تحرَّكَ "الحرس" في بيروت... "الحزب" يتشدّد وبرّي يصمد

تحرَّكَ

 

Telegram

 

تتماثل شروط “الحزب” للبحث في تسليم سلاحه، مع تلك التي ترفعها إيران لإبداء الليونة في التفاوض مع أميركا، وعنوانها “الضمانات”. الثانية تريد ضمان ألّا تتلقّى المزيد من الضربات الإسرائيلية – الأميركية لبرنامجها النووي للعودة إلى المفاوضات وللتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرّية. والأوّل يطلب ضمانة أميركا لتوقُّف إسرائيل عن قصف القرى واصطياد كوادره وانسحاب إسرائيل من التلال الخمس وإطلاق الأسرى.
 
 
قد يرى البعض منطقيّاً أن يشترط “الحزب” إلزام إسرائيل بتنفيذ اتّفاق 27 تشرين الثاني الماضي على وقف الأعمال العدائية، الذي انتهكته آلاف المرّات، فيما هو يلتزمه. إلّا أنّ الأمر يتعدّى ذلك إلى استمرار “الحزب” بالالتحاق بالأجندة الإيرانية التفاوضيّة والعسكريّة.
 
 
معاكسة “الحزب” لإشارات المرونة
 
 
يستحيل تفسير التشدّد حيال مبدأ تسليم السلاح بعد إشارات المرونة التي أبداها “الحزب”، من دون ربطه بالموقف الإيراني.
 
في حوارات قيادته مع الرئيس جوزف عون، حرصت على إبداء الليونة حيال تسليم السلاح الثقيل. فعلت الشيء نفسه مع “الأخ الأكبر” رئيس البرلمان نبيه برّي، وفي لقاءاتها مع جهات دبلوماسية عدّة.
 
لكن عاكست كلَّ ذلك ردّةُ فعلها على صياغة الرؤساء الثلاثة الردّ اللبناني الرسمي على مطالب الموفد الرئاسي الأميركي توم بارّاك،. هذا على الرغم من أنّ الصياغة الثلاثية راعت حساسيّة “الحزب” وجمهوره حيال عبارات من نوع “نزع” و”سحب” السلاح (بانتظار الكشف عن النصّ كاملاً). يفي التزام الرؤساء اتّفاق 27 تشرين الثاني بالغرض لهذه الناحية، إذ إنّ بنوده واضحة لجهة احتكار الدولة السلاح شمال الليطاني، أسوة بجنوبه.
 
 
التّحرّك الإيرانيّ في السّاعات الأخيرة
 
سجّلت أوساط معنيّة بموقف “الحزب” تحرّكاً نشطاً للدبلوماسية الإيرانية وممثّلي “حرس الثورة” في بيروت حسب قولها لـ”أساس”. خلال الساعات التي سبقت عودة “الحزب” عن إشارات المرونة، توخّى هذا التحرّك الحؤول دون تبنّي خطوة سحب السلاح. لم تستطع قيادة “الحزب” إلّا الاستجابة، بينما مضى برّي في التزامه الصياغة اللبنانية للموقف اللبناني الرسمي.
 
لدى العارفين بباطن التفاوض الجاري على سحب سلاح “الحزب” الثقيل والصواريخ الإيرانية التي بحوزته قناعة ضمنيّة تقود إلى أنّ هذه الورقة متروكة للتفاوض الإيراني الأميركي الذي بقي مصيره غامضاً، على الرغم من التسريبات عن استئنافه، لكن هذه المرّة في العاصمة النروجيّة أوسلو. لم تعلن طهران موافقتها على هذا الاقتراح. وإحدى نقاط التماثل بين الوضعين الإيراني واللبناني في مقاربة التفاوض أنّ كلّاً من الجانبين الإيراني والأميركي يريد أن يعرف مسبقاً ملامح النتائج التي سيفضي إليها في حال استئنافه.
 
السّلاح بالدّاخل والوظيفة الإقليميّة
 
لم تكن المرّة الوحيدة التي يلجأ فيها “الحزب” إلى التلويح بالسلاح أو استخدامه، حين يعجز “حرس الثورة” عن تطويع القرار اللبناني لمصلحة موقعه الإقليمي. في التاريخ اللبناني القريب أمثلة لا تُحصى. مقابل أسلوب الاغتيالات الذي يتيح التخفّي ضدّ من يجرؤون على معاكسة مشروع الهيمنة في لبنان، كانت لجملة أحداث مسلّحة وظيفة إقليمية. وللظهور المسلّح في منطقة زقاق البلاط يوم الجمعة الماضي مفعوله في مقاومة طهران تجريدها من ورقة سلاح “الحزب” في مفاوضاتها مع أميركا.
 
 
جاءت مشاركة طهران للنظام السوري في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري عن طريق عناصر من “الحزب” لقطع الطريق على إرخاء قبضة حليفها النظام السوري على القرار اللبناني. احتاجت إلى تكريس نفوذ محور الممانعة في لبنان وسوريا معاً، بموازاة بدايات مفاوضاتها مع الدول الغربية على النووي.
 
 
في موقعة 7 أيّار 2008 ردّت طهران على الرفض الأميركي والعربي لوراثتها نظام بشّار الأسد على الساحة اللبنانية في سياق تجميعها أوراق التمدّد الإقليمي. وفي 2010 نزل القمصان السود إلى الشارع لإقصاء النفوذ العربي والسعودي من البلد عبر استبعاد سعد الحريري عن رئاسة الحكومة، ولإحباط نتائج المصالحة السعودية السورية آنذاك. وفي 2021 حاول “الحزب” اقتحام منطقة عين الرمّانة ردّاً على تصاعد ضغوط القوى السياسية ومنظّمات المجتمع المدني المنبثقة من ثورة 17 تشرين 2019، اعتراضاً على إمساكه بمؤسّسات الدولة. كانت طهران تنظر إليها على أنّها تلاقي ضغوط إلغاء اتّفاق 2015 على النوويّ، بموازاة الاختراقات الإسرائيلية الداخلية لتقويض برنامج تخصيب اليورانيوم.
اختلاف الظّروف وارتباك “الحزب”
 
تختلف ظروف الممانعة الإيرانية عن سابقاتها. فمع الرسالة التي توخّتها طهران من دفع “الحزب” إلى التشدّد، والموجّهة إلى اجتماع ترامب – بنيامين نتنياهو، باتت ساحة لبنان شديدة الضعف. من أوجه الاختلاف:
 
 
– استخدام السلاح في الداخل اللبناني يضع “الحزب” في مواجهة مع القوّات المسلّحة اللبنانية، علاوة على مخاطرها على العلاقات بين المكوّنات اللبنانية والطائفة الشيعية. يضاعف منظر المسلّحين الذين نزلوا إلى أحد أزقّة العاصمة وفي أحياء في الضاحية، النقمة الشعبية على “الحزب” التي تصاعدت بعد انكشاف حجم الخسائر جرّاء مغامرة حرب الإسناد. حتّى بيئته لم تعد تطيق مشهد السلاح، بصرف النظر عن تحريضها ضدّ أطراف معيّنة مثل حزب “القوّات اللبنانية”.
 
 
– على الرغم من تأكيد الأمين العامّ الشيخ نعيم قاسم أنّ “الحزب” وحركة “أمل” على قلب واحد، فإنّ الشرخ يزداد بين الجانبين، ولا سيما مع برّي. فالأخير مضى بالورقة التي أعدّها الرؤساء الثلاثة للتفاوض مع بارّاك، على الرغم من رفض “الحزب”. ويتخوّف منذ 8 تشرين الأوّل 2023 من مخاطر مغامرة “الحزب” التي قضت على الإنجازات الإنمائية التي حقّقها في الجنوب منذ 40 سنة.
 
– قطعت طهران الطريق على إنتاج توجّهات جديدة من المراجعة داخل “الحزب” للمرحلة الماضية. يدرك بعض القيادة أنّ خطاب التعبئة القائم على اقتحام “الحزب” الجليل الأعلى في فلسطين المحتلّة وعلى تدمير إسرائيل، كان وهماً. بات المطلوب وقف اصطياد الكوادر على الطرقات وعلى مشارف بيروت. ولم يعد يفي بالغرض اتّخاذ قرار المواجهة إرضاء لله والحقّ، ثمّ انتظار مساعدة ملائكته لتحقيق النصر. قد يرضي التشدّد بعض الرؤوس الحامية لكنّه يجذب الدمار مجدّداً
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram