العائلة المفجوعة تدفع الثمن مرتين... تصرف "صادم" للدولة!
في بلدٍ تتقاطع فيه النكبات مع اللامنطق، وتُطمر فيه العدالة تحت أنقاض الانهيار والحرب، تصرّ الدولة اللبنانية على تأكيد حضورها... ولكن في المكان والزمان الخطأ. آخر فصول هذا الحضور: عائلة لبنانية فُقد طفلها في غارة جوية إسرائيلية، تُطالَب اليوم بدفع غرامة تأخير في التبليغ عن الوفاة، وفق معلومات أن
الطفل، ضحية عدوان إسرائيلي غاشم استهدف منزل العائلة، لا يزال في عداد المفقودين. لم يُعثر له على جثة، ولا على أثر، لا صوتًا ولا صورة. ورغم مرور الزمن، لا تزال الأم تتشبّث بطرف أمل؛ علّه نجا، علّ أحدهم انتشله من تحت الركام وحمله إلى برّ آمن في لحظة فوضى. علّه لا يزال حيًا... في مكان ما.
لكن الأمل، في ميزان الإدارة اللبنانية، لا يُعتدّ به. فحين تأخّرت العائلة في التبليغ عن وفاة الطفل – بدافع الأمل لا الإهمال – جاءها الجواب البارد: "عليكم دفع غرامة تأخير".
أي منطق هذا؟
هل يُعقل أن تُحاسَب عائلة على تأخّرها في إعلان موت لم تقتنع بحدوثه؟
هل يُفترض بأمٍّ مفجوعة أن تتخلى عن أملها، وتُسارع إلى توثيق موتٍ لم تره، لم تودّعه، ولم تُصلِّ عليه، فقط لتتجنّب دفع رسم؟
هل يُطلب من أب أن يوقّع على شهادة وفاة من دون جثمان، من دون نعش، من دون قبر، لمجرد إراحة الإدارة المالية من خانة "المتأخرات"؟
المفارقة أن الدولة التي تتغافل عن جحيم الجنوب، وعن مآسي الأطفال المقتولين والمفقودين في بيوتهم، لا تتغافل عن استيفاء الرسوم... حتى من قلب الألم.
في لبنان، حتى الموت له تسعيرة.
والمفقود، يُطالَب ذووُه بالتعامل معه كميت، وإلّا فالجزاء رسم وغرامة.
أما الحقيقة الأكثر مرارة، فهي أن المفقود الحقيقي في هذه القصة... ليس الطفل
بل الضمير.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي