إسرائيل - إيران: «النووي» ذريعةً لثأر متقادم

إسرائيل - إيران: «النووي» ذريعةً لثأر متقادم

 

Telegram

 

منذ سقوط السفارة الإسرائيلية في طهران ورفع العلم الفلسطيني مكانها، بدأت رحلة «الثأر» الطويل في تل أبيب، التي كانت المحرّك الأول للعداوات كافة ضدّ الجمهورية الإسلامية.

ومع انطلاق عملية «طوفان الأقصى» في السابع من تشرين الأول 2023، بات «الثأر» المتراكم أكثر إلحاحاً ووجودية بالنسبة إلى العدو.

ولم يكُن تلطّيه، في حربه الأخيرة، خلف شعار «الخطر النووي الإيراني» إلا بوابة لتصفية حساب طويلة الأمد مع إيران، بعدما اتّخذ من الملف نفسه «فزّاعة» لتحشيد «المجتمع الدولي» ضدّها.

هكذا، كان الملف النووي بمثابة «قميص عثمان» الذي يبقي خصوم إيران وأعداءها مستنفرين ومستعدّين للتعاون على تحييد هذا الخطر، بينما كانت عين إسرائيل على القدرات العسكرية الإيرانية، وخاصة خطوط التدريب، والتصنيع، والإمداد، والتخزين على امتداد الجبهة الممتدّة من إيران، مروراً بالعراق وسوريا ولبنان، وصولاً إلى فلسطين ولاحقاً اليمن.

وأثناء فترات حكمه الثانية (2009 - 2021)، التي تولّى فيها رئاسة خمس حكومات متعاقبة، لم يتوقّف رئيس وزراء الكيان، بنيامين نتنياهو، عن الصراخ في المحافل الدولية بأنّ إيران باتت على بُعد خطوات من امتلاك قنبلة نووية. وفي عام 2012، ألقى من على منبر الأمم المتحدة، خطابه الشهير المعروف بـ«الرسم الكاريكاتوري للقنبلة»، والذي عرض أثناءه رسماً لقنبلة مرسومة بخط أحمر، ليشير إلى المرحلة التي يجب أن يتدخّل فيها العالم لمنع إيران من تخصيب اليورانيوم بنسبة 90%، محذّراً من أنّ طهران باتت على بُعد أشهر من امتلاك القنبلة.

وفي عام 2015، عاد ليُردّد من على منبر الأمم المتحدة أنّ طهران باتت على بُعد أسابيع فقط من حيازة السلاح النووي، في خطاب تخلّلته لحظة صمت دراميّة لمدة 45 ثانية، احتجاجاً على ما سمّاه «صمت العالم». وركّز على ما وصفه بـ«خطر» الاتفاق النووي الإيراني الذي كان قيد التفاوض حينها، محذّراً من أنّ الاتفاق يُمكّن إيران من «الحفاظ» على بنيتها التحتية النووية ويقرّبها من القنبلة لاحقاً.

أخطأت تل أبيب الحسابات، وفتحت على نفسها حساباً طويلاً

أمّا في عام 2018، فقدّم نفسه باعتباره «منبّهاً مبكراً» للعالم حول نوايا إيران النووية؛ إذ تحدّث عمّا وصفه بـ«موقع سري لتخزين مواد نووية في طهران»، زاعماً أنّ إسرائيل حصلت على «أرشيف نووي إيراني سرّي»، وداعياً «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» إلى التحقيق في الأمر.
وبمعزل عن ذلك الضجيج، كانت العين على «الحرس الثوري الإسلامي» بكل ما يعنيه من قوة عسكرية، بعدما أدركت إسرائيل عدم قدرتها على إسقاط النظام أو إنهاء المشروع النووي أو ضرب القدرات العسكرية أو حتى إضعافها، بينما أصبح الرهان على الداخل ورقة خاسرة إثر سلسلة من الخيبات على هذا الصعيد.

ولذا، اتّخذت إسرائيل من المشروع النووي الإيراني ذريعة لضرب قيادة «الحرس الثوري» وبعض القدرات الصاروخية ومصانع التصنيع العسكري.

وأثناء العدوان الذي امتدّ 12 يوماً، سدّدت سهامها نحو القادة الذين اعتبرتهم مسؤولين عن إذلالها، وفي طليعتهم قادة الحرس الثوري الذين أدَّوا أدواراً مفصلية في تطوير قدرات المقاومة، على امتداد جغرافيتها في منطقة الشرق الأوسط، والذين كانت فلسطين من أولويّات اهتماماتهم. وكان على رأس عدد كبير من المستهدفين، العميد الشهيد أمير علي حاجي زادة، والشهيد العميد سعيد إيزادي (الحاج رمضان)، والشهيد العميد بهنام شهرياري (أبو حميد).

وممّا يدل على طبيعة العدوان الثأرية أيضاً، أنه استهدف أيضاً وزير الدفاع الأسبق علي شمخاني، الذي كان له سهمه الكبير في دعم فصائل المقاومة بشتّى السبل والوسائل القتالية والعسكرية والخبرات التدريبية، ويُعدّ من واضعي الدعائم الرئيسة على طريق بناء قدرات المقاومة ضد الكيان الصهيوني.

ووسط ضجيج الثأر، قامت إسرائيل باستهداف العلماء النوويين أيضاً، وذلك لمعرفتها أنّ هذه العقول النووية ليست مختصّة في اليورانيوم فحسب، بل مسؤولة عن تطوير مشاريع وإجراء تجارب على «الليزر» الذي قطعت فيه إيران شوطاً كبيراً على صعيد الاستخدام المدني والطبّي، وما لنجاحه من انعكاسات على المستوى العسكري.

ومع ذلك، أخطأت تل أبيب الحسابات، وفتحت على نفسها حساباً طويلاً؛ إذ إنّ الملف النووي لم ينتهِ، وإيران قادرة على العودة خلال عامين إلى ما كانت عليه وعلى هذا المستوى وبقدرات أكبر، في وقت احترقت فيه ورقة الداخل وأصبحت عديمة الجدوى لوجستيّاً وأمنيّاً. كما أنّ القدرات الصاروخية الإيرانية لا تزال قائمة، فيما يتمّ ترميم الدفاع الجوي على قدمٍ وساق. وبعدها ستبقى إسرائيل أمام النفَس الإيراني الطويل، وتُعدّ نفسها لتلقّي ضربات ساخنة وباردة، من دون نسيان أنّ الجانب الإيراني يجزم أنّ هدف الحرب عليه هو إنهاء حالة المقاومة لإسرائيل، وأنّ طهران ستثبت فشل الرهان بإبقاء الحساب مع تل أبيب مفتوحاً.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram