رغم ارتياح طلاب الثانوية العامة لسير الامتحانات الرسمية، لم يسلم اليوم الأول من التخريب، إن على مستوى تسريب مضامين بعض الامتحانات أو ترشيح طلاب وهميّين في مدارس غير مرخّصة.
أبدى طلاب الثانوية العامة بفروعها ارتياحهم لسير الامتحانات الرسمية في يومها الأول، إذ لم تتجاوز نسبة الغياب 8%. ورغم ذلك، لم يَسلم الاستحقاق من محاولات «التخريب» التي بدأت بحجز بطاقات الترشيح لطلاب قانونيين، بهدف الضغط لتمرير طلبات ترشيح صادرة عن مدارس دكاكين وهمية وغير مرخّصة، وانتهت بتسريب فيديوهات لمضامين بعض المسابقات نُشرت بعد منتصف ليل الامتحان.
في الملف الأول، بقيت وزارة التربية حتى ساعات الفجر الأولى تطبع بطاقات ترشيح لطلاب لم تُرسل مدارسهم الخاصة أسماءهم إلى الوزارة ضمن المهلة القانونية التي انتهت في شباط الماضي، واحتُجزت ملفاتهم في مصلحة التعليم الخاص ولم تُحوَّل إلى وزيرة التربية ريما كرامي لتوقيعها إلا في اللحظات الأخيرة قبيل الاستحقاق.
ويبدو أنّ هناك مَن تعمد تلغيم الملف الإداري، عبر دمج معاملات لطلاب قانونيين تحوي أخطاءً مادية (في الاسم أو تاريخ الميلاد أو غيره)، مع معاملات لطلاب في مدارس غير مرخّصة، بل ولطلاب وهميين ينتمون إلى مدارس غير قانونية، في محاولة لتمريرها تحت الغطاء ذاته.
وعلمت «الأخبار» أنّ وزيرة التربية جزّأت الملف ووقّعت بعض المعاملات، لكن ذلك يطرح أسئلة جوهرية لا تزال بلا إجابة: كيف يُسجّل طلاب وثائقهم الشخصية غير مكتملة؟ ما مصير الطلاب القانونيين في المدارس غير المرخّصة؟ ولماذا لا تُقفل المدارس المخالفة، طالما أنّ هذه الحادثة تتكرّر سنوياً، ويُضطر أهالي الطلاب إلى التجمّع أمام الوزارة لتسوية أوضاع أبنائهم؟ وهل تسوية الأوضاع تعفي موظفي الوزارة المتورّطين في هذا الفساد من المحاسبة؟ ولماذا لا يتدخّل جهاز أمن الدولة ويسطّر توقيفات بحق الفاسدين على غرار ما يحدث في دوائر ووزارات أخرى؟
«تسريب» منتصف الليل
وفي الملف الثاني، نشر أحد الناشطين على «تيك توك»، بعيد منتصف الليل، فيديوهات يوجّه فيها الطلاب نحو التركيز على مضامين محدّدة في مادتي التربية والاجتماع، ليتبيّن لاحقاً، بحسب مصادر من الأساتذة، تطابقٌ لافت بين «ترجيحاته» وأسئلة المسابقتين.
اللافت أنّ الـ«تيك توكر» كان قد ظهر في فيديو سابق هاجم فيه وزيرة التربية والمدير العام للتربية، متّهماً الأخير بعقد صفقة، ما يعزّز الشكوك بوجود جهة داخل الوزارة تسرّب له المعلومات. وهنا تُطرح تساؤلات أساسية: من يقود ماكينة التخريب؟ ومن سرّب للناشط من داخل دائرة الامتحانات؟ وهل تتحرّك الأجهزة الأمنيّة للتحقيق، خصوصاً أنّ المدير العام للتربية، بصفته رئيس اللجان الفاحصة، وضع سرّية الامتحانات في عهدتها؟ وهل هدف التخريب إفشال وزيرة التربية في قيادتها لهذا الاستحقاق؟ ولماذا لم تتحرّك؟
دمج طلبات استرحام لطلاب قانونيين مع معاملات لطلاب في مدارس غير مرخّصة
وفيما أوضح مقرّر لجنة التربية لـ«الأخبار» أنّ المسابقة شملت محاور متعدّدة ومراجع متنوّعة، مؤكّداً أنّ نسبة التطابق «صفر في المئة»، وأشار مقرّر مادة الاجتماع إلى أنّ 90% ممّا ورد في الفيديو لم يرد في المسابقة، أعرب عدد من الأساتذة عن استغرابهم لهذه المزاعم، وأكّدوا أنّ ما ورد في الفيديوهات يتطابق فعلياً مع مضامين الامتحانات وبعض عناوينها المطروحة. وأشار هؤلاء إلى أنّ مَن سرّب هذه المعلومات يعني أنه اطّلع فعلياً على الأسئلة، إذ كيف لناشط لا يدرّس، ولا يملك أي خلفية عن المحاور التعليمية، أن يُصيب بدقة فحوى الامتحان وينشر توقّعاته في ساعة متأخّرة من الليل؟
وفي محاولة لاحتواء الجدل، سارع المكتب الإعلامي لوزارة التربية، صباح يوم الامتحانات، إلى إصدار بيان أكّد فيه أنّ كل ما يُتداول من ترجيحات ورسائل صوتية ونصوص وتوصيفات جديدة لا يمتّ إلى الواقع بصلة، داعياً المرشحين إلى عدم الأخذ بها.
لكنّ هذا التبرير لم يُنهِ التساؤلات، بل طرح تساؤلاً جديداً عمّا إذا كان ما يجري اليوم محاولة للتغطية على تسريبات الامتحانات في العام الماضي، لا سيّما في مادة الكيمياء، خصوصاً أنّ ناشطين تربويين كانوا قد تقدّموا بإخبارات أمام القضاء حول خروقات سابقة، ولا يزالون بانتظار فتح التحقيق فيها.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :