نزار قباني... مئة عام من الحبّ

نزار قباني... مئة عام من الحبّ

 

Telegram

 

في مئوية الشاعر نزار قباني وبعد مرور ربع قرن على رحيله، لم يعد نزار قباني شاعرا جدليا بين أهل الثقافة والأدب، مثلما كان في حياته. لم يعد هناك فريقان، أحدهما يرى فيه قيمة شعرية واختراقا كبيرا، والثاني يرى أنه أسهم في تسطيح الشعر وتسليع المرأة.
هذا الجدال انتهى. وسوف تجد بين معظم محبي الشعر وممارسي كتابته، اعترافا صريحا بقيمة قباني وأهميته الشعرية، وما كان يعتبر هدما للغة وللأسس والقواعد الشعرية سابقا، ارتقى اليوم مرتبة الكلاسيكية. وحاله حال جميع الشعراء التأسيسيين في الحداثة الشعرية العربية، فإن حياة نزار قباني الثانية، كشاعر وصانع للمعنى وصاحب رؤية للحياة، بدأت بعد رحيله، وصار استقباله شاعرا اليوم، بين الشعراء والأدباء على الأقل، مختلفا عن استقباله نجما جماهيريا في زمن مضى.
 
والمفارقة، أنه في حين بات يمكن النظر إلى تجربته الشعرية بتجرّد، بعيدا من كل التأثيرات التي حفّت بهذه التجربة خلال حياته المشحونة بالأحداث والتحولات، أي بقدر أعلى من الموضوعية وإمكانية خلق الصلات الجمالية بين محطاته الشعرية، فإنّ زمن الشعر نفسه الذي كان ينتمي إليه قباني، وكان أحد صناعه الأساسيين، لم يعد موجودا، على الأقل ليس بالطريقة السابقة نفسها.
 
لا يبدو أن صانع الشعر الذي كان مالئ الدنيا وشاغل الناس لا يزال محتفظا بحضوره. كما في مجالات أخرى كثيرة متصلة بالمعرفة في العالم العربي، فإن الأرقام تكاد تكون معدومة. لا نعرف كم يطبع ولا كم يقرأ من الشعر بقديمه وحديثه. بيد أن ثمة نوعا من الإجماع على أن الشعر لم يعد يحتل المكانة التي كان يحتلها قبل عقود قليلة. لا نقول إن الشعر مات، مثلما يردّد بعضهم، فممارسو الشعر ما زالوا كثرا وما زال له قراؤه، إلا أن الهالة التي كانت تحيط به، باتت تنتسب إلى فضاءات أخرى.
 
ربما هو مخاض جديد للشعر يعود بعده إلى واجهة الحضور والتأثير، لكنّ المؤكد أن العالم الذي كان نزار قباني يرسمه بالكلمات ذوى وصار آيلا للاختفاء. حلت سلطات جديدة مكان سلطة الشعر، ودخلت أدوات مختلفة إلى الساحة بشكل عنيف فكك أولوية اللغة كوسيلة تعبير، وصارت المشاعر جزءا من صناعة سوق عالمية لا تنتسب في الغالب إلى الشعراء بل إلى الشركات الكبرى، بما فيها شركات التكنولوجيا والتواصل الاجتماعي.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram