بعد طول انتظار، صدر الخميس الماضي في الجريدة الرسمية قانون «منح المتضررين من الاعتداءات الإسرائيلية بعض الإعفاءات من الضرائب والرسوم وتعليق المهل المتعلّقة بالحقوق والواجبات الضريبية، ومعالجة أوضاع وحدات العقارات أو أقسامها المهدّمة».
القانون مشابه لقانون صدر عقب عدوان تموز 2006، ويحدد آلية إعادة بناء المنازل المهدّمة لناحية نيل التراخيص ودفع الرسوم.
لكنه يفرض موادَّ خاصة للمنازل المتضررة المشيدة على أملاك الدولة، تمنع أصحابها من إعادة إعمارها. وبعد ملاحقات القوى الأمنية للمواطنين الذين بادروا إلى إعادة تشييد منازلهم في البلدات الحدودية، صار بإمكانهم الشروع بإعادة الإعمار حتى قبل صرف التعويضات.
في الطريق من المنصوري إلى مجدل زون، تتوزّع أكوام الركام على الجانبين. إنه حي المشاع الذي ذاع صيته منذ بداية العدوان الإسرائيلي في تشرين الأول 2023، بسبب الغارات التي دمّرته.
ووفق المسح الميداني، هناك 210 منازل في المنصوري ومزرعة بيوت السياد التابعة لها، منها 120 منزلاً تقع ضمن عقارات المشاعات.
قبل 19 عاماً، لاقى الحي المصير نفسه، إنما بحجم أقل. بحسب حسن أحمد، مسؤول الإعلام في بلدية المنصوري، وقد تضاعف عدد المنازل في الحي خلال السنوات الماضية، ما ضاعف حجم النكبة العمرانية. حينذاك، كاد أهل الحي يواجهون تهجيراً دائماً بسبب قرار وزارة الداخلية والبلديات منعهم من إعادة إعمار منازلهم بسبب بنائها السابق في الأملاك العامة. تدخّلت الوساطات الحزبية والسياسية، فأفرزت تسوية وتسامحت الدولة معهم.
القانون يضاعف التعقيدات أمام عودة الجنوبيين للاستقرار في المنطقة الحدودية
وفي حديثه لـ«الأخبار»، يبدي أحمد استغرابه من القانون الذي يضاعف التعقيدات ويراكم مآسي الجنوبيين الذين تتكتل الظروف لمنعهم من العودة للاستقرار في المنطقة الحدودية. محلياً، دمّرت الغارات مبنى بلدية المنصوري ولم تتمكّن البلدية المنتخبة قبل شهرين من تأمين مقر بديل.
وطار أرشيف البلدية كما مقدّراتها، وكذلك نتائج المسح الذي أجري قبل 23 أيلول الماضي، للمنازل المتضررة خلال العام الأول من العدوان.
لكنّ الدولة، لا تبدو متسامحة. والقانون ميّز بين المتعدّين على أملاك الدولة العامة وأملاكها الخاصة. وتحسم المادة السادسة منه منع إعادة بناء منازل المشاعات مقابل منح أصحابها تعويضاً مالياً. ونصّ القانون على أنه «لا يجوز إعادة تشييد أي بناء كان متعدّياً على الأملاك العمومية للدولة أو البلديات أو سائر أشخاص الحق العام، إلا بعد إزالة التعدّي.
وفي حال تعذّر إعادة البناء لكون القسم الأكبر من البناء كان واقعاً على الملك العام، يُمنح صاحب البناء مساعدة مالية تُحدد لاحقاً بمراسيم تصدر عن مجلس الوزراء».
كما تنص المادة نفسها على «عدم السماح بإعادة تشييد أي بناء متهدّم كان مُشيّداً على أملاك الدولة والبلديات، إلا بعد استيفاء سلسلة من الشروط المعقّدة منها موافقة الحكومة على قيام البلدية ببيع العقار المُشيّد عليه البناء لصاحب المنزل بعد آلية من التخمينات وتسوية المخالفات».
التعقيدات التعجيزية الواردة ضمن القانون الذي وُضع لدعم المتضررين وتسهيل إعادة تشييد منازلهم، أنتجت أزمة كبيرة، لأن الدولة كرّست التمييز بين المتضررين في الإجراءات القانونية والإدارية واستغلّت فرصة التدمير الإسرائيلي لمعاقبة المخالفين. وبدلاً من وضع سياسة إسكان عادلة، أنتج قانون الإنصاف، فئة من الضحايا المزدوجين الذين يحملون صفتين: متضررين ومتعدّين!
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :