تعود «مهرجانات بعلبك» هذا الصيف بقوة استثنائية إلى المشهد الثقافي والفني. الجمهور على موعد مع العرض الموسيقي البصري «حقبات» (8 آب)، الذي تقوده الفنانة هبة طوجي بسحر صوتها، ويحمل توقيع التأليف والإنتاج المؤلف والملحن الموسيقي أسامة الرحباني. هذا اللقاء الفريد هو احتفاءٌ بين الأمس واليوم، دعوةٌ إلى إعادة اكتشاف سحر المكان والروح التي توارثها الرحابنة.
بعلبك: إلهامٌ موسيقي فريد
منذ أكثر من 15 عاماً، تتردد الدعوات من لجنة «مهرجانات بعلبك الدولية»، لكن مشاركة الثنائي الفني هبة طوجي وأسامة الرحباني بقيت مرهونةً بتقديم عمل فني مختلف وغير تقليدي، وهذا ما يتحقق هذا العام.
في حديث معنا، كشف أسامة الرحباني أنه عمل على تحويل قلعة بعلبك التاريخية إلى جزء لا يتجزأ من العرض، حيث تصبح القلعة والمكان بأكمله منصّة العرض في تجربة غامرة، إذ يشاهد الجمهور العرض مندمجاً في كل تفاصيل القلعة بفضل تقنية الإضاءة المتطورة، والخرائط الثلاثية الأبعاد، والمؤثرات السينمائية واصفاً كل ذلك بـ«الجنون».
ولم يخفِ الرحباني مشاعره قائلاً: «انتابنا قلقٌ عميقٌ على بعلبك خلال الحرب، وكانت قلوبنا تنبض معها ومع كل لبنان في تلك المحنة».
وقد تمّت الاستعانة بخبراتٍ لبنانية عالمية المستوى لتنفيذ هذه الرؤية الفنية المعقدة تقنياً وجمالياً.
وتابع الرحباني قائلاً: «تعاونّا مع الفنان والخبير بالـ3D mapping والغرافيكس إيميل عضيمة الذي شارك أيضاً بالأفكار، وجيلبير حداد الذي تولّى الجانب التقني بدقةٍ بينما صمّمت باسكال زغيب الكوريغرافيا وأضافت لمستها الفريدة، وتولّى عبدو حسيني الإشراف الإنتاجي».
وأشار الرحباني إلى أن نحو 300 فنان وتقني يعملون على مدار الساعة، مستخدمين أحدث الكاميرات وتقنيات الإضاءة والبروجكتورات، لضمان خروج العرض بأبهى صورة.
«حقبات»: سردية موسيقية من التاريخ إلى المستقبل
اختيار اسم «حقبات» للعرض لم يكن عبثياً، إذ يهدف إلى استعراض الحضارات التي مرت على القلعة تاريخياً عبر مشاهد بصرية وموسيقية راقصة تتجاوز الترتيب الزمني وتُعيد إحياء روح بعلبك في الماضي.
كما أضاف الرحباني، أن هذا العرض سيكون رحلة بصرية موسيقية تأخذ الجمهور في عودةٍ متخيلة إلى شكل القلعة كما كانت، بأسلوب حداثي لا يغفل التراث والتاريخ.
وأفرد لنا مبتسماً: «وسيتضمن العرض مفاجآت قد تكون ضيوفاً على مستوى عالمي». تصف هبة طوجي لـنا العرض بأنه رحلة عبر الزمن، تنطلق بالأغاني الجديدة المصممة خصيصاً لهذا الحدث، وتعيد تقديم مقتطفات من أرشيفها الغنائي ومسرحياتها السابقة.
وتؤكد أنّ البرنامج مصاغ بعناية ليحترم خصوصية الموقع الأثري، حيث يتناغم كل مشهد مع هالة المكان وتاريخه. سيحمل العرض في ثناياه أيضاً أغاني باللغة الفرنسية، إضافة إلى مفاجآت موسيقية خاصة.
مئوية منصور الرحباني: إحياء الإرث الكبير
تكتسب هذه النسخة من مهرجانات بعلبك بُعداً خاصاً مع الاحتفال بمئوية ولادة منصور الرحباني، أحد عمالقة الفن اللبناني.
وسيكون هناك جزء خاص من العرض مخصصاً لأعمال الراحل، يضم مختارات من أبرز إبداعاته الموسيقية والمسرحية، إضافة إلى تحية للثلاثي الاستثنائي منصور وعاصي وفيروز.
كما سيشارك في تقديم أعمال هذه الليلة الخاصة كورال «فويس أوف هيفين» الذي سيكون حضوره حيوياً ومتفاعلاً مع الجمهور ومع أجواء المسرح.
أوركسترا كبيرة وأداء متناغم
سترافق العرض أوركسترا ضخمة مؤلفة من أكثر من ثلاثين عازفاً، بالإضافة إلى فريق من عشرين راقصاً ومحترفاً في الأداء المسرحي كما أوضحت طوجي، ما يضمن تقديم عرض موسيقي راقص بمستوى عالمي، يمتزج فيه الصوت بالصورة والحركة بشكل متناغم ومتقن.
واعتبرت طوجي أن هذا التناغم هو التحدي الأكبر في العرض، نظراً إلى ما يتطلبه من تمارين مكثفة وجهد منسق بين جميع العناصر المشاركة.
تحت سماء بعلبك الصافية في الثامن من آب، تستيقظ القلعة مجدداً على أنغامٍ تأخذ الأنفاس. صدى صوت هبة طوجي ينساب بين أعمدتها، فيما تصحبنا رؤية أسامة الرحباني وإرث عائلة الرحباني الفني، في رحلة عبر عبق الأجيال وأحاسيس المكان. «حقبات» تصبح بذلك لوحةً حيّة تنطق بجمال لبنان وعظمة مهرجان بعلبك.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
نسخ الرابط :