العقاب..
الرحمة للشهداء، والشفاء لمن ما زال من الجرحى طريح الألم والمعاناة.
وقفات تضامنية
لبنان أحيا الذكرى، بيوم حداد وطني، وسلسلة قداديس ووقفات حاشدة في وسط بيروت، وتحرّكات تضامنيّة مع شهداء وجرحى تفجير مرفأ بيروت، وبرزت فيها مشاركة البابا لاوون الرابع عشر برسالة وجّهها إلى المشاركين في الذكرى الصلاة على نية ضحايا انفجار 4 آب 2020، مؤكّداً فيها "قربه الروحي لجميع اللبنانيين". ودعا "الآب الرحيم لأن يستقبل، بقربه، في دار راحته ونوره وسلامه، جميع من فقدوا حياتهم في هذا الانفجار". وعبّر عن "تعاطفه مرّة أخرى مع كل من تحطمت قلوبهم، والذين يعانون من فقدان أحبائهم، وكذلك مع أولئك الذين أصيبوا أو فقدوا كل شيء نتيجة لهذه الكارثة".
واكّد "انّ لبنان الحبيب والمتألم يبقى في قلب صلواته. وشكر الأساقفة والكهنة والرهبان والراهبات القريبين من الشعب، والذين يدعمونه بمساعدته على إبقاء نظره متّجهاً نحو السماء والحفاظ على الأمل والرجاء في المحن. وإذ يوكلكم إلى حماية وشفاعة العذراء مريم، وكذلك القديس شربل وسائر القديسين اللبنانيين، فإنّ الأب الأقدس يمنحكم من كل قلبه بركته الرسولية، كعلامة على التعزية".
عون: كشف الحقيقة
وفي الذكرى، صدرت سلسلة مواقف تضامنية من قبل مستويات سياسية مختلفة، تصدّرها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الذي اكّد "أنّ العدالة لن تموت، والحساب آتٍ لا محالة، والدولة اللبنانية، بكل مؤسساتها، ملتزمة بكشف الحقيقة كاملة، مهما كانت المعوقات ومهما علت المناصب".
سلام
بدوره، افتتح الرئيس سلام "شارع ضحايا 4 آب" قرب مدخل مرفأ بيروت، مؤكّداً "أننا لن نساوم على العدالة والحقيقة، ولن يقف أحد بعد الآن في وجه العدالة، والحكومة ستؤمّن كل ما يطالب به القضاء للوصول إلى الحقيقة".

**********************************************

افتتاحية صحيفة الديار:

جلسة حكومية مضبوطة: لا «ثلاثاء عظيم» اليوم

جريمة المرفأ رهينة صدور القرار الظني

في الذكرى الخامسة لجريمة تفجير المرفأ ومعه العاصمة بيروت، لم يتغير المشهد،اهالي الشهداء والجرحى على انقساماتهم، العدالة غائبة، التسييس حاضر، المراوحة سيدة الموقف، والوعود الرسمية تتكررعاما بعد عام بدعم التحقيقات وعدم التدخل، لكن لا شيء ملموسا على ارض الواقع، فيما بات موعد صدور القرار الظني في «علم الغيب» لارتباطه بسلسلة من التعقيدات القانونية والسياسية التي تضع الحقيقة في «مهب الريح». في هذا الوقت، تتجه الانظار اليوم الى جلسة الحكومة التي تجمع مصادر حكومية على عدم اعتبار ان ما قبلها ليس كما بعدها، اي اننا لسنا امام «ثلاثاء عظيم»، لان الاتفاق المبدئي الذي سيتبلور بصيغته النهائية اليوم، سيطلق عجلة النقاش تحت سقف البيان الوزراي وخطاب القسم، دون الاقتراب من محظور وضع جداول زمنية او آلية تنفيذية لم تنضج ظروفها بعد، خصوصا ان «الثنائي» يصر على عدم قلب الاولويات الوطنية، وعدم البحث في ملف السلاح الا ضمن سياق حماية قوة لبنان، على ان يتم ذلك عقب تنفيذ قوات الاحتلال اتفاق وقف النار.

في المقابل لا يبدو رئيس الجمهورية جوزاف عون بعيدا عن مراعاة حساسية الموقف كي لا ينقل الازمة الى الداخل، وسيعمل على عدم تفخيخ مجلس الوزراء اليوم. وهو امر بحثه مع رئيس الحكومة نواف سلام في لقاء عقد بعيدا عن الاضواء في بعبدا حيث تم البحث بمجريات الجلسة على نحو تفصيلي وصل الى حد اختيار المفردات التي سيتم استخدامها في اي بيان مفترض، فيما تبقى مسألة احالة الالية التنفيذية الى المجلس الاعلى للدفاع غير محسومة حتى مساء امس، ويستمر التواصل مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ضمن اجواء ايجابية وقد يكون احد المخارج تاجيل النقاش الى جلسة اخرى لاهمية وحساسية الموضوع، خصوصا ان حضور قائد الجيش رودولف هيكل مهم للغاية، وهو لن يكون حاضرا اليوم. اما «القوات اللبنانية» و«الكتائب»وعلى الرغم من التصعيد الاعلامي والسياسي، فهما يدركان جيدا ان جلسة اليوم لن تكون حاسمة، وبدء النقاش مسألة اساسية، ولهذا فان انسحاب الوزراء من الحكومة غير وارد، اقله الان، خصوصا وزراء «القوات» التي تعتبر انه من المبكر استخدام هذه «الورقة» المفيدة جدا قبيل الانتخابات النيابية.

ماذا عن الضغط الخارجي؟

في هذا الوقت، لم تنقطع الاتصالات الدبلوماسية مع «بعبدا» و«السراي» وفهم في هذا السياق، ان الولايات المتحدة الاميركية التي تواصل حملة ضغوطها، لا تعتبر ان الحكومة تقف اليوم على «مفترق طريق»، لعلمها بتعقيدات المشهد الداخلي والخارجي، لكنها تبدو راضية على مسار رفع سقف الضغوط على حزب الله ووضع السلاح على «طاولة» النقاش، باعتباره المشكلة التي تعيق التقدم في البلاد. ولا تبدو السعودية التي تعتبر نفسها في «سباق مع الوقت» وتريد استغلال الوضع الاقليمي الراهن للتخلص من سلاح حزب الله ونفوذه في الداخل اللبناني، لا تبدو متفائلة كثيرا من نتائج جلسة الحكومة اليوم، لكنها تريدها منصة انطلاق لعملية ضغط اكبر تضع حزب الله في موقف دفاعي، و«عينها» على الانتخابات النيابية المقبلة حيث الرهان كبيرا على كسر «الثنائية الشيعية» داخل مجلس النواب.

حرب لا حرب؟

في هذا الوقت، لا احد في «اسرائيل» يتحدث عن حرب مع لبنان، وما يجمع عليه السياسيون في المعارضة والموالاة، وكذلك في الاجهزة الامنية، ان النموذج اللبناني يعد الأنجح حتى الان في جميع الحروب التي خاضتها حكومة نتانياهو ولم تنته بنصر حاسم. ووفق مصادر سياسية بارزة، قد تعمد «اسرائيل» الى مواكبة الضغوط الداخلية بتصعيد اعتداءاتها وتوسيع نطاقها، دون ان تكون مضطرة لخوض حرب جديدة مع حزب الله، ويتم الدعوة الان الى تطبيق النموذج اللبناني في غزة. ووفق صحيفة «معاريف» اوضح المستوى الامني للمستوى السياسي تداعيات مواصلة القتال على الجيش، وقد شرحوا بأن امتداد المهمة يخلق نتائج غير جيدة للجيش الإسرائيلي. هناك قادة سرايا لم يجروا تدريباً منذ أنهوا دورة الضباط. لا يعرفون كيف يعدون ملف تدريب. ثمة تآكل هائل في الوحدات المتقدمة. وهناك جنود وقادة لا يعرفون إلا نوعاً واحداً من القتال – وهو غزة. ولهذا إحد الخيارات هو التموضع في بضع نقاط مشرفة. القوات تحاصر مدينة غزة والتجمعات السكانية، وتضرب حركة حماس من الجو، وتفرض حصاراً مشدداً، بما في ذلك إغلاق ما تحت الأرض.

حراك سياسي لـ«حزب الله»

وفي بداية تحرك سياسي سيشمل عددا من القيادات السياسية، استقبل الرئيس العماد ميشال عون في دارته في الرابية وفداً من حزب الله، ضم النائب علي فياض والنائب رائد برو، ومحمد الخنسا، وتمّ خلال اللقاء التشاور في الأوضاع الراهنة وعرض وجهات النظر حيال المستجدات لا سيما تطبيق مندرجات اتفاق وقف إطلاق النار، حيث تم التأكيد على أهمية التماسك الوطني والتوصل الى حلول تحقق الاستقرار الأمني والمصلحة الوطنية. بعد اللقاء، أكد فياض أن الزيارة شديدة الأهمية، تحديدًا في هذه المرحلة، للتشاور حول طبيعة الموقف تجاه استمرار العدوان على لبنان..وقال «موقفنا كان واضحًا، وأعدنا التأكيد عليه، وهو أنه لا يمكن الانتقال إلى البحث بأي شيء يخص السلاح، ما لم يلتزم العدو بالانسحاب وإيقاف الأعمال العدائية. وأشار إلى أن «البحث بجدول زمني أو القفز مباشرة إلى المطالبة بتسليم السلاح، قبل أن يقوم «الإسرائيلي» بما يجب أن يلتزم به أساسًا، يشكل نوعًا من الخلل الكبير الذي يحتاج إلى معالجة.

الاعتداءات الاسرائيلية

ميدانيا، استهدفت غارة اسرائيلية من مسيّرة، حي المسلخ القديم في أطراف الخيام الشرقية، أدّت الى استشهاد علي سليمان ابو عباس الذي نعاه حزب الله في وقت لاحق. كما أعلن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة، أن «غارة العدو الإسرائيلي على مدينة الخيام أدت في حصيلة محدثة إلى استشهاد جريح متأثرا بإصاباته البليغة، فيما ارتفع عدد الجرحى إلى أربعة. كما قصفت مدفعية العدو بعدد من القذائف المنطقة الواقعة بين بلدتي مارون الراس ويارون في قضاء بنت جبيل. كما أطلق الجيش الاسرائيلي قذائف مدفعية وصوتية باتجاه بلدتي راميا وعيتا الشعب. الى ذلك، عُثر على كاميرا تجسس «إسرائيلية» في بلدة عيترون. كما حلقت مسيّرة إسرائيليّة فوق مدينة بعلبك.

متى القرار الظني؟

وفي ملف جريمة المرفأ، لا تزال المواقف الرسمية المتضامنة مع الضحايا، والوعد بانصافهم، «حبرا على ورق» في ظل انقسامات واضحة تزيد من الشكوك حيال الوصول الى الحقيقة. وفي هذا السياق، تشير مصادر مطلعة الى ان القرار الظني قد يصدر خلال اسابيع او ربما اشهر، ولا شيء محسوما حتى الآن، لان المحقق العدلي القاضي طارق البيطار يقف امام ثلاث عثرات قانونية قد تؤخر اصدار اللائحة الاتهامية، اولا، لم يحصل بعد على اجوبة على 6 استنابات خارجية تاخرت لاسباب مجهولة، كذلك لعدم تعاون النيابية العامة في الفترة الماضية. ثانيا بحق القاضي 42 دعوى مخاصمة وبينها اتهامات باغتصاب السلطة، وعدم بت القضاء بهذه الاتهامات قد يعرقل مسيرة الدعوى امام المجلس العدلي، ولهذا يفضل البيطار ان يجري حسمها قبل صدور قراره. ثالثا، احالة القرار الى النيابة العامة قبل احالته الى القضاء المختص قد يتطلب وقتا طويلا لان مضبطة الاتهام كبيرة وتحتاج الى وقت طويل. وكذلك فان عديد المجلس العدلي لم يكتمل بعد.

نقاط مثيرة للجدل

و«الاستنسابية» تعد الثغرة الاخطر في التحقيقات، فالقاضي البيطار يواجه دعاوى من ذوي الشهداء أنفسهم، بسبب التأخير في الوصول إلى العدالة، وذلك على خلفية غياب وحدة المعايير. وعلى سبيل المثال لا الحصر، استُدعي رئيس حكومة سابق بينما تم تجاهل مَن سبقوه، كما استُدعي أول وزير أشغال، دون أن تطال التحقيقات الوزراء الذين خلفوه. وقد قدمت لجنة أهالي الضحايا وثائق تُثبت علم وزير العدل الأسبق أشرف ريفي بوجود شحنة النيترات، تتضمّن ثلاثة توقيعات على مراسلات ديبلوماسية، ومع ذلك لم يتم استدعاؤه. الأمر ذاته ينطبق على القاضي جاد معلوف الذي حجز على الباخرة، ولم يُستدعَ إلا بعد ضغط كبير من الأهالي. في السياق نفسه، تأخّر استدعاء مدير الجمارك ريمون خوري لأكثر من أربع سنوات، رغم تقديم وثائق تثبت مسؤوليته. أما جهاز الرقابة على السفن، الذي حجز الباخرة ومنعها من السفر، فلم يُستدعَ إطلاقًا، رغم سجن مدير الميناء محمد المولى، الذي أدّى واجبه. التحقيق في انفجار مرفأ بيروت لم يشمل حتى الآن جوانب أساسية تتعلق بالرقابة الدولية. فقد سمحت قوات اليونيفيل بدخول الباخرة، رغم تصنيف النيترات كمادة متفجرة، وبرّرت ذلك بأنها أبلغت مخابرات الجيش التي فتشت الحمولة واعتبرتها ..كما لم يُستدعَ أي من قادة الجيش المتعاقبين خلال فترة وجود النيترات، رغم توجيه إنذارات واضحة إليهم، وتقديم تقارير تؤكد خطر الشحنة.؟! فيما لا تزال كافة الدول «الصديقة» ترفض اعطاء لبنان صور الاقمار الاصطناعية عند وقوع الانفجار!.

انقسام بين الاهالي

وفي هذا السياق، لا يزال الانقسام بين اهالي الضحايا على حاله، وسجلت بالامس وقفتين منفصلتين في مكان الانفجار، وقد اكد رئيس تجمع اهالي شهداء وجرحى متضرري الانفجار ابراهيم حطيط امام تجمع لاهالي الضحايا في المرفأ، ان القاضي البيطار قال له في العام 2021 انه يعرف الحقيقة كاملة، وسأله لماذا لا تصدرها؟ ودعا الى عدم تسييس التحقيقات، مستغربا عدم استدعاء القاضي بيتر جرمانوس ووزير العدل اشرف ريفي... كما تحدى حطيط البيطار بان يصدر القرار الظني قبل نهاية العام، متهما اياه بالتاخير كي تتم الاستفادة منه في الانتخابات المقبلة.

«دقيقة صمت» وتكريم الشهداء

في المقابل، قام أهالي شهداء وضحايا انفجار 4 آب بمسيرة اخرى، وتجمع المشاركون في نقطتي انطلاق، الأولى في ساحة الشهداء، والثانية في مركز الإطفاء في الكرنتينا، وانطلقوا في المسيرة باتجاه تمثال المغترب قبالة موقع الانفجار، وحمل المشاركون صور الضحايا واللافتات المطالبة بالحقيقة والمحاسبة.وقرابة السادسة مساء، وصلت المسيرتان الى تمثال المغترب وموقع الاهراءات، حيث رفع علم لبناني ضخم، عليه تواقيع المئات المطالبة بالحقيقة والمحاسبة، إضافة الى صور الشهداء المرفوعة ، وكانت وقفة رمزية تكريمية لضحايا تفجير المرفأ في محيط تمثال المغترب وتلاوة أسماء الشهداء، وتزامن ذلك مع اطلاق السفن في تمام السادسة مساءً، صافراتها وارتفعت الرافعات قي مرفأ بيروت، في لحظة صمت، إجلالاً لأرواح شهداء الرابع من آب.وعند الساعة السادسة و7 دقائق، وقفت الحشود دقيقة صمت. والقت المحامية سيسيل روكز كلمة أشارت فيها إلى أن المحقق طارق البيطار تابع تحقيقاته والكل حضر ما عدا عويدات ونقول له تغيّبت عن الجلسات أنت وغازي زعيتر فأنتما فاران من العدالة و»ما أوقحك» مطالبة كل النواب والوزراء بعدم إيصال اشخاص مثلهم الى مراكز حساسة في الدولة.وأضافت روكز: «نقول للجميع التأخير في العدالة يوازي اللاعدالة ومشكور وزير الثقافة لحماية الاهراءات ونشكر وزير العدل والاعلام وكل الذين يعملون لهذه القضية.

مشاركة وزارية

وكان لافتا مع انطلاق مسيرة 4 آب، حضور وزاري لافت وكثيف، تقدمه وزراء: الاعلام المحامي بول مرقص، الطاقة جو الصدي، السياحة لورا الخازن لحود، الأشغال فايز رسامني، التكنولوجيا كمال شحاده، الشؤون الاجتماعية حنين السيد، العدل عادل نصار، الصحة ركان ناصر الدين، الاتصالات شارل الحاج، والثقافة غسان سلامة، الى شخصيات سياسية واجتماعية وناشطين من اجل العدالة.

التزام بالعدالة

وكان رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون اكد التزام الدولة اللبنانية بكشف الحقيقة وراء انفجار مرفأ بيروت وتحقيق العدالة، مشيداً بتضامن اللبنانيين في الاستجابة لتداعيات الكارثة. وشدد، في الذكرى الخامسة لجريمة تفجير المرفأ ، على أن «الدولة اللبنانية، بكل مؤسساتها، ملتزمة بكشف الحقيقة كاملة، مهما كانت المعوقات ومهما علت المناصب»، مضيفاً أن «العدالة لا تعرف الاستثناءات، والقانون يطال الجميع من دون تمييز، وعشية الذكرى الخامسة لانفجار مرفأ بيروت، افتتح رئيس الحكومة نواف سلام أمس الاول، شارع ضحايا 4 آب قرب مدخل مرفأ بيروت. ومن هناك قال سلام «إرفعوا أيديكم عن القضاء»، مشددًا على أننا لن نساوم على العدالة وصدق من قال «الحقيقة أم العدالة».وجدد التأكيد على ألا أحد فوق المحاسبة، لافتًا إلى أننا سنسهّل كل ما يطلبه القضاء منا في سبيل التحقيق بالقضية.

**********************************************

افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط:

عون وسلام يصران على آلية لتنفيذ «حصرية السلاح»

مواكبة دولية وعربية غير مسبوقة لجلسة مجلس الوزراء اللبناني

: تحظى جلسة مجلس الوزراء اللبناني المقررة الثلاثاء بمواكبة دولية وعربية غير مسبوقة باعتبارها الأولى المخصصة لبسط سلطة الدولة على كل أراضيها بأدواتها الذاتية، استكمالاً لتطبيق ما نص عليه البيان الوزاري لحكومة الرئيس نواف سلام في هذا الخصوص، والتزاماً بحصرية السلاح بيدها.

لكن «حزب الله»، وبلسان النائب علي فياض، استبق انعقاد الجلسة باشتراطه إعطاء الأولوية لـ«ثلاثية» انسحاب إسرائيل وإطلاق الأسرى ووقف الأعمال العدائية قبل أي بحث آخر. وكأنه يقحم الجلسة في نقاش مديد لتقطيع الوقت على أن يكون للبحث صلة للحؤول دون إقرار حصرية السلاح.

لا عوائق

فالتوقيت الذي اختاره فياض لتمرير رسالة اعتراضية على جدول أعمال الجلسة لن يكون عائقاً أمام إصرار رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون بالشراكة مع الرئيس سلام وبتأييد ما يزيد على أكثرية ثلثي أعضاء الحكومة على وضع آلية تنفيذية لتطبيق حصرية السلاح بيد الدولة، وهما على تواصل مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، لما يتمتع به من نفوذ لدى حليفه «حزب الله» لعله يقنعه بتعديل موقفه على نحو يؤدي للعبور بالجلسة إلى بر الأمان بتصويت الوزراء على آلية بسط سلطة الدولة، وتحضير الأجواء لتجاوب الحزب مع طلب تسليم سلاحه.

ويقول مصدر وزاري وثيق الصلة بعون وسلام إن دعوتهما لعقد جلسة للحكومة تُخصص لتطبيق حصرية السلاح لم تأتِ من فراغ، ولن تنتهي كما بدأت، وكأنها لم تكن، وعُقدت من باب رفع العتب ليس أكثر.

تصاعد الضغوط

ويؤكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» أنهما يصران على حسم الموقف لمصلحة بسط الدولة سلطتها، لأن الوضع الداخلي لم يعد يسمح بالمراوحة، وأن وتيرة الضغوط الدولية والعربية على لبنان في تصاعد، وبدأت ترفع منسوب الحصار المفروض عليه، ولا يمكن استيعابه إلا بالتجاوب مع النصائح التي أُسديت له بوجوب حسم موقفه بوضع آلية تنفيذية لجمع السلاح من القوى المحلية، ومن ضمنها «حزب الله».

ويلفت المصدر إلى أن عامل الوقت ليس لمصلحة لبنان، ولم يعد من خيار أمامه سوى التقاط الفرصة الأخيرة لإنقاذه، وإلا فإن الحكومة ستتحول إلى إدارة للأزمة، ولن تجد من يساعدها لحل مشكلاتها الداخلية التي بلغت ذروتها في الآونة الأخيرة، فيما يواصل حلفاء الحزب تخليهم عنه، بانضمام ممثل تيار «المردة» النائب طوني فرنجية والنائب فيصل كرامي إلى المطالبين بحصرية السلاح، بالتزامن مع مضي «التيار الوطني الحر» برئاسة النائب جبران باسيل في فسخ تحالفه معه، وإبطاله مفاعيل ورقة التفاهم الموقّعة بينهما في فبراير (شباط) 2006.

نبرة عالية

ويكشف المصدر أن الخناق الدولي والعربي بدأ يشتد على لبنان، وأن جواب الوسيط الأميركي توم برّاك على الرد الرئاسي على أفكاره التي طرحها لمساعدة لبنان لوضع آلية لتطبيق اتفاق وقف النار لم يحمل أي تعديل، بل انطوى على نبرة عالية تدعوه للانتقال من إعلان النيات إلى التطبيق الفوري.

ويؤكد أن واشنطن، التي لن توفد برّاك إلى بيروت للمرة الرابعة حتى إشعار آخر، تستغرب الرضوخ لشروط الحزب الذي كان وراء استدراج البلد لمواجهة مع إسرائيل بإسناده لغزة لحسابات إقليمية، وتحديداً إيرانية، كبدت البلد أكلافاً بشرية ومادية فاقت كل تقدير، وآن الأوان لمحاسبته على أفعاله بسحب سلاحه، وإلا لن يلقى لبنان المساعدة التي هو في أمس الحاجة إليها لإعادة إعمار البلدات المدمرة.

مراجعة نقدية

وفي هذا السياق، يسأل مصدر وزاري «حزب الله»: ما الجدوى من احتفاظه بسلاحه طالما أنه يمتنع عن الرد على العدوان الإسرائيلي؟ وأوكل، كما قال أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، إلى الدولة مسؤولية التصدي للاعتداءات؟ وهل آن الأوان ليجري مراجعة نقدية لمواقفه وينخرط في مشروع الدولة، آخذاً في الاعتبار الأضرار الجسيمة التي تلحق بالبلد من جراء الحصار الدولي المفروض عليه؟

كما يسأل: لماذا يتعامل الحزب مع المطالبة بسحب سلاحه وكأنه يوقّع على هزيمته، بالمعنى السياسي للكلمة، فيما يُجمع خصومه على أنه أحد أبرز المكونات التي لا يمكن تجاهلها وإخراجها من المعادلة السياسية. ويرى لـ«الشرق الأوسط» أن مجرد تقديره للظروف الدقيقة والمصيرية التي تعصف بالبلد تفرض عليه التخلي عن سلاحه وإيداعه لدى الدولة، وهذا يتطلب منه اتخاذ قرار شجاع قبل فوات الأوان، وبذلك يوفر لها الذرائع بمطالبتها الولايات المتحدة بتوفير الضمانات بالضغط على إسرائيل ليتلازم تنفيذها مع بدء تطبيق الجدول الزمني الخاص بحصرية السلاح؟

ارتفاع الأخطار

ويؤكد المصدر أن شروط الحزب في مقابل موافقته على حصرية السلاح غير قابلة للتنفيذ، ويمكن إلحاق «ثلاثية» فياض التي استحضرها على عجل بآلية تنفيذ بسط سلطة الدولة من دون أن تتقدمها على أنها شرط للتجاوب مع الأكثرية الساحقة للوزراء بتأييدها لحصرية السلاح.

ويسأل عن الأسباب الكامنة وراء تمسكه بشروطه، وهو يدرك سلفاً أنها ترفع من منسوب الأخطار التي تهدد البلد بإصرار إسرائيل على توسعة عدوانها؟

لذلك يقف مجلس الوزراء أمام معادلة صعبة للتوفيق بين استرداده ولو متأخراً لثقة المجتمع الدولي بلبنان، ودخوله في مصالحة معه على قاعدة تسليمه بملء إرادته بحصرية السلاح، وبين تطويقه لمعارضة «حزب الله» ما لم ينجح بري بتنعيم موقفه مكتفياً بتسجيل تحفظه من باب الحيطة والحذر، خصوصاً أن مشاورات اللحظة الأخيرة بين الرؤساء الثلاثة لم تنقطع، ومستمرة إلى حين انعقاد الجلسة، فيما سلام يتواصل مع أحزاب «القوات اللبنانية» و«التقدمي الاشتراكي» و«الكتائب» الذين يشكلون خط الدفاع الأول عن حصرية السلاح، ويدعون لإقرارها، آخذين في الاعتبار الإجماع الدولي على تأييدها الذي يلقى أوسع ترحيب لبناني، من دون أن يسقطوا رهانهم على تدخّل بري لإنقاذ الموقف وقطع الطريق على إقحام الجلسة في اشتباك سياسي يزيد من عزلة «حزب الله».

فهل يسحب الحزب شروطه بما يتيح للدولة بسط سيادتها على أراضيها؟ ومطالبتها المجتمع الدولي بالتدخل لدى إسرائيل لإلزامها بالانسحاب تطبيقاً للقرار 1701؟

*********************************************

افتتاحية صحيفة الشرق:

لبنان أحيا ذكرى تفجير المرفأ.. وترقّب لجلسة حصرية السلاح اليوم

سيطر الهدوء على الحركة السياسية امس عشية اليوم الثلاثاء المفصلي الذي سيكون له أثر كبير في تحديد المسار الذي ستسلكه الامور في لبنان في المرحلة المقبلة: فهل هو هدوء يسبق العاصفة إذا فشل مجلس الوزراء في الخروج بقرار واضح حول كيفية حصر السلاح بيد الدولة وفق جدول زمني محدد، أو وفق صيغة غير ملتبسة ترضي اللبنانيين والعالم، فتكون الدولة بذلك، تغامر بمستقبل البلاد، إذ قد تعود الحرب الاسرائيلية عليها او تتفاقم عزلتها الدولية؟ أم تنجح الحكومة في الاستحقاق، فتحسم، شاء من شاء وأبى مَن أبى، حَضَر مَن حضَر وقاطع مَن قاطع، أنّه لن يكون بعد اليوم سلاحٌ إلا بيد القوى الشرعية وتضع آلية تنفيذية لتطبيق هذا القرار، في شكلٍ يحمي لبنان وينقذه ويضعه مجددا في “حضن” الرعاية الدولية فيحظى بدعم العواصم الكبرى، الذي هو بأمسّ الحاجة اليه، على الصعد كافة؟

اتصالات مكثفة

الجواب سيظهّر غدا. وفي الانتظار، الاتصالات شغالة بقوة في الكواليس بين بعبدا وعين التينة والسراي، حيث من غير المستبعد ان يزور رئيس مجلس النواب نبيه بري بعبدا، أو أن يزور رئيس الحكومة نواف سلام مقر الرئاسة الثانية. اما هدف هذه المحادثات، فهو التوصّل الى قرار حول السلاح، ينال مباركة اللبنانيين والمجتمع الدولي من جهة، ولا يستفزّ حزبَ الله من جهة ثانية. لكن بحسب ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية”، المهمة تبدو صعبة، اذ ان حزب الله متشدد تجاه ذكر اي تسليم للسلاح قبل الانسحاب الاسرائيلي من الجنوب وضمان اطلاق الاسرى واعادة الاعمار وأمن الحدود الشرقية ضد “التهديد الداعشي”… حتى الساعة، الحزب سيشارك في الجلسة، وقد اتفق مع بري على المشاركة معا او المقاطعة معا، بناء على الصيغة التي ستُعتمد. التوجّه حتى اليوم، تتابع المصادر، هو ان يتبنى مجلس الوزراء، من جديد، مضمونَ خطاب القسم والبيان الوزاري لجهة التأكيد على حصر السلاح بيد القوى الشرعية (مع رفض ربط الموضوع بأي شروط، حيث تمارس القوى السيادية في الحكومة ضغوطا في هذا الاتجاه) الا انه لن يغوص في تفاصيل تطبيق هذا القرار وسيحيل المهمة الى المجلس الاعلى للدفاع، الذي لن يتأخر في الاجتماع وفي اقرار تفاصيل تنفيذ القرار.

العبرة في التنفيذ

هنا، تقول المصادر، يكمن التحدي الاكبر. فحتى لو تم وضع خطط وجداول زمنية، يبقى الاهم التقيد بها وتطبيقها. ورهانُ حزب الله، هو على ان تبقى الخطط حبرا على ورق.

الموقف الدولي واحد

أمام هذا المشهد، يصبح اسم المبعوث الاميركي الى لبنان، مجرد تفصيل. فبغض النظر عما اذا كان الموفد توم برّاك سيعود الى بيروت أم أن الملف اللبناني سيتم تكليفه الى شخصية جديدة كما تردد، قد تكون مورغان اورتاغوس او ميشال عيسى (السفير الاميركي الجديد في لبنان الذي يتسلّم مهامه رسميا في ايلول المقبل)، فإن الموقف الاميركي والسعودي والفرنسي والدولي عموما، موحّدٌ وواضح: لن تكون مساعدات للبنان من دون حصر السلاح، ولا أحد يضمن ما يمكن ان تفعله اسرائيل من دون حصر السلاح.

لا مقاطعة؟

في المواقف، أكد وزير الزراعة نزار هاني، أن جلسة مجلس الوزراء الثلاثاء ستكون جلسة عادية ولكن مهمة، وستناقش بشكل واضح الخطوط العريضة التي رسمها رئيس الجمهورية في خطابه. وأوضح في حديث اذاعي أن خطاب رئيس الجمهورية وضع جدولة زمنية واضحة لحصر السلاح بيد الدولة، مشدداً على أن “هذا العنوان يحظى بتوافق سياسي واسع بين مكونات الحكومة”، وأكد ألا مقاطعة متوقعة من أي طرف سياسي، بما في ذلك الثنائي الشيعي. وأشار إلى أن الجيش يقوم بجهد كبير في الجنوب، وتسلم مئات المواقع ومخازن الأسلحة، وهو ما يؤكد الانتقال التدريجي والفعلي لحصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية. ورداً على سؤال حول موقف “حزب الله” من عملية حصر السلاح، شدد هاني على أن “الحزب جزء من النسيج اللبناني، وقد لعب دوراً كبيراً في تحرير الأرض”، لافتاً إلى أن “المرحلة المقبلة تقتضي أن تكون الدولة وحدها صاحبة قرار الحرب والسلم”.

تسليم لبنان لاسرائيل

في المقابل، الحزب عند رفضه تسليم السلاح. فقد طالب عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسين جشي السلطة السياسية بأن “تجرؤ على اتخاذ قرار بتسليح الجيش اللبناني ليصبح قادراً على حماية الأرض والسيادة”، معتبراً أن “الطلب من المقاومة التخلي عن سلاحها من دون وجود بديل حقيقي يعد دعوة مكشوفة لتسليم لبنان لاسرائيل”.

جعجع

في المواقف، صعّد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ضد حزب الله. هو أكد “أنّ الاتجاه الذي تسلكه البلاد هو الاتجاه الصحيح، رغم وجود بعض التباطؤ من جهة، وبعض الأخذ والرد غير المجدي من جهة أخرى”، مشدداً على أنّ الطريق التي نسير فيه حالياً هو الطريق السليم. الا انه أوضح أنّ “المشكلة هي أن هناك فريقاً أو حزباً في لبنان وليس طائفة أبداً، أتحدث عن حزب معين هو “حزب الله” الذي يتّبع منطقاً مغايراً تماماً، ويتحدّث بلغة لا يفهمها الآخرون، كما أنّه بدوره لا يفهم لغة معظم اللبنانيين. وقال “هذه ليست وجهة نظر “القوات” فقط، بل إنّ 75% من اللبنانيين لا يريدون هذا الواقع المفروض، لكن الحزب متمسّك به ومصرّ عليه”.

***************************************************

افتتاحية صحيفة نداء الوطن:

مجلس الوزراء أمام الامتحان… الجدول الزمني أو الانهيار

نهاية 2025 نهاية السلاح؟

يمضي مجلس الوزراء في جلسته بعد ظهر اليوم في قصر بعبدا في بحث جدول الأعمال الذي جرى توزيعه يوم الجمعة الماضي. ويتضمن البند الأول من هذا الجدول موضوع حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، ما يستدعي الذهاب الى إقرار الجدول الزمني لتنفيذ هذا الموضوع.

وأتى تثبيت عمل الجلسة بعدما جرب ثنائي "حزب الله" وحركة "أمل" إلغاء بند السلاح من جدول الجلسة كليًا، فلم ينجح. كما حاول "الثنائي" تأخير طرح بند السلاح ليكون الأخير على جدول الأعمال فلم ينجح أيضًا. وعلمت "نداء الوطن" أن الجلسة ستشهد طرح بند السلاح وما يتصل به على التصويت بدفع من عدد من الأفرقاء من بينهم وزراء "القوات اللبنانية" في حال عدم الوصول إلى توافق على موضوع الجدول الزمني.

ولم تقتصر محاولات "الثنائي" على العبث بجلسة مجلس الوزراء بل تعدتها من خلال "حزب الله" إلى تحريك عباءة "عشائر البقاع – لبنان" ببيان مجهول المصدر عن تحركات ستنطلق اليوم دفاعًا عن سلاح "الحزب" بالتزامن مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء.

الرد الأميركي بين عون وسلام

وعلمت "نداء الوطن" أن الرئيس نواف سلام زار بعبدا ظهر أمس لتنسيق الموقف مع الرئيس جوزاف عون خصوصًا قبل الجلسة، وأيضًا لبحث الرد الأميركي الذي وصل إلى لبنان السبت وركز بشكل حازم على تحديد الحكومة اللبنانية مهلة زمنية لسحب كل أنواع السلاح وبسط سلطة الدولة على كامل التراب اللبناني، في حين لم تمنح واشنطن أي ضمانات يطالب فيها لبنان.

وبحسب معلومات موثوقة، فإن الجواب الأميركي لا يتطابق بالكامل مع المطالب اللبنانية التي تم رفعها خلال المحادثات في الأسابيع الماضية، لا سيما ما يتعلّق بالتدرج في تطبيق أي خطوات متصلة بملف السلاح.

ووُصف اللقاء بين الرئيسيّن عون وسلام بأنه بالغ الأهمية في توقيته ومضمونه، حيث تناول السيناريوات المرتقبة خلال جلسة الحكومة المقررة بعد ظهر اليوم، في ظل التباينات الداخلية وارتفاع منسوب التوتر السياسي والأمني في البلاد.

إلى ذلك تكثفت الاتصالات مساء أمس خصوصًا بين عون وسلام وبري، وسط تمسك "الحلف الثلاثي" المستجد بين "القوات اللبنانية" و"الكتائب" و"الاشتراكي" بموقفه في ما خص السلاح. وتشير المعلومات أيضًا إلى رصد رد الفعل العربي والدولي بعد موقف الحكومة في جلسة بعبدا اليوم.

بند السلاح وجلسة اليوم

وأبلغت مصادر وزارية "نداء الوطن" ليلًا أن الرئيسيّن عون وسلام "يسيران في التوجه العام مع الأخذ بالاعتبار التباين إذا ما وُجد لكنه تباين لفظي لكن الجوهر هو في بندَين: قرار حصر السلاح يطال المجموعات العسكرية غير الشرعية على كل الأراضي اللبنانية. والبند الثاني هو مهلة تنفيذ هذا القرار أقصاها 31 كانون الأول 2025".

البيئة الشيعية وتحركات "حزب الله"

في السياق نفسه، رصدت الأوساط السياسية استياءً واضحًا داخل البيئة الشيعية من التهويل عبر وسائل التواصل والبيانات المشبوهة لتعطيل جلسة اليوم. وتعبّر هذه الأوساط عن قلقها من أن يؤدي أي تحرّك غير منضبط إلى إرباك الواقع الأمني وإعطاء فرصة ذهبية لجهات خارجية معادية للبنان للتسلّل إلى الساحة الداخلية وافتعال أحداث دموية أو فتنوية.

وتشير المعلومات إلى أن اتصالات داخلية وخارجية كثيفة جرت في الساعات الماضية، وتم خلالها توجيه نصائح واضحة وصريحة إلى قيادة "حزب الله" بوجوب الإقلاع عن "لعبة الشارع"، لما تنطوي عليه من مجازفة كبيرة وغير محسوبة النتائج، خصوصًا في ظل خطورة الوضع الأمني، والتعقيدات السياسية الإقليمية والدولية.

وتؤكد مصادر متابعة أن أي مساس بالاستقرار اللبناني في هذا التوقيت ستكون له تداعيات خطيرة، محليًا وخارجيًا، وأن المطلوب هو تغليب العقل على لغة الشارع، والإقلاع عن نظرية "السلاح مقابل الاستقرار" ردًا على الرئيس عون الذي قال "إما الاستقرار وإما الانهيار". والسؤال: هل تنجح السلطة في احتواء هذا التصعيد أم تُجر البلاد إلى حافة مواجهة جديدة؟

الذكرى الخامسة لانفجار المرفأ

من جهة ثانية، أحيا اللبنانيون بالقرب من مرفأ بيروت أمس الذكرى الخامسة للانفجار الكارثي الذي هز مرفأ بيروت في 2020 وأودى بحياة أكثر من 200 شخص، في أحد أكبر الانفجارات غير النووية في التاريخ.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram